#1  
قديم 05-30-2015, 11:54 AM
الصورة الرمزية صابرة
صابرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 8,880
افتراضي أسباب حياة القلب وأغذيته النافعة


اعلم أن الطاعات لازمة لحياة قلب العبد لزوم الطعام والشراب لحياة الجسد، وجميع المعاصي بمثابة الأطعمة المسمومة التي تفسد القلب ولابد، والعبد محتاج إلى عبادة ربه عزّ وجلّ فقير إليه فقراً ذاتياً، وكما يأخذ العبد بالأسباب لحياة جسده من المداومة على تناول الأغذية النافعة في أوقات متقاربة، وإذا تبين له أنه تناول طعاماً مسموماً عن طريق الخطأ أسرع في تخليص جسده من الأخلاط الرديئة، فحياة قلب العبد أوْلى بالاهتمام من جسده، فإن كانت حياة الجسد تؤهله لمعيشة غير منغصة بالمرض في الدنيا، فحياة القلب تؤهله لحياة طيبة في الدنيا وسعادة غير محدودة في الآخرة، وكذلك موت الجسد يقطعه عن الدنيا، وموت القلب تبقى آلامه أبد الآباد.
وقال أحد الصالحين: " يا عجباً من الناس يبكون على من مات جسدهُ ولا يبكون على من مات قلبه وهو أشد "، فإذن الطاعات كلها لازمة لحياة القلب وتخص هذه بالذكر - لضرورتها لقلب العبد وشدة الحاجة إليها - ذكر الله عز وجل، وتلاوة القرآن، والاستغفار، والدعاء، والصلاة على النبي – عليه الصلاة والسلام - وقيام الليل.
1- ذكر الله وتلاوة القرآن:
وضرورة الذكر للقلب كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - : " الذكر للقلب كالماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا أخرج من الماء"، وقد ذكر الإمام شمس الدين ابن القيّم ما يقرب من ثمانين فائدة في كتابه : " الوابل الصيب "، فننقل بعضها بإذن الله تعالى، وننصح بالعودة إلى الكتاب المذكور لعظيم نفعه، ومن هذه الفوائد :
أن الذكر قوت القلب والروح، فإذا فقه العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته، ومنها أنه يطرد الشيطان ويقمعه، ويكسره، ويرضى الرحمن عزّ وجلّ ويزيل الهمّ والغمّ عن القلب، وي*** له الفرح والسرور والبسط، وينور القلب والوجه، ويكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، ويورثه محبة الله عزّ وجل، وتقواه، والإنابة إليه، وكذلك يورث العبدّ ذكر الله عزّ وجل، كما قال تعالى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } ( البقرة : الآية 152 ).
ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلاً وشرفاً ويورث جلاء القلب من الغفلة، ويحط الخطايا.
ورغم أنه من أيسر العبادات، العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال.
عن أبى هريرة أن رسول الله - صل الله عليه وسلم- قال: " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، في اليوم مائة مرة كانت له عدل عشرة رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ". (1).[1]
وعن جابر عن النبي – عليه الصلاة والسلام - قال: " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة "(2)[2].وقال ابن مسعود: " لأن أسبح الله تعالى تسبيحات أحب إليّ من أن أنفق عددهم دنانير في سبيل الله عزّ وجلّ ".
والذكر دواء لقسوة القلوب، كما قال رجل للحسن : يا أبا سعيد : أشكو إليك قسوة قلبي، قال : " أذبه بالذكر"، وقال مكحول : " ذكر الله شفاءٌ وذكر الناس داءٌ "، قال رجل لسلمان: أي الأعمال أفضل ؟ فقال : أما تقرأ القرآن { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } ( العنكبوت : الآية : 45 ).
وعن أبى موسى عن النبي - صل الله عليه وسلم- قال: " مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت " (3).[3]
ودوام الذكر تكثير لشهود العبد يوم القيامة، وسبب لاشتغال العبد عن الكلام الباطل من الغيبة والنميمة وغير ذلك، فإما لسان ذاكر وإما لسان لاغِ، فمن فُتح له بابُ الذكر فقد فُتح له بابُ الدخول على الله عز وجل، فليتطهر وليدخل على ربه عز وجل، يجد عنده ما يريد، فإن وجد ربه عز وجل وجد كل شيء، وإن فاته ربه عز وجل فاته كل شيء.
وللذكر أنواع : منها : ذكر أسماء الله عز وجل، وصفاته، ومدحه، والثناء عليه بها، نحو : " سبحان الله "، و " الحمد الله "، و " لا إله إلا الله "، ومنها: الخبر عن الله عز وجل بأحكام أسمائه وصفاته، نحو : الله عز وجلّ يسمع أصوات عباده ويرى حركاتهم، ومنها : ذكر الأمر والنهي كأن تقول : إن الله عز وجل أمر بكذا، ونهى عن كذا.
ومن ذكره سبحانه وتعالى ذكرُ آلائه وإحسانه، وأفضل الذكر تلاوة القرآن، وذلك لتضمنه لأدوية القلب وعلاجه من جميع الأمراض، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ } ( يونس : الآية : 57 ).
وقال الله تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } ( الإسراء : الآية : 82 )
وأمراض القلب تجمعها أمراض الشبهات والشهوات،والقرآن شفاء للنوعين، ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل فتزول أمراض الشبه المفيدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هي.
من درس القرآن وخالط قلبه أبصر الحق والباطل وميزّ بينهما، كما يميز بعينيه بين الليل والنهار، وأما شفاؤه لمرض الشهوات فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة، بالتزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة.
وبالجملة فأنفع شيء للعبد هو ذكر الله عزّ وجلّ : { أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } ( الرعد :28).
وأفضل الذكر تلاوة كتاب الله عزّ وجل ّ.
قال الله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } ( فاطر :29 - 30).
وعن عثمان قال: قال رسول الله- صل الله عليه وسلم-: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " [4].[4]
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله- صل الله عليه وسلم- :" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر فيه مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " [5].[5]
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله- صل الله عليه وسلم-: " إن من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " [6].[6]
وقال خباب: " تقرب إلى الله ما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه ".
وقال عثمان بن عفان: " لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم ".
وقال ابن مسعود: " من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن، فإن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله ".

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
" يا الله أنتَ قوتي وثباتي وأنا غصنٌ هَزيل "
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أسباب, النافعة, القمة, حياة, وأغذيته


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أسباب حياة القلب وأغذيته النافعة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القلب .. وما أدراك ما القلب ؟! صباح الورد شذرات إسلامية 0 12-25-2013 10:26 AM
ملياردير يترك حياة الترف في دبي ويعيش حياة عامل عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 07-13-2013 04:30 AM
معلومات عن الحشرات النافعة والضارة Eng.Jordan رواق الثقافة 0 02-05-2013 01:50 PM
دليل النباتات النافعة -ترجمة: محمد الدنيا Eng.Jordan رواق الثقافة 0 11-03-2012 11:29 AM
أسباب كثرة النوم Eng.Jordan الملتقى العام 2 06-30-2012 10:08 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:18 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59