#1  
قديم 11-20-2012, 01:37 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي نحو مقاربة لتفسير إشكالية الغموض في النص النقدي العربي المعاصر


أ./ يحيي بعيطيش *
مدخـــل :
لا جرم أن اللسانيات أصبحت في القرن العشرين مفتاح كل حداثة في العلوم الإنسانية فقد هيمنت عليها باستعمالها حق متابعة اللغة أني أتجهت فغزت علم النفس والسوسيولوجيا والتاريخ وغيرها من العلوم الإنسانية (1) .
ولم تكتف بذلك ، بل واصلت زحفها صوب العلوم الدقيقة فاحتلت مناطق من علم البيولوجيا والغعلاميات والرياضيات (2) ، في محاولة لدك الحواجز بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية .
وكان من الطبيعي أن يسلم النقد مفتاح مملكته إلي اللسانيات ليدخل الحداثة من بابها العريض فقد تخلي عن المناهج السياقية ( كالمنهج التاريخي والانطباعي والنفسي والاجتماعي ) ليحتضن المناهج النصانية التي أصبح معها نقداً لسانياً .
والحقيقة أن اللسانيات لم تفرض هيمنتها علي العلوم الإنسانية بصفة عامة والمناهج النقدية بصفة خاصة ، إلا بفضل ثلاث ثورات كبري ، قامت بها طوال القرن العشرين .
أولاها ، كانت ثورة دوسوسير (1857 – 1913) التي أحدثت قطيعة تامة مع الدراسات اللغوية التاريخية والدراسات النحوية المقارنة ، وخلصت الدراسات اللغوية من المعيارية ، وأرست التوجه العلمي في الدرس اللساني الذي اصبح له استقلاله والمميز ومنهجه الصارم الذي يماثل دقة العلوم الصحيحة التي لا تخضع إلا للمنهج العلمي المضبوط (3) .
وقد تمخضت هذه الثورة عن ميلاد المذهب البنيوي الذي أثمر عدة نظريات لغوية ، أما الثورة الثانية ، فكانت في النصف الثاني من القرن العشرين ، وهي ثورة شومسكي (1928) علي البنيوية أو بالأحري علي المنهج البنيوي ؛ لأنها في حقيقتها – خاصة في نموذجها الأول (4) ، تعتبر بنيوية توليدية تمثلت ثوريتها في منهجها العقلي الذي غير الدراسة اللغوية رأساً علي عقب برفضه للمنهج البنيوي التصنيفي الذي يكتفي بوصف الظاهرة اللغوية ( دون أن يفسرها أو يعللها ) انطلاقاً من مدونة لغوية محدودة في حين أن المنهج التوليد التحويلي يصف ويفسر ويعلل قدرة الفرد ( المتكلم السامع ) ليس علي إنتاج مدونة لغوية محدودة ، بل علي إنتاج وفهم ما لا نهاية من الجمل الصحيحة .
أضف إلي ذلك أن هذا النهج الجديد قد أثمر نظرية لغوية جديدة أصبح فيها النحو نظرية شاملة ، تفسر اللغة وتصفها من حيث مكوناتها الصوتية والتركيبية والدلالية والتداولية (5) .
أما الثورة الأخيرة فكانت في الربع الأخير من القرن العشرين ، وهي الثورة التبليغية (6) ، وتظهر في ردود الأفعال التي ابداها اختصاصيون في ميادين مختلفة (7) ، تجاه التصور التجريدي الذي انحصر فيه البحث اللساني سواء مع رائد اللسانيات الحديثة ( دوسوسير ) الذي اعتبر موضوع اللسانيات هو اللغة وليس الكلام أو صاحب النظرية التوليدية ( تشومسكي ) الذي حصر موضوع تنظيره في القدرة اللغوية دون الكلام أو التأدية .
