#1  
قديم 08-28-2012, 01:43 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,408
افتراضي بحث عقد الاستصناع


حمل المرجع كاملاً من المرفقات

ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث

دراسة , دراسات , بحوث جاهزة

-------------------------------------------------------------


بحث
عقد الاستصناع
كتبه أبو زيد

4

الفصل الأول : مقدمة في الاستصناع
المبحث الأول : تعريف الاستصناع في اللغة :
الاستصناع استفعال من صنع ، فالألف والسين للطلب ، يقال : استغفار لطلب المغفرة ، والصنع : يقول الرازي : "(الصنع) : بالضم مصدر قولك صنع إليه معروفاً وصنع به صنيعاً قبيحاً أي : فعل"[1] ، والصناعة – بكسر الصاد : حرفة الصانع ، واصطنعه : اتخذه ، قال تعالى : " واصطنعتك لنفسي "[2] ، يقول ابن منظور : " ويقال اصطنع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما "[3] واستصنع الشيء : دعا إلى صنعه ، فالاستصناع لغة : طلب الفعل [4].

المبحث الثاني : تعريف الاستصناع في الاصطلاح :
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الاستصناع ، ويرجع ذلك إلى اختلافهم في حقيقة الاستصناع وتكييفه – كما سيأتي إن شاء الله[5] – حيث أدخله الجمهور ضمن السلم ، أما الأحناف فعدوه عقداً مستقلاً ، لكنهم اختلفوا في تعريفه ، ومرجع ذلك الاختلاف إلى إدخال بعض القيود أو إخراجها ، ومن تلك التعريفات :
· تعريف الكاساني : " هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل " [6] .
وهنا قد بيّن كونه عقداً ، لكن لم يذكر اشتراط تحديد الثمن ، فلم يكن جامعاً .
· تعريف ابن الهمام : " الاستصناع طلب الصنعة وهو أن يقول لصانع خف أو مكعب أو أواني الصفر اصنع لي خفا طوله كذا وسعته كذا أو دستا أي برمة تسع كذا وزنها كذا على هيئة كذا بكذا ويعطى الثمن المسمى أولا يعطي شيئا فيعقد الآخر معه "[7] .
وهو تعريف بالرسم لا الحد ، حيث عرف الاستصناع بذكر بعض صوره .
· تعريف السمرقندي : " هو عقد على مبيع في الذمة وشرط عمله على الصانع "[8] .
وهو تعريف مختصر جيد ، لكن يلاحظ عليه عدم ذكر الثمن واشتراطه .
· تعريف مجلة الأحكام العدلية : " مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئاً "[9] .
وهو من أجود التعريفات ، لكن يلاحظ عليه كذلك عدم ذكر الثمن واشتراطه ،وكذلك فهو غير مانع حيث يدخل فيه الإجارة.
ويمكننا من خلال التعريفات السابقة وما لوحظ عليها أن نقول : إن الاستصناع هو :
" عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل على وجه مخصوص بثمن معلوم " .

v
5

شرح التعريف : o عقد : يخرج ما هو وعد ، وهو الصحيح خلافاً لأكثر فقهاء الأحناف .
o على مبيع : يخرج الإجارة ، فهي عقد على منافع لا على عين .
o في الذمة : قيد ثالث احترز به عن البيع على عين حاضرة .
o شرط فيه العمل : أخرج السلم ، حيث لا يشترط فيه كون المسلم فيه مصنوعاً .
o على وجه مخصوص : أي : جامع لشروط الاستصناع ببيان الجنس والنوع والقدر وغير ذلك مما تصير به معلومة ، بحيث لا يؤدي إلى نزاع .
o بثمن معلوم : أي : قدره ونوعه ، ولا يلزم قبضه في مجلس العقد على ما سيتم تفصيله قريباً – إن شاء الله -[10]
المبحث الثالث : أهميته :
تتضح أهمية عقد الاستصناع بالحاجة العظيمة إليه في الحياة البشرية ، حيث بين الله أن البشر متفاوتون فيما بينهم تسخيرا منه سبحانه لبعضهم البعض ، فقال سبحانه : " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاُ سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون " [11] ، ومن صور تسخير البشر لبعض : عقد الاستصناع ، فإن المستصنع محتاج لمن يصنع له حاجته بالشكل الذي يريد ، والصانع محتاج إلى المال الذي يأخذه مقابل صنعته ليستعين به على مصارف الحياة هذا على وجه الإجمال ، وأما على التفصيل فللاستصناع أهمية كبيرة تتضح فيما يلي :
ü من جهة الصانع : فبالرفق في كون ما يصنعه جرى بيعه مسبقاً ، وتحقق أنه ربح فيه ، وعرف مقدار ربحه ، فهو يعمل بطمأنينة ، وعلى هدى وبصيرة ، أما بغير عقد الاستصناع فإن الصانع قد يحتاج إلى مدة لتسويقه وربما يخسر خسائر كبيرة على حفظه لحين البيع ، وقد تكسد البضاعة فتكون الخسارة مضاعفة – من جهة العمل ومن جهة المواد - .
ü من جهة المستصنع : فبكونه يحصل على ما يريد بالصفة والنوع الذي يريد ، فلا يضطر لشراء ما قد لا يناسبه من البضائع الجاهزة ، بل إن بعض الأمور لا توجد جاهزة بل لا بد من طلب صنعها من الصانع فتصنع حسب الطلب ، كبعض البيوت والأبنية، كما أن المستصنع يكون مطمئناً بالاستصناع لكونه يتابع الصنع بنفسه ، فيتأكد من عدم وجود غرر أو تدليس في المصنوع، مما يجعله مرتاح النفس مطمئناً .
ü من جهة المجتمع : فبالاستصناع تتحرك الأموال من جهة إلى أخرى مما ينعش الحركة الاقتصادية في البلد ، ولذلك يدعو كثير من الاقتصاديين المسلمين إلى أهمية جعل أطراف الاستصناع من المسلمين لتنعش اقتصادهم وتزيد من مصادر دخلهم ، كما أن فيه تفريغاً لأصحاب التخصصات في تخصصاتهم ، فلو أن العالم أراد أن يبني بيتاً ولم يجد من يصنع له ، لكان في ذلك ضرر كبير على المجتمع بإشغال هذا العالم مما يحرم المجتمع من علمه ونفعه ، ومثل ذلك الطبيب والمفكر وغيرهم .[12]
6

الفصل الثاني : حقيقته وحكمه
المبحث الأول : الاستصناع بين العقد والوعد :
هناك سؤال يطرحه الفقهاء حول الاستصناع ، ألا وهو : هل الاستصناع عقد أم وعد ؟ وقبل الإجابة على ذلك نعرض لمحة مختصرة عن معنى العقد والوعد .

العقد لغة : من عقد الحبل إذا وثقه وأحكم ربطه ، ومنه : عقد اليمين إذا وثقها وغلظها ، وعقد البيع إذا أحكمه وأكده ، والمعاقدة : المعاهدة ، وتعاقد القوم فيما بينهم أي : تعاهدوا . [13]
العقد اصطلاحاً :العهد ، وهو : ما أحل الله وحرم ، قال تعالى : " والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولائك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " [14] ، ويدخل في ذلك كافة العقود : كعهد الله ، وعقد الحلف ، وعقد الشركة ، وعقد البيع ، وغير ذلك ، ولعل أصل تسمية العقد ما كان يفعلونه من الحلف عند إقامة العهود بينهم لتوثيق ذلك العهد ، ثم أطلق ذلك على كثير مما يكون فيه اتفاق مؤكد بين طرفين كالبيع والنكاح وغيره .[15]

الوعد لغة : وعد يعد وعداً و عدة ، والوعد والعدة يطلقان على الخير والشر ، فيقال : وعد خيراً ، ووعد شراً ، لكن إذا أسقط الخير والشر قالوا في الخير : الوعد والعدة ، وفي الشر : الإيعاد والوعيد .[16]
الوعد اصطلاحاً : ما يطلبه الطالب فيعده صاحبه بإنفاذ ما يطلب ، وصورته في الفقه : أن يعد غيره أن يبيعه داره أو أرضه أو نحو ذلك ، فيلزمه ديانة لا قضاء [17].

