#1  
قديم 06-21-2013, 04:33 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي التـنافسُ وأثره على النحو والنحاة





للدكتور محمود حسني محمود

(الجامعة الأردنية)
أيُّ علم من العلوم يكون في حاجة إلى التنافس بين علمائه لكي يتطور وينمو نحو النضج والكمال. ولا أظن أن عِلْماً ما يمكن أن يسير سيراً حثيثاً، وينمو نموّاً متزايداً، إذا لم تكن روح المنافسة بين علمائه متّـقدة متوهجة، كلٌّ يزاحم الآخر على احتلال مكان بارز، وكلٌّ ينافس الآخر ليثبت أنه أتى بما لم يستطع أحد أن يأتي به؛ ولكنّ الفرق يكون كبيراً وشاسعاً بين منافسة ومنافسة: فالمنافسة الشريفة النابعة من الحرص والصدق لن تأتي إلا بثمار يانعة طيبة الرائحة، أما إذا تغلبت الأهواء وتصادمت المصالح فلن تأتي المنافسة إلا بسلبيات كثيرة يكون لها أبعد الأثر وأخطره.
وعلم النحو كان واحداً من تلك العلوم التي تطورت ونضجت سريعاً، وكانت ساحته مجال سباق ومنافسة؛ بدأت هادئة هدوءاً فيه الخير كله لعلم النحو، ولكنها اضطرمت فجأة، فتصادمت العلماء تصادماً خلّف نتائج عكسية، وترك ثغرات عديدة.
لم يكن علماء النحو في البداية – حين كانت مدرسة البصرة النحوية وحدها في الميدان – منشغلين بشيء، غير تطوير النحو وتثبيت دعائمه، وفرض سيطرته على مجالات أنشطته، وبخاصة مجال الشعر، حيث حدث تصادم بين النحاة والشعراء، كذلك الذي كان بين أبي إسحاق – أكثر النحاة تشدداً – وبين الفرزدق – أكثر الشعراء عنفاً- حينما تَتَبَّع الأول الثاني في شعره وخطّأه([1]) في أكثر من موضع، الأمر الذي استفز الفرزدق وأضجره، وجعله يقول لأحد النحاة، بعد أن سأله عن غامض في شعره من ناحية الإعراب: ([2])"علي أن أقول وعليكم أن تحتجوا".
وغاية تطوير النحو عند أوائل النحاة جعلتهم يتنافسون في هدوء وأمانة واتزان؛ فإذا ما أحرز السبق أحدهم، أكبره الآخرون وقدروه حق قدره: أتى عيسى بن عمر (ت 149هـ) إلى أبي عمرو بن العلاء (ت 154هـ) وقال له([3]): يا أبا عمرو! ما شيء بلغني أنك تجيزه؟ قال: ما هو؟ قال: بلغني أنك تجيز: "ليس الطيّب إلا المسك" بالرفع. فقال له أبو عمرو: نِمْتَ يا أبا عمر (كنية عيسى بن عمر) وأَدلج الناس؛ ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب، ولا في الأرض تميمي إلا وهو يرفع. ثم أرسل أبو عمر تلميذين يسألان أعراباً حجازيين وأعراباً تميميين، فنطق الأعراب بما قال أبو عمرو، فلما سمع عيسى ما وصل إليه التلميذان من أقوال الأعراب، أخرج خاتمه من يده، ثم قال لأبي عمرو([4]): "لك الخاتم؛ بهذا والله فقت الناس". فلم تكن نتيجة هذه المناظرة إلا إكباراً من عيسى لأبي عمرو، وإجلالاً.
ولم يكن النحاة آنذاك يفرقون في المعاملة بين نحوي أتى إليهم من البصرة أو نحوي أتى إليهم من الكوفة ليستفيد من علمهم ويستنير به. فلم يجد الكسائي القادم إلى البصرة من بغداد، لدراسة النحو فيها، أي عنت أو مجافاة؛ درس النحو على الخليل([5]) بن أحمد، ثم درس على يونس بن حبيب الذي شجعه وأثنى([6]) عليه، ثم([7]) "صدره في موضعه"؛ وقد قال له مرة بعد إجابة من إجاباته([8]): "أشهد أن الذين رأسوك رأسوك باستحقاق". ولم يك عند يونس أو الخليل تلك الروح التنافسية التي توغلت في نفوس النحاة فيما بعد؛ إذ لم يك في نفسيهما غير إرادة الإفادة، وغير رغبة التطوير في علم النحو ونشره؛ وهذا ما جعل الكسائي لا يحمل لهما في نفسه شيئاً غير التقدير والاحترام، فأثنى على الخليل ثناء عطراً أمام الفراء حين سأله عنه، قال([9]): "مات والله الفهم يوم مات الخليل، لو رأيته لم يعظم في عينك بشر بعده". ثم قال: "والله ما تمثلت في صدري جلالة أدب من وجه ولا علم إلا وجدت ذلك فرعاً من أصل اغترسه، أو سبباً من باب افتتحه، وما رأيت أحداً اعترضه باب من علم فأخال به ثقة يعتمد عليه، أو مثال حسن يستمد منه، إلا والخليل صاحب قصته".
وليت هذه الروح – روح التنافس النظيف، والتقدير المتبادل- بقيت منغرسة في نفوس النحاة وواصلت سيرها؛ فالمتتبع للأمر، المستقصي شعابه المتعددة، يجد أن هذه الروح داخلها شيء من الغثاثة وشيء من مخلفات التعلق بمغريات الحياة على حساب النحو وحقائقه، فانعطف مسار النحو في بعض محطاته، وانحنى انحناءات هنا وهناك، جعلته يسير في اتجاه غير سليم تماماً، وسجلت على دربه نتوءات بارزة، وسلبيات كثيرة.
