#1  
قديم 06-21-2013, 03:41 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي أحداث بلاد طرابلس الشام





1015هـ/ 1016هـ
للدكتور عَدنان البخيت

[IMG]file:///C:\Users\user\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\c lip_image001.gif[/IMG]1606م/ 1607م
بُعَيدَ نهاية القرن السادس عشر الميلادي بدأت السلطنة العثمانية تعاني من أسباب الضعف والانحطاط([1])؛ ومن مظاهر هذا الضعف كثرة حركات العصيان التي أصبحت تلفّ مختلف الولايات العثمانية، حيث كان من أبرزها الحركة الجلالية التي اكتسحت بلاد الأناضول، مستغلَّةً المظالم الاجتماعية التي كانت قد لحقت بِرِيف تلك الهضبة([2]). ولم تكن هذه الحركة لِتَمُرَّ دون أن تترك لها أثراً على المناطق الشامية، خاصّةً المحاذية لها كحلب وبلاد طرابلس الشام([3]). ولعلّه من المفيد هنا أن نتذكّر أن السَلْطَنة العثمانية، انسجاماً مع سياستها التقليدية([4])، لم تُلْغِ الزعامات المحلّية المتعاونة معها في بلاد الشام بعد ضَمّ هذه البلاد إلى الدولة العثمانية في عهد السلطان سليم الأول، بعد معركة مرج دابق (25 رجب 922هـ/ 24 آب 1516م)، إذ إن معظم هذه الزعامات حافظت على وجودها مُستكينةً إِبّان قوّة الدولة ضمن الإطار العثماني. إلا أنها بدأت تتحرّك في الربع الأخير من القرن السادس عشر، لِتُوَسِّع من دائرة نفوذها على حساب السلطة العثمانية المحّلية، ولكنْ ليس بقصد الاستقلال عن السلطنة العثمانية. ولقد استفادت من انشغال الدولة العثمانية في حروبها الطويلة المستديمة على الجبهتين الصفوية والنمساوية، بالإضافة إلى الخسائر التي تكبَّدها العثمانيون في إخضاع حركات التمّرد والعصيان في اليمن وفي غيرها([5]) من بلدان سلطنتهم. كما أنه كان قد تَرَتَّب على انتصار تحالُف البابوية وإسبانيا والبندقية في معركة ليبانتو Lepanto البحرية، في السابع من تشرين الأول سنة 1571م، أن قوَّة الدولة العثمانية البحرية، من حيث العَدد والعُدّة والنوعية والحالة النفسية، قد أصبحت دون مستوى الأساطيل الأوروبية([6])، وأن الدول الأوروبية، خاصة الكاثوليكية منها، قد عاودتها من جديد الفكرة الصليبية المستَهدِفَة استخلاص فلسطين من أيدي المسلمين، ولكنْ هذه المرة ليس بإرسال حملات من أوروبا، بل بالاعتماد على بعض القوى المحلّية من الأقليات العِرْقيّة والمذهبيّة لتنفيذ هذا المخطط([7]). وكان من أبرز هذه القوى الأُسرة المعنية الدرزية، والأُسرة الجانبولاطية الكردية في كلس واعزاز. ولقد وَسَّعت الأسرة الأخيرة من دائرة نفوذها، بحيث أُنيطت ولاية حلب في مطلع القرن السابع عشر بزعيمها، آنذاك، حسين باشا جانبلاط، الذي نتيجةً لتلكُّئه في الانضمام إلى حملة الوزير سنان باشا جغال زاده ضد الشاه عباس الأول (996هـ/ 1588م - 1038هـ/ 1629م) أمر الوزيرُ المذكور بقتله في بلده وان التركية سنة 1014هـ/ 1605م([8]).
ولما وصل خبر مقتله إلى حلب ثار ابن أخيه علي جانبلاط، "ورفع علم العصيان، وجَمَعَ الطائفة الذين يقال لهم السكبانية حتى صار عنده منهم ما يزيد على عشرة آلاف، ومنع مال السلطنة([9])". في أثناء ذلك كانت قوات الدولة العثمانية مشغولة في حرب ضروس مع إمبراطورية النمسا، كما أن قوات الجلالية الخارجة عن طاعة السلطان كانت تصول وتجول في بلاد الأناضول؛ وكان قد سَبَق ذلك أن القوات العثمانية قد عادت خاسرة من حربها ضد الشاه عباس. في مثل تلك الظروف عرض الزعيم التركماني الأصل السنّي المذهب يوسف باشا سيفا (ت 1034هـ/ 1625م) صاحب عَكَّار، والذي كان يُوَلَّى من حين لآخر بلاد طرابلس، خدماته على السلطان، عَلَى "أن يكون أميراً على عساكر بلاد الشام، على أن تكون جمعيّته بحماة، ويلتزم بإزالة علي بك المذكور عن حلب". فلما جاءه الإذن السلطاني بذلك، أَرسل يوسف باشا إلى العساكر العثمانية في دمشق وفي غيرها من القلاع لملاقاته عند حماة. وعند التقاء الجانبين تَمَكَّن علي بك ابن جانبلاط بسهولة تلفت النظر من إلحاق الهزيمة بالعساكر العثمانية بقيادة يوسف باشا سيفا، الذي تَوَجَّه إلى طرابلس الشام ليهرب منها بأمواله إلى جزيرة قبرس، ومنها إلى حيفا، ملتجئاً إلى الأمير أحمد الحارثي. ومن هناك عادة إلى دمشق ليهرب منها إلى طرابلس، مقرّ سلطته.
ولحسن الحظ يتوافر لدينا نَصّان لشاهِدَي عيان لتلك الأحداث. صاحب النص الأول، ويعرف باسم مصطفى بن جمال الدين ابن كرامة، من أهالي طرابلس الشام، كتب تعليقة حول ما أصاب مدينته نتيجة لحركة علي بن جانبلاط؛ والنَصّ الثاني للمؤرخ الدمشقي الشيخ حسن بن محمد البوريني (ت 1024هـ/ 1615م) الذي يصف لنا دقائق تلك الأحداث ومجرياتها كما كان يراها من دمشق. والنَصّان يكملان ويَعْضُدان بعضهما البعض، ومن هنا جاءت ضرورة نشرهما معاً، حيث إنهما ما زالا مخطوطين.
والذي يُهِمّنا هنا أن التعليقة التي بين أيدينا تُصَوِّر لنا مشاعر أحد أبناء طرابلس، قاعدة السُنَّة، ضمن إطار من الأقليات الإسلامية والمسيحية، كما أنها تبين مدى الولاء القوي من جانب الرعية للسلطان، حيث إنَّ مَن عصاه "قد أطاع الشيطان". وتُصَوِّر لنا كذلك نظرة أهالي طرابلس ليوسف باشا سيفا؛ وهي نظرة احترام، لأنّ معظم المصادر المتداوَلة بين أيدينا والمعروفة لدينا، كتاريخ الأزمنة للبطريرك اسطفان الدويهي (ت 1699م) وتاريخ الأمير حيدر أحمد الشهابي (ت 1835) وأخبار الأعيان في جبل لبنان، لطَنّوس الشدياق (ت 1861م)، وقد اعتمدت المؤرخ السنّي، الشيخ أحمد بن محمد الخالدي الصفدي (ت 1034هـ/ 1624م) الذي كان معبِّراً عن وجهة نظر فخر الدين المعني الدرزي المتعاون مع العناصر المسيحية، خاصة المارونية منها؛ بينما يوسف باشا سيفا، كان سنّياً ينعم بثقة ودعم الدولة العثمانية له، رُبّما إلى درجة أن السكان كانوا ينظرون إليه على أنه رجل الدولة و****ها([10]). كما أن هذه التعليقة تُبَيِّن لنا أن قسماً من أهالي طرابلس الشام كانوا قد هَجَروا مدينتهم وركبوا البحر، لعلمهم أن القوى المهاجمة هي قوى عاصية خارجة على طاعة السلطان، خاصة وأن قسماً منها كان درزياً بقيادة فخر الدين المعني. ومما زاد في حراجة موقفهم، أن ذلك جاء في الوقت الذي كانت فيه الدولة مشغولة في اجتثاث الجلاليّة، ومشتبكة في حرب مع النمسا، بالإضافة إلى هزيمة العثمانيين أمام الشاه عباس الأول، وما ترك ذلك من خيبة ومرارة. فلم يعد لدى سُكّان طرابلس من حيلة إلا الهروب إلى أقرب الجزر.
يُعَرِّف صاحب هذه التعليقة نفسه بإيجاز كبير حيث يصف نفسه بقوله: " ... العبد الفقير مصطفى بن جمال الدين المدعو بابن كرامة". وعند العودة إلى مخطوط لطف السمر وقطف الثمر من تراجم الطبقة الأولى من القرن الحادي عشر([11])، لنجم الدين محمد الغزي (ت 1061هـ/ 1650م) والقسم غير المنشور من تراجم الأعيان من أبناء الزمان([12])، للحسن بن محمد البوريني، (ت 1024ه/ 1615م)، وخلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، لمحمد أمين الدين المحبي (ت 1111هـ/ 1699م)، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب، لعبدالحي بن العماد الحنبلي (ت 1089هـ/ 1678م) فإننا لا نعثر على ذكر لهذا الشخص. زيادة على ذلك فإن خير الدين الزركلي وعمر رضا كحالة لا يذكرانه في معجميها. وأما الرحالة رمضان بن موسى بن أحمد المعروف بالعطيفي الدمشقي الحنفي (ت 1095ه/ 1684م) الذي زار طرابلس الشام سنة 1043ه/ 1634م فإنه لا يذكر اسم هذا الشخص من ضمن العلماء الذين قابلهم في أثناء إقامته في طرابلس([13]). إلا أن الشيخ والقطب الصوفي عبدالغني النابلسي (ت 1143ه/ 1731م) يذكر في التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، التي دَوَّن فيها أخبار رحلته في سنة 1112ه/ 1700م إلى طرابلس، أنّ مِن بين من لقيه "... الشيخ الفاضل والبارع الكامل الشيخ علي بن كرامة"، ويذكر في مكان آخر أن عليّ بن كرامة قد زاره: "فزارنا في هذا اليوم أيضاً عدّةٌ من الأفاضل المكرّمين والعلماء المدّرسين، منهم الشيخ الفاضل حاوي الفضائل الشيخ علي بن كرامة". ويضيف أن عليّاً هذا قد زاره مرة ثالثة([14]). وعند العودة إلى كتاب تراجم علماء طرابلس وأدبائها، لعبدالله حبيب نوفل (ت 1947م)، لا نجد ذكر المصطفى بن جمال الدين بن كرامة هذا، بل لأفراد آخرين كعمر بن مصطفى أبي اللطف (ت 1160ه/ 1747م) ومصطفى بن عبدالحميد كرامة([15]). وإذا ما رجعنا إلى التعليقة نفسها فإننا نلمس، من ثناياها ومن لغتها، أن مصطفى هذا كان على مستوى جيّد من حيث تَمَكُّنه من اللغة العربية، وأن له ولداً اسمه عمر، وَقَعَ معه في الأسر؛ وما عدا ذلك فإن المعلومات التي يوردها عن نفسه تكاد تكون شبه معدومة.
إن هذه التعليقة المصنَّفة ضمن مجموعة LevinusWarner([16])، (ت 22 حزيران 1665م)، قنصل هولندا في إسطنبول، مسجَّلة في مكتبة جامعة ليدن تحت رقم (1) Cod. Or. 944 ([17])، وهي تقع في أربع ورقات، ومجموع أَسطُرها مائة وأربعة وسبعون سطراً مكتوبة بخط اعتيادي، ومدونة بتاريخ 1016ه/ 1606م، وعلى الأرجح أنها النسخة الأُمّ، حيث لم أَعثُر على أية إشارة أخرى عنها في بقية فهارس المخطوطات المنشورة، وعلى الغالب أنها وصلت فارنر بإسطنبول عن طريق حلب، بواسطة محمد بن عمر العرضي الحلبي (ت 1071ه/ 1660م)، الذي كان قد اتصل بفارنر، وكان يشتري له المخطوطات العربية ويُزَوِّده بها([18])، أو عن طريق فردريك أخي فارنر، الذي كان قد عمل لفترة قصيرة كقنصل لهولندا في حلب([19])، ممّا يدلّ على أن فارنر كان على اتصال بحلب، على مستوى النشاط التجاري، وكذلك على مستوى تُجّار المخطوطات التي شُغِف بشرائها.
تعليقة مصطفى بن جمال الدين بن كرامة حول أحداث سنة 1015ه/ 1016ه 1606م/ 1607م.
تعليقة تتضمن ذكر أَسرِنا عند الكفّار والسبب الداعي للفرار وما أحل الله بالباغي من الويل والدمار، والحمد لله الملك القهار والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه السادة الأخيار آناء الليل وأطراف النهار صلاة تمحو عن قائلها الأوزار.
"بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وحسبي الله "ونعم ال****"([20]). الحمد لله الذي وعد الصابرين المراتب العلية وألهمهم الشكر فنالوا به أعظم مزية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تدفع عَنّا كُلَّ بَلِيَّة، وتورثنا سعادة أبدية سرمدية، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله القائم بأعباء الرسالة وأمر الرعية، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المنعوتين بمكارم الأخلاق والصفات البهية صلاة دائمة متوالية يتضاعف ثوابها كل بكرة وعشية. أما بعد فيقول العبد الفقير مصطفى بن جمال الدين المدعو بابن كرامة أجاره الله من الزلل والندامة:
لما كان بتاريخ أوائل شهر صفر سنة خمس عشرة بعد الألف وقد حصل على الديار الطرابلسية ما هو ليس بقابل للوصف، ورد أمر من ظل الله في أرضه القائم بسنّته وفرضه المؤتمن على حقّه واليد المبسوطة على خلقه، مَن احتباه الله لوراثة الرسالة وجعل طاعته فريقاً بين الهدى والضلالة لا دنيا إلا به ومعه ولا دين إلا لمن والاه وتبعه، كافل الأُمّة وراعيها وسايس الملّة وحاميها، نظام الجملة وجلاء الغمة ورباط النعمة، من عصى السلطان فقد أطاع الشيطان، من شايعه حمد في يومه وغده ورعى من العيش في أرغده ومن نابذه صار في خسران وعانقه الخذلان، جعل الله رايته العليا وآيته الكبرا، ما تسابح القمران([21])، وتوالى الملوان([22])، واستقر في مكانه جبل لبنان.


