#1  
قديم 04-06-2017, 01:39 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي إشكالية إدارة العلاقة مع أصحاب المصالح كمدخل لممارسة المسؤولية الاجتماعية













عنوان المداخلة
إشكالية إدارة العلاقة مع أصحاب المصالح كمدخل لممارسة المسؤولية
الاجتماعية من طرف منظمات الأعمال في الجزائر : حالة المؤسسة الاقتصادية العمومية للتوظيب وفنون الطباعة – برج بو عريريج

العايب عبد الرحمن، أستاذ مساعد "أ" د. بقة الشريف، أستاذ التعليم العالي
abder-laib@hotmail.com
begga_ch@yahoo.fr

0552 15 64 44 0664 73 27 45


الملخص :
تتناول المداخلة بالدراسة إشكالية ممارسة منظمات الأعمال الجزائرية لمسؤوليتها الاجتماعية من خلال الإدارة الجيدة لعلاقتها مع أصحاب المصالح. وسيتم دراسة الواقع الجزائري من خلال حالة المؤسسة الاقتصادية العمومية للتوظيب وفنون الطباعة بولاية برج بوعريريج.
وتهدف المداخلة إلى الوقوف على المستويات التي تتحلى بها منظمات الأعمال الجزائرية في هذا المجال خصوصا في ظل ما تفرضه العولمة من متطلبات جديدة تقضي بضرورة تحقيق التوافق بين أهدافها الاقتصادية والمتطلبات البيئية والاجتماعية كشرط لضمان بقاءها ولا يتحقق ذلك إلا بكسب ثقة أصحاب المصالح.
وقد خلصت الدراسة إلى أن العلاقة التي تبرمها المؤسسة مع بين مختلف أصحاب المصالح غير متوازنة، كما أن مستويات التحلي بالمسؤولية الاجتماعية من طرف المؤسسة المدروسة ما زال لا يتلاءم مع المتطلبات التي تفرضها الممارسة الجيدة لهذه المسؤولية.

الكلمات المفتاحية: التنمية المستدامة - المسؤولية الاجتماعية للشركات – أصحاب المصالح – منظمات الأعمال – إشباع رغبات أصحاب المصالح

Résumé :

La présente communication traite la problématique de la relation avec les parties prenantes et son rôle dans l’exercice de la responsabilité sociétale de l’entreprise. Elle aborde ce sujet dans le con****e algérien par l’étude du cas de l’entreprise publique économique EMBAG.
Le but de la communication est de faire l’état des lieux au sein de l’entreprise algérienne en matière de RSE notamment tenant compte des exigences de la mondialisation qui ont hissé cette responsabilité au rang d’un avantage compétitif, et par celle-ci, la satisfaction des parties prenantes est devenu un facteur contribuant à la survie et à la croissance de l’entreprise.
La communication a conclu qu’en matière de management de la relation avec les parties prenantes, il n’y a pas un équilibre en matière de satisfaction de l’ensemble des parties. Elle conclut également qu’il existe un écart considérable entre la pratique actuelle au sein de l’entreprise étudiée et les meilleures conditions d’exercice de la RSE.

Mots clés : Développement durable - Responsabilité Sociale des Entreprises « RSE » – Parties prenantes – Entreprise Publique Economique « EPE » – Satisfaction des parties prenantes

المقدمة:
منذ أكثر من عقدين تزايد وبشكل كبير الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وتزايد معه الاهتمام بالدور المجتمعي لمنظمات الأعمال وكيف يمكن لهذه المنظمات أن تحقق التوافق والتناغم بين الهدف الذي من أجله تم تأسيسها وهو تعظيم المنفعة لحملة الأسهم والدور الاجتماعي الذي يجب أن تلعبه بصفتها طرفا فاعلا في المجتمع الذي تنشط في وسطه. وقد صاحب هذا التطور زيادة الاهتمام بموضوع إدارة العلاقة مع أصحاب المصالح. والذي تبين من خلاله أن الممارسة السليمة للمسؤولية الاجتماعية تقوم على أساس إدارة العلاقة الجيدة بين منظمات الأعمال والأطراف ذات المصلحة. ونظرا لذلك تطور الفكر التنظيمي وتطورت معه نظريات النظم وظهرت نظريات جديدة تتناول العلاقة بين منظمة الأعمال وأصحاب المصالح، ولعل من أبرز تلك المحاولات الإسهامات التي قدمتها نظرية الوكالة لصاحبيها جانسن وميكلينغ Jensen & Meckling ونظرية أصحاب المصالح لصاحبها فريمان Freeman. وقد رافق هذه المحاولات أن تناول الباحثون إشكالات عديدة فيما يتعلق بهذه العلاقة، ولعل أهم تلك الإشكالات أولا ماهية وطبيعة أصحاب المصالح، ثانيا نوع وطبيعة العلاقة التي يمكن للمنظمة الأعمال أن تربطها مع كل طرف، ثالثا كيفية الحكم على مستوى الإشباع لكل طرف ذو مصلحة وأخيرا مدى تأثير مراعاة متطلبات أصحاب المصالح على أداء المنظمة.
ونظرا لما تفرضه العولمة من متطلبات على كل منظمات الأعمال مهما كانت جنسيتها وأماكن تواجدها، فإن منظمات الأعمال في الجزائر مطالبة هي أيضا بالتحلي بالمسؤولية الاجتماعية وتحقيق التوافق بين أهدافها الاقتصادية والمتطلبات البيئية والاجتماعية كشرط لضمان بقاءها ولا يتحقق ذلك إلا بكسب ثقة أصحاب المصالح.