ويعود الإعلان الصريح عن الثورة الحقيقية علي نظرية شومسكي إلي عالم الأجناس
( الانثوغرافيا ) – ديل هيمس في مقال شهير له سنة 1971 (8) ، انتقد فيه تشومسكي قائلاً إن نظرية تشومسكي القائمة علي توليد الجمل اللغوية المختلفة صحيحة تماماً إذا كان المقصود منها وصف اللغة ككيان مستقل بذاته بعيداً عن المواقف الاجتماعية والحياتية التي تستخدم اللغة فيها ، ولكن اللغة ككيان مستقل بذاته بعيداً عن المواقف الاجتماعية والحياتية التي تستخدم اللغة فيها ، ولكن اللغة لا قيمة لها ككيان مستقل (..) فهي ليست قوالب وصيغاً وتراكيب مقصودة لذاتها ، وإنما هي موجودة للتعبير عن الوظائف اللغوية المختلفة كالطلب والترجي والأمر والنهي والدعاء والوصف والتقرير وغير ذلك من آلاف الوظائف اللغوية (9) .
وعلي هذا الأساس أصبح من غير الممكن فصل بنية اللغة عن وظيفتها التبليفية … ولا يمكن أن توصف الوصف الكافي إلا في إطار هذا الارتباط (10) .
وبناء علي كل ما تقدم يمكن القول إن الثورات اللسانية السالفة الذكر صاحبتها انفجارات معرفية ، تولدت عنها نظريات لغوية كثيرة نذكر منها بصفة خاصة النحو البنيوي الذي مثلته نظريات مختلفة كالنحو الصوري ( لهلمسليف ) والنحو البنيوي
( لتنيير ) والنحو البنيوي الوظيفي ( لمارتيني ) (11) . والنحو التوليدي التحويلي الذي مثلته جملة من النماذج : بدءاً بنموذج البني التركيبية سنة 1957 ، ونموذج أوجه النظرية التركيبية سنة 1965 ونموذج النظرية المعيار الموسعة بعدها وكذا النماذج التي طورها أتباع شومسكي بدءاً من سنة 1968م (12) ، انطلاقاً من نموذج الدلالة التوليدية : كنموذج البراكمانتكس ونموذج التركيبات الوظيفية (13) .
أما الثورة الثالثة : فقد أعادت الاعتبار للنظريات النحوية الوظيفية : بدءاً بنظرية الوجهة الوظيفية للجملة ( لماتزيوس التشيكي ) منذ الأربعينيات وتطوراتها علي أيدي أتباعه (14) ، ونظرية النحو النسقي لها لداي (15) ، ونظرية التركيب الوظيفي ( لفان فالين وفولي (16) ، وانتهاء بنظرية النحو الوظيفي ( لسيمون ديك ) التي أصبحت الوريث الشرعي للنظريات النحوية الوظيفية ابتداء من الثمانينيات وهي تطمح الآن أن تكون بديلاً للنظرية التوليدية التحويلية بكل نماذجها .
وبهذا الذي أوجزت بسطه أريد أن أسجل مبدئياً أن النقاد الغربيين – الذين نبتت في أرضهم هذه النظريات النحوية – قد استوعبوها وتمثلوا مفاهيمها ومصطلحاتها ، ثم بنوا عليها بعد ذلك مناهجهم النقدية ( بنيوية أسلوبية ، سيميائية ، تفكيكية .. ) في حين ، تسابق النقاد العرب الحداثيون إلي تبني المناهج السالفة الذكر ، دون أن يتسلحوا بالثقافة اللسانية اللازمة التي تمكنهم من استيعاب تلك المناهج بالرجوع بها إلي أصولها الفكرية والسانية بصفة خاصة – كما سنبينه في موضعه – الأمر الذي تسبب في إشكالية غموض متعددة الجوانب لنص النقدي المعاصر نحاول أن نتبين أسبابها ومسبباتها وتأثيراتها علي المبدع والمتلقي لنخلص في الأخير إلي اقتراح نظرية النحو الوظيفي (لديك) علي النقاد الحداثيين ليستثمروا بعض مفاهيمها ومصطلحاتها في تحليل الآثار الفنية وتفسيرها ؛ لأنها – في نظرنا – قد تحقق لهم فتوحات نقدية ملائمة للقرن الواحد والعشرين .
1- إشكالية الترجمة :
ليس من هدف هذه الدراسة ، مجابهة تعقيد إشكالية الترجمة وتفصيل جوانبها المتعددة وإنما غرضنا أن نتبع بعض مشاكلها المتسببة في غموض النص النقدي ، حيث نقف بالتحديد علي إشكالية ذات بعدين : أحدهما مضموني ، يتعلق بكمية امضامين النقدية المترجمة ، والآخر فني يتصل بكيفية الترجمة وتقنياتها .
