#1  
قديم 06-21-2013, 01:45 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي سُبل الحق في نظر علماء العَرب





للدكتور محمّد سويسي

إن العلماء المسلمين قد جعلوا العقل في المنصب الأعلى، وكثيراً ما صرّحوا "أنه أعظم نعم الله عندنا، وأنفع الأشياء لنا، وأجداها علينا"([1]) وهو "الشيء الذي به نتصور أفعالنا العقلية قبل ظهورها للحس، فنراها كأن قد أحسسناها، ثم نتمثل بأفعالنا الحسية صورها فتظهر مطابقة لما تمثلناه وتخيلناه منها"(1)، واستنتجوا من ذلك أنه حقيق علينا "ألا نجعل العقل، وهو الحاكم، محكوماً عليه، ولا وهو الزمام مزموماً، ولا وهو المتبوع تابعاً، بل نرجع في الأمور إليه، ونعتبرها به، ونعتمد فيها عليه".
وجعلوا أسمى أغراضهم "طلب الحق لذاته"، وجعلوا طالب الحق "المتَّبِـع الحجة والبرهان، لا قول القائل الذي هو إنسان"(1).
وقال بعضهم: "البرهان القاطع لا يُدرأ بالظواهر، بل يسلَّط على تأويل الظواهر". وقال متطرفوهم: "إذا تعارض العقل والنقل في مطلوب فيتبع العقل، ويتتبع المخلص في المنقول ليوافق المعقول، إن أمكن، وألا يعد المنقول من قبيل المتشابهات"([2]).
ولكنهم سرعان ما تيقنوا أن لا سبيل للعقل في تأويل بعض المسائل، وسرعان ما اضطروا إلى تقسيم العلوم إلى علوم نقلية وإلى علوم عقلية. واعترفوا أن سبل الحق مختلفة متعددة بحسب ميادين البحث؛ وقد تتضافر المصادر المعوُّل عليها في مسألة من المسائل فيأتي بعضها لبعض مساعداً ومعيناً ...
فيفصح البيروني عن غرضه في كتاب "الآثار الباقية" فيحصره في "استفراغ الوسع واستنفاد الجهد في الإبانة عن مقصده على حساب ما بلغه علمه إنْ بسماع وإنْ بعيان وقياس"([3])، ويضيف: "إن أقرب الأسباب المؤدية إلى ما سئلت عنه هو معرفة أخبار الأمم السالفة وأنباء القرون الماضية، لأن أكثرها أحوال عنهم ورسوم باقية من رسومهم ونواميسهم، ولا سبيل إلى التوصل إلى ذلك من جهة الاستدلال بالمعقولات والقياس بما يشاهَد من المحسوسات(3)".
ويجمع ابن الهيثم بين الحس والنظر فيقول: "فرأيت أنني لا أصل إلى الحق إلا مِن آراء يكون عنصرها الأمور الحسية، وصورتها الأمور العقلية".
ويقول ابن سينا: "إن النفس، بعد أن تستعين بالحواس، ترجع إلى ذاتها شيئاً فشيئاً([4])" أي أنها تعتمد أولاً على المادة ثم تتخلص منها مقداراً فمقدار، كيما ترتقي إلى أحكام معقولة صرفة، وكثيراً ما عاد ابن سينا إلى هذا المعنى المتمثل في كون "الجسم لا بدّ منه لتستكمل النفس قوتها النظرية".
"والأنفس تحدث كلما تحدث مادة بدنية صالحة لاستعمالها إياها"([5]).
والجسم بحواسه الظاهرة والباطنة هو الذي يقدم للعقل الإدراكات الجزئية المشخصة، فيحاول العقل بالتفكير فيها أن يستخرج منها الإدراكات الكلية والمعارف المرتبطة بها ...
وعن علاقة النفس بالبدن يقول ابن الثناء محمود بن عمر الشيباني المعروف بابن رقيقة (ت. بدمشق سنة 653هـ/ 1287م) من قصيدة شديدة الشبه بعينية ابن سينا (الطويل):
أقول لنفسي حين أبدت تَشَوَّقاً
مُحالاً ترومين النجاة وأنت في
ودونك بحرٌ إن تعدَّيتِ لُجَّه
فإن رمتِ وصلا نحو سنخك فاكشفي
ولا تقبلي نحو الكثيف فتحرمي


