#1  
قديم 07-05-2016, 03:42 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي التقارب التركي الروسي... الخلفيات والآفاق


تتسارع الخطوات في الفترة الأخيرة للتقارب بين روسيا وتركيا، فبعد حديث الرئيس الروسي بوتين في اليونان نهاية أيار/مايو الماضي عن رغبته في تحسين العلاقات بين البلدين، شرط أن تأتي الخطوة الأولى من تركيا، ردّت هذه بتصريحات إيجابية من نائب رئيس الوزراء نعمان الدين قورتولموش، ومن الرئيس أردوغان نفسه، ثم استمرت سيرورة التهدئة والتقارب برسالتي تهنئة من أردوغان، ورئيس وزرائه بنيالى يلدريم بالعيد القومي الروسي، رحّب بهما الكرملين، ولكن اعتبرهما غير كافية لتحسين العلاقات انتظار الخطوة العملية الأولى من أنقرة.
التقارب الروسي... الخلفيات ط±ظˆط³ظٹط§-ظˆطھط±ظƒظٹط§.jpg

إذن يكمن التحدّي أو المعضلة الآن بالخطوة الأولى وماهيتها، وكيفية تجاوز الأزمة النفسية السياسية الاقتصادية والإعلامية، بين الجانبين حيث تطالب روسيا بالاعتذار التعويض ومحاسبة المسؤولين عن إسقاط الطائرة السوخوي في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، بينما ترد تركيا بأن الطائرة الروسية اخترقت الأجواء التركية فعلاً، وأنها ردت حسب قواعد الاشتباك المعمول بها دولياً، علماً أنها قامت فعلاً بمحاسبة الشخص المسؤول عن مقتل الطيار الروسي الذي هبط اضطرارياً في الأراضي التركية.

حسب المعلومات ثمة اتصالات غير معلنة تجري الآن قد تتطور إلى لقاءات روسية تركية مباشرة من أجل الخروج من مأزق ونفق الخطوة الأولى، ومن ثم اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيع العلاقات، باعتبارها حاجة مصلحة حيوية مشتركة للطرفين.

لعدة أسباب سياسية اقتصادية واستراتيجية تريد أنقرة تحسين العلاقات مع موسكو، وإعادتها لمستواها الطبيعي، عندما كانت الخطوط السياسية مفتوحة على أعلى المستويات، وكان حجم التبادل التجاري السنوي أكثر من ثلاثين مليار دولار، ثلثيها تقريباً لصالح موسكو من عوائد بيع الغاز الطبيعي لأنقرة.

بداية لا بد من الإشارة إلى أن التقارب مع روسيا يأتي في سياق إعادة ترتيب تركيا لعلاقاتها الخارجية مع دول الجوار الإقليم والعالم، تقليل العداوات وزياردات الصداقات، كما قال رئيس الوزراء بنيالى بلدريم فيما يمكن اعتباره تحديث ما لسياسة تصفير المشاكل التي ابتدعها رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو.

بشكل عام تشعر أنقرة أن حلف الناتو خذلها وتركها وحيدة في مواجهة روسيا في حادثة إسقاط الطائرة، وبدا لسان الحال الغربي الأمريكي تحديداً أن أنقرة أخطأت بإسقاط الطائرة، وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد، ثم طالب الحلف بعد ذلك بحلّ المشكلة ودياً، وتحسين العلاقة، وعدم توتيرها مع روسيا في القضية السورية تحديداً.

الناتو تخلى عن تركيا أيضاً في القضية السورية، حيث مالت أنقرة إلى فكرة مواجهة التدخل الروسي وحصار موسكو وعقابها، وإقامة منطقة آمنة للمعارضة واللاجئين شمال سوريا، وعدم الاعتراف أو مكافأة موسكو على حقائق ووقائع، خاصة فيما يتعلق بتقوية النظام وإعطاء الأولوية للحرب ضد داعش، مع تجاهل جذر المشكلة المتمثل ببشار الأسد، وممارساته وجرائمه بحق الشعب السوري.