1-1 : البعد المضموني :
يلاحظ المتتبع لحركة الترجمة النقدية في الساحة العربية أنها قليلة إذا ما قيست بالكم النقدي المتدفق عند الغربيين ، إن في مجال التنظير أو في مجال الممارسة أضف إلي ذلك تأخر الرجمة فأحياناً نترجم مناهج أو نظريات بعد أن تتآكل ويتجاوزها الزمن ، كما هو الشأن مع البنيوية (17) ، أو بعد انسحابها من بؤرة الصدارة في بلادها الأصلية(18) .
وفي هذا الصدد يمكن أن نشير إلي سلبية هيمنة اللغة ( الإنجليزية أو الفرنسية ) علي ترجماتنا النقدية ، إذ توجد نظريات ورؤي نقدية جد متقدمة في لغات أخري ، لكن الهيمنة اللغوية فرضت علينا أن نترجم في الغالب عن الروسية أو الإيطالية أو
الإسبانية أو الألمانية بلغة وسيطة ومن ثم بواسطة نظرة تأويلية باعدت بيننا وبين الأصل المباشر (19) .
ومن السلبيات الأخري التي كان لها تأثير كبير علي الترجمة غياب الإستراتيجية الفاعلة فعلي الرغم من وجود مؤسسات متخصصة كالمجامع اللغوية العربية ، ومكتب تنسيق التعريب وخاصة منظمة الأليكسو التي وضعت خطة شاملة للترجمة (20) ، فإن غياب الفعالية والمتابعة الميدانية المدعومة بسياسة مساندة ، نتج عليها فوضي عارمة في المضامين والموضعات المترجمة ، حيث فتح الباب علي مصراعيه للترجمات الفجة المتسرعة التي غلب عليها طابع التجارة والبزنسة فامتلأت سوق الكتاب المترجم بترجمات كتب الغزل والنسيج ورياضة اليوغا والطهي (21) .
وبذلك اختلط الحابل بالنابل في ميدان الترجمة وأصبح المترجم الذي تتوفر فيه شروط الترجمة من إتقان للغة المصدر ولغة الهدف ، إلي جانب التخصص عملة نادرة، كان منتوجها ترجمات هشة مشوشة انتقلت عدواها إلي النص النقدي الحداثي .
1-2 البعد الفني :
ويتعلق بالمنهجية التقنية التي تتطلبها عملية الترجمة في لغة المصدر المترجم منها واللغة الهدف المترجم إليها وتتكون هذه المنهجية من أداتين أساسيتين هما :
1-2-1 : قاموس مزدوج :
يتكفل برصد المعادلات المعجمية بين اللغتين موضوع الترجمة ، عن طريق استقراء حقولهما الدلالية ، لإيجاد المقابلات وفرز ما لبس له مقابل في اللغة الهدف (22) ، ليكيف مع مفاهيمها وخصوصياتها الثقافية ، لأن كل لغة تلتقط التجربة الخارجية بوسائلها الخاصة ، وتبني تصورها الخاص الذي يضع علائق مفاهيمية معينة بين المفردات الموجودة (23) ، فيها لاسيما في حالات الألفاظ المتجذرة في خصوصياتها الثقافية ، فمثلاً الفعلان حج وزكي في العربية لا نجد لهما في الأنكليزية أو الفرنسية مقابلاً مطابقاً لهما بنفس الحمولة الثقافية (24) .
ومن هذا المنطلق تزداد الترجمة صعوبة ، كلما كانت مفاهيم لغة المصدر أو مصطلحاتها موغلة في خصوصياتها الثقافية .
1-2-2 : نحو مقارن :
إن ما ينطبق علي المستوي المعجمي في ما يخص المقابلات والاختلافات ينطبق كذلك علي المستوي النحوي فالترجمة الجيدة تتطلب نحوا مقارناً ، بين اللغة الناقلة و اللغة المنقول إليها يرصد المعالادت والاختلافات الصرفية والتركيبية بين اللغتين (25) .
فعلي المستوي التركيبي لابد من أن يراعي المترجم الخصائص التركيبية بين اللغات ، فعلي سبيل المثال لا الحصر وظيفة المفعول به في اللغة العربية يمكن أن تعطينا تراكيب من قبيل :
(أ) أعطي خالد هنداً كتاباً .