إلى العالم الأعلى رويدَكِ يا نفسي
المهالك من جنس الطبيعة والحسِّ
أمِنْتِ وفُزتِ بالخلاص من الحبسِ
غطاءك وانضي ما عليك من اللبسِ
مجاورة الأطهار في حضرة القدسِ


إلى أن يقول:
وصلت على كره إلى الهيكل الذي
وما كان هذا الوصل إلا لترجعي


به اعتضت بالذعر الطويل عن الأنسِ
منزهة بالعلم عن وصمة الوكسِ([6] )


ولئن زعم جابر بن حيان أن الصناعة "إنما تكون لذي الرأي الصحيح، والقياس الواجب، والدرس الدائم للعلم الحق الواضح"، وأنها "إنما تحتاج إلى حجج وبراهين"، وأن "البرهان أصدق شاهد وأعدل حاكم"([7] ) فإن معظم علماء العرب يقولون بوجوب التجربة المادية، وباستقراء الموجودات وتتبّع خواص المحسوسات؛ ومن أمثالهم: "المشاهدة أقوى دليل"، ويقول ابن البيطار: "فما صحّ عندي بالمشاهدة والنظر، وثبت لدي بالخبرة لا الخبر، ادخرته كنزاً سرياً، وعددت نفسي عن الاستعانة بغيري فيه سوى الله غنياً"([8] ).
ويقول البيروني: "إنما يلذّ العاقل لذّة نفسانية إذا لاحظها بعين البصيرة والاعتبار، كما يلذّ لذّة جثمانية في الاصطباح والاغتباق، والتقلب بين الخمر والخمار ..."، ويستشهد بقول الله تعالى، وقولُه الحقُّ المنير: "ويتفكرون في خلق السماوات والأرض؛ ربَّنا ما خلقت هذا باطلاً".
ويربط ابن سينا بين التجربة والتذكّر، وهي فكرة أفلاطونية، فيقول: "إذا تكرر في إحساسنا وجود لشيء مثل الإسهال للسقمونيا، والحركات المرصودة للسماويات، تكرَّر ذلك منا في الذكر. وإذا تكرر منا ذلك في الذكر حدثت لنا منه تجربة بسبب قياس اقترن بالذكر. وهو أنه لو كان هذا الأمر، كالإسهال مثلاً عن السقمونيا، اتفاقياً فرضياً، لا عن مقتضى طبيعته، لكان لا يكون في أكثر الأمر من غير اختلاف، حتى أنه إذا لم يوجد ذلك استندرت النفس الواقعة، فطلبت سبباً لما عرض من أنه لم يوجد. وإذا اجتمع هذا الإحساس وهذا التذكر مع هذا القياس، أذعنت النفس بسبب ذلك التصديق بأن السقمونيا من شأنها، إذا شربت، أن تسهل صاحبها"([9])، ويضيف:
" إن التجربة ليست تفيد العلم لكثرة ما يشاهد على ذلك الحكم فقط، بل لاقتران قياس به قد ذكرناه. ومع ذلك فليس تفيد علماً كلياً قياسياً مطلقاً بل كلياً بشرط". ويواصل ابن سينا حكمه على التجربة بقوله:
"ولسنا نقول أن التجربة أمان عن الغلط، وإنها موقعة لليقين دائماً؛ وكيف والقياس أيضاً ليس كذلك! بل نقول إن كثيراً ما يعرض لنا اليقين عن التجربة، فيطلب وجه إيقاع ما يوقع منها اليقين"(9)، ومما نلاحظ في هذه الفقرات:
أولاً: إن ابن سينا يقرن ما تكرر في إحساسنا بالتذكر؛ وهي نظرة، كما أشرنا إليه، مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية، ويلخصها الفارابي فيما يلي:
"إن التعلم تذكُّر، وإن التفكير هو تكلف العلم، والتذكر تكلف الذكر، والطالب المشتاق متكلف؛ فمهما وجد مهما قصد معرفته طلب دلائل وعلامات ومعاني ما كان في نفسه قديماً، فكأنه يتذكر عند ذلك". بل هو يتجاوز ذلك ويقول: "إن العقل ليس هو شيئاً غير التجارب، وكلما كانت هذه التجارب أكثر كانت النفس أتم عقلاً ..." ([10]).
ثانياً: إنه يرى أن العلم الحق هو اليقين الذي تطمئن له النفس، ويعترف أن المعرفة المعتمدة على التجربة وحدها إنما هي معرفة نسبية لا تبلغ اليقين المطلق، فكيف تكتسب المعلومات إذن، وما هي طريقة الكشف عن الحقيقة؟
يعود ابن سينا مرات إلى هذا الموضوع في النجاة وفي الإشارات، ويحصر المعرفة والعلم في التصور والتصديق، وأما آلتاهما فهما الحدّ والقياس. وفي ذلك يقول محمد بن المجلي بن الصائغ العنبري (الخفيف):
أبلغ العالمين عني بأني
قد كشفتُ الأشياء بالفعل حتى


