#1  
قديم 12-25-2015, 07:49 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة المشهد السوري ومستقبل الثورة


المشهد السوري ومستقبل الثورة
ــــــــــــــــ

(أحمد أبو دقة)
ـــــــ

14 / 3 / 1437 هــ
25 / 12 / 2015 م
ــــــــــــ

823122015095345.png


لا يمكن الجدل في كيفية استغلال مطالبة الشعب السوري بحقوقه خلال ثورته التي انطلقت في مارس/ آذار 2011، إقليمياً ودولياً بهدف إسقاط العالم الإسلامي في بؤرة صراع أيديولوجي يدمره من الداخل ويزيد من تمزقه لصالح قوى الاستعمار القديم. فبدلاً من أن يكون الصراع بين الشعب السوري الذي يريد استرداد دولته من يد عصابة نصيرية حاقدة ومجموعة من الفاسدين، أصبح الصراع بين الإمبراطورية الفارسية القديمة وحلفائها من جهة وبين المثلث السني المتمثل في تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وقوى الإسلام السني من جهة أخرى.
الدكتور إبراهيم الناصر - الذي كان يحاضر في ندوة أقامها مركز البيان للدراسات والبحوث - أكد أن الثورة السورية من أهم الأحداث التي تعيشها المنطقة في هذا العصر، وربط الناصر أهمية الثورة السورية بارتباطها بالمكان الذي تقع فيه وصِلتِه التاريخية والجغرافية والدينية بالعالم الإسلامي؛ فبلاد الشام هي أرض الميعاد وقِبلَة المسلمين الأولى وميدان المعركة الكبرى بين المسلمين والنصارى، وعاصمة الحضارة الإسلامية بالإضافة إلى كونها المكان الذي ينزل فيه نبي الله عز وجل عيسى عليه السلام.

بالإضافة إلى البواعث الحضارية والدينية لأهمية بلاد الشام فإن الناصر الذي كان يحاضر في ندوة بعنوان "تطورات المشهد السوري"، يعتقد أيضاً أن أهمية المكان تبرز في تقاطع المشروعات الراغبة في الهيمنة على المنطقة في إطاره، سواء التحالف الإيراني الغربي الصهيوني من جانب، أو التحالف السني الذي يضم تركيا والعربية السعودية وقطر من جهة أخرى.

ركز الناصر على التدخل الروسي في سوريا واعتبره امتداداً للتحالف القديم بين النظام البعثي النصيري في سوريا والاتحاد السوفييتي سابقاً، لكن الجديد في الأمر أن الروس الذين قدَّموا لسوريا خلال العقود السابقة الاستشارات والذخائر، اليوم أصبحوا يقاتلون بأنفسهم دفاعاً عن النظام السوري، وهذا التطور البارز في المشهد تضمن وقوف "الفيتو الروسي" ضد أي قرار دولي لتدويل التدخل الدولي في سوريا على غرار ما جرى في ليبيا. كذلك أرسلت روسيا لأول مرة أسرابَ طائراتها وسفنَها الحربية لتشارك في محاربة الجماعات الإسلامية تحت ذريعة مكافحة "الإرهاب" وهي في الحقيقة تحارب من أجل الحد من الدور التركي في القضية السورية والحفاظ على موطئ قدم على ساحل البحر الأبيض المتوسط لردع أي استفراد أمريكي في المنطقة. نظراً لمصالحها الاقتصادية الضخمة في سوريا فقد رفضت روسيا التجاوب مع تدخلات إقليمية ودولية لاحتواء موقفها الداعم للنظام السوري؛ سواء من خلال العروض التجارية التي قدمتها العربية السعودية أو من خلال التعهدات التي قدمتها الفصائل الثورية السورية للحفاظ على مصالح الروس في سوريا.