عاد الكسائي إلى بغداد – مثقلاً بما حمله في جعبته من علم نحاة البصرة، ومما جمعه من لغة البادية – وبدأ يعلو ذكره، وبدأت شهرته تتزايد، فقد واتاه الحظ حينما دعاه([10]) المهدي ليسأله عن فعل الأمر من "السواك"، فأعجب المهدي بإجابته، وألحقه ليؤدب ابنه الرشيد. ثم صار([11]) مؤدباً فيما بعد للأمين بن الرشيد. وكان نجاح الكسائي في هذا المجال نجاحاً له وللكوفيين جميعاً؛ فقد خلفه([12]) الأحمر الكوفي على تأديب الأمين. وصار ابن([13]) قادم الكوفي مؤدباً للمعتز قبل أن يصير خليفة. وصار([14]) ثعلب مؤدباً لطاهر بن محمد، ولعبدالله([15]) بن المعتز. وهذا دليل على أن الكوفيين كانوا مقربين عند الخلفاء والأمراء والوزراء والقادة في بغداد، يؤدبون أولادهم ويعلمونهم النحو على طريقة المذهب الكوفي. فحققوا من وراء ذلك مركزاً اجتماعياً بارزاً، وثراء طائلاً. فكان الكسائي عند الرشيد في مكانة لا تقل عن مكانة أبي يوسف القاضي. وقد استثارت هذه المكانة أبا يوسف الذي كان يقول عن الكسائي([16]): "أي شيء يحسن؟ إنما يحسن شيئاً من كلام العرب". وكان قال للرشيد عنه([17]): "هذا الكوفي قد استفرغك، وغلب عليك"، فقال له: "يا أبا يوسف، إنه ليأتيني بأشياء يشتمل عليها قلبي". وكان الأحمر ثَريّاً لكثرة المكافآت التي كانت تنهال عليه؛ فقد روي عنه أنه قال: "قعدت مع الأمين ساعة من نهار فوصل إلي فيها ثلاثمائة ألف درهم، فانصرفت وقد استغنيت". ولم يكن ثعلب بأقل من الأحمر في الثراء، فقد خلف بعد موته:([18]) "أحداً وعشرين ألف درهم، وألفي دينار، ودكاكين بباب الشام قيمتها يومئذ ثلاثة آلاف دينار". وكان محمد بن عبدالله بن طاهر قد أجرى([19]) عليه في كل شهر ألف درهم، وعلى خليفته خمسمائة درهم، وعلى ختنه ثلاثمائة درهم.
هذا الجاه العريض، وهذا الثراء الواسع الذي حققه الكوفيون، دفع البصريين إلى أن ترنو أبصارهم نحو بغداد، فبدأوا يتعاقبون تباعاً. فأحس الكوفيون بأن ما حقّقوه معرّض للاندثار فعلاً إذا لم يكونوا أكفياء في الحفاظ عليه. ورأوا أن الأمر يتعلق بحياة ومستقبل، وأن فشل أحد الكوفيون سيكون فشلاً للمدرسة الكوفية نفسها، وأن انتصار أحد البصريين سيكون انتصاراً للمدرسة البصرية نفسها؛ فلا بد أن يتأهبوا، ويكونوا صلاباً أقوياء في المجابهة، ولا بد أن يتخذوا كل وسيلة ويلجأوا إلى كل حيلة لردّ البصريين وإعادتهم من حيث أتوا. ومن هذا المنطلق، ومن هذا المناخ النفسي بدأ التنافس عنيفاً؛ ولكنه بدأ أعنف وأشد حين كان يتجلى في قصر خليفة، أو بين يدي أمير أو وزير؛ فقد أشعل هؤلاء نار التنافس بين النحاة، وزادوها اضطراماً، فكانوا يعقدون المناظرات بينهم، ولا يترددون في دعوة نحوي بصري إلى بغداد من أجل مناظرة نحوي كوفي، أو من أجل البتّ في مسألة نحوية دار الخلاف عليها.
ولعل أبرز هذه المناظرات تلك التي دارت بين سيبويه والكوفيين، وعلى رأسهم الكسائي، والتي استوقفت نحاة قدماء([20]) ومحدثين([21]) أدلوا بآرائهم فيها. وقد حقق البصريون في هذه المناظرات تفوقاً واضحاً، وصاروا يؤدبون في القصور كما كان الكوفيون يؤدبون، وصاروا يُسْتَدعَون من البصرة للبتّ في مسألة استعصت على الحل؛ فهذا اليزيدي([22]) يؤدب المأمون بن الرشيد كما كان الكسائي يؤدب أخاه الأمين، وهذا قطرب([23])، تلميذ سيبويه، يعلم ولد أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرخ، ثم يؤدبهم ابنه الحسن بن قطرب فيما بعد؛ ثم هذا المازني يدعوه الواثق([24]) لبيان إعراب بيت من الشعر من البصرة إلى بغداد، ثم يجالس المتوكل([25]) فيما بعد.
وقد أساء التنافسُ في المناظرات إلى العلاقات بين نحاة المدرستين، ودفع نحاة المدرسة الواحدة إلى الطعن على نحاة المدرسة الأخرى، ومحاولة الانتقاص من علمهم ومكانتهم في قسوة وتَجنٍّ شديدين، وأدى بهم إلى تبادل التهم. وكان البصريون في هذا المجال أقسى وأشد؛ فمن جانبهم كان أبو حاتم يقول:([26]) "لم يكن لجميع الكوفيين عالم بالقرآن ولا كلام العرب؛ ولولا أن الكسائي دنا من الخلفاء فرفعوا من ذكره لم يكن شيئاً، وعِلمُه مختلط بلا حجج ولا علل إلا حكايات عن الأعراب مطروحة". وكان أبو زيد يقول:([27]) "قدم الكسائي البصرة، فأخذ عن أبي عمرو ويونس وعيسى بن عمر علماً كثيراً صحيحاً، ثم خرج إلى بغداد، فقَدِم أعراب الحطمة، فأخذ عنهم شيئاً فاسداً، فخلط هذا بذاك فأفسده". وكان المبرد يقول([28]): "ما عرف الرؤاسي بالبصرة؛ وقد زعم بعض الناس أنه صنّف كتاباً في النحو، فدخل البصرة ليعرضه على أصحابنا، فما التفت إليه، ولم يجسر على سماعهم لما سمع كلامهم". أما من جانب الكوفيين فكان أبو موسى الحامض يقول للزجاج([29]): "صاحبكم الأكبر – يعني سيبويه – كان أغلف اللسان عييّاً عن البيان". وكان ثعلب يؤازره في قوله، فيقول الزجاج رداً عليهما: "أما نحن فلا نذكر "حدود" الفراء، لأن خطأه فيها أكثر من أن يُعَد". وقد عمل الزجاج على رد(30) الكثير من ألفاظ "الفصيح" لثعلب، ولهجت بها الألسن إلى أن سئم ثعلب "الفصيح" وأنكر أن يكون له.
