#1  
قديم 04-27-2014, 11:25 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي المصري: بداية تفكير الحسين بقرار فك الارتباط كانت في قمة الجزائر


المصري: بداية تفكير الحسين بقرار فك الارتباط كانت في قمة الجزائر

الارتباط الجزائر image.php?token=36cbd490c590d628679bc85d85148510&size=

رم -
فيما يواصل رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري سرد ذكرياته السياسية عن مواقع شغلها، فإنه يكشف في حلقة اليوم من سلسلة حلقات 'سياسي يتذكر'، موقفه الرافض لقرار 'فك الارتباط' وخروجه من حكومة زيد الرفاعي بسبب ذلك الموقف.
ويستكمل المصري كيف أن موقفه الرافض للقرار دفعه لتقديم استقالته من الحكومة، وأن الرفاعي أجل الأمر حتى يتسنى له إجراء تعديل وزاري خرج فيه المصري وآخرون.
ويسرد أبو نشأت كيف أن خروجه من حكومة الرفاعي قبل أربعة أشهر من أزمة 'هبة نيسان' وانهيار الدينار، زاد من حظوظه السياسية، خاصة بعد دخوله في حكومة زيد بن شاكر الأولى نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية.
ويقدم المصري في حلقة اليوم وصفا لكيفية تعامل الأجهزة الحكومية والرسمية مع الأزمة، وكيف لرجال البنك المركزي محمد سعيد النابلسي ونائبه ميشيل مارتو الفضل الكبير في ذلك.
وكان المصري قد شرح في حلقة أمس جهود الأردن لدعم الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وكيف حاولت أن تُقنع المنظمة بضرورة الاعتراف الفلسطيني بقرار 242 الذي يعزز موقف الفلسطينيين أمام العالم.
لكن المصري، يشير إلى أن المنظمة كانت متحفظة على القرار، حيث أفشلت في اللحظات الأخيرة جهود لقاء كان سيجمع وفدا أردنيا فلسطينيا مشتركا مع رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر في لندن. وبين المصري، كيف أن هذه الحادثة كانت سببا في تداعيات التوتر بين الراحل الحسين وأبو عمار، حيث أدى التوتر لإغلاق مكاتب فتح في عمان.
واليوم يواصل المصري سرد ذاكرته السياسية ويوثق لحظات التحول الديمقراطي الأولى في البلاد من خلال سياسة الانفتاح التي انتهجها الراحل الحسين، وصنع من العمل السياسي والديمقراطي مفتاحا لحل أزمة اقتصادية كانت تهدد أمن واستقرار البلاد.
وفيما يلي التفاصيل:

• نهاية الثمانينيات، بفترة بدء الانتفاضة، تعامل الأردن مع مفاجأة الدعوة لقمة الجزائر، حيث لم يمضِ على تسلم الأردن لرئاسة القمة العربية سوى أشهر معدودات؟
- تماما؛ فبعد 7 أشهر هاتفني وزير الخارجية الجزائري أحمد طالب الإبراهيمي، وطلب مني زيارة الأردن، واستقبله الملك الحسين في قصر بسمان في أيار (مايو) العام 1988، وقابل الملك، وحضر اللقاء رئيس الوزراء زيد الرفاعي وأنا كوزير خارجية، وفاجأ الإبراهيمي الجميع بأن الجزائر ترغب بدعوة القمة العربية للانعقاد في عاصمتها خلال حزيران (يونيو) 1988، وذلك بسبب تطور الأوضاع والاتجاهات بالنسبة للقضية الفلسطينية والانتفاضة.
هنا ظهر الغضب الشديد على الراحل الحسين من هذا الاقتراح، واعتبر أن الدعوة موجهة لتغيير رئاسة القمة من الأردن، خصوصا وأن الأردن لم تتجاوز مدة تسلمه الرئاسة أكثر من 7 أشهر، حيث اعتبر الحسين الدعوة تحجيما وتقليلا من شأن الدور الأردني في الضفة الغربية ودعم الانتفاضة، وأنهى الراحل الاجتماع بشكل كان واضحا فيه غضبه واستياءه من طلب الجزائر.
كما أذكر بأن الرفاعي الذي عارض الأمر بشدة، أبلغ الإبراهيمي بأن الموعد المقترح لعقد قمة الجزائر سيحرمه من حضور حفل تخرج ابنه الوحيد من جامعة هارفرد، كناية عن استهزائه بالطلب الجزائري.

