#1  
قديم 11-02-2013, 05:03 PM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال رسالة إلى الماضي


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رسالة إلى الماضي

كم هي جميلةٌ اللحظة التي أقف فيها وجهاً لوجه معك ولست أدري ما هي المسافة التي تفصل بيننا الآن!
ما أعرفه أنه كلما عبرتْ ساعةٌ أجواءَ حياتنا، وغطى ليلٌ بساط دنيانا، اتسعت الرُّقعة التي تفصل بيننا.
ومع هذا أكتب إليك - عبر حروف الوفاء، ومن خلال كلمات العرفان - رسالتي إليك، وأجمل شيء يربطني فيك هو خيط الذكرى الذي أعتبره جسراً يمول أيامي من نبعك الصافي الذي لا ينضب.


هل لا بد لنا من التباعد؟
هل حتميِّةُ السَّير تفرض علينا أن يعطي كلُّ واحدٍ منَّا ظهرَه للآخر؟
أتقدم خطوةً جَرْياً خَلْفَ المُستقبل، بينما تتنحَّى أنت لتترك المساحة ورائي خالية، شيء عجيب!


لكنْ ما هذه العلاقة الوطيدة بيننا التي لا تفتر رغم أعاصير السنين لاشك أن الوفاء هو حبلنا السرِّي.

فأنت - أيها الماضي - بنيت فيك أساسياتي، وزرعت في ترابك أغلى طموحاتي وأمنياتي .
وجاء اليوم الذي أجني فيه ثمرات زرعي فيك لتؤكد لي بأنك الأصل، وتعكسَ لي صورة عنك تذكرني لأعبرَ جسر الذكريات بيننا حتى أصل إليك، وأقضي معك أوقاتاً ممتعات .


أيها الماضي، مهما زحفَتْ بي الأيام، وارتسمت أمامي خيوط الحاضر والمستقبل، لابد من البحث عن أصل هذه الخيوط وبدايتها، وعندما أفعل ذلك أجد نفسي تلقائيًّا وقد حطَّ بي الرحل على مرابعك، لأنك أَصْلُ الحاضر وجذور المستقبل، وليس هناك حاضر أو مستقبلٌ ولا يكون له ماضٍ أبداً.
فاليومُ الذي نحن فيه لا يلبث أن يصبح جزءًا منك والغد! الذي لم يأت بَعدُ، لابد أنه آتٍ، ومن ثم سيلحق بركبك هو أيضاً.


إذاً كلُّ شيءٍ حاضرٍ سيصبح غداً من الماضي.
وما كلمة (اليوم) التي نطلقها على يومنا إلا اسمٌ مستعار مؤقت نقضي فيه حوائجنا ثم يمضي، ونرجعه إلى أصله وننعته بالماضي، الماضي الذي كان حاضراً وكان في يوم من الأيام مستقبلاً.

وكل مستقبل غداً نراه على شاشة الماضي واليوم سيرتدي غداً ثوب الماضي كرداءٍ أبديٍّ، ولن يتغير أبداً، وإنما يميز حسب زمنيته الماضي البعيد، والماضي القريب.
ومهما قصر الزمان أو طال، فلن يخرج من إطار (الماضي).



وفي الختام أختتم رسالتي في هذه اللحظة التي أشعر وكأنها باتتْ قابَ قوسَينِ أو أدنى منك ذاكراً إياك بكل ما فيك من خيرٍ وشرٍّ، من سعادةٍ ومآسٍ، مستفيداً من تجاربي في مدرستك مدرسةِ الماضي.



متعكم الله بالصحة والعافية وشاكراً حسن استماعكم
دمتم برعاية الرحمن وحفظه

المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الماضي, رسالة, إلى


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع رسالة إلى الماضي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحضارة الإسلامية بين أصالة الماضي وآمال المستقبل Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 8 03-07-2013 06:28 PM
المدرسة العصرية بين أصالة الماضي و استشراق المستقبل Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 08-31-2012 06:52 PM
رسالة إلى الماضي جاسم داود الملتقى العام 3 06-10-2012 12:07 AM
تذكّر أن الماضي قد ولّى Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-13-2012 03:01 PM
المعلم بين الماضي والحاضر Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-10-2012 04:02 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59