#1  
قديم 12-13-2015, 07:43 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي حق العامل في الاختراع "دراسة مقارنة"


حق العامل في الاختراع "دراسة مقارنة"

تاريخ تسلم البحث: 16/5/2005 تاريخ قبوله للنشر: 26/10/2005

سامر محمود الدلالعة*

حمل المرجع كاملاً من المرفقات

------------




تمهيد
برزت في الحقبة المعاصرة ثورة حقيقية في ميدان التكنولوجيا كان سببها التطور المتنامي في طرق وأساليب البحث العلمي التي أخذت تتنامى على مختلف الأصعدة وفي شتى الميادين، وبرغم تطور الواقع البحثي وبروز النتائج المعززة لصيرورة وتطور المجتمعات والحضارات؛ إلا أن الواقع القانوني الذي عرفته الساحة التشريعية لم يعرف ذاك التطور بنفس الآلية التي تطورت بها أساليب البحث العلمي. حيث كان من أبرز المشكلات التي تكاد تكون مستعصية في التنظيم الدقيق-حتى في ظل التنظيمات المعاصرة-للاختراعات التي يتوصل إليها العمال.
والواقع أن النظرة تقليدية للاختراع تنطلق من كونه يمثل الطرق والوسائل والأساليب التي يتم الوصول إليها في الإنتاج([i])، والقاعدة أن الحق في الاختراع يعود للمخترع كنتيجة للجهد الذي بذله لغايات التوصل إلى الاختراع، وقد يتم التوصل إليه بطريق المصادفة أو يتم الاتفاق مسبقا بين العامل ورب العمل على أن الهدف من العمل هو التوصل إلى الاختراع، كما أن العامل قد يستغل المكان الذي يتواجد فيه والأدوات الموضوعة تحت تصرفه لغايات البحث العلمي ويتوصل بطريقة أو بأخرى إلى اختراع في مجال ما. فلمن تؤول الحقوق في جلّ هذه الحالات؟
فهنالك صور عديدة أفضت إلى التساؤل عن صاحب الحق في الاختراع الذي يتوصل إليه العامل، هل هو العامل أم رب العمل؟ أم أن هنالك حقوقا مشتركة تؤول لكليهما في الاختراع؟ وهل من تنظيم وحماية قانونية لحق العامل في الاختراع؟ وما هي حدود تدخل القانون الأردني والتشريعات المقارنة على السواء؟
كل هذه التساؤلات دفعت بنا للبحث في واحدة من أهم القضايا الهامة خصوصا مع التضارب القائم على أرض الواقع بين التشريعات المنظمة لهذا الموضوع. فهناك، من جهة، القانون المدني الذي يسعى إلى تنظيم العلاقات التعاقدية في إطار العلاقات التي تقوم ضمن نطاق القانون الخاص، وهناك، من جهة أخرى، قانون العمل الذي أخذت حدوده تتنامى وأصبح من الواجب العمل به ابتداء قبل القانون المدني على اعتبار أن الخاص يقيد العام، لكن هذا الوضع عرف بعض التعقيد خصوصا مع التطورات التي أفرزتها قوانين وتشريعات الملكية الفكرية التي تطرقت لهذا الموضوع وبشدة في معرض تنظيمها للحماية المتعلقة بالاختراعات، حيث أشارت إلى اختراعات العاملين، فهل جاءت هذه التشريعات منسجمة مع ما جاءت به تشريعات العمل أم أن هذه القوانين اختلفت مع هذه التشريعات في المضمون أو المحتوى؟ وأي القوانين يعمل به في حال الاختلاف؟ هل قانون العمل أم قانون براءات الاختراع؟
هذا ما دفعنا وغيره من التساؤلات إلى بحث هذا الموضوع ضمن العنوان الذي رأينا أنه يعتبر شاملا لمختلف جوانبه وهو" الحماية القانونية لاختراعات العاملين"
حيث سنعمل على طرح هذه الإشكالية بجوانبها المختلفة وعرض الآلية التي تصدت بها التشريعات لها وبحث الحلول اللازمة وذلك من خلال تقديمها بشكل يتناسب وما هو قائم على أرض الواقع وضمن ما هو ممكن لغايات التوفيق بين حقوق العاملين من جهة وحقوق المشغلين (أرباب العمل) من جهة أخرى.
مشكلة البحث.
تتعلق مشكلة البحث بمعرفة الدور الذي يقوم به المشـرع من أجل معـرفة حـق
العمال في الاختراعات التي يتوصلون إليها أثناء أو بسبب العمل الذي يقوموا به، وعلى اعتبار أن هنالك عددا من الصور والمظاهر التي يمكن فيها توصل العامل إلى الاختراع، فإن الإشكالية الأساسية تدور حول الإجابة عن تساؤل أساسي يتفرع عنه عدد من التساؤلات الجانبية والذي مفاده: كيف وفّق المشرع بين حقوق أرباب العمل وحقوق العمال في الاختراعات التي يتوصل إليها العمال؟ وما هي الحدود التي يمكن الوقوف عليها للقول بأن التشريعات القانونية على اختلافها سعت إلى الاعتراف القانوني لحق العامل في الاختراع؟
وهل يعتبر تنازل العامل عن الاختراع لرب العمل واجبا في جميع الأحوال التي يتوصل فيها إلى الاختراع أم أن هذا التنازل هو فقط في حالات استثنائية على سبيل الحصر وبموجب القانون؟
وما هو الحال بالنسبة للاختراع الذي يتوصل إليه العامل بطريق المصادفة في الوقت الذي لا يشكل محور عمله متعلقا بالتوصل إلى هذا الاختراع؟
كل هذه التساؤلات سنعمل على الإجابة عنها من خلال هذه الدراسة.
فرضيات البحث
افترضنا في هذه الدراسة أن قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996، ساهم في إطار المادة (20) المعدلة بمقتضى القانون المؤقت رقم 56 لسنة 2001 في توفير الاعتراف للعمال بالحقوق على اختراعاتهم بما يضمن حل الإشكال بالطرق القانونية بينهم وبين أرباب العمل؛ وسنصل إلى نتيجة جوهرية مفادها أن هذه التعديلات لم تسهم في تسوية واقعية تضمن الاعتراف الفعلي لحقوق العمال على اختراعاتهم.
كما أننا افترضنا في هذه الدراسة أن المادة (5) المعدلة من قانون براءات الاختراع تسهم في تحقيق حلول إيجابية للاعتراف للعامل بالحق في الاختراع، ذلك على اعتبار أن موضوع الاعتراف هو الحق في البراءة وأن قانون البراءات أولى بتحقيق الاعتراف بالحق في البراءة، وسنصل إلى نتيجة مفادها أن التعديل الذي طرأ على المادة (5) أعلاه في فقرتيها (ج) و(د) لم يحقق هذه الغاية وإنما انتقص من حقوق العمال التي كانت مقررة بقانون البراءات في المادة (5) قبل التعديل وإلغاء المادة السادسة منه.

منهج البحث
من الصعب بمكان الاعتماد على منهج مفرد لغايات الوصول إلى النتيجة المتوخاةمن البحث، لذا فقد عملنا على الاعتماد على عدد من المناهج التي تنضوي تحت لواء المنهج الوصفي، أهمها المنهج البنيوي الوظيفي والمنهج المقارن، والهدف من ذلك هو الوصول إلى تخريج شمولي متناسق البنيان، حيث أسهم هذان المنهجان كلاهما في بحث هذه الظاهرة في محيطها الاجتماعي وتحديد كل العناصر المحيطة بها ومعالجتها بصورة متناسقة ومنظمة ومنطقية.
تقسيم الموضوع
ارتأينا في هذه الدراسة الاعتماد على فصلين دراسيين، خص فيهما الفصل الأول البحث في مظاهر التوصل إلى الاختراع، وأشرنا فيه إلى الجدل الفقهي والنظريات التي تنازعت هذا الموضوع، سواء من خلال تحديد الاتجاه التقليدي أو الاتجاه الحديث، كما بحثنا في الفصل الثاني من هذه الدراسة موقف التشريعات المقارنة بما فيها المشرع الأردني في الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع وأفردنا المبحث الأول لتبيان مواقف تشريعات العمل، ثم بحثنا في المبحث الثاني عن اتجاه تشريعات براءات الاختراع وموقفها من الاختراع الذي يتوصل إليه العامل سواء أكان هذا الأخير محلا لعقد العمل أو كان بسبب النشاط الذي يمارسه العامل لدى رب العمل أو كان بمنأى عن نشاط العامل لدى رب العمل.
وأخيراً وضعنا نتائج البحث والتوصيات بشأنه، ومن جانبنا نرى أن هذا التقسيم جامع لكل حيثيات البحث القانوني بحيث لا يدع جزئية تهم الدراسة إلاّ وبحثها وفق تسلسل منطقي تكمل كل مفردة من مفرداته الأخرى، ومانع في نفس الوقت من تشتيت عناصر البحث على شكل مفردات مبعثرة ليس لها أي مدلول.