• لكن القمة انعقدت، حتى مع رفضنا لها واعتبارها بأنها موجهة ضد الأردن، كما أننا شاركنا فيها؟
- نعم؛ فلم يغب الأردن عن قمة عربية، وكان الحسين رحمه الله حاضرا دائما في صورة أي عمل عربي يعزز قيم التضامن والعمل المشترك.
ذهبنا لقمة الجزائر وحضرنا اجتماعات القمة التحضيرية، وكان فاروق القدومي (أبو اللطف) يمثل منظمة التحرير، وكان الوفد الفلسطيني برئاسته، وقد كان الوفد مُتحفزا للحصول على المزيد من الدعم، ويريد من ذلك تجيير الانتفاضة بكل تداعياتها لمنظمة التحرير وإضعاف الدور الأردني من وراء ذلك.
وكانت الحدة والنزاع داخل لجنة الصياغة لبيان القمة واضحين، وقد كان يمثلنا في اللجنة المرحوم طلال سطعان الحسن، ونقل إلينا أن موقف ممثل الوفد الفلسطيني موقف مؤذ وغير منصف بحقنا.
حضرنا القمة، وكان يرأس وفد المملكة الراحل الحسين، وبمشاركة الرفاعي وأنا ومروان القاسم وعدنان أبو عودة.
وباعتقادي هنا، ولست جازما في ذلك، بأن لحظة بدء التفكير بقرار فك الارتباط بدأت من تلك اللحظة خلال قمة الجزائر.

• ألم تكن بصورة قرار فك الارتباط، أو حتى لم يتسرب لك شيء عنه؟
- منذ اختتام أعمال قمة الجزائر، وإلى أن أعلن قرار فك الارتباط، في 30-7-1988 غُيبت تماما كوزير خارجية عن هذا الأمر.
لا أستطيع أن أشهد بما تم داخل المؤسسة الرسمية في القصر في هذا المجال.
أذاع الملك الخطاب، وذُهلت عند سماعي لذلك القرار، وأذكر جيدا أنني توجهت عشية الخطاب لحضور عشاء رسمي، كان مقررا عند الأمير الحسن، وقد تحدثت معه في الأمر، وقلت وقتها كلاما حادا حول القرار.
عندها قررت أن لا أبقى في الحكومة، وأبديت وجهة نظري في قرار فك الارتباط في مجلس الوزراء، الذي عُقد بعد خطاب الملك، حيث تم اتخاذ إجراءات قانونية، منها إلغاء وزارة شؤون الأرض المحتلة.

• ما هي وجهة نظرك في القرار؟
- كانت باختصار وبوضوح تتلخص في أنه لا يجوز التخلي والتنازل عن أرض أردنية بقرار صوتي، حيث تم تغيير جنسية مئات الألوف من الأردنيين نتيجة لذلك، وهو قرار لم يتم إشراكهم فيه، وبدون إرادة منهم، وبدون أي إجراء قانوني.
كما أن هؤلاء السكان أصبحوا أردنيين، بموجب قوانين وتشريعات مقرة سابقا وبشكل دستوري.