وعلى عكس أوكرانيا التي تم فرض عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا بعد تدخلها الفظّ، ثم احتلالها العسكري للقرم ومناطق شرق أوكرانيا. بدا الغرب متساهلاً جدّاً مع روسيا بعدما فعلت الشيء نفسه في سورية، ووصل الأمر حتى إلى حدّ اعتبار موسكو محاور شريك، بل أن واشنطن لهثت خلف التنسيق معها، وحتى التماهي مع خططها العسكرية والسياسية، خاصة فيما يتعلق بتجاهل اتفاق جنيف نصّاً وروحاً ومحاولة فرض تسوية جديدة تعيد تعويم أو تحديث ما للنظام على الطريقة الشيشانية.

من هنا تريد أنقرة تحسين العلاقات مع موسكو لتتفاهم معها مباشرة فيما يخص سورية، وملفات إقليمية أخرى. وتركيا تعتقد أن عودة العلاقات إلى طبيعتها واستئناف التبادل الاقتصادي سيخفف حتماً حدة العداء، ويلطف من مواقف موسكو الثأرية، تحديداً فيما يتعلق بالكيان الكردي شمال سورية الذي لا ولن تقبل به أنقرة بأي حال من الأحوال، كما لن تقبل أيضاً بفكرة تعويم النظام أو الالتفاف على بيان جنيف نصّاً وروحاً مع الانفتاح طبعاً على جدول زمني أو عملية سياسية مرنة، ولكن دون التنازل عن الثوابت أو الخطوط المتمثلة برفض تقسيم سورية وكسر المعارضة و الاستعانة بالإرهابيين لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي أو إعادة تأهيل النظام وكأن شيئاً لم يكن.

اقتصادياً، تريد أنقرة الاطمئنان على واردات الغاز الروسي إليها بسعرها الحالي المخفض، وتعرف أنها لن تستطيع الاستغناء التام عن الغاز الروسي قبل عامين أو حتى ثلاث أعوام، وتؤمن أن ملف الغاز سيكون قاعدة أو أساس متين لعلاقة اقتصادية راسخة تميل في مصلحتها بمعنى أنه خارج قصة الغاز يميل الميزان التجاري لصالح تركيا التي تصدر الخضروات الفواكه المواد الغذائية، ومواد التصنيع الأولية، وتعمل شركات المقاولات والخدمات التركية أيضاً على نطاق واسع في روسيا.

اقتصاديا أيضاً تسعى أنقرة أيضاً لاستعادة السواح الروس البالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين ونصف تقريباً - بمعزل عن السعي لاستقطاب العرب والإيرانيين أيضاً - والاقتناع أن السياحة الروسية مهمة وضخمة اقتصادياً، واستراتيجياً. أيضاً لجهة تمتين العلاقات وتقويتها وتخفيف حدة العداء بين الجانبين.

وعموماً تعتقد تركيا أن واشنطن ستمضي قدماً في سياسة الانكفاء عن المنطقة، أو حلّ مشكلاتها أي كان الرئيس الأمريكي القادم، حتى لو تم ذلك بوتيرة منخفصة أو أقل بروداً ولا مبالاة، مما فعله ويفعله الرئيس أوباما، وهي ترى أن حالة الفراغ الأمريكي أدّت إلى عودة روسيا كلاعب إقليمي ودولي مهم، ولا مصلحة لها في القطيعة بل في أفضل العلاقات معها.
تريد روسيا من جهتها ولأسباب سياسية اقتصادية واستراتيجية. أيضاً تحسين العلاقات مع تركيا.

حيث تشعر القيادة الروسية أنها تورطت أو على الأقل لا تريد التورط، أكثر، وتسعى من أجل تسوية في سورية مع حفظ مصالحها قدر الإمكان. وتريد الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع دول الجوار، وتركيا تحديداً لأنها أيضاً لاعب مهم في سورية، ولكي تخلق أيضاً حالة توازن في مواجهة إيران التي تتوتر أو تسوء العلاقات معها نتيجة لتناقض متزايد ومستمر في النظرة الى واقع ومستقبل النظام.