الفصل الأول:
مظاهر توصل العامل للاختراع
يلعب الاختراعدورا هاما في تنمية المجتمعات البشرية، ويرجع السبب في تقدم الدول الصناعية إلى الاختراعات التي شكلت المحور الأساسي في هذه النهضة الصناعية وما أفرزته من تطور اقتصادي أدى في النهاية إلى بروز دول متقدمة وأخرى متخلفة لم تشهد مثل هذه النهضة بعد.
وكان لهذا التطور في الحياة الصناعية والاقتصادية بالغ الأثر في التشريعات القانونية وذلك من أجل العمل على ضمان الاعترافبحقوق المخترعين والمبتكرين من الأفراد والجماعات، لغايات ضمان مواكبة التطور والمستجدات في ميادين العلوم والاكتشافات، حيث عملت معظم الدول أسوة بالتشريعات الدولية ذات الصلة على توفير الاعتراف للمخترعين والمبتكرين بالحقوق على مخترعاتهم في مختلف الميادين إذا ما توافرت الشروط التي يستلزمها الاختراع للحصول على البراءة عنه([ii]).
وقد بدأ الاهتمام باختراعات العاملين على وجه الخصوص في أواخر القرن التاسع عشر، حينما صدرت عدة تشريعات تنظمها، كالقانون البلغاري عام 1895، والقانون النمساوي 1897، والقانون الفنلندي عام 1899، والقانون السويسري عام 1911.
وقد ازداد الاهتمام بهذه الاختراعات التي يتوصل إليها العمال في أعقاب الحرب العالمية الأولى وذلك من خلال المحاولات العديدة من قبل المشرع الفرنسي للعمل على تنظيمها([iii]).
وفي الوقت الذي تنامت فيه الحركة العمالية في العالم وتصاعدت الأفكار الاشتراكية وما تمخض عنها من حركة تدخلية لجهاز الدولة، فقد عملت معظم التشريعات على إيلاء هذا الموضوع أهمية بالغة، سيما وأنه يشكل واحدا من المواضيع ذات الأثر البالغ على المستويين المادي والمعنوي معا، هذا فضلا عن الضرورات التي باتت هي الأخرى ملحة في الحد من مبدأ سلطـان الإرادة و حرية المبـادرة الفردية التي
فسرت لمصلحة القوي على حساب الضعيف.
وبما أن العامل يمثل الطرف الضعيف في عقد العمل على الدوام، لذا فقد كانت حقوقه محل خطر دائم في ظل الأخذ بالمبدأ على إطلاقه، الشيء الذي ولّد ردة فعل قوية توفق بين ما تمليه متطلبات الإرادة وما تقتضيه مصالح الأفراد والجماعات([iv]).
وبالرغم من أن اتفاقية باريس([v])سكتت عن تنظيم الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع الذي يتوصل إليه، شأنها في ذلك شأن اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (TRIPS) ([vi])، فقد سعت العديد من الدول على المستوى الداخلي إلى سن التشريعات المستقلة التي تنظم حقوق العامل في الاختراع الذي يتوصل إليه، حيث كان ذلك واضحاً في عدد من البلدان مثل السويد والدانمرك وألمانيا الفدرالية خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية.
أما في البلدان العربية فتعد مصر من أوائل الدول التي نظمت هذا الموضوع وذلك عام 1948 حينما تضمن القانون المدني نصا بذلك الخصوص.
أما في الأردن فقد عمل المشرع الأردني بدوره على إيلاء هذا الموضوع جانبا كبيرا من اهتماماته، شأنه في ذلك شأن التشريع الفرنسي والتشريع المصري، وإن كان هنالك اختلافحول مضمون وشكل الاعتراف للعمال بالحق على الاختراع وفقا لهذه التشريعات. حيث كان أول تنظيم لهذا الموضوع في القانون الأردني واردا في نطاق المادة (820) من القانون المدني وذلك سنة 1976.
ولما كان الاعتراف للعامل بالحق على الاختراع مبنياً على الحالة التي يتوصل فيها هذا الأخير إلى الاختراع، وعلاقة الاختراع بالنشاط الذي يمارسه لدى رب العمل، فقد ورد التساؤل عن مصير الاختراع الذي يتوصل إليه العمال قبل الالتحاق بالمنشأة ويكون التطبيق الفني له بعد التحاقه بالعمل، وكذا المصير بالنسبة للاختراع، ومن له الحق بالنسبة إليه، الذي يتوصل إليه العامل أثناء ممارسته للعمل ويكون التطبيق الفني له بعد انتهاء رابطة العمل لأي سبب من الأسباب مثل الاستقالة أو الفصل؟
والواقع أن هناك من التشريعات([vii])التي تنظر إلى مدة عقد العمل كأساس لإمكانية ترتيب حقوق للعامل على الاختراع من عدمه، ذلك في الوقت الذي يرى فيه البعض أن القول بأنه توجد علاقة بين مدة عقد العمل وبين الاختراع المحقق في المنشأة أمر غير مقبول للقول بأن الاختراع يعتبر بالتالي من حق المنشأة أو صاحب العمل لمجرد أنه تحقق في أثناء مدة تنفيذ عقد العمل([viii]).
كذلك نرى أن القول بترتيب حق لرب العمل على الاختراع استنادا إلى علاقة السببية بين الاختراع الذي يتوصل إليه العامل والنشاط الذي يمارسه لدى رب العمل أمر لا يكفي لتحقيق الاعتراف بالحق للطرفين معا([ix])، ذلك أن هناك بعض الاختراعات التي قد يتوصل إليها العامل بعيدا عن نطاق علاقته برب العمل، إلا أنه مع ذلك يكون الأولى أن يؤول الاختراع إلى رب العمل نظرا لما قد يرتبه هذا الاختراع من أثر سلبي في نشاط صاحب العمل ومنافسة ضارة له في حال أيلولة الاختراع إلى شخص آخر غيره.
بناء على ما سبق يجدر بنا القول إن هناك عدداً من الأحوال التي يتوصل من خلالها العامل إلى الاختراع. فما مدى الاعتراف للعامل بالحق في كل اختراع ضمن كل حالة من هذه الأحوال؟
للإجابة عن هذا التساؤل نرى أنه يقع واجبا البحث في المظاهر التي يمكن للعامل فيها التوصل إلى الاختراع وذلك من خلال طرح الآراء الفقهية في هذا الميدان ليتسنى لنا الحديث عن الدور الذي قام به المشرع في صدد هذه الحماية ومدى إيجابية هذا الدور بالنسبة للعامل باعتباره الطرف الضعيف في علاقته برب العمل.
نقول بداية إن الفقه عمل على إدراج هذه الصور ضمن عدة فئات، ففي الوقت الذي تحدث فيه الفقه التقليدي عن ثلاثة مظاهر يتوصل فيها العامل إلى الاختراع (المبحث الأول فقد أخذ الفقه الحديث بالعمل على تقسيم اختراعات العاملين إلى مجموعتين (المبحث الثاني).

