#1  
قديم 04-16-2017, 10:31 AM
الصورة الرمزية صابرة
صابرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 8,880
افتراضي قصة أمي


يروي صاحب القصة:


كنا أربعة اخوه و وثلاث أخوات ... كأغلب العائلات يومياتنا ..اكل ..نوم...لعب..عباده...
الكل في عالمه الخاص أو...مع أصحابه .أو..مع هواياته. .
نجتمع غالبا على الطعام ... لا أبالغ ان قلت يمر أحيانا يوم أو يومين لايرى بعضنا البعض .... ليس هناك بيننا أي شجار أو غضب ..
بل مناوشات خفيفه على من أخذ غرضي او من لبس حذائي أو من شرب عصيري .. مشاكل لا تذكر لأنها كانت كالبهارات تزين طعم الحياة.. تلك الكتلة من الحب والعطف والجمال
هي ""أمي """
كانت توزع الحب بيننا ..ولا تفتر من متابعة حياتنا اليومية بل وتصنع لكل منا مايحب من طعام.. نعود متأخرين من الليل لنجدها نائمة قد مال راسها وهي تنتظرنا خوفا علينا ..
ما أن تطئمن لعودتنا وتتكلم علينا كم كلمة تؤدبنا بها.
تتهادى بين الجدران لتذهب غرفتها تنام.. تستيقظ الصباح تدور بين الغرف.. تؤقظ هذا للصلاة ما أن يجلس تذهب لﻷخر ..
ما إن تصل إليه حتى نام اﻷول... وهكذا تدور كالنحلة تقرص هذا وتقيم هذا وتطرق الباب على النائم وسط الحمام .. ثم تتجه للبنات منهن من تراوغ وتتعذر ..
ومنهن من تختبئ ..
ومنهن من تقوم خوفا او خجلا.. ثم يستتب الأمن بالبيت حتى موعد استيقاظنا المدرسة... فنفتح أعيننا على صوتها.. متلفعة بجلال صلاتها الذي لم تنزعه من وقت الفجر.. ونذهب جميعا على دفعات وليس دفعة واحده لترتاح ..
ثم تكمل المشوار مع أبي حتى يخرج لعمله ... رحلة دؤوب تقوم بها يوميا.. وتبدأ بأعمال البيت حتى نعود لنجد مالذ وطاب من الطعام.. بعضنا ينطلق وياكل... وبعضنا بيده بقية طعام أكله في الخارج ...
وبعضنا يصرخ وهو صاعد لغرفته لست جائعا..ولا أريد احد يزعجني .. وهي جالسة على سفرتها تتأملها ..
تسعد لمن أكل فرحا له... وتتحسر على من لم ياكل حزنا عليه..
بعد الغداء..
ناخذ جميعنا قسطا من الراحه.. بينما هي تطارد أخر العنقود في المنزل. وتتابعه فهو لم يستيقظ الا قراب الظهر.. وتبدأ رحلة الإيقاظ للعصر..ثم كل يذهب الى مكان يغير به جوه او يلاقى فيه صحبه.. ويأتي الليل لنتعشى ومن يتأخر ترفع له من الطعام ..ثم ترتقب من طال سهره .. هكذا كان روتين يومياتنا وفي يوم من الايام لم نحسب له أي حساب .. كان عصرا ..
حين طلبت مني وأنا اتجهز للخروج مع صحبي للنادي للسباحه .. قالت ياولدي ..
أريد المشفى أشعر بدوخه .. قلت ممثلا الخوف عليها سلامات فقالت لا تخاف دائما اشعر بها ولكن اريد أن اطمئن .. اطمئن قلبي حين قالت أنها تشعر بها دائما ظنا مني أنه إرهاق أو جوع..أمر طبيعي.. قلت الأن صعب أنتهي من النادي وآتيك.. وصلت النادي وبمكر وخبث شيطاني أغلقت هاتفي
لأني اعرف أمي سوف تتصل وتفسد جوي بما أنها وضعت في بالها الذهاب للمشفى .. والقيت بنفسي في المسبح لانسى مع ضحكات أصحابي كل شي ..