بعد أن أنهي لسدّته، لا زالت الأيام طوع إرادته، أنّ علي بن جان([23]) بولاد بغى واستغنى فطغى وركب أضاليل الهوى وأباطيل المنى وأحاديث النفوس والكواذب ووساوس الآمال الخوابث، جال في تيهه وشقائه وسفاهة عقله وقلّة رأيه، ودخل في ظلمة المعصية وخرج من نور الطاعة وركب المركب الذي لا بد أن يترجل راكبه بل ينخذل فارسه، مَدَّ يداً قصيرة ليتناول غاية بعيدة، أضلّه عماه وزلّت به قدماه، امتطى ظهر الاغترار وأداع دواعي البوار، أوقد ناراً للحرب بدر منها بوادر الفتنة وهزرت على يده شقاشق([24]) المحنة، فلما تقررت أحواله لديه، لا زالت حمائم النصر ترفرف بين يديه، عيّن عليه سرداراً كافل المملكة الطرابلسية([25])، لا برحت مدا الأيام من الأغيار محمية، أمير الأمرا الكرام كبير الكبرا الفخام: حضرة يوسف باشا بن سيفا([26])، أسعفه الله في أموره إسعافاً وأدام الله أيامه الزاهرة وأعلا مقامه في الدنيا والآخرة. بولايته الرعية تنام وهم آمنون ويصحون (1 أ) بوجوده مسرورون، نفوسهم في ظلال السكون وادعة، وفي رياض الأمن راتعة. فتَوَجَّه امتثالاً لأمره المطاع الواجب الاتباع نفذه الله في سائر الأقطار والبقاع ليخرجه من محروسة حلب، وجمع العساكر وحثّ بالطلب، هدى إلى اجهاد النفس في المصالح ووقفها على سبيل المراشد والمناهج([27]): بين ثَغر يُسَدّ وعضد يُشَدّ وشتات يُجَمع وخَرْق يُرقَع وذمام يؤكَّد وعهد يؤيَّد. فلما بارز في عاشر شهر ربيع خارج حماة كاتب (أ) بن جان بولاد لبعض أمراء العرب (على الهامش الاعراب) على مبلغ فأركبه هواه، هيهات ما أضلَّ فِعْلَ ذلك الشقيّ من رأي وأسوأه، تَيَمَّن الأماني الكاذبة وظن الظنون الخائبة؛ فلما تلاقى العسكران وتصادم الجيشان واصطفّ الخيل وامتلأ الحَزَن([28]) والسهل وبرقت الأبصار بشعاع السيوف وصفرت رسل الحتوف بين الصفوف ودار كأس الموت دهاقاً وعاد لقا الفريق بالفريق عناقاً، وصار الفارس أقرب من ظِلِّه والسيف أدنى للوريد من حبله، ففي ذلك المحل فرَّ الشقي الموعود بالأموال وزيَّن له الشيطان فعله وحثّه بالاستعجال وصوَّر له الأماني الفاسدة والآمال، فلما شاهد فراره العساكر صار رأي كل لصاحبه مغاير وعاد (ت) السواعد غير مساعد (ة) والأعضاء غير معاضد (ة). ولم يزل صاحب الدولة والسعادة، بلِّغه الله الحسنى وزيادة، ثابت الجنان لا تهوله (جاءت يهوله) صدمات الفرسان، وصار كلما حَرَّض من العسكر جحفلاً، يُظِهر ضعفاً وتجلجلاً، فعند ذلك تطايرت من حوله العساكر قاصدين حماة ولم يمكث معه إلا الذي رباه في حماه، فسار عند ذلك صاحب الدولة وقد ادخر سعيه ليوم لا ينفع الإنسان قوَّته ولا حوله والسما تحسد الأرض بوطيه لها في سيره والنجوم تَوَدّ لأجل الثواب لو خرَّت مع سنابك خيله، ودخل محروسة طرابلس في خامس عشر شهر ربيع الأول، وانسَرّ الناس بقدومه، لأنّه عليه المعوَّل.
وأما ابن جان بولاد طاوع شيطانه إذ أضلّه وزلّ معه حين استزلَّه أبى إلّا امتداد عنانه في الانقياد لشيطانه، واستنفاذ قواه في الاستسلام لهواه، فدعا ابن معن([29]) فاستجاب لدعائه وأسرع لندائه، وسوَّل لهم الشيطا (ن) تسويلاً واستغواهم تَغَرُّراً وتضليلاً وحَبّب إليهم العناد حتى شيط بلحمهم ودمهم وكره إليهم الرشاد حتى ألقوه وراء ظهرهم وصافح بينهم (1 ب) فغادرهم رهيناً وقارنهم وسا (ء) قريناً. ولم يزل يلحم في أسفاح الشحنا (ء) وهم له يجيبون حتى وصلوا ظاهر طرابلس ونزلوا بأرض الجون([30])، جعلوا يغيرون وينشرون من الفتن ما ينشرون، لا عن الدما (ء) كَفّوا ولا عن المحارم عَفّوا، ما الذئب بالقياس إليهم إلا من الضالحين ولا الحَجّاج في العراق معهم إلا أول العادلين ولا فرعون في بني إسرائيل إذا قابلته بهم إلا من المقربين، ما تركوا للرعايا فضة إلا فَضّوها ولا ذهباً إلا ذهبوا به ولا ضيعة إلا أضاعوها ولا فرساً إلا افترسوه، توالت مظالمهم وظلمهم واتّصلت غائمهم وغَمُّهم؛ عَيَّنوا درويش بن جان بولاد([31]) مع شرذمة هي فراش النار وأوباش الأمصار فتتابعت إليه كلاب الغارة الشعوا (ء) وتعاوت لديه ذئاب الفتنة الصمّا (ء). دخل طرابلس في أواخر شهر ربيع، فالأعيان من أهلها دخلوا السفن والبعض آوى (جاءت آوا) إلى حصن منيع دخلها بمن لفَّ لَفّيته وصافح على الضلال لكفته من أشياع الغواية وأتباع الغباوة أولئك الكلاب العاوية والعصبة الضالة الباغية، لا يقيمون له وزناً ولا يمتثلون له اذناً وإنما صار لهم سُلَّماً على الأموال المستهلكة والموارد المُرْدِيَة المهلكة. وفي صبيحة نهار السبت رابع عشرى ربيع سافر بعض المراكب فبكت لمصابهم الأرض والكواكب قاصدين الجزيرة([32]) والناس تبكي بأدمع غزيرة. فلما أسفر نهار الأحد وكان يوم يشيب فيه لهوله الغراب والولد، غلايين([33])، النصارى عليها أقبلت، فالعقول طارت والدموع فارت والأصوات قد علت لهذه النازلة الهائلة والفظيعة والحادثة الكارثة، يا لها من مصيبة لا يداوي كَلْمها آسٍ، ولا يسدّ ثلمها تَناسٍ، ففي لمحة أدركونا، وضربونا بالمكاحل الطيّارة فأهالونا وبِشَرَر نارهم ألهبونا وأحاطوا بنا فأخذونا. كان في السفينة من المسلمين مائتا (جاءت ماتا) نفر وسبعة أنفار رجال ونساء وأطفال، عبيد وأحرار صاروا بأجمعهم في قبضة الحربيين الكُفار الأشقياء الفُجّار بين مقتول، نقل الله روحه إلى دار السلام، وأسير موثق بين أيدي الكَفَرة اللئام وجريح تَمَثَّل له الأجل فقال لسان حاله هذا أقصى المرام؛ ما الحيلة وقد حصل القضا (ء) ونزل البلا (ء) وكُتِب الرضى والتسليم ونحن به آمنون لا حول ولا قوّة إلا بالله "إنا لله وإنا إليه راجعون"([34])، لا نسخط لقدرة الله وهو عدل ولا نتنكر (2 أ) لقضاء الله وهو فصل ومن عنده الفضل، يولي ويبلي ويسلب ويعطي له الخلق وفعله الحق، أمر الله سبحانه وتعالى لا يقابل إلا بالرضى والصبر على ما قضى وأمضى، علماً بأن مقاديره لا تجرى إلا على موجبات الحكمة وتدبيره لا يخلو من باطن المصلحة وظاهر النعمة.
استمرَّينا بذلك الأسر نكابد المشقات والقهر بقلب هلوع، وروع مروع نبكي على أيامنا الماضيات ونحسد من تقدَّمنا من الأموات. ثم لما تجلَّت عنا غمة الخطوب ودارت لنا بشاير الرضا من المحبوب وانشقّت سحابة محنته وتجلّت غمرة كربته وطلعت نجوم إرادته وهطلت سحابة سعادته وأذن الله سبحانه وتعالى بإخراجنا من الضيق إلى السعة ومن الانزعاج إلى الدعة، ألقى (جاءت ألقا) الله سبحانه وتعالى الرأفة في قلب ذلك العلج النصراني فأمرني بالخروج إلى محروسة صيدا في ثامن عشرى شهر ربيع الثاني وطلب فدوى(عني) وعن ثلاثة وعشرين نسمة ضممتهم إلي من الأهالي: نساء وأطفال أربعة آلاف وثمانمائة ذهباً عال، فعاهدته على ذلك وأسرعت بالذهاب من غير تكاسل ولا إهمال مستجيراً برسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل مستشفعاً مستغيثاً متوسلاً به في البكور والآصال، فأعطف الله الكبير المتعال على هذا الضعيف قلوب سراة ذي أموال، أعطونا تلك (جاءت ذلك) العشرة بخمسة عشر إلى مضيّ شهرين، فقبلت منهم على ذا الحكم جميع ذلك الغبن ثم قالوا نحن سخينا بمالنا عليك فلا تدعنا نطالبك، نحيل بكتابك على من يكاتبك؛ فشكرت فعلهم ومدحت فضلهم وقلت: هذه المداينة لا أعدها إلا كأنها عطية وهي عندي بمنزلة الهدية وإنشا (ء) الله قبل تمام المدة نوصلكم جميع هذه العدة، ثم إني قبضت تلك (جاءت ذلك) النقود بالتمام والكمال وأقبضتها للحربيين فأخرجوا في الحين جميع العيال. فلما شاهدتُ الولد الأعزّ عمر لطف الله به وبفضله له غمر تهللت مني وجوه الأنس وكانت قبل عابسة وأورقت (جاءت وأورق) غصون من الفرج بعد أن كانت يابسة. ثم في أوائل شهر جمادي أول دخلنا محروسة بيروت أقمنا برهة من الزمان. وفي غُرّة شهر شعبان من السنة المزبور (ة) جئنا (2 ب) إلى الأوطان فلاح لنا النجاح وانتشر نوره وأومض برق الفلاح ولمعت تباشيره فوجدنا صاحب الدولة والسعادة حضرة يوسف باشا بلغه الله من خيري الدنيا والأخرى ما يشا (ء) دخل الديار الطرابلسية وحكمها، ومن أيدي الخوارج والبغاة قد أنقذها، وقطع عروق البغاة أهل العناد واطلع فيها كواكب السداد. فكأنما بُدِّلَت من الظلمة نوراً، وأعقبت من موتها نشوراً.
ونرجع إلى ذكر الباحث عن مديته المتعجل إلى انقطاع مدته. بسط يده في المظالم يحتقبها والمحارم يرتكبها وضرب على أهالي حلب ضرايب ضربت الأموال بالتمحيق والبضائع بالتمزيق. تلك البلاد تلهبت بجمرات ظلمه، وتنهّبت ببدرات([35]) غشمه فالمحارم مهتوكة والدما (ء) مسفوكة ولسان الحال يقول: قد يكون للباطل دولة وللفساد صولة، ثم يأتي من الانتقام والاصطلام، ما يسقط الهام على الأقدام، أما علم أن العزيمة من أمير المؤمنين تنزل أمثاله مثلاً وتجعله لأهل الشقاق والنفاق مثلاً! أما علم أنه إذا رماه بشعبة من أفكاره ومسَّه بجذوة من ناره عاد حرصه ندماً وصار وجوده عدماً! وغُودِرَ أشياعه بدداً بل طرائق قدداً! نصب عليه سردارا الصدر الأعظم والدستور المعظم نظام العالم مدبر جمهور بني آدم مراد باشا([36]) أدام الله إجلاله وبَلَّغه من خيرَي الدنيا والأخرى آماله، فسار إليه بأسعد الطوالع والفواتح وأيمن المحامد والمناجح فخيلت لركوبه الأرض مائجة والبحار هائجة والمناجح تطرق بين يديه والميامن تسير حواليه وآيات الظفر تقرأ عليه والنصر يتراءى من ذائب أعلامه وبنوده وعناية الله محيطة على مواكبه وجنوده. ولم يزل سائراً والسعود تواكبه ولطائف (جاءت الطايف) الله تصاحبه حتى قرب من مدينة حلب، فخرج علي بن جان بولاد قاصداً له بالطلب يحضره إلى مصرعه الأغاليل ويعجله إلى هلكه الأباطيل، حدتهم (؟) لاستعجال (جاءت الاستعجال) الآجال، وتصورت لهم المنايا في سور الأماني والآمال، ساروا وآجالهم تفسح في مطامعهم ومناياهم تحثّ خطاهم إلى مصارعهم. نقلهم الله بأقدامهم إلى مصارع حمامهم (3 أ) فلما التقوا وكان ذلك في شهر جمادى الآخرة دارت على أعدا (ء) الله به الدائرة من شهور سنة ست عشرة بعد الألف. وما أحلّ الله بهم من الانتقام ما شبّ عن طوق الوصف وعلت ريح الإقبال "لحزب الله"([37])، وذرت ريح الأدبار على أعدا "حزب الله" متعهدون بالمنايح الزهر وأعدا (ء) الله بوزر المعاندين ازداد "حزب الله" شدة مراس وقوة بأس وثبات مقام، وصدق انتقام، وأعدا (ء) الله انقلبت مواكبها وتضعضعت مراكبها وانخفض بيارقها لما شاهدوا الرايات المنصورة تزحف إليهم زحفاً، ملأت قلوبهم رجفاً وهي تخفق بالنجح، والطبول تنطق بالفتح، أمر بتسوية الصفوف التي لا فلول يعتريها ولا رجوف، وجعل الجيوش ميامن يقاربها اليمن