المبحث الأول:
الاتجاه التقليدي في وصول العامل للاختراع.
نشأت هذه النظرية في الفقه الفرنسي([x]حيث يرى أنصارها أن مظاهر توصل العامل إلى الاختراع تنحصر في ثلاث مجموعات هي: اختراعات المنشأة، واختراعات الخدمة، والاختراعات الحرة.
المطلب الأول: اختراعات المنشأة.
يتعلق هذا النوع من الاختراعات بتلك التي تتضافر فيها جهود عدد من الباحثين والعمال لغايات التوصل إلى هذا الاختراع، بحيث يصعب التقرير حول من هو المخترع الحقيقي الذي توصل فعلا إلى هذا الاختراع.
ونتيجة لاشتراكهم جميعا في الوصول إلى الابتكار؛ فإنه يصبح الحق في طلب البراءة عنه مقررا لهم جميعا، كما أنها تصدر باسمهم جميعا، ويتملكونها على الشيوع، ويتم استغلالها بالتساوي ما لم يتفقوا على خلاف ذلك، حيث يحق لكل منهم أن يستغل البراءة لحسابه الخاص([xi]).
والواقع أن هناك عدداً من التشريعات تأخذ بفكرة اختراعات المنشأة، مثالها التشريع الدانمركي الصادر سنة 1955 والخاص باختراعات العاملين في مادته الرابعة، والقانون الأسباني الصادر في 26 يناير 1944 في المادة 29 منه، حيث عملت مجمل هذه التشريعات وغيرها بالأساس الذي يقضي بوجود هذا النوع من الاختراعات والتي تستند إلى الصعوبة الكامنة في المعرفة الحقيقية لمحقق الاختراع، أو مدى مساهمة كل واحد في تحقيقه.
وكما هو معلوم حاليا أن هنالك العديد من مراكز الأبحاث والمكاتب الدراسات التي يعمل فيها العديد من العمال لغايات التوصل إلى الاختراعات أو لتطويرها، وعادة ما تجري هذه الدراسات بناء على طلب القائمين على هذه المراكز أو المعامل، ولهذا يصبح القبول بهذا النوع من الاختراعات بالصفة التي هو عليها في هذه التشريعات أمراً منطقياً، برغم أن هناك بعض التشريعات التي تتجه منحى آخر بشأن تقرير حقوق العمال على هذه الاختراعات على ما سوف نرى.
المطلب الثاني: اختراعات الخدمة.
يقصد باختراعات الخدمة؛ تلك التي يحققها العامل نتيجة لالتزاماته بذلك بموجب عقد عمله، أو من واقع عمله الذي يفرض عليه القيام بأبحاث تؤدي إلى تحقيق الاختراع([xii]).
يظهر من خلال التعريف أن اختراعات الخدمة تتعلق بتلك التي يكون إما عقد العمل محوراً لها أو طبيعة العمل هي التي تفرض على العامل التوصل إلى ذلك الاختراع، وبالتالي تكون الصورة في أن يكون العامل قد توصل إلى الاختراع بمفرده قوية هنا، بخلاف الاختراعات الجماعية التي تكون المنشأة أو مركز الأبحاث مخصصا أصلا للتوصل إلى تلك الاختراعات.
ولهذا نرى أن اختراع الخدمة يمكن أن يتحقق بعدة أحوال:
الحالة الأولى: توصل العامل للاختراع عن طريق الاتفاق الصريح مع رب العمل.
وهي حالة مثار جدل برأي بعض الفقه، إلا أن المسلم به برأي هذا الاتجاه أن العقد شريعة المتعاقدين، وبالتالي يلزم على العامل الذي اتفق مع رب العمل بموجب العقد على أيلولة الاختراع الذي يتوصل إليه أثناء العمل لدى رب العمل أن يحترم هذا الاتفاق كمحل لعقد العمل وأن يصار إلى أيلولة الحقوق في هذا الاختراع إلى رب العمل([xiii]).
ومع ذلك فإن جانباً كبيراً من الفقه يؤيد في مثل هذه الحالة أن يستحق العامل تعويضا عادلا إذا ما كان للاختراع قيمة من الناحية الاقتصادية على أرض الواقع، بحيث لا يحرم العامل كليا من الاستئثار بالاختراع وأن يتحقق التوازن بين مصلحة هذا الأخير ومصلحة رب العمل([xiv]).
الحالة الثانية: توصل العامل إلى الاختراع كنتيجة لطبيعة العمل.
يرى أنصار هذا الاتجاه([xv]) أنه إذا ما توصل العامل إلى الاختراع كنتيجة لما تمليه طبيعة العمل أو أنه استفاد من الأدوات الموضوعة تحت تصرفه ومعلومات رب العمل في التوصل إلى الاختراع فإن منطق العدالة يقضي بأيلولة هذا الاختراع إلى كل من رب العمل والعامل معا بحيث تكون مشاركة رب العمل للعامل مبنية على مدى مساهمته في تحقيق الغاية في التوصل إلى الاختراع([xvi])، والواقع أن هذا الجانب من الفقه تعرض للانتقاد بحكم أن هناك من الاختراعات ما تمثل من الأهمية بما كان بالنسبة إلى رب العمل وغير مشمولة بالحالات السابقة، حيث يتوصل إليها العامل بمعزل عن عقد العمل وإن كان لا يمنع ذلك من أن تكون متصلة بنشاط صاحب العمل فما هو الحكم بالنسبة إلى هذا الاختراع في ضوء الحالات السابقة، وما مدى استفادة رب العمل من هذا الاختراع، ولهذا نجد أن هذا الجانب من الفقه أدخل حالة أخرى ضمن نطاق الحالات السابقة وهي الحالة المتضمنة لتوصل العامل للاختراع بعيدا عنعقد العمل.
الحالة الثالثة: توصل العامل للاختراع بعيدا عن نوع العمل والاتفاق مع رب العمل.
حيث تتعلق هذه الحالة بالاختراع الذي يتوصل إله العامل والذي لا يشكل محور اتفاق مع رب العمل ولا يعد من الاختراعات المتعلقة بطبيعة العمل الذي يقوم به، حيث يرى هذا الجانب أن ذلك لا يمنع من استئثار صاحب العمل في الاختراع إذا ما كان هذا الاختراع جاء بسبب استفادة العامل من مكان العمل والأدوات التي يعمل بها، كما يرى هذا الجانب أن هذا الاختراع يدخل ضمن اختراعات الخدمة ولو لم يتم التنصيص عليه صراحة أو ضمنا في عقد العمل([xvii]).
المطلب الثالث: الاختراعات الحرة.
يشكل الاختراع الحر الصورة الثالثة من صور الاختراعات التي يتوصل إليها العامل والتي تعد بوجهة نظر هذا الاتجاه محور تساؤل حول مصير هذا الاختراع.
ويعرف الاختراع الحر بأنه ذلك الاختراع الذي يتحقق دون أن يلتزم العامل قانوناً بتحقيقه صراحة أو ضمنا، بحيث لا يمس نشاط المنشأة التي تحقق فيـها ، ويتم التوصل
إليه من غير الاستفادة من الفرص المتاحة([xviii]).
يبدو من المفهوم السابق للاختراع الحر أنه يكون حتى ولو تحقق أثناء العمل أو بسببه شريطة ألا يعد العامل ملتزما بتحقيقه.
ويرى هذا الجانب أن الاختراعات الحرة تؤول إلى العامل الذي حققها، وله وحده الاستئثار بها، ولو أن من حق المنشأة المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تصيبها بفعل تراخي العامل عن القيام بالتزاماته الأصلية، أو بسبب استعماله لأدوات المنشأة، شريطة أن تثبت ذلك، ولو أن لها برأي هذا الجانب أن تأخذ الاختراع الحر بالشفعة([xix]).
والواقع أن هذا النوع من الاختراعات لا يختلف عن الحالة الثالثة السالف الإشارة إليها ضمن نطاق اختراعات الخدمة، مما يدفعنا إلى التساؤل عن سبب اعتماد النظرية التقليدية لهذا التقسيم في الوقت الذي يشكل فيه هذا النوع من الاختراعات صورة من صور اختراعات الخدمة؟
ومع ذلك فإنه يمكن القول أن هذا التقسيم الذي جاءت به النظرية التقليدية أخذ به الفقه الألماني القديم، الذي امتد إلى القضاء الألماني، كما أن هذا لم يمنع من ظهور تيار جديد تزعمه بعض الفقهاء الفرنسيين وعرف باسمهم يعمل على تقسيم اختراعات العمل إلى ثلاثة أقسام هي:
1- اختراعات الخدمة أو المهنة.
2- الاختراعات المختلطة أو العرضية.
3- الاختراعات الحرة أو الشخصية([xx]).
وبرغم التسميات المختلفة في هذا التقسيم إلا أنها لم تخرج في جوهرها عن مضمون التقسيمات التي تبناها الفقه الألماني التقليدي([xxi]).
ومهما يكن من أمر فقد تعرضت هذه النظرية التقليدية للعديد من الانتقادات أهمها ذلك المتعلق بالقول أنه لا يوجد اختلاف في طبيعة الاختراعات التي تسمى باختراعات المنشأة، وتلك التي تسمى باختراعات الخدمة؛ ففي اختراعات الخدمة – كما في اختراعات المنشأة – يوجد اتصال وتشابك بين عمل العاملين، يؤدي في النهاية إلى تحقيق الاختراعات، وهي تؤول جميعها إلى رب العمل.
وإذا كان من العسير تحديد نصيب مساهمة كل عامل في الوصول إلى اختراع المنشأة؛ فإنه لا يمنع من طرح أسماء جميع العاملين الذين ساهموا في التوصل إلى الاختراع وذلك في شهادة البراءة، أي أن تصدر باسمهم جميعا.
من جهة أخرى فإن الاختراع يمثل إبداعاً يعبر عن فكر مبدعه، حيث يجب أن ينسب إلى صاحبه، ومن غير المنطقي أن يتصور وجود أفكار ابتكارية للشخص المعنوي (المنشأة) ذلك أن الأفكار الابتكارية هي دائما ما تكون لأشخاص طبيعية.
هذا فضلا عن أن الأخذ باعتبارات المنشاة يهدر دوما حقوق العاملين الذين أسهموا في تحقيقها([xxii]).