يقول الناصر: إن الوجود العسكري والبري الروسي لا يمكن تفسيره إلا في سياق استخدامه ورقةً للمساومة السياسية مستقبلاً. وخلال إيضاحه لمزيد من التفاصيل يرى أن الموقف الروسي يراه البعض جزءاً من تمسُّك روسيا بشرعية النظام السوري أمام المجتمع السوري وإنقاذاً لهذا النظام من الضغوط العسكرية التي عانى منها بفضل قوة ضربات الثوار، بالإضافة إلى فقدان البديل عن النظام السوري ومن ثَمَّ الخوف من خسارة مصالحها الاقتصادية في المنطقة، لا سيما في ظل طرح قطر مشروعاً لمد أوروبا بالغاز الطبيعي من خلال الأراضي السورية بدلاً من الغاز الروسي وبأسعار أقل. كذلك فإن التدخل الروسي يخدم الحرب الغربية على "الإرهاب" ويوفر بيئة أمنية جيدة للكيان الصهيوني فقد أعلن الكيان عن تنسيق على مدار الساعة مع الجيش الروسي في سوريا.

يتابع الناصر حديثه وسط نخب ثقافية وفكرية قائلاً: "تسعى روسيا إلى الحد من الحالة الإسلامية التي يعجز الغرب عن تصنيفها على أنها ضمن الجماعات "الإرهابية"، وهذا ما يبرر الصمت الغربي تجاه التدخل الروسي"، مضيفاً أن الثورة السورية تتجه إلى أحد أمرين:
أولهما: الحل السياسي الذي ينتهي برحيل الرئيس بشار الأسد، والتدخل الروسي يخدم كثيراً هذا الطرح لأن الروس ليس لديهم الرغبة في الذهاب إلى حرب استنزاف طويلة في سوريا.
أما الأمر الأخر: فهو استمرار النظام ورفض روسيا لأي حلول سياسية ومن ثمَّ الانتقال إلى تكرار التجربة الأفغانية، ومن ثمَّ تقوم تركيا بدور باكستان في هذه التجربة.

الموقف العربي والدولي أيضاً كان له جانب من حديث الدكتور إبراهيم الناصر، فأشار إلى أنه موقف مشتت ومرتبط بطبيعة التحالفات التي تقيمها الدول، فهناك دول عربية تقف إلى جانب النظام السوري سراً وعلانية، وهناك أخرى ترى في وجوده ركيزة لاستمرار تغذية الإرهاب الإيراني في المنطقة ويجب خلعه من جذوره مثل التحالف الذي يضم المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا... أيضاً يوجد وجهات نظر مختلفة من التدخل الروسي على المستوى الدولي والعربية؛ فبعض الدول تراه إيجابياً في ما يتعلق بمحاربة "الإرهاب" والتخلص من الجماعات الجهادية، وكذلك تسهيل الانتقال إلى حل سياسي. وهناك أيضاً مخاوف عربية من أن يصبح الدور الروسي جزءاً من تعزيز التدخل الإيراني في المنطقة. يضيف الناصر بأن الدور الروسي يمكن أن يعتبره الغرب جزءاً من الحرب الباردة المتواصلة بين واشنطن وروسيا.

من أبرز تطورات المتوقعة في الموقف العربي - بحسب الناصر - تجاوز المملكة العربية السعودية لمواقفها من بعض الفصائل السورية في سبيل خدمة أهدافها في المعركة، أيضاً لا يستبعد استثمار الموقف الباكستاني الذي يعد حليفاً في المعركة. ويؤكد أيضاً أن مواقف السعودية وتركيا وقطر التي اشترطت رحيل النظام السوري كانت السبب في فشل مفاوضات جنيف. ما يشجع على حماسة الموقف السعودي الدعوةُ التي قدمتها المملكة للفصائل السورية للقاء في الرياض لتوحيد خطابها السياسي ومطالبها في مؤتمر جنيف أمام الضغوط الإيرانية والغربية.