من خلال ما سبق يتضح معنى العقد والوعد ، لكن ما الآثار المترتبة بين كون الاستصناع عقداً أو وعداً ؟
فالجواب : إن كان الاستصناع عقداً ، فإنه يكون لازماً عند الاتفاق فلا يحق لأحدهما فسخه – على الصحيح - ، أما إن كان وعداً ، فإنه يلزمهما الإتمام ديانة ، ويأثم بعدم الإمضاء ، ولا ضمان على كل واحد منهما .[18]
وبعد اتضاح الفرق بين العقد والوعد يأتي السؤال : هل الاستصناع عقد أم وعد ؟
اختلف علماء الأحناف[19] في ذلك على قولين :
الأول : أن الاستصناع عقد وليس وعداً ، وهو رأي أكثر الأحناف ، ورجحه أكثر المعاصرين ، وعلى رأسهم المجمع الفقهي الإسلامي .

7

الثاني : أن الاستصناع وعد وليس عقداً ، وذهب إليه بعض من علماء الأحناف ، ومنهم : الحاكم الشهيد[20] ، ومحمد بن مسلمة ، وأبو القاسم الصفار ، ومحمد بن سلمة[21] ، والسمرقندي ، وغيرهم ، واختاره من المعاصرين : د. علي السالوس[22] .
أدلة القائلين بأنه وعد :
1. أن الصانع له ألا يعمل ، فلا يجبر عليه ، فيكون ما بينهما وعد لا عقد ؛ لأنه لو كان ما بينهما عقد للزم الصانع العمل .
2. أن المستصنع له الحق في أن يرد المصنوع ، وله الرجوع فيما استصنعه قبل رؤيته تسليمه ، ولو كان عقداً لما كان بإمكانه الرجوع ، بل يلزمه القبول .
3. أنه لو كان عقداً لما بطل بموت أحد طرفي العقد ، بينما نجد أنه يبطل بموت أحدهما .
4. أنه لو كان عقداً لما صح ؛ لأنه بيع معدوم .[23]
المناقشة :
· نوقش القول بأن للصانع عدم العمل وأن للمستصنع الرد وعدم القبول بعدم التسليم بثبوت الخيار لكل منهما، بل الاستصناع لازم بمجرد العقد ، وعلى فرض التسليم فإن ثبوت الخيار لكل منهما لا يدل على أنه مواعدة فإن مثل ذلك البيع عرضاً بعرض ، فإن لهما خيار الرؤية عند رؤية المبيع إذا لم يسبق لهما رؤيته ، ومثل ذلك الاستصناع .
· وأما قولهم : إنه لو كان عقداً لما بطل بموت أحد الطرفين ، فإنه إنما بطل بموت أحد الطرفين لشبهه بالإجارة وهي تنفسخ بموت أحد الطرفين ، والإجارة عقد ، فمثلها الاستصناع .
· وأما قولهم : إنه لو كان عقداً لم يصح ؛ لأنه بيع معدوم ؛ فلا نسلم أن بيع المعدوم منهي عنه شرعاً ، فإن النهي هو عن الغرر وعن بيع الإنسان ما لا يملك .
فأما الغرر : فكما في المزابنة والمحاقلة ؛ لأنه لا يدري هل ينبت ذلك المكان أم لا ، أما الاستصناع فإنه يغلب على الظن وجوده بصفته في وقت طلبه ؛ لتوفر أدواته وآلاته وقدرة الصانع على صناعته .
وأما بيع الإنسان ما لا يملك : فإذا على كان البيع حالّاً معيناً كما في حديث حكيم بن حزام مرفوعاً : " لا تبع ما ليس عندك " حيث كان يبيع الناسَ السلعةَ ثم يدخل السوق فيشتريها لهم ، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ؛لوجود الغرر وإفضاءه إلى النزاع إذا علم البائع الأول أنه باعها بأعلى – بعد شرائها مباشرة - ، أما الاستصناع فليس كذلك إذ هو بيع آجل موصوف في الذمة ويغلب على الظن إمكان إيجاده وقته طلبه ، ففرق فيما بينهما .
ولو سلمنا بالنهي عن بيع المعدوم ؛ فإن إلحاق الاستصناع بالسلم أقيس من إلحاقه ببيع المعدوم المنهي عنه؛إذ إن الاستصناع كالسلم في كونه بيع آجل موصوف في الذمة يغلب على الظن وجوده وقت التسليم،فإلحاقه به أولى .[24]

8

على أن بعض الفقهاء – ممن منع بيع المعدوم – أجاز بيع المعدوم عند القدرة على تسليمه ؛لانتفاء الغرر عن المشتري ، وانتفاع البائع بالمال لعدم قدرته على تحصيل ذلك المعدوم ، ففيه من المصلحة ما لا يخفى . يقول ابن القيم – رحمه الله - : " في «السُّنن» و«المسند» من حديث حكيم بن حزام قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجلُ يسألني من البـيع ما ليس عندي، فأبـيعه منه، ثم أبتاعُه من السوق، فقال: «لا تَبع ما لَيسَ عِندَك» قال الترمذي: حديث حسن [25].
وفي «السنن» نحوه من حديث ابن عمرو رضي الله عنه، ولفظه: «لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَـيعٌ، وَلاَ شَرطَانِ في بَـيعٍ، وَلاَ رِبحُ مَا لَم يُضمَن، وَلاَ بَـيعُ مَا لَيسَ عِندَك» قال الترمذي: حديث حسن صحيح[26].
فاتفق لفظُ الحديثين على نهيه عن بـيعِ ما ليس عنده فهذا هو المحفوظُ من لفظه وهو يتضمن نوعاً من الغَرر، فإنه إذا باعه شيئاً معيناً، ولَيس في ملكه، ثم مضى ليشتريه، أو يسلمه له، كان متردداً بـينَ الحصول وعدمه، فكان غرراً يشبه القِمَار، فَنُهِيَ عنه.
وقد ظن بعضُ الناس أنه إنما نهى عنه، لكونه معدوماً، فقال: لا يَصِحُّ بـيعُ المعدوم، وروى في ذلك حديثاً أنه نهى عن بـيع المَعدُومِ، وهٰذا الحديث لا يُعرف في شيء من كتب الحديث، ولا له أصل، والظاهر أنه مروي بالمعنى من هذا الحديث، وغلطَ مَن ظَن أن معناهما واحد، وأن هذا المنهي عنه في حديث حكيم وابن عمرو رضي الله عنهما لا يلزمُ أن يكون معدوماً، وإن كان ، فهو معدوم خاص، فهو كبـيع حَبَلِ الحَبَلةِ وهو معدوم يتضمن غرراً وتردداً في حصوله " [27] .

ثم قال – رحمه الله - : " والمعدوم ثلاثة أقسام:
1. معدوم موصوف في الذمة، فهٰذا يجوز بـيعه اتفاقاً، وإن كان أبو حنيفة شرط في هذا النوع أن يكون وقت العقد في الوجود من حيث الجملة، وهٰذا هو المُسلم، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
2. والثاني: معدوم تبع للموجود، وإن كان أكثرَ منه وهو نوعانِ: نوع متفق عليه، ونوع مختلف فيه، فالمتفق عليه بـيعُ الثمار بعد بُدو صلاح ثمرة واحدة منها، فاتفق الناسُ على جواز بـيع ذلك الصنف الذي بدا صلاحُ واحدة منه، وإن كانت بقية أجزاء الثمار معدومةً وقتَ العقد، ولكن جاز بـيعها للموجود، وقد يكون المعدوم متصلاً بالموجود، وقد يكون أعياناً أُخر منفصلة عن الوجود لم تُخلق بعد.
3. والنوع المختلف فيه كبـيع المقاثىء والمباطخ إذا طابت. فهذا فيه قولان: أحدهما: أنه يجوز بـيعها جملة، ويأخذها المشتري شيئاً بعد شيء، كما جرت به العادة ويجري مجرى بـيع الثمرة بعد بُدُو صلاحها، وهذا هو الصحيح من القولين الذي استقر عليه عمل الأمة، ولا غنى لهم عنه، ولم يأت بالمنع منه كتابٌ ولا سنة ولا إجماع، ولا أثر ولا قياس صحيح، وهو مذهب مالك وأهل المدينة، وأحد القولين في مذهب أحمد، وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية "[28] .

