#1  
قديم 04-25-2012, 10:01 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الحروب تجارة والدواء كالسلاح في المعركة


شركات الأدوية وتحالفها مع مؤسسات التصنيع العسكري...

الوسط - وليد نويهض
تحتل صناعة الأدوية في العالم مكانة عالية في التجارة الدولية. وأحيانا تتبوأ عمليات الاستيراد والتصدير الموقع الثالث أو الثاني من ناحية ما توفره من مداخيل للشركات والدول. وشكّل هذا الجانب التجاري الوجه الآخر للجانب الإنساني (الطبي والعلاجي). فالدواء كالسلاح فهو يتمتع بصفات وميزات لا يمكن الاستغناء عنها بشريا (الدفاع عن الناس والدولة والمصالح) ولكنه يستخدم في حالات نادرة للهجوم على الدول وتحطيمها وتدميرها خدمة لمصالح مؤسسات التصنيع الحربي أو شركات الطاقة.
الدواء أيضا يتمتع بصفات وميزات إنسانية لا تستطيع البشرية الاستغناء عن خدماته (مكافحة الأوبئة وحماية الإنسان من الأمراض) ولكنه في حالات نادرة يستخدم لأهداف تهدد الإنسان واستقراره حتى تكسب الشركات الأسواق وتزيد من مبيعاتها لمصلحة المختبرات البحثية والمعاهد التي تعمل على تطوير الأدوية وتحويلها إلى مادة للتصنيع والتصدير.
الدواء تجارة مثله مثل السلاح والنفط وأجهزة الكمبيوتر وكلّ السلع المدنية التي يمكن التلاعب بها وتحويلها إلى وسائل قتل أو تسلّط على البشر.
هذا الجانب البحثي/ التصنيعي للدواء استخدمته شركات الأدوية المتعددة الجنسية تجاريا. وأدّى تعاظم الدور التجاري لصناعة الأدوية إلى فتح أبواب التعاون مع السلطات في الدول الغربية (أوروبا وأميركا) والتحالف مع الأحزاب ورشوتها أو دعمها في معاركها الانتخابية مقابل تمرير مشروعات قوانين تسهيل أعمالها وتغطي أفعالها المخالفة للمواثيق الدولية.
كذلك أدّى جشع شركات تصنيع الأدوية إلى تطوير علاقاتها مع مؤسسات التصنيع الحربي وصولا إلى التحالف أحيانا للتحريض على خوض حروب أو الترويج لمعارك مفتعلة في اعتبار أن مردود الدمار والخراب والقتلى والجرحى وكلّ الإصابات سيرفع من أرباح ومبيعات السلاح والدواء معا ويشجّع الأغنياء على الاستثمار في هذا الحقل المربح.
شركات الأدوية تعتبر تجاريا هي المستفيد الثاني بعد مؤسسات التصنيع الحربي. فالحرب في النهاية من أشكال الاقتصاد. والاقتصاد الحربي يعتمد على سلعتين رئيسيتين: السلاح والدواء.
السلاح يقتل ويجرح والدواء يشفي أو يستخدم للمعالجة. وبما أنّ الحروب وسيلة للبيع وتصريف المنتوجات والتخلّص من الفائض فهي تتحوّل عند الشركات الاحتكارية إلى حاجة اقتصادية لا يمكن التنازل عنها أو استبدالها من دون تعويضات باهضة تضطر دول العالم الكبرى إلى دفعها لوقف إفلاس المؤسسات التي تعتمد على الضحايا واسطة لنموها أو تطوير بحوثها واختراعاتها.
هذه المبررات الاقتصادية والعلمية والتحديثية شكلت أساس الدافع الذي طوّر التحالف بين مؤسسات التصنيع الحربي وشركات الأدوية المتعددة الجنسية. وتعاون الطرفين في مجالات تشجيع الدول الكبرى على خوض الحروب انكشف مرارا في حقول كثيرة وميادين مختلفة وتحديدا في الدول الفقيرة في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. فهذه الشعوب ساهمت في حروبها الدائمة الداخلية والخارجية أو تلك الحروب المفتعلة أو المختلقة ضدها في تطوير آلة القتل وتحسين شروط المعالجة الصحية. فالحروب تعجل من تصريف البضائع وتستهلك الفائض في المستودعات وأحيانا ترفع وتيرة الإنتاج وتدر المليارات من الأرباح.
فاتورة الأدوية في الحروب لا تقل أهمية عن موازنة شن الحروب. فالأدوية تشمل الحبوب للمعالجة والمسكنات والقطن والشاش والحقن والأمصال بالإضافة إلى بتر الأعضاء والاتجار بها وتعويض الأعضاء المفقودة واستبدالها بأجهزة مصنعة. فعالم الدواء معقد ويشمل الكثير من الآلات والمعدات التي تحتاج إليها المستشفيات والمراكز الصحية كذلك يمتد عالم الدواء إلى الجامعات والكليات والمعاهد والمختبرات التي تعلم وتوظف الآلاف في الدراسة لاكتشاف أدوية جديدة ومتطوّرة تنافس شركات أخرى تعمل في الحقل نفسه.
تنافس شركات الأدوية على توظيف الأموال لتحديث أو تطوير أو اختراع مادة تساعد على المعالجة يشكّل نقطة مهمّة في طمع المصانع في احتكار اكتشاف لفترة طويلة حتى تستفيد من مردوده المالي؛ لتعويض الإنفاق الذي استهلك في عملية الاختراع.