قتلت روسيا المئات من المدنيين السوريين وخصوصاً في جبل التركمان، وزادت من قصفها على التركمان عقب إسقاط تركيا لإحدى الطائرات الروسية على حدودها، أرادت بذلك توجيه رسالة لروسيا بشأن حدود معركتها في سوريا، عقب ذلك تحاول روسيا دعم الأكراد ضد عدوها اللدود تركيا؛ حيث عادت إلى الأذهان نتائج حرب القرم التي خاضها القياصرة الروس ضد الخلافة العثمانية، وقد واصل الرئيس الروسي بوتين بخطاب ديني التحريضَ على الأتراك، كما طالب أحد أعضاء الكرملين من تركيا تسليم مسجد آية صوفيا باعتباره كنيسة أرثوذكسية للكنيسة الروسية.
في نهاية المطاف، فإن الموقف الروسي سيكون مقبولاً بالنسبة للمجتمع الدولي إذا انتهى برحيل الرئيس السوري بشار الأسد مع بقاء أدواته الأمنية، كذلك لا يستبعد تطبيق التجربة الأفغانية.
ينهي الناصر حديثه بعدة توصيات، أهمها دعم توحيد فصائل الثورة وتوحيد مطالبهم السياسية، والاستعداد لمرحلة ما بعد فشل المشروع السياسي، وكذلك التعامل مع مشروع "داعش" ومواجهته. أيضاً لا يستبعد أن تلجأ روسيا إلى استثمار ملف اليمن لذلك يجب حسمه سريعاً، وتحسين آليات التنسيق مع تركيا لإثارة ودعم قضايا الشعوب المسلمة ضمن الاتحاد الروسي سابقاً.

إن البوصلة الرئيسية لمسار الصراع في سوريا كان ولا يزال يحدده ميزان القوى بين الطائفة النصيرية العلوية والمسلمين السنة الذين يعتمدون في دفاعهم عن أنفسهم على فصائل وجماعات مقاتلة لا تزال تعيش حالة من الانقسام والتبعية التي حرفت بوصلتها وجعلت الكثير من ثمار تضحياتها يصب في صالح إطالة أمد النظام.
الجانب الآخر الذي تحدث فيه الكاتب المصري أحمد فهمي هو بنية تنظيم "داعش" ومستقبله والخوض في تفاصيل تلك التجربة وتأثيرها على المشهد الجهادي في سوريا.
وتحدث فهمي عن محاولات "داعش" تأسيس كيان دولة ونظام حكم متناقض مع الواقع المحيط به، سواء على صعيد البناء السياسي أو الجغرافي أو الفكري.

وقال فهمي: "إن ظهور تنظيم الدولة مرتبط بنظرية الحق الإلهي أو التكليف الديني؛ وهي النظرية الأقرب التي يمكن إسقاطها على تجربة التنظيم، فقد جعل التنظيم شواهده في تجربته التجربة العباسية والأموية ونشأة الدولة السعودية، لكن حالة الإسقاط أفشلها عدم اعتراف المجتمع الدولي به، كذلك فقدانه للشعبية الجماهيرية التي تعتبره حركة انفصالية تحاول تنفيذ انقلاب لقمع العباد وتسخيرهم لخدمة أهدافه التنظيمية".
ويقول فهمي: إن تنظيم الدولة يبرر حالة الضعف التي يعيشها في البداية والممارسات القمعية والتوسع في سفك الدماء، كجزء من أي نظام أو كيان ناشئ. ويضيف: إن الواقع المحلي الذي يعتبر مكوناً أساسياً من مكونات الدولة يرفض التعاطي وتقبُّل مشروع تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى أن التنظيم اعتمد على سرقة أراضي من دول أخرى مثل سوريا والعراق لتشييد دولته، وبذلك يعيش حالة من التناقض مع الواقع الإقليمي، بالإضافة إلى فقدان التنظيم للاعتراف الدولي والمجتمعي والسيادة على أراضيه وأجوائه، ففي السابق كان هناك تجربة لحركة طالبان التي حصلت على اعتراف باكستان والسعودية وكانت تسيطر على الأرض والأجواء لكنَّ عزلَتَها عن المجتمع انعكست أثارها سلباً عقب الغزو الأمريكي عام 2003 وتسبب ذلك في تخلي المجتمع عنها.

