#1  
قديم 02-07-2017, 01:44 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,407
افتراضي ديكتاتورية ترامب الديمقراطية


الاهرام - مروى محمد ابراهيم
شئنا أم أبينا، فإن وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى السلطة يعتبر نهاية لحقبة زمنية، وبداية لعهد جديد من الانغلاق والعزلة والرفض للآخر بكل شفافية، بعيدا عن الشعارات الإنسانية الجوفاء التى عادة ما استخدمتها واشنطن كغطاء لأطماعها ورغبتها فى فرض سيطرتها على العالم.
لقد هز ترامب العالم بقراراته بمنع دخول مواطنين من سبع دول إسلامية وحظر استقبال اللاجئين السوريين، وأصاب العالم أجمع بحالة من الصدمة وهو يقضى على الحلم الأمريكى وينزل به إلى أرض الواقع التى يهددها شبح الإرهاب والبطالة والأزمات الاقتصادية، وأصبح السؤال الآن هل نحن أمام شكل جديد من الديكتاتورية والعودة إلى الوراء؟ أم أنها وقفة كان لابد منها لمواجهة التغيرات العالمية وعواقب العولمة التى أصبح من الصعب السيطرة عليها؟

فى الوقت الذى يكيل فيه المجتمع الدولى الاتهامات بالديكتاتورية وانتهاك حقوق الإنسان لترامب، لابد أن نعترف بأن الرئيس الأمريكى الجديد احتل هذا المنصب وفقا لمعايير أكبر قوة ديمقراطية فى العالم، أو بمعنى أصح الدولة التى نصبت نفسها من قبل كـ»رقيب» و»شرطي» لحماية وفرض الديمقراطية فى دول العالم. ولكنه لم يكتف بذلك، بل إنه من الرؤساء القلائل والنادرين الذين سارعوا إلى تنفيذ وعودهم الانتخابية منذ اللحظة الأولى لصعوده إلى السلطة وحتى الآن. فالقرارات التى فاجأت العالم الآن ، لم تكن سوى جزء من وعوده الانتخابية التى تعهد أنه سيلتزم بتنفيذها بغض النظر عن أى معارضة له أو الحملة الإعلامية ضده، سواء أكانت أمينة أم لا. وأهم ما يميز ترامب فى واقع الأمر هوعفويته، فنواياه صريحة ومعلنة، فهو لا يتمتع بدهاء الساسة وقدرتهم على التلاعب بالكلمات والوعود، وهو ما يعنى ببساطة أن ما يتخذه من قرارات، بقدر ما تبدو متطرفة وعنيفة، هو فى الواقع ما سعى إليه الناخب الأمريكى الذى يسيطر عليه الرعب من كل ما هو آت من الشرق الأوسط، ويخشى أن يسقط فريسة للإرهاب مثلما حدث فى أوروبا. فقد برر ترامب قرارات الحظر المفاجئة بأنه سيعمل على قطع دابر الإرهاب من بلاده ومراجعة سجلات حاملى التأشيرات مرة أخرى، وبقدر ما تبدو هذه الخطوة محاولة لمراجعة العلاقات الأمريكية مع دول العالم الأخرى، إلا أنها فى الحقيقة مراجعة لسياسات أمريكية سابقة بدأت ترتد فى وجهها، فتنظيم «داعش» الإرهابي، ومن قبله تنظيم «القاعدة»، ما هما فى واقع الأمر سوى صنيعة أمريكية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط والسيطرة على ثرواته، وهذا ما اعترفت به هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وأكده ترامب نفسه فيما بعد خلال حملته الانتخابية.

وبالتالي، فإن ما يحدث فى العراق وسوريا – وهما من الدول التى شملها الحظر - من إرهاب ودمار هو بتدبير وتنفيذ أمريكا وحلفائها الأوروبيين. فالإرهاب الدولى لم يكن له وجود قبل أن تقرر أمريكا التصدى لروسيا فى أفغانستان، وتصاعد مع تدخلها لفرض «الديمقراطية» فى مختلف دول العالم، فوباء الإرهاب أمريكي، والتصدى له يبدأ من داخل أمريكا وليس من خارجها، وعلى مدى العقود الماضية، وفرت الولايات المتحدة الملاذات الآمنة لرعاة الإرهاب الحقيقيين داخل أراضيها بدعوى الحرية والليبرالية وحقوق الإنسان.