ولم تكن التهم متبادلة بين نحاة المدرستين فحسب، وإنما تفشت العدوى لاتساع نطاق التنافس، فَسَرَت بين نحاة المدرسة الواحدة؛ فكان الأحمر يزعم(31) أن الكسائي لم يكن يبصر التصريف، ويزعم أنه علمه. مع أن الأحمر هذا لم يقبل(32) عرض الكسائي عليه تأديب الأمين بن الرشيد إلا بعد أن وعده بأنه يلقنه كل يوم مسألتين في النحو، وثنتين في معاني الشعر قبل أن يأتيه. وكان الفراء يقول(33): "مات الكسائي وهو لا يحسن حد "نِعْم" و"بِئْس" و"أن" المفتوحة، ولم يكن الخليل يحسن "النداء"، ولا سيبويه يدري حد "التعجب"". مع أن الفراء هذا كان يثني على الكسائي ويقول(34): "مدحني رجل من النحويين فقال لي: ما اختلافك إلى الكسائي وأنت مثله في النحو؟ فأعجبتني نفسي، فأتيته، فناظرته مناظرة الأكفاء، فكأني كنت طائراً يغرف من البحر بمنقاره". ولعل مَرَدّ طعن الفراء يعود إلى أن الكسائي كان يرى فيه منافساً(35) على زعامة المدرسة الكوفية، ولذلك فإن الكسائي خلّف بعده الأحمر الكوفي على تأديب ابن الرشيد، ولم يخلّف الفراء؛ مما أدى إلى فارق كبير في نمط الحياة بين الاثنين: فبينما كان التلاميذ يأتون الأحمر ليلقاهم بوجه منطلق وبِشر حسن، كانوا يأتون الفراء ليخرج(36) إليهم معبساً قد اشتمل بكسائه، وليجلس لهم على باب بيته، ويجلسون هم في التراب بين يديه.
وعلى غرار ما كان بين الفراء والكسائي، وبين الكسائي والأحمر، كان الأمر بين البصريين؛ فكان أبو حاتم يقول في أستاذه الأخفش الأوسط، سعيد بن مسعدة(37): "لم يكن بالحاذق في النحو"، مع أن الأخفش عرف أنه الطريق إلى كتاب سيبويه، وكان الجاحظ يعترف بفضله وعلمه ويقول له([30]): "أنت أعلم الناس في النحو". وكان ابن جنى يدافع عنه ويرى أن الذين يطعنون عليه إنما هم(39): "أقوام نزرت من معرفة حقائق هذا العلم حظوظهم، وتأخرت عن إدراكه أقدامهم". حتى الفراء الذي عرف بالغرور، والاعتداد بالنفس، كان يعترف بفضل الأخفش؛ فقد روى أنه دخل على سعيد بن سلمة، فقال سعيد(40): "قد جاءكم سيد أهل اللغة وسيد أهل العربية". فقال الفراء: "أما ما دام الأخفش يعيش فلا". وكان أبو هلال العسكري يقول في الأخفش(41): "وله نحو كثير، وليس كثير من النحويين من ينظر في النحو، يدرس كثرة علمه".
وقد أدى التنافس أيضاً إلى انطواء كل مدرسة نحوية على نفسها، وانزوائها عن الأخرى، وبالتالي عدم اطلاع نحاة المدرسة الواحدة على آراء نحاة المدرسة الأخرى إلّا خفية أو لمأرب في النفس. غير أن المدرسة البصرية كانت في هذا المجال – أيضاً- أكثر تحفظاً، وأكثر تشدداً في نظرتها إلى مدرسة الكوفة؛ فلم يأخذ أحد من علمائها عن أحد من علماء الكوفة إلا(42) ([31]) أبا زيد، فإنه روى عن المفضل الضبي. وقد بلغ التشدد بالبصريين إلى درجة أنهم نفوا(43) [32]) أن يكون الفراء قد استكثر في دراسته على يونس بن حبيب البصري. أما من ناحية مدرسة الكوفة، فمع أن الكسائي درس على الخليل ويونس بن حبيب – وهذان يخرجان من دائرة التنافس، لأنهما سبقا مرحلة الصدام بين المدرستين – إلا أنه حين أراد أن يدرس كتاب سيبويه – وسيبويه يأتي في لبّ الصدام – قرأه(44) [33]) على الأخفش الأوسط سراً، ووهبه(45) [34]) سبعين ديناراً. لقد كان الكسائي يخشى فعلاً أن يعلم البصريون قراءته هذه فيعيروا الكوفيين بذلك. وكان يخشى أن يعلم الأمراء والوزراء الذين كان يفاخر أمامهم ويعتدّ، والذين حكموا له بالغلبة على سيبويه في المناظرة المشهورة بينهما. ومثل الكسائي كان الفراء أيضاً: فقد عرف عنه أنه كان يقرأ كتاب سيبويه سراً، ويضعه(46) [35]) تحت وسادته؛ مع أنه كان(47) [36]) "زائد العصبية على سيبويه"، فكان الجاحظ يقول(48) [37]): "إن الفراء لم ينتفع بالنظر في هذا الكتاب كبير نفع لأنه لم ينظر فيه نظر ناصح لنفسه، ولا شاكر لمن وصل إليه العلم من جهته ولا معترف بالحق فيه". أما ثعلب الكوفي فإنه جنب نفسه التهم في هذا الأمر، فلم يطلع على مذهب البصريين، وإنما حصر نفسه في المذهب الكوفي؛ فدرس كتب الكسائي والفراء، وكان يعود إلى أقوالها في مناظراته مع البصريين ويلجأ إليها(49) [38])، " فإذا سئل عن الحجة والحقيقة .. لم يفرق في النظر". ولم يك ثعلب مكتفياً بتطبيق ذلك على نفسه، وإنما كان يحاول أن يطبقه على تلاميذه؛ فكان يعاتب ختنه أبا علي الدينوري لأنه كان يتركه ليقرأ كتاب سيبويه على المبرد، ويقول له(50) [39]): "إذا رآك الناس تمضي إلى هذا الرجل وتقرأ عليه يقولون ماذا؟".