براءة الاختراع مهمّة في سياسة شركات الأدوية؛ لأنها تعطيها حق احتكار سر تصنيع المادة فترة زمنية كافية لسد حاجات المؤسسات وتعويضها بالإرباح أو بارتفاع سعر أسهمها في أسواق المال (البورصة). وبراءة الاختراع تغطي السر وهي لا تقل أهمية عن تلك الأسرار العسكرية التي تحرص مؤسسات التصنيع الحربي على الاحتفاظ بها إلى فترة معينة حتى لا تتسرب إلى الأعداء.
صناعة الأدوية تحتاج إلى حروب (عمليات جراحية، تجارة الأعضاء، وتعويض أعضاء مبتورة) وهذا الأمر حتى يحصل لابدّ من أن تقوم التكتلات الكبرى بالتحالف مع الشركات العسكرية بالتحريض عليها لتسويق إنتاجها وتطويره. وعملية التحريض لا يمكن لها أنْ تلاقي النجاح من دون تعاون مع السلطة والإعلام لترويج الفكرة سواء بالتخويف من خطر خارجي أو التهويل من مخاطر مزعومة. وبسبب هذه النزعة الطامحة إلى توسيع السوق الاستهلاكية اتجهت شركات الأدوية المتعددة الجنسية إلى تطوير اهتمامها بالسياسة وتشكيل لوبيات (أجهزة ضغط) أو جمع تبرعات لمصلحة مترشّح على منصب رفيع مقابل المساعدة على تمرير مشروعات قوانين تحصن مواقعها وتمنع التحقيق بمخالفاتها أو اختلاق خدمات صحية أو مساعدات إنسانية لتغطية موازنات تحتاج إليها الشركات لتطوير أنشطتها البحثية والإنتاجية من دون مراجعة بذريعة السرية وحماية الأمن القومي وغيرها من عناوين.
في العام 2002 وعد الرئيس الأميركي جورج بوش بتنفيذ برنامج لدعم شركات الأدوية وصلت موازنته إلى 400 مليون دولار تحت غطاء «النظام الوطني للرعاية الصحية». هذا الجانب الإنساني من البرنامج جاء لشكر شركات الأدوية حين قرر «اللوبي» تقديم تبرع للحزب الجمهوري في معركته ضد الحزب الديمقراطي.
وادّى التعاون المحدود بين الطرفين إلى تطوير التفاهم إلى درجة نوعية اذ أقدمت الشركات عينها على رفع التبرع إلى موازنة دعم قدرت بأكثر من 18 مليون دولار في الانتخابات التشريعية النصفية التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006. مقابل هذه المساعدة الإعلامية السياسية للحزب الجمهوري قرر الرئيس بوش إطلاق حملة صحية تحت غطاء إنساني قضت بتوفير دعم بلغت قيمته 15 مليار دولار لمكافحة الإيدز في إفريقيا.
الشعارات والحملات والبرامج صحية وإنسانية ولكنها تخفي تجارة تدر على الشركات الاحتكارية والمتعددة الجنسية مليارات الدولارات من الإرباح. وهذه التغطية الإعلامية للاتجار بالأدوية والأعضاء المبتورة تشبه كثيرا سياسة الحروب والتدمير والاقتلاع والتقويض التي تتم تحت شعارات إنسانية سامية ومسميات مثل: «نشر الديمقراطية» وترويج «الدفاع عن حقوق الإنسان» و«تمكين المرأة» والمساعدة على الإصلاح والتنمية بينما يكون الهدف المقصود منها مساعدة مؤسسات التصنيع الحربي على الهدم ثم مساعدة شركات المقاولات والهندسة على إعادة الإعمار.
إنّها عملية دائرية متكاملة. هيئات تهدم وتقتل وهيئات تسعف وتعمر. وفي الإطار الداخلي تستخدم الشعوب نقطة لتصويب الأهداف.


صحيفة الوسط البحرينية - العدد 1983 - الأحد 10 فبراير 2008م الموافق 02 صفر 1429هـ
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المعركة, الحروب, تجارة, والدواء, كالسلاح


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الحروب تجارة والدواء كالسلاح في المعركة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مؤامرة الطب والدواء Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 09-29-2014 12:59 PM
عالم النبات والدواء المشهور ابن اليطار Eng.Jordan شخصيات عربية وإسلامية 0 06-16-2013 11:32 AM
الصلاة والجوال.. قصة بدون الفصل الأخير ام زهرة الملتقى العام 0 06-02-2013 06:27 PM
الهيئة الأمريكية للغذاء والدواء تزيل الزئبق من اللقاحات الخاصة بالأطفال Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 02-15-2013 10:45 PM
شركات الأدوية وتحالفها مع مؤسسات التصنيع العسكري...الحروب تجارة والدواء كالسلاح في المعركة Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 04-05-2012 08:28 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59