والنجاح، ومياسر اقتضت اليسر والفلاح، وصار هو وقوداه قلباً قالباً لمن قابله وناكساً لمن واجهه. فحين ترآى الجمعان وأفضى الأمر إلى قرب العيان والتهبت جمرة الضراب والطعان التقى الجمع بالجمع وقرع النبع بالنبع([38]) وبلغت القلوب الحناجر وشافهت المناحر المناخر فعند ذلك صمتت الألسنة وخَطَبت السيوف على المنابر واستمخرت([39]) سمر الرماح وتصافحت بيض الصفاح بلغ "حزب الله" من اقتناص الأعدا (ء) أقصى المبالغ ووطئوهم وطء القانع الدافع زحموا الأعدا (ء) من جوانبهم وتمكنوا من نقض مواكبهم فضاق بهم المجال وتحكّمت بهم الآجال فلم تَرَ (جاءت ترا) إلا رؤوساً تندر ودماً تهدر وأعضا (ء) تتطاير وأجساماً تتزايل، أوسعهم ضرباً وشقّاً وطعناً ورشقاً وجرحاً وزرقاً؛ وطئوهم بسنابك الخيل وتركوهم كجفا (ء) السيل صبوا عليهم سوط (جاءت صوط) (عذاب) فأسلموهم لعوداي بتار وتباب بين قتيل عجل الله بروحه إلى دار جزائه وأسير قد أوثقه ما ارتكب من سوء رأيه، وابن جان بولاد نكص على عقبه وقد كادت صروف الأيام تفترسه وبأنيابها تنتهشه، ولم ينج إلا بشرذمة لاذت بذمّة الهرب ولن يفوتوا يد الطلب، أطار الرعب قلوبهم وسكن الخوف لبهم، خرجوا من تحت طي السيوف وقد شارفتهم، وشبا([40]) الحتوف وقد شافهتهم، ولم يزل دائراً في البلاد ليجد من يعينه على البغي والعناد فلم يجد (3 ب) له مساعد ولا خل معاضد، فأحب عند ذلك قرب الموت لما رأى من ضيق العيش وبعد الأوطان وقهر الجيش، ودخل على بعض البغاة فأراد (جاءت فارد) بعضهم أن يوثقه ويجعله أسيراً وبعضهم ظاهره وكان في خلاصه نصيراً. فانهزم وقصد الاعتاب العلّية والسدّة العالية السنيّة في سابع عشرى شهر رمضان سنة ست عشرة بعد الألف من هجرة سيد ولد عدنان يلتمس العفو، وَرَمَقُه على تَلَف وشفاهته على شرف، فأُخِّر لأَجَل مضروب وانسىء لأَمل مكتوب.
وأما "حزب الله" عادوا منصورين مؤيدين موفورين لم يَمَسَّهم جِراح ولا عضّهم سلاح، غنموا أموالهم التي لم يؤدوا منها حقاً معلوماً ولم يغنوا منها سائلاً ولا محروماً، ودخل الصدر الأعظم مدينة حلب والزمان ضاحك متظاهر البشر من الفتح الذي نطقت به ألسنةُ الشكر وفتحت له أبواب البشر، والممالك ملأى (جاءت مليء) تهاني وبشارات والأوليا شورى بين أفراح ومسرات، وسلمت قلعة حلب الشهبا بعد دخوله بثلاثة أيام من غير حصار ولا اهتمام لعظيم سطوته (جاءت حطوته)، منحة من الكبير المتعال، عَرَتهم هزّة وتحكّمت بهم الأوجال، طلبوا الذين (جاءت الذي) كانوا في القلعة الامان فأعطاهم، فنزلوا على أسوأ الأحوال، هناه الله بالطوالع السعيدة عند نهضته ودلت عليه البشائر الحميدة في سفرته وقد دانت له الطوائف وآمن به الخائف. كان حلوله بمركز غرة الديمة الوطفا عن السنة الشبها والنور المنتشر بعد الظلام المعتكر، انحسرت الغمّة بتلألؤ جبينه ودرت النعمة بأخلاق يمينه فأصبح العدل ممدود الرواق والسلطان نصره الله ساطع الإشراق، محروساً بعين عناية الملك الخلاق الواضع قدمه على ناصية الشمس، الساحق بضيائه أنوار البدر، الضارب برواقه من فوق النجم، المبسوط بين المغربين شعاعه الممدود على الخافقين شراعه؛ فالله يديم له الفتح يميناً ويساراً ويزيد أعداه ذلّاً وخساراً ويجعل أعداه حصائد سيوفه ورهائن خطوب الدهر وصروفه.
ترجمة يوسف باشا سيفا للشيخ حسن بن محمد البوريني([41])
"الأمير يوسف بن سيفا وأخوه الأمير علي، قد اتفق (149ب) مسيرنا إلى طرابلس الشام فنهضت إليها من دمشق في شوال سنة ثمان وألف من الهجرة النبوية، على مهاجرها ألف ألف تحية. ومررنا على مدينة عكار([42]) فاجتمعنا بالأميرين المذكورين وكان الأمير علي له تعلق بأهداف الآداب، وتوثق من معرفته بأوثق الأسباب؛ ولعمري لقد شاهدت دولة سيفية وشهدت بسعادة يوسفية وعاينت مجداً عالياً وجوداً وافياً يشمل البعيد والقريب. وكانت بهما عكار صافية، ووعود الزمان بالمراد لمن قصدها وافية، فاشتهرت بعد الخمول وقُصِدَت حتى صارت محطّ الحمول؛ ولعمري إن الدول السيفية كانت وريفة الظلال باسمة الثغور عن عقود الاقبال. وقد مدحتُ صاحب إنشاء الدولة المذكورة، الأمير يوسف ذو السيرة المشكورة بقصيدة ميمية ومدحت أخاه عليّاً بأخرى رائية، وانصرفتُ من عكار إلى طرابلس الشام وطرفي لبرق اقبال هاتيك الديار قد شام، ورأيت في الطريق بقايا حصن يقال له عِرْقا([43]) وقد عرقه الدهر الجاير بمدية جوره عَرْقاً، وشاهدتُ تحامل الزمان على نواحيه وتشتيته لجموع ساكنيه وأهليه مع أنه من الحصون القديمة التي محت رسومه كل ديمة مستديمة. فلما دخلتُ طرابلس عجبتُ من محاسنها ورأيتُ عجايب البحر بالقرب من مساكنها ودخلتُ إليها مسا ليلة الأحد من أواسط ذي القعدة المنتظم في سلك شهور سنة ثمان بعد الألف من هجرة خير الأنام عليه من الله الصلاة والسلام. ونزلتُ في منزل **** الأمير علي اليوسفي السيفي وهو المسمى بعلي بن المقدم، وكان بين جماعته هو المشكور المقدم وكان النزول عنده بإشارة أستاذه المذكور بل بأمره الذي يطيعه كل مأمور، فأكرمنا إكراماً وواصل إلينا انعاماً وحبانا ألطافاً ومَنَّ علينا إسعاداً وإسعافاً، وحضر إلينا علماء طرابلس مسلّمين ولدعوى العلم من جانبنا مسلمين. وقد صدر أن الأمير يوسف بن سيفا حاكم مدينة طرابلس صاحب هذه الترجمة أرسل في أواسط سنة خمسة عشر بعد الألف إلى باب السلطنة العلية بقسطنطينية المحمية يتطلب حكماً سلطانياً منشوراً خاقانياً، بأن يكون رأس العساكر الشاميَّة وأمير الأمرا في هاتيك الولاية السنية لينتقم من علي بيك ابن الأمير أحمد بن جان بلاد الخارج بحلب الشهبا الذي تباعد عن الطاعة وأبى؛ فأجيب على ذلك، وظَنَّ السلطان أيده الله تعالى أنه قادر على ما هنالك وأرسل إليه الحكم المطاع الواجب الاتباع بأن يكون رأساً على جميع العساكر ورئيساً لجميع الجماهر من حدود غزة والقدس ونابلس واللَّجُّون وعجلون والكرك إلى حدود طرابلس وجبلة واللاذقية وحمص وحماة وما هناك من الأكراد والترك والعرب، وأن يسعى على إزالة حكمه من حلب ونواحيها وأن يعيد الحكم السلطاني في البلاد المذكورة من قوادمها إلى خوافيها. فلما جاء الأمر المذكور وتَقَدَّر عنده الحكم المنشور أرسل إلى حكام البلاد العباد وراسل الأمرا في ساير البلاد فاجتمعوا في حماة وجعلها موطنه وَحِماه، وذهب هو أيضاً إليها ونصب سرادقه عليها. ونهض علي بيك من حلب إلى هناك وتقابلا وتقاولا وتجاولا، ذاك مع السكبانية الباغين وابنُ سيفا مع عساكر حضرة سلطان المسلمين، فقدَّر الله تعالى أن الكسيرة الكبيرة وقعت على جانب عسكر السلطان، وخرج سيف ابن سيفا من الأجفان ولكنه ما عاد إليها بعد الخروج، وقد قبل قدم الخروج قبل الولوج، ففر إلى الشام وما عرجوا على الخيام، فيالها (150 أ) من كسرة ما وجدوا بعدها نصره، فلما دخل علي بيك إلى مخيم الشاميين وابنِ سيفا ورأى هناك سعادة وسلاحاً ورمحاً وسيفاً، قَوِي مزاجه وعزّ مع الغير امتزاجه، فأرسل إلى ابن معن فخر الدين يطلبه للإقبال إليه بعد انكسار الشاميين. فأقبل إليه وورد عليه وكان اجتماعهما عند منبع العاصي، وكان ذلك رسماً لاجتماع العصاة من الداني والقاصي، فاتفق رأيهما أن يرسلا إلى طرابلس عسكر(ا) يأخذها من يد ابن سيفا وأتباعه؛ فعيَّنا لذلك درويش بيك ابن عم علي بيك مع جماعة لتفريق جيش ابن سيفا بعد اجتماعه، فبادر ابن سيفا إلى الهرب من شدة الخوف والرهب إلى ركوب السفينة بنفس لفراق وطنه حزينة وأبقى قلعة طرابلس حصينة بجيوش في ضمنها كمينة وجعل رأسهم مملوكه يوسف، ودعا له بالحماية من موجبات التلهُّف والتأسُّف، واتخذ سبيله في البحر سرباً وقضى الناس من فراقه لأوطانه عجباً، وأخذ معه أمواله الكثيرة وصحب محاسن أمتعته العزيزة وسار معه غالب أهل طرابلس من الرجال والنساء في مراكب متعددة وسفن في البحر متبددة فأ (ما) سفينته التي سار فيها فقد جَرَّتها الريح إلى قبرص([44]) ونواحيها، ودخل على بعض مداين الجزيرة المذكورة ولم يجد ما رامه عندما قدم عبوره فطار في السفينة بأجنحة الشراع وأقلع عن ذلك الساحل بقوادم القلاع وسار إلى الجانب القبلي ملججاً ولم يلو على طرابلس معرجاً حتى خرج من ساحل حيفا([45]) من توابع اللجون (جاءت الجون) ولم يسمع نصيحة إخوانه الذين في نصحه يَلِجّون. وأما السفينة التي حملت أمتعته المصونة واحتملت درره المكنونة فإنها صارت للنصارى غُنْماً ولقي بذهابها خسراناً وغرماً، وكاد (جاءت وكان) يقتل ****ها الذي أقامه عليها وجعله ناظراً وحافظاً لديها؛ والذاهب لا يعود والطوالع ليست متمخّضة للسعود. وأما مَن سار من رجال طرابلس ونسائها في صحبة الأمير ابن سيفا فإنهم وَجَدوا بالأَسر حَيْفاً وليتهم لو تبعوه حتى دخلوا حيفا، فأخذتهم النصارى وصاروا في قبضتهم أسارى، فكم عزيزة صارت في أيدهم ذليلة ومن مصونة أصبحت في قبضتهم بعد الصحة عليلة، وكم من عزيز في أيديهم قد ذَلَّ ومن عظيم قد احُتقِر بعد ما جَلّ؛ ولعمري إنها كانت لفضيحة قبيحة ومصيبة أصابت لعدم قبول النصيحة. ثم إن الطاغية الذي أسر نساء أهل طرابلس الشام مكث في نواحي قبرس كاسباً للآثام، وشرع يبيع النسا لرجالها، وينادي لكل فرقة وعيالها، فبلغ الناس في النسا مبلغاً عظيماً وثمناً جسيماً لكنْ مع الفضيحة الكاملة والحسرة الشاملة التي أحرقت القلوب وعَظَّمت الكروب، وكان الرجل ينظر زوجته مأسورة، ويرى جاريته منظورة والمنادي ينادي في كل نادي، فمنهم من يقدر على الفكاك ومنهم من يسقى من الإِشراك في الأَشراك، ومنهم من يَفُكّ نفسه دون أهله فيذهب عنها وقد فقد نور عقله، فكم من بِكْرٍ جميلة الصورة أصبحت في يد المشركين وهي مأسورة، وكم من غلام يفوق البدر عند التمام، وقد ناح عليه أبواه عند الفراق وذاب منهما الجسم بشديد الاحتراق، وذلك من أعظم المصايب وأشدّ النوايب. وأما ابن سيفا فإنه خرج من البحر ضيفاً عند الأمير أحمد([46]) ابن المرحوم الأمير طرباي ابن الأمير علي الحارثي، وهو الآن أمير لواء اللجون([47]) فقام إليه مكرِّماً ولنزوله معظِّماً وأظهر له ما يليق بأمثاله من أكارم الأُمرا وأُمرا الأكارم، وأبرز له ما يساوي البحار الزاخرة من المكارم؛ والحال أن ابن سيفا طَلَع إلى الأمير المذكور وليس معه من جماعته سوى سبعة رجال على ما هو مشهور (150 ب) غير أن معه من الأموال ما لا يدخل تحت الإحصا ولا يشمله الاستقصا، وأرسل علي بيك ابن جان بُلاد إلى الأمير أحمد طرباي رسالة تشتمل على ما معناه: أنك يا أمير أحمد اجتَهِد في قتل ابن سيفا وجَرِّد في قتله وقتاله رمحاً وسيفاً ولك المال بأسره وتحزُّ لنا الرأس فبادر بذلك فلا حرج عليك ولا بأس، وإن لم تفعل جوزيت منا بالعتاب أو بغاية التعزير والعقاب. فأجاب بأن هذه كلمة لا تقال، ومَن وقع في مثل هذا فعثرته لا تُقال، ليس ذلك من فعل الأمرا ولا من شأن الأعيان والكبرا؛ كيف يكون ضيفي ويناله رمحي وسيفي؟ ثم إنه بادر إلى إهداء الخيول المسوّمة([48]) وتقديم الضيافات المعظّمة وقال له مرحباً بك يا أمير وأهلاً بجودك الخطير، لو كان لي مال لقَدَّمته إليك ووضعته بين يديك، ولكن عندي خيول ليس لها مثيل ولا يشابهها جواد ولا في التمثيل، وفيها جواد جيد قوي أيد جموح أبيّ ما علا ظهره أحد بعد أبي، وهو لك مني عطية راضية مَرْضيّة ليس فيها منّة عليك بل هي نعمة منك إليك؛ ثم إنه أضافه أياماً عديدة وخَدَمَه خِدْمَةً سعيدة وأكرم مثواه وأجلّ ممشاهُ؛ ثم إنه أرسل إلى عسكر الشام يطلبهم إلى بلاد اللجون فساروا إليه ووردوا عليه، فسار معهم على طريق حوران([49]) ولم يسر على جُبّ يوسف([50]) وأرض كنعان([51]) خوفاً من الأمير فخر الدين ابن معن فإنه عَدُوُّه وعند (ە) أصحاب الضرب والطعن، فلما دخل إلى أرض الشام وجد أهلها في الخيام وهم في انتظار العساكر القادمة من الأطراف لحصول الإِسعاد منهم والإسعاف على ابن جان بلاط ومن معه من الاخلاط كابن معن ويونس([52]) ابن الحرفوش، وكلّ من باطنه خاين مغشوش؛ فإنهم لما كسروا جيوش ابن سيفا على حماه حرس كلّ منهم بيت المغرور وحماه، وقصدوا طرابلس الشام فهتكوا حريمها ولم يبق لها احترام، وأقام بها درويش ابن حبيب ابن جان بلاط مدة يفسد فيها ومن معه الاخلاط إلى أن أصبحت قاعاً صفصفاً وما عفا عن أهلها، فما هي من ظلمه عفا، لا سيّما بيوت توابع ابن سيفا فإنه قد أورثهم حيفا، اللهم إلا قلعة طرابلس المحمية فإنها نجت من حوادث البليّة، وما ذاك إلا أن يوسف مملوك ابن سيفا حماها وحصَّن ربعها وموطنها وحماها، وكان يلقي من باطن القلعة المذكورة نيراناً محرقة يخرب بها بيوت أكابر طرابلس، لا سيما بيوت التابعين لابن سيفا. ولما وصل درويش بن حبيب إلى طرابلس الشام وأوصل إلى أهلها ما قدر عليه من التعدي والآلام ذهب علي بيك ابن عمه وابن معن إلى نواحي بعلبك فأحرقوا ربضها ونهبوا المدينة وما قدروا عليه من قراها، واستمرّوا راحلين إلى أن استقرّوا في البقاع وأنزلوها في الحضيض بعد اليفاع. ولنذكر في أثناء هذه الحكاية (التي) توجب غاية النكاية، وهي أن الأمير موسى ابن الحرفوش أمير الأمراء ودار الأماجد الكبرا فخر بني حرفوش بالاتفاق، بل هو فحر أمراء الشام على الإطلاق، كرم لا يباريه الغمام وعهد صادق العقدة في غاية الإبرام وشجاعة فاقت على الأسود وأصالت على كل ذي أصل يسود، نهض من بعلبك وهو حاكمها إلى نواحي حمص مستقبلاً لابن جان بلاط وجيوشه، مداراةً عن عِرضه ومحاماةً عن أرضه، فتحادثا وتقاولا وتشاورا فيما صدر وتجاولا، فقال الأمير موسى هلّا تعطيني عهداً على الصلح به جرح الخراب يوسى، وأنا أذهب إلى الشام وآخذ لك العهد الوثيق من الأنام؟ فقال اذهب سليماً وكن يا موسى كليماً؛ فحضر إلى الشام ورمي من عسكرها بغاية الكِلام لشدّة ما أوجعوه بغيظ الكَلام ظنّاً من جهلائهم أنه عليهم، وما كان إلّا ناوياً سوق الخير إليهم، (151 أ) فلما حضر إلى أمير الأمرا قال له: بما قد جيئت على قدر يا موسى فجرِّدْ سيف عزمك لَعلَّه يُذهِب البوسى. فقال يا أمير الأمرا: ابن جان بلاط يطلب منك أن تعطوا حوران لعمرو([53]) البدوي من العرب المفارجة، والبقاع العزيزي لابن الفريخ([54]) منصور بن بكري، وأَدخِلوا كيوان([55]) إلى الشام كما كان، واكتبوا عرضاً بأن ابن جان بلاط لم يدخل إلى أرض الشام، وأن ابن معن فخر الدين يؤدي ما عليه من مال السلطان، وبلاده موصوفة بالأمان؛ فعَقَدَ أمير الأُمَرا ديواناً لهذه المطالب، التي جاء الأمير موسى وهو لها طالب، فاتفقوا على أن حوران تعطى لعمرو ولكنْ في السنة القابلة، وأما البقاع فإن إعطاءه لمنصور المذكور غير معقول، لكونه عند الرعايا غير مقبول، وأما كيوان فإنه يرجع إلى الأوطان وعليه ما على الناس من الأمان، واليمين من جانبنا لازمة لجميع الإخوان وقد كنت حاضر (ا) في الديوان بدعوة من **** السلطان، فقال أمير الأمرا وهو ال**** للفقير العليل: اكتب لنا صورة مكتوب إلى ابن جان بلاط وأخبره بما جرى عليه الاتفاق من قبول دخول كيوان والعفو عنه وعن ذنوبه، ومِن وعده باعطا (جاءت بااعطا) حوران، لعمرو في السنة القابلة، ومن الاعتذار من عدم اعطا البقاع لمنصور بن الفريخ ابن بكري. وأخِبْره بأن المحضر سيصل إليه بما طلب في حقّه وفي حقّ ابن معن. فلما انفض الديوان على ذلك وقع الاتفاق على أن يحضروا في اليوم الثاني إلى بيت رجل من الجند الشامي يقال له تركمان([56]) حسن فاجتمع الجند كلُّه في بيت المذكور ما عدا ال**** الأكبر عن السلطان وقاضي القضاة فإنهما ما حضرا ولا استحضرا. فوقع الاتفاق على كتابة مكتوب مرغوب خطاباً لعلي بيك ابن جانبلاط بما سبق من الاتفاق، وعلى كتابة ديباجة محضر بأن المذكور ما وطئ أرض الشام، وأن ابن معن يوصل مال السلطان في محله، وبلاده آمنة الطرقات. فأما المكتوب فقد كَتَبْتُه وخَتَمَه أعيان الجند، وأما المحضر فإنه عرض على الشيخ محمد بن سعد الدين([57]) فما قبل معناه ولا رضي بفحواه، وأبرق وأرعد وما وعد، بل توعد و(قال): أنا أنا لا أكتب هذا ولا أرتضيه ولا أقبله ولا أمضيه؛ فرجع الأمير موسى إلى ابن جانبلاط بغير المراد، فعند ذلك قال ابن جان بلاط ما يظهر مقامي عند جند الشام إلا بإظهار البرهان، وإظهار السيوف البارقة والخرصان([58]). وقام من يومه قاصداً بلاد بعلبك وبلاد البقاع، وتخريب الأماكن والبقاع؛ وأما الأمير موسى ابن الحرفوش فإنه استمر هارباً من ابن جانبلاط إلى دمشق فأخبرهم بأنه ترك الجماعة قصداً للموت على الطاعة، واقتضى حضوره إلى دمشق حضور جند ابن جانبلاط وحشرات ابن معن إلى بعلبك فنهبوها، وإلى من بقي من النسا والرجال ففرَّقوها، وخيَّم ابن جان بلاط وابن معن في البقاع العزيزي، وانحاز إليهم يونس بن الحرفوش ومن معه من أولاد عمه مغاضباً لحضرة الأمير الكبير ذو القدر الخطير الأمير موسى ابن عم يونس المذكور، وخرج الجند الشامي إلى الميدان الأخضر بدمشق وخيّموا هناك، واستحضروا سنجق القدس وسنجق نابلس وسنجق غزة وسنجق اللجون وسنجق عجلون، وأما صفد فإنها كانت مع فخر الدين بن معن وهو كان مع المخالفين الخارجين. ولم تزل الجند تتزايد في دمشق، وكذلك عسكر الخوارج فإنه أيضاً كان يزيد. وترددت الرسل في الصلح من الجانبين فما حصل اتفاق، واختلفت آراء الجند الشامي فمنهم من كان يميل إلى الصلح ومنهم من كان يميل إلى القتال، حتى أن ابن جان بلاط أرسل من خوارجه جماعة إلى دمشق (151 ب) يطلبون الصلح فما رضي بذلك رأس جاويشة العسكر الدمشقي، وهو محمد الشهير بابن الدزدار([59]). وخرج العسكر الشامي من الميدان الأخضر إلى مكان يسمى العراد([60]) وزحف ابن جان بلاط وابن معن ومن معهم إلى مقابلة العسكر الشامي. ومع ذلك أيضاً فإن ابن جان بلاط كان يُظِهر إرادة الصلح، فما وافق على ذلك ابن الدزدار المذكور ومن تبعه من الجند الشامي؛ والقدرة غالبة ويد الله غالبة. وفي أواسط جمادى الآخرة من شهور سنة خمس عشرة بعد الألف زحف الفريقان، ووقع بينهما القتال، فما فاتت ساعة أو قريب من ساعتين وإذا بالعسكر الشامي قد رهب فهرب، مع كثرة عدده ووفور عدده. وبالله لقد أخبرني من رأى الفريقين أن خيل أهل الشام حزرت فكانت تناهز أربعين ألف فرس، وكانت عددهم وآلة (جاءت الت) حربهم في غاية القوة والمتانة، ولكنَّ جند الله غالب وقدره سالب؛ ولما هرب أهل الشام انقسموا فرقتين: فواحدة ذهبت إلى أذرعات([61]) في أواخر أرض حوران هرباً من ابن جان بلاط وابن معن، وأخرى رجعت إلى الشام. والراجعة إلى الشام قسمان: القسم الأول ساروا متفرقين مشتتين، والقسم الثاني مكثوا في دمشق محاصرين، وغلقت الأبواب وتهيأ من بها للحراب؛ فقصدها حزب العدوّ ونهبوا ما كان خارج السور من المساجد والخانات والأسواق والدور، وانبثّ الخوارج الأشقيا في البيوت الواقعة خارج دمشق، وأخذوا الأسباب عن آخرها إلا قليلاً تَخَبّوا تحت الأرض، وأَسروا كثيراً من الأولاد وتحاموا الحريم من النسا؛ وذهب ابن سعد الدين الشيخ محمد إلى ابن جان بلاط وهو نازل على قرية المِزَّة ([62]) فما قابله بالعزة، وطلب منه حامياً يحمي محلّته المعروفة بالقبيبات([63]) فأعطاه رجلاً من السكبانية يقال له عقيل فمكث عنده حامياً بيته وحده، ولم يَحْمِ بيتاً من القبيبات سوى بيته، على أن بيته قد أخذ منه خيله وبغاله ودوابه وغالب ماله النقد، فكان الحامي يحمي لنفسه. أما أهل القبيبات فقد غُدِروا من شيخهم المذكور لأنه قال لهم: من رفع يده للقتال كان من المقتولين، فألقوا سلاحهم وظنوا أنهم يُرْحَمون بترك قتالهم؛ فما كان إلقاء السلاح إلا سبباً لخراب الديار وعدم حماية الذمار، فاجتمع عليهم الذلّ والجبن ونهبُ المال وبعض الأولاد، والله تعالى ينتقم من أهل الغرور والعناد؛ واستمرّ النهب في المحلات الخارجة عن سور دمشق ثلاثة أيام ولم يبقوا صامتاً ولا ناطقاً ولا ولداً صغيراً من أهل الإسلام، وما نجا سوى أهل محلة الشاغور([64]) فإنهم حاربوا الخوارج خارج السور وقتلوا منهم ما يزيد على ثلاثين رجلاً بالخصوص. وقد قتل من الخوارج في الأيام الثلاثة في نواحي بساتين دمشق وعلى أبوابها وبين بيوتها ما يقرب من ألفي رجل، وغالب القتل كان من شباب دمشق وأحداثها. وأما ابن سيفا فإنه ما خرج مع الجند الشامي إلى القتال، فاستمرّ محتجباً في البيوت مع النسا لا الرجال زاعماً أنه مريض؛ فلما بلغته كسر العسكر خاف وعَمَّ أعضاه الارتجاف فوزن لقاضي دمشق وبعض أعيانها ما يزيد على مائة ألف غرش، وهي التي كانت سبباً لخلاص المدينة من حصار ابن جان بلاط وابن معن؛ وذلك أنه أعطى المال المذكور وفتحت له أبواب دمشق ليلاً ونجا برأس حمراه، ونجا وخرج مع البازي عليه سواد وسار معه بعض الجند الشامي، وسار معه أيضاً المرحوم الأمير موسى ابن الحرفوش؛ ولم يزالوا معه حتى وصل إلى حصن الأكراد([65]) واستحصن به لأنه كان محفوظاً مع عمه الأمير محمود ابن سيفا. وقبض ابن جان بلاط المال (152 أ) الذي أعطاه ابن سيفا ورحل عن دمشق بعد الأيام الثلاثة، وذهب متوجهاً إلى نواحي حلب، وسيشرب في مجلسه ما *** وحلب. وللقصة تتمة مفيدة تذكر إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب بالخصوص لأنها مشروحة في فصل بها مخصوص، والله أعلم.