وكان النحوي يشعر بالحرج الشديد والخجل من نفسه إذا ما غلبه نحوي آخر في مناظرة بين يدي خليفة أو وزير: فهذا ابن السكيت يلوم المازني لانتصاره عليه في مناظرة بين يدي الخليفة الواثق، ويقول له(51) [40]): "ما حملك على هذا وبيني وبينك من المودة الخالصة؟" فيقول المازني: "والله ما قصدي تخطئتك، ولم أظن أنه يعزب عنك ذلك". وكان النحوي يتعصب لنحوي آخر من مدرسته، ويثور إذا ما غلبه نحوي آخر من المدرسة الأخرى: فهذا ابن قادم يقول(52) [41]): "قدم أبو عمر الجرمي على الحسن بن سهل، فقال لي الفراء: بلغني أن أبا عمر الجرمي قدم، وأنا أحب أن ألقاه. فقلت له: فإني أجمع بينكما. فأتيت أبا عمر فأخبرته، فأجاب إلى ذلك. وجمعت بينهما. فلما نظرت إلى الجرمي قد غلب الفراء وأفحمه، ندمت على ذلك. فقال ثعلب لابن قادم: ولم ندمت؟ قال: لأن علمي علم الفراء، فلما رأيته مقهوراً قَلَّ في عيني، ونقص علمه عندي.
وكان التنافس يدفع النحوي في بعض الأحيان إلى التحايل على الإعراب والإفصاح برأي غير الذي يقتنع به، ولا بأس أن يصور رأياً خاطئاً من أجل إرضاء خليفة أو أمير، أو وزير أو قائد اجتهد رأياً في مسألة نحوية: فقد استقدم(53) [42]) الخليفة المتوكل المبرد من البصرة ليعرف رأيه في همزة ان في قوله تعالى(54) [43]): (وما يشعركم أنها إذا جاءت) هل هي مكسورة أو مفتوحة؛ وكان المتوكل قرأها بالفتح، ووزيره الفتح بن خاقان قرأها بالكسر، فحدث خلاف بينهما على ذلك. قال المبرد يروي بنفسه: فوردت سُرّ من رأى، فأُدخِلْت على الفتح بن خاقان، فقال: يا بصري، كيف تقرأ هذا الحرف، (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) "انها" بالكسر أو الفتح، قل بالكسر أو بالفتح؟ فقلت: بالكسر، هذا المختار وذلك أن أول الآية: "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمننَّ بها، قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم) ثم قال: يا محمد (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) باستيفاء جواب الكلام المتقدم، قال: صدقت. وركب إلى دار أمير المؤمنين فعرَّفه بقدومي، وطالبه بدفع ما تعاقدا عليه وتبايعا فيه. فأمر بإحضاري. فلما وقعت عين المتوكل علي قال: يا بصري كيف تقرأ هذه الآية: (وما يشعركم أنها إذا جاءت) بالكسر، أو بالفتح؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، أكثر الناس يقرأونها بالفتح، فضحك، وضرب برجله اليسرى. وقال: احضر يا فتح المال. فقال: والله يا سيدي إنه قال لي خلاف ما قال لك، فقال: دعني من هذا، احضر المال. وأخرجت. فلم أصل إلى الموضع الذي كنت أنزلته حتى أتتني رسل الفتح، فأتبته، فقال لي: يا بصري أول ما ابتدأتنا به الكذب، فقلت: ما كذبت. فقال: كيف وقد قلت لأمير المؤمنين الصواب (وما يشعركم أنها إذا جاءت) بالفتح. فقلت: أيها الوزير! لم أقل هكذا، إنما قلت: أكثر الناس يقرأونها بالفتح، وأكثرهم على الخطأ، وإنما تخلصت من اللائمة، وهو أمير المؤمنين. فقال لي: أحسنت.
وما سَلَكَه المبرد سَلَكَه يعقوب بن السكيت، وبأسلوب فيه الكذب على النحو واضح، والتلفيق بيّن؛ وذلك حينما استدعي(55) [44]) للفصل بين قولي محمد بن عبدالملك الزيات ، وزير المعتصم، وأحمد بن أبي دؤاد في توجيه إعراب (رجل) في قول الشاعر:
أظُليـم ان مصابكـم رجــلاً أهـدى السـلام تَحيـةً ظُلـمُ
وكان محمد قال بالنصب، وأحمد بالرفع؛ فحكم يعقوب لأحمد. قال ثعلب: لقيت يعقوب فعاتبته في هذا عتاباً ممضاً، فقال لي: اسمع عذري: جاءني رسول ابن أبي دؤاد فمضيت إليه، فلما رآني بشَّ بي وقرّبني ورفعني، وأخفى في المسألة عن اخباري، ثم قال لي: يا أبا يوسف، مالي أرى الكسوة ناقصة؟ يا غلام، دستاً كاملاً من كسوتي، قال: فأُحضِر. ثم قال: كيس فيه مائتا دينار. فأُحضِر؛ ثم قال لي: أراكب أنت؟ قلت: لا بل راجل؛ فقال: حماري الفلاني بسرجه ولجامه، فأُحضِر، قال: يُسَلَّم الجميع إلى غلام أبي يوسف؛ فشكرت له ذلك، ثم قال لي: يا أبا يوسف، أنشدت هذا البيت:
أظليم أن مصابكم رجل
فقال الوزير: إنما هو "رجلاً" بالنصب، وقد تراضينا. فقلت: القول ما قلت. فخرجت من عنده، فإذا رسول محمد بن عبدالملك، فقال: أجب الوزير، فلما دخلت بدرني وأنا واقف، فقال: يا يعقوب، أليس الرواية:
أظليم ان مصابكم رجـلا
فقلت: لا بل "رجل". فقال: اغرب. قال يعقوب: فكيف كنت ترى لي أن أقول؟!