وبرغم وجاهة هذه الانتقادات، إلا أن الموازنة بين مصالح العاملين وأرباب العمل تقتضي التخفيف من حدتها، خصوصا في ظل الرؤيا العامة التي يتصور فيها أن يتم التوصل إلى الاختراع عن طريق العمل أو باستخدام أدوات العمل، في الوقت الذي لا يعد الاختراع موضوعا لعقد العمل أو متعلقا به.
ولهذا فقد برز اتجاه حديث في تصنيف اختراعات العاملين يعتمد على التقسيم الثنائي لاختراعات العاملين هما اختراعات الخدمة والاختراعات الحرة تأسيسا على أن العامل قد يتوصل إلى الاختراع بناء على طلب من صاحب المشروع وقد يتوصل إليه من تلقاء نفسه وهو ما سنعرض له وذلك من خلال المبحث الثاني من هذه الدراسة.
المبحث الثاني:
النظرية الحديثة في وصول العامل إلى الاختراع
يرى أنصار هذه النظرية أن العامل قد يتوصل إلى الاختراع بناء على طلب صاحب المشروع، وقد يتوصل إليه من تلقاء نفسه، ولهذا فإن مظاهر التوصل إلى الاختراع من طرف العمال تصب كلها في هذين الشقين، فهي إما أن تكون اختراعات عمل، وإما أن تكون اختراعات حرة([xxiii]).
وتقام التفرقة بين اختراعات الخدمة والاختراعات الحرة –برأي هذا الجانب- في الوقت الذي لا يوجد فيه نص تشريعي يقضي على هذا الاختلاف.
وبالتالي فإذا قلنا بأن اختراع الخدمة هو الاختراع الذي يتحقق بناء على اتفاق صريح بين صاحب المشروع وبين العامل، فإننا نضيق جدا من معنى اختراع الخدمة، ونوسع بالتالي من معنى الاختراع الحر.
وإذا قلنا بأن اختراع الخدمة هو الاختراع الذي يتحقق بناء على اتفاق صريح أو ضمني بين صاحب المشروع وبين العامل، أو يتحقق بسبب عمل العامل في المنشأة حتى ولو لم يلتزم بتحقيقه([xxiv])؛ فإننا هنا نوسع من معنى اختراع الخدمة ونضيق بالتالي من معنى الاختراع الحر.
والواقع أن هذا الاتجاه يرد معيار التفرقة بين الاختراع الحر واختراع الخدمة إلى التشريعات الحديثة حيث يرجع هذا المعيار في أساسه إلى الاتفاق أساس الالتزام، سواء أكان ذلك صريحا أو ضمنيا.
وبناء على هذا الرأي فإنه إذا ما توصل العامل إلى الاختراع ودون أن يلتزم به صراحة أو ضمنا، حتى ولو أنه توصل إليه بسبب العمل الذي كان يقوم به عند مستخدمه، فإنه مع ذلك يبقى اختراعا حرا برأي هذا الجانب طالما أن العامل لم يلتزم به أصلا أو لم يوجد بينه وبين رب العمل اتفاق لغايات الوصول إليه وإنما جاء ذلك بطريق المصادفة. والعكس بالنسبة للاختراعات التي يتوصل إليها العامل بناء على اتفاق بينه وبين رب العمل حيث تعد اختراعات خدمة.
إلا أن هذه التفرقة تبقى معيبة ولا تقوم على معيار سليم برأينا في التفرقة بين اختراعات الخدمة وبين الاختراعات الحرة، ذلك أنه يجوز لرب العمل وفي أحوال معينة مطالبة العامل بالاستئثار بالاختراع أو بأن يكون له حق الشفعة على الاختراع إذا ما كان هذا الاختراع يهم حقل العمل لديه، ولو أن هذا الاختراع الذي توصل إليه العامل لم يكن نتيجة اتفاق بين العامل ورب العمل.
لهذا فقد برز اتجاه يتخذ من الدراسات والأبحاث معيارا في تحديد طبعة الاختراع فيما إذا كان اختراع خدمة من عدمه، حيث استند هذا الاتجاه على القول الذي يرى بأن الاختراعات التي تكون نتيجة دراسات وأبحاث، تكون اختراعات خدمة، أما تلك التي لا تكون نتيجة مثل هذه الدراسات والأبحاث فتكون اختراعات حرة([xxv]).
لذا نرى أنه برغم الاتجاهات الفقهية العديدة، واختلاف منظورها لاختراعات العاملين؛ فإن المنطق القانوني يقضي بضرورة العمل على الموازنة بين متطلبات العمال كطرف ضعيف دوما في العلاقة العقدية، و بين حاجات أرباب العمل التي يقف معها التسلط والإجحاف بحقوق العمال.
وبالتالي فإنه من الواجب العمل على بحث موقف التشريعات المقارنة وموقف المشرع الأردني، وتحديد مدى الاعتراف للعمال بالحقوق على الاختراعات التي يتوصلون إليها وفقا لمختلف الصور التي يمكن أن يتحقق فيها التوصل إلى الاختراع، خصوصا وأن المشرع الأردني تناول الاعتراف بهذا الحق في عدد من القوانين، فقد تناولته تشريعات العمل من جهة والقانون المدني من جهة أخرى، كما عملت تشريعات براءات الاختراع بدورها على احتواء هذا الموضوع وتنظيمه.
بالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو أي من هذه التشريعات يعمل به في حال وجد هناك تناقض بين أحدهما والآخر؟ وكيف عملت هذه التشريعات على بحث هذا الموضوع ومعالجته؟ فهل راعت مصالح العمال من جهة ومصالح أرباب العمل من جهة أخرى؟ وهل سارت على ما سار عليه الفقه بالنظر إلى صور الاختراعات التي يتوصل إليها العمال؟ وما هو المفهوم الذي عبرت به التشريعات عن اختراعات العاملين؟
كما أنه يجب أن لا نغفل البحث في موقف التشريعات المقارنة خصوصا وأنالعديد من هذه التشريعات حددت موقفها من خلال تنظيمها لهذا الموضوع، سواء بالاعتراف للعمال بالحقوق على الاختراعات التي يتوصلون إليها بصورة موسعة، أو من خلال النظرة السطحية التي تتسم بالبساطة وعدم إيلاء القدر الكبير لهذا الموضوع، ربما لأنها لا تعرف بعد بمثل هذه الاختراعات التي تفرض نفسها كواقع يجدر بالمشرع التصدي له والعمل على تنظيم مختلف الجوانب المحيطة به([xxvi])، أو لأن هذه التشريعات تجاهلت حقيقة حقوق العمال على الاختراعات التي يتوصلون إليها ولم تعمل على الاعتراف لهم بتلك الحقوق.
وعليه، فإننا سنعرض لمختلف هذه الجوانب القانونية وتحديد مواقف هذه التشريعات وذلك من خلال الفصل الثاني من هذه الدراسة.
الفصل الثاني:
الاعتراف القانوني للعامل بالحق في الاختراع
ساهمت المعطيات الاجتماعية والفكر الاشتراكي في حث جل المشرعين على إيلاء العمال قدرا كبيرا من الأهمية وذلك عن طريق وضع التشريعات القانونية الخاصة، والعمل على توفير عدد من الأحكام والأوضاع التي تحقق مصالح العمال في العديد من الجوانب التي تهم نشاطاتهم([xxvii]).
ولعل من الجوانب الهامة التي تعود بالآثار الإيجابية على العمال ما يتعلق بالاختراعات التي يتوصلون إليها في نطاق ممارساتهم لأعمالهم سواء ما تعلق منها بالاختراعات التي تشكل محور عقد العمل أو تلك التي تكون خارجة عن نطاق العقد أو الاتفاق.
ونظرا للدور الذي تلعبه الاختراعات باعتبارها محورا هاما في الاقتصاد، فضلا عن القيمة الاقتصادية الفعلية لها، فقد بات من باب أولى تحديد المركز القانوني لهذا النوع من الاختراعات التي لا يعرف مصيرها بدون تنظيم قانوني يصار إليه ، وكذا تبيان حقوق العمال فيها وإمكانية استئثارهم بها بموجب القانون.
وكما سبق القول أن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية في الشق المتعلق بالاختراعات لم تتطرق إلى هذا الجانب من جوانب التنظيم([xxviii])، كما هو الشأن بالنسبة لاتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (TRIPS) ([xxix])، فقد أصبح بالتالي البحث في التشريعات الوطنية والمقارنة أمرا غاية في الأهمية، وذلك لتحديد موقف هذه التشريعات من الاختراعات التي يتوصل إليها العمال، وتبيان الآلية التي صارت عليها هذه التشريعات في الاعتراف لهم بالحقوق عليها.
وبالنظر إلى مواقف هذه التشريعات نجد أنها عملت على تنظيم هذا الحق في قوانين مختلفة، منها قانون العمل والقانون المدني وقانون براءات الاختراع، مما يصار إلى القول إلى أن المشرع أولى هذا الموضوع جانبا من جوانب اهتماماته، إلا أنه يبقى التساؤل قائما حول الآلية التي تناولت فيها هذه التشريعات هذا الحق، وعن الاختلاف بين كل منهما في تناوله لهذا الأخير، سواء تعلق الأمر بالنسبة للتشريع المحلي أو بالنسبة إلى التشريعات المقارنة.
انطلاقا مما سبق فإننا سنعمل على بحث الآلية التي تعاملت بها مختلف التشريعات مع هذا الموضوع، ومدى الاعتداد بالحق المالي للعامل وكذا الحق المعنوي المتمثل في نسبة الاختراع إليه، وذلك من خلال مبحثين؛ نتحدث فيهما عن الاعتراف للعامل بالحق على الاختراع وفقا لأحكام نصوص قانون العمل باعتبار أن قانون العمل يشكل المرجعية بالنسبة لدعاوى الحقوق العمالية التي لها خصائص تميزها عن غيرها من الدعاوى (المبحث الأول)، ثم نبحث بعد ذلك عن نطاق الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع وفقا لأحكام نصوص قانون براءات الاختراع، (المبحث الثاني) باعتبار أن هذا الموضوع يدور وجودا وعدما حول البراءات التي يطالب العامل بالحقوق المترتبة عليها والتي تعد من المسائل المنظمة بموجب قانون البراءات.