• لكن، أنت خرجت في تعديل على حكومة الرفاعي وليس استقالة؟
- ظاهريا صحيح، لكنني أبلغت الرفاعي برغبتي في الاستقالة بعد قرار فك الارتباط مباشرة، وبدوره طلب مني أن أمهله لحين قيامي كوزير خارجية بتمثيل الأردن في اجتماع لجنة جامعة الدول العربية السباعية، التي تشكلت لدعم العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، وفعلا فقد كان لوزراء خارجية الأردن والسعودية (سعود الفيصل) والكويت (وقتها صباح الأحمد الجابر الصباح) تأثير مهم على صدام حسين، وقد كان يثق برأينا.
ذهبت لبغداد مباشرة، وعدت منها على متن طائرة خاصة، حيث أقلني وزير الخارجية المغربي عبدالواحد بلقزيز معه في الطائرة، وما أن حطت الطائرة في مطار الملكة علياء، حتى وجدت من ينتظرني ويبلغني بأن علي التوجه إلى مطار ماركا، للانضمام لرئيس الوزراء الرفاعي لوداع النائب الأول لرئيس الوزراء العراقي طه ياسين رمضان، وهناك أبلغته باجتماعنا في بغداد.
بعد ذلك أخذني الرفاعي إلى غرفة جانبية، لكي نتحدث بتفاصيل زيارة العراق وموقفي من قرار فك الارتباط.
ومن هناك تحدث الرفاعي مع الراحل الحسين، وأبلغه بأن وزير الخارجية عاد من بغداد، وبجعبته أخبار عن العراق، خرجنا من الغرفة أنا والرفاعي، وإذ بالمودعين لم يغادروا بعد، ذهبنا مباشرة إلى الملك الحسين، وأجلسني رحمه الله إلى جانبه، وتحدثنا بموضوع العراق، وقرار الخميني في ذلك الوقت حول وقف الحرب، وكنت أعلم بأن الملك يريد أن يتحدث مطولا في الأمر، وقد كان مهتما بموضوع العراق، ومهتما في ذلك الحين بالضغط من أجل أن يقبل طارق عزيز أن يقابل سكرتير الأمم المتحدة خافيير بيريز ديكويار، والبحث في تفاصيل قرار مجلس الأمن بموضوع إعلان إيران وقف الحرب وبداية هدنة طويلة.
كنت أود أن أكمل في موضوع قرار فك الارتباط، لكن الحسين استعجل الحديث عن العراق، لكي يتسنى له اللحاق بموعد آخر.
وتأخر أبو سمير (الرفاعي) في البت بموضوع استقالتي، لحين أن عاد وطلب مني تمثيل المملكة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي عُقد في جنيف وليس في نيويورك، بعد أن رفضت الولايات المتحدة منح تأشيرة دخول لياسر عرفات لحضور اجتماعات الجمعية.
فقررت الجمعية العامة نقل اجتماعاتها إلى جنيف، وهي المرة الوحيدة التي نقل فيها اجتماع الجمعية العامة من نيويورك، وذلك حتى يتمكن عرفات من حضور مناقشات البند الفلسطيني.
وأبلغني الرفاعي أيضا أن الأردن له دور في جسر الهوة بين منظمة التحرير، وعرفات بالذات، مع إدارة الرئيس الأميركي ريغان ووزير خارجيته شولتز، وكانت كل الجهود تتمحور حول الضغط على المنظمة وعرفات وإصدار بيان فلسطيني ينبذ الإرهاب، حتى تتمكن إدارة ريغان من التعامل مع منظمة التحرير.
وبالفعل كان للأردن دور بهذا الموضوع، وشعرت بأن هناك فائدة وخدمة لدفع الاعتراف بالمنظمة من الإدارة الأميركية.
ذهبت إلى جنيف في كانون الأول (ديسمبر) العام 1988، حيث تحقق الدور الذي كنا نتطلع إليه، في التقريب بين وجهتي النظر الأميركية والفلسطينية، وبدأت إدارة ريغان بالتعامل مع المنظمة، بعد أن أصدرت الأخيرة بيانا نبذت فيه الإرهاب.
بعد اجتماعات جنيف عدت إلى عمان، واستقلت من حكومة الرفاعي في 21-12-1988.
صحيح أنها لم تبدُ استقالة، لأن خروجي من الحكومة جاء في تعديل وزاري، أجراه الرفاعي، وخرج بموجبه سامي جودة والدكتور زيد حمزة، وأنا، لكنني اعتبرتها استقالة وكذلك الرفاعي.