[1]) ) حول أسباب ضعف الدولة العثمانية في أواخر القرن السادس عشر انظر:
Lewis, Bernard, The Emergence of Modern Turkey, 2nd edition, Oxford University Press, 1968, pp. 21- 39, Inalcik, Halil, The Ottoman Empire: The Classical Age 1300- 1600, Weidenfeld and Nicolson, London, 1973, pp. 41- 52.

[2]) ) حول الحركة الجلالية انظر دراسة:
Mustafa Akdag, Turk Halkinin Dirlik Ve Duzenlik Davgasi, Bilgi Yayiniari, Ankara, 1975.
وكذلك رسالة
Griswold, W.J., Political Unrest and Rebellion in Anatolia 1605- 1609 Ph. D. Thesis, University of California, Los Angeles, 1966.

[3])) حول هذا الموضوع: انظر مزيداً من التفصيلات في الترجمة التي أوردها حسن بن محمد البوريني (ت 1024ه/ 1645م) لعبدالحليم اليازجي "الباغي الخارجي" (ت 1010ه/ 1601م)، تراجم الأعيان من أبناء الزمان، م 2، تحقيق صلاح الدين المنجد، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1959، 1963، م 2، ص259- 270، كذلك انظر: المحبي، محمد أمين (ت 1111ه/ 1699م)، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، 4 م، تصوير دار صادر، بيروت، لا. ت، م 2، ص 322- 324.

[4]) ) انظر مقالة:=
Inaicik, h,. “Ottoman Methods of Conquest”, Studia Islamica, vol. II (1954), pp. 102- 29.

[5]) ) انظر:
Bakhit, M, A., The Ottoman Province of Damascus in the 16th Century. Ph. D. Thesis, SOAS, London, 1972, pp. 186- 221.

[6]) ) حول معركة ليبانتو انظر:
Creasy, Edward S.,
Hisory of the Ottoman Turks, Reprint, Khayats, Beirut, 1961, pp. 219-22. Inalick, H. The Ottoman Empire, pp. 41- 42.
كذلك انظر التحليل العسكري لهذه المعركة من الناحية الحربية في دراسة:
Gullmartin JR., John Francis, Gunpowder and Galleys; Changing Technolgy and Mediterranean Warfare at Sea in the Sixteenth Century, Cambridge University Press, 1974, pp. 221- 252.

[7]) ) حول هذه الخطة انظر:
Salibi, K. “The Sayfas and the Eyale of Tripoli” Arabica, Vol, xx, (1973), p. 33.
انظر أيضاً لنفس المؤلف، "فخر الدين المعني الثاني والفكرة اللبنانية"، أبعاد القومية اللبنانية، منشورات جامعة الكسليك، بيروت، 1971، ص85- 111. لمزيد من التفصيلات حول هذه الخطة انظر أيضاً ما نشره الأب بولس قرألي:
1- "فخر الدين الثاني وعلاقته بفردناند الأول وقزما الثاني أمير تسكانيا" 1605- 1621، حريصا 1938.
2- وكتابه الثاني "فخر الدين المعني أمير لبنان وفردناند الثاني أمير تسكانيا" 1621- 1625 حريصا 1938.

[8]) ) حسين بن جانبلاط، كردي الأصل؛ كان في ابتداء أمره من الطائفة العسكرية المعروفة باسم المتفرقة، ثم خَلَف والده في إمارة كلس، وتدّرج في المناصب إلى أن أوكلت إليه حلب، ولكنه تلكأ في مساندة الوزير سنان باشا في حملته الفاشلة على بلاد فارس، وكان من نتيجة ذلك أن سنان باشا أمر بقتله في بلدة وان التركية في سنة 1014هـ/ 1605م. البوريني، المصدر ذاته، م 2، ص271. انظر المحبي، خلاصة، م 2، 84- 87.
أما سنان يوسف باشا المعروف باسم جغال زادة، فلقد تربى في القصر السلطاني، وتولّى عدة مناصب، منها ولاية ديار بكر في سنة 991هـ/ 1583م، كما تولى بعد ذلك بلاد وان وأرضروم وبغداد. وفي سنة 1006هـ/ 1597م تولّى بلاد الشام لبضعة أشهر. في سنة 1014هـ/ 1605م، أوكلت إليه مهمة قيادة الجيوش العثمانية ضد بلاد فارس، وكانت وفاته في نفس العام في ديار بكر؛ انظر ترجمة حياته في محمد ثريا، سجل عثماني ياخود تذكرة مشاهير عثمانية، إسطنبول سنة 1311، م 3، ص111. كذلك انظر محمد بن جمعة المقار الحنفي (ت ح 1156هـ/ 1743م)،= =الباشات والقضاة، نشره صلاح الدين المنجد مع نَصَّين آخرين باسم "ولاة دمشق في العهد العثماني"، دمشق، 1949م، ص26.

[9]) ) البوريني المصدر ذاته، م 2، ص271، لاحظ تعريف البوريني للسكبانية حيث يقول: "والسكبانية عبارة عن طائفة كان وضعهم أن الواحد منهم يحمل البندقية على ظهره ويقود الكلب في ساجوره، ويمشي أمام الأمير أو الكبير حين يسير إلى الصيد. وهو لفظ فارسي مأخوذ من سك، فأما سك فهو الكلب بلغتهم، وأما بان فهو بمعنى الحامي، أي حامي الكلب" م 2، ص259؛ وكانوا يشكّلون وحدة بارزة في فرقة الانكشارية. انظر:
Huart, CL. “Segban” E. I. vol. IV, pp. 203- 4.
Gibb and Bowen, Islamic Society and the West, Oxford University Press, Reprint, 1963, vol. I, part I, pp. 59- 61, p. 315.


[10]) ) حول مكانة اسطفان الدويهي وطنوس الشدياق في مدرسة التاريخ اللبناني الماروني انظر:
Salibi, Kamal Maronite Historians of Medieval Lebanon, Beirut, 1959, Ibid., “The Ttraditional Historiography of the Maronites”, Historians of the Middle East, edited by Bernard Lewis and P. M. Holt, Oxford University Press, 1967, pp. 212- 225.
انظر في نفس الكتاب مقالة
A. H. Hournai, “Historians of Lebanon” pp. 226- 245.
حول أهمية دور أسرة آل سيفا في التاريخ المحلي وعن علاقاتها مع القُوَى المحلّية الأخرى انظر مقالتي الدكتور كمال الصليبي:
Kamal S. Salibi, “Northern Lebanon Under the Dominance of Gazir”, Arabica, Vol. XIV, (1967), pp. 144- 166.
“The Sayfas and the Eyalet of Tripoli 1579- 1640”, Arabica, Vol. XX, (1973), pp. 25- 52.

[11]) ) مخطوط المكتبة الظاهرية رقم 41، الأوراق 168- 217.

[12]) ) المكتبة الوطنية، فينّا Cod. Arab. 1190 Mixt 345.

[13]) ) انظر نص الرحلة مع الدراسة التي قَدَّم لها بها ناشر الرحلة
Stefan Wild “Al- Utaifis Journey to Lebanon in 1043/ 1634”
مجلّة الأبحاث، بيروت، مجلد (23) سنة 1970، ص 213- 222.
لسوء الحظ عند إعداد هذه الدراسة لم أتمكن من الاطلاع على نسخة رحلة يحيى المحاسني (ت 1053هـ/ 1643م)، "المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية"، المحفوظة في مكتبة جامعة إسطنبول تحت رقم 4329.

[14])) انظر النابلسي، الشيخ عبدالغني (ت 1143هـ/ 1731م)، "التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية"، حققها وقدّم لها هربيرت بوسة، بيروت، 1971م، ص49، ص76، ص87.

[15])) نوفل، عبدالله حبيب، "تراجم علماء طرابلس وأدبائها"، مطبعة الحضارة، طرابلس، 1929م، ص 35، ص137- 138.

