#1  
قديم 05-29-2014, 07:44 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,036
ورقة الاستشراق والقرآن الكريم بين الإنصاف والإجحاف


الاستشراق والقرآن الكريم بين الإنصاف والإجحاف**
ـــــــــــــــــــــــــــ

30 / 7 / 1435 هــ
29 / 5 / 2014 م
ــــــــــــ

الاستشراق الإنصاف والإجحاف _6234.jpg

البحث: الاستشراق والقرآن الكريم بين الإنصاف والإجحاف(*)

إعداد: محمد بن صالح

ــــــــــــــ

برزت في الساحة الإستشراقية أسماء بعض المستشرقين الجدد من قبيل توماس فريدمان، دانييل بايبس، مارتن كرامر، جوديث ميلر، جيم هوغلاند، تشارلز كروثماثر، جين كيرباتريك، إميرسون… وغيرهم من المحسوبين على طبقة الخبراء المتخصصين في دراسة الإسلام والعالم الإسلامي، وهم في حقيقتهم من العاملين في مراكز البحث المأجورة للإدارة الأمريكية وجماعات الضغط في الولايات المتحدة، وجميعهم تلامذة– بشكل أو بآخر– لأبيهم الروحي المستشرق الصهيوني المتحامل على الإسلام برنارد لويس، صاحب المقال الشهير "جذور السعار الإسلامي"، والذي أسس لنزعة الإسلاموفوبيا الجديدة.

ولقد توارى الاستشراق التقليدي وراء هذا التوجه الجديد، دون أن يعني هذا أن هناك إغفالا تماما للقضايا الإستشراقية التقليدية كدراسة العلوم الإسلامية المختلفة، كالقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والفقه الإسلامي، والتاريخ الإسلامي واللغة العربية وآدابها… إلا أن حضور هذه القضايا في الاستشراق المعاصر لا يكون بأبحاث جديدة وإنما بتبني ما ذهب إليه الاستشراق التقليدي.

ومن هنا يبدو تأثير هذا الأخير في تكوين صورة الإسلام في الخيال الغربي واضحا، الأمر الذي يستدعي البحث في المقولات الإستشراقية حول الإسلام، وبخاصة حول القرآن المجيد باعتباره الكتاب المقدس للمسلمين.

فما موقف المستشرقين من القرآن الكريم؟ ما الغرض الثانوي وراء البحث الإستشراقي في القرآن وعلومه؟ ما هي الشبهات التي يثيرونها في حقه؟ وهل هم جميعا على وفاق حول هذه الشبهات، أم أنهم ينقسمون إلى فريق مجحف ونظير له منصف؟ وقبل هذا وذاك، ما مفهوم الاستشراق؟ ففي هذه الورقة البحثية يسعى الباحث إلى الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها مما يرتبط بموضوع البحث.

فعن منهج البحث يقول الباحث: "ما دام أن البحث يروم تقديم مواقف المستشرقين من القرآن الكريم، المنصفين منهم والمجحفين، فإن عرض وجهات نظر الفريقين من كل مسألة على حدة، بشكل يبدو معه وكأن كل طرف يناظر الآخر، كفيل بتوضيح المواقف بشكل جلي وبيِّن، بمعنى أنه سيتم عرض شبهات المغرضين، لتعقبَها ردود المنصفين حول الشبهات المعروفة التي يرمى بها القرآن الكريم من طرف المستشرقين الحاقدين، والتي يمكن أن نجملها في ثلاث شبه رئيسية:1- مصدر القرآن الكريم. 2- جمعه وتدوينه. 3- مضمونه وتعاليمه.

فعن مفهوم الاستشراق بين الباحث أنه يعني: طلب لغات الشرق وعلومه وأديانه والتعرف إلى العالم الشرقي من خلال الدراسات اللغوية والدينية والاجتماعية والتاريخية…

غير أن هذا التعريف- بحسب رؤية الباحث- لن يكون كافيا شافيا إلا إذا أضفنا إليه رؤية إدوارد سعيد للإستشراق "بوصفه نمطا من الإسقاط الغربي على الشرق وإرادة السيطرة عليه".

1- مصدر القرآن الكريم:

تحت هذا العنوان بين الباحث مزاعم المستشرقين وطعوناتهم حول مصدر القرآن الكريم، مبينا أن كل هذه المزاعم تصب في اتجاه واحد، وتقصد الترويج لأمر واحد: محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم- ليس نبيا، والقرآن ليس كتابا سماويا، وإنما هو من ألفه بعدما استعار ما استعاره من التوراة والإنجيل، وتعلم ما تعلمه من بحيرى أو من غيره.

إذ "يزعم المستشرقون أيضاً أن النبي- صلى الله عليه وسلم- تعرف على النصرانية من بحيرى الراهب في رحلته التجارية إلى الشام، وقد تمثل محمد في نفسه ما سمعه من بحيرى الراهب وما عرفه من أتباع اليهودية، وخرج على الناس يعلن دينه الجديد الذي لفّقه من الدينين الكبيرين.