9

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وهذا الذي ذكرناه في الإجارة بناء على تسليم قولهم: إن بيع الأعيان المعدومة لا يجوز. وهذه المقدمة الثانية والكلام عليها من وجهين: أحدهما: أن نقول: لا تسلم صحة هذه المقدمة، فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله؛ بل ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا لفظ عام ولا معنى عام، وإنما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة كما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، وليست العلة في المنع لا الوجود ولا العدم بل الذي ثبت في الصحيح عن النبـي صلى الله عليه وسلّم أنه نهي عن بيع الغرر، والغرر ما لا يقدر على تسليمه سواء كان موجوداً أو معدوماً، كالعبد الآبق والبعير الشارد ونحو ذلك مما قد لا يقدر على تسليمه، بل قد يحصل وقد لا يحصل، هو غرر لا يجوز بيعه وان كان موجوداً، فإن موجب البيع تسليم المبيع، والبائع عاجز عنه، والمشتري إنما يشتريه مخاطرة ومقامرة، فإن أمكنه أخذه كان المشتري قد قمر البائع. وإن لم يمكنه أخذه كان البائع قد قمر المشتري.
وهكذا المعدوم الذي هو غرر، نهى عن بيعه لكونه غرراً لا يكونه معدوماً، كما إذا باع ما يحمل هذا الحيوان أو ما يحمل هذا البستان، فقد يحمل وقد لا يحمل، وإذا حمل فالمحمول لا يعرف قدره ولا وصفه، فهذا من القمار، وهو من الميسر الذي نهى الله عنه.
ومثل هذا إذا أكراه دواب لا يقدر على تسليمها؛ أو عقاراً لا يمكنه تسليمه، بل قد يحصل وقد لا يحصل، فإنه إجارة غرر.
الوجه الثاني: أن نقول بل الشارع صحح بيع المعدوم في بعض المواضع؛ إنه ثبت عنه من غير وجه انه نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، ونهى عن بيع الحب حتى يشتد، وهذا من أصح الحديث، وهو في الصحيح عن غير واحد من الصحابة، فقد فرق بين ظهور الصلاح وعدم ظهوره، فأحل أحدهما وحرم الآخر. ومعلوم أنه قبل ظهور الصلاح لو اشتراه بشرط القطع كما يشتري الحِصْرِم ليقطع حصر ما جاز بالاتفاق. وإنما نهى عنه إذا بيع على أنه باق؛ فدل ذلك على أنه جوزه بعد ظهور الصلاح أن يبيعه على البقاء إلى كمال الصلاح. وهذا مذهب جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم.
ومن جوز بيعه في الموضعين بشرط القطع؛ ونهى عنه بشرط التبقية أو مطلقاً؛ لم يكن عنده لظهور الصلاح فائدة، ولم يفرق بين ما نهى عنه النبـي صلى الله عليه وسلّم وما أذن فيه.
وصاحب هذا القول يقول: موجب العقد التسليم عقيبه فلا يجوز التأخير. فيقال له: لا نسلم أن هذا موجب العقد: إما أن يكون ما أوجبه الشارع بالعقد أو ما أوجبه المتعاقدان على أنفسهما، وكلاهما منتف، فلا الشارع أوجب أن يكون كل بيع مستحق التسليم عقب العقد، ولا العاقدان التزما ذلك، بل تارة يعقدان العقد على هذا الوجه كما إذا باع معيناً بدين حال، وتارة يشترطان تأخير تسليم الثمن كما في السلم؛ وكذلك في الأعيان.

10

وقد يكون للبائع مقصود صحيح في تأخير التسليم كما كان لجابر حين باع بعيره من النبـي صلى الله عليه وسلّم واستثنى ظهره إلى المدينة؛ ولهذا كان الصواب انه يجوز لكل عاقد أن يستثنى من منفعة المعقود عليه ماله فيه غرض صحيح، كما إذا باع عقاراً واستثنى سكناه مدة، أو دوابه واستثنى ظهرها، أو وهب ملكاً واستثنى منفعته، أو أعتق العبد واستثنى خدمته مدة؛ أو ما دام السيد، أو وقف عيناً واستثنى غلتها لنفسه مدة حياته، وأمثال ذلك. وهذا منصوص أحمد وغيره، وبعض أصحاب أحمد قال: لا بد إذا استثنى منفعة المبيع من أن يسلم العين إلى المشتري ثم يأخذها ليستوفي المنفعة، بناء على هذا الأصل الفاسد، وهو أنه لا بد من استحقاق القبض عقب العقد. وهو قول ضعيف وهو أن موجب العقد استحقاق التسليم عقبه، والشرع لم يدل على هذا الأصل؛ بل القبض في الأعيان والمنافع كالقبض في الدين، تارة يكون موجب العقد قبضه عقبه بحسب الإمكان، وتارة يكون موجب العقد تأخير التسليم لمصلحة من المصالح ... "[29] .



ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة


أدلة القائلين بأنه عقد :
1. أنه قد أجري في الاستصناع القياس والاستحسان ، فلو كان وعداً لما احتاج إلى ذلك .
2. أن الاستصناع يثبت فيه خيار الرؤية ، والوعد لا يحتاج إلى خيار رؤية لأنه لم يلزم أصلاً .
3. أن الاستصناع يجوز فيما فيه تعامل بين الناس ، لا فيما لا تعامل فيه .
4. أن الصانع يملك الدراهم بقبضها ، ولو كان وعداً لم يملكها .
5. أن الاستصناع يجري فيه التقاضي ، والتقاضي يكون غي المعقود لا الموعود .
6. أن الاستصناع لو كان وعداً لما صح أن يحكم فيه بعدم الصحة ؛ لأن الوعد لا يوصف بالصحة أو عدمها ، وإنما تختص العقود بذلك الوصف .[30]

الترجيح :
يتبين من الأدلة السابقة : أن الراجح هو أن الاستصناع عقد لا وعد ؛ لقوة أدلتهم ومناقشة أدلة القول الأول .

بعد بيان كون الاستصناع عقداً ، فإننا نحتاج لمعرفة مسألتين :
· هل عقد الاستصناع من قبيل البيع أم من قبيل الإجارة ؟
· وهل عقد الاستصناع جائز أم لازم ؟




·
11

المسألة الأولى : هل عقد الاستصناع من قبيل البيع أم من قبيل الإجارة ؟
اختلف جمهور فقهاء الأحناف في ذلك على أقوال :
القول الأول : أنه بيع .
وهو قول جمهور فقهاء المذهب الحنفي ؛ إلا أنه بيع من طبيعة خاصة ، فكان له وضع خاص مثل السلم ، فهو نوع من أنواع البيوع ، لكن لكونه ذا طبيعة خاصة استحق تسمية خاصة وأحكاماً مميزة .
يقول محمد بن الحسن : " الاستصناع جائز بإجماع المسلمين وهو بيع عند عامة المشايخ "[31] .
ويقول الكاساني : " وقال بعضهم هو بيع لكن للمشتري فيه خيار وهو الصحيح "[32] .
ويقول السرخسي : " اعلم بأن البيوع أنواع أربعة بيع عين بثمن وبيع دين في الذمة بثمن وهو السلم وبيع عمل العين فيه تبع وهو الاستئجار للصناعة ونحوهما فالمعقود عليه الوصف الذي يحدث في المحل بعمل العامل والعين هو الصبغ بيع فيه وبيع عين شرط فيه العمل وهو الاستصناع "[33] .
ومن هذه النقول يتبين أن الاستصناع بيع ، لكنهم ذكروا في هذا البيع أموراً يختص بها عن بقية البيوع ، أبرزها أمران :
o اشتراط الخيار وهو خيار الرؤية .
o واشتراط العمل في الاستصناع .

