#1  
قديم 12-31-2017, 02:54 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي القمح.. قنبلة العرب الموقوتة


يستهلكون مليار رغيف من الخبز سنوياً
القمح.. قنبلة العرب الموقوتة
القمح.. 585_549_s.jpg
حين تقوم المملكة العربية السعودية بضخ كميات كبيرة من النفط في السوق العالمية فإن أسعار النفط تستقر أو تنخفض, وحين يقل الإنتاج السعودي لأي سبب كان تشتعل نار أسعار الذهب الأسود فتتأزم الاقتصادات العالمية كلها, حتى اقتصادات الدول المصدرة للنفط نفسها, هذه قاعدة عامة تشمل كافة السلع في أي زمان ومكان, لكنها حين تمس سلع استراتيجية وقتها تشتد الأزمة فيختنق الناس والدول كذلك.
إنها المعادلة التي تنطبق على القمح, السلعة الاستراتيجية والمكون الرئيس للأمن الغذائي العربي, الذي إن تأثرت الكميات المتوفرة منه فليس مستبعدا أن تصل تأثيراته إلى فوضى أمنية في عدد كبير من الدول العربية التي قد تفاوض في أي شيء, وقد تسحب الدعم من سلع كثيرة, إلا في القمح.

قمح روسيا وأزمة عربية

تخشى الحكومات العربية من تفاقم الأزمة الحالية في سوق القمح العالمي بعد أن تسببت الحرائق المهولة التي اجتاحت روسيا وأفسدت مساحات واسعة من الأراضي المخصصة لزراعة القمح, وكذلك تأثرت عدد من دول أوروبا الشرقية بمناخ سيىء أتى على جزء كبير من محاصيلها الزراعية وفي مقدمتها القمح, وعلى رأسها أوكرانيا التي تعتبر مع روسيا من أكبر مصدري القمح في العالم.
وبحسب أرقام منظمة الغذاء العالمي فإن إنتاج القمح في العالم ارتفع مع نهاية السنة الماضية بـ1%, وهذه نسبة لا تتماشى أبدا مع الارتفاع السنوي الكبير في الطلب, ثم جاءت السنة الحالية لتكون كارثة بامتياز على كبرى الدول المصدرة للقمح مثل روسيا التي التهمت الحرائق جزءا كبيرا من محصولها, وستكون كارثة أكبر على الدول الأكثر استيرادا لهذه المادة الاستراتيجية على اعتبار الارتفاع المستمر في أسعارها, وهو ما سيرهق كاهل الحكومات العربية التي تعتمد على الاستيراد إما بشكل كلي تقريبا كمصر أو بشكل جزئي كبعض الدول مثل سوريا والمغرب وتونس, وذلك لسد العجز الحاصل عندها.
وبعد موجة الحرائق في روسيا قامت الحكومة في موسكو بتعليق مؤقت لتصدير القمح منذ منتصف أغسطس الماضي وحتى نهاية ديسمبر المقبل، وقالت روسيا إنها في أحسن الأحوال تتوقع إنتاج 65 مليون طن, وفي أسوأها ستنتج 60 مليونا, وفي السيناريو الأول ستكون حصة التصدير للسوق العالمية 4.5 ملايين طن, وفي الثانية 2 مليون طن.
والملاحظ أنه في كلا الحالتين السوق العالمية ستبقى تعاني الكثير, لأن روسيا التي تستحوذ على 10% من السوق العالمية في هذه المادة صدرت العام الماضي ما يقرب من 21.4 مليون طن, أي أن هناك فرق يصل إلى نحو 17 مليون طن, وهذه الكمية من شأنها أن تلهب أسعار القمح في العالم, ومن بين الدول العربية الأكثر استيرادا للقمح الروسي مصر وليبيا واليمن والأردن وسوريا.