وبهذا الأسلوب – أسلوب ابن السكيت- عالج(56) [45]) ابن قادم الكوفي، أستاذ ثعلب، مسألة نحوية عرضت لميمون بن إبراهيم، كاتب إسحاق المصعبي. قال ابن قادم: وجه إلي إسحق يوماً فأحضرني، فلم أدر ما السبب، فلما قربت من مجلسه تلقاني ميمون بن إبراهيم، كاتبه على الرسائل، وهو على غاية الهلع والجزع، فقال لي بصوت خفي: إنه إسحاق؛ ومَرَّ غير متلبث ولا متوقف حتى رجع إلى مجلس إسحق. فراعني ذلك، فلما مثلت بين يديه، قال لي: كيف يقال: "وهذا المال مال" أو "وهذا المال مالاً"؟ فعلمت ما أراد ميمون فقلت له: الوجه "وهذا المال مال" ويجوز "وهذا المال مالاً"، فأقبل إسحق على ميمون بغلظة وفظاظة، ثم قال: الزم الوجه في كتبك، ودعنا من يجوز ويجوز، ورمى بكتاب كان في يده. فسألت عن الخبر فإذا ميمون قد كتب إلى المأمون وهو ببلاد الروم عن إسحاق، وذكر مالاً حمله إليه، فكتب "وهذا المال مالاً". فخط المأمون على الموضع من الكتاب، ووقع بخطه في حاشيته "تخاطبني بلحن"؟ فقامت القيامة على إسحق، فكان ميمون بعد ذلك يقول: ما أدري كيف أشكر ابن قادم، أبقى على روحي ونعمتي، قال ثعلب: "وهذا المال مالاً" ليس بشيء، ولكن أحسن ابن قادم في التأتي لخلاص ميمون.
ولم يكن النحوي يتورع عن التلفظ أحياناً بأي جواب يرِد على لسانه إذا لم يحضر ذهنه الجواب الصحيح، وعن أن يلفّق شعراً يؤيد جوابه، وذلك من أجل أن يبقى محافظاً على سمعته، وحتى لا تتزعزع الثقة به، فقد ورد(57) [46]) المبرد النحوي الدينوري زائراً عيسى بن ماهان؛ وأول ما دخل، قال له: أيها الشيخ، ما الشاة المجثَّمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحمها؟ فقال: هي الشاة القليلة اللبن مثل اللجْبَة، فقال: هل من شاهد؟ فقال: نعم، قول الراجز:
لم يبق من آل الجعيـد نَسَمَـهْ إلا عُنـَيزٌ لَجْبَـةٌ مجثَّمــهْ
وإذا بالحاجب يستأذن لأبي حنيفة الدينوري، فأذن له؛ فلما دخل قال له عيسى: ما الشاة المجثَّمة التي نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن أكلها؟ فقال: هي التي جثمت على ركباتها، ونحرت من قفاها، فقال عيسى: كيف تقول، وهذا شيخ العراق- يعني أبا العباس المبرد- يقول: هي مثل اللجْبَة، وهي القليلة اللبن؛ وأنشد البيتين. فقال أبو حنيفة: أيمان البيعة تلزم أبا حنيفة إن كان هذا الشيخ سمع هذا التفسير، وإن كان البيتان إلا لساعتهما هذه. فقال أبو العباس المبرد: صدق الشيخ أبو حنيفة، أَنِفْتُ أن أرد عليك من العراق، وذكري ما قد شاع، فأول ما تسألني عنه لا أعرفه.
وقد وجد تنافس النحاة في العلة ميداناً خصباً تجلى فيه وبرز، فتنافسوا فيها، وتوغلوا في شعابها، ولم يتركوا شيئاً في النحو يمكن أن يعلَّل إلا أوجدوا له علة مهما كانت واهية مهلهلة، فعللوا ثقل(58) [47]) الفعل وخفة الاسم، وامتناع(59) [48]) الأسماء من الجزم، والأفعال(60) [49]) من الخفض. وعللوا سكون(61) [50]) لام التعريف، وعدم(62) [51]) اجتماع أل التعريف مع التنوين، وعدم الجمع(63) [52])، وعدم أل التعريف والإضافة. وعللوا بناء(64) [53]) الفعل الماضي على الفتح، وبناء(65) [54]) فعل الأمر على السكون. ومن هذه العلل الواهية ما ذهب إليه ثعلب حين سأله شيخ: لم أجاز الفراء قولهم "قائمين كان الزيدون" ولم يجز "قائماً ضربت زيداً؟" أي لم أجاز تقديم خبر كان عليها ولم يجز تقديم الحال على العامل فيها؛ فقال له(66) [55]): "إنما جاز "قائمين كان الزيدون" لأن قائمين خبر لكان، ولم يجز "قائماً ضربت زيداً" لأن "قائماً" ليس خبراً "لضربت"". وهذا تعليل ينطلق من غير أساس صحيح ولا يخاطب الذهن الصافي؛ وكان المفروض فيه أن يعلل تعليلاً منطلقاً من واقع الجملة موطن التعليل، لا من واقع جملة أخرى لا علاقة لها بها؛ فالفعل الأول فعل ناقص دخل على مبتدأ وخبر فقدم الخبر، بينما الفعل الثاني فعل تام دخل على اسم ذات، وعلى وصف فقدم الوصف. وتعليله كان منطلقاً من أن الجملة الثانية ليست كالجملة الأولى، فامتنع التقديم فيها فاتخذ من الخلاف بينهما أساساً لصلة جواز التقديم ومنعه. وهذا منطلق غير صحيح. ومن هذه العلل ما ذهب(67) [56]) إليه البصريون رداً على الكوفيين من أن فعل التعجب "أفعل"، وإن كان لا يتصرف إلا أنه فعل، وعلّتهم أنهم أجمعوا على أن عسى وليس فعلان مع أنهما لا يتصرفان. وعلة البصريين واهية، إذ اتخذوا من إجماعهم على مسألة مقياساً لمسائل أخرى وحجة لهم في ما يذهبون إليه؛ والإجماع ليس حجة أبداً وليس دليلاً على صواب النحاة(68) [57])، لأن كل واحد منهم، كما قال ابن جني: "إنما يردك ويرجع بك فيه إلى التأمل والطبع لا إلى التبعية". ومن عللهم أن فعل الأمر بني على الوقف، لأن(69) [58]) الأصل في الأفعال البناء، والأصل في البناء أن يكون على الوقف؛ فبني فعل الأمر على الوقف لأن الوقف أصل. وهذه العلة، إن كان منطلقها سليماً، فلم لم يُبْنَ الفعل الماضي على الوقف وبني على الفتح، مع أن البناء أصل فيه وهو مبني دائماً في شتى الأحوال، وهو مبني أيضاً باتفاق(70) جميع النحاة البصريين والكوفيين، بينما فعل الأمر مختلف فيه بين النحاة؛ فبينما قال البصريون ببنائه، قال الكوفيون بإعرابه.
لقد ابتعد النحاة بتماديهم في مجال العلل عن جوهر النحو، وأوغلوا بهذا الأسلوب في التمحل والتكلف، مما جعل القدامى يرون أن هذه العلل إنما أتي بها للاحتيال والتمويه. فقد قال ابن قتيبة في توجيه النحاة "لمجَلّف" في قول الشاعِر:
وعضّ زمانٍ يا بن مروان لم يدع من المال إلا مسحتـاً أو مجلّفُ
قال(71) [59]): "فرفع آخر البيت ضرورة، وأتعب أهل الإعراب في طلب العلة، فقالوا وأكثروا، ولم يأتوا فيه بشيء يرضي؛ ومن ذا يخفى عليه من أهل النظر أن كل ما أتوا به من العلل احتيال وتمويه. وليت النحاة سلكوا مسلك يونس حين سئل(72) [60]): لم صارت "حتى" تنصب الأفعال المستقبلة؟ فقال: هكذا خلقت. ومسلك الكسائي حين سئل(73) [61]): لم لا يقال: أيَّهم، في: لأضربن أيُّهم يقوم. فقال: "أي" هكذا خلقت.
ومع أن المدرستين، البصرية والكوفية، انتهتا تقريباً بانتهاء المبرد وثعلب، إلا أن التنافس بين النحاة استمر بعدهما، ولكنه عاد تنافساً فردياً، فيه شيء من الحسد وحب الدنيا، بعد أن كان زمن المدرستين تنافساً فردياً ومذهبياً معاً. وأبرز هذا التنافس ذلك الذي كان بين الفارسي والرماني والسيرافي والزجاجي؛ فقد اتهم الفارسي هؤلاء جميعاً تهماً مختلفة، منها اتهامه(74) [62]) الرماني بأنه لا يحمل شيئاً من النحو، وقد علل الأستاذ سعيد الأفغاني تعرض الفارسي للسيرافي والرماني بقوله(75) [63]): "والفارسي ... متهم على الرماني كما هو متهم على السيرافي، لأن الثلاثة أشرقوا في عصر واحد، وكان للأخيرين من التوفير في أعين الناس ما ليس للأول. ولأمر ما أولع الفارسي بأن ينص على تلمذة الرماني له حيناً". والمنافسة النابعة من الحسد صرح بها الزجاجي وتخوف منها في تقديمه كتابه "الإيضاح"، فهو يتوقع أن الخصوم سيتعرضون عليه ويغالطونه بعد صدور الكتاب، ويرى أنه لن يَفْصل بينه وبينهم حينئذ إلا مناظرة علنية، يشترط أن تكون أمام علماء من ذوي الفهم الدقيق والنظر الصائب؛ يقول(76) [64]): "ومن مالت به عنه عصبيته أو حميته فعنه يصرف حظه، وعنا تسقط كلفته؛ ومن سمت به نفسه إلى تتبع ما أودعناه إياه، وسميناه فيه، وفحصه والكشف عن حقائقه، فحقيق عليه أن مر به أن يراجع فكره ويثير قريحته ويحرك خاطره، ليقف على ما لعله قد انستر عنه، ولا يحكم من أول وهلة بخروج عن الحق؛ فإن فعل ذلك وتدبره، ولم يره ينقاد في طريقة القياس مستمراً، أو رأى أنه لا حق إلا في غيره، كانت حلبة التناظر – باجتماع ذوي الفهم والنظر والفحص والجدال معنا فيها – فاصلة بيننا وبينه، حتى نصير معاً بحق النظر إلى الصواب".
وعُرف التنافس زمن الفارسي أيضاً – في مصر بين أبي العباس بن ولاد (ت332هـ) وأبي جعفر بن النحاس (ت 307هـ): فقد جمع(77) [65]) بعض ملوك مصر بينهما، وأمرهما بالمناظرة. قال ابن النحاس لابن ولاد: كيف تبني مثل "أفعلون" من رميت؟ فقال: أرمييت. فخطأه ابن النحاس وقال: ليس في كلام العرب "أفعلون" ولا "أفعليت". فقال ابن ولاد: إنما سألتني أن أمثل لك بناء ففعلت.
وهذه المناظرة فيها مغالطة وتعمد التخطئة من ابن النحاس؛ وقد صوب(78) [66]) الزبيدي إجابة ابن ولاد، ودعم ما ذهب إليه بأن الأخفش الأوسط سعيد بن سعدة كان يبني من الأمثلة ما سئل أن يبني عليه، وإن لم يكن ذلك في كلام العرب.
في نهاية هذا البحث أرجو أن يُفهم أنني حاولت أن أجلو ما نتج عن التنافس من آثار سلبية على النحو، وأسجله. ولكنني أرجو أيضاً ألا يفهم من خلال هذا البحث أن النحاة انحرفوا تماماً عن جادة الصواب، وأن مظاهر الحياة الخادعة قد أضلتهم الطريق كلها – وإن كنت قد بينت أنها أضلّتهم فعلاً في أحوال عارضة- فقد عُرف عنهم العفة والنزاهة والأمانة في الحفاظ على علم النحو. وعلى خط سيره الصحيح، وكأن كل شيء، في أحيان كثيرة، كان يتضاءل في قيمته ليرتفع شأن النحو عالياً؛ فهذا المازني(79) [67]) يقصده بعض أهل الذمة ليقرأ عليه كتاب سيبويه، ويعرض عليه مائة دينار مقابل تدريسه إياه، فيرفض؛ فيقول له المبرد: جعلت فداءك، أترد هذه النفقة مع فاقتك وشدة اضاقتك؟! فيقول: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا آية، من كتاب الله عز وجل، ولست أرى أن أمكّن منها ذمياً غيرة على كتاب الله تعالى، وحمية له.
وهذا الكسائي يأتيه الفراء، فيراه باكياً، فيقول له(80) [68]): ما يبكيك؟ فيقول: هذا الملك يحيى بن خالد، يوجه إلي فيحضرني، فيسألني عن شيء، فإن أبطأت في الجواب لحقني منه عتب، وإن بادرت لم آمن الزلل؛ فيقول له الفراء ممتحناً: يا أبا الحسن، من يعترض عليك؟ قل ما شئت، فأنت الكسائي. وإذا بالكسائي يأخذ لسانه بيده ويقول: قطعه الله إذا أنا قلت مالا أعلم!
وهذا المبرد يقول(81) [69]): "الناس يلحقهم السهو والغلط، فإذا غلطوا فرجعوا فكأن لم يغلطوا، وإذا أقاموا على الغلط بعد أن يتبين لهم الصواب، كانوا جهالاً كاذبين".
الدكتور محمود حسني

