#1  
قديم 04-01-2015, 07:38 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة الدين والسياسة تمييز لا فصل


مراجعة نقدية لكتاب "الدين والسياسة تمييز لا فصل"*
ـــــــــــــــــــــــــــ

12 / 6 / 1436 هــ
1 / 4 / 2015 م
ـــــــــ

والسياسة _6317.jpg

مراجعة نقدية لكتاب "الدين والسياسة تمييز لا فصل"

لمؤلفه د. سعد الدين العثماني

إعداد أ.د. علاء الدين الأمين الزاكي – عضو هيئة التدريس في جامعة الخرطوم وجامعة أم القرى

الناشر: مجلة التأصيل للدراسات الفكرية المعاصرة – العدد السادس – السنة الثالثة – 1433/2012

ــــــــــــــــــــــــــــــ

اختصت الشريعة الغراء بخصائص متعددة كان من أعظمها أنها شاملة لكل نواحي الحياة، وتوجهت بهذا الشمول لحل كل قضايا الأمة التي واجهتها في كل زمان ومكان، وبالطبع لم تهمل الشريعة الجزء السياسي لأهميته في حياة الناس.

وتنادت أصوات عدة لإبعاد الدين عن الحياة، وهي دعاوى ترددها العلمانية الباطلة وترددها أصوات مشابهة، منها ما جاء في هذا الكتاب الذي ناقشه كاتب هذه المراجعة، والذي جاء تحت عنوان "الدين والسياسة تمييز لا فصل".

فبدأ الدكتور الزاكي بتعريف الكتاب محل المراجعة، فذكر أن الكتاب عبارة عن سلسلة مقالات كتبها الدكتور العثماني نشرها في جريدة التجديد المغربية، وعبر فيها عن رؤيته الشخصية حول الكثير من القضايا الفكرية المتعلقة بالممارسات السياسية، ومن أهمها الفكرة التي عنون بها الكتاب، وباقي الكتاب موضوعات تخدم نفس الفكرة.

وحاول الكاتب إيجاد طريق وسط بين الرأي العلماني والرأي الشرعي، وأراد أن يوجد صيغة توافقية بين الرأيين، فقال: "إن الدين له إطلاقان عام وخاص"، وسعى لتحديد العلاقة بين الدين والسياسة، وأراد دعم فكرته ببعض آراء المعاصرين أمثال الشيخ محمد عبده.

وتناول الكاتب في موضوعه الثاني تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم في الإمامة، وهو الموضوع الذي قدمه لنيل إحدى الدرجات العلمية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمغرب، والتي كانت بعنوان "تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة: الدلالات المنهجية والتشريعية"، وعقب عليه الدكتور "حاتم الشريف" في مقال نشر على موقع "الإسلام اليوم" فرد الدكتور سعد الدين بمقال بعنوان: "هل السنة كلها وحي"، نشر على نفس الموقع، وأعاد الدكتور حاتم التعقيب على التعقيب بمقال بعنوان: السنة وحي تعقيب على تعقيب.

ويرى الدكتور العثماني أن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم ليست كلها سنة واجبة الإتباع والاقتداء، بل منها ما ليس إلا تعبيرا عن بشرية الرسول، ومنها ما هو اجتهاد محض في أمور السياسة أو في أمور الحياة العامة، وأن على الأمة متابعته فقط في السنة التي تعني التصرفات بالتشريع العام والتي تتوجه للأمة كلها، والتي تنقسم عنده لقسمين هما:

- تصرفات بالتبليغ كتبليغ الصلوات الخمس.

- تصرفات بالفتيا وهي التشريع العام للأمة، أما التشريع الخاص المرتبط بزمان أو بمكان أو أحوال معينة أو بأشخاص معينين فلا يلتفت لها ولا يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم فيها.

ثم انتقل الدكتور الزاكي إلى عرض أهم المفاهيم والأفكار الواردة في الكتاب ومناقشتها، فذكر أن الدكتور سعد الدين أراد إيجاد الرأي الوسط بين العلمانية (الفصل) والإسلام، فكان كالذي فر من التشبيه فوقع في التعطيل، فينقل قوله: "إن التمييز بين الديني والسياسي وعدم الوصل التام بينهما إلى حد التماهي هو الأصل في فكر المسلمين بمختلف مدارسهم"، وظهر كلامه أكثر حين قعد للعلمانية في هذه النقاط الواضحة التي دلت على فكرة:

- قبوله الديمقراطية مع علمه التام بماهيتها، وقال أنها ليس بينها أي تعارض وبين الإسلام.

- تأكيده على انه ليس من واجب الدولة إقامة الدين أو فرض قانون أو تصور ديني معين، وحاول إيجاد استدلالات لفكرته بأدلة عقلية وفلسفية وقع بسببها في أخطاء عظيمة ومخالفات جسيمة.

ثم ناقش الدكتور الزاكي بعضا من أدلته التي دعم بها فكرته مثل:

- ذكر الدكتور سعد الدين حديث رافع بن خديج، وحديث طلحة بن عبيد الله في تأبير النخل، وحديث بريرة لما رغبها النبي صلى الله عليه وسلم في العودة لزوجها، وذكر حديث أم سلمة في قضائه صلى الله عليه وسلم بين الخصوم، وذكر قول الكاتب بعد إيراد هذه الأحاديث "أن تصرفات الرسول بالإمامة ليست ملزمة لأي جهة تشريعية أو ذات سلطة ولا يجوز الجمود عليها بحجة أنها سنة".