معادلة صعبة

ستكون المعاناة شديدة في الدول العربية إذا ما استمر سعر القمح في الارتفاع, فبعد القرار الروسي بأشهر معدودة ارتفع سعر هذه المادة في السوق العالمية بين 30% و40%, وهو مايعني معادلة صعبة للحكومات العربية, فهي إما تواصل دعمها لهذه المادة الاستراتيجية وبالتالي تخصيص أموال طائلة لهذا الامر, أو الاتجاه إلى رفع الضرائب على المطاحن وعلى المخابز وبالتالي سيكون المستهلك هو المتضرر الفعلي لأنه سيكون مطالبا بشراء خبز بسعر أعلى بكثير من السابق.
وتبلغ المساحة الكلية المخصصة لزراعة القمح في الدول العربية 198 مليون هكتار, لكنها لا تلبي سوى 50% من احتياجيات السوق الاستهلاكية العربية, حيث تشير بعض الأرقام إلى أن الشعوب العربية تستهلك سنويا نحو مليار رغيف من الخبز الذي يستحوذ على 90% من استخدامات القمح.
ولئن كانت مصر دولة دائمة الحضور في السوق العالمية فإن انضمام دول عربية أخرى إليها زاد من عتامة الصورة في العالم العربي, حيث إن الدول التي عرفت بإنتاجها الكبير عربيا من هذه المادة هي الأخرى تحتاج إلى استيراد ملايين الأطنان لسد العجز لديها, فالمغرب على سبيل المثال وهو من بين البلدان الزراعية في العالم العربي أنتج العام الماضي نحو 9 ملايين طن, لكنه هذا العام يحتاج إلى 3 ملايين طن, والجزائر تحتاج ما يقرب من خمسة ملايين طن وتونس 650 ألف طن و سوريا نحو 3.5 ملايين طن, وتختلف النسب بين باقي الدول العربية باختلاف عدد السكان والثقافة الاستهلاكية لهذه المادة، ولكن تبقى مصر الدولة الأكثر استيرادا للقمح بين العرب وعلى مستوى العالم كذلك بمايتراوح بين 8.5 و9 ملايين طن سنويا.

جفاف وثقافة الخبز

كثيرة هي الأسباب التي تجعل أكبر دولة عربية في واجهة الأخبار كلما بدأ الحديث عن ارتفاع ما في أسعار القمح في السوق العالمية, فعدد سكانها الذي يقارب الثمانين مليون نسمة وكون الخبز مادة غذائية استرتيجية في البلد, ولأن المساحات المخصصة لزراعة القمح ضئيلة جدا, فإن مصر تعتمد بشكل رئيس على الاستيراد لتوفير الكميات اللازمة من القمح في السوق المحلية.
والمعروف كما يقول بعض الخبراء الزراعيون أن الزراعة في مصر هي أساسا اختيار سياسي من الدولة وليس مسألة فلاحية محضة معتمدة على تساقط الأمطار كما هو الحال في تونس والمغرب مثلا, حيث يكون الاختيار سنويا لبعض المحاصيل التي من شأنها تحقيق ربح معين للبلد, وتكون إنتاجيتها غير مكلفة بخلاف القمح الذي اجتمع المناخ مع الأرض مع السياسة في جعل زراعته مسألة صعبة للغاية في مصر, والحديث هنا عن توفير الكمية اللازمة لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
ويتبين من خلال الأرقام في العالم العربي مدى الخلل الذي يعاني منه العرب في هذا المجال, فالزيادة السكانية في المنطقة العربية هي الأعلى في العالم بـ2.6% سنويا, وهو ما يعني زيادة كبيرة في الاستهلاك تعاني منها مصر بالدرجة الأولى متبوعة بدول مثل المغرب والجزائر وسوريا والعراق والسودان.
وهذا بدون أن نغفل حقيقة أن المنطقة العربية بشكل عام هي جافة وتشكل حوالي 10% من مساحة اليابسة, ومايصلها من أمطار سنويا لايتعدى 2% من مجموع الأمطار في العالم خلال عام، وهذا ما يفسر أن معدل الفرد في الدول العربية سنويا من المياه لايتعدى 1000 متر مكعب, بينما عالميا يصل إلى 7500 متر مكعب, وهذا بدون الحديث عن أنه في بعض الدول العربية التي تعاني نقصا شديدا من المياه يصل معدل الفرد فيها إلى 145 متر مكعب فقط.
وهذه الأسباب كلها تجعل فاتورة استيراد القمح في الدول العربية تصل إلى حوالي 4.5 مليارات دولار سنويا, وما يزيد الطين بلة أن معدل استهلاك الفرد في الدول العربية من القمح وحده يصل إلى 325 كيلو غرام, بينما المعدل العالمي لايتعدى 158 كلغ, أي أكثر من الضعف، وتبلغ فاتورة الفجوة الغذائية العامة في العالم العربية نحو 25 مليار دولار, يشكل منها القمح ركنا أساسيا.