المبحث الأول:
نطاق حق العامل في الاختراع وفقا لأحكام قانون العمل
يعتبر الاعتراف بالحق على الاختراع المقرر للعمال بموجب قانون العمل هو اعتراف من نوع خاص، ذلك أن قانون العمل يكفل حقوق هؤلاء باعتبارهم الطرف الضعيف في العلاقة العقدية، وذلك عن طريق وضع قواعد عامة تمس الواقع الاجتماعي، تاركا تفصيلات هذه القواعد إلى الجهات المختصة وفقا للأسس التي يقررها القانون وبما يتواءم وأحكامه([xxx]).
ونظراً لكون جانب هام من جوانب هذا التنظيم يتعلق بالاختراع الذي يتوصل إليه العامل بصوره المختلفة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تعامل المشرع في قانون العمل مع هذه المسألة؟ وما هي جوانب التماثل أو الاختلاف مع التشريعات المقارنة في تنظيمها لهذا الموضوع؟
الواقع أنه للإجابة عن كل هذه التساؤلات فإنه لا بد من تبيان المدى الذي تعترف به تشريعات العمل للعامل بالحق في الاختراع (المطلب الأول)، ثم تبيان مظاهر الحق في الاختراع سواء بالنسبة للعامل أو بالنسبة إلى رب العمل (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مدى الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع.
يتعلق الأمر في هذا المقام بتبيان الحد الذي اعترفت فيه تشريعات العمل للعامل بالحق في الاختراع.
ففيما يخص المشرع الأردني نجد أنه حتى عهد (1996) لم يكن ليعترف للعامل بالحق في الاختراع، ضمن نطاق نصوص قانون العمل القديم([xxxi])، أما بعد صدور قانون العمل بعد 1996([xxxii])؛ فقد ورد ضمن نصوصه مثل هذا التنظيم، في حين أن الوضع مختلف عما هو عليه في ظل التشريعات المقارنة([xxxiii])، ولهذا فإننا سوف نبحث مدى الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع قبل عام 1996 (الفقرة الأولى)، ثم نبحث نطـاق
حق العامل في الاختراع بعد عام 1996 (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مدى الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع قبل عام 1996.
الواقع أن البحث بمدى الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع ضمن مدّة زمنية دلالة على أن هناك اختلافاً في موقف القانون حيال هذه المسألة في التشريع الأردني، خصوصا وأنها المرحلة التي شهدت ولادة قانون عمل يراعي المعطيات الجديدة في ظل أوضاع سياسية وقانونية واجتماعية واقتصادية فرضت نفسها بقوة على المشرع كي يوقف العمل بالتشريع السابق كونه لا يواكب جل التطورات التي شهدتها الساحة والحياة العمالية في الأردن وعلى الساحة الدولية.
وإذا ما نظرنا إلى المرحلة السابقة على صدور قانون العمل لسنة (1996) نجد أن القانون الساري المفعول هو قانون العمل رقم (21) لسنة 1960، وأن هذا القانون خلو من أي نص ينظم الحق للعامل في الاختراع، ولهذا كان القانون المدني هو الكفيل بتنظيم مثل هذه الحالة وذلك من خلال نص المادة (820/1) ([xxxiv])منه والتي يتضح منها أن المشرع حصر صور استغلال رب العمل للاختراع في ثلاث حالات هي:
الحالة الأولى: اختراعات الخدمة
وهو الاختراع الذي يتوصل إليه العامل أثناء عمله إذا كانت طبيعة العمل تقتضي منه بذل الجهد لغايات الابتكار والتوصل إلى مثل هذا الاختراع([xxxv]). حيث يكون لرب العمل حق الاستئثار المادي بالاختراع كأثر مترتب على وجود الاختراع.
أما الحق المعنوي فالواقع أنه لصيق بالعامل على التأبيد لا يجوز له التنازل عنه أو الاعتداء عليه من طرف الغير لكونه لصيقا بشخصية صاحبه وهو العامل.
والواقع أن هذه الحالة يقابلها ما ورد النص عليه في القانون المدني المصري في المادة (688/1/2)([xxxvi])، ذلك أن هذا الأخير قرر اعتبار الاختراع الذي يتوصل إليه العامل هو حق لرب العمل إذا كان هذا الاختراع من قبيل الاختراع الخدمي، أي الاختـراع الذي
يكون فيه العامل مسلطا لكامل جهوده لدى رب العمل لغايات الابتكار والإبداع.
الحالة الثانية: الاتفاق بين العامل ورب العمل على أيلولة كل ما يتوصل إليه العامل –عرضيا- من اختراعات وابتكارات إلى رب العمل([xxxvii]).
ويقصد بالقول عرضيا هنا، هو أن عقد العمل ليس موضوعه التوصل أصلا إلى الاختراع ولكن يصار إلى الاتفاق بين العامل ورب العمل إلى اعتبار أن كل اختراع يتوصل إليه العامل أثناء تأديته للعمل ولو بطريق المصادفة أن تؤول فيه الحقوق المالية إلى رب العمل.
الحالة الثالثة: التوصل للاختراع نتيجة استخدام العامل لأدوات ومنشآت رب العمل.
والواقع أن هذه الحالة هي الأخرى مستنبطة من الاختراع الخدمي، ولكنها تختلف عنه في كون أن الأول يكون موضوع عقد العمل وهذا هو الأصل، أما الثاني فإنه ليس بالضرورة أن ينص عليه عقد العمل، لأنه من المحتمل أن يتوصل إليه العامل بطريق المصادفة وباستخدام أدوات ومنشآت رب العمل دون أن يكون هنالك اتفاق يقضي به.
والملاحظ أن الإمعان في هذه الحالات للوهلة الأولى يحكم عليها بأنها رتبت حقوق رب العمل بالدرجة الأولى على حساب حقوق العامل الطرف الضعيف في العلاقة العقدية، إلا أن المشرع ونظرا لما للاختراع من قيمة اقتصادية في بعض الأحوال، فقد قرر أنه في حال ثبت وتوافرت مثل هذه القيمة للاختراع فإنه يحق للعامل في جل الحالات السابقة المطالبة بمقابل خاص تراعى فيه مقتضيات العدالة وما قدمه صاحب العمل من معونة([xxxviii]).
والواقع أن هذا النص وإن كان يرتب اعترافاً للعمال بالحق في الاختراعات التي يتوصلون إليها، إلا أنه ترك الباب مفتوحا لاجتهادات الفقه والقضاء، بحيث إنه جاء بمعيار جديد للاختراع الذي يستطيع العامل الحصول على التعويض عنه بالقول بـ: "تلك التي لها قيمة اقتصادية كبيرة"، والواقع أن هذا يعد مفهوماً فضفاضاً يتسع ويضيق حسب الحاجة بحيث لا يسهم في حل لمشكلة المدى الذي يمكن الوصول إليه في تقرير حق العامل في الاختراع، كما أن إضافة المشرع بالقول أن العامل في مثل هذه الأحوال يستحق مقابلاً خاصاً تراعى فيه مقتضيات العدالة وما قدمه صاحب العمل من معونة؛ يفضي في غالب الأحوال إلى منازعة بين رب العمل والعامل كون أن تقدير مثل هذه المعونة أمر متروك إلى أهل الخبرة والمعرفة الذين يستعين بهم القضاء لتقدير أفق هذه المعونة([xxxix]). ولعل هذا هو ذات الوضع الذي سار عليه المشرع المصري في الفقرة (ج) من المادة (688) من القانون المدني المصري.
إذا كان هذا هو الوضع في المرحلة السابقة على استيعاب تشريعات العمل للاختراعات التي تحوز على هذه الصفة القانونية وذلك بموجب قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 فماذا بعد صدور هذا الأخير؟ وما هو الجديد بالنسبة للاختراع من هذا القبيل؟
الفقرة الثانية: نطاق حق العامل في الاختراع بعد عام 1996.
إذا كان عدم النص في تشريعات العمل سابقا مسوغاً للجوء إلى القانون المدني لتنظيم هذه الحالة، فإن الأمر مختلف عما هو عليه بعد صدور نص خاص هو نص المادة (20) من قانون العمل([xl]) حيث نصت في الفقرة (أ) منها بالقول: " مع مراعاة أحكام الفقرة (ب) من هذه المادة إذا توصل العامل إلى اختراع جديد فليس لصاحب العمل أي حق في هذا الاختراع ولو كان العامل قد استنبطه أثناء عمله على أن تعطى الأولية في شراء هذا الاختراع لصاحب العمل"
ثم نصت الفقرة (ب) من المادة أعلاه بالقول: " إذا كانت طبيعة الأعمال التي عهد بها إلى العامل تقتضي منه تخصيص جهده في الاختراع فللعامل أن يشارك في الحقوق المتعلقة بالاختراع بنسبة لا تزيد على (50 %) خمسين بالمائة منها ويراعى في تقدير هذه النسبة مقدار الجهد العلمي والمادي الذي قدمه العامل والمواد والأدوات والمنشآت وسائر التسهيلات التي قدمها صاحب العمل" نلمس من المادة أعلاه أن المشرّع حرص في قانون العمل على الاعتراف للعامل بالحق في الاختراع بقدر أكبر مما هو مقرّر لرب العمل، ذلك أنه قصر مشاركة رب العمل للعامل في الاختراع الذي يتوصل إليه هذا الأخير