فذكر الدكتور الزاكي انه يرى أن وراء هذه الدعوى أمورا منها:

- إلباس العلمانية ثوب الدين ومحاولة الاستدلال لها من الشريعة.

- لو أراد الكاتب التمييز الحقيقي بين الدين والسياسة لقال إن أمر السياسة والاقتصاد والاجتماع من المعاملات التي الأصل فيها الإباحة ما لم يرد دليل يعارضها من كتاب الله أو سنة رسوله، لكنه سلك مسلك العلمانية في نقض قاعدة الاقتداء بالنبي.

- يصور انه ليس من واجبات الدولة الحفاظ على الدين تحت بند أن الإيمان ليس فيه إكراه فكيف بالتشريع؟!!، ورد عليه بان هذا خاص بالكفار، فالكافر لا يكره على الدخول في الإسلام أما المسلم فمكلف بتكاليف الإسلام الشرعية، وأنه من المسلمات في شريعة الله انه من أوجب واجبات الدول المحافظة على الدين.

ثم ناقش الدكتور الزاكي أصل فكرة التمييز لا الفصل التي قال بها الدكتور سعد الدين وناقش أدلته.

فناقش استدلاله ببعض تصرفات النبي والتي يرى فيها أنها تؤكد على عدم الاقتداء به، فرد عليها بردود:

- أمر الله عز وجل بطاعة النبي صلى الله في كتابه دون تمييز بين أمر وأمر.

- لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ترك تأبير النخل أمرا قاطعا كغير ذلك من الأوامر فقال "لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا" فكيف يقاس عليه غيره من الأمر الصريحة كالتشريع.

- حادثة تأبير النخل حادثة عين خاصة في بابها ولا يمكن أن تجعل قاعدة عامة توضع لإنكار النصوص الثابتة الآمرة بالطاعة مطلقا.

- ما المقصود بأمور الدنيا وما هو ضابطها؟ ففي هذا ذريعة لإخراج الدنيا عن الدين.

- هناك أمور فعلها النبي خاصة بالإمامة وجاء القران ليؤكد بأنها وحي من الله، كقوله تعالى "مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ" واستدل بها العلماء بجواز قطع شج الكفار وإحراقه ولم يقل احد من أهل العلم بأن هذا خاص ببني النضير وحدهم.

- ولا حجة لاستدلاله بحديث بريرة لأني النبي أراد الشفاعة فلم يأمرها بشئ حتى يعد إرشادا، والحديث حجة على الكاتب وليس له، بدليل قول بريرة "أتأمرني" بمعنى انه لو أمرها لطاعات حتى لو على غير رغبتها.

- قال أن لفظ الدين ورد في النصوص الشرعية بمعنيين، أولهما: ما يشمل مختلف أوجه نشاط المسلم، وثانيهما: المعنى الخاص وهو كل ما هو تعبدي ويقابل ما يعتبر من العادات أو الدنيا.

وبناء على تقسيمه فان هناك تصرفات لا يمكن أن تحمل على المفهوم الخاص للدين فيريد أن يجعلها في الأمور الدنيا التي يشملها حديث "انتم اعلم بشئون دنياكم".

وهنا جانبه الصواب في ناحيتين:
-----------------

أولاهما: مفهومه للدين، فيريد حصر الدين في الشعائر والأخلاق فقط.

وثانيهما: تحكمه في إدخال أمور كثيرة في الدين بمعناه العام لإخراجها عن دائرة الالتزام بما ورد من نصوص في الشريعة، وفتح باب الاجتهاد فيها بعيدا عنها كما يسميه بالعمل الدنيوي الاجتهادي.

وكلامه هذا متعارض مع الأصل الثابت الخاص بالتمسك بكل ما ورد في الدين من مجالات الحياة، فالدين هو مجموع قوله سبحانه "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" وقوله "قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ".

الدليل الرابع استدلاله بالمصلحة على جواز الفصل بين الدين والحياة مستدلا بحديث ادخار لحوم الأضاحي، فقال: إن في الكلام تدليسا واضحا، لان الأصوليين يعتبرون أن من شروط اعتبار المصلحة عدم مخالفتها للنص، فإذا كانت المصلحة هي علة الحكم فان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، ولا يعتبر هذا تركا للنص ولكن عملا به.

وثمة ملاحظة أخرى على الكاتب انه ينقل كلام العلماء فيحمله مالا يحتمل، مثلما نقل عن القرافي التقسيم موهما أن القرافي يدعم ما ذهب إليه، وكلام القرافي عام لا علاقة له باستدلاله.

وكان للكاتب استدلالات أخرى رأي الدكتور الزاي أنها غير داعمة لفكرته لضعفها وسهولة الرد عليها فلم يتعرض لها.

جزى الله الكاتب الدكتور "علاء الدين الأمين الزاكي" ورزقنا وإياه الصواب في القول والعمل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الدين, تمييز, والسياسة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الدين والسياسة تمييز لا فصل
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرأي العام والسياسة محمد خطاب الكاتب محمد خطاب ( فلسطين) 0 12-16-2013 08:04 PM
البشير يشارك في القمة الأفريقية بأديس أبابا يقيني بالله يقيني أخبار عربية وعالمية 0 07-11-2012 03:25 AM
تلخيص كتاب: أعذار الصائمين Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 06-30-2012 06:32 PM
دراسة فى كتاب الدين والسياسة فى أمريكا Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 02-09-2012 12:18 PM
الرأي العام والسياسة محمد خطاب الملتقى العام 1 01-14-2012 11:54 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59