|
مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مسـتقبل الدراسـات المسـتقبلية!
انشغلت منذ أكثر من ثلاثة عقود بعلم المستقبل الذي كان في الستينيات مجرد مبحث علمي انضم إلي المباحث المتعددة في العلم الاجتماعي المعاصر. وقد عنيت بتتبع نشأته وتوزع أبحاثه بين مدرسة غربية وظيفية ومدرسة ماركسية نقدية, بالإضافة إلي بحوث نادي روما الشهير, الذي أصدر التقرير الذائع الصيت والذي أحدث دويا في العالم عن حدود النمو. ولأمر ما توقف منذ ما يقرب من عشر سنوات تتبعي المنهجي لبحوث هذا العلم الناشيء, وإن لم أتوقف بطبيعة الحال عن متابعة بعض الكتب المستقبلية المهمة, وأهمها ما كتبه ألفين توفلر الذي استطاع أن يضفي شعبية واسعة علي علم المستقبل من خلال ثلاثيته الشهيرة: صدمة المستقبل, والموجة الثالثة, وتحول القوة, يضاف إلي ذلك كتب ناينسبت وأهمها تيارات التغير الكبري. غير أنني عدت إلي الاهتمام بالدراسات المستقبلية مجددا منذ فترة قريبة. ولعل ذلك يرد إلي أنها تمر الآن بفترة إحياء ملحوظة بعد الأزمة العنيفة التي مرت بها عقب سقوط الاتحاد السوفيتي ونهاية عصر الحرب الباردة, وتحول النظام العالمي من نظام ثنائي القطبية إلي نظام أحادي القطبية, تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية بحكم قوتها العسكرية الفائقة, وتقدمها الاقتصادي والتكنولوجي علي السواء. والواقع أن ممارسة البحوث المستقبلية في عصر الحرب الباردة كان ميسورا إلي حد كبير. ذلك أن النظام العالمي في هذه الحقبة التاريخية كان يتسم بالثبات النسبي. فهناك عالم أول تمثله الولايات المتحدة الأمريكية والدول الرأسمالية الغربية أو ما كان يطلق عليها دول العالم الحر, وهناك العالم الثاني الذي يقوده الاتحاد السوفيتي ويضم بين جنباته الدول الاشتراكية أو ما كان يطلق عليها الكتلة الاشتراكية, وهناك أخيرا العالم الثالث الذي يضم الدول المتخلفة أو بالتعبير الدبلوماسي المهذب الدول النامية. كان الصراع الايديولوجي محتدما بين الرأسمالية والماركسية, وكان كل من المعسكر الغربي والمعسكر الاشتراكي يتوعد الآخر بقرب هزيمته النهائية وسقوطه التاريخي. وكان العالم الثالث متذبذبا, فبعض دوله تميل إلي تبني الأيديولوجية الرأسمالية, والبعض الآخر يميل إلي تبني الايديولوجية الماركسية أو الاشتراكية., نتيجة لهذا الثبات النسبي في الوضع العالمي, كانت مهمة الباحث المستقبلي ميسورة إلي حد ما, فهو يضع تنبؤاته في ضوء الامتداد المنطقي من الوضع الراهن إلي وضع مستقبلي, في ضوء حدوث تغيرات جزئية في النظم السياسية والاقتصادية تدور أساسا حول معدلات النمو الاقتصادي, ومعدلات التسليح, وامكانات المواجهات العسكرية الشاملة أو المحدودة, ونتائجها المحتملة. غير أنه لم تكن هناك بحوث مستقبلية تتجاوز هذا الأفق المحدود من التنبؤات إلي الطفرات الكبري, التي تتحدث عن هذا السقوط التاريخي لقوة عظمي كالاتحاد السوفيتي. كما حدث فعلا نحو عام1989, أو عن الانتصار النهائي الحاسم لقوة عظمي أخري كالولايات المتحدة الأمريكية. وهكذا حين سقط الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية سقط معه عديد من الدراسات المستقبلية, لأنها لم تستطع أن تتنبأ بجسارة بامكانية هذا السقوط, اللهم إلا الكتب الشهيرة للباحثة الفرنسية انكاس التي كان أحد كتبها الرائدة عنوانه بكل جرأة انفجار