([i]) سيد محمود رمضان: الوسيط في شرح قانون العمل، دار الثقافة، الطبعة الأولى 2004، ص269.

([ii]) تعبر براءة الاختراع عن الدليل المادي الذي يخول لمالكها حق الاستئثار بالاختراع والحقوق الأخرى على الاختراع. وقد وردت عدة تعريفات لبراءة الاختراع أهمها التعريف الذي يرى بأن براءة الاختراع هي "الشهادة التي تمنحها الإدارة لشخص ما، ويستطيع بموجبها صاحب البراءة التمسك بالحماية التي يضيفها القانون على الاختراع، راجع:محمد حسني عباس: الملكية الصناعية والمحل التجاري، دار النهضة العربية، 1971، ص 31، وهناك جانب آخر من الفقه يرى بأن براءة الاختراع هي: "الحق الذي يرد على ابتكارات جديدة كالمخترعات، الرسوم والنماذج، أو على شارات متميزة تستخدم إما في تمييزالمنتجات (العلامة التجارية)، أو في تمييز المنشآت التجارية (الاسم التجاري)، وتمكن صاحبها من الاستئثار باستغلال ابتكارهأو علامته التجارية أو اسمه التجاري في مواجهة الكافة": راجع: صلاح الدين عبد اللطيف الناهي: الوجيز في الملكيةالصناعية والتجارية، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان، الطبعةالأولى 1982، ص 20-23، وقد انتقد هذا التعريف على أنه يجمع بين عدة مواضيع واستقل كل واحد فيها عن الآخر وتدخل جميعها ضمن عناصر الملكية الصناعية، ولهذا تمتجاوزه، راجع: حلو أبو حلو ود. سائد المحتسب: مقدمة في الملكية الفكرية والحماية القانونية لبراءات الاختراع: بحثمقدم إلىالمؤتمر العلمي العالمي الأول حول المكية الفكرية من 10 – 11 تموز 2000م، منشورات جامعة اليرموك، عمادةالبحثالعلمي2001، ص 105، ويمكن إدراج التعريف الذي يقول بأن براءة الاختراع هي:" الوثيقة التي تصدرها الدولةللمخترعاعترافا منها بحقه فيما اخترع أو للمكتشف اعترافا منها بحقه فيما اكتشف، فبراءة الاختراع لا تعدو أن تكون شهادةرسمية –صك- تصدرها جهة إدارية مختصة في الدولة إلى صاحب الاختراع أو الاكتشاف، يستطيع هذا الأخير بمقتضى هذهالشهادة الاستئثار في استغلال اختراعه أو اكتشافه زراعيا أو تجاريا أو صناعيا لمدة محددة وبقيود معينة، راجع: صلاحزين الدين: شرح التشريعات الصناعية والتجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2003، كذلك راجع: احمد علي عمر: الملكية الصناعية وبراءات الاختراع، مطبعة الحماية – الإسكندرية- طبعة1993، ص31، وعلى نفسالمنوال سار قانون براءات الاختراع الأردني رقم (32) لسنة 1999 حيث عرف البراءة في المادة (2/4) منه بالقول بأنها"الشهادة الممنوحة لحماية الاختراع".

([iii]) صلاح الدين قورة: اختراعات العاملين والحقوق التي ترد عليها، دار النهضة العربية، 1970، ص2.

([iv]) محمد شريف أحمد: مصادر الالتزام في القانون المدني، مرجع سابق، ص 24-26.

