العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 05-27-2017, 06:54 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة الإنتاج التلفزيوني المغاربي في رمضان.. مسخ للقيم


الإنتاج التلفزيوني المغاربي في رمضان.. مسخ للقيم*
ـــــــــــــــــــــــــــ

غرة رمضان 1438 هـ
27 / 5 / 2017 م
ــــــــــــ

الإنتاج التلفزيوني المغاربي 826052017054606.png


تتميز أجواء شهر رمضان في دول المغرب العربي، بعوالم روحانية ونسائم إيمانية، عمادها القرب من الله تعالى، غير أن الأبعاد الدينية والتربوية لهذه المناسبة العظيمة، في نفوس شعوب البلدان المغاربية، لا تنعكس على الإنتاجات التلفزيونية الموجهة للجمهور، بمناسبة الشهر المبارك الذي يحظى باحترام وخشوع منقطع النظير، ويحرص فيه الناس على الإقبال المضاعف على أداء الشعائر الدينية.

وما إن يقترب موعد حلول رمضان المبارك، وبالضبط منذ دخول شهر شعبان، تنطلق الآلة الإعلامية للقنوات التلفزيونية المغاربية، الحكومية منها والقنوات الخاصة، في تهيئ الجمهور عبر وصلات إشهارية مكثفة، ودعايات متواصلة حول ملخص الإنتاجات الرمضانية المرتقبة، كنوع من الدعاية المبكرة لإثارة الاهتمام والتشويق، في منافسة محمومة لاستقطاب أكبر نسب المتابعة.

ويتركز الجدولة الزمنية لعرض هذه البرامج في أوقات ذروة مشاهدة التلفاز حسب التوقيت المغاربي، إذ تنطلق عروض باقة البرامج والمسلسلات الحصرية الإنتاج للبث في شهر رمضان، قبيل الإفطار بنحو ساعة وتستمر بشكل مسترسل إلى نحو منتصف بالليل، مع توقف لنقل شعائر صلاة التراويح بالنسبة للقنوات الحكومية الأولى، أما القنوات الغير الحكومية والخاصة، فليست ملزمة حسب الإطار القانوني، بتخصيص حيز من جدول البث فقرات للبرامج الدينية.

الرداءة والتفاهة
--------

يكشف مسح سريع لباقة البرامج المعروضة في الإعلام المغاربي، بمناسبة شهر رمضان، أنها تعزف على لحن وإيقاع متشابه، فبالإضافة إلى تقاطعها في مواد معينة مثل الفكاهة والكوميديا والترفيه، فإن أغلب الإنتاجات المعروضة تتشابه في الشكل والمضمون من قناة لأخرى، مثل "الكاميرا الخفية"، ومسلسلات "الدراما"، ولا يكاد مضمونها يلمس رسائل جادة أو هادفة، في ظل غياب البعد الثقافي والتربوي، الأمر الذي يطرح استفهامات عديدة حول ظروف وملابسات صناعة الانتاج التلفزيوني، ، حسب كثير من المتتبعين للمشهد الإعلامي المغربي.

ففي القنوات التونسية، مثلا تهيمن برامج الكوميديا والفرجة المحلية الإنتاج، مثل «فخ النجوم» التي تبثها قناة حنبعل، و «ألو جدة» على القناة التاسعة، ومسلسلات «فلاش باك» و «دنيا أخرى» على قناة الحوار، ومسلسل «نسيبتي العزيزة» على القناة الوطنية الأولى، أما خارطة برامج شهر رمضان في معظم القنوات الجزائرية، فسقطت حسب متتبعين للمجال الإعلامي المحلي، في مستنقع التهريج الذي وصل إلى حد الإسفاف والإزعاج والعنف، وابتعدت عن البرامج الخفيفة والكاشفة والراقية بالذوق النبيل والجميل.

ولعل القاسم المشترك بين كل البرامج المذكورة في القنوات المغاربية، أنها لا تخصص للصائمين فقرات دينية كافية، تزيد من توطيد صلة العبد بخالقه، ولا تتطرق إلى مواضيع هادفة ومحترمة، مثل برامج التراث التاريخي الذي تعكس أصالة وعراقة الهوية الإسلامية، بل أكثر من ذلك، فإن أغلب تلك القنوات تبث سهرات الرقص والغناء والطرب، أو مسلسلات هزلية بنفس الإطلالات المكررة، مباشرة بعد فترة صلاة التراويح وإلى غاية انقطاع البث، قبيل وقت السحور.

تزييف الوعي الجمعي
-----------

تكشف قراءة سميائية للصور المقدمة خلال البرامج الرمضانية، والتي يتم تقديمها في الغالب في قالب "الإبداع الفني"، عن حضور مرجعية تغريبية في صناعة هذه الانتاجات الرمضانية، لا تراعي حرمة وقدسية الشهر الكريم، ولا تعكس هوية وقيم المجتمع المغاربي المسلم، فمثلا إكسسوار ولباس الممثلين لا يرتبط بصلة بقيم المحافظة والاحتشام التي يتمسك بها المغاربة، حيث يتم التركيز على تسويق نمط لباس غربي تظهر فيه المرأة متبرجة من دون حجاب، ويبدو فيها الرجل رب الأسرة مائعا، مسلوب مقومات القوامة وعديم الغيرة وضعيف الشخصية.
وعلى الرغم من أن هذه البرامج تحظى بنسبة متابعة مهمة، إلا أنها لا تسلم من انتقادات لاذعة، تعكس يقظة وانتباه الوعي الجمعي أمام موجة التمييع وتسطيح الوعي، وفي المغرب سبق وأن أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حملات توعوية وتحسيسية تعبئ لمقاطعة الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية، وقد وصل صداها غير ما مرة إلى قبة البرلمان، حيث وصف أبوزيد المقرئ الإدريسي، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، تلك البرامج بالسطحية والفراغ.