I. الإطار المنهجي للبحث :
1. إشكالية البحث :
إن الإشكالية التي تتناولها المداخلة بالدراسة تنحصر في السؤال التالي: "هل تمارس منظمات الأعمال الجزائرية ولو بشكل غير مباشر لمسؤوليتها الاجتماعية من خلال الإدارة الجيدة لعلاقتها مع أصحاب المصالح ؟"
2. أهمية البحث :
تكمن أهمية البحث في أنه يتناول بالدراسة كيفية ممارسة المسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال الإدارة الجيدة للعلاقة مع أصحاب المصالح. فالمنظمة التي ترى نفسها مسؤولة إجتماعيا مطالبة ليس فقط بتطبيق ما تفرضها عليها قوانين وتشريعات، بل بجب أن تذهب الى ما هو أبعد من ذلك ويكون بالسعس الدائم والمستمر نحو التعلرف على متطلبات أصحاب المصالح والعمل جديا على إشباعها. فبقدر الاهتمام الذي توليه منظمات الأعمال لأصحاب المصالح بقدر يجعل منها ذلك أكثر مسؤولية في المجتمع الذي تنشط فيه، مما ينعكس ذلك على تحسين من تنافسيتها ومنه بقاءها وديمومتها.
3. هدف البحث:
يهدف البحث إلى دراسة أحد المواضيع المهمة والخاصة بتحقيق التنمية المستدامة من طرف منظمات الأعمال والمتمثل في مدى اسهام إدارة العلاقة مع أصحاب المصالح في التحلي بالمسؤولية الاجتماعية، ذلك أن من أهم المفاهيم المرتبطة مباشرة بالتنمية المستدامة بالنسبة للمؤسسة ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. فالمسؤولية الاجتماعية للشركات ماهي إلا التطبيق الفعلي للتنمية المستدامة داخل المؤسسة. وأحيانا ما يتم إحلال المصطلحين، أي استعمال مصطلح المسؤولية الاجتماعية للشركات محل مصطلح التنمية المستدامة و في معظم الأحيان يتم إشراكهما في التعبير عن معنى واحد.
إن الملاحظ على منظمات الأعمال عموما، باستثناء بعض المنظمات العالمية الرائدة، أن الاهتمام بإدارة العلاقة مع اصحاب المصالح يعني بالنسبة لها فقط مطابقة ممارستها الإدارية لكل ما هو التزامات قانونية سارية المفعول. فالاكتفاء بهذا الحد الأدنى لا يقود إلى تطوير ونمو المنظمة. إن التحلي بالمسؤولية الاجتماعية يكون ايضا بالأخذ بعين الاعتبار بصفة طوعية للاهتمامات الاجتماعية والبيئية من طرف المؤسسات أثناء أدائهم لأنشطتها المختلفة وكذلك في علاقاتهم مع الأطراف ذات المصلحة. فالمسؤولية الاجتماعية هي أيضا الذهاب إلى ما هو أبعد تطبيق القوانين والتشريعات ويكون في تحسين العلاقات بينها وبين الأطراف ذات المصلحة.
4. فرضيات الدراسة :
للإجابة على السؤال الرئيسي للإشكالية المطروحة أعلاه، ستدرس المداخلة الفرضيات الأربعة التالية:
1) باستطاعة المؤسسة التعرف وتحديد أصحاب المصالح التي تربطها بهم علاقات مباشرة وغير مباشرة.
2) تبذل المؤسسة الجهد الكافي من أجل معرفة متطلبات كل ذو طرف صاحب مصلحة وتستعين في ذلك.
3) تسعى المؤسسة جاهدة إلى تحقيق التوازن في إشباع رغبات أصحاب المصالح.
4) لقياس مدى الإشباع الذي تحققه لكل طرف ذي مصلحة، تستعين المؤسسة بالأدوات المناسبة لتحقيق ذلك.
5. منهجية البحث :
في دراسة هذا الموضوع تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي، حيث ينقسم البحث الى محورين أساسيين. في المحور الأول استخدمنا المنهج الوصفي وذلك باجراء دراسة نظرية للموضوع مشتملة مراجعة لأهم المؤلفات العلمية ذات الصلة. أما المحور الثاني فهو تطبيقي واستخدمنا فيه المنهج التحليلي وذلك بتحليل معلومات وبيانات الدراسة الميدانية والتي تم الحصول عليها من خلال الاعتماد بدرجة كبيرة على تحليل الاستمارة. فهذه الأخيرة هي المصدر الأساسي الوحيد الذي تم اللجوء إليه في إجراء البحث.
تحتوي استمارة الاستبيان التي قمنا بإعدادها على جزئين رئيسيين وهما:
- الجزء الأول وهو خاص بالتعرف على المؤسسة. يحتوي هذا الجزء على اسم، المؤسسة، سنة تأسيسها، مبلغ رأسمالها، قيمة رقم الأعمال المحقق خلال السنة الأخيرة، الشهادات المتحصل عليها (جودة – بيئة – صحة وسلامة مهنية – شهادة نظام إدارة مندمج) وسنوات الحصول على تلك الشهادات ؛
- الجزء الثاني وهو خاص باختبار فرضيات الدراسة الأربعة.
6. خطة البحث :
يحتوي البحث على أربعة أجزاء رئيسية، كل جزء مقسم إلى مجموعة من المحاور الفرعية. ففي الجزء الرئيسي الأول، تم تناول الإطار المنهجي للدراسة. وفي الجزء الرئيسي الثاني، تم إعداد إطار نظري للدراسة الذي سنقف فيه بإسهاب أمام موضوع أهمية مراعاة متطلبات أصحاب المصالح وكيف يمكن التعرف على متطلباتهم، وما هي الأدوات والوسائل المتاحة لترجمة تلك المتطلبات إلى مستويات رضا تساعد المنظمة على التحلي بالمسؤولية الاجتماعية، أما في الجزء الرئيسي الثالث، فيركز على وجه الخصوص على ملاحظة الظاهرة على مستوى مؤسسة اقتصادية عمومية ذات بعد وطني وهي المؤسسة الاقتصادية العمومية للتوظيب وفنون الطباعة بولاية برج بوعريريج. أما الجزء الرئيسي الرابع، فيحتوي على نتائج الدراسة الميدانية وعلى مقترحات الدراسة.