اتصلت بأخي اﻷخر..
لكن هاتفه مغلق فهو في طلعة بريه برفقة أصحابه .. واخي الثالث نائم ..
أبي مازال في عمله .. أخواتي منهن النائمه ومنهن المنهمكه على جهاز الكمبيوتر..
لم تلح امي في المسألة .. ﻷنها لﻷسف قد إعتادت على ذلك منا ...وأعتدنا على طيبة قلبها ومسامحتها السريعة لنا ..
.جلست بصعوبة على كرسي طاولة الطعام ركض الصغير وعانقها ..طلب منها القيام معه والخروج معه للعب ..ولكن الاعياء غلب عليها .. نادت أختي ﻷخذ الصغير عنها .. وحين أقبلت اختي كانت أمي قد أصبحت ممدده على الارض بلا حراك ...
صرخات تعالت ...اتصالات توالت ...لكن لا مجيب .. أبي عاد مسرعا ..ولكن قد سبقه جار لنا وحمل أمي إلى المشفى..
حالتها حرجه جدا ...أدخلت العناية المركزه ..جلطة بالدماغ ...
مازلت حينها اتقلب بالمسبح وأفتل عضلاتي أمام أصحابي ...نتسابق حينا ونقفز حينا أخر..
.لم يشعر قلبي بأي إنقباض أو الم ..بل كنت في قمة السرور و الإنبساط..
.أخي كان يصنع وأصحابه العشاء البري .. والأحمق الثالث مازال نائم بغرفته لم يشعر بشي حوله...
.ان كان مات فينا البر فهل فقدنا الإحساس .. هل لم يكن هناك ذرات إنسانيه فقط ...
لرد الاحسان إحسانا...
خرجت وصحبي من النادي وقد لعب بنا الجوع وحان وقت تناول أي طعام سريع...
لا يوجد لدي مال ..هنا جاء دور أمي ..أريد مال ..
ولكن لو اتصلت بها .لطلبت مني مشوارها ..
سأدبر نفسي حتى أنتهي ثم أعود إليها سريعا وأذهب بها...
ما أجهل الإنسان لو كان يعلم كم هي الدقائق ثمينه .
وكم الأنفاس أثمن لما أضاع منها شئ..
استيقظ أخي ليصرخ الجميع في وجهه متفأجئ بوجوده بالبيت وهم يبحثون عن من يحمل أمي..
غضب ورفع صوته ليس ﻷنه لم يذهب بها بل ﻷنهم يلومونه وهو كان نائم.... فعلام الغضب منه...
عدت متأخرا وأنا مستعد لسيل من الكلمات تنطلق من شفتي امي لتخبرني أنني ولد عاق ومقصر ...
ثم انام ثم تؤقظني وترضى عني ..
هكذا ظننت ...وهكذا زين لي الشيطان ...
دخلت البيت وقد استنكرت الأصوات والحركه ..
ثم وجود أصغر خالاتي ..ثم وجوه قد انتفخت وأحمرت وشخص بصرها ...
مابكم ...
أخبروني الخبر...
لمع في راسي وجهها الشاحب وهي تمسك بأطراف أصابعها مقدمة راسها وتطلب مني الذهاب بها للعلاج..
مازال صوتها المبحوح تعبا يرن في أذني حين فقدت الأمل مني .
قالت ..لا تتاخر عد بعد النادي مباشره...
بكيت وبكيت وأنطلقت للمشفى ..
منعنت من الدخول ورأيت أبي وأخي وخالي وجارنا.
وشاهدت الغضب بوجه أبي ..
الذي افرغه بكف على وجهي وتفلة تبعته ثم مسك به خالي ..
وقال اذهب ماذا تريد أنت والفاشل الأخر.
حقا ...تذكرت أخي ..اتصلت به مغلق اتصلت بمن معه ..أخبرتهم وعاد مسرعا...
انتظرنا كثيرا ..لا فائده ...لنذهب ونعود في وقت الزيارة إن سمح لنا ...
.رفض ابي العوده ليبقى بجوارها رغم أنه لن يراها..
عدنا وكلنا خجل ..ماذا نقول لها وبماذا نعتذر ..