[16]) ) ليفنوس فارنر Levinus Waner، من طلبة جامعة ليدن، درس اللغات الشرقية فيها، وسافر إلى إسطنبول سنة 1645م. وفي سنة 1655م عُيِّن قنصلاً لهولندا في العاصمة العثمانية، وبقي في ذلك المنصب إلى حين وفاته في 22 حزيران سنة 1665م. وأثناء إقامته الطويلة تلك تمكَّن من شراء عدد كبير من المخطوطات العربية والفارسية والتركية والعبرية التي أوصى بها قبل وفاته لمكتبة جامعة ليدن، لتكون بذلك النواة الأولى لمقتنيات تلك المكتبة من التراث الشرقي. حول حياته وإقامته بإسطنبول انظر مقالة
Drewes, G. W. J., “The Legatum Warnerianum of Leiden University Library” in Levinus Warner and His Legacy, E. J. Brill, Leiden, 1970, pp. 1-31.

[17]) ) انظر فهرس مكتبة جامعة ليدن Voorheove, p.
Handist of Arabic Manu******s in the Library of the University of Leiden and Other Collections in the Netherlands, in Bibliotheca Universitatis, Lugduni Batavorum, Leiden, 1957, p. 361.

[18]) ) محمد بن عمر العرضي (ت 1071هـ/ 1660م) نسبة إلى بليدة العرض في برية الشام من أعمال حلب، من أسرة حلبية معروفة بالعلم؛ ولي القضاء بحلب، وتولّى إفتاء الحنفية فيها لمدة سنتين ثم سافر إلى إسطنبول حيث لم يستمرئ الإقامة هناك، وبعد عودته من العاصمة العثمانية نجده يتولى إفتاء الشافعية بعد وفاة أخيه. ونعثر على رسالة منه لفارنر؛ ونظراً لأهميتها فإننا نورد نصها:
"حضرة بكر عطارد وواحد الفراقد (نلاحظ أنه يكرر مثل هذين التعبيرين حيث يورد له المحبي نصاً يذكر فيه ... : "حضرة شيخ الإسلام ودرة تاج الملك وفص الختام بكر عطارد العلم وثاني الفرقد" ... خلاصة، م 4، ص93، ايلجي (السفير) بيك المكرم لا زال مدعي العلم له مسلم، نفاوض جنابه الترحاب (كذا النص). هو أن الواصل إليكم من كتب المرحوم كاتب ﭽلبي (ت 1067هـ/ 1657م) ستة كتب، نزهة الخاطر للكاشي، وهو كتاب جليل مشتمل على أشعار= =عربية وفارسية، وثمنه اثنا عشر غروشاً، والمجلد الأول من تذكرة ابن حمدون وثمنه ستة عشر غروشاً، وشرح شواهد التلخيص (لبدر الدين الغزى) وثمنه أربعة غروش ونصف، وشرح مقامات الحريري، المتوسط للشريشي وثمنه ثلثمائة عثماني، وجزء من العقد لابن عبد ربه وثمنه غرش واحد، وشرح العبدونية وثمنه غرشان؛ فالمجموع خمسة وثلاثون غرشاً وثلثمائة عثماني. وأما تاريخ البناكتي (محمد بن سليمان الاشعري (ت 891هـ/ 1486م) صاحب كتاب روضة أولي الألباب في التاريخ، وتاريخ ختاي، وتاريخ خسروى، ورسائل الخوارزمي، فوعدنا الدلالون بهما. يكون معلوماً لكم؛ والفتون إن شاء الله نحصلها والسلام. من الفقير محمد العرضي". ويضيف في حاشية على تلك الرسالة ما يلي: "ولا تؤاخذونا بإخلاف الوعد بالمجيء إليكم يوم الأحد الماضي، فإنه صار لنا مانع بل موانع. وتبلغ شوقنا إلى المربوط في الدار بمقتضى تسميتكم نقولا والسلام. وقد اشترينا نحن لأنفسنا تأليفاً لجدّنا ابن الحنبلي (رضي الدين) بمائتي عثماني فتفضلوا بها لنا والسلام وإن شاء الله عن قريب ناتيكم". من هذا النص نلحظ بوضوح مدى العلاقة الحميمة التي كانت تربط الاثنين. انظر الخفاجي، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر (ت 1069هـ/ 1658م) ريحانة الألبّا وزهرة الحياة الدنيا، 2 م، تحقيق عبدالفتاح محمد الحلو، القاهرة، سنة 1967م، م 1، ص 274- 278. المحبي، خلاصة، م 4، ص 89- 103، البغدادي، إسماعيل بن محمد أمين الباباني (ت 1339هـ/ 1920م)، هدية العارفين: أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، م 2، منشوارت مكتبة المثنى، بغداد 1955، ص 214؛ انظر أيضاً: اللوحة رقم 12، المنشورة صورة لها كملحق لكتاب Levinus Warner and His Legacy,

[19]) )
Drewes, G. W. J., “The Legatum Warnerlanum”, in Levinus Warner and His Legacy, p.16.

[20]) ) من سورة آل عمران آية رقم (173).

[21]) ) القمران: الشمس والقمر؛ انظر جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور (ت 711هـ/1311م)، لسان العرب، 15 م، بيروت، 1955م، م 5، ص113.

[22]) ) الملوان، الليل والنهار، وقيل طرفا النهار، ابن منظور، لسان العرب، م 15، ص290- 292.

[23]) ) علي بك ابن الأمير أحمد ابن جانبلاط الكردي، ابن أخي حسين باشا جانبلاط، أنابه عمه في حلب عند خروجه لملاقاة الوزير السردار سنان باشا جغال زادة، وعندما وصله نبأ قتل عمه بأمر الوزير المذكور رفع راية العصيان في حلب، وكان جيشه المكوّن من عناصر السكبان الهاربين من الخدمة العسكرية يزيد على عشرة آلاف شخص. ومَنَع الوالي المعيَّن على حلب من الدخول إليها، وسار من حلب باتجاه الجنوب حيث هزم العساكر العثمانية بقيادة يوسف باشا سيفا (ت 1034هـ/ 1625م) قرب حماة، سنة 1015هـ/ 1606م وغنم أشياء كثيرة من معسكر العساكر الشامية؛ وبعد هذا الانتصار استدعى فخر الدين الذي أجاب دعوته وانضم إليه في حركة العصيان، فأرسلا واحتلّا مناطق يوسف باشا سيفا باستثناء قلعة طرابلس، وخرَّبا بعلبك وتوجها باتجاه دمشق حيث هزما عساكرها للمرة الثانية في نواحي العراد، ومن هناك اتجهت عساكرهم لتهاجم دمشق من جهة المزة، وبدأ أفراد السكبانية والدروز بنهب الأحياء الخارجية لمدينة دمشق، ولم يرفع الحصار إلا بعد أن دفعت له أهالي دمشق مائة وخمسة وعشرين ألف غرش. وفي طريق عودته مَرَّ على حصن الأكراد وجرت اتصالات له مع يوسف باشا سيفا، أدت إلى عقد مصاهرة ما بين ابن جانبلاط ويوسف باشا سيفا، ومن هناك عاد إلى حلب فأرسل السلطان له الوزير الكبير مراد باشا "لأنه (أي علي بك) كان قد قارب أن يملك البلاد بالاستقلال"، وفي القتال الذي نشب قرب مرعش نجا علي بك جانبلاط برأسه إلى مدينة حلب ومنها إلى ملاطية، ومن هناك قصد إسطنبول حيث عفا عنه السلطان وولّاه حكومة طمشوار ليُقْتَل فيما بعد حوالي 1020هـ/ 1611. انظر ترجمته في البوريني، المصدر ذاته، م 2، ص271- 291، المحبي، المصدر ذاته، م 3، ص 135- 140.

[24]) ) شقاشق: جمع الشقشقة وهي "لهاة البعير" ولا تكون إلا للعربي من الإبل" "وقيل هو شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج". ابن منظور، لسان العرب، م 10، ص 185.

[25]) ) المملكة الطرابلسية: كانت تشكل إحدى ممالك ونيابات بلاد الشام في العهد المملوكي. حول هذه المملكة انظر أبا عبدالله بن محمد المعروف بشيخ الربوة الدمشقي الأنصاري (ت 727هـ/ 1327م)، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر، تحقيق أ. مهران، بريل، ليدن، 1923، ص207-209؛ كذلك أحمد بن علي القلقشندي، (ت 821هـ/1418م)، صبح الأعشى في صناعة الانشا، القاهرة، م4، ص 142- 149، حول هذه المملكة في أواخر العهد المملكة راجع غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري، (ت 873هـ/1468م)، زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمشالك، نشره بولس راويس، باريس، 1894م، ص 133. أما فيما يتعلق بالحياة الثقافية في طرابلس في العصور الوسطى، فتراجع المادة المجموعة عند عمر عبدالسلام التدمري، الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى، بيروت، 1972، هذا بجانب المادة المتوافرة في كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان، 2م لطنوس الشدياق (ت 1859م) الذي حققه فؤاد أفرام البستاني، بيروت ، 1970م، م1، ص11. كذلك انظر FR.Buhl, "Tarabulus" E.L. vol.iv, p. 660

[26]) ) يوسف باشا سيفا (ت 1034هـ/ 1625م)، زعيم سُنّي من أصل تركماني أو كردي، كانت أسرته من القُوَى المحلّية البارزة في منطقة عكار، وأوكلت إليه ولاية طرابلس الشام أكثر من مرة؛ عرف عنه زعامته للجناح اليمني ضد الجناح القيسي بقيادة فخر الدين المعني، ربطته علاقات المصاهرة مع المعنيين والجنبلاطيين. حول حياته انظر: البوريني، تراجم الأعيان من أبناء الزمان، انظر النص المنشور أدناه. المحبي، خلاصة الأثر، م 4، ص 47- 49، ص 503، الدويهي، البطريرك اسطفان (ت 1704م)، تاريخ الأزمنة، نشرة الأب فريناد توتل اليسوعي، المطبعة الكاثوليكية، 1951، ص 320، كذلك انظر مقالة
Salibi, K., “The Sayfas and the Eyalet of Tripli, 1579- 1640”, Arabica, vol, XX (1973), pp. 25- 52.

[27])) المناجح جاء في اللسان: "وأنجح الرجل، صار ذا نجح فهو منجح من قوم مناجح ومناجيح"، لسان العرب، م 2، ص611.

[28]) ) الحَزَن: "ما غلظ من الأرض في ارتفاع"، لسان العرب، م 13، ص114.

[29]) ) فخر الدين المعني (ت 1043هـ/ 1635م)، درزي المذهب، كان زعيم الجناح القيسي في بلاد الشام؛ بنى جيشاً قوياً من العناصر الهاربة من الخدمة التي كانت تعرف بالسكبانية، واستفاد من علاقاته بأوروبا عن طريق الموارنة وشجع التجارة مع أوروبا فازدهرت موانئ لبنان، خاصة صيدا، نشطت الزراعة في عهده، خاصة زراعة شجرة التوت لتربية دودة القز، حارب بني سيفا، وبنى القلاع وشحنها بالجنود؛ تم القضاء عليه في عهد السلطان مراد الرابع. من أجل المزيد عن حياته انظر أحمد بن محمد الخالدي الصفدي (ت 1034هـ/ 1624م)، تاريخ الأمير فخر الدين المعني، تحقيق أسد رستم وفؤاد البستاني، بيروت، 1969؛ المحبي، خلاصة، م 3، ص 266- 271؛ عيسى إسكندر المعلوف، تاريخ الأمير فخر الدين المعني الثاني، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1966؛ الأب بولس قرألي، فخر الدين المعني الثاني أمير لبنان: إدارته وسياسته، 1590- 1635، حريصا 1937؛ لنفس المؤلف، لبنان والدولة العثمانية في عهد فخر الدين المعني الثاني، مطبعة مصر الجديدة، 1952؛ انظر أيضاً محاضرة كمال الصليبي: "فخر الدين المعني الثاني والفكرة اللبنانية"، أبعاد القومية اللبنانية، ص 85- 111، ولنفس المؤلف،
“Fakhr al- Din” E. I., vol. ii, pp. 749-51.

[30]) ) الجون: يفيد معنى الزاوية ويذكر عادة مضافاً إلى عكار، جون عكار، وفي سنة 1584م، نُهِبت الخزنة المصرية التي كانت في طريقها إلى إسطنبول في ذلك الموقع، مما دعا الدولة العثمانية إلى تجريد حملة على تلك المنطقة كان من نتائجها ضرب الزعامات في جبل لبنان، خاصة الزعامة المعنية. حول هذه الحادثة انظر: الدويهي، اسطفان، تاريخ الأزمنة، ص 284- 285، الشدياق، طنوس، أخبار الأعيان في جبل لبنان، م 1، ص67، ص233، 238؛ حول معنى كلمة جون، انظر فريحة، أنيس، أسماء المدن والقرى اللبنانية وتفسير معانيها، جونية، 1956م، ص97.