II. الجانب النظري :
1. مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات :
من أهم المفاهيم المرتبطة مباشرة بالتنمية المستدامة بالنسبة للمؤسسة ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. "فالمسؤولية الاجتماعية للشركات ما هي إلا التطبيق الفعلي للتنمية المستدامة داخل المنظمة." فأحيانا يتم إحلال المصطلحين، أي استعمال مصطلح المسؤولية الاجتماعية للشركات محل مصطلح التنمية المستدامة وفي معظم الأحيان يتم إشراكهما في التعبير عن معنى واحد. بالنظر إلى العبارتين، فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات والتنمية المستدامة يشيران إلى مفهوم واحد وهو التنمية. وعليه، فإن عبارة المسؤولية الاجتماعية للشركات أو عبارة التنمية المستدامة "يقودان إلى نفس الفكرة ويتبعان نفس الاتجاه في التطور سواء على المستوى الجزئي والمتمثل في المنظمة أو على المستوى الكلي أي على مستوى الدولة أو المنظمات الدولية."
يصادف كل من يبحث في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات العشرات من التعاريف صادرة من توجهين في تعريف المسؤولية الاجتماعية للشركات. فالتوجه الأول وهو ما تتفق حوله التعارف الأكاديمية. أما التوجه الثاني وهو ما اجتمعت حوله التعاريف الصادرة من المنظمات والهيئات المحلية والدولية، وبطبيعة الحال إن معظمها مختلف باختلاف وجهات نظر من قام بتقديمها.
بالنسبة للتعاريف التي اقترحها الأكاديميون الممثلون في علماء الاقتصاد والإدارة، فقد صدر للمنظر الأول للمسؤولية الاجتماعية للشركات بحثا سنة 2010 يؤكد فيه أنه لحد هذه السنة "تم إحصاء أكثر من 37 تعريف أكاديمي قدم للمسؤولية الاجتماعية للشركات. " نبدأ بعرض التعاريف الأكاديمية ثم ننتقل بعدها بتقديم التعاريف الصادرة عن المنظمات والهيئات ذات الشأن.
بالنسبة للتعاريف الأكاديمية، فقد كان أول من عرف المسؤولية الاجتماعية للشركات هو الباحث الإداري المعروف بيتر دروكرPeter DRUCKER الذي عرفها باختصار و من منظور عام على أنها "التزام منظمة الأعمال تجاه المجتمع الذي تعمل فيه. " و دقق في تعريفها الاقتصادي الليبرالي ميلتون فريدمان Milton FRIEDMAN سنة 1970 في مقال صدر بجريدة نيويورك تايمز على أنها "استعمال المؤسسة لمواردها والقيام بأنشطة موجهة لتعظيم أرباحها شريطة أن تحترم قواعد اللعبة أي بالاعتماد على التنافس الحر في السوق دون اللجوء إلى الطرق المغشوشة وإلى التحايل. " ومن وجهة نظر أخرى والتي يعد من ابرز أنصارها رجل الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل بول ساميولسن Paul SAMUELSON الذي يرى "أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يمثل البعدين الاقتصادي والاجتماعي معا. كما يشير إلى أن المؤسسات الاقتصادية في عالم اليوم يجب ألا تكتفي بالارتباط بالمسؤولية الاجتماعية، بل يجب أن تغوص في أعماقها، وأن تسعى نحو الإبداع في تبنيها. إذ أن إبداعها في هذا المجال من شأنه أن يحقق للمنظمة أرباحا على المدى الطويل، ويعزز مركزها لدى أصحاب المصالح، كما يساعدها على تجنب الضغوط الحكومية بشكل كبير. " ويرى كيث دافيس Keith Davis المسؤولية الاجتماعية أنها "تتمثل في تحقيق التوازن بين الأهداف الاجتماعية والأهداف الاقتصادية وذلك من خلال مواجهة التحديات الاجتماعية المختلفة. " و اثار الباحث كارول Carroll في تعريفه للمسؤولية الاجتماعية مسالة المنفعة المجتمعية للشركات معتبرا إياها "ما يتوقعه المجتمع من المنظمات في النواحي الاقتصادية، التشريعية، الأخلاقية والتقديرية. " وأخيرا و ليس بالآخر نعتها الأكاديمي الفرنسي المختص في مجالات علاقة المؤسسة الاقتصادية بالتنمية المستدامة كريستيان برودهاق Christian BRODHAG على أنها "الأخذ بعين الاعتبار بصفة طوعية للاهتمامات الاجتماعية والبيئية من طرف المؤسسات أثناء أدائهم لأنشطتهم التجارية وكذلك في علاقاتهم مع أصحاب المصالح. فالمسؤولية الاجتماعية لا تعني فقط المطابقة لكل ما هو التزامات قانونية سارية المفعول ولكن أيضا الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك ويكون بالاستثمار في الرأسمال البشري وفي البيئة وفي العلاقات بين أصحاب المصالح. "
أما التعاريف المقدمة من طرف المنظمات والهيئات الدولية، فيمكن تقديم جملة منها وهي كما يلي:
1) تعريف الاتحاد الأوربي la commission européenne : هي "الطريقة التي يجب أن تعمل بها الشركات والمؤسسات لدمج الاهتمامات والقضايا الاجتماعية والبيئية والاقتصادية في صنع القرار واستراتيجيات وسياسات وقيم وثقافة الشركة والعمليات والأنشطة داخل الشركة وبشفافية ومحاسبة ليتم تطبيق أحسن الممارسات. وتعمل على تطبيق القوانين والتعليمات التي لها علاقة بمكافحة الفساد والرشوة، وتلتزم بالحفاظ على الصحة والسلامة وحماية البيئة وحقوق الإنسان والعمال. " كما قدم تعريفا آخر مفاده أن "مصطلح المسؤولية الاجتماعية للشركات يعني أن تقرر هذه الشركات طواعية بأن تكون طرفا فاعلا في المجتمع وذلك بأن تساهم في حماية والحفاظ على البيئة الطبيعية التي تنشط فيها وبأن تتحمل مسؤولياتها اتجاه عمالها وبصفة عامة اتجاه كل أصحاب المصالح المرتبطين بالمنظمة والذين قد يؤثرون في توفير المتطلبات التي تساهم في نجاحها. "
2) تعريف المرصد الفرنسي للمسؤولية الاجتماعية للشركاتORSE : هي "تجنيد كل طاقات المؤسسة كي تساهم بشكل ايجابي إلى جانب كل الفاعلين العموميين في التنمية المستدامة ويكون ذلك بإدماج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في أنشطتهم وهذا حتى تصبح متوائمة مع أهداف التنمية المستدامة. "
3) تعريف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة "المسؤولية الاجتماعية هي الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل. "
4) تعريف البنك الدولي: المسؤولية الاجتماعية للشركات هي "التزام قطاع الأعمال بالإسهام في التنمية الاقتصادية المستدامة، وبالعمل مع الموظفين، وأسرهم، واﻟﻤﺠتمع المحلي واﻟﻤﺠتمع عامة من أجل تحسين نوعية حياﺗﻬم، بأساليب تفيد قطاع الأعمال والتنمية على السواء. "
من دراسة التعاريف الأكاديمية للمسؤولية الاجتماعية للشركات يلاحظ أن الذي يميزها هو أنه حاولت كلها إعطاء إطار عام يمكن للمؤسسات الاقتصادية أن تستنبط منه توجهها وتحدد على أساسها أهدافها الإستراتيجية التي تسمح لها بتبني المسؤولية الاجتماعية للشركات. إن هذه الملاحظة سارية المفعول على كل التعاريف قديمها وحديثها.
أما بالنسبة للتعاريف المقدمة من طرف المنظمات والهيئات، فيلاحظ فيها ثلاثة أمور وهي:
1) أنه لا يوجد نقاط توافق بينها، أي أن كل واحد منها يركز على موضوع لم يتناوله تعريف آخر.
2) أن معظمها يركز على مسألة الحد الأدنى وهو الذهاب إلى أبعد مما تقرضه القوانين والتشريعات.
3) أن معظم المنظمات والهيئات تعرف المسؤولية الاجتماعية للشركات وفق ما يلبي رغبة أصحاب المصالح الفاعلين، وهنا نجد أن كل التعاريف المقدمة أعلاه ذكرت فئة معينة من أصحاب المصالح وهم الموظفين والمجتمع والبيئة و المساهمين.
ويمكن الإشادة إلى نقاط التوافق بينها على النحو التالي :
1) إن القاسم المشترك بين أكثرية التعاريف هي أن المسؤولية الاجتماعية للشركات مفهوم تدرج بموجبه المؤسسات المسائل الاجتماعية والبيئية في أنشطتها قصد تحسين أثرها في المجتمع.
2) يتفق الجميع على أن المسؤولية الاجتماعية للشركات هي مراعاة الاهتمامات الاجتماعية والبيئية في تسييرها وفي إدارة علاقاتها مع أصحاب المصالح والغاية من ذلك هو إشباع رغباتهم وبالتالي يمكن القول أن المسؤولية الاجتماعية للشركات لا تختلف عن الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة.
3) إن المسؤولية الاجتماعية للشركات هي بمثابة تذكير للشركات بمسؤولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه.
4) المسؤولية الاجتماعية للشركات مفهوم يشتمل على خمسة جوانب رئيسية، الأول يتمثل بالمسؤولية الاقتصادية والثاني بالمسؤولية القانونية والثالث بالمسؤولية الخيرة والرابع بالمسؤولية الأخلاقية والخامس بالمسؤولية البيئية.
5) المسؤولية الاجتماعية للشركات هي التزام بالإسهام في التنمية المستدامة بهدف خدمة الاقتصاد وخدمة التنمية في آن واحد عن طريق الاهتمام أيضا بالبيئة وبالمجتمع جنبا إلى جنب اهتمامها بتحقيق أهدافها الاقتصادية.
6) المسؤولية الاجتماعية للشركات هي أن تتحمل المؤسسات الاقتصادية المسؤولية عن الأثر البيئي والاجتماعي لعملياتها وأنشطتها.
7) المسؤولية الاجتماعية للشركات هي جزء لا يتجزأ من نشاطات المؤسسات الاقتصادية. فهي تتجاوز مجرد الامتثال لشرط أو متطلب قانوني بحيث يتعين ويتحتم عليها أن تأخذ مزيدا من الخطوات لتحسين علاقاتها مع أصحاب المصالح.
8) في تطبيق المسؤولية الاجتماعية لا نكتفي بما ينص عليه القانون بل لابد من انتهاج مبادرات طوعية أخرى. ففي حقيقة الأمر التوقف عند تطبيق النصوص القانونية يعتبر مسؤولية اجتماعية في حدودها الدنيا لأن خرقها يضع المؤسسة أمام مساءلة قانونية، وكلما أرادت أن تكون ذات توجه اجتماعي كلما زادت مبادرتها الطوعية.