([v]) تعد الاختراعات السبب المباشر في نشوء اتفاقية باريس لحماية حقوق الملكية الصناعية سنة 1883، حيث شكل اقتصار الحماية للاختراعات عند الحدود الإقليمية للدول التي تسجل فيها تلك الاختراعات، وكذا تباين واختلاف مواقف الدول في نطاق الحماية القانونية التي توفرها لتلك الاختراعات، فضلا عن عزوف معظم الدول عن المشاركة في معرض الاختراعات الذي عقد في فينا سنة 1873 سببا مباشرا في التفكير لآلية تتحقق من خلالها الحماية القانونية للاختراعات، حيث عقد على إثر ذلك مؤتمر في باريس سنة 1878 خص الملكية الصناعية حيث كان أبرز ما تمخض عنه الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي دبلوماسي لغايات تحديد قواعد الإطار التشريعي في حقل الملكية الصناعية، وانتهى الأمر إلى المؤتمر الذي عقد في 20/3/1883 في باريس والذي كان أبرز ما تمخض عنه ظهور اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية والتي أدخلت عليها عدة تعديلات فيما بعد:راجع : صلاح
زين الدين: شرح التشريعات الصناعية والتجارية، مرجع سابق، ص254- 256.

([vi]) أبرمت اتفاقية (TRIPS) في 15/4/1994 وذلك إثر التوقيع على الاتفاقية العامة في ميدان التجارة الدولية، حيث شكلت جزءا هاما من هذه الاتفاقية حين تم طرحها في مفاوضات التجارة العالمية الرامية إلى تعديل الاتفاقية العامة للتجارة (GATT) وذلك في نهاية دورة طوكيو منذ (1973) وحتى (1979)، ورغم الخلافات بين الدول النامية والمتقدمة على شكل ومضمون هذا الاتفاق، فقد استكمل في جولة "الأورجواي" (آخر جولات التجارة العالمية التي تمخض عنها التوقيع على منظمة التجارة العالمية) حيث ظهر في صورة اتفاق لمعالجة "الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية" وجاء التوقيع عليه كجزء من اتفاقية انشاء المنظمة العالمية للتجارة سنة 1994، راجع: عبد الله أمين غيث: منظمة التجارة العالمية واتفاقية (TRIPS): ورقة مقدمة إلى الندوة التي عقدت بالتعاون فيما بين المجمع العربي لحماية الملكية الفكرية وغرفة التجارة الدولية حول: قواعد الملكية الفكرية، عمان-الأردن، 18أيار 1998، صفحات متفرقة.
كذلك راجع: صلاح زين الدين: شرح التشريعات الصناعية والتجارية، مرجع سابق، ص265- 272.

([vii]) من هذه التشريعات نجد التشريع الإيطالي، حيث يعول على الوقت الذي يتم فيه التطبيق الفني للاختراع، ولا يعول على الوقتالذي يتم فيه ضبط الاختراع، وبالتالي فإن الاختراعحسب هذا الاتجاه- الذي توضع بذوره قبل التحاق العامل بالمنشأة، ويتمتطبيقه الفني بعد التحاقه بالعمل فيها، يكون من حق المنشأة ابتداء، والعكس بالنسبة للاختراع الذي توضع بذوره أثناء مدةخدمة العامل بالمنشأة، ويتم تطبيقه الفني بعد ترك العمل فيها، حيث يكون من حق العامل ابتداء والواقع أن هذا الموقف التشريعي تعرض للانتقاد على اعتبار أن وضع قاعدة عامة في هذا الشأن أمر صعب التحقيق، خصوصا وأننا نعلم أن تقرير الحق على الاختراع لا يستند فقط إلى الوقت الذي تحقق فيه، بل يستند إلى اعتبارات عديدةأخرى مثل التزام العامل بتحقيق الاختراع أو عدم التزامه بذلك، وصلة الاختراع المحقق بنشاط المنشأة التي تحقق فيها، ودورالفرص المتاحة في المنشأة في تحقيق الاختراع.

([viii]) صلاح الدين قورة، مرجع سابق، ص192.

([ix]) من التشريعات التي أخذت بهذا المبدأ نجد أن التشريع السويسري إذ يعول في ترتيب الحقوق في الاختراع على علاقة السببيةبين تحقيق الاختراع وبين نشاط العامل الذي يزاوله.

([x]) راجع:J.M.Mousseron: La commission national des invention de salaries- colloque I.N.O.I – mars 1984- Litec-Paris-1984- p.69.
ومن أنصار هذا الاتجاه يمكن ذكر أيضا شافان وبرين، نقلا عن موسرون، المرجع السابق، ص560.

([xi]) سميحة القليوبي: الملكية الصناعية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية 1996، ص42.

([xii]) صلاح الدين قورة، مرجع سابق، ص203.
راجع أيضا جلال خليل:النظام القانوني لحماية الاختراعاتونقل التكنولوجيا إلى الدول النامية، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، جامعة الكويت، الطبعة الأولى، 1983، صفحات متفرقة.

([xiii]) الواقع أن المخترع في هذه الحالة يقوم بإنجاز اختراع بناء على طلب من الغير الذي قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا، وأن الاتفاق بين الطرفين هو الذي يحدد مصير هذا الاختراع بنظر الفقه والتشريع، فمثلاً؛ حدد القانون رقم 130/78 في 26/11/1978 الفرنسي المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/1/1979 شروط التعامل مع الإدارة بشأن إنجاز اختراع لمصلحتها.

([xiv]) تجدر الإشارة إلى أنه حتى تكون تلك القيمة متوفرة بالنسبة للاختراع فإنه يلزم أن يمثل تقدما في الفن الصناعي القائم، وإلا لما اكتسب أصلا صفة الاختراع، فشرط الجدة والابتكار والقابلية للاستغلال الصناعي تجمع في ثناياها أن يعبر الاختراع عن هذا التقدم حتى يستحق البراءة عنه، راجع: سميحة القليوبي: الملكية الصناعية، مرجع سابق، ص52؛ كما أوضحت المحكمة الإدارية العليا ذات المعنى في حكمها الصادر سنة 1965 وذلك بالقول " يتضح من نص المادة الأولى لقانون البراءات أن المشرع يشترط لمنح البراءة أن يكون هنالك ابتكار أو اختراع...والمقصود بالاختراع هو تقديم شيء جديد للمجتمع أم إيجاد شيء لم يكن موجودا من قبل، وقوامه أن يكون ثمرة فكرة ابتكارية أو نشاطاً ابتكارياً يتجاوز الفن الصناعي القائم... ألخ": حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 1596 جلسة 3/4/965، مجموعة المبادئ، السنة الحادية عشرة ص641.
ومما تجب الإشارة إليه بهذا الخصوص إلى أن الاختراع لا تمنح البراءة عنه إلا إذا استوفى على سائر الشروط الشكلية والموضوعية التي تحددها تشريعات براءات الاختراع، وإذا تعلقت الشروط الشكلية جميعها بتلك الإجراءات التي يلزم اتباعها حتى يصار من خلالها إلى وصول طلب منح البراءة إلى الجهة المعنية في وزارة الصناعة والتجارة، فإن إغفال أي إجراء من تلك الإجراءات أو تجاهله من شأنه أن يؤدي إلى رفض قبول الطلب بداية، حيث لا يتم فحص الشروط الموضوعية إلا إذا استوفى الاختراع على تلك الإجراءات والتي تمهد الطريق لفحص الاختراع وتبين مدى شموله على الشروط الموضوعية التي تصب جميعها في ضرورة أن يحقق هذا الاختراع تقدما في الفن الصناعي القائم.
راجع: نوري حمد خاطر: شرح قواعد الملكية الفكرية (الملكية الصناعية)، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى 2005، ص70. كذلك راجع: عبد الله الخشروم: الوجيز في حقوق الملكية الصناعية والتجارية: دار وائل للنشر، عمان، الطبعة الأولى 2005، ص67 وما بعدها.

([xv]) من أنصار هذا الاتجاه: الفقيه ( سافينيه) ونعيم مغبغب في مؤلفه: الملكية الصناعية والتجاريةبراءة الاختراع- دراسة في القانون المقارن، منشورات الحلبي، الطبعة الأولى2003، ص110.

([xvi]) راجع سميحة القليوبي: الملكية الصناعية، مرجع سابق، ص43.

([xvii]) صلاح الدين قورة، مرجع سابق، ص305.

([xviii]) راجع بهذا الخصوص:J.M.Moussoron et Schmidt,Cass com,1996. p.18..
نقلا عن: نوري حمد خاطر: شرح قواعد الملكية الفكرية والصناعية، مرجع سابق، ص75.

([xix]) صلاح الدين قورة، مرجع سابق، ص 305.

)20( jean- michel wagret: brevets d'invention et porpritété industrielle,Edition Dalloz Paris , 2ém éd,1987, p.28-29.