ونوقش هذا القول :
· بأن الاستصناع بيع معدوم فلا يصح أن يكون بيعاً .
وأجيب : بما سبق ذكره من التفصيل في حكم بيع المعدوم[34] .
· لو كان الاستصناع بيعاً لما بطل بموت أحد العاقدين ، لكن يبطل بموت أحدهما ، فهو أشبه بالإجارة .
وأجيب : بأن الاستصناع فيه شبه بالإجارة من جهة طلب العمل ، وفيه شبه بالبيع من جهة كون المقصود هو المستصنع لا العمل ، فلشبهه بالإجارة يبطل بموت أحد العاقدين ، ولشبهه بالبيع لم يجب تعجيل الثمن في مجلس العقد ، وأُثبت فيه الخيار .

القول الثاني : أنه إجارة :
فالاستصناع شبيه بالإجارة ، ويتضح هذا الشبه في الصباغ حيث يقوم بصباغة الثوب ونحوه بمادة من عنده ، ففيه شبه كبير بالاستصناع .

12

وأجيب : بأن الأصل في الصباغ العمل ، وإذا كان عمله يستلزم وضع الصبغ من عنده –لأنه أعرف بالمواد – فهو تبع للعمل ، كما أن المستصنع يأتي إلى الصانع صفر اليدين ، بينما صاحب الثوب يأتي إلى الصباغ بثوبه ليصبغه ، فيتضح الفرق في ذلك .
الترجيح :
الراجح أن الاستصناع نوع من البيع ، لكن يتميز بشروط خاصة كالسلم .[35]


· المسألة الثانية : هل عقد الاستصناع جائز أم لازم ؟
اختلف الأحناف في عقد الاستصناع من حيث اللزوم والجواز على أقوال ، وقد رتب بعض المعاصرين تلك الأقوال بجعلها في قولين :
القول الأول: التفصيل :وذلك حسب مراحل العقد كما يأتي :
1. بعد التعاقد وقبل الصنع .
2. بعد التعاقد والفراغ من العمل ، وذلك قبل أن يراه المستصنع .
فالعقد في هاتين الحالتين غير لازم ، قال الكاساني : " بلا خلاف "[36] .
3. بعد الفراغ من العمل ورؤية المستصنع للمصنوع ، وفي هذه الحالة اختلفوا على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن للمستصنع الخيار دون الصانع ، وعللوا ذلك بأن الصانع بائع والمستصنع مشترٍ ، وقد أسقط الصانع خياره بإحضار المصنوع ، فبقي الخيار للمستصنع ، وهذا قول جمهور الأحناف .
القول الثاني : أن لكل من الصانع والمستصنع الخيار ، وعللوا ذلك بأن الخيار لدفع الضرر ، وفي تخيير كل منهما دفع للضرر عنه ، فتخيير الصانع لكون السلعة تستحق أكثر مما دفع المستصنع ، وتخيير المستصنع لأن السلعة قد تكون أقل من القيمة التي دفعها ، أو لأمر آخر ، ففي تخييرهما دفع للضرر عنهما ، وهو رواية عن أبي حنيفة .
القول الثالث : سقوط الخيار عنهما ، وعللوا بأن الصانع فلأنه بائع ، وإحضاره للمستصنع دليل على إسقاطه الخيار ، وأما المستصنع فلأن في إبقاء الخيار له ضرر بالصانع لكونه تعب في صنعه واجتهد ليصل إلى بدله – وهو الثمن – ففي إثبات الخيار للمستصنع ضرر بيّن به ، وهو رواية عن أبي يوسف .

القول الثاني : أن الاستصناع لازم بمجرد العقد :
وهذا القول رواية عن أبي يوسف ، وهو الذي نصت عليه مجلة الأحكام العدلية ، واختاره المجمع الفقهي الإسلامي الدولي ،وعليه فلو تم العقد بين الطرفين فليس لأحدهما الفسخ إلا بإذن الآخر ،واستدلوا بعدة أدلة منها :
1.
13

قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ، وجميع النصوص الدالة على وجوب الوفاء بالعقود . 2. أن في عدم إلزام الطرفين بالعقد ضرر على أحدهما ، إما أن يكون ضررا على البائع لكونه قد بذله جهده وتكلف الأدوات وأنهى العمل ، أو لكونه قد جهز الأدوات وبدأ العمل ، أو استعد بترتيب وقته وإلغاء أعماله للبدء في العمل ، ففي عدم لزومه ضرر بيّن عليه ، وإما أن يكون ضررا على المستصنع لحاجته إلى العين المصنوعة ، وربما تكون حاجته عاجلة ، ففي إثبات الخيار للصانع ضرر عليه بانتظاره مرة أخرى أو بحثه عن صانع آخر ، والشريعة قد جاءت بإزالة الضرر عن الجميع .
3. أن عقد الاستصناع هو عقد بيع – كما ذكرنا – فيكون لازماً .
4. أن عقد الاستصناع لو لم يكن لازماً ؛ لابتعد الناس عنه ؛ لكونه غير مضمون النتيجة ، فالمستصنع قد يطلب من صانع عملاًُ ثم يفاجئ أن الصانع قد باع ما طلب منه ، أو العكس فيعمل الصانع عملاً – وربما يكون مكلفاً – ثم يفاجئ بالمستصنع وقد رغب عن العين المصنوعة ، فلا يجد الصانع من يشتريها ، وإن وجد فإنه سيبيعها بأقل من تكلفتها ، فتذهب ثمرة مشروعية الاستصناع ، أو ربما يلجأ الناس إلى اشتراط اللزوم في الاستصناع عن التعاقد ، فيصبح اللزوم شرطاً – لكن من جهة المتعاقدين - .
5. أن في عدم لزوم الاستصناع إثارة للنزاع بين الناس ، وذلك لإلغاء أحد الطرفين العقد في أثنائه ، وفي ذلك ضرر على الآخر ، مما يثير النزاع والمخاصمات بين الطرفين ، وهذا مما جاءت الشريعة بنفيه وسد بابه .
الترجيح :
يتضح مما سبق أن الراجح هو أن عقد الاستصناع عقد لازم بمجرد العقد ؛ لما في ذلك من المصلحة بتحقق أهداف الاستصناع ، وإزالة للضرر عن المتعاقدين .[37]
والله أعلم .

المبحث الثاني : حكم عقد الاستصناع :
اختلف الاستصناع في حكم عقد الاستصناع بين مبيح وحاظر ، وقد كان هذا الاختلاف بسبب اختلافهم في تكييف عقد الاستصناع ، حيث يرى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة : أن الاستصناع ملحق بالسلم ؛ فيشترط فيه ما يشترط في السلم ، وأما الأحناف : فيرون أن الاستصناع عقد مستقل بذاته وله خصائصه وأحكامه .
ومن هذا المنطلق اختلف العلماء في حكم عقد الاستصناع كعقد مستقل بذاته إلى قولين :
· القول الأول : عدم جواز عقد الاستصناع إذا كان على غير وجه السلم .
وهو قول جمهور العلماء من الأحناف والمالكية والشافعية .
· القول الثاني : جواز عقد الاستصناع .
وهو قول الأحناف .

14

أدلة القول الأول : 1. ما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ .
وجه الدلالة : دل الحديث على عدم جواز بيع الكالئ بالكالئ[38] – وهو الدين بالدين - ، وفي عقد الاستصناع بيع دين بدين ؛ لأن السلعة في ذمة الصانع والثمن في ذمة المستصنع ، وقد أجمع العلماء على منعه .
وأجيب : بأن الحديث ضعيف ، وسبب ضعفه : أن موسى بن عبيدة تفرد به عن نافع وهو ضعيف ، قال أحمد : لا تحل الرواية عن موسى بن عبيدة ، ولا أعلم هذا الحديث لغيره ، وقد ضعفه الإمام الشافعي والبيهقي [39] ، وأما ادعاء الإجماع ، فعلى فرض التسليم إلا أنه لا ينطبق على جميع الصور التي يشملها الدين بالدين ، وقد اضطرب النقل في الصورة التي ينطبق عليها الإجماع ، فلا يجوز حينها التمسك بالإجماع على عدم جواز الاستصناع لكونه دينا بدين.
2. أن الاستصناع بيع معدوم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرء عن بيع ما ليس عنده[40] .
وقد سبقت الإجابة على هذا [41].
3. وجود الجهالة في السلعة المستصنعة ؛ لكونها قد تزيد وقد تنقص فيضر بأحد الطرفين .
وأجيب : أن ما يحتمل وجوده من الجهالة مغتفر إذا كان يسيراً ، كما في السلم ، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره[42] ، مع أن مقدار الحجامة وكمية الدم المستخرج غير معروفة عند التعاقد .