كما سبق أيضا لوزير الاتصال السابق، مصطفى الخلفي، أن صرح في ندوة صحفية خلال شهر رمضان لسنة 2013، بأن فعاليات المجتمع المغربي سجلت ملاحظات متباينة على الأعمال الرمضانية التي تبثها قنوات الإعلام العمومي، ذهبت مجملها في كون تلك البرامج ضعيفة الجودة ورديئة الإبداع، ولا تستجيب رضا المواطن والمجتمع، والذي ينتقد الارتجالية ونشر الأفكار الهدامة.

صفقات بالملايين
--------

بالعودة إلى خريطة الشركات المنتجة للبرامج التلفزيونية الرمضانية، يتبين أنها محتكرة من طرف شركات معدودة، تستفيد من غياب التنافسية والإبداع وضعف الشفافية في توزيع صفقات إنتاج هذه البرامج، والتي تكلف إنتاجها مبالغ باهظة من المال العمومي، يصل إلى ملايين الدولارات.

وحسب إحصائيات رسمية، قدمها وزير الاتصال المغربي السابق، مصطفى الخلفي، عن تكاليف البرامج الرمضانية، فإن تكاليفها من ميزانية الدولة عرف تراجعا في السنوات الأخيرة، انتقل من 8 مليارات و600 مليون سنتيم، حوالي (10 ملايين دولار)، إلى 7 مليارات و300 مليون سنتيم، أي ما يعادل (9 ملايين دولار)، منها 3 مليارات و600 مليون دفعت للقناة الأولى، في حين حصلت القناة الثانية على 3 مليارات و700 مليون، بينما تستفيد القناتين من مداخيل إعلانية حسب العقود المبرمة مع الدولة بـ140 مليون درهم.

ووفق المعلومات التي تقدمها الصحف أن سلسلتي "ديما جيران" و"بنات لالة منانة" يتقاسمان ما قيمته حوالي مليار و600 سنتيم، بينما صُرف على السلسلة الهزلية "ولد القايد" حوالي نصف مليار سنتيم، فيما لم تتجاوز قيمة 4 حلقات من الجزء الثاني من السلسلة التلفزيونية "حديدان" أزيد من 150 مليون، واستأثرت الكاميرا الخفية "جار ومجرور" بتكلفة تقارب 400 مليون سنتيم. أما مسلسل "دموع الرجال" فقد كلف أزيد من مليار سنتيم.
سطوة لوبي الإعلانات

على الرغم من نسب المتابعة العالية للقنوات المغاربية المحلية في شهر رمضان، إلا أن شريحة عريضة من الجمهور المغاربي، تولي وجهها صوب الفضائيات المشرقية لتلبية أذواقها، وتشكل قنوات «إقرأ» و «مكة» و «البرهان».. وغيرها من القنوات الدينية، باقة مفضلة لكثير من المشاهدين المغاربة الذين لا يروقوهم العروض المحلية، أو حتى من يستفزهم غياب روح الدعابة المحمودة والذوق السليم، في الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية، والتي يظل هاجسها الأول هو استقطاب سوق الإعلانات، عوض نيل رضا الجمهور والمشاهد.

لكن ما الذي يجعل الانتاج التلفزيوني يركز على البرامج الدرامية والترفيهية على حساب البرامج ذات الطابع التربوي أو الوثائقي الهادف؟، سؤال يرد عليه المتخصصون في مجال الإعلام، بأن تلك البرامج يحكمها منطق الإقبال والمشاهدة ولو على حساب الجودة والجوهر، على الرغم من أن هذه الأبعاد تتناقض مع أهداف الاعلام الحكومي، ويرجع ذلك إلى أن المتحكم الرئيسي في البرمجة التلفزيونية، أصحاب الإعلانات والاشهارات التجارية، والذين يسعون إلى تكريس فساد الأذواق وتخريب القيم، على حساب قيم العولمة، مما يجعل الجمهور رهينة ما تعرضه كبريات الفضائيات على الصعيد العربي.



ـــــــــــــــــ
*{م: البيان }
-------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للقيم, المغاربي, التلفزيوني, الإنتاج, رمضان..


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الإنتاج التلفزيوني المغاربي في رمضان.. مسخ للقيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاختراق الاستعماري للقيم الإسلامية عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 03-27-2014 07:29 AM
العلمانية مسخ للإنسان وهدم للقيم عبدو خليفة شذرات إسلامية 1 03-12-2014 12:06 PM
دراسة بعنوان : نحو مقاربة تسويقية لإدارة الإنتاج مبنية على فلسفة تكنولوجيا الإنتاج الأمثل (opt) Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 1 02-14-2014 04:10 AM
ليلة البكاء في مدينة الإنتاج الإعلامي عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 05-24-2013 06:23 AM
احتراق ساحر أمريكي خلال عرضه التلفزيوني Eng.Jordan أخبار منوعة 0 12-03-2012 11:44 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:33 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59