#1  
قديم 02-22-2014, 08:37 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة إفريقيا الوسطى .. جرح المسلمين الجديد


إفريقيا الوسطى .. جرح المسلمين الجديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

(السيد أبو داود)
ــــــــــــــــــــــــ

22 / 4 / 1435 هــ
22 / 2 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

إفريقيا _3971.jpg


مأساة جديدة ظهرت مؤخرًا لتضاف إلى مآسي المسلمين في العصر الحديث، ألا وهي مأساة المسلمين في إفريقيا الوسطى الذين يتعرضون للسحل والتعذيب والقتل وتقطيع الرءوس بالمناجل وتقطيع الأعضاء والحرق، في جريمة يشاهدها العالم متفرجًا ولا يتدخل ليضع حلاً لها.

وقد سجلت وسائل الإعلام العالمية وسفارات الدول المختلفة، في الأسابيع القليلة الماضية أعمال قتل مروعة, وتشويها لجثث مسلمين, نفذتها عناصر من مليشيات "أنتي بالاكا"، بل إن تقارير وسائل الإعلام العالمية أكدت قيام جنود من الجيش التابع للسلطة الجديدة بإعدامات في الشوارع.

وقد تشكلت مليشيات "أنتي بلاكا" المسيحية بعد الانقلاب الذي نفذته حركة "سيليكا" المسلمة العام الماضي وأطاحت من خلاله بالرئيس السابق "فرانسوا بوزيزي" ونصبت بدلا منه "ميشيل جوتوديا" ليكون أول رئيس مسلم لإفريقيا الوسطى.

وكعادة المسلمين في كل الصراعات الدولية، فإنهم يدفعون الثمن من أمنهم ودمائهم وأموالهم، ومنذ تفجّرت أعمال العنف بالبلاد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قتل ما لا يقل عن ألف شخص، نسبة كبيرة منهم من المسلمين, وارتفع عدد النازحين من البلاد هربا من القتل إلى مليون شخص من مجموع السكان البالغ عددهم 4.6 ملايين شخص.

أمام هذه الأجواء العدائية للوجود الإسلامي في إفريقيا الوسطى، لم يجد المسلمون مفرًا للهروب من القتل سوى الهروب إلى تشاد أو الكاميرون أو غيرهما من البلاد المجاورة، وتواصلت عملية إجلاء المسلمين الهاربين من مليشيات "آنتي بلاكا" المسيحية في العديد من مناطق إفريقيا الوسطى، وباشرت القوات الإفريقية والفرنسية حملة واسعة لإيقاف العشرات من أعضاء هذه المليشيات المتهمة بارتكاب أعمال تطهير ديني في حق المسلمين وجمع الأسلحة من المناطق المشبوهة.

وقد تمكنت قوات حفظ السلام في إفريقيا الوسطى من إجلاء نحو 2000 مسلم فروا من البلاد إلى الكاميرون، هروبا من هجمات الميلشيات المسيحية، وقد هوجمت القوات الرواندية التي قامت بالإجلاء بالبنادق، والرماح، والسهام، والسيوف، والحجارة، والسواطير.

وقبل فرار هذه الدفعة من المسلمين، فر عشرات الآلاف من المسلمين هروبا من العنف الطائفي، الأمر الذي يرفع عدد المسلمين الذين فروا إلى الكاميرون منذ بدء الأزمة منتصف العام الماضي إلى أكثر من 20 ألفا.

الغريب أن المجرم قد ضبط متلبسًا بجريمته ومع ذلك لم تحرك الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا المنظمات الدولية ساكنًا، فقد ضبطت قوات حفظ السلام الفرنسية والإفريقية أسلحة لدى الميليشيات المسيحية في "بانغي" عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، وفتشت القوات المنازل منزلا منزلا في مناطق عديدة من العاصمة، يعتقد أنها تشكل قاعدة لشن هجمات ضد المسلمين، وصودرت أسلحة آلية وقنابل يدوية وسكاكين وذخيرة، ومع ذلك لم يتم توجيه الاتهام رسميًا إلى الطرف المعتدي.

"الأنتي بالاكا" المسيحية أو "المناهضون للسواطير"، هي مجموعات ترتكب المجازر ضد المسلمين، وهي مجموعة متطرفة تحقد على المسلمين وهدفها المعلن إخراج المسلمين من دولتهم ومحاربتهم، حسب ما ينقل شهود عيان ومنظمات دولية تعمل هناك.

ويتحدث الخبراء عن تداخل عدة عوامل تسببت في أزمة المسلمين في إفريقيا الوسطى، أهمها البعدين الاستعماري الفرنسي، والديني النصراني، وخلفية الأحداث التي تشهدها إفريقيا الوسطى بدأت بعد الثورة الشعبية ضد الرئيس النصراني "بوزيزيه" الذي تدهورت حالة البلاد في عهده.