ومن ثم، فإن القرارات الأهم التى اتخذها ترامب هى تلك التى تركز على التصدى لمدن «الملاذات الآمنة» داخل الولايات المتحدة، والتى ترفض الالتزام بالقوانين الفيدرالية فيما يتعلق بمعايير استقبال اللاجئين، وهو ما يشكل خطرا كبيرا ليس على الأمن الأمريكى فقط ولكن الأمن الدولى أيضا، فأمريكا هى الدولة الرئيسية المؤسسة للإرهاب والحاضنة له أيضا، وأغلب الإرهابيين ذهبوا فى مرحلة ما إلى الولايات المتحدة سواء ليتم تجنيدهم أو تدريبهم أو تمويلهم. والطريف فى ترامب، أن سياساته الخارجية حتى الآن لا تستند إلى الدبلوماسية المعتادة أو استخدام المناورات السياسية فى التعامل مع الدول العدو أو حتى الصديقة، وهذا ما بدا واضحا خلال تعامله مع إيران ورفضه الواضح لاستمرار العمل بالاتفاق النووي.

والسياسة نفسها لم تسلم منها المكسيك، وهى الدولة التى لم تبد يوما أى عداء لأمريكا، كما لم تسلم أستراليا من حدة ترامب الذى أغلق الهاتف فى وجه رئيس وزرائها مالكولم تيرنبول لدى بحثه أزمة اللاجئين والاتفاق حول استقبال أمريكا حصة من اللاجئين العالقين فى أستراليا.

وبقدر ما يظهر الرئيس الجديد فى صورة الزعيم المتسلط الذى يرفض التعامل بمرونة أو تقديم تنازلات، فإنه فى واقع الأمر يطبق جوهر السياسة الأمريكية التى رفضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الاعتراف بها وإن كانت تطبقها بشكل أو بآخر على أرض الواقع. فالسياسات المتشددة تجاه استقبال اللاجئين أو منح تأشيرات الدخول أو تصريحات الإقامة كان قد بدأ تطبيقها بشكل تدريجى على مدار الأعوام الماضية ، وخاصة عقب اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وبقدر ما يبدو الرئيس الأمريكى متشددا وحادا فى تطبيق سياساته، فإن هذا التشدد هو ما يسعى إليه شعوب العالم المتقدم فى أوروبا وأمريكا لحماية أنفسهم من الآخر، فحقوق الإنسان بدأت تتوارى فى فرنسا عقب اعتداءات باريس المتكررة، وألمانيا اضطرت هى الأخرى لإغلاق أبوابها فى وجه اللاجئين السوريين بعد سلاسل العنف التى تعرضت لها، كما أن بريطانيا فضلت الانعزال عن أوروبا نفسها.

إن ظهور شخصية مثل ترامب تعكس الواقع الأوروبى والأمريكى الجديد الذى ضاق ذرعا بالعالم الثانى والثالث، ويرى أن حماية مصالحه فى مثل هذه الدول لا يستوجب تقديم تنازلات أو حتى ارتداء قناع الراعى الطيب لاستقطابها.

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الديمقراطية, براءة, ديكتاتورية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع ديكتاتورية ترامب الديمقراطية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غروب الديمقراطية مع ترامب عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 08-18-2016 07:32 AM
إنتخابات الليكود مسرحية ديكتاتورية عبدالناصر محمود أخبار الكيان الصهيوني 0 01-14-2016 08:26 AM
أكذوبة الديمقراطية عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-29-2015 08:36 AM
مصر لن ترى الديمقراطية قبل 25 عامًا عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 05-09-2014 06:36 AM
نهب الديمقراطية! عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 09-27-2013 07:16 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:28 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59