العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2013, 10:19 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي تذويب القضية في "الأسيد"!





ممدوح الشيخ
لا تكاد توجد قضية سياسية في التاريخ المكتوب الذي نعرفه تعرضت لما تعرضت له القضية الفلسطينية من محاولات للتصفية بأشكالها المختلفة، وهي ربما تقارن – رغم الفارق في الاتساع الجغرافي – بحجم الأدبيات والمخططات التي عرفها التاريخ الغربي الحديث فيما يتصل بالدولة العثمانية عندما أطلق عليها "الرجل المريض". ومع كل منعطف مهم في العلاقات الدولية كانت القضية تصعد إلى الواجهة، ولعلها تحركت إلى الواجهة للمرة الأخيرة عقب حرب الخليج الثانية (مدريد 1992).

وبعد الربيع العربي أصبح هناك تخوف حقيقي في الغرب من مواجهة دولية كبيرة بين الشرق والغرب حول القضية، صحيح أن هذه المواجهة لا تبدو واردة في الأجل المنظور، إلا أن "شبحها" يبدو واضحاً للنظرة المدققة في تحركات دولية وإقليمية متعددة، وهي تحركات دفعها ما تشهده المنطقة مع صعود الإسلاميين وبالتالي طي صفحة كاملة من تاريخ المنطقة.

ومن السيناريوهات التي طرحت عدة مرات كمدخل "يبدو" مقبولاً سيناريو الكونفيدرالية، وهو في الحقيقة ليس حلاً سياسياً يمكن تقييمه موضوعياً بحساب المكاسب والخسائر، بل هو في الحقيقة عمل منظم لــ "تذويب القضية في الأسيد