إلى ذلك تعرف موسكو أن حلف الناتو بصدد تشديد الضغوط عليها ومحاصرتها، ومنعها من التمدد غرباً، خاصة بعد قراره بنشر قوات في جمهوريات البلطيق بالتزامن مع تشغيل مشروع الدرع الصاروخي شرق أوروبا في رومانيا وبولندا. وتبدو على يقين من استمرار الحصار والعقوبات الاقتصادية ضدها في الملف الأوكراني، وهي أي روسيا تعرف أن تركيا تتمتع بموقع جيوسياسي مهم، وتتمنع أو لا تريد الانخراط الجدّي في السياسة الغربية ضدها، وتأخذ مسافة واضحة منها تحديداً فيما يخص العقوبات الاقتصادية.

أما اقتصادياً فتريد روسيا الاطمئنان إلى حصتها من الغاز في السوق التركية، خاصة مع تحسن العلاقات بين أنقرة وطهران، والتطبيع المنتظر مع تل أبيب، ووجود احتمال جدي لاستيراد الغاز الإسرائيلي، وحتى مد خط أنابيب لتصديره أي الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية والاحتفاظ بفرص تنفيذ ما يعرف بخط أو مشروع السيل التركي الذي ينقل الغاز الروسي إلى وسط وشرق أوروبا، عبر الأراضي التركية لضمان حصة مهمة ومعتبرة في السوق الأوربية، كما لمنافسة مشروع تاناب - ينقل الغاز الأذري تركيا، وأوروبا- أو أي مشروع محتمل مماثل بين أنقرة وتل أبيب.

اقتصادياً، أيضاً ارتدت العقوبات الاقتصادية الروسية ضد تركيا، بأثر سلبي على الاقتصاد الروسي في مجالات مختلفة، حيث ارتفعت نسبة التضخم، وارتفعت أسعار الخضروات والفاكهة، وباتت صناعة السيارات الروسية على عتبة الانهيار - تستورد مواد أولية وقطع غيار من السوق التركية - كما تأثر سوق المقاولات والإنشاءات استعداد لكأس العالم 2018، الذي تراهن عليه روسيا لتبييض صفحتها، وتلميع صورتها، وتشعر بضرورة عودة الشركات كما البضائع التركية إليها.

في الأخير يبدو أن الرغبات التركية الروسية في التقارب تتلاقى، والفرص والمصالح الاقتصادية السياسية الاستراتيجية تتقاطع، والتطبيع يبدو مسألة وقت فقط، كون العمل جاري الآن بهمة ومثابرة على مواجهة التحدّي الأساس وإيجاد التخريجة أو الأسلوب الأمثل لتجاوز تداعيات وأثار حادثة إسقاط الطائرة وتحديد نقطة البداية المناسبة، للانطلاق نحو تحسين العلاقات، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الرابع والعشرين من تشرين/ نوفمبر الماضي.

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-08-2016, 03:57 PM
الصورة الرمزية الشربينى الاقصرى
الشربينى الاقصرى غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 6
افتراضي

متى يفهم العرب ان العلاقات بين الدول تحكمها المصالح لا العواطف
__________________
الشربينى الاقصرى
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التركي, التقارب, الخلفيات, الروسي..., والآفاق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التقارب التركي الروسي... الخلفيات والآفاق
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النمسا تهاجم التقارب الأوروبي التركي عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 10-24-2015 07:52 AM
الصراع التركي الروسي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 10-23-2015 07:49 AM
التقارب التركي السعودي في الميزان عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-09-2015 06:13 AM
فزع "إسرائيلي" بسبب التقارب التركي السعودي Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 02-08-2015 02:27 PM
مجموعة من الأشكال والنقوش تفيد في الخلفيات Eng.Jordan الصور والتصاميم 0 01-30-2012 07:14 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59