2. مدخل إلى أصحاب المصالح
1) أصحاب المصالح في الفكر التنظيمي :
إن درجة الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات يعكس مستوى الوعي الذي يتحلى به المسيرون خدمة لغايات وأهداف دائما متضاربة متأتية من جهات مختلفة تسمى في أدبيات المسؤولية الاجتماعية للشركات بأصحاب المصالح، حيث يقع على عاتق المنظمة ضرورة تحقيق التوافق بين هدفها العام وبين مجموعة الأهداف المتعددة والمتضاربة لهذه الأطراف. فبقدر الاهتمام الذي توليه منظمات الأعمال لهؤلاء الأطراف يظهر مدى الاهتمام بتطبيق المسؤولية الاجتماعية للشركات. ذلك أن "المنظمة التي ترغب في إدماج أبعاد التنمية المستدامة في إدارتها يجب أن تضع ضمن أهدافها ليس فقط تعظيم الأرباح لصالح المساهمين فقط و لكن تحقيق التوازن بين المصالح التي قد تكون متناقضة لكل الأطراف ذات المصلحة."
إن المقصود بأصحاب المصالح هم كل الأشخاص والجهات التي تربطها بالمنظمة مصلحة سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر. "بالنسبة للمؤسسة، يندمج مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات ضمن المنطلق الذي تسير عليه نظرية الأطراف ذات المصلحة. هذه النظرية تشغل حاليا اهتمام العديد من الباحثين الجامعيين وكذلك مسيري كبريات الشركات في العالم. " على الرغم من أن معظم الباحثين يعتبرون أن أول باحث اهتم بأصحاب المصالح هو فريمانFreeman وكان ذلك سنة 1984، إلا أن هناك من يرى أن أول محاولة للخوض في مجال علاقة المؤسسة الاقتصادية بأصحاب المصالح تعود إلى الباحث بونروز Penrose وكان ذلك سنة 1959 "إذ يعتبر أحد الأوائل في الخوض في نظرية أصحاب المصالح. " وقد عرف فريمانFreeman أصحاب المصالح بأنهم "كل شخص أو مجموعة الذين تتوفر فيهم القدرة على التأثير على المنظمة في تحقيق أهدافها وكذلك الذين تؤثر فيهم المنظمة في نفس المجال." ولقد قدم نفس الباحث قائمة بهؤلاء الشركاء وهم الزبائن والموردون والعمال والمساهمون وكذلك الدولة والجماعات المحلية والمواطنون. فأصحاب المصالح هم كل شخص أو مجموعة الأشخاص الذين تتوفر فيهم القدرة على التأثير على المنظمة في تحقيق أهدافها وكذلك الذين تؤثر فيهم المنظمة في نفس المجال.
وقد حاول باحثون كثيرون تقديم قائمة مفصلة بهؤلاء الأصحاب كما حاول آخرون القيام بتصنيف هؤلاء الأطراف حسب درجة تأثيرهم في المنظمة. بالنسبة للقائمة فقد تم حصرهم في كل من الزبائن والموردون والعمال والمساهمون وكذلك الدولة والجماعات المحلية والمواطنون. أما فيما يخص التصنيف فهناك من يرى أن أصحاب المصالح فئتين، الأساسيين والثانويين. ويأتي على رأس هذا التصنيف كلاركسون Clarkson سنة 1995 حيث اعتبر "أن أصحاب المصالح فئتين وهما الأساسيين والثانويين، فالأساسيين هم الذين يستثمرون أمولهم في المؤسسة، فهم بذلك ضروريين من أجل ضمان السير العادي للمؤسسة. ويدخل ضمن هذه الفئة كل من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والعمال والموردون والزبائن. أما الفئة الثانية فتضم كل الأفراد أو المجموعات التي تؤثر أو تتأثر بالنشاط الذي تمارسه المؤسسة ولكنهم ليسوا ضروريين لضمان بقاء وديمومة المؤسسة. " وهناك من يرى أن أصحاب المصالح فئتين، المباشرين وغير المباشرين ويأتي على رأس هذا التصنيف Caroll وNasi في دراسة صدرت لهما سنة 1997 والتي تم فيها تقسيمهم إلى أصحاب المصالح المباشرين وأصحاب المصالح غير المباشرين. فحسب صاحبي الدراسة "من الممكن التفرقة بين أصحاب المصالح المباشرين وهم الذين تربطهم علاقة تعاقدية ورسمية بالمؤسسة وهم المساهمون والعمال والموردين والزبائن. في حين أن أصحاب المصالح غير المباشرين هم وسائل الإعلام والمستهلكين وجماعات الضغط والحكومات والمنافسين وكافة الجمهور والمجتمع بصفة عامة. " وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لتصنيف أصحاب المصالح، إلا أن هناك من يرفض أي تصنيف يعطى لأصحاب المصالح، منتقدين بذلك كل ما جاء به كلاركسونClarkson وكارول Carollومن تبعهم في تصنيف أصحاب المصالح. ويأتي على رأس المنتقدين والرافضين للتصنيف الباحث الأمريكي ميتشل Mitchell "الذي يرى أن تصنيف أصحاب المصالح يعبر عن رؤية ضيقة لأصحاب المصالح على اعتبار أن كل صاحب مصلحة يؤثر ويتأثر بشكل جوهري بالنشاط الممارس من طرف المؤسسة، وبالتالي فإن أي تصنيف لأصحاب المصالح فهو غير مؤسس. "
وفيما يلي تفصيلا لأهم الأطراف ذات المصلحة على النحو التالي:
‌أ. المساهمون: يمثل المساهمون فئة مهمة جدا من أصحاب المصالح والمستفيدين المباشرين من نشاط المؤسسة الاقتصادية. إن هؤلاء المالكون يتحملون مخاطر الاستثمار من خلال المغامرة بأموالهم الخاصة متوقعين عائدا مجزيا ومناسبا من هذه الاستثمارات. ويمكن أن يكون المالك شخصا واحدا أو مجموعة أو شركة مساهمة أو شركة تضامن أو أي شكل قانوني آخر. إن كل من يحوز على جزء من رأسمال المؤسسة مهما كان وزنه سواء تعلق الأمر بالمستثمرين المؤسسيين investisseurs institutionnels)) أو صغار المساهمين (Petits Porteurs) لديه الحق في توجيه سياسة المؤسسة فبالإضافة إلى الربحية التي تمثل المعيار الأهم في توجيه استراتيجيات وسياسات المؤسسة واتخاذ قرارات الاستثمارية، فمن حق المساهمين أيضا أن يفرضوا الجوانب الاجتماعية في وضع ورسم تلك السياسات. فالمستثمرون لا يسعون فقط إلى الربح على المدى القصير فقط بل وعلى المدى الطويل كذلك وهذا ما يدعوهم إلى تبني سياسة اجتماعية وبيئية في المؤسسة.
‌ب. الزبائن: إن هذه الشريحة من أصحاب المصالح ذات أهمية كبيرة لكل المؤسسات الاقتصادية بدون استثناء. فوجود هذه الأخيرة مرتبط بإنتاج سلع أو خدمات وهذه يستهلكها زبائن وطبيعة التعامل معهم وإقناعهم باستهلاك هذه المنتجات عمل مهم من أعمال إدارة التسويق في أي منظمة من المنظمات. إن ما يرجوه الزبائن من المؤسسة بمر عبر إجراءات تهدف إلى تحسين الخدمات للمستهلك عن طريق تحسين نوعية المنتج وخدمات أخرى ذات أهمية مثل الإعلام الصادق حول جودة ونوعية المنتجات بالإضافة إلى رصد آراء المستهلكين وقياس درجة رضاهم والاهتمام بالخصائص الاجتماعية والبيئية لها. على هذا النحو، يصبح المستهلك عنصرا فاعلا وله القدرة على اختيار منتجات ذات علامة تجارية مميزة.
‌ج. العمال: تشمل هذه الفئة جميع العاملين من إداريين وفنيين وفئات أخرى. ويعتبرون مصدر ثروة للمؤسسة، حيث أن لهم مصلحة مهمة لا تقتصر على الأجور فحسب بل تتعداها إلى توفير ظروف عمل ملائمة كمحيط العمل، التكوين والتدريب وكذلك نظام للحوافز. فالعمال يساهمون وبشكل إيجابي في تحسين نوعية الإنتاج والخدمات، وكذا ابتكار طرق جديدة للعمل.
‌د. الموردون: يمكن أن ينظر للعلاقة بين الموردين والمؤسسات الاقتصادية على أنها علاقة مبنية على الثقة المتبادلة والوثيقة جدا. لذلك يتوقع كل طرف من الطرف الآخر أن يصون هذه العلاقة ويحترمها ويبادر إلى تعزيزها. ويتعلق الأمر بخلق نوع جديد من العقود مع موردي المؤسسة تتمثل في عقود على المدى الطويل، وليس الهدف هو الحصول على أفضل الأسعار فقط بقدر ما هو الحصول على خدمات ومنتجات ذات نوعية جيدة وخلال فترات دائمة ومستمرة وبذلك تعم الفائدة كلا الطرفين أي المؤسسة والموردين.
‌ه. المجتمع المحلي: يمثل المجتمع المحلي شريحة مهمة من المستفيدين. نقصد بهم كل من يقطن أو يعيش حول محيط وحدات الإنتاج ويتأثرون سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة من هذا النشاط الذي تمارسه المؤسسة. إن حياة وتطور المجتمع والتجمعات المحلية تعتمد وبشكل مباشر على التأثيرات الاقتصادية للمؤسسات خاصة فيما يخص توفير مناصب الشغل، بالإضافة إلى مساهمة الضرائب والجمعيات في المحافظة على الخدمات العامة وكذا التجارة. والمؤسسات الاقتصادية مجبرة على توطيد العلاقة مع المجتمع المحلي باعتبارها تدعم النظرة الإيجابية لتلك المؤسسات التي تبادر بتعزيز العلاقة مع هذا المجتمع. والمؤسسة الاقتصادية التي ترى نفسها متحلية بالمسؤولية الاجتماعية عليها أن تجد أساليب وطرقا تسعى من خلالها إلى تلبية متطلبات المجتمع المحلي.
‌و. البيئة الطبيعية: ويقصد بها كل من التربة والماء والهواء. وقد أصبح المجتمع معنيا بشكل كبير وبتزايد مستمر بالآثار البيئية التي تتركها الممارسات المختلفة للمؤسسات الاقتصادية على صحة الإنسان أولا وعلى النباتات والحيوانات والمياه والتربة والهواء من آثار.
‌ز. جماعات الضغط: منذ ثلاثة عقود تقريبا تجمعت بعض الهيئات التي لها أثر دولي تحت لواء منظمات غير حكومية يكمن دورها في إثارة الرأي العام وكذا الإعلام حول الممارسات السيئة للمؤسسات الاقتصادية التي تطالب من مسيريها بأن يكونوا أكثر شفافية وذلك بتقديم إيضاحات في حالة ما إذا لاحظوا الاستغلال السيئ للنفوذ الذي تحوز عليه بعض المؤسسات مثل المنافسة غير الشريفة ومخالفة قوانين العمل وتلويث البيئة. وتعاني كثيرا كبريات المؤسسات الاقتصادية عبر العالم من هذه الجماعات حيث أن تصرفات البعض منها أدى إلى تدهور سمعتها وصورتها كأن تطالب مثلا من الرأي العام من مقاطعة منتجاتها وقد يترتب عليه أيضا آثار سلبية من الجانب المالي بسبب انخفاض قيمة أسهمها في البورصة وانسحاب المستثمرين. ومن الأمثلة على جماعات الضغط يمكن ذكر كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة السلام الأخضرGREEN PEACE وأطباء بدون حدود MEDECINS SANS FRONTIERES والصندوق العالمي للطبيعة (WWF) وكذا رابطة فرض الضرائب على المعاملات المالية (ATTOC) لمساعدة المواطنين. ولتفادي الضرر الذي قد يلحق بالمؤسسات نتيجة تصرفات جماعات الضغط، تقوم بعض المؤسسات بإبرام علاقات مع بعض المنظمات غير الحكومية من خلالها تسعى إلى تنمية ورفع الوعي البيئي والاجتماعي لدى الرأي العام وتبرهن أن تصرفاتها كلها تنصب تحت ما تقتضيه المبادئ التي تقوم عليها المسؤولية الاجتماعية للشركات.
‌ح. الحكومة: تمثل الحكومة فئة من المستفيدين تعير لها المؤسسات الاقتصادية أهمية كبيرة باعتبارها الممثل القانوني للدولة.
‌ط. المنافسون: تنتظر المؤسسات الاقتصادية المتنافسة من بعضها البعض عدالة المنافسة ووضوح آلياتها والاتفاق على إجراءاتها وأن لا تكون منافسة غير عادلة وشريفة.