ثبت مصادر البحث ومراجعه
1- أخبار النحويين البصريين – السيرافي- المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1936م.
2- أسرار العربية – ابن الأنباري – مطبعة الترقي، دمشق 1957م.
3- أمالي ابن الشجري – حيدر آباد – الطبعة الأولى، 1349هـ.
4- إنباه الرواة – القفطي – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار الكتب المصرية، القاهرة 1950م.
5- الإنصاف – ابن الأنباري- مطبعة السعادة- الطبعة الرابعة 1961م.
6- أوضح المسالك – ابن هشام- تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، الطبعة الخامسة، بيروت 1966م.
7- الإيضاح – الزجاجي- تحقيق مازن مبارك – القاهرة 1959م.
8- بغية الوعاة – السيوطي – تحقيق أبو الفضل إبراهيم، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى 1964م.
9- حاشية الصبان – دار إحياء الكتب العربية.
10- تاريخ بغداد – البغدادي – مطبعة السعادة بمصر، 1931م.
11- الحيوان – الجاحظ- تحقيق عبدالسلام هارون – مطبعة مصطفى الحلبي.
12- خزانة الأدب- البغدادي- تحقيق عبدالسلام هارون- دار الكاتب العربي، القاهرة 1968م.
13- الخصائص – ابن جني- تحقيق محمد النجار- دار الكتب المصرية، الطبعة الثانية 1952م.
14- درة الغواص- الحريري- مطبعة الجوائب- القسطنطينية، الطبعة الأولى، 1299هـ.
15- سيبويه إمام النحاة – علي النجدي ناصف- مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة 1953م.
16- شرح ابن عقيل- تحقيق محمد الدين عبدالحميد- مطبعة السعادة- الطبعة الثانية عشرة، 1961م.
17- الشعر والشعراء- ابن قتيبة- دار الثقافة- بيروت.
18- ضحى الإسلام – أحمد أمين- مكتبة النهضة المصرية- الطبعة السادسة، 1961م.
19- طبقات النحاة واللغويين – الأسدي- تحقيق الدكتور محمد غياض- مطبعة النعمان- النجف، 1973م.
20- طبقات النحويين واللغويين – الزبيدي- تحقيق أبو الفضل إبراهيم- الطبعة الأولى 1974م.
21- في أصول النحو- سعيد الأفغاني- مطبعة جامعة دمشق- الطبعة الثالثة، 1964م.
22- القرآن الكريم.
23- القواعد النحوية – عبدالحميد حسن- مطبعة العلوم، القاهرة، 1946م.
24- اللامات – الزجاجي- تحقيق د. مازن مبارك. المطبعة الهاشمية- دمشق، 1969م.
25- مجالس العلماء – الزجاجي- تحقيق عبدالسلام هارون- الكويت، 1962م.
26- المدرسة البغدادية في تاريخ النحو العربي – د. محمود حسني محمود، رسالة دكتوراه مخطوطة.
27- مرآة الجنان – اليافعي- مطبعة دار المعارف النظامية، 1338هـ.
28- مراتب النحويين – أبو الطيب اللغوي، تحقيق أبو الفضل إبراهيم- مطبعة نهضة مصر، 1955م.
29- المصون – أبو أحمد العسكري- تحقيق عبدالسلام هارون- الكويت، 1960م.
30- معجم الأدباء- ياقوت الحموي- مكتبة عيسى الحلبي بمصر – الطبقة الأخيرة.
31- مغني اللبيب – ابن هشام- تحقيق د. مازن مبارك، محمد علي حمدالله مراجعة سعيد الأفغاني- دار الفكر- الطبعة الثالثة – 1972م.
32- ملغزة الاعراب – الرماني- تحقيق سعيد الأفغاني – مطبعة الجامعة السورية، 1958م.
33- من تاريخ النحو – سعيد الأفغاني- دار الفكر.
34- الموشح – المرزباني- المطبعة السلفية- الطبعة الثانية – القاهرة 1385هـ.
35- نزهة الألباء – ابن الأنباري- تحقيق د. إبراهيم السامرائي – الطبعة الثانية- 1970م.
36- نشأة النحو – محمد الطنطاوي – دار الصاوي للطبع والنشر- القاهرة 1938م.
37- همع الهوامع –السيوطي- تحقيق عبدالسلام هارون، الكويت- 1975م.
38- وفيات الأعيان – ابن خلكان – تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد – مكتبة النهضة المصرية، 1948م.
* * *