• هل شعرت بأن هناك غضبا تجاهك على خلفية موقفك من قرار فك الارتباط وطلبك الاستقالة؟
- أبدا؛ ولم يتغير أي شيء، فالراحل الحسين يعرفني جيدا، وكذلك الرفاعي، كما أن موقفي من قرار فك الارتباط لا علاقة له بموقف إقليمي، يمكن لأحد أن يتهمني به، بل كان معارضة لقرار رسمي أردني، أعربت من خلاله عن معارضتي الشديدة للقرار وللأضرار التي ستترتب عليه، وهي مسؤوليتي كوزير في الحكومة، عليه أن يعارض إن كان هناك قناعة لديه، بأن أي قرار رسمي سيضر بمصالح الدولة ومصلحة الوطن.
فقد قمت بمعارضة القرار كوزير أردني في الحكومة الأردنية، ومن منطلق شعوري بالمسؤولية، خالفت القرار وعارضته، ولم يكن عندي أي سبب آخر، والجميع يعرف ذلك.
ولك أن تتخيل بعد أن غادرت حكومة الرفاعي، وتقدمت باستقالتها، بعد نحو أربعة أشهر من خروجي منها، وبعد أن تقرر تكليف الشريف زيد بن شاكر بتشكيل الحكومة، فقد اتصل بي وأبلغني بأنه مكلف بتشكيل الحكومة، وطلب مني الدخول فيها.
ثم ليس من الإنصاف أن أُتهم بمعارضة قرار فك الارتباط فقط، ففي كل الحكومات التي شاركت بها كان لي مواقف معارضة من الداخل، وفي حكومة الرفاعي الأخيرة عارضت بشدة سياسات حكومية في التعامل مع الإعلام والسيطرة عليه، كما انتقدت بشدة الطريقة التي تعاملت بها الأجهزة الأمنية مع حادثة جامعة اليرموك الشهيرة.

• وهل وافقت على الدخول في حكومة أبو شاكر؟
- قلت له 'أنتوا قررتوا' أن أخرج من وزارة الخارجية، فهذا ما فهمته من اتخاذ قرار فك الارتباط، فقال: لكن أريدك نائبا لرئيس الوزراء وزير دولة للشؤون الاقتصادية، واعتبرت ذلك التكليف الجديد اعترافا من الدولة بصحة موقفي السابق، وأن منصب نائب رئيس الوزراء هو تعويض معنوي لي، بدلا من وزارة الخارجية، وهذا ما شعرت به وقتها.
طبعا، شعرت بمسؤولية كبيرة، ولا أنكر ترددي في القبول بسبب الأوضاع الاقتصادية الحرجة، التي كانت تمر بها المملكة، بعد أزمة انهيار الدينار وأحداث هبة نيسان، لكني وافقت.
وسأشرح لك لاحقا كم أفادني الخروج من حكومة الرفاعي، وعودتي ضمن فريق حكومة زيد بن شاكر، فقد كان الأمر نجاة لي من أحداث هبة نيسان، وأسبابها وتداعياتها، وقد خدمتني هذه الصدفة في النجاح بانتخابات مجلس النواب الحادي عشر.