فهذه الجملة لا تقابل حرفياً في اللغة الفرنسية بـ ( khalid a donne Hind un livre ) فهذا الجملة لاحنة لأنه لابد من مفعول غير مباشر ، لذا تكون الجملة الصحيحة هي فقط KHALID A DONNE UN LIVRE A HIND كما لا يمكن أن نمترجم جملة من قبيل :
(ب) كتاباً أعطي خالد هنداً بمثيلتها في اللغة الفرنسية UN LIVE KHALID A DONNE A HIND ولا بترتيبها الحرفي UN LIVE A DONNE KHALID A HIND إذن يبقي التركيب السليم منحصراً في التركيب الأول KHALID A DONNE UN LIVE A HIND وهو التركيب الذي يبقي مقابلاً للجملة :
(ج) هند أعطاها خالد كتاباً . فإذا أردنا البناء للمجهول قلنا :
(د) أعطي خالد كتاباً ، وتقابله الترجمة الصحيحة بالفرنسية UN LIVE A ETE DONNE A KHALID ولا يجوز KHALID A ETE DONNE UN LIVRE كما لايجوز في العربية اللحن الشائع في التراكيب التي من قبيل :
(و) أعطي خالد كتاباً من طرف هند .
أما علي المستوي الصرفي فالمسألة أعقد ؛ لأن الخصائص الصرفية للغة العربية – كما لا يخفي تختلف عن مثيلاتها في اللغات الأوروبية فهذه لغات إلصاقية والعربية لغة اشتقاقية الأمر الذي يطرح مشكلات عدة نقتطف منها في عجالة مشكلة ترجمة السوابق واللواحق (26) ، التي اختلف فيها المترجمون فمنهم من دعا إلي إيجاد صيغ صرفية مقابلة لكل سابقة أو لاحقة كترجمة السابقتين (A) و (AN) بلا النافية مركبة مع الكلمة المطلوبة واللاحقة (IE) أو (GIE ) بالمصدر اصناعي أو ياء النسبة غير أن ياء النسبة أو المصدر الصناعي كثيراً ما تضيق بمقابلة لواحق متعددة من قبيل
(ITE) (ISTE)(IQUE)(ISME) (LOGIE) (27) .
لذا كان لابد من أخذ هذه السوابق واللواحق في صيغتها التامة مع الجذر الذي سبقته أو لحقت به ، وإيجاد مقابل كلي لها ؛ كترجمة مصطلح ( ISOTOPIE ) مثلاً بالتشاكل (28) .
ويماثل تعقيد ترجمة السوابق واللواحق تعقيد ترجمة السمات الزمنية والجهية في الأفعال ، فاللغة الفرنسية مثلاً ، تتعدد فيها صيغة الماضي وتتميز كل صيغة بسمات زمنية وجهية كما هو مبين في الجدول الموالي (29) .

زمـــــــن
جهـــــــة
صيغـــــــة (أ) ماض مطلق + تام آني منقطع _______ PASSE SIMPLE (ب) ماضي مطلق + غير ام مستمر _______ IMPARTAIT (ج) ماضي مطلق + تام أني مسترسل _______ PASSE COMPOSE (د) ماضي نسبي + غير تام مستمر _______ PUS QUE PARTAIT (و) ماضي نسبي + تام أني ______ PASSE ANTERIEUR وحسب الدكتور أحمد المتوكل لا نجد فيالعربية كل هذه السمات الزمنية والجهية (30) . في حين يري الدكتور تمام حسان ، أن العربية أغني بكثير من اللغة الفرنسية ، سواء تعلق الأمر بالسمات الزمنية أو بالسمات الجهية (31) .
وسواء كنا مع الأول أو الثاني ، فإن إشكالية البحث عن المقابل الزمني أو الجهي أو تكييفهما تبقي مطروحة .
هذه باختصار شديد بعض صعوبات الترجمة التي تسهل ملاحظتها في ترجمات بعض أعمال اللسانيين الكبار ، أمثال دوسوسير وتشومسكي ومارتيني ليونز وبعض اعمال النقاد الكبار أمثال : بارت وتودروف وباختين وكريستيفا .. وهي إن دلت علي شئ فإنما تدل علي أن الترجمة الجيدة لا تقتصر فقط علي إتقان لغة المصدر ولغة الهدف بل تتعداها إلي اتباع نظرية لسانية في الترجمة يتعرف المترجم من خلالها علي الخصائص المرفولوجية والنحوية والأسلوبية في اللغة المترجم منها واللغة المترجم إليها ليقرب ما اقترب ويكيف ما ابتعد ، وفي غياب ذلك لا نعجب من غموض الافكار ولا من فوضي المصطلحات .