(21) jean - michel wagret: brevets d'invention et porpritété industrielle,op- cit, p. 29.
أيضا يمكن توضيح ذلك من خلال ما جاء به القضاء الفرنسي وذلك في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في باريس بتاريخ 11/10/1979 بأن "عقد العمل بين (R) العامل والشركة (تجارة تقنيات) تشير إلى أن الأول لديه عقد عمل يعمل بموجبه مهندسا، وبعدها تولى مهمة مدير في الشركة ولم يرد في مهامه القيام بأي اختراع، وأن فكرة الاختراع التي تولدت لدى العامل بمناسبة عمل، ومع ذلك لا يعطي الحق للشركة في أن تدعي ملكيتها للاختراع، فالمعرفة النظرية العلمية التي اكتسبها العامل أثناء تأدية عمله عندما كان مهندسا لا تشكل منافسة مباشرة لرب العمل الذي لم يتمكن من إثبات أن العامل نفذ فكرته خلال ساعات العمل وفي محل العمل واستخدم أجهزة ووسائل عائدة له" وبناء على هذا الحكم فإننا نلمس صحة الفرض القائل بأن الفقه والقضاء الفرنسي يميز بين الاختراع الذي يتعلق بالنشاط الذي يمارسه العامل لدى رب العمل ويكون محوراً لعقد العمل، وبين الاختراع الذي لا يستخدم فيه العامل أدوات رب العمل ولا يشكل محل لعقد العمل كما لا يسبب منافسة لرب العمل، وبين الاختراع الذي قد يستخدم فيه العامل أدوات رب العمل ومعلوماته أو قد يسبب منافسة لرب العمل بفعل الخبرة التي اكتسبها العامل في العمل: وردت الإشارة لهذا الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في باريس لدى: نوري حمد خاطر في مؤلفه: شرح قواعد الملكية الفكرية – الملكية الصناعية، مرجع سابق، ص75.

([xxii]) صلاح الدين قورة، مرجع سابق، ص207-208.

)23 (L. CHAUVEAU,La protection des droits des salaries inventeurs. Etudes sur la propriétédustrielle, littéraire, artistique, Mélanges Marcel plaisantm paris, 1960,p.33 ets.

([xxiv]) مثال الاختراع الذي يتحقق بسبب عمل العامل في المنشأة ولم يلتزم العامل بتحقيقه، ذلك الذي يكون فيه العامل قد استفاد منالفرص المتاحة، أو يتحقق دون أن يلتزم العامل بتحقيقه ولكن تكون له صلة بنشاط المنشأة.

([xxv]) د. صلاح الدين قورة، مرجع سابق، ص241.

([xxvi]) تجدر الإشارة إلى أن الأردن لم تشهد بعد الصناعات الكبيرة التي تستدعي طرح هذه المشكلة بشكل كبير؛ إلا أنه وكما هومعروف فقد بدأت تظهر هناك العديد من المدن الصناعية على الساحة الأردنية والتي تعود رؤوس أموالها إلى مستثمرينأردنيين وأجانب، مما يعني أنه من الممكن أن تظهر هذه المشكلة وتعرف حدوداً أوسع مما هي عليه الآن.

([xxvii]) انظر في ذلك عبد الودود يحيى، شرح قانون العمل، دار النهضة العربية – القاهرة، الطبعة الثالثة 1989، ص13 وما بعدها. أنظر كذلك: إهاب إسماعيل: الوجيز في قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، الجزء الأول، مطبعة جامعة القاهرة، 1976، ص16.

([xxviii]) اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية سنة 1883.

([xxix]) شكلت هذه الاتفاقية جانبا هاما من جوانب اتفاقية التجارة العالمية لسنة 1994، وقد تم التوقيع عليها في 15 أبريل بمراكش المغربية لسنة 1994 باعتبارها جزءا من اتفاقية التجارية العالمية التي تم على ضوءها إنشاء منظمة التجارية العالمية (OMC).

([xxx]) غالب الداوودي: شرح قانون العمل وتعديلاته، دار وائل للنشر، الطبعة الثالثة 2004، عمان، ص5، 6.

([xxxi]) قانون العمل رقم (21) لسنة 1960.

([xxxii]) قانون العمل رقم ( 8 ) لسنة 1996.

([xxxiii]) لا زالت العديد من تشريعات العمل لم تتناول هذا الموضوع بالتنظيم، ومن هذه التشريعات قانون العمل القطري رقم (3) لسنة 1962، وقانون العمل العماني رقم34 لسنة 1973، وقانون العمل في القطاع الأهليالبحريني رقم (23) لسنة 1976، في حين أن هناك تشريعات أخرى نظمت هذا الموضوع وحددت معالمه.

([xxxiv]) تنص المادة 820/1 من القانون المدني الأردني بالقول: " إذا وفق العامل إلى اختراع أو اكتشاف جديد أثناء عمله فلا حق لصاحب العمل فيه إلا في الأحوال الآتية:
‌أ-إذا كانت طبيعة العمل المتفق عليه تستهدف هذه الغاية.
‌ب-إذا اتفق في العقد صراحة على أن يكون له الحق في كل ما يهتدي إليه العامل من اختراعات.
‌ج-إذا توصل العامل إلى اختراعه بواسطة ما وضعه صاحب العمل تحت يده من مواد أو أدوات أو منشآت أو أية وسيلة أخرى لاستخدامه لهذه الغاية"

([xxxv]) سيد محمود رمضان: الوسيط في شرح قانون العمل، مرجع سابق، ص270.

([xxxvi]) تنص المادة (688) من القانون المدني المصري بالقول:
1.إذا وفق العامل إلى اختراع جديد في أثناء خدمة رب العمل فلا يكون لهذا العامل أي حق في ذلك الاختراع ولو كان العامل قد استنبطه بمناسبة ما قام به من أعمال في خدمة رب العمل.
2.على أن ما يستنبطه العامل من اختراعات في أثناء عمله يكون من حق رب العمل إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تقتضي منه إفراغ جهده في الابتداع أو إذا كان رب العمل قد اشترط في
العقد صراحة أن يكون له الحق فيما يهتدي إليه من المخترعات.
3.إذا كان الاختراع ذا أهمية اقتصادية جديـة جاز للعامل في الحالات المنصـوص عليها في الفقـرة
السابقة أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقا لمقتضيات العدالة ويراعى في تقدير هذا المقابل مقدار المعونة التي قدمها رب العمل وما استخدم في هذا السبيل من منشآت "

([xxxvii]) م. (820/ب) من القانون المدني الأردني، ويقابلها م. 688/ب من القانون المدني المصري.

([xxxviii]) تنص م.820/2 من القانون المدني الأردني بالقول " على أنه إذا كان للاختراع أو الاكتشاف في الحالات السابقة أهمية اقتصادية كبيرة جاز للعامل أن يطالب بمقابل خاص تراعى فيه مقتضيات العدالة كما يراعى فيه ما قدمه صاحب العمل من معونة.

([xxxix]) إهاب حسن إسماعيل: الوجيز في قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، مرجع سابق، ص218، 219.

([xl]) قانون العمل رقم (8 ) لسنة 1996.
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 1215.doc‏ (289.0 كيلوبايت, المشاهدات 4)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
"دراسة, مقارنة", الاختراع, العالم


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع حق العامل في الاختراع "دراسة مقارنة"
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العالم العراقي "الدليمي" : تعرضت للتهديد بالقتل وسرقة ابحاثي من قبل "ايران" في الاردن Eng.Jordan الأردن اليوم 0 05-14-2015 03:11 PM
"مونسانتو" تشتري أكبر جيش من المرتزقة في العالم.. وتواصل "أبحاثها" في الأردن !! Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 07-29-2013 10:39 PM
بريطانيا تستأنف دعم الـ"بي بي سي" العربية.. و"هيغ" يعترف: العالم اختلف عما كان عليه في أكتوبر الماضي ام زهرة أخبار عربية وعالمية 0 06-25-2013 04:17 PM
دراسة: "خيار" like " أعجبني بفيسبوك قد يكشف أسرارك Eng.Jordan مواقع التواصل الاجتماعي 0 03-12-2013 07:39 PM
أموال "العالم" في خطر .. ديون "أمريكا" تنذر بكارثة مالية مع انطلاق 2013 Eng.Jordan أخبار اقتصادية 0 11-17-2012 07:31 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:57 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59