كلُّ علمي تصوُّرٌ وقياسُ([11] )
ظهرت لي وليس فيها التباسُ


والتصوّر هو العلم الأول، ويُكتَسَب بالحدّ وما يجري مجراه، مثل تصوّرنا ماهية الإنسان؛ والتصديق إنما يُكَتَسب بالقياس أو ما يجري مجراه.
وطريقة العقل في الكشف عن الحقائق هي الحدس أو الفكرة. يقول ابن سينا: "الحدس جودة حركة للذهن إلى اقتناص الحد الأوسط من تلقاء نفسها: مثل أن يرى الإنسان القمر، وأنه يضيء من جانبه الذي يلي الشمس على أشكاله، فيقتنص ذهنه بحدسه حداً أوسط وهو أن سبب ضوئه من الشمس ... والفكرة حركة ذهن الإنسان نحو المبادئ للمطالب ليرجع منها إلى المطالب"([12]).
ويروي لنا المسعودي في الموضوع أن الواثق بالله العباسي يسأل من حضر مجلسه من العلماء عن الطريق الذي أدرك الإنسان به الطب. فقال منهم قائل: زعم طوائف من الأطباء أن هذا الطريق هو التجربة فقط، وحدوه بأن يتكرر الحس على محسوس واحد في أحوال متغايرة، فيوجد بالحس في آخر الأحوال كما يوجد في أولها"([13]). ويقول ابن أبي أصيبعة: "إنه قد يكون حصل منها شيء بطريق الإلهام، كما هو لكثير من الحيوانات ... فالثور يفرق بين الحشائش المتشابهة في صورها، ويعرف ما يوافقه منها فيرعاه، وما لا يوافقه فيتركه، مع نهمه وكثرة أكله وبلادة ذهنه"([14]). ويضيف: "وبالجملة فإنه قد يكون من هذا ومما وقع بالتجربة والاتفاق والمصادفة أكثر ما حصلوه من هذه الصناعة".
وهنا إشارة مهمة لما للصدفة والاتفاق من قيمة في الاكتشاف العلمي.
ويواصل ابن أبي أصيبعة قائلاً: "ثم تكاثر ذلك بينهم وعضده القياس بحسب ما شهدوه وأدته إليه فِطَرهم؛ ثم أنهم تأملوا ما حصل لهم من الأشياء الكثيرة، واستخرجوا عللها، والمناسبات التي بينها، فَتَحَصَّل لهم من ذلك قوانين كلية ومبادئ منها يبتدي بالتعلم والتعليم". ويصنف ابن سينا النفس العاقلة مراتب تختص بميزات مختلفة، فهي أولاً مستعدة لقبول الصور العقلية، وتسمى إذن العقل الهيولاني، ثم هي تحصل فيها التصورات والتصديقات البديهية، وهذه مرتبة العقل بالملكة.
وتنتقل من هذه المبادئ والمقدمات إلى المطالب الفكرية البرهانية، وتصير العقل بالفعل. ثم تكون الصورة العقلية حاضرة بالفعل ينعم صاحبها بالنظر إليها، وهي العقل المستفاد، وهي عقل النفس القدسية التي ترتقي إلى منزلة العارفين والصديقين.
وإلى هذه المعاني يرمي ابن سينا حين يقول:
هذّب النفس بالعلوم لترقى
إنما النفس كالزجاجة والعلمُ
فإذا أشرقت فإنك حي