وبعد أن تم خلع الحاكم النصراني عُقد مؤتمر حوار وطني ثم انتخب على إثره "ميشيل جوتوديا" كأول رئيس مسلم لجمهورية إفريقيا الوسطى، علمًا بأن مسلمي إفريقيا الوسطى ناجحون ومؤثرون تجاريًا وسياسيًا ولذا جاء انتخاب "جوتوديا"، وتولى المسلمون 14 حقيبة وزارية وانحصر بذلك نفوذ القوى النصرانية التي كانت تستخدم أجهزة وثروات الجمهورية في بناء الكنائس والمعاهد اللاهوتية.

القوى النصرانية أججت الاضطرابات لإسقاط الرئيس "جوتوديا" واستخدمت البعد العقدي لإثارة الشارع النصراني ضده، وقامت دول وسط إفريقيا وبضغط فرنسي بعقد مؤتمر خاص بأزمة إفريقيا الوسطى لترغم "جوتوديا" على التنحي مقابل تعيين النصرانية "كاثرين" كرئيسة للبلاد.

وقد تدخلت القوات الفرنسية في الأزمة، إلا إن تدخلها كان لصالح النصارى، كما فعلت قوات الأمم المتحدة في البوسنة، فقامت القوات الفرنسية بسحب سلاح حركة "سيليكا" المسلمة وتركت سلاح الميليشيا النصرانية فانكشف المسلمون وأصبحوا بلا قوة تحميهم.

ومهد إسقاط الرئيس "جوتوديا" وسحب سلاح حركة "سيليكا" الطريق أمام مشروع تهجير المسلمين من إفريقيا الوسطى كما يحدث لمسلمي بورما، لأن الثورة التي جاءت بأول رئيس مسلم منتخب شكلت خطرًا على مصالح فرنسا التي رأت في الثورة الطائفية المضادة فرصة للهيمنة على ثروات إفريقيا الوسطى.

ولشناعة هذه الأعمال، لم تملك منظمة العفو الدولية إلا أن تستنكرها وتدعو لوقفها، والأمم المتحدة، ومن خلال تقريرها المتعلق بالمذابح التي يتعرض لها المسلمون بجمهورية إفريقيا الوسطى، اتهمت القوة الفرنسية بدعم الميلشيات النصرانية المسلحة ضد المسلمين العُزَّل، وذلك بعد تجريد بعضهم من السلاح المستخدم للدفاع عن النفس، مما أتاح لميلشيات النصارى وحلفائهم، الانقضاض على الأُسَر المسلمة بالأسلحة وقتلهم والتنكيل بهم.

التصريح المهم الذي يجب أن نتوقف أمامه هو ما أعلنه مدير الطوارئ في منظمة هيومان رايتس ووتش بيتر بوكارت من أنه مع اتساع نطاق نزوح المسلمين فإنها مسألة أيام وسيغادر جميع المسلمين أفريقيا الوسطى فرارًا من العنف، فتوجد أحياء كاملة ذهب سكانها من المسلمين بالكامل، ويتم هدم منازلهم بصورة ممنهجة، حيث يتم نزع الأبواب والنوافذ والأسقف، وتوجد أدلة على محو وجودهم بالكامل. وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقوله إن "الوحشية الطائفية تغير التركيبة السكانية في البلاد، ويجب علينا بذل المزيد من الجهد لمنع ارتكاب المزيد من الفظائع ولحماية المدنيين واستعادة النظام والقانون وتقديم المساعدات الإنسانية والحفاظ على تماسك البلاد". لكنه لم يكن شجاعًا ليضيف كلمة "المسيحية" إلى الوحشية الطائفية، وليحدد المسئولية ويسمي الأشياء بمسمياتها.

المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي كانت أكثر تحديدًا من بان كي مون، حيث قالت: "إن أعدادا كبيرة من المدنيين المسلمين يُجبرون على الفرار وترك بيوتهم ومناطقهم للحفاظ على حياتهم، وأن معظمهم يتوجه إلى الحدود مع تشاد".

-----------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المسلمين, الجديد, الوسطى, جرح, إفريقيا


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع إفريقيا الوسطى .. جرح المسلمين الجديد
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بيان اتحاد علماء المسلمين بشأن مسلمي إفريقيا الوسطى عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 02-16-2014 08:59 AM
ازدواجية الغرب في إفريقيا الوسطى عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-09-2014 08:35 AM
فرنسا في موقف حرج بعد اتهام مسلمي جمهورية إفريقيا الوسطى لها بدعم الميليشيات المسيحية ضدهم Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 12-24-2013 03:30 PM
في إفريقيا الوسطى، الطائفية في خدمة السياسة عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 12-20-2013 08:26 AM
الأسباب الخفية وراء الهرولة الفرنسية إلى إفريقيا الوسطى عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 12-09-2013 08:12 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59