حلول على الورق

الحلول التي يتم طرحها في كافة المؤتمرات العربية لمعالجة الخصاص الكبير في إنتاج القمح على وجه الخصوص وباقي الأنواع الأخرى من الحبوب والزراعات المختلفة هي نفسها تتكرر في كل مرة, ولكن من دون أن تجد طريقا للتطبيق الفعلي على الأرض, ومنها توسيع الأراضي الصالحة للزراعة وتحديث الأساليب المعتمدة في مختلف الزراعات, وزيادة الاستثمار العربي البيني في هذا المجال ودعم البحث العلمي الزراعي.
ومن الاتجاهات الجديدة ما باتت تقوم به بعض دول الخليج لضمان الأمن الغذائي لمجتمعاتها من خلال شراء أو تأجير مساحات شاسعة في بعض الدول الزراعية في آسيا وإفريقيا لتوفير الكميات المطلوبة من المواد الغذائية كالقمح والأرز, وهذا ما تقوم به الإمارات والسعودية وبعض دول الخليج الأخرى في دول كباكستان وأزبكستان والسودان، وخلال آخر سنتين زادت على سبيل المثال مصر استثماراتها الزراعية في السودان على أمل ان تستفيد من قرب المسافة بينها وبين الدولة الجارة والعربية وكذلك لأن السودان يتمتع بمزايا كبيرة فيما يتعلق بالأراضي الصالحة للزراعة والتي تصل إلى ما يقرب من 83 مليون هكتار والمستغل منها لا يتعدى 17 مليون هكتار, أي أن هناك 65 مليون هكتار بدون استغلال, ومجموع الاستثمارات العربية في السودان في المجال الزراعي لا يتعدى المليار ونصف المليار دولار, والهدف كما يقول الخبراء العرب في هذا المجال أن تصل الاستثمارات العربية سقف 17 مليار دولار لوضع حد للفجوة الغذائية العربية.

فوضى أمنية

المشكلة الأكبر التي تخشى منها بعض الدول العربية الكبيرة وتناضل بجد للإبقاء على دعمها لهذه المادة الاستراتيجية هي الفوضى الأمنية التي من الممكن أن تتسبب فيها هكذا أزمة تمس المواطن العربي في رغيفه اليومي.
والكلام هنا ليس من باب التوقعات أو استشراف المستقبل, فهناك سوابق وصدامات دامية حصلت من قبل في أزمات سابقة مست القمح بشكل رئيس, وشهدتها دول كمصر والجزائر والمغرب, وحصلت بشكل محدود في سوريا والأردن ولبنان والسودان وتونس.
ويذكر أن مصر مرشحة بشكل أكبر لهكذا فوضى بسبب تفاقم الضبابية السياسية حول خليفة الرئيس الحالي حسني مبارك, حيث إن اشتداد أزمة القمح مع عدم وجود استقرار سياسي من شأنه دفع الناس إلى التظاهر العنيف والذي قد يتحول إلى مشكلة أمنية حقيقية لبلد الثمانين مليون نسمة, وقد تكون المشكلة أكبر بكثير من أزمة الرغيف التي حصلت قبل سنتين.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الموقوتة, العرب, القمح.., قنبلة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع القمح.. قنبلة العرب الموقوتة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القمح والتبعية السياسية Eng.Jordan الزراعة 0 12-31-2017 02:53 PM
احتياطى القمح يكفى ثلاثة أشهر! عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 02-21-2015 08:35 AM
مخاطر الاعتماد على استيراد القمح Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-03-2013 09:44 PM
شكوك بشأن حصاد القمح بمصر Eng.Jordan أخبار اقتصادية 0 06-07-2013 01:28 PM
القمح Eng.Jordan الملتقى العام 0 11-07-2012 02:57 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:12 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59