وذر الكل فهي للكل بيتُ
سراج، وحكمة الله زيتُ
وإذا أظلمت فإنك ميْتُ


فيرى ابن سينا أن "العملية العقلية لا بد منها لتكتسب النفس ملكة الاتصال بالعقل الفعال؛ فهي في الواقع ليست سبباً مباشراً للمعرفة، وإنما هي صقال للنفس فقط. وأما المعرفة ذاتها فهي فيض؛ أو إذا شئت فقل: انطباع في النفوس المجلوّة المتهيئة للارتسام، وهذا يشمل سائر المعارف حتى المعقولات الأولى؛ فحصولها فيض علوي ونور إلهي (وفي الخلاصة) إذن فالجسم لا بد منه للعملية العقلية، التي لا بد منها لصقل النفس، الذي لا بد منه للاتصال بالعقل الفعال وإدراك المعارف منه ...". وفكرة الاتصال بالملأ الأعلى، ليست عند ابن سينا مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية؛ بل هذا القرآن بين يديه مفعم بقصص الأنبياء وبأخبار الرسل الذين اتصلوا بالله سبحانه؛ وفي القرآن قصة العبد الصالح الذي آتاه الله من لدنه علماً... "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء".
فالنفس والجسد في مبدأ أمرهما مرتبطان زمنياً، والنفس مغايرة للبدن، وهي جوهر روحي مجرد، تتأثر في ملكاتها الخلقية بالجسد. والنفس باقية بعد انحلال البدن، فإذا ما فارقته وزالت عنها العوائق المادية وانساقت إلى أسواقها، إلى الكمالات، فهي تتصل بالفيض الإلهي. وذاك الشأن بالنسبة إلى العارفين المتنزهين، "فإذا وضع عنهم درن مقارنة البدن وانفكوا عن الشواغل، خلصوا إلى عالم القدس والسعادة، وانتقشوا بالكمال الأعلى، وحصلت لهم اللذة العليا"([15]).
ويرفع أبو نصر الفارابي الدعوات في هذا الشأن إلى الله، جلّ وعلا، مبتهلاً بقوله: "امنحني فيضاً من العقل الفعال، يا ذا الجلال والإفضال؛ هذب نفسي بأنوار الحكمة، وأوزعني شكر ما أوليتني من نعمة؛ أرني الحق حقاً وألهمني اتباعه، والباطل باطلاً واحرمني اعتقاده واستماعه؛ هذِّب نفسي من طينة الهيولي، إنك أنت العلة الأولى، (الكامل):
هذّب بفيض منك ربَّ الكل من


كدر الطبيعة والعناصر عنصري


... وأطلع على ظلماء (نفسي) شمساً من العقل الفعال، وأمِطْ عنها ظلمات الجهل والضلال. واجعل ما في قواها بالقوة كامناً بالفعل، وأخرجها من ظلمات الجهل إلى نور الحكمة وضياء العقل ..."([16]). وهذا ابن الهيثم عند وصفه لطريقته في البحث العلمي، وبعد عرضه لما تحلّى به من الصبر والتحفظ والنقد والتريث، يتوجه في البدء والنهاية إلى قوة متسامية، لتمتد رعايتها على كافة الخلق، يسألها الهداية والعون والتوفيق: "وما نحن مع جميع ذلك برآء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية، ولكنا نجتهد بقدر ما هو لنا من القوة الإنسانية، ومن الله نستمد المعونة في جميع الأمور".
فهو العالم الحق، العامل المجتهد، الطموح المتواضع، العارف حق المعرفة بمنزلة البشرية وحدودها، المؤمن بأن لا هادي لمن لم يهده الله.
فالعلم في نظره جدّ وطلب من جهة، وحدس وإلهام من جهة أخرى، وهو نور يقذفه الله في أفئدة من اصطفى من عباده، شارحاً صدروهم كاشفاً لهم الخفايا والأسرار.
"فإذا ثبت هذا وجاز أن يكون في الناس عالم ومتعلّم، وإمام ومأموم، وأن تكون فيهم مراتب ودرجات، وجاز أن يختص الله بحكمته ورحمته قوماً ويصطفيهم من خلقه، ويجعلهم رسلاً إليهم ويؤيدهم، ويفضّلهم بالنبوة ويعلمهم بوحي منه ما ليس في وسع البشر (أن يعلموه ليعلّموا الناس ويرشدوهم إلى ما فيه صلاح أمورهم دنيا وديناً)"([17]).
ويؤاخذ البيروني أبا بكر الرازي على كتاب "سر الأسرار" بعد ما كان متشوقاً إليه نيفاً وأربعين سنة، ولخّص قوله فيه بالآية الكريمة: (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور). وللرازي كتاب فيما يرومه من إظهار ما يدعي من عيوب الأولياء. فيقول ابن أبي أصيبعة في شأنه: "وهذا كتاب، إن كان قد ألف والله أعلم، فربما أن بعض الأشرار المعادين للرازي قد ألفه ونسبه إليه ليسيء من يرى ذلك الكتاب أو يسمع به الظن بالرازي ... حتى أن بعض من يذم الرازي، بل يكفّره، كعلي بن رضوان المصري (ت 460هـ)([18]) وغيره يسمون ذلك الكتاب: كتاب الرازي في مخاريق الأنبياء"([19]).
ويقول ابن سينا عن محمد بن زكرياء الرازي إنه "متكلف فضولي في شروحه في الإلهيات، وتجاوز قدره في بسط الجراح، والنظر في الأبوال والبرازات، لا جرم فضح نفسه وأبدى جهله فيما حاوله ورامه"([20]).
ففي الخلاصة أن طلب العلم طموح وشوق للخروج من الحيرة، و"لإدراك ما به تنكشف تمويه الظنون، وتنقشع غيابات المتشكك المفتون". فكيف يصل الإنسان إلى اليقين وكيف يقف على الحق الذي لا يمازجه شك؟
لا شك أن العقل وسيلة قوية ناجعة، "حبانا بها الله لننال ونبلغ من المنافع العاجلة والآجلة غاية ما في جوهر مثلنا نيله وبلوغه". والحس منطلق للمعرفة لا بد منه، والحدس والإلهام لهما دور مهم في سبيل الحق، والتجربة والرياضة معينان قويان يخرجان نفس الإنسان إلى كماله الممكن له في حدّي العلم والعمل ...
ولكنْ من فوق كل ذلك فيض رباني، وإلهام من الله يهدي به من يلهم، فيوقظ النفس من نومها، "ويلهمها فجورها وتقواها"([21])، ووحي اختَصَّ به أنبياءه الصديقين وفضّلهم على الناس جميعاً، وجعلهم أدِلَّة لهم وأيمّة يقتدون بهم ... فخلصوا إلى عالم القدس والسعادة، وانتقشوا بالكمال الأعلى، وحصلت لهم اللذة العليا؛ نفوس كاملة اتصلت بالفيض الإلهي عند سدرة المنتهى تحت عرش الرحمان وفي عالمه الأول: ناظرة إلى ذاته (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)(21).
د. محمد سويسي