([1]) انظر: الشعر والشعراء، ص33 (المقدمة). وانظر: الموشح: ص91، 92. وخزانة الأدب: ج1/237.

([2]) الشعر والشعراء: ص33 (المقدمة).

([3]) مجالس العلماء: مجلس 1. طبقات النحويين واللغويين: ص38- 39.

([4]) مجالس العلماء: مجلس 1. طبقات النحويين واللغويين: ص38-39.

([5]) نزهة الألباء: ص59، إنباه الرواة: ج2/258.

([6]) انظر: مجالس العلماء: مجلس 10، مجلس 114، وانظر: إنباه الرواة ج2/265.

([7]) نزهة الألباء: ص59.

([8]) إنباه الرواة: ج2/265.

([9]) مجالس العلماء: مجلس 22، ص258.

([10]) نزهة الألباء: ص61.

([11]) المصدر نفسه: ص61.

([12]) المصدر نفسه: ص90.

([13]) إنباه الرواة: ج3/158.

([14]) المصدر نفسه ج1/147.

([15]) ضحى الإسلام ج2/298.

([16]) نزهة الألباء: ص62.

([17]) طبقات النحويين واللغويين: ص138.

([18]) إنباه الرواة: ج1/148.

([19]) المصدر نفسه ج1/149.

([20]) انظر" أمالي ابن الشجري: ج1/229-230. ومغني اللبيب: ص120- 126.

([21]) انظر: سيبويه إمام النحاة: ص103- 113. نشأة النحو: ص37-40. القواعد النحوية: ص95- 97. في أصول النحو ص180- 182. من تاريخ النحو: ص49- 50، المدرسة البغدادية في تاريخ النحو: ص61- 65.


([22]) كان اليزيدي والكسائي يتقارضان لتأديبهما ابني الرشيد (انظر: أخبار النحويين البصريين ص40) إذ كان اليزيدي يؤدب المأمون، والكسائي الأمين، وكان الاثنان يجلسان في أيام الرشيد ببغداد معاً في مسجد واحد يقرئان القرآن (انظر: تاريخ بغداد ج14/147).

([23]) إنباه الرواة: ج2/220.

([24]) إنباه الرواة: ج1/249.

([25]) إنباه الرواة: ج1/250.

([26]) مراتب النحويين: ص74.

([27]) أخبار النحويين البصريين: ص56.

([28]) إنباه الرواة: ج4/102.

([29]) المصدر نفسه: ج3/141.
(30) إنباه الرواة ج3/142.
(31) مجالس العلماء: مجلس 79/171.
(32) معجم الأدباء: ج13/6.
(33) بغية الوعاة: ج2/163.
(34) معجم الأدباء: ج13/192.

(35) المصدر نفسه: ج13/6.
(36) معجم الأدباء : ج13/9.
(37) نزهة الألباء: ص146.
(38) الحيوان: ج1/91.
(39) الخصائص: ج1/2.
(40) وفيات الأعيان: ج2/122. مرآة الجنان ج2/61.
(41) المصون: ص119.

([31]42) أخبار النحويين البصريين: ص 57.

([32]43) مراتب النحويين: ص86.

([33]44) معجم الأدباء: ج11/ 229.

([34]45) المصدر نفسه: ج11/ 224.

([35]46) انباه الرواة: ج4/8.

([36]47) بغية الوعاة ج2/ 333.

([37]48) أنباه الرواة ج4/9.

([38]49) طبقات النحويين واللغويين: ص 155.

([39]50) المصدر نفسه ص 156.

([40]51) طبقات النحويين واللغويين: ص 94.

([41]52) أنباه الرواة: ج2/81.

([42]53) طبقات النحويين واللغويين: ص 282.

([43]54) سورة الأنعام: آية 109.

([44]55) مراتب النحويين: ص 79- 80.

([45]56) أنباه الرواة ج3/157- 158.

([46]57) أنباه الرواة ج1/ 43.

([47]58) الإيضاح: ص 100.

([48]59) الإيضاح: ص 102.

([49]60) المصدر نفسه: ص 107.

([50]61) اللامات: ص 19.

([51]62) المصدر نفسه: ص30.

([52]63) المصدر نفسه: ص 71.

([53]64) أسرار العربية: ص 315.

([54]65) المصدر نفسه: ص 317.

([55]66) أنباه الرواة ج2/ 57 وانظر علة تقديم الحال: ج1/250 مسألة 31.

([56]67) أسرار العربية: ص115.

([57]68) الخصائص: ج2/ 326.

([58]69) أسرار العربية: ص 317.

([59]70) انظر: شرح ابن عقيل: ج1/ 34- 35، حاشية الصبان ج1/ 8 همع الهوامع ج1/46.

([60]71) الشعر والشعراء: ص 33.

([61]72) طبقات النحويين واللغويين: ص 138.

([62]73) الخصائص ج3/ 292، أوضح المسالك ج1/109.

([63]74) معجم الأدباء ج14/ 74.

([64]75) ملغزة الأعراب: ص 13 (المقدمة).

([65]76) ص11- 12 (المقدمة).

([66]77) طبقات النحويين واللغويين: ص238- 239.

([67]78) درة الغواص: ج1/ 43.

([68]79) أنباه الرواة: ج2/ 266.

([69]80) الإيضاح: ص 40.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التـنافسُ, النحو, على, وأثره, والنجاة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التـنافسُ وأثره على النحو والنحاة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب الاقتراح في أصول النحو عبدالناصر محمود دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 11-12-2015 08:38 AM
الغرق والنجاة في بحر الرمال الليبي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 12-28-2014 08:55 AM
الأنماط التركيبية في النحو العربي Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 2 03-23-2014 03:22 PM
النحو بين المنطق والاستعمال اللغوي Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 07-01-2012 01:00 PM
النسبة في النحو Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 2 01-29-2012 09:07 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59