2- إشكالية المصطلح :
لقد بدأت إشكالية المصطلح تطرح بحدة مع النقد الألسني إذ أضحي من الصعب أن يجد القارئ نصاً نقدياً معاصراً لا يشكو علة مصطلحية أساسها عسر هضم هذه المصطلحات أو تخمة ترادفها فأول مايستوقف قارئ النصوص اللسانية أو النقدية – سواء كان قارئاً عادياً أو متخصصاً هذا الترادف المصطلحي الذي يصل أحياناً إلي عشرات الألفاظ للمصطلح الاجنبي الواحد المعبر بدقة ووضوح عن مفهوم واحد متفق عليه عند علماء اللغة أو النقاد لكن المصطلح علي خارطة الثقافة اللسانية أو النقدية العربية ، يبدو أن وظيفته تختلف عن صنوها الغربي ، فهو عوض أن يكون عامل توحيد بين لساني العرب ونقادهم ، أمسي عبئاً ثقيلاً علي البحث والقارئ وعلامة فاضحة لقطرية نضيقة إذ يكاد كل بلد عربي أن ينفرد بمصطلحاته اللسانية أو النقدية ولعل العينات المصطلحية التي أذكرها بعد قليل ، أدلة ساندة لما زعمت وأبدأها بمصطلحين لسانيين متداولين كثيراً بين اللسانيين والنقاد وهما مصطلحا (COMPETENCE ) و ( PERTOMANCE ) حيث يوزعان جغرايفاً كالآتي :قدرة / إنجاز (32) ملكة لغوية / تأدية لغوية (33) الكفاءة / الأداة (34) المقدرة اللغوية / الأدجاء اللغوي (35) الكفاية / الأداء (36) السليقة / الأداء (37) / الكفاية اللغوية / الاداء الكلامي (38) المقدرة / الأداء (39) قدرة / أداء (40) .
وقد انتقلت هذه العدوي إلي النقد المعاصر فلم تسلم مصطلحاته من إسهال الترادف المصطلحي نكتفي بكشف بعض أعراضها في المناهج النقدية الكبري :
نبدأه بمصطلح STRUCTURALISME الذي تضاربت مقابلاته بين المغرب والمشرق من هيكلية في تونس (41) وبنوية في الجزائر (42) وبنيوية في المغرب الأقصي (43) وبعض دول المشرق إلي بنائية (44) وبنيانية (45) ، وبنيية (46) وتركيبية (47) .
وما يلاحظ علي مصطلح البنيوية كمنهج ينسحب علي أغلب مصطلحاته ولنأخذ علي سبيل المثال مصطلح PHONEME الذي نجد له المقابلات التالية : صوتم (48) حرف مبني (49) صويت (50) صرفية (51) وحدة صوتية (52)صوت لغوي (53) فونيم (54) وفي المنهج السميائي نجد تضارباً كبيراً في ترجمة لفظتي SEMIOLOGIE و SEMIOTIQUE فقد وضعت لهما المصطلحات المترادفة التالية : السميائية ، السميولوجية ، السميوطيقية ، السميوطيقا ، العلامية ، الإشارية ، علم الإشارات علم العلامات ، الأعراضية ، الدلائلية ، الدلالية (55) .
ويمكن لمتتبع مصطلحات هذا المنهج ، أن يلاحظ أنه لم يسلم منها إلا القليل من فوضي الترادف فمثلاً مصطلح ISOTOPIC وضعت له المصطلحات التالية : التشاكل (56) ، القطب الدلالي (57) وحدة الصيغة (58) مخطط وحدة قرائينة (59) التناظر (60) الأزوطوبيا (61) .
أما في المنهج التفكيكي DECONSSTRUCTION فقد وضعت له ثلاث بدائل هي : التكفيكية وهي التسمية الغالبة والتقويضية (62) والتشريحية (63) ولعل قلة بدائل هذا المصطلح راجعة إلي جدته وقلة ممارسي هذا المنهج في تحليل الآثار الأدبية في حين لم يسلم كتاب دريدا المتضمن للمبادئ الأساسية لهذا المنهج من الأسهال المصطلحي إذا نجد له البدائل التالية : النحوية ، علمانية النحو ، في علم النحو ، النحولوجيا ، غراماتولوجيا ، الكتابية ، علم الكتابة (64) .