الامبراطورية والتي كانت هي بمفردها التي تنبأت بسقوط الاتحاد السوفيتي. وحين تحول العالم من الثنائية القطبية إلي الأحادية القطبية كان ذلك مجرد إشارة إلي تحولات عظمي في النظام الدولي الذي مر ولا يزال بفترة سيولة ضخمة, حيث سقطت قيم ونظم ومؤسسات, وانهارت دول قديمة, ونشأت دول جديدة, وهبت علي العالم الثورة العرقية التي أدت إلي تفتيت عديد من المجتمعات, كما أن تيارات الأصولية الدينية في اليهودية والمسيحية والإسلام سرعان ما ترجمت ـ في عديد من الأحوال ـ إلي حركات ارهابية مسرحها هو العالم كله, لا فرق بين دول متقدمة ودول نامية. وصيغت عبارة أصبحت عبارة تقليدية لوصف العالم الذي نعيش فيه باعتباره عالما يتسم بعدم اليقين وعدم القدرة علي التنبؤ. من الفردية إلي الجماعية ولعل هذا الوضع العالمي هو الذي أدي في العقد الأخير إلي احياء الدراسات المستقبلية, بالإضافة إلي نهاية القرن العشرين وترافق بداية الألفية الثالثة مع بزوغ فجر القرن الحادي والعشرين. ونحن نعرف أنه في نهاية أي قرن, تتفاعل عمليتان أساسيتان: تقييم القرن الذي مضي, واستشراف القرن المقبل. نحن إذن في صميم اللحظة التاريخية التي تزدهر فيها البحوث المستقبلية نتيجة تفاعل عمليتي التقييم التاريخي والاستشراف المستقبلي. ومما يلفت النظر بشدة أن عملية احياء الدراسات المستقبلية تتسم بأنها تحولت لتصبح نتاج مؤسسات كبري معنية بالمستقبل علي عكس الماضي الذي كان حافلا بإبداعات الباحثين المستقبليين الأفراد مثل توفلر و ناينسبت وكان. وإن كان هذا الماضي شهد ظهور نادي روما باعتباره مؤسسة بحثية تعني بالمستقبل أساسا, ولعله كان ارهاصا قويا بالتحول المقبل. في الوقت الراهن هناك مؤسسات كبري نشأت ومهمتها الأساسية هي استشراف المستقبل. وفي طليعتها. ـ في تقديرنا ـ المشروع الألفي الذي تديره جامعة الأمم المتحدة في طوكيو باليابان. وهذا المشروع يصدر منذ سنوات تقريرا سنويا باسم حالة المستقبل وآخر تقرير صدر عام1999. وميزة هذا التقرير والاستشرافات التي يتضمنها أنها حصيلة استطلاع آراء وقياس اتجاهات آلاف الباحثين والمتخصصين والمثقفين ورجال السياسة. فهو نتاج عمل ميداني بامتياز, لا يقنع بالتأملات النظرية لعدد محدود من الباحثين, ولكنه يغوص في الواقع مستكشفا, ومستكنها حالة العلم والتكنولوجيا, ومحللا الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية في مختلف مناطق العالم. واستطاع التقرير أن يضع يده علي خمسة عشر تحديا كونيا, ستجابه العالم في القرن الحادي والعشرين. وهي تحديات تتعلق بمجموعة مترابطة من المشكلات, في مقدمتها: كيفية تحقيق التنمية المستدامة لكل البشر, وكيف يمكن ضبط الصراعات حول المياه مع توفيرها لكل الناس, وكيف يمكن تحقيق التوازن بين النمو السكاني والموارد, وكيف يمكن للديمقراطية الأصيلة أن تنبع من قلب النظم التسلطية, وكيف يمكن لمنظور التخطيط الطويل المدي أن يدخل في صلب عملية صنع السياسات, وكيف يمكن للعولمة ونمو الاتصالات والمعلومات علي الصعيد الكوني أن تسخر لصالح خير الناس, وكيف يمكن وضع ضوابط أخلاقية للسوق, وكيف يمكن السيطرة علي ظهور أمراض جديدة وعودة الأمراض القديمة, وكيف يمكن ترشيد عملية صنع القرار, وكيف يمكن الاقلال من الصراعات العرقية والارهاب, وكيف يمكن للاستقلال المتزايد للنساء أن يحسن الوضع الإنساني, وكيف يمكن السيطرة علي الجريمة المنظمة, وكيف يمكن اشباع الطلب المتزايد علي الطاقة, وكيف يمكن ترشيد الثورات العلمية والتكنولوجية لتحسين الأوضاع الراهنة, وأخيرا كيف يمكن للاعتبارات الأخلاقية أن تدخل بشكل روتيني في صميم عملية اتخاذ القرارات الكونية؟ من هذا الاستعراض السريع, تتبين أهمية الاستشراف الجماعي للمشكلات والتحديات التي ستواجه الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. وإذا أضفنا إلي ذلك الجهود الرائدة لمنظمة اليونسكو في مجال استشراف المستقبل, لأدركنا أن صيغة التفكير الجماعي المستقبلي أصبحت الآن هي الصيغة السائدة في البحوث المستقبلية. ولعل أبرز جهد بذلته اليونسكو في هذا الاتجاه المؤتمر العالمي الذي نظمته في باريس في سبتمبر عام1989, وكان اسمه الدال حوارات القرن الحادي والعشرين. لقد جمعت اليونسكو في هذا المؤتمر أبرز العقول الإنسانية المعاصرة في العلم الطبيعي والاجتماعي والفلسفة والفن والأدب, لكي يستشرفوا التحديات التي ستواجه الإنسانية ونحن في بداية الألفية الثالثة. وقد دارت أبحاث المؤتمر حول خمسة موضوعات كبري. الموضوع الأول عنوانه تصور المستقبل وتضمن ثلاثة أسئلة: في أي زمن نعيش؟. وهل نشهد نهاية اليوتوبيا( المدينة الفاضلة)؟ أو نشهد صياغة يوتوبيات جديدة؟ والموضوع الثاني بعنوان بذور المستقبل. وأسئلته هي: هل نتجه إلي قرن صناعي( تحكم التكنولوجيا)؟ وهل نشهد نهاية للعقد الاجتماعي أم صياغة لعقد اجتماعي جديد؟ والموضوع الثالث يتعلق بمستقبل الأنواع ومستقبل الكون. وأسئلته هي: هل الغذاء سيكفي سكان العالم؟ وهل ستكفي المياه للشرب؟ وماذا عن توافر الطاقة لكل شخص؟ وماذا عن التلوث الكيميائي وتأثيره علي صحة البشر؟ وكان الموضوع الرابع عن مستقبل الثقافات. وأسئلته هل سيحدث صراع بين الثقافات, أو علي العكس تمازج وتفاعل بينها؟ وما هو مستقبل الميديا والاتصال؟ وما هو مستقبل التراث الثقافي في العالم, وما هو مستقبل اللغات؟ وكان الموضوع الخامس: حول هل نحن في بداية بعث ديمقراطي جديد؟ وأسئلته تدور حول اشكاليات التحضر, والصور الجديدة للتنمية, والتزايد السكاني وتصاعد موجات الهجرة. والموضوع الخامس والأخير عن التعليم في المستقبل وموضوعاته الثورة الصناعية الثالثة والعولمة, والآفاق الجديدة للتعليم, ومستقبل العمل ومستقبل الزمن. هذه اشارات عجل لهذا المؤتمر العالمي المهم الذي عقد في نهاية القرن استشرافا للقرن الجديد. وأيا كان الأمر, فقد دعاني إلي هذه النظرة الشاملة للدراسات المستقبلية, التعليق الذي دعتني الهيئة الانجيلية لتقديمه في احتفالية فكرية متميزة لصدور بحث الدكتور أحمد شوقي عن صورة المستقبل وكيف نرسم ملامحها والتي أصدرتها المكتبة الأكاديمية في سلسلة كراسات مستقبلية. كان لابد أن أعد نفسي للتعليق علي هذا البحث المتميز, قبل التطرق إلي مختلف المشكلات النظرية والمنهجية التي تواجه الباحثين الذين يهدفون إلي أن يكون المستقبل هو أساس اتخاذ القرار في الحاضر. بقلم : السيد يسين المصدر: ملتقى شذرات |
#2
|
|||
|
|||
رغم عدم انتشار العلم الا انني تشوقت الى البحث والمعرفة فيه وارجو هنا افادتنا بطرق التبحر في هذا العلم .
__________________
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مسـتقبل, المسـتقبلية!, الدراسـات |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|