الحرب العالمية الثالثة

الثالثة , الحرب , العالمية

الغارديان: أجل إنها الحرب العالمية الثالثة.. ولكننا على الهامش هذه المرة*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

18 / 11 / 1435 هــ
13 / 9 / 2014 م
ــــــــــــــ



جيلز فريزر – الغارديان
---------------

كلمة واحدة كانت غائبة بشكل واضح من خطاب باراك أوباما الذي أعلن فيه إعادة الحرب على الإرهابيين الإسلاميين: إنها كلمة “الحرب” نفسها. فلا يجب أن تصرفنا العبارات الملطّفة عن هذا الواقع.

فكما أصرّ الإسرائيليون أن ما حدث في غزة كان “عملية”، فإن الولايات المتحدة تميل إلى استخدام كلمة “حملة”.

وعلى الرغم من حقيقة أن المملكة المتحدة قد شاركت في إطلاق النار على الناس في أماكن كثيرة حول العالم خلال حياتي، إلا إن آخر مرّة أعلنّا أنّنا في حالة حرب على دولة أخرى كانت ضد سيام في 1942.

وهو نفس الشيء الذي فعلته الولايات المتحدة على سبيل المثال، فهي لم تعلن أنها تشن حربًا على فيتنام. فيبدو أن الحرب قد أصبحت كلمة قديمة. فمنذ الحرب العالمية الثانية، ونحن قد اعتدنا على أن الصراع الراهن محدود جغرافيًّا ويمكن احتواؤه.

ويرجع جزء من سبب ذلك التردد في الحديث عن الحرب هو الناحية القانونية والأخلاقية: فإعلان الحرب يتطلب درجة عالية من التوافق السياسي، بين الأصوات في الكونغرس أو البرلمان وما شابه ذلك.

فبعد حرب فيتنام في عام 1973، أقرّ الكونغرس الأميركي قرارًا يحدُّ من صلاحيات رئيس الجمهورية في إرسال قوات إلى منطقة صراع عسكري لأكثر من 60 يومًا. ولكن لم يتمّ توظيف هذا التشريع في الطعن علي أيّ قرار رئاسيّ.

وبالمثل، فإنّ إعلان الحرب رسميًّا يستدعي حتمًا المناقشات التقليدية حول الحرب العادلة. ولكنّني أتشكك عمومًا في هذا التقليد لسبب بسيط؛ وهو أنني لا أستطيع تذكر حالة واحدة أدى فيها هذا التقليد إلى منع الحرب في أي وقت مضى.

على العكس من ذلك، عندما يكون الأمر مريحًا -أي عندما يعتقد أن معايير الحرب العادلة تجعل تلك الحرب مشروعة-، يتمّ استدعاء ذلك باستمرار كمبرّرٍ. وبعبارة أخرى، فإنّ الحديث حول الحرب العادلة هو في الواقع، حديث باتجاه واحد.

وليس من قبيل المصادفة أن تقليد الحرب العادلة كان قد اخترعَ في الوقت الذي قرر فيه الإمبراطور قسطنطين إلى اعتماد الإمبراطورية الرومانية كإمبراطورية مسيحيّة. وبسبب أن العديد من المسيحيين كانوا دعاةَ سلام، فقد كان ذلك غالبًا ما يسبب شيئًا من الحرج لرئيس أكبر آلة حرب في العالم في ذلك الوقت.

لذا؛ فقد تمّ إنشاء مصطلح الحرب العادلة للسماح للجيش الروماني بالاستمرار في القتال.

ولكن، على الرغم من تحفظاتي الكبيرة، فإنه لا يزال من المفيد استدعاء أحد جوانب تقليد الحرب العادلة وتطبيقه على النزاع الحالي في الشرق الأوسط: فإعلان الحروب لا يتطلب فقط التناسب، ولكن أيضًا فرصة معقولة للنجاح.

والمشكلة مع الكثير من التدخُّل العسكري الغربي في العراق، على وجه الخصوص، هو أنّ الغرب لديه تصور ضعيف جدًّا حول ما هو ذلك النجاح. فقصف داعش ليس أكثر من ترقيع حول حوافّ حريق هائل يتزايد الآن مقارنة بحرب الثلاثين عامًا.

فالصراع الطائفي بين السُّنة والشيعة، الذي اشتعل أول مرة بعد الثورة الإيرانية ثم تعمق مع الغزو الغربي غير الحكيم للعراق، هو أمر أكبر بكثير من مجرد التدخل بغارات جوية أو طائرات بدون طيار.

نحن نشهد تحوّلًا في اللوحات السياسية في كل أنحاء الشرق الأوسط وخارجه في أفريقيا، وربما يؤدّي التدخل الجراحي الغربي إلى توليد بعض الارتياح قصير الأمد بأننا نفعل شيئًا.

لكنني أعتقد أنّنا يجب أن نعترف بأننا لسنا أكثر من مارّة على الحرب التي تفوق عظمتها بكثير مما نتخيله، وأنّها أكثر تعقيدًا بكثير من خطاب الإرهاب أو الصراع المحدود.

منذ الحرب العالمية الثانية، ونحن قد اعتدنا على فكرة أنّ الحرب الكبرى هي شيء من الماضي. ولكنّنا يجب أن نعترف بأن هذه هي الحرب العالمية الثالثة. وهذه المرة نحن على أطرافِها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التقرير}
ـــــــــــ

المصدر: ملتقى شذرات