ويجري علي مصطلحات هذا المنهج ما يجري في الغالب علي مصطلحات المناهج الأخري فمثلاً نجد مصطلح LOGOCENTRISME تتجاذبه المقابلات التالية : اللوغ مركزي التمركز المنطقي العقلنة المعرفية المركزية (65) .
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه الفوضي المصطلحية لا تقتصر علي اختلاف المصطلحات بين البلدان العربية فحسب بل نجد أحياناً خلافاً مصطلحياً بين نقاد بلد واحد، وقد نجده عند ناقد واحد ، يبتدئ مشواره النقدي في مؤلف بمصطلح ثم يعدل عنه إلي مصطلح آخر في دراسة ثانية ثم يغيره في دراسة ثالثة (66) .
كما قد لا تسلم الدراسة النقدية الواحدة من الترادف المصطلحي كأن نجد فيها خمس لفظات ( الدلائلية السميائية ، السميولوجية ، السميوطيقية ، التأويلية ) (67) للمصطلح الأجنبي SEMIOLOGIE .
وقد لا تسلم الصفحة الواحدة بل الفقرة الواحدة من سمة الترادف كمن يشرح لك مصطلح MORPHME بثلاث كلمات ( مورفيمات شكيلات ، صرفيمات ) (68) أو يتساهل بعض الدارسين مع صرامة المصطلح اللساني فيجعل من علم الدلالة وعلم العلامات والسميوطيقا أسماء لمسمي واحد ، ومن العلامة والرمز والدال ثلاثة مفاهيم مترادفة (69) .
وبناء علي العينات السالفة الذكر يمكن لنا أن نقول : إن النقد الحداثي الغربي ، إذا كان قد أتخذ – بفضل اللسانيات – أتجاهاً علمانياً قاده إلي التدقيقي في المفاهيم والدوال الإصطلاحية الموحدة الحاملة لها ، فإن النقد الحداثي العربي ، اتجه نحو التشويش والفوضي المصطلحية التي لم تقده إلي الغموض فحسب بل قادته أحياناً إلي الاستغلاق التام ، الأمر الذي جعل الأديب شوقي بغدادي يعيد تشكيلا نص مقالة نقدية بعد أن غير منها أربعا وسبعين مفردة وناقش كثيراً من تراكيبها ومصطلحاتها (70) .
3- إشكالية المنهج :
لا يختلف أثنان علي أن المناهج النقدية الحديثة هي ثمرة ثقافة غربية ، وإفراز من إفرازات حضارتها وهذا يعني أن أي منهج منها قبل أن يكون مصطلحات إجرائية فهو رؤية فكرية للوجود والكون والتاريخ والإنسان وللغاية من الحياة .. وعليه ، تكون المناهج النقدية الحداثية ، هي جملة الأساليب والآليات الإجرائية الصادرة عن رؤية نظرية شاملة إلي الإبداع الأدبي تنبثق عن أساس فلسفي أو فكري يستخدمها الناقد في تحليل النص وتفسيره بكيفية شاملة (71) وبالتالي يكون للمنهج النقدي بعدان فلسفي ولساني :
3- 1- البعد الفلسفي :
يتجسد بعد المنهج الفلسفي في الثقافة بمفهومها الانثروبولوجي العام الذي يشمل كل ما أنتجه عقل الإنسان من أفكار وفنون وعادات وتقاليد وحتي ما عرفه في تاريخه السحيق من أساطير وخرافات (72) .
ويترتب علي ذلك أن المناهج والنقدية الحداثية ممثلة سواء في نموذجها البنيوي أو السيميائي أو التفكيكي ارتبطت ارتباطاً عضوياً لا انفصام له بالثقافة الغربية في مراحل تطورها المخلتفة وخاصة الجانب الفلسفي من هذه الثقافة (73) .
فالمناهج البنيوي يقوم علي مذهب فلسفي جوهره الفلسفة الوضعية (74) فلسفة أوغست كونت ، الداعية إلي التجربة والعلوم الوضعية التي تجاوزت المرحلة المتافيزيقية واللاهوتية (75) ، فهي إذن تهدف إلي الدقة والموضوعية والصرامة العلمية ف يمجال الدراسات الإنسانية أسوة بالعلوم الطبيعية .