وصلنا المنزل ولا يكلم أحدنا اﻷخر صمت يعم الجميع وارهاق وانكسار..
ما إن دخلنا البيت حتى سمعنا أصوات البنات يبكون ويصرخون ...
أردنا أن نهديهم ليسكتون.. وكانت المفاجاة.. لقد صعدت روح أمي ونحن عائدين للبيت ..
لم تخرج روحها ونحن بقربها فنحن لا نستحق حتى أن تمر روحها الطاهره من فوق رؤوسنا ..
عن أي حال أحدثكم كان حالنا ..عن أي ألم كان يعتصرنا .. .
هل نتحمل مر فراقها ..
أم الم عقوقنا لها ..
أم حسرة خذلاننا لها وقت شدتها والمها ..
.حملت على الاكتاف ..لقد رحلت ...
وضعناها بقبرها كنت ارى جسدها ممدا ..
ليتني افديه بروحي ...
هاك قلبي ياأماه وعودي..
.هممت ان انطلق اليها وانزع الكفن ..
وأضمها وامنعهم من أخذها ..
.أريدها ان تعود لثواني فقط حتى اعتذر منها ..
أريدها ان تعود لثواني فقط حتى اعتذر منها .. عدنا للبيت الذي تركناها فيه وهي تتلوى الما ..
.اثارها ...مكانها ....إجلال صلاتها ...
مكان جلسة قهوتها ...
.بل كنت اسمع صوتها ينطق به كل جدار في بيتنا ..
حين اقبل أصحابي للعزاء بكيت وبكيت ما يغني عني هؤلاء وقد رحلت ******ه ...
الصاحب بدلا عنه مائة صاحب ..ولكن امي ليس لها بديله ..
مرت ايام العزاء الثقيله وتبعتها أيام أخر ...
ذهب الجميع ..بقينا في بيتنا كما كنا ...
ولكن مكانها في البيت كبير ..كبير جدا..
مازلت في فراشي قبيل الفجر انتظر دخولها وصراخها علينا ...
تعالي ارجوك اضربيني ..اصرخي في وجهي..
.قد كنت اغضب حين تسكبين الماء فوقي ..تعالي وصبي الحمم فوقي المهم ان تعودي..
حينمت نعود من الخارج لم نعد نشم رائحة امي في البيت ..
نعم للام رائحه خاصه لا يعلم بها الولد الا حين يفقدها ..
مازالت تلك الرائحة الجميله في إجلال صلاتها .. ومازال إجلالها في صندوق مغلق في خزينتي ..
افتحه كل حين لالثمه بفمي واضمه على صدري..
ما اقسى قلبي ...
قد كانت دوما امامي لم اقبلها بحب ..
لم اضمها الى صدري ..لم اتلذذ بطيب رائحتها وهي حيه
لم اتمتع بأوقاتي معها ...
ليتك تعودي يا أمي فقد حققت كل ماكنت تتمنين أن افعله وكذلك اخوتي ..
.لقد راينا من تصول وتجول بدلا عنك ومازلنا نذكر غيرتك حين يمازحك أبي بإحضار زوجة أخرى ...
مرت السنين ..ومازالت رائحة أمي في خزينتي ...ومازال الم خذلاني لها يؤرقني.
لقد كفرت عن خطيئتي أنا وأخوتي ..
أعتمرنا وحججنا عنها ..بنينا مسجد ..تصدقنا ..دعونا ..
لعل الله يعفو عنا ..ولعل نفسها تطيب بما نرسله لها ...
لكن مازال الألم يعتصر قلوبنا وصوتها المبحوح بالألم يقظ مضاجعنا ..
مازال طلبها لي للمشفى يجعلني أبكي دما لا دمعا..
اللهم اغفر لها وتجاوز عنا ..وارزق كل من يقرأ رسالتي بر والديه ...
اسأل الله أن يجبر قلبه بفقد أمه ...وأن يرزق كل مفرط بر أمه ..
✍دعوة الخير

دمتم سالمين

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
" يا الله أنتَ قوتي وثباتي وأنا غصنٌ هَزيل "
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لأي, قصة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59