يحدد في الختام الباحث أحمد فهمي عدة خيارات لمستقبل "داعش"، قائلاً: إن بقاء التنظيم على حاله احتمالية لا يمكن نفيها لكنه سيعاني من حالة تآكل ببطء وتقلص الأراضي التي يسيطر عليها، كذلك فإنه وفي ظل وجود دولة مركزية في العراق سيكون التنظيم معرض لهجمات ستتسبب بخسارته أرضه. كذلك يعتقد الكاتب أن من المخاوف التي تهدد تنظيم "داعش" علوُّ مفهوم حماية الأفراد والمصالح على حماية "التنظيم" الأمر الذي سيفتح باب الانشقاق أمام عناصره ويزيد من حالة إرباك قد تنشأ بداخله.
من الاحتمالات التي قد تتسبب بتدهور حالة التنظيم وتفككه الانقسام العرقي بداخل التنظيم؛ فالكثير من المنتمين إلى التنظيم (عرب – أجانب - منشقين عن الجيش العراقي) لديهم جوانب اختلاف ومصالح قد تتسبب في انشقاقهم وانقسامهم. ومن اللافت أن تنظيم "داعش" يحاول الحفاظ على تماسك صفوفه من خلال نشر الخوف والقمع لعناصره الذين يظهرون نية الانشقاق والهروب من النفق المظلم الذين أسروا أنفسهم فيه.

كذلك من المخاطر التي يعيشها التنظيم فقدانه المرونة السياسية، بعكس تعاطيه مع الملف الاقتصادي حيث نجح في تسخير المجتمع لخدمة أهدافه التجارية والاقتصادية من خلال رجال الأعمال أو التجار.
في الختام سيبقى التنظيم بين عدة خيارات، أهمها البديل الذي يمكن أن يؤثر على مسار تنظيم الدولة والتدخل البري رغم أن كثيراً من أعداء "داعش" يرفضون التدخل البري، لكن اتجاهات الصراع هي التي ستحدد مصير تنظيم الدولة وقدرته على الاستمرار، فقد نشأ التنظيم بفعل إطلاق سراح سجناء من سجن "صيدنايا" بمخطط من النظام السوري لإسقاط صفة "الإرهاب" على الثوار ولا يستبعد بعد أن ينتهي دورهم أن يتم التخلص منهم.

يؤكد أحمد فهمي أن مرحلة ما بعد تنظيم "داعش" هي الأكثر أهمية وتأثيراً؛ فجميع الأشخاص المنتمين للتنظيم قادمون من مناطق مختلفة حول العالم، وفي حال رجوعهم إلى بلدانهم يجب أن يتم استيعابهم حتى لا يتم استبدال سوريا والعراق بليبيا.

img001.png


img002.png

img003.png

--------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المشهد, الثورة, السوري, ومستقبل


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المشهد السوري ومستقبل الثورة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اليمن ومحنة المشهد السوري عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-16-2015 09:06 AM
بالأدلة..هوية مدير المرصد السوري وحقيقة أخبار الثورة التي يبثها Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 12-29-2013 02:30 PM
النظام السوري قتل 10 آلاف طفل منذ بداية الثورة عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 11-23-2013 07:49 AM
البيان الختامي: // لمؤتمر الامة (مصر الثورة ومستقبل الأمة) المنعقد على ظهر سفينة فى عرض البحر ابو الطيب أخبار عربية وعالمية 0 10-03-2013 02:40 AM
قراءة في المشهد السوري الساخن عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 08-29-2013 07:34 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:09 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59