أما المنهج السميائي أو السميائية ، فهي معطي ثقافي أميركي انبثق من فلسفة شارل موريس وشارل بيرس في دراساتهما للعلامة اللغوية (76) ، وهي أيضاً معطي ثقافي أوروبي يرتبط بدوسوسير المتأثر بوضعية أوغست كونت وأجتمكاعية دوركايم (77) ثم تطورت فيما بعد مع زعيمها ( غريماس A.J. GERIMAS ) الذي جعل منها نظرية للعلامات تستوجب نظرة شاملة لخصائص العلامة اللغوية وغير اللغوية التي تستعملها العبقرية الإنسانية في تفاعلاتها مع مخزونها الثقافي (78) .
أما المنه التفكيكي فيضرب بجذور عميقة في أغلب الفلسفات التي عرفتها أوروبا حيث نجد فيه ظلالاً من فلسفة القوة وفلسفة العبث والوجودية ، يضاف إلي ذلك بعض الجذور التي لها صلة وثيقة بالمشروع اليهودي العدمي المتمثل في واقع الأولية المفقودة L’IRIGINALITE PERDUE (79) .
ومن هنا يتضح أن استيراد المناهج السابقة لا يطرح إشكالية تكييف مصطلحاتها التقنية فحسب ، بل تطرح أيضاً مفاهيم وأفكار غريبة عن ثقافتنا تستوجب الحيطة والإحاطة الشاملة بخلفياتها الإبستيمولوجية وفي هذه المسألة ، نجد خلافاً حادا بين النقاد بعضهم يري أنه علي وعي تام بالابستيمولوجية الثاوية وراء المنهج الذي تبناه ولم يطبقها تطبيقاً آلياً بل وعاه واصل له في الثقافة العربية (80) ، وفي المقابل نجد فريقاً ينفي هذا الزعم ويتهم النقاد بآلية التعامل مع المناهج الغربية إذ اعتبروها مجرد أدوات إجرائية.. لا تتعدي إطار تفضيل خطوات إجرائية علي أخري (81) ، وقد تصل مبالغات بعضهم إلي اعتبار ما قدمه النقاد الحداثيون مجرد نسخ مشوهة عاكسة مناهج غربية في مرايا محدبة (82) .
والحقيقة أن هناك مبالغة لدي الفريقين فلا يمكن – من جهة – أن ننفي وعي النقاد الحداثيين – علي الأقل النقاد الكبار منهم – بالأصول الفكرية الفلسفية التي قامت عليها المناهج النقدية الغربية ، لأن ساحة الفكر العربي ، عرضت فلسفات هذه المناهج وشرحتها وانتقدتها أحياناً في العديد من المجلات والكتب (83) .
ومن جهة أخري لا يمكن أن نسلم للفريق الأول بأنهم اصلوا فعلاً هذه المناهج النقدية في الثقافة العربية لأن التأصيل الحقيقي في رأينا لا يقتصر علي تكييف هذا المنهج أو ذاك لتحليل هذه القصيدة أو تلك الرواية ،وإنما يعني بالردحة الأولي إبداع مناهج تنتج ثقافة نقدية عربية خاصة بنا .
ومن هذا المنطلق فإن عدم بلوغ هذه الغاية – في رأينا – لا ترجع إلي نقص وعي نقادنا الحداثيين بالأصول الفكرية الفلسفية للمناهج الغربية وإنما تعود إلي ضعف ثقافاتهم اللسانية المتمثلة بصفة خاصة في عدم استيعابهم للأصول النحوية التي قامت عليها تلك المناهج .
3-2 البعد اللساني :
ويتمثل في الثقافة اللسانية التي مكنت النقاد الغربيين من استيعاب النظريات النحوية التي أفرزتها الثورات اللسانية فكانت مقدمات أساسية لمناهجهم النقدية الحداثية .
فالبنيوية في معناها الأوروبي هي امتداد لمجهودات أعمال مدرسة (براغ) و
( كوبنهاغن) التي اعتمدت مفاهيم دوسوسير (84) ، وفي معناها الأمريكي هي امتداد لنظرية نحوية انبثقت من مدرسة بلومفيلد المعروفة باسم التوزيعية DISTRIBUTIONALISME (85) .