• وهل تعاملت من موقعك الجديد مع التفاصيل خلال أزمة انهيار الدينار وإفلاس الخزينة، وهل كان لك الدور المؤثر في الحكومة بهذا المجال؟
- انهيار الدينار أدى إلى أضرار جسيمة على المواطن، فالدينار انخفض لنحو 50 % من قيمته التي كان عليها.
طبعا لم يكن لدينا أي خبرة بمثل هذه الظروف، وما زاد من العبء فقر الخبرة بمجال سداد الدين في الحكومات التي سبقت حكومة ابن شاكر.
وقد كنا في حكومة ابن شاكر، أنا وباسل جردانة وزير المالية، وكان إبراهيم عز الدين وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء، وهو الوزير المقرب من أبو شاكر، فقررنا البدء بتغيير محافظ البنك المركزي، وبالفعل جئنا بمحمد سعيد النابلسي رحمه الله، واتفقنا على أن يكون ميشيل مارتو نائبا لمحافظ البنك المركزي، وهما شخصيتان صاحبتا مصداقية ونزاهة، وللأمانة كان لهما فضل كبير في شفاء الاقتصاد الأردني وتعافيه وعودة استقرار الدينار، فهما أصحاب خبرة وجدية في العمل.
طبعا لم يكن التعاطي مع الأزمة بالموضوع السهل، فقد بلغت كلفة سداد المديونية 900 مليون دينار في العام 1988، وكنا قد توقفنا قبلها عن سداد فائدة الدين، وبدأنا فعلا بوضع الإجراءات للتعامل مع الموضوع، واكتشفنا أن خدمة سداد الدين بلغت بعد مدة قصيرة نحو 1.2 مليار دينار للعام 1989، وكان وضعنا المالي بالغ الصعوبة، ومن هناك بدأنا بمشروع الإصلاح الاقتصادي، وبدأنا نتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وتفاجأنا بأن الأمور كانت في غاية الفوضى، حيث لم تكن هناك جهة مركزية محددة تحصر مديونية المؤسسات الرسمية، فكانت بعض المؤسسات تقترض وتحسب ديونها على المملكة، في حين إن الفوضى المالية تدب في أوصال الأجهزة الرسمية.
كما زاد من مضاعفات مشكلتنا الاقتصادية إفلاس بنك البترا، والذي كان له أثر سيئ على موضوع أزمة ما بعد انهيار الدينار.
وكان ذلك نتيجة لتحويلات الدولار، والمضاربات به، وهو ما اشتغل عليه كثيرون في وقتها، ومن الطبيعي فقد كان إفلاس البنك سببا في تأثر الآلاف من الناس سلبيا بضياع أرصدتهم.

• كيف تعاملت مع الأحداث بعد هبة نيسان، وإقالة حكومة الرفاعي، وتكليف شخصية عسكرية مثل الشريف زيد بن شاكر، للقيام بمهمة سياسية خطرة وهي تهدئة الشارع وإعادة الأمور إلى نصابها؟
- ميزة الراحل الملك الحسين أنه استوعب ما حدث وأسباب ذلك الحدث؛ هبة نيسان وتداعياتها، وقد استطاع الراحل أن ينظر إلى المستقبل باستراتيجية واضحة.
وتصرف رحمه الله منذ اللحظة الأولى، وقام بإقالة الحكومة، وقد حمدت الله على خروجي من حكومة الرفاعي قبل هذه الأحداث، كما أن الحظ خدمني كثيرا في العودة لحكومة ابن شاكر.
طبعا نجحت تجربة أبو شاكر في الحكومة، وقد كان لهذا النجاح أسباب تتعلق بالتوجهات الجيدة والخبرة الواسعة لأعضاء فريقه الحكومي، وقد كان ساعد أبو شاكر الأيمن الوزير إبراهيم عز الدين.
كما كان لهذه الحكومة ميزة نسبية مهمة، عن كل الحكومات السابقة، فهي وعلى الرغم من أنها جاءت في أعقاب أعمال شغب واسعة في المملكة، نتيجة الأوضاع الاقتصادية، إلا أن هذه الحكومة التي ترأستها شخصية عسكرية مخضرمة، ألغت حالة الطوارئ، وقد كانت حكومة براغماتية، وكان لها أيضا اتجاهاتها الواضحة والجريئة، وكمثال على ذلك فقد عطلت هذه الحكومة المادة 8 من قانون الانتخابات، إلى جانب الكثير من الأمور التي انعكست إيجابيا على أجواء الحريات العامة واستعادة التوازن السياسي الاجتماعي في البلاد.
كنت جزءا من المطبخ الحكومي، الذي كان يضم أيضا باسل جردانة وإبراهيم عز الدين ومروان القاسم.