وهذه كلها مزاعم واهية لا حظ لها من العلم ولا سند لها من التاريخ، وإنما هي تخمينات وافتراضات يضعها أصحابها كما لو كانت حقائق ثابتة لا تقبل الجدل. وقد رد الباحث على كل هذه الافتراءات وبين ما فيه من كذب وتدليس وإجحاف، مستعينا في ذلك بما كتبه المنصفون من المستشرقين عن الإسلام والنبي والقرآن.

2- جمع القرآن الكريم وتدوينه:

أوضح الباحث أن المستشرقين لم يكتفوا بالتشكيك في كون القرآن الكريم كتاب الله، وإنما سعوا بالإضافة على ذلك، إلى ادعاء تعرضه للتحريف وذلك بإثارة الشبهات حول جمعه وتدوينه، فقد تكلم المستشرقون كثيرا في موضوع القراءات بالأحرف السبعة محاولين إثبات أن القراءة كانت حرة طليقة، الأمر الذي جعل تعرض القرآن للتغيير أمرا لا مفر منه. وهم بذلك يوهمون بأن التدوين وقع في جو هذه الحرية، وفي هذا الجو تم تسجيل قراءات مختلفة. وهذه القراءات التي نجمت عن ذلك لم تكن هي الصورة التي ورد بها الوحي أساساً. ونتيجة ذلك كله هي القول بحدوث تغيير في النص القرآني.

شكك المستشرق الفرنسي "جاك بيرك" في نزول وترتيب وجمع القرآن الكريم، سائرا على منوال من سبقوه من المستشرقين.

وبنفس المنهج السابق في الشبهة الأولى رد الباحث على هذه الشبهة.

3- مضمون القرآن الكريم وتعاليمه:

عن موقف المستشرقين من مضمون القرآن وتعاليمه بين الباحث أن المستشرقين سعوا إلى النيل من القرآن حتى يضمنوا انحسار الإسلام، فلأنهم لم يكن بإمكانهم انتزاع القرآن من صدور المسلمين، راحوا يحرفون معانيه وينسبون إليه ما ليس منه، حتى إذا راجت عملتهم المزورة، طالبوا المسلمين بالتخلي عن تعاليم الإسلام الواردة في القرآن إن هم أرادوا اللحاق بالركب الحضاري، وهذا ما فعله المستشرق "كنيث كراج" رئيس تحرير مجلة العالم الإسلامي حيث قال:" إن على الإسلام إمّا أن يعتمد تغييراً جذرياً فيه أو أن يتخلى عــن مسايرة الحياة".

كما سعى الغرب إلى الحط من شأن المسلمين والتقليل من إنسانيتهم، لافتراض مكانة متفوِّقة للذات ونَبْذ كل ما من شأنه تهديد عقائد الغرب أو مصالحه عن طريق وَصْم المسلمين بالدُّونِية والهرطقة والتعصب واللاعقلانية، وقد ساهمت الدوائر الإستشراقية والكتابات الأنثروبولوجية والأفلام الهوليودية والمقالات الصحفية... إلخ. في ترسيخ هذه الصوَر النمطية للإسلام والمسلمين في الذهنية الغربية.

وقد عرض الباحث لنقولات تبين هذا الإجحاف مع الرد عليها وبيان ما فيها من أباطيل.

كلمة أخيرة:

ختم الباحث هذا العرض التحليلي بكلمة ختامية بين فيها أن مسؤولية الاستشراق في تشكيل تصورات الغرب للإسلام ورسم سياساته في البلاد الإسلامية واضحة جلية، والأخطر من ذلك أنه يوجه الرأي العام الشعبي الغربي ضد دين الأصل فيه أنه جاء للناس كافة، وضد كتاب سماوي حمل الرحمة والهداية للعالمين.

لكنه في ذات الوقت أشار إلى أنه علينا أن نعي بأننا أمة صاحبة رسالة، وأن الأصل في أمة هي صاحبة رسالة أن تكون مبادرة للحوار، أي أن يقول المسلمون تعالوا (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينك)، الشرط المنهجي في هذا الحوار أن يكون بالتي هي أحسن (وجادلهم بالتي هي أحسن).

فنسأل الله أن يجزي الباحث خيرًا على هذا الجهد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــ

(*) بحث مقدم إلى الدورة العلمية التكوينية "القرآن الكريم وخطابه المتجدد"، تطوان: من 21 إلى 26 نوفمبر 2006م.
-------------------------------------------
**{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الاستشراق, الإنصاف, الكريم, بين, والإجحاف, والقرآن


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الاستشراق والقرآن الكريم بين الإنصاف والإجحاف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرضاعة التامة ... بين العلم والقرآن ام زهرة البيت السعيد 0 11-07-2013 08:47 PM
هامان بين التوراة والقرآن عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 07-24-2013 02:45 PM
مدارس أجنبية بالخرطوم تشكك فى الذات الإلهية ولا تلتزم بتدريس اللغة العربية والقرآن الكريم وتمجد اليهودية Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 03-26-2013 10:38 PM
الرضاعة التامة ... بين العلم والقرآن احمد ادريس الملتقى العام 0 08-12-2012 04:54 PM
برنامج اسلام ديسك توب للإستماع إلى اذاعات اسلامية والقرآن الكريم Eng.Jordan الحاسوب والاتصالات 0 01-27-2012 08:48 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59