[31]) ) درويش بن جان بولاد: يُعَرّفه البوريني بقوله: درويش بيك ابن عم علي بيك وإنه أخذ مدينة طرابلس الشام لكنه لم يتمكن من احتلال القلعة التي تحصن فيها مملوك يوسف باشا سيفا، الذي كان يعرف أيضاً باسم يوسف، انظر النص المنشور أدناه.

[32]) ) المقصود بالجزيرة هنا جزيرة قبرس؛ انظر نص البوريني المنشور أدناه والملاحظات المدونة عنها في الهامش.

[33]) ) غلايين: جمع كلمة غليون التي هي تحريف لكلمة galleon, galion الإنجليزية و galeone الإيطالية، وهي سفينة أكبر من galley كان يستخدمها الإسبان في التجارة خاصة مع ممتلكاتهم في العالم الجديد. والجدير بالذكر أن الشيخ عبدالغني النابلسي في رحلته إلى طرابلس يذكر ما يلي: "وقد رأينا على حافة المينا أنواع المراكب والسفن، وقد ذكر لنا أسماءهم صديقنا الحاج نور الدين الطرابلسي المذكور ... فاعلم أن أنواع المراكب وأسماؤها كثيرة بلغت عشرين نوعاً بعضها يخالف بعضاً في الصورة والهيئة وأسماؤها متعددة كل اسم يطلق على مركب مخصوص لا يتناوله المركب الآخر لكنه يطلق على الجميع المركبة والسفينة". ويعدد عشرين نوعاً: منها الغليون. انظر: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، ص 70- 71، كذلك
Dozy, R., Supplement aux Dictionnaires Arabes, vol.ii, p. 228.
The Oxford English Dicitonary, vol. iv, p.21.انظر كذلك
ونجد أن ابن اياس، (ت 930هـ/ 1523م) يستخدم هذا المصطلح فيقول في أخبار سنة 918هـ/ 1512م ما يلي: "ثم أحضر السلطان قايتباي بالقرب من (الجيزة) المركب الكبير الغليون الذي عمره وأصرف عليه نحواً من عشرين ألف دينار فأرسوا به قبالة المقياس، وصنعوا له ثمانية مراسي وعلقوا في صواريه القناديل في الأمشاط .." بدائع الزهور في وقائع الدهور، م 4، تحقيق محمد مصطفى، القاهرة 1960م، ص 276؛ انظر أيضا حبيب الزيات، "معجم المراكب والسفن في الإسلام" المشرق، مجلد 43 (1949م)، ص 355، والجدير بالذكر أن الأستاذ أنيس فريحة لم يذكره في معجمه، معجم الألفاظ العامية في اللهجة اللبنانية، بيروت 1947، كما أن الدكتور ألبير مطلق لم يذكره في معجم ألفاظ حرفة صيد السمك في الساحل اللبناني، بيروت، 1973.

[34]) ) من سورة البقرة، آية رقم 156.

[35]) ) البدرة: هي "جلد السخلة إذا فطم ويقال ثلاث بدرات" واستخدم بمعنى كيس فيه ألف أو عشرة آلاف، لسان العرب، م 4، ص49.

[36]) ) مراد باشا "صاحب الحروب مع المجر والعجم والجلالية" عُيِّن حاكماً لليمن سنة 984هـ/ 1576م، وأعطي بعد ذلك حكومة قرمان، شارك في الحرب ضد بلاد فارس، ولي دمشق حيث شيد فيها سنة 1002هـ/ 1953م سوقاً عرف باسمه، عقد صلح ستفا ثروك سنة 1606م، مع النمسا، عُيِّن بعد ذلك سرداراً على الشرق لإخضاع الحركة الجلالية وحركة علي بيك ابن جانبلاط، كانت وفاته سنة 1020هـ/ 1611م، انظر الغزي، لطف السمر وقطف الثمر، ورقة، 44 ب - 45 أ. المحبي، خلاصة الأثر، م 4، ص355- 358، ابن جمعة المقار، ولاة دمشق، ص23، عبدالقادر بدران (ت 1346هـ/ 1927م)، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال، منشورات المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، دمشق، 1379هـ/ 1959م، ص 379- 381. صلاح الدين المنجد "خطط دمشق" مجلة الشرق، م 42، (1948)، ص 62- 64.

[37]) ) "حزب الله" من سورة المائدة آية رقم (56)، وكذلك ذكرت في سورة المجادلة آية رقم (58).

[38]) ) النبع: من أشجار الجبال تصنع منها القسيّ، لسان العرب، م 8، ص 345- 346.

[39]) ) من مخر: استمخر قابل، لسان العرب، م 5، ص 160- 161.

[40]) ) شبا: الشباة طرف السيف وحَدُّه، وجمعها شبا، لسان العرب، م 14، ص420.

[41]) ) الشيخ حسن بن محمد البوريني (963هـ/ 1556م- 1024هـ/ 1615م)، مؤرخ من أصل نابلسي عاصر أحداث سنة 1016هـ/ 1605م، حول حياته وثقافته ومنزلته العلمية ومؤلفاته، انظر الترجمة الوافية ومصادرها التي أفردها له صلاح الدين المنجّد في تقديمه للمجلد الأول من تراجم الأعيان من أبناء الزمان، دمشق 1959م، ص 5- 25. النص الذي ننشره مأخوذ من مخطوط تراجم الأعيان من أبناء الزمان، نسخة فينّا، رقم
Cod. Arab, 1190, Mixt. 346
وهذا النص يقع في خمس صفحات ونصف في كل صفحة تسعة وثلاثون سطراً.

[42]) ) النصوص المتوافرة بين أيدينا لا تشير إلى مدينة تعرف بعكار بل تشير إلى حصن عكار. فيقول عماد الدين إسماعيل أبو الفداء (ت 732هـ/ 1331م)،: "وعكار حصن في الجبل المذكور (جبل عكار)". أما القلقشندي فيذكر ما يلي: "وهي قلعة على مرحلة من طرابلس في جهة الشرق بوسط جبل لبنان في واد، والجبل محيط بها وشرب أهلها من عين تجري إليها من ذيل لبنان المذكور ولها ربض ليس بالكبير". وكانت تشكل نيابات مملكة طرابلس الشام في العهد المملوكي ونيابتها امرة عشرة ونائبها يخاطب "النائب بحصن عكار" انظر: تقويم البلدان، حققته م. رينود والبارون ماك ****ن دي سلان، المطبعة الملكية، باريس، 1840م، ص 68؛ صبح الأعشى في صناعة الإنشا ، م 4، ص85، ص 144، ص235، م 7، ص 176، م 9، ص 253، م 12، ص 464- 465، يورد المؤلف هنا نص كتاب تقليد لأحد النواب.

[43]) ) يعرف ياقوت الحموي (ت 626هـ/ 1228م)، عِرْقَة، بقوله: "عرقة بكسر أوله وسكون ثانيه ... بلدة في شرقي طرابلس بينهما أربعة فراسخ وهي آخر عمل دمشق وهي في سفح جبل بينهما وبين البحر نحو ميل وعلى جبلها قلعة لها"، ويذكرها أبو الفداء بقوله: "هي بلدة صغيرة ذات قلعة صغيرة ولها بساتين ونهر صغير ..." انظر معجم البلدان، م 6، تحقيق فردناند وستنفلد ليبزج، 1868، م 3، ص 653- 654، تقويم البلدان، ص 254- 255.

[44]) ) حول تاريخ جزيرة قبرص في العهد العثماني انظر:
Hill, Sir Geroge, A History of Cyprus, vol. iv, Cambridge University Press, 1952, pp. 1- 99.
Dakkot, Besim, “kibris” I.A., vol. vi. pp. 672- 76. ومقالة:

[45]) ) حول النصوص الجغرافية التي تذكر حيفا انظر ما جمعه الأب مرمرجي الدومنيكي في بلدانية فلسطين، بيروت، 1948، ص65. في سنة 945هـ/ 1538م كان عدد سكان حيفا عشرين خانة، جميعهم من المسلمين وربع حاصلاتها المدفوع للدولة كان يساوي 4781 اقجة. كما يشار إلى وجود اسكلة (ميناء) فيها تتقاضى الدولة رسوماً عن السفن التي ترده، مقدارها ألف اقجة سنوياً؛ والجدير بالذكر أن البحار العثماني بيري محيي الدين ريس (ت ح 1555م) يشير في وصفه لساحل فلسطين إلى وجود قلعة مدمرة في حيفا إلا أن ميناءها كان يصلح للرسو، وبموجب إحصاءات سنة 1005هـ/ 1596م، كان عدد سكان حيفا 32 خانة، جميعهم من المسلمين ومجموع ما يتحصل منها عشرة آلاف اقجة. إلا أن هذا الإحصاء لا يشير إلى رسوم الاسكلة مما قد يوحي بأنها كانت معطلة كميناء. انظر طابو دفتري رقم 192 (إسطنبول)، ص3، طابو دفتري رقم 181 (أنقرة)، ص 19- 20.
Hyed, U. “A Turkish De******on of the Coast of Palestine in the Early Sixteen Century”, Isreal Exploration Journal, vol. vi, (1956), pp. 210- 211.
انظر أيضاً: "“Hayfa”, E. I2 . vol. iii. pp. 324- 26.
راجع بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه جميل البحري، تاريخ حيفا، المكتبة الوطنية، حيفا 1922م.
من أجل مقارنة حيفا مع كل من يافا والناصرة في القرن السادس عشر انظر مقالتَي:
Bernard Lweis: “Nazareth in the Sixtenth Century, According to the Ottoman Tapu Registers”.
“Jaffa in the 16th Century, According to the Ottoman Tahrir Registers”, in Studies in Classical and ottoman Islam Variorum Reprint, London, 1977, pp. 416- 446.

[46]) ) حول حياة الشيخ أحمد بن طرباي الحارثي، (ت 1057هـ/ 1647م) أمير لواء اللجون ودور أسرته في تاريخ سنجق اللجون بشمالي فلسطين منذ أواخر العهد المملوكي، انظر المحبي، خلاصة الأثر، م 1، ص 221- 222. كذلك مقالة موشي شارون:
“The Political Role of the Bedouind in Palestine in the Sixteenth and Seventeenth Centuries”, in Studies on Palestine during the Ottoman Period , Edited by Moshe Maoz, Jerusalem, 1975, pp. 11- 30.

كذلك دراسَتِي: الأسرة الحارثية في مرج بني عامر 885هـ/ 1480م- 1088هـ/ 1677م. المقدمة لندوة تاريخ العرب الحديث، جامعة عين شمس، القاهرة 7- 12 أيار 1977، (تحت الطبع).

[47]) ) حول لواء اللجون انظر دراستي المشار إليها سابقاً خاصة هامش رقم 2، ص25. ولقد كان هذا اللواء يشمل النواحي التالية: شفا، ساحل عتليت، ناحية شعرا وناحية جنين، لمزيد من التفاصيل انظر:
Wolf Dieter Hutteroth and Kamal Abdulfattah, Historical Geography of Palestine Transjordan and Southern Syria in the late 16th Century Erlangen, 1977, pp. 157- 161.

[48]) ) يلاحظ أنه عند عودة الأمير فخر الدين المعني من إيطاليا، بناء على موافقة السلطات العثمانية سنة 1027هـ/ 1617م، إلى صيدا عبر عكا، أن الأمير أحمد الحارثي "أرسل كتخداة بتقدمة الخيل أيضاً التي ترتضيها الغواة". راجع الشيخ أحمد بن محمد الخالدي الصفدي، تاريخ الأمير فخر الدين المعني، ص69.

[49]) ) في أواخر القرن السادس عشر الميلادي كانت حوران تشكل قضاء من ضمن سنجق دمشق الشام، وشمل هذا القضاء النواحي التالية: ناحية البطيحة، ناحية الجولان الغربي، ناحية الجولان الشرقي،= =ناحية الكفارات، ناحية بني كنانة، ناحية بني جهمة، ناحية بني عاتكة، ناحية بني الاعسر، ناحية جيدور، ناحية بني كلاب، ناحية بني مالك الصدير، ناحية بني مالك الاشراف، ناحية البثنية، ناحية بني عبدالله، ناحية بني صرما، ناحية بني مقلد وناحية بني نشبة، وليست نشية كما جاءت عند Hutteroth انظر:
Bakhit, M. A. The Ottoman Province of Damascus in the 16th Century, Ph. D. Thesis, London, 1972, pp. 85- 93, (in the Press).
والملاحظ أن الأستاذ هوتروث يضيف ناحية أخرى هي ناحية بني عطية، انظر هوتروث، المرجع ذاته، ص 204- 205.

[50]) ) جب يوسف بالقرب من نابلس؛ فيما يتعلق بهذا المكان انظر ما جمعه عنه الأب مرمرجي الدومنيكي، بلدانية فلسطين، ص 49- 50.