2) أهمية الحوار مع أصحاب المصالح
إن الذي يقود المؤسسات الاقتصادية إلى مراعاة المسؤولية الاجتماعية في ممارساتها الإدارية لا يرجع فقط لأنه في الواقع الكثير من الشركات تخفق في إدراك دورها في المجتمع ذلك أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تشمل خضوعها إلى المساءلة ليست فقط أمام المساهمين بل وأمام كل أصحاب المصالح. فبالنسبة للمهتمين بنظرية أصحاب المصالح، فإن هؤلاء الأطراف ينتظرون من المؤسسة أسلوبا جديدا في الاتصال ويكون ذلك بالحصول دون عناء على معلومات شفافة وبذلك يمكن للمؤسسة أن تستفيد من ذلك بحيث تعلن للجميع أن نشاطها يخدم مصلحتهم فتحقق بذلك الشراكة والثقة في آن واحد. "فالمسؤولية الاجتماعية بحدود معينة تمثل صيغة عملية مهمة ومفيدة لمنظمات الأعمال في علاقاتها مع مجتمعاتها، بمعنى أن الوفاء بالمسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال يحقق لها العديد من الفوائد يقف في مقدمتها تحسين صورة المؤسسة الاقتصادية بالمجتمع وترسيخ المظهر الإيجابي لدى العملاء والعاملين وأفراد المجتمع بصورة خاصة إذا اعتبرنا أن المسؤولية الاجتماعية تمثل مبادرات طوعية للمنظمة اتجاه أطراف متعددة ذات مصلحة مباشرة أو غير مباشرة من وجود المؤسسة الاقتصادية."
في هذا الصدد بدأ يشمل العالم مؤخرا ً تغييراً جذرياً في نظرته للمساءلة وهو في الحقيقة نتاج الأسباب التالية:
1) الموقف الذي وضعت بعض الشركات نفسها فيه نتيجة ممارساتها وتصرفاتها الخاطئة اتجاه المجتمع بجميع مكوناته. وهنا نذكر على سبيل المثال ما حصل مع شركة شل *****في نيجيريا وشركة يونيون كاربايدUNION CARBIDE في كارثة التسريب الكيماوي في بوبال بالهند وكذلك ما فعلته صناعات الأخشاب بتجريد الغابات مسببة فيضانات هائلة وما تفعله حاليا الشركات المصنعة للأدوية المعالجة للايدز اتجاه تسعيرة التي تفرضها على الدول الفقيرة وخصوصا إفريقيا.
2) عدم اهتمام الشركات بوضع قوانين محقة والسعي لتطبيقها والمتعلقة بأهداف اجتماعية سواء فيما يخص حقوق الإنسان، ومعايير العمل والاستدامة البيئية وتخفيض مستوى الفقر عالميا.
3) تعتبر الشركات مسؤولياتها الاجتماعية هي شيء هامشي سواء في ثقافتها أو في إجراءاتها الإدارية. إن التفكير على نحو هذا المنوال يعتبر خطأ خاصة في ظل بيئة العمل الجديدة والتي فرضتها ظاهرة العولمة والتي أصبحت تطرح تحديات عميقة أمام الشركات والتي تعتبرها عناصر فاعلة اجتماعيا.
إن كيفية إدارة المؤسسات الاقتصادية لعلاقتها مع أصحاب المصالح أصبح عنصرا من العناصر المهمة المستعملة في تقييم الأداء. لقد أصبح من حق المجتمع أن يعرف النتائج المترتبة عن النشاط الذي تمارسه المؤسسة وعن تصرفات مسيريها. ذلك أن هذا النشاط لا يؤثر فقط على القيمة الاقتصادية للشركة فحسب المتمثلة في قيمتها السهمية بل يتعداها إلى القدرة على التعرف على المخاطر الناجمة عن التصرفات ذات الانحرافات البيئية والاجتماعية والتي إن وقعت فقد تؤدي إلى الإفلاس. لذلك، لقد أصبح مهما أن تعطي المؤسسات الاقتصادية الاهتمام اللازم لعمليات الاتصال الكافي مع أصحاب المصالح. وكل تقصير من جانب المؤسسة في هذا المجال لا يسمح لها بالتعرف على مدى اهتمام الغير للمؤسسة. إن ممارسة التنمية المستدامة على مستوى المؤسسات يجب أن يحفزها على التحاور والإعلام. فهي بذلك مطالبة على إشراك أصحاب المصالح في هذه العملية.

III. الجانب التطبيقي :
1. التعريف بمؤسسة التوظيب وفنون الطباعة EMBAG:
ظهرت مؤسسة التوظيب وفنون الطباعة (EMBAG) والتي هي اختصار لكلمتيEMBALLAGE وBAG ببرج بوعريريج في 22 جويلية 1999، وهي شركة مساهمة ملكا للدولة رأسمالها الاجتماعي 300 مليون دينار جزائري.
وقد ظهرت هذه المؤسسة في شكلها القانوني الحالي نتيجة سياسات الإصلاح الاقتصادي في الجزائر والذي ترتب عليها إعادة هيكلة كبريات الشركات الوطنية، حيث أن هذه المؤسسة كانت في السابق وحدة إنتاجية التابعة للمؤسسة الوطنية للصناعات السيليلوزية SONIC.
لقد شرع في انجاز مشروع المؤسسة بتاريخ 11 ماي 1975 وقد تكفلت به شركة أيطالية INGECO. وانتهت أشغال المشروع يوم 20 أوت 1978. ودخلت المؤسسة في الإنتاج بتاريخ 11 جانفي 1979.
تقع مؤسسة (EMBAG) في المنطقة الصناعية طريق المسيلة بولاية برج بوعريريج، وتتربع على مساحة إجمالية تقدر ب 28 هكتار تمثل المساحة المغطاة فيها 7.8 هكتار. ولهذا الموقع أهمية إسترتيجية بارزة. فعن المطارات، فهي تبعد عن مطار قسنطينة ب 200 كم وعن مطار الجزائر العاصمة 240 كم وعن مطار سطيف ب 65 كم. وعن الموانئ، فتبعد عن ميناء بجاية 200 كم وعن ميناء العاصمة240 كم. كما تبعد عن السكة الحديدية لبرج بوعريريج ب 500 متر فقط. أما عن الطرق، فالمؤسسة بمحاذة الطريق الوطني رقم 5 الذي يربط الجزائر العاصمة وقسنطينة وويبعد عنها الطريق السيار ب8كلم.
تقوم المؤسسة بإنتاج وسائل التعبئة والتغليف، والغلاف لم يعد في المفهوم التسويقي الحديث ذلك الشيء المحيط بالسلع والذي يهدف فقط لحفظها من التلف بل أصبح ضرورة لا مناص منها وجزء مهم من إستراتيجية الترويج بالنسبة للكثير من المنتجات. فبالإضافة إلى دوره التعريفي، وبالتالي أصبح جزءا رئيسيا في المنتجات وأحد محددات النجاح والفشل له. فالمؤسسة تنتج عددا كبيرا من أنواع الأكياس والعلب مختلفة الأحجام والتي يمكن إدراجها ضمن ثلاث خطوط منتجات وهي الأكياس ذات الحجم الكبير G.C (Sacs grande contenance) والأكياس ذات الحجم المتوسط والصغير P.M.C (moyenne contenance Sacs petite et) والعلب القابلة للطي.
و الجدول التالي يوضح الطاقة الإنتاجية السنوية حسب المواد أو خطوط المنتوجات:
الجدول رقم 1: الطاقة الإنتاجية السنوية حسب المواد أو خطوط المنتوجات
المادة الطاقة ( النظرية )
الأكياس ذات الحجم الكبير G.C
الأكياس من النوع P.M.C
العلب القابلة للطي 15000 طن
15500 طن
4500 طن
المجموع 35000 طن
المصدر: الوثائق الداخلية للمؤسسة
وتوجه الأكياس الكبيرة الحجم إلى المؤسسات المحلية المختصة في إنتاج الإسمنت، الجبس والسميد. أما الأكياس الصغيرة فهي موجهة إلى أغراض عدة، ويمكن استخدامها للأوزان من 250 غ إلى 5 كلغ وهي موجهة بالأساس إلى تعبئة وتغليف المواد الغذائية. أما فيما يتعلق بالعلب القابلة للطي فإنها تشكل أكثر الخطوط الإنتاجية تنوعا ويمكن حصر أهم الأنواع التي تسوقها المؤسسة وهي العلب الموجهة لتغليف الأدوية والعلب الموجهة للمواد الغذائية والحلويات والعلب الموجهة للأحذية والملابس والعلب الموجهة للأجهزة الكهربائية والمنزلية صغيرة الحجم.