وسواء كنا مع البنيوية في مظهرها الاميركي أو الأوروبي فإننا نكون وجهاً لوجه أمام نظريات نحوية تركيبية ، ففي أمريكا ساد التيار النحوي التوزيعي الذي اهتم بتصنيف كلمات الجملة إلي مورفيمات وتوزيعها علي مستوي المحورين : التركيبي والاستبدالي (86) ، وفي أوروبا تعمق الدانمركي هيلمسليف في مفاهيم دوسوسير ، وولد منها نظريته اللغوية (87) التي تميزت بنحوها الصوري ذي الصياغة الرياضية التجريدية ، وتعمق مارتيني في النظرية الفونولجية وصاغ منها نظريته النحوية التركيبية (88) ، وبالمثل قامت نظرية النحو البنيوي لتنيير ، علي أساس توضيح العلاقات التي تقوم عليها المقولات الصرفية علي مستوي البنية النحوية الساكنة SYNTAXE STATIQUE والعلاقات التركيبية المتمثلة في الوظائف النحوية بمفهومها الشائع علي مستوي البنية النحوية المتحركة ( أو الدينامية ) (89) .
ولعل أهم صفة للبنيوية في مظهرها الأميركي أو الأوروبي هي نزعتها التصنيفية التي ثار عليها تشومسكي فيما بعد ، في نظريته النحوية التوليدية التحويلية التي أثمرت هي الأخري عدة نماذج نحوية بدءاً بنموذج البني التركيبية سنة 1957 ، الذي كان نحواًش بنيوياً توليدياً كما أسلفنا ، لأنه أبعد فيه الدلالة ، ولم يتميز عن النحو البنيوي إلا بالمفاهيم الجديدة التي دققها في جملة المصطلحات الإجرائية كالإبداعية والبنية السطحية والعميقة و التحويلات (90) .
ثم أتبعه سنة 1965 بنموذج أوجه النظرية التركيبية الذي تميز بإدخال عنصر الدلالة بفضل توجيهات أعمال كانز وفدور (91) وبذلك أصبح النموذج متميزاً
بثلاثة مكونات هي المكون التركيبي علي مستوي البنية العميقة ومكونان تأويليا علي مستوي البنية السطحية هما المكون الدلالي والمكون الفنولوجي كما هو مبين في الشكل الموالي (92) .
المكون التركيبي

قاعدة – ، بنية عميقة – ، تحويلات ـ ، بنية سطحية










مكون دلالي مكون فونولوجي
ومع نموذج النظرية المعيار الموسعة HEORIE STANDARD ETENDUE دخل بعض تلامذة تشومسكي أمثال ( لاكوف ومكاولي
وبوستال ..) (93) مفاهيم جديدة كمفهوم والاقتضاء ، وبعض الوظائف التداولية المرتبة بالسياق ، كالمحور والبؤرة .. وبذلك بلوروا منذ سنة 1968 اتجاهاً جديداً داخل هذا النموذج أصبح يعرف بالدلالة التوليدية ، يخالف ما أسماه تشومسكي بالدلالة التأويلية وجوهر الخلاف بينهما ، أن تشومسكي يعطي الأولوية للمكون التركيبي ، ويدرج المفاهيم السابقة ضمن :
قواعد مقولية ومعجمية
المؤشرات التركيبية الأولية
(بنية عميقة )
تحويلات

بنية سطحية









فوتولوجيا تأويل دلالي
صور منطقية
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لتفسير, مقاربة, المعاصر, الغموض, العربى, اموس, النقدي, إشكالية, نحو


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع نحو مقاربة لتفسير إشكالية الغموض في النص النقدي العربي المعاصر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاتفاق النووي الغربي الايراني : مقاربة علمية وسياسية محمد خطاب مقالات وتحليلات مختارة 0 07-22-2015 03:58 PM
إشكاليات في الإنتاج المعرفي والدلالي للمصطلح النقدي الأدبي العربي المعاصر Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 11-20-2012 09:54 PM
السيميائية في الدرس النقدي المعاصر عند رولان بارت Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 11-20-2012 01:36 PM
أبو الطيب المتنبي في الشـعر العربي المعاصر Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 1 04-21-2012 11:34 PM
اتجاهات الشعر العربي المعاصر Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 02-02-2012 10:37 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59