• لكن هذه التوجهات كانت مشفوعة بإرادة الراحل الملك الحسين السياسية؟
- لا شك في ذلك، لكن أستطيع القول إن أبو شاكر وفريقه الوزاري استطاعوا أن يترجموا توجيهات الحسين عمليا على أرض الواقع، وكان من شأن تنفيذ هذه التوجيهات أن عبرنا من الأزمة الاقتصادية بأدوات سياسية.
كانت حكومة أبو شاكر الأولى حكومة انتقالية بمهمات محددة، وكان على رأس هذه المهمات استئناف الحياة الديمقراطية، وإجراء الانتخابات النيابية للمجلس الحادي عشر، والبدء بمشروع التحول الديمقراطي.
كان الراحل الحسين يريد أن تُجرى الانتخابات بأقصى درجات النزاهة والحيادية، وكذلك فعل في أمور تتعلق بالانفتاح على الحريات العامة.
حتى إن الحسين هو من اقترح فيما بعد إنشاء لجنة متخصصة تُعنى بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان.
فقد التقط الحسين اللحظة وذهب بنا جميعا إلى بر الأمان، نتيجة سرعة استجابته لمتطلبات الإصلاح والتطوير والتغيير، فقد كانت هيبة الدولة محفوظة، والثقة بين المواطن والمسؤول على درجة من الاحترام، وهو ما تم الاستثمار به بشكل جيد، على مستوى وطني، لذلك تجاوزنا الأمر.
من أجل ذلك اقتنع المواطن بجدية الدولة في الإصلاح، وهو ما دفعهم للمشاركة الإيجابية في الحياة السياسية، فقد اختلف الجو العام 180 درجة.
فالإسلاميون عادوا لمزاولة نشاطاتهم السياسية، بعد أن كانوا مغيبين لسنوات طوال عن العمل السياسي، وتم تجميد مواد قانونية كانت تعيق العمل السياسي في البلاد، كما أن نهج الدولة باستعادة توازن عمل المؤسسات الرسمية وتبييض صفحة تلك المؤسسات مع المواطنين من ناحية الثقة والمسؤولية، كل هذه الأسباب دفعت بهم للاقتناع بجدية مسار التحول الديمقراطي.
ولا أقلل هنا من أهمية العامل الزمني في تحقيق كل ذلك، فالراحل الحسين لم يستغرق وقتا طويلا في اتخاذ القرارات وتنفيذها، وكان حاسما في التغيير، ومُسرعا بالخطوات، وكان يعرف جيدا أين الهدف الذي يريد الوصول إليه، لذلك كانت انطلاقة التحول الديمقراطي في ذلك الزمن انطلاقة صحيحة، وميزتها مشاركة ألوان الطيف السياسي والاجتماعي بخطواتها كافة، بدون أن يترتب على ذلك أي كلف أو أضرار أو تبعات على الدولة مؤسسات وأفرادا.
وهنا يجب أن أتحدث بصراحة؛ فقد كان لتوجهات الحسين الإصلاحية تلك الحقبة المهمة من تاريخنا السياسي الأثر، ليس في إقناع المواطنين وحسب، بل استطاع أن يؤثر بنا نحن كوزراء في الحكومة، فمن شدة قناعتي بتوجهات الحسين الإصلاحية قررت خوض الانتخابات النيابية، واستقلت أنا وعبدالله النسور من الحكومة وترشحنا لانتخابات مجلس النواب الحادي عشر، أنا عن الدائرة الثالثة في عمان، وعبدالله النسور عن محافظة البلقاء..

- See more at: http://www.rumonline.net/index.php?p....NwcpARe3.dpuf
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المصرى, الارتباط, الجزائر, الحزين, بحاجة, تفكير, بقرار, قلة, كانت


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المصري: بداية تفكير الحسين بقرار فك الارتباط كانت في قمة الجزائر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجنزوري: الثقة بين «الحسين» و«عرفات» كانت مفقودة Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 12-26-2013 10:08 AM
الجزائر بحاجة لـ300 مليار دولار عبدالناصر محمود أخبار اقتصادية 0 09-20-2013 07:13 AM
شد الهجمات الإلكترونية علي إسرائيل كانت من شمال أفريقيا المغرب و تونس و الجزائر Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 04-16-2013 01:49 PM
الحسين بن طلال بن عبدالله بن الحسين Eng.Jordan شخصيات عربية وإسلامية 0 02-02-2013 10:34 PM
سرعة ضخ الغاز المصري للأردن لارتفاع الخسائر يقيني بالله يقيني أخبار اقتصادية 0 05-08-2012 09:13 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:55 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59