[1]) ) الرازي: الطب ******** ص18.

[2]) ) أبو البقاء الحسيني: كتاب الكليات ص 715 وما بعدها.

[3]) ) الآثار الباقية ص 4.

[4]) ) المجاة ص 50.

[5]) ) الشفاء ج1 ص 354.

[6]) ) عيون الأنباء ج2، ص 366.

[7]) ) كتاب أسطقس الاس الأول نشرة هلميارد، باريس 1928 ص70- 71.

[8]) ) من مقدمة كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية.

[9]) ) الشفاء المنطق، ج5، البرهان، ص95.

[10]) ) التوفيق بين أرسطو وأفلاطون.

[11]) ) عيون الأنباء، ج2، ص316.

[12]) ) شفاء، المنطق 259.

[13]) ) مروج الذهب، ج4، ص30، ط مصر.

[14]) ) عيون الأنباء، ج1، ص26.

[15]) ) الإشارات، ج2، ص196.

[16]) ) عيون الأنباء، ج3، ص 228- 229.

[17]) ) من كتاب أعلام النبوة لأبي حاتم الرازي في الرد على محمد بن زكريا الرازي وقد اتهم بإنكار النبوة. رسائل الرازي، ص 299.

[18]) ) أبو الحسن علي بن رضوان الطبيب المصري، ينسب إليه "كتاب في الرد على الرازي في العلم الإلهي وإثبات الرسل" ابن أبي أصيبعة ج2، ص 105.

[19]) ) عيون الأنباء، ج2، ص 359.

[20]) ) انظر مقال حسين نصر "مناظرة بين البيروني وابن سينا"، رسالة اليونسكو، جويلية 1974، ص 27- 29 ورسائل الرازي ص290.

[21]) ) سورة الشمس، 8.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الحق, العشرة, سُبل, عملاء, نظر


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع سُبل الحق في نظر علماء العَرب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيف الحق وسيف الباطل صابرة شذرات إسلامية 0 02-29-2016 09:00 AM
الاحتيال لإرجاع الحق عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 12-12-2015 08:09 AM
شهيد الحق ابراهيم الرفاعي الشاعر إبراهيم الرفاعي 6 06-14-2014 11:21 AM
حوار بين الحق والباطل يقيني بالله يقيني الملتقى العام 2 04-16-2012 03:00 PM
قول الحق عبدالناصر محمود الملتقى العام 2 02-01-2012 10:57 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59