[51]) ) أرض كنعان (الأرض المنخفضة أو الغور)، كانت في البداية تُطْلَق على بلاد الساحل ثم اتّسع مدلولها ليشمل بلاد سورية الجنوبية الغربية بأكملها. إلا أن مفهوم الجغرافيين المسلمين لهذه البلاد كان على الأرجح يقتصر على الشمال الشرقي لبلاد فلسطين. يذكر أبو الفداء وادياً يُعْرَف بوادي كنعان فيه ضيعة تعرف باسم كفرلا تبعد عن جب يوسف اثني عشر ميلاً وأنها بالقرب من بانياس. كما أن الشيخ صدر الدين أبا عبدالله محمد بن عبدالرحمن الدمشقي الشافعي العثماني (ت 780هـ/ 1376م) يذكر صفد بقوله: "أما صفد نفسها فحصن منيع بقنة جبل كنعان" راجع ياقوت: معجم البلدان، م 4، ص 311- 312، أبو الفداء، تقويم البلدان، ص 248- 249، ص 270- 271.=
Bernard Lewis, “An Arabic Account of the Province of Safad” BSOAS. vol.= xv, (1953), p. 479.
فيما يتعلق بالمفهوم التوراتي لهذه البلاد، انظر:
Smith George Adam, The Historical Geography of the Holy Land, New York 1907, pp. 4-5.
كذلك الخارطة رقم (3) المرفقة بكتاب:
Yeivin, Sh., The Israelite Conquest of Canaan, Nederlands Historishch Archaelogisch Institute , Istanbul, 1971.

[52]) ) جاءت في النص يوسف بن الحرفوش، والأصحّ كان اسمه يونس بن حسين بن موسى الحرفوش الذي أصبح "أمين بلاد بعلبك" بدل عمه الأمير موسى بن علي الحرفوش الذي كان ذا ميول سنّية، وتدخّل للصلح ما بين علي بن جانبلاط من جهة وما بين يوسف باشا سيفا من جهة أخرى، إلا = =أنه فشل في مهمته وهرب مع يوسف باشا سيفا؛ انظر البوريني، تراجم الأعيان، م 2، ص275، أيضاً ورقة 148 ب، 149 أ، المحبي، خلاصة، م 4، ص 432- 433.

[53]) ) عمرو البدوي هو عمرو بن جبر شيخ عشيرة المفارجة، حليف فخر الدين المعني، كان رشيد بن سلامة بن نعيم شيخ السرديين من المفارجة ينافسه على المشيخة في حوران، وكان رشيد موضع عطف الدولة العثمانية، حيث أعطي سنة 1021هـ/ 1612م، المشيخة بحوران. حول دورهما في معركة الصراع القيسي- اليمني، انظر البوريني، المصدر ذاته، م 2، ص 224- 225، ص 232- 233، انظر كذلك نص البوريني الموجود في مكتبة ليدن باسم: كراستان نُقِلَتا من خط الشيخ حسن البوريني Cod. Or. 1515 ورقة 14، حيث إن هذا النص يتفق مع النص الذي نشره صلاح الدين المنجّد في هامش ص 225 من المجلد الثاني، راجع أيضاً الشيخ أحمد الخالدي الصفدي، المصدر ذاته، ص 8، 9، 10، ص11، ص13.

[54]) ) الأمير منصور بن الفريخ (ت 13 ربيع الثاني 1002هـ/ 6 كانون الثاني 1594م) قُتِل في دمشق بأمر من السلطان بناء على رغبة والي دمشق آنذاك مراد باشا، ولقد كان أمير البقاع العزيزي بعد القضاء على أسرة آل الحنش البدوية السنية أعطي حكومة نابلس وإمارة الحاج والتزم أموالاً للدولة على صفد، كان يقف ضد الدروز والمعنيين خاصة: ترك عشرة أولاد أكبرهم قرقماس الذي قُتِل على يد الأمير موسى بن الحرفوش في 1003هـ/ 1594م، بإيعاز من فخر الدين المعني بعد أن رفض الأمير يوسف باشا سيفا إيواءه. من هنا نرى أن منصور بن الفريخ قد قُتِل قبل هذه الحوادث. ولربما اختلط الأمر على الناسخ فخلط ما بين اسم الفريخ واسم الأمير فروخ بن عبدالله الجركسي أمير الحاج الذي تولّى حكومة نابلس وعجلون والكرك سنة 1021هـ/ 1612م، وإمارة الحاج "ولم يزل في هذا المنصب إلى أن مات بمكة المشرفة في سنة ثلاثين وألف (1620م)" انظر أحمد الخالدي الصفدي، المصدر ذاته، ص 7، ص8، ص9، ص16، ص27، ص35، العزي، لطف السمر، ورقة 212 ب- 213 أ، المحبي، المصدر ذاته، م 3، ص271، م 4، ص 426- 432.

[55]) ) كيوان بن عبدالله (ت 1033هـ/ 1623م)، زعيم الجناح العسكري بدمشق المتعاون مع فخر الدين المعني، كانت نهايته على يد فخر الدين نفسه. حول دوره في معركة الصراع ما بين العسكر في دمشق واستغلال العسكر للصراع القيسي – اليمني في صراعهم ذاك، انظر الغزي، لطف السمر، ورقة 43 ب- 44 أ، ب، المحبي، المصدر ذاته، م 3، ص 299- 303.

[56]) ) تركمان حسن المقصود به حسن باشا ابن عبدالله الأمين الكبير المعروف بشويزة حسن من صدور دمشق وأعيانها الذي كان يرجع إليه في المهمّات ويعول عليه في الأمور، وكانت تناط به أمور دمشق عند غياب ولاتها. توفي سنة 1027 هـ/ 1617م. احتلّ ابنه محمد دوراً مماثلاً إلى حين وفاته سنة 1071هـ/ 1660م. حول حياتهما انظر: الغزي، لطف السمر، ورقة 29 ب، 30 أ، المحبي، المصدر ذاته، م 2، ص 24- 27، م 3، ص 427- 428.

[57]) ) الشيخ محمد بن سعد الدين الجباوي (ت 1020هـ/ 1611م)، شيخ الطريقة الجباوية بدمشق كان ملّاكاً كبيراً، وكان يتوسط لدى الحكام نيابة عن الرعية خاصة عند زيادة الضرائب. لمزيد من التفاصيل حول حياته راجع البوريني، المصدر ذاته، م 1، ص 305- 306، الغزي، لطف السمر، ورقة 6 ب- 7 أ، المحبي، المصدر ذاته، م 4، ص 160- 161.

[58])) خرصان: جاءت خرصاز، أما الخرصان فهي الرماح، انظر لسان العرب، م 7، ص21- 24.

[59]) ) لم أعثر على ترجمة في المصادر المتوافرة لدي.

[60]) ) العراد تقع إلى الجنوب الغربي من دمشق.

[61]) ) أذرعات، كانت في العهد الفاطمي كما نقل أبو الفداء عن حسين بن أحمد المهلبي (ت 380هـ/ 991م) صاحب كتاب المسالك والممالك المعروف بالعزيزي، "مدينة كورة البثنية"؛ ويذكر ياقوت أنها "بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمان، ينسب إليه الخمر". وفي القرن السادس عشر كانت تقع في ناحية بني مقلد. وتذكرها دفاتر الطابو باسم "قرية مدينة أذرعات" وأنها كانت خاص ميرميران. بلغ عدد سكانها حوالي سنة 930هـ/ 1523م ثماني عشرة خانة مسلمة، ليرتفع= =عدد سكانها حوالي سنة 950هـ/ 1543م، إلى ثمان وأربعين خانة مسلمة وخمسة مجردين وخانة مسيحية واحدة، انظر: ياقوت، معجم البلدان، م 1، ص 175- 177، أبو الفداء، تقويم البلدان، ص 252- 253، طابو دفتري 430 (إسطنبول)، ص 555، طابو دفتري 401 (إسطنبول)، ص670.

[62]) ) المزة بالكسر ثم التشديد .. وهي قرية كبيرة غناء في وسط بساتين دمشق ويقال لها مزة كلب. كان عدد سكانها في النصف الأول من القرن السادس عشر على النحو التالي:
طابو دفتري رقم (401)
(ح 950هـ/ 1543م) إسطنبول
(150) خانة مسلمة
(35) مجرد مسلم
(1) خانة مسيحية
طابو دفتري رقم (263)
(955 هـ/ 1548م) إسطنبول
(262) خانة مسلمة
( ___________ )
(3 خانة مسيحية)
طابو دفتري رقم (401) ص 60- 61 طابو دفتري رقم (263) ص 182- 185، ياقوت، معجم البلدان، م 4، ص 522.

[63]) ) القبيبات: يُعَرِّفها الشيخ محمد أحمد دهمان بأنها "محلة مشهورة في الميدان قرب الجامع الكريمي "جامع الداساق"، سميت بذلك لأن أكثر بيوتها ذات قباب ولا يزال بعضها باقياً إلى الآن". انظر القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون، م 2، تحقيق الشيخ دهمان، دمشق 1949، 1956، م 1، ص 110 (الهامش). كان عدد سكان هذا الحي بموجب دفاتر الطابو على النحو التالي:=
= طابو دفتر (401)
(ح 950هـ/ 1543م)
(273) خانة مسلمة
(6) مجرد
ص 44- 45
طابو دفتري (263)
(955هـ/ 1548م)
(379) خانة مسلمة.
(6) مجرد
(1) خانة مسيحية
ص 42- 48

طابو دفتري (474)
(977هـ/ 1569م)
(398) خانة مسلمة
(12) مجرد
(1) خانة مسيحية
ص 72- 79


[64]) ) الشاغور، أحد الأحياء الخارجية لمدينة دمشق، تذكر دفاتر الطابو الشغور البراني والشاغور الجواني. وكان عدد سكانها كما يلي:
أ- الشاغور البراني
طابو دفتري (401)
(559) خانة مسلمة
(42) مجرد
(2) خانة مسيحية
ص 26- 29
طابو دفتري (263)
(436) خانة مسلمة
( __________ )
( __________ )
ص 82- 88
طابو دفتري (474)
(536) خانة مسلمة
(17) مجرد مسلم
(4) خانة مسيحية
ص 92- 110
ب- الشاغور الجواني
طابو دفتري (401)
(327) خانة مسلمة
(30) مجرد
(6) خانة مسيحية
(13) شريف
ص 29- 32
طابو دفتري (263)
(261) خانة مسلمة
(19) مجرد مسلم
(4) خانة مسيحية
ص 88- 92
طابو دفتري (474)
(220) خانة مسلمة
(8) مجرد مسلم
(2) خانة مسيحية
ص 87- 90
[64]) ) يذكرها ياقوت في عهده بقوله "حصن الأكراد على الجبل المقابل، وهو بين بعلبك وحمص. وكان بعض أمراء الشام قد بنى في موضعه برجاً وجعل فيه قوماً من الأكراد طليعةً بينه وبين الفرنج، وأجرى لهم أرزاقاً فتدبروها بأهاليهم ثم خافوا على أنفسهم في غارة فجعلوا يحصنونه إلى أن صارت قلعة حصينة منعت الفرنج عن كثير من غاراتهم؛ فنازلوه فباعه الأكراد منهم ورجعوا إلى بلادهم. وملكه الإفرنج وهو في أيديهم على هذه الغاية. وبينه وبين حمص يوم ولا يستطيع صاحبها انتزاعها من أيديهم. ويذكر أبو الفداء أنه كان مقرّ ولاية السلطنة قبل فتح طرابلس. أما القلقشندي فيذكر أنه إحدى نيابات مملكة طرابلس الشام ونيابته امرة عشرة ورسم المكاتبة للنائب "النائب بحصن الأكراد". ياقوت، معجم البلدان، م 2، ص276، أبو الفداء، كتاب تقويم البلدان، ص259، القلقشندي، صبح الأعشى، م 4، ص85، 235، م 7، ص176. راجع المادة التي أوردها عز الدين ابن شداد (ت 684هـ/ 1285م). عن حصن الأكراد في كتابه "الاعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة"، تحقيق سامي الدهان، منشورات المعهد الفرنسي، دمشق، 1962، الجزء المتعلق بلبنان والأردن وفلسطين، ص 115- 120.


انظر كذلك:
Elisseeff, N., “Hisnal- Akrad” E. I. vol. iii, pp. 503- 506.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لحياة, الشام, بلاد, طرابلس


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أحداث بلاد طرابلس الشام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علماء: هذا الشتاء حافلاً بالثلوج في بلاد الشام Eng.Jordan الأردن اليوم 2 12-05-2015 07:49 PM
خريطة ساعات الصوم 14 باليمن وجنوب السعودية 15 بالخليج و 16 في بلاد الشام Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 06-05-2014 09:15 AM
اعتقال أمير كتائب عبدالله عزام في بلاد الشام عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 01-02-2014 08:14 AM
بيان من الكتاب والأدباء والصحفيين الليبيين حول أحداث طرابلس ابو الطيب أخبار عربية وعالمية 0 11-21-2013 03:07 AM
جسم محترق غريب يمر فوق بلاد الشام 7-6-2012 Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 1 06-08-2012 11:34 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59