أدلة القول الثاني :
1. ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن النبي e اصطنع خاتما من ذهب وجعل فصه في بطن كفه إذا لبسه فاصطنع الناس خواتيم من ذهب فرقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه فنبذه فنبذ الناس ... "[43] الحديث .
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم استصنع خاتماً من ذهب ، ففيه مشروعية الاستصناع ، وأما إلقاؤه له فلأنه كان من الذهب وقد حُرّم على الرجال التزين به ، بدليل أنه اتخذ بعد ذلك خاتماً من فضة[44] .
2. ما ثبت في الصحيحين من حديث سهل قال : أرسل رسول الله e إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل - :مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس ، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله e فأمر بها فوضعت ها هنا... "[45] الحديث .

15

وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من المرأة أن تأمر غلامها بصنع المنبر ، فدل على مشروعيته ونوقش : باحتمال أن يكون صناعته على سبيل التبرع لا على سبيل التعاقد . 3. التعامل من غير نكير على مر العصور في المباني والأحذية والأثاث ونحوها ، وهو يتضمن إجماعاً عملياً .
ونوقش : بعدم التسليم للإجماع ، بدليل مخالفة جمهور العلماء للقول بمشروعية الاستصناع .
4. ومن المعقول : فإن حاجة الناس إلى الاستصناع كبيرة [46] ، وفي الشرع مراعاة لحاجات الناس بل هو من مقاصده ؛ لما في ذلك من التيسير عليهم والرفق بهم ، كما في التيمم والمسح على الخفين وعقد السلم وغير ذلك ، فجاز الاستصناع استحساناً .
ونوقش : بأن الحاجة تندف بما أباحه الله من العقود ، كالسلم .
وأجيب : بأن الحاجة إلى الاستصناع كبيرة ، وقد سبق بيان شيء من ذلك ، وفي ترك ضرر بالمسلمين ، فليس كل ما يباع جاهزاً مناسب ، بل ليس كل ما يحتاجه المرء يجده جاهزاً ، خاصة وأن الباعة لا يصنعون ما يقل شراؤه ؛ لما في ذلك من الخسارة بكساد البضاعة وعدم وجود مشترٍ لها ، فيحتاج الناس إلى من يصنع ما يحتاجونه حال طلبهم وبالصفة التي يريدونها ، وهذا هو الاستصناع ، أما السلم فلا يكفي للوفاء بحاجة المجتمع لكونه يشترط لصحته تعجيل الثمن ولا يصح فيه اشتراط الصانع .
يقول الكاساني عنه : " فيه معنى عقدين جائزين وهو السلم والإجارة لأن السلم عقد على مبيع في الذمة واستئجار الصناع يشترط فيه العمل وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كان جائزا "[47] .

الترجيح :
الراجح هو القول بجواز عقد الاستصناع ، لما يأتي :
1. قوة أدلة أصحاب القول الثاني .
2. أن الحاجة داعية للاستصناع ، وفي منعه من إلحاق الحرج بالناس ما لا يخفى .
3. ضعف أدلة المانعين بما ورد من مناقشتها .

وقد رجح القول بجوازه المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في مؤتمره السابع المنعقد بجدة لعام 1412 هـ .[48]
والله أعلم
16

الفصل الثالث : أركان عقد الاستصناع وشروطه
المبحث الأول : أركان عقد الاستصناع :
أركان الاستصناع عند الجمهور ستة – كالسلم - ، وهي :
1. الصانع .
2. المستصنع .
3. المحل .
4. الثمن .
5. الإيجاب .
6. القبول .
ويمكن حصرها في ثلاثة ، وهي : العاقدان – وهما الصانع والمستصنع - ، والمعقود عليه – وهما المحل والثمن- والصيغة – وهي الإيجاب والقبول - .
وقال الأحناف : ركنه الصيغة فقط ، فينعقد بالإيجاب والقبول .

وقد اختلف فقهاء الأحناف في محل العقد ، هل هو العين أو العمل ؟ على قولين :
القول الأول : أن المعقود عليه هو العمل ، وبه قال بعض الأحناف .
القول الثاني : أن المعقود عليه هو العين المصنوعة ، وبه قال جمهور الأحناف .

أدلة القول الأول :
1- أن الاستصناع مأخوذ من الصنع وهو العمل ، فتسمية العقد به دليل على أنه المعقود عليه .
نوقش : بأن المعقود عليه المستصنع فيه ، وذر الصنعة لبيان الوصف ، وذلك أنه لو جاء به من صنعة غيره فقبله صح ذلك .
2- أن في الاستصناع شبهاً بالإجارة ، ولذلك يبطل بموت أحد المتعاقدين ، والمعقود عليه في الإجارة هو العمل ، فكذلك الاستصناع .
نوقش : بأنه كما في الاستصناع شبه بالإجارة ، ففيه شبه بالبيع من جهة أنه يثبت فيه خيار الرؤية ، ونحو ذلك ، بل إننا رجحنا أن عقد الاستصناع هو عقد بيع ، فإلحاقه به أولى ، والمعقود عليه في البيع هو العين وليس العمل .
3- أن المستصنع إنما اختار هذا الصانع من بين الصنّاع لجودة عمله وإتقانه ، فيشترط أن يكون من عمله .
نوقش : بعدم التسليم ، إذ إن غرض المشتري هو توفير الصنعة كما يريد ، وأما الصانع فقد يكون اختاره لقربه منه أو لثقته فيه أو لرغبته في نفعه أو غير ذلك .


ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة


أدلة القول الثاني : 1- أن خيار الرؤية يثبت للمستصنع ، وخيار الرؤية لا يكون إلا في بيع العين ، فدل على أن المبيع هو العين وليس العمل .
2- أنه إذا استصنع رجل آخر شيئاً ، فجاء به من صنع شخص آخر وفق ما طلب المستصنع ، فإن العقد يصح فدل على أن العقد وارد على العين ، ولو كان وارداً على العمل لما صح .
3- أن غرض المستصنع هو العين المصنوعة بالأوصاف التي يريدها ، فإذا أتته كما يريد فقد تحقق ما يريد ، وأما الصانع فهو شيء ثانوي بالنسبة إليه .

الترجيح :
يتضح مما سبق رجحان القول بأن المعقود عليه هو العين ، ويكون العمل تابعاً .
وتتضح ثمرة الخلاف فيما لو استصنع رجل آخر شيئاً ، فجاء به وقد صنعه شخص آخر وفق ما يريد المستصنع فإنه على القول الراجح يجبر المشتري على أخذها ، وتبرأ ذمة الصانع حتى ولو لم يخبره بصانعها ، ولا يكون للمشتري الخيار في الرد ، على أنه لا بد أن يكون الصانع الآخر مجيداً للصنعة متقناً لها كالأول أو مقارباً له.
هذا إذا لم يشترط المستصنع أن يكون الصانع هو من يقوم بصنعها ؛ لتميزه – مثلا – ودقة صنعته ، فهنا يكون الشرط صحيحاُ ويلتزم به الصانع ، أو تدل قرينة على أن ذلك الصانع مقصود كارتفاع سعر صناعته عن بقية الصناع حوله ، لكن لا بد أن يُعلم أن العمل له تبعيته في العين ، بمعنى أنه لو اتفق مع شخص على أن يصنع عيناً بأوصاف معينة ، فجاءه بسلعة تباع في السوق ، فإن للمستصنع الخيار لعدم وجود عمل بعد الاتفاق ، بل العمل كان قبلُ ، وذلك لأن السعر يختلف اختلافاً واضحاً بين سلع السوق والسلع التي تطلب استصناعاً ، كما أن المعروف أن الصانع يأتيه بسلعة صّنعت بعد الاتفاق ، ومعلومٌ أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً .[49]

ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة
المبحث الثاني : شروط عقد الاستصناع :
يشترط لعقد الاستصناع شروط خاصة – إضافة إلى شروط البيع – ، هي :
1- أن يكون المصنوع معلوماً : بتحديد مواصفات الشيء المطلوب صناعته تحديداً وافياً يمنع التنازع عند التسليم .
2- أن يكون المصنوع مما تدخله الصناعة ، فلا يصح في البقول والحبوب ونحو ذلك .
3- أن يكون الشيء المصنوع مما يجري التعامل فيه ؛ لأن الاستصناع جائز استحساناً ، فلا يصح فيما لا تعامل فيه، وذلك يختلف بحسب الأعراف السائدة في كل مكان وزمان ، فلا يقاس مكان على مكان ولا زمان على زمان ، وأما إذا كان الشيء المطلوب صنعه مما لم تجر به العادة بصناعته فإنه يمكن التوصل إليه بطريق السلم .
4-
أن تكون المواد المستخدمة في الشيء المصنوع من الصانع ، فإذا كانت من المستصنع فإنه يكون عقد إجارة لا عقد استصناع . 5- بيان الثمن جنساً وعدداً بما يمنع التنازع ، فالجنس : كـريال سعودي ، والعدد : كالألف .
6- بيان مكان تسليم المبيع إذا احتيج إلى ذلك .
7- ألا يكون فيه أجل ، وفي هذا الشرط خلاف يحتاج إلى تفصيل وتوضيح .

· اشتراط الأجل في عقد الاستصناع :
تحرير محل النزاع :
1- إذا كان عقد الاستصناع مطلقاً من غير تحديد مدة معينة ، فهو صحيح بلا خلاف .
2- إذا كان الأجل المضروب أقل من شهر – أي لم يبلغ المدة التي يصح بها السلم عند الأحناف – فهو عقد استصناع بلا خلاف ؛ لأن ذكر الأجل هنا للاستعجال لا للاستمهال .
3- إذا كان الأجل المضروب شهراً أو أكثر ، ففيه الخلاف ، هل يصير سلماً أم يبقى استصناعاً ؟ اختلف الأحناف في هذا على أقوال ، أبرزها قولان :
القول الأول :أنه يشترط ألا يكون في الاستصناع أجل ؛ فإن ضرب له أجل صار سلماً ، وهو قول أبي حنيفة .
القول الثاني : أن عدم ضرب الأجل ليس بشرط ، فيصح الاستصناع سواء ضرب فيه الأجل أو لم يضرب ، وهو قول الصاحبين : أبي يوسف ومحمد بن الحسن .

أدلة القول الأول :
1. أن التأجيل يختص بالديون ؛ لأنه وضع لتأخير المطالبة ، وتأخير المطالبة لا يكون إلا في عقد لازم ، واللزوم في السلم لا في الاستصناع ؛ إذ لا دين في الاستصناع .
أجيب : بأن ذكر الاستصناع يقتضي ألا يكون سلماً ، وذكر الأجل يحتمل أن يكون العقد سلماً ، فيحمل المحتمل على المؤكد ، ثم إن ضرب الأجل هو للترفيه بتأخير المطالبة ، ولا يخرج به العقد من جنس إلى آخر ، ثم لو كان الاستصناع بالأجل يكون سلماً ، لكان السلم بدون ذكر الأجل يصير استصناعاً وأنتم لا تقولون بهذا .
2. أن السلم عقد على مبيع مؤجل في الذمة ، فإذا ضرب الأجل في الاستصناع كان سلماً ؛ إذ العبرة في العقود بالأحكام والمعاني لا بالألفاظ والمباني .
أجيب : بأنه لو كان سلماً لكان فاسداً لأنه اشترط فيه صنعة صانع بعينه ، وهو مفسد للسلم .

أدلة القول الثاني :
1. أن العادة جارية بضرب الأجل في الاستصناع ، والاستصناع إنما جاز للتعامل .
2.
أن القصد من الأجل في الاستصناع تعجيل العمل لا تأخير المطالبة من المستصنع ، فلا يخرج العقد عن كونه استصناعاً ، بينما القصد من السلم تأخير المطالبة . 3. أن الاستصناع بدون ذكر الأجل عقد جائز غير لازم ، فلا يصير لازماً بذكر الأجل فيه .






ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة


الترجيح :
القول الثاني أقرب ؛ لقوة أدلته وتوجهها ، لكن مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرر اشتراط تحديد الأجل فيه قطعاً للنزاع والخصومة ، وما قرره المجمع أوجه ؛ إذ إن من مقاصد الشريعة في المعاملات قطع المنازعات ، ولذلك يشترط الفقهاء في كل عقد شروطاً لقطع النزاع بين الطرفين ، بل إنهم في عقد الاستصناع نفسه قد اشترطوا شروطاً لذلك : كتحديد العين المصنوعة بما تنضبط به ، وهذا لا يقل أهمية عن تحديد الأجل، فإن المستصنع كما أنه يحتاج إلى أوصاف معينة في العين المصنوعة ، فهو محتاج إلى أن تكون تحت يده في أقرب وقت ، وفي عدم تحديد الأجل تأخير له ومماطلة ، كما أن في تحديد الأجل حض للصانع على سرعة إنهاء عمله ، فكان تحديد الأجل أمر مهم ، إضافة إلى أن عادة الناس قد اختلفت في ذلك فأصبح الناس يحددون الأجل عند التعاقد ، خاصة وأن الأمور تيسرت عما كان سابقاً ، فأصبحت الأدوات متوفرة في كل مكان وتوفيرها أصبح أكثر سهولة ويسرا ، لكنه قد يعفى عن التقدم أو التأخر اليسير الذي لا يضر بالطرفين .[50] [51]











ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة

الفصل الرابع : آثار عقد الاستصناع وانتهاؤه[52]
المبحث الأول : آثار عقد الاستصناع[53] :
· بالنسبة للصانع :
فيثبت للصانع ملك الثمن ؛ نظرا للزوم العقد ، ويستحقه كاملاً إذا قدم العين المصنوعة كما طُلب منه .
· بالنسبة للمستصنع :
فيثبت للمستصنع ملك المبيع في ذمة المستصنع إن جاء به كما طلبه منه .
بقول الكاساني : " وأما حكم الاستصناع فهو ثبوت الملك للمستصنع في العين المبيعة في الذمة وثبوت الملك للصانع في الثمن ملكا غير لازم "[54] وقد سبق بيان أن الملك في الاستصناع ملك لازم[55] .

المبحث الثاني : انتهاء عقد الاستصناع :
من المعلوم أن جميع العقود والبيوع تبدأ بالتعاقد ، ويختلف انتهاؤها ، فبم ينتهي عقد الاستصناع فيستحق الصانع الثمن ، ويستحق المستصنع المبيع ؟
ينتهي عقد الاستصناع بما يلي :
1. وفاء كل من المتعاقدين بالالتزامات التي أوجبها العقد :
· من جهة الصانع :
1) القيام بالصنع للمطلوب كما طلبه المستصنع .
2) تسليم المطلوب صنعه إلى المستصنع .
· من جهة المستصنع :
1) استلام المطلوب صنعه كما طلبه .
2) دفع الثمن للصانع .
2. إقالة أحد المتعاقدين للآخر .
3. موت أحد المتعاقدين ، وقالوا بذلك : لشبه الاستصناع بالإجارة ، حيثإن الاستصناع إجارة ما دام الصانع يعمل في العين ، فإذا سلمها فهو بيع ، لكنه سبق بيان أن الاستصناع بيع من بدايته إلى نهايته ، فعلى هذا لا ينفسخ عقد الاستصناع بموت أحد المتعاقدين ، ويلزم ورثة الصانع بتسليم المبيع ، ويلزم ورثة المستصنع بقبولها ، على أن انفساخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين محل خلاف بين العلماء ، والراجح هو عدم انفساخها بذلك[56] ، والله أعلم. [57]



ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة

الفصل الرابع : الاستصناع في العصر الحاضر
المبحث الأول : الاستصناع في المصارف :
يعتبر الاستصناع للمصارف خطوة رائدة لتنشيط الحركة الاقتصادية في البلد ، وذلك إما بكون المصرف صانعاً ، أو بكونه مستصنعاً :
· أما كونه صانعاً : فإنه يتمكن على أساس عقد الاستصناع من دخول عالم الصناعة والمقاولات بآفاقهما الرحبة ، كصناعة السفن والطائرات والبيوت والطرق ، وغير ذلك ، حيث يقوم المصرف بذلك من خلال أجهزة إدارية مختصة بالعمل الصناعي في المصرف ؛ لتصنع الاحتياجات المطلوبة للمستصنعين .[58]
· وأما كونه مستصنعاً ، فبتوفير ما يحتاجه المصرف من خلال عقد الاستصناع مع الصناعيين والذي يوفر لهم التمويل المبكر ، ويضمن تسويق مصنوعاتهم ، ويزيد من دخل الأفراد ، مما يزيد من رخاء المجتمع بتداول السيولة المالية بين أبناء البلد .
· وهناك حالة ثالثة ، وهي أن يكون المصرف صانعاً ومستصنعاً في نفس الوقت ، وهو ما يسمى بالاستصناع الموازي ، حيث سيتم تفصيل الكلام فيه في النقطة التالية .

v الاستصناع الموازي :
· صورة الاستصناع الموازي : أن يبرم المصرف عقد استصناع بصفته صانعاً مع عميل يريد صنعة معينة، فيجرى العقد على ذلك ، و تتعاقد المؤسسة مع عميل آخر باعتبارها مستصنعاً ، فتطلب منه صناعة المطلوب بالأوصاف نفسها .
· الغرض من الاستصناع الموازي : بناءً على التغير الكبير الذي يحدث في المجتمعات ، ونظرا للحاجة الكبيرة لدعم الاقتصاد بمشاريع ضخمة وبرؤوس أموال كبيرة ، فقد أصبح عقد الاستصناع من العقود ذات الأهمية الكبيرة للمصارف تلبية لاحتياجات ورغبات الجماعات والأفراد ، والتي لا يمكن تمويلها بعقود البيوع الأخرى وذلك من خلال تصنيع السلع وسداد الثمن مؤجلاً أو على أقساط ، وفقاً لقدرات المستصنِع وموافقة الصانع على ذلك .
· حكم الاستصناع الموازي : الاستصناع الموازي بالصورة السابقة جائز ، لأنهما عقدان مختلفان ، وقد سبق بيان أن الاستصناع عقد لازم ، فعلى هذا يصح العقد في الجهتين ، ولا ضرر على أحدهما ، وذلك لأنه المعقود عليه هو العين – كما سبق ترجيحه – وأما العمل فهو تابع ، وأن الصانع لو أتى بالصنعة نفسها من آخر فإن ذلك يصح ، ويلزم المستصنع قبولها – ما لم يصرح باشتراط أن تكون من عمل الصانع ، أو أن تقوم قرينة باشتراط ذلك ، والغالب في الاستصناع الموازي أن العميل يعلم أن المصرف لا يصنع ذلك الشيء بل يستصنعه عند جهة أخرى ، وحينئذ يكون الاستصناع جائزاً .
·


ورقة عمل, مشروع , مشروع تخرج, بحث , بحوث , دراسة , دراسات , بحوث جاهزة

شروط الاستصناع الموازي : اشترط أهل العلم شروطاً خاصة بالاستصناع الموازي –إضافة إلى شروط الاستصناع – وذلك لئلا يكون الاستصناع الموازي حيلة إلى الربا ، ومن تلك الشروط : 1. أن يكون عقد المصرف مع المستصنع منفصلاً عن عقدها مع الصانع .
2. أن يمتلك المصرف السلعة امتلاكاً حقيقياً ، وتقبضها قبل بيعها على المستصنع .
3. أن يتحمل المصرف نتيجة إبرامه عقد الاستصناع بصفته صانعاً كل تبعات المالك ، ولا يحق له أن يحولها إلى العميل الآخر في الاستصناع الموازي .[59]

المبحث الثاني : الاستصناع في التمويل العقاري :
يمكن تطبيق الاستصناع في التمويل العقاري في عدة تطبيقات مختلفة ، كبناء المساكن والعمائر وغيرها ، وذلك ببيان موقعها والصفات المطلوبة فيها ، كما يمكن أن يكون الاستصناع في تخطيط الأراضي وإنارتها وشق الطرق فيها وتعبيدها ، وغير ذلك من المجالات العقارية والتي يمكن الاستفادة من الاستصناع فيها .

المبحث الثالث : الاستصناع في التمويل الصناعي :
يمكن الاستفادة من عقد الاستصناع بتطبيقه في المجال الصناعي باختلاف أشكاله وأنواعه ، كصناعة الطائرات والمركبات السفن – مما يمكن ضبطه بالمقاييس والصفات - ، وكذلك : صناعة الآلات المختلفة ، بل وحتى القطع الصغيرة في الآلات ، وذلك بدلاً من استيرادها من البلاد الأجنبية بقيم باهظة مع مشقة النقل وتكلفته العالية ، خاصة وأن في الاستصناع الداخلي تحريكاً للنشاط الاقتصادي ، وإبقاء للسيولة المالية بين أبناء المجتمع ، والاستفادة من الطاقات المختلفة وتوظيفها في مجالها المناسب .[60]


[1] محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي .مختار الصحاح ، صفحة : 371 .

[2] سورة طه . آية : 41 .

[3] ابن منظور . لسان العرب ، ج 8 ، صفحة : 209 .

[4] انظر : لسان العرب :ج:8 ، صفحة : 209 . مختار الصحاح صفحة : 371 . القاموس المحيط :ج:1 ، صفحة :954 .

[5] انظر : صفحة : 6 وما بعدها .

[6] علاء الدين الكاساني . بدائع الصنائع ، ج : 5 ، صفحة : 2 .

[7] كمال الدين ابن الهمام السيواسي . شرح فتح القدير ، ج : 7 ، صفحة : 114 .

[8] علاء الدين السمرقندي . تحفة الفقهاء ، ج 2 صفحة : 326 .

[9] محمد الزحيلي . قضاء المظالم في الفقه الإسلامي ، ج 7 صفحة 53 .

[10] انظر : بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 60 ، الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 631-633 .

[11] سورة الزخرف . آية : 32 .

[12] انظر : عقد الاستصناع لكاسب البدران ، صفحة : 148-149 . قضاء المظالم في الفقه الإسلامي لمحمد الزحيلي ، ج 7 صفحة 57-59 ، بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 104- 105، الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 669-671 .

[13] انظر : لسان العرب :ج:3، صفحة : 269 . مختار الصحاح صفحة : 445 . القاموس المحيط :ج:1 ، صفحة :383 .

[14] سورة الرعد . آية : 25 .

[15] انظر : تفسير الطبري : ج:6 ، صفحة : 47 ، تفسير قول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " .

[16] انظر : لسان العرب :ج:3، صفحة : 461 . مختار الصحاح صفحة : 728 . القاموس المحيط :ج:1 ، صفحة :416 .

[17] انظر : عقد الاستصناع لكاسب البدران ، صفحة : 78 ، الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 635 .

[18] انظر : عقد الاستصناع لكاسب البدران ، صفحة : 79 .

[19] سبق بيان أن بقية المذاهب يرون أن الاستصناع داخل في السلم ، وبالتالي فلا يتحدثون عن هذه المسألة في كتبهم .

[20] انظر : المبسوط للسرخسي : ج : 12 ، صفحة : 139 .

[21] انظر : فتح القدير للسيواسي ، ج : 7 ، صفحة : 115 .

[22] انظر : مجلة المجمع الفقهي ، بحث الدكتور علي السالوس ، صفحة : 255

[23] انظر : عقد الاستصناع لكاسب البدران ، صفحة : 80 . والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 30 ، وعقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة : 18 ، الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 638 .