2. تحليل ومناقشة نتائج الدراسة الميدانية:
1) أدوات وطريق البحث العلمي المستعملة في إجراء الدراسة الميدانية:
تتمثل الطريقة المعتمدة في إجراء التحليل الإحصائي باستعمال الأدوات المذكورة سلفا في ما يلي:
- في إجراء هذه الدراسة تم الاعتماد على استمارة الاستبيان وفق مقياس ليكرت الخماسي échelle de Lickert حسب ما هو مبين أدناه :
الجدول رقم 2: سلم تنقيط الإجابات التي تحتويها استمارة الاستبيان
متحكم فيها قيد التنفيذ في مرحلة الانطلاق ضمن مشاريع المؤسسة لا يوجد اهتمام بها
5 4 3 2 1
المرجع : من اعداد الباحثان
- يتم الحصول على النتائج باعتماد الطريقة الإحصائية التالية:
• حساب القيمة القياسية للمجال والتي تساوي العلامة القصوى حاصل ضرب عدد الأسئلة في أعلى وزن للسؤال وهو العدد 5
• حساب العلامة الحقيقية المتحصل عليها والتي تساوي مجموع القيم المعطاة للأسئلة بعد تفريغ استمارة الاستبيان.
• حساب مؤشر على شكل نسبة مؤية وفق العلاقة الرياضية التالية:
مجموع القيم المعطاة للأسئلة X 100%
القيمة القياسية للمجال
2) تحليل الإجابات المتحصل عليها بواسطة استمارة الاستبيان :
إن أصحاب المصالح الذين تم التطرق إليهم عددهم ستة وهم الزبائن والعمال والموردون والمساهمون والبيئة الطبيعية والمجتمع بصفة عامة.
تضمنت استمارة الاستبيان جملة من العناصر من خلال دراستها يتم دراسة فرضيات البحث.
ويمكن تلخيص العناصر التي تناولتها الدراسة والتي من ورائها يمكن قياس مستوى الإشباع الذي تحققه المؤسسات إلى كل طرف ذو مصلحة كما يلي:
‌أ. الزبائن: التعرف على متطلبات الزبون واحتياجاته البارزة والضمنية من أجل إشباعها من خلال وجود مجال للحوار مع الزبائن والاهتمام بالشكاوى الواردة من الزبائن ومعالجتها والقيام بإجراء عمليات تصحيحية على المنتوج في حالة التبليغ بعيوب من طرف الزبون.
‌ب. العمال: اعتبار الموارد البشرية ذات وزن استراتيجي هام داخل المؤسسة من خلال الاهتمام بتطوير الكفاءات البشرية على المديين القصير والمتوسط الأجل والاعتماد على قنوات للحوار مع العمال خدمة لتحقيق الأهداف العامة للمؤسسة والسهر على إشباع رغبات العمال خدمة لتحقيق الأهداف العامة للمؤسسة.
‌ج. المساهمون: تحديد وتحليل أهم متطلبات المساهمين في المجالين البيئي والاجتماعي وإدخال تعديلات على الرؤية الرسالة وقيم المؤسسة ومبادئ التسيير المعتمدة مراعاة لهذه المتطلبات.
‌د. الموردون: وجود قنوات للحوار الدائم والمستمر مع الموردين واعتبارهم طرفا فاعل في تحسين أداء المؤسسة وكذلك إشراكهم في عمليات تطوير منتجات وتقديم خدمات جديدة.
‌ه. البيئة الطبيعية: توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لنظام الإدارة البيئية للمؤسسة وكذلك الاهتمام بتكوين وتدريب الأفراد حول كل القضايا ذات الاهتمام البيئي ووضع أهداف تسعى المؤسسة من خلالها إلى التخفيف من الآثار السلبية على البيئة الطبيعية.
‌و. المجتمع بمعناه الواسع وعلى وجه الخصوص المجتمع المحلي: وجود رغبة من المؤسسة في اعتبار تنمية المجتمع المحلي أحد المتغيرات الإستراتيجية للمؤسسة وذلك من خلال توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنمية وتطوير المجتمع المحلي ومراعاة كل من ترقية الصحة والثقافة والرياضة الحوارية في صياغة إستراتيجية المؤسسة ومحاربة التهميش والإقصاء الاجتماعي.
- الفرضية الأولى : باستطاعة المؤسسة التعرف وتحديد أصحاب المصالح التي تربطها بهم علاقات مباشرة وغير مباشرة.
الجدول رقم 3: نتائج التحليل الاحصائي لدور المؤسسة في التعرف على اصحاب المصالح
البيان الزبائن العمال المساهمون الموردون البيئة الطبيعية المجتمع المحلي المجموع
النقطة المتحصل عليها 30 15 10 20 11 5 91
العلامة القصوى 30 30 30 30 30 30 180
معدل الإشباع 100% 50% 33% 67% 37% 17% 51%
من إعداد الباحثان بناء على نتائج تحليل استمارة الاستبيان
- الفرضية الثانية : تبذل المؤسسة الجهد الكافي من أجل معرفة متطلبات كل ذو طرف صاحب مصلحة.
الجدول رقم 4: نتائج التحليل الاحصائي لدور المؤسسة في التعرف على متطلبات اصحاب المصالح
البيان الزبائن العمال المساهمون الموردون البيئة الطبيعية المجتمع المحلي المجموع
النقطة المتحصل عليها 20 23 8 16 21 14 102
العلامة القصوى 30 30 30 30 30 30 180
معدل الإشباع 66,67% 76,67% 26,67% 53,33% 70,00% 46,67% 56,67%
من إعداد الباحثان بناء على نتائج تحليل استمارة الاستبيان
- الفرضية الثالثة : تسعى المؤسسة جاهدة إلى تحقيق التوازن في إشباع رغبات أصحاب المصالح.
الجدول رقم 5: نتائج التحليل الاحصائي لدور المؤسسة في تحقيق التوازن بين اصحاب المصالح
البيان الزبائن العمال المساهمون الموردون البيئة الطبيعية المجتمع المحلي المجموع
النقطة المتحصل عليها 8 22 7 6 28 13 84
العلامة القصوى 20 40 35 10 30 35 170
معدل الإشباع 40,00% 55,00% 20,00% 60,00% 93,33% 37,14% 49,41%
من إعداد الباحثان بناء على نتائج تحليل استمارة الاستبيان
- الفرضية الرابعة : لقياس مدى الإشباع الذي تحققه لكل طرف ذي مصلحة، تستعين المؤسسة بالأدوات المناسبة لتحقيق ذلك.
الجدول رقم 6: نتائج التحليل الاحصائي لدور المؤسسة في قياس مستويات الاشباع الذي تحققها المؤسسة لأصحاب المصالح
البيان الزبائن العمال المساهمون الموردون البيئة الطبيعية المجتمع المحلي المجموع
النقطة المتحصل عليها 3 3 15 3 3 3 30
العلامة القصوى 15 15 15 15 15 15 90
معدل الإشباع 3 3 15 3 3 3 30
من إعداد الباحثان بناء على نتائج تحليل استمارة الاستبيان