[24] انظر : عقد الاستصناع لكاسب البدران ، صفحة : 82 ، وعقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة : 18 .

[25] رواه الترمذي –باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك– عن حكيم بن حزام رضي الله عنه.حديث رقم (1232). سنن الترمذي ج3 صفحة 534 ، ورواه الإمام أحمد في المسند عن حكيم بن حزام رضي الله عنه . حديث رقم (15346 ) مسند الإمام أحمد . ج3 صفحة 402 .

[26]رواه النسائي –باب بيع ما ليس عند البائع– عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .حديث رقم (6204). سنن النسائي ج4 صفحة 39 ، ورواه أبو داود في السنن عن ابن عمرو رضي الله عنهما . حديث رقم ( 3504 ) سنن أبي داود . ج3 صفحة 283.

[27] ابن القيم . زاد المعاد في هدي خير العباد . ج : 1 ، صفحة : 2648 .

[28] المرجع السابق .

[29] شيخ الإسلام ابن تيمية . مجموع الفتاوى ، ج : 20 ، صفحة : 504 – 505 .

[30] انظر : عقد الاستصناع لكاسب البدران ، صفحة : 83 . والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 30 ، وعقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة : 19 ، و بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 152 ،الاستصناع لسعود الثبيتي، صفحة : 638-639 .

[31] محمد بن الحسن الشيباني . الجامع الصغير . ج:1 ، صفحة : 325 .

[32] علاء الدين الكاساني . بدائع الصنائع ، ج : 5 ، صفحة : 2 .

[33] شمس الدين السرخسي . المبسوط . ج: 15 ، صفحة : 84 .

[34] صفحة : 7 وما بعدها .

[35] انظر : الجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 31 ، وعقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة : 19 ، و بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 152-154 ، الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 640-644 .

[36] علاء الدين الكاساني . بدائع الصنائع . ج : 5 ، صفحة : 3 .

[37] ينظر : بدائع الصنائع للكاساني ج:5 ، صفحة : 3 ، وعقد الاستصناع لكاسب البدران صفحة : 179- 195 ، عقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة :26- 27،46 ، والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 33-35 ، بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 167-169 ، ومجلة المجمع الإسلامي الفقهي : العدد : 7 ، ج : 2 ، صفحة : 777 ، الاستصناع لعبدالرحمن العثمان ، صفحة : 36 - 38 .

[38] رواه الدارقطني . كتاب البيوع – باب الجعالة - عن ابن عمر رضي الله عنهما.حديث رقم ( 269) سنن الدارقطني ج3 صفحة 71 .

[39] انظر : توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام لابن بسام ، جزء : 4 ، صفحة : 45 .

[40] سبق تخريجه صفحة : .

[41] انظر صفحة : 7 وما بعدها .

[42] رواه البخاري– باب ذكر الحجام – عن ابن عباس رضي الله عنهما.حديث رقم ( 1997) صحيح البخاري ج2 صفحة 741 ، ورواه مسلم - باب حل أجرة الحجامة – عن ابن عباس رضي الله عنهما . حديث رقم (1202 ) صحيح مسلم . ج3 صفحة 1205 .

[43] رواه البخاري– باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه – عن ابن عمر رضي الله عنهما.حديث رقم ( 5538) صحيح البخاري ج5 صفحة 2205 ، ورواه مسلم - باب تحريم خاتم الذهب على الرجال ونسخ ما كان من إباحته في أول الإسلام – عن ابن عمر رضي الله عنهما . حديث رقم (2091 ) صحيح مسلم . ج3 صفحة 1656 .

[44] رواه البخاري– باب خواتيم الذهب – عن ابن عمر رضي الله عنهما.حديث رقم (5528) صحيح البخاري ج5 صفحة 2202 ، ورواه مسلم - باب لبس النبي e خاتما من ورق نقشه محمد رسول الله ولبس الخلفاء له من بعده – عن ابن عمر رضي الله عنهما . حديث رقم (2091 ) صحيح مسلم . ج3 صفحة 1656 .

[45] رواه البخاري– باب الجلوس على المنبر عند التأذين – عن سهل بن سعد رضي الله عنه.حديث رقم ( 875) صحيح البخاري ج1 صفحة 310 ، ورواه مسلم - باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة – عن سهل بن سعد رضي الله عنه . حديث رقم (544 ) صحيح مسلم . ج1 صفحة 386 .

[46] سبق بيان شيء من ذلك ، صفحة : 5 .

[47] علاء الدين الكاساني . بدائع الصنائع . ج : 5 ، صفحة : 3 .

[48] الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 645-660 ، عقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة :18 ، والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 28-30 ، بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 161-163 ، الاستصناع لعبدالرحمن العثمان ، صفحة : 13 - 24 .

[49] ينظر : المبسوط للسرخسي ج : 12 ، صفحة : 115 ، عقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة :30 ، الجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 30 ، قضاء المظالم في الفقه الإسلامي لمحمد الزحيلي ، ج : 7 ، صفحة : 59 ، بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 163-166 ، والاستصناع لعبدالرحمن العثمان ، صفحة : 25 - 27 .

[50] ينظر : بدائع الصنائع للكاساني ج:5 ، صفحة : 3 ، وفتح القدير للسيواسي ج:7 ، صفحة : 114 ، وعقد الاستصناع لكاسب البدران صفحة : 119-122 ، عقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة :30 ، والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 30 ، قضاء المظالم في الفقه الإسلامي لمحمد الزحيلي ، ج : 7 ، صفحة : 59 ، بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 161-163 ، الاستصناع لسعود الثبيتي ، صفحة : 666-667 ، والاستصناع لعبدالرحمن العثمان ، صفحة : 28 - 33 .

[51] ربما يكون عدم اشتراط الحنفية للأجل مترتب على القول بعدم لزوم عقد الاستصناع ، وبناء عليه فإذا أحضر الصانع السلعة في وقت مناسب للمستصنع ، وإلا فله الخيار بالفسخ وأخذ ماله ، أما على القول بلزوم الاستصناع فإن القول بتحديد الأجل متوجه لدفع الضرر عن الطرفين ، والله أعلم .

[52] قمت بالجمع بين آثار الاستصناع وانتهائه لما يجمعهما من كونهما بعد العقد ، فناسب الجمع بينهما .

[53] ونعني بآثار عقد الاستصناع ما يترتب على العاقدين من عقد الاستصناع .

[54] علاء الدين الكاساني . بدائع الصنائع . ج : 5 ، صفحة : 3 .

[55] ينظر : بدائع الصنائع للكاساني ج:5 ، صفحة : 3 ، وعقد الاستصناع لكاسب البدران صفحة : 197 .

[56] ينظر : المغني لابن قدامة : ج : 5 ، صفحة : 301 ، والإنصاف للمرداوي : ج : 6 ، صفحة : 61 ، حاشية الروض المربع لعبد الله الطيار ، ج : 7 ، صفحة : 127 .

[57] بدائع الصنائع للكاساني ج:5 ، صفحة : 4 ، وعقد الاستصناع لكاسب البدران صفحة : 226-227 .

[58] بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 172، والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 44-45 .

[59] ينظر : عقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة :33،49 ، والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 45 ، قضاء المظالم في الفقه الإسلامي لمحمد الزحيلي ، ج : 7 ، صفحة : 65-69، بيع المرابحة لمحمد الأشقر صفحة : 173- 175.

[60] ينظر : عقد الاستصناع لمصطفى الزرقا ، صفحة :33،36 ، والجعالة والاستصناع لشوقي دنيا ، صفحة : 45 ، قضاء المظالم في الفقه الإسلامي لمحمد الزحيلي ، ج : 7 ، صفحة : 69 – 71 ، وعقد الاستصناع لكاسب البدران صفحة : 221-225 .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مشروع, مشروع تخرج, الاستصناع, بحث, بيئة, بحوث جاهزة, دراسات, دراسة, ورقة عمل


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59