ويمكن تلخيص الإحصائيات الخاصة بمجموع الفرضيات الأربعة في الجدول الموالي :
الجدول رقم 7: خلاصة نتائج التحليل الاحصائي لفرضيات الدراسة الاربعة
البيان الزبائن العمال المساهمون الموردون البيئة الطبيعية المجتمع المحلي المجموع
النقطة المتحصل عليها 61 63 40 45 63 35 307
العلامة القصوى 95 115 110 85 105 110 620
معدل الإشباع 64,21% 54,78% 36,36% 52,94% 60,00% 31,82% 49,52%
من إعداد الباحثان بناء على نتائج تحليل استمارة الاستبيان

ومن الإحصائيات أعلاه يتبين وبالنسبة لكل طرف ذو مصلحة ما يلي :
أ‌. الزبائن: يمكن استنتاج أن المؤسسة المدروسة قامت بوضع أنظمة لإدارة الجودة المطابقة للمواصفات القياسية إيزو9001 إصدار 2008 وحائزة على شهادة المطابقة لهذا المعيار. إن هذا النظام يحث المؤسسة على أن تسهر على إشباع رغبات الزبائن، إذ أنها تلجأ إلى قياس مستويات رضا الزبائن بالاستعانة بمؤشرات قياس ملائمة والسهر على المتابعة والمعالجة الموضوعية لشكاوى الزبائن. وقد أثبتت فعلا هذه الأنظمة نجاعتها لدى المؤسسة حيث أن معدل الشكاوى الواردة من الزبائن في انخفاض وأن مستوى الإشباع الذي تحققه المؤسسة لزبائنها في تزايد.
ب‌. العمال: في إدارتها لعلاقتها مع عمالها تعطي المؤسسة المدروسة الاهتمام الكافي للمجالات التالية:
- وجود سياسة واضحة ورسمية لإدارة الموارد البشرية
- الاهتمام بتطوير الكفاءات البشرية من خلال التدريب
- توفير ظروف العمل المناسبة
- وجود آليات تسمح بتوفير الحماية الاجتماعية و منح الامتيازات للأفراد
- وجود هيئات تمثل العمال يتم من خلالها ربط قنوات الاتصال الفعال مع العمال
- وجود الاتصال الفعال بين الإدارة والعمال بحيث من خلاله يتم إعلام العمال بكل القرارات الإستراتيجية التي تمس مصير ومستقبل المؤسسة
- مراعاة مصالح العمال عند الدخول معهم في مفاوضات حول محتويات الاتفاقية الجماعية للمؤسسة
إلا أن هذا الاهتمام يعتبر غير كافي حتى تبرهن المؤسسة على مسؤوليتها اتجاه عمالها، حيث أن هذه الأمور نصت عليها قوانين وتشريعات العمل في الجزائر. وهذا يؤكد أن هذه قوانين وتشريعات تعتبر من ضمن الأمور المؤثرة بدرجة كبيرة في مسؤولية المؤسسات اتجاه عمالها. فهذه القوانين تضمن حقوق العمال حيث أنها تجبر المؤسسات على ضرورة الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية للعمال وضرورة وجود طب العمل وتكفل هذه القوانين أيضا حق العامل في الحصول على العطل المدفوعة الأجر وهي أيضا تحدد مدة العمل القانونية.
ج‌. المساهمون: نظرا لواقع كل المؤسسات الاقتصادية العمومية المملوكة من طرف الدولة التي تفرض على العلاقة بينها وبين مالكها طابعا خاصا، فإن الاهتمام بإشباع رغبات المساهم من خلال تعظيم الربحية له تأتي في مرتبة ثانوية ويصبح الدور الرئيسي لهذه المؤسسات يكمن في تنفيذ برامجها الإنمائية. فبالرغم من الجهود المبذولة من طرف هذه الأخيرة في التنازل على المؤسسات الاقتصادية العمومية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في إطار الإستراتيجية الصناعية للجزائر ومعلن عنها رسميا من طرف وزارة الصناعة وترقية الاستثمار حيث جعلت من الخوصصة أحد أكبر اهتمامات الدولة فيما يتعلق بتسيير أموالها المنقولة. وبالتالي لا يعتبر تعظيم العائد على الرأس المال المستثمر والذي بواسطته يتم الحكم على الأداء المالي رهانا مهما بالنسبة لكل القطاع الاقتصادي العمومي وليس فقط المؤسسة محل الدراسة.
ح‌. الموردون: بالرغم من وجود جوانب إيجابية في علاقة المؤسسة مع مورديها أهمها اختيار الموردين يتم على أسس تتوفر فيها الشفافية كوجود دفتر للشروط وبالاعتماد أيضا على المتطلبات التي تقتضيها المواصفات القياسية إيزو 9001 ووجود قنوات للحوار الدائم والمستمر مع الموردين. إلا أن جوانب القصور تكاد تطغى على هذه العلاقة وأهمها عدم اعتبار الموردين طرفا فاعلا في تحسين أداء المؤسسة وضمان نموها وتطورها ذلك أن إبرام علاقة مع الموردين ليست مبنية على إستراتيجية شراكة أساسها المصلحة المشتركة. فالمؤسسة تعتبر العلاقة مع الموردين مجرد صفقة تجارية تبرم معهم تبدأ من تقديم الطلبية وتنتهي بتسديد المؤسسة لمستحقاتها اتجاههم. فالعلاقة مع الموردين ليست مبنية على ما يسمى بالمنفعة المتبادلة أو المصلحة المشتركة أي اعتبار أن بقاء مورديها يضمن بقائها وأن زوالهم قد يرهن بقائها. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعايير المستعملة في اختيار الموردين المناسبين كلها معايير ذات بعد اقتصادي بحت. فالمورد المناسب هو الذي يقدم المستلزمات المطلوبة منه بالكميات والآجال والأسعار المناسبة وتبقى المعايير ذات البعد الأخلاقي والبيئي بعيدة تماما في عملية الانتقاء.
خ‌. البيئة الطبيعية: إن الاهتمام بالبيئة الطبيعية يعتبر شيئا ضروريا. إنه نتيجة للآثار السلبية للصناعة على البيئة، أصبحت فالمؤسسات ملزمة على إعطاء الاهتمام الكافي بالبيئة الطبيعية وخاصة من خلال الاهتمام بالعناصر التالية :
- إجراء دراسات للجدوى لدراسة الأثر البيئي المباشر وغير المباشر للنشاط الذي تمارسه المؤسسة
- الاهتمام بالآثار البيئية عند الشروع في تصميم أو تطوير منتجات جديدة
- وضع أهداف تسعى المؤسسة من خلالها إلى التخفيف من الآثار السلبية على البيئة الطبيعية
- المعرفة الكافية بالقوانين والتشريعات البيئية والسهر على تطبيقها
- اتخاذ المبادرات اللازمة في مجال التحكم في استهلاك الطاقة والمياه والمواد الأولية والتقليل من الفضلات
- التحكم في انبعاثات الغاز والوقاية من التلوث والتقليل من الضوضاء المنبعثة من ورشات المؤسسة
- التقليل من الفضلات وتدويرها
ج‌. المجتمع المحلي: هناك ضعف في مستوى الوعي في كيفية إبرام علاقات تعود بالفائدة مع المجتمع المحلي الذي يعتبر طرفا ذو مصلحة مهم في إطار المسؤولية الاجتماعية لهذه المؤسسة. وما يؤكد هذه النتيجة هو عدم اهتمام المؤسسات بالمجالات التالية :
- عدم وجود رغبة في اعتبار تنمية المجتمع المحلي أحد المتغيرات الإستراتيجية للمؤسسة.
- عدم اعتبار تنمية وتطوير البيئة المحلية رهانا رابحا بالنسبة للمؤسسة.
- عدم توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنمية وتطوير المجتمع المحلي.
- عدم اعتبار كل من ترقية الصحة والثقافة والرياضة الجوارية كمتغيرات يجب مراعاتها في صياغة إستراتيجية المؤسسة.
- عدم ترقية وتطوير النسيج الاقتصادي المحلي.
- عدم إعطاء الأولوية لتوظيف اليد العاملة المحلية.
- عدم إعطاء الأولوية للموردين المحليين.
- عدم انجاز استثمارات جواريه تساعد على خلق مناصب شغل.
عدم تقديم الدعم المالي والبشري اللازم للمجتمع المحلي بغرض تطويره وتنميته.

IV. نتائج الدراسة الميدانية:
1. الاستنتاجات :
يستنتج من التحليل السابق ما يلي:
1) كشفت الدراسة غياب الحوار الجاد مع كل الأطراف ذات المصلحة، والذي يؤكد ذلك هو ما يلي :
2) في إدارة العلاقة مع الزبائن بالأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم المختلفة والسهر على إشباع رغباتهم بتوفير المنتجات المطلوبة كما ونوعا. إن الذي ساعدها في ذلك هو الاعتماد على نظام إدارة الجودة المطابق للمعيار الأيزو9001 إصدار 2008.
3) إن علاقة المؤسسة بمورديها لا تخرج عن مجرد إبرام صفقة تجارية فالعلاقة غير مبنية على ما يسمى بالمصلحة المشتركة.
4) اتجاه عمالها، فكل ما تقوم به المؤسسات فهو عبارة عن متطلبات قانونية مجبرة على الالتزام بها أكثر من كونها إحدى القيم الأخلاقية التي يجب أن تتحلى بها.
5) تنحصر العلاقة مع الدولة بصفتها المساهم في رأسمال المؤسسة والمالك الوحيد لأصولها في جعل المؤسسة أداة من أدوات تحقيق المشاريع الإنمائية التي تطلقها، والاهتمام بتعظيم الربحية يكاد يكون منعدما.
6) بالنسبة في علاقتها مع المجتمع المحلي، تحقق المؤسسة أضعف نسبة إشباع حيث لا تتعدى النسبة 10,71%. وهذا يدل على أن دور المجتمعي يمتاز بانعدام الكفاية.

2. مقترحات الدراسة :
في إطار هذه الدراسة، فإن أهم الاقتراحات التي يقدمها الباحث والتي يتعين على الإدارة العليا للمؤسسات تطبيقها ما يلي:
1) يجب على المؤسسات توضيح رؤيتهم المستقبلية على أن تشمل هذه الرؤية من بين ما تشمله التطلع إلى إشباع رغبات الأطراف ذات المصلحة.
2) كما يجب أن تسهر الإدارة العليا على إيصال هذه الرؤية لهؤلاء الأطراف كدليل على مدى الاهتمام الذي توليه المؤسسات لإدماج التنمية المستدامة في التسيير. وهنا يبرز دور الاتصال الفعال في توجيه المسؤولية المجتمعية للشركات نحو أهداف بيئية ومجتمعية واضحة ومساعدة هذه المؤسسات في تنفيذ استراتيجياتها في هذا الخصوص ذلك أن هذا الأخير هو بمثابة التعبير عن الأداء الجيد للمؤسسات على جميع المستويات.
3) ضمن رسالة المنظمة، يجب على المؤسسات أن تحدد أنها تسعى لإشباع رغبات كل طرف ذو مصلحة وهذا حتى تكتسب ثقتهم و تجعل منهم شركاء لها في تحقيق أهدافها.
4) يجب على المؤسسات أن تحدد بوضوح قيمها الرئيسية المشتركة على أن تشمل هذه القيم الاهتمام بالبعد البيئي والاجتماعي والأخلاقي.
5) يجب أن يضع مسيرو المؤسسات نصب أعينهم أن المسؤولية المجتمعية للشركات هي مصدر من المصادر التي تساعد المؤسسة على اكتساب ميزة تنافسية، حيث أن إدماج أبعاد التنمية المستدامة في تسيير المؤسسة يعطي لها تفوق أمام منافسيها الآخرين ويحسن من صورتها في الوسط والبيئة التي تنشط فيها.




الهوامش :
[1]Groupe One, Guide de l’entreprise responsable, Economie Ethique, Editions Labor, Bruxelles, Belgique, 2003, p 15
[1]Groupe One, Op. Cit., page 15
[1]Archie B CAROLL & Kareem M SHABANA, The business case for corporate social responsibility: a review of concepts, research and practice, International journal of Management review, USA, 2010, p. 86.
[1]Archie B CAROLL, Corporate Social responsability : evolution of a defitional construct, Business Society, USA, 1999, vol. 38, n° 3, p. 286
[1]Milton FRIEDMAN, The Social Responsibility of Business is to Increase its Profits, The New York Times Magazine, September 13, 1970. Copyright , 1970 by The New York Times Company

[1]Keith DAVIS, The case for and against business assumption of responsabilities, The academy of management Journal, vol/ 16, n° 2, Jun 1973, p.312
[1]Archie B CAROLL, Op. Cit., p. 272.
[1] طاهر محسن منصور الغالبي وصالح مهدي محسن العامري، المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال وشفافية نظام المعلومات: دراسة تطبيقية لعينة من المصارف التجارية الأردنية، فعاليات المؤتمر السنوي للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2000، ص. 216.
[1]Christian Brodhag, Le développement durable, Colloque INAISE (International Association of Investors in Social Economy), Mulhouse, France, 23 mai 2002, p.2
[1]Commission des communautés européennes, livret vert, promouvoir le cadre européen pour la Responsabilité Sociale des Entreprises, Bruxelles, Belgique, 2001, p.7.
[1]Union européenne, disponible sur le site : www.europa.eu.int/comm/employment_social/socdial/csr/csr_index.htm,consulté le 09 novembre 2011.
[1]Observatoire de la responsabilité sociétale de l’entreprise « ORSE » et Agence française de normalisation « AFNOR », Développement durable et entreprises, Editions AFNOR, France, 2003, p.12
[1]روبنزريكوبير، كشفالبياناتالمتعلقةبتأثيرالشركات علىاﻟﻤﺠتمع: الاتجاهاتوالقضاياالراهنة، مؤتمرالأممالمتحدةللتجارةوالتنمية، جنيف، سويسرا،2004، ص. 27.
[1]روبنزريكوبير، نفس المرجع السابق، ص. 28.
[1]Isabelle ALLEMAND & Bénédicte BRULLEBAUT, Le développement durable : un état des lieux, cahiers du CEREN n° 21, groupe ESC Dijon Bourgogne, France, 2007, p 33
[1]Geneviève Ferrone et autre, le développement durable : des enjeux stratégiques pour l’entreprise, Editions d’Organisation, Paris, France, 2002, p 87.
[1]Eric PERSAIS, les rapports sociétaux : enjeux et limites, Revue française de gestion, Paris, France, n° 152, Septembre – octobre, 2004, p. 168.
[1]Geneviève Ferrone et autre, Op. Cit., p 88.
[1]Eric PERSAIS, Op. Cit., p. 169.
[1]Samuel MERCIER, l’apport de la théorie des parties prenantes au management stratégique: une synthèse de la littérature, 10eme conférence de l’association Internationale de Management Stratégique « AIMS », du 13 au 15 juin 2001, Faculté des Sciences de l’Administration, Université LAVAL, Québec, p.7.
[1]Eric PERSAIS, Op. Cit., p. 169.
[1] طاهرمحسنمنصورالغالبيوصالحمهديمحسنالعامري، المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال، دار وائل للنشر، الأردن، 2005، ، ص. 52.
[1]Ministère de l’industrie et de la promotion de l’investissement, http://www.mipi.dz/ar/index_ar.php?p.=priv&titre=priv8, consulté le 11/09/2009.



المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لممارسة, أصحاب, المصالح, المسئولية, الاجتماعية, العلاقة, إدارة, إشكالية, كمدخل


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع إشكالية إدارة العلاقة مع أصحاب المصالح كمدخل لممارسة المسؤولية الاجتماعية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأساليب النبوية في تنمية المسؤولية الاجتماعية عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 05-08-2015 07:07 AM
البحرية المصرية تطالب بتأجيل تقديم مشروع محور تنمية قناة السويس خوفاً من أصحاب المصالح Eng.Jordan شذرات مصرية 0 10-20-2013 11:23 AM
المسؤولية الاجتماعية تجاه العاملين وانعكاسها على اخلاقيات العمل Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 01-29-2013 09:48 PM
ملخص بحث بعنوان الأساليب النبوية في تنمية المسئولية الاجتماعية Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 11-22-2012 11:53 AM
دورالوقف الاسلامى في تفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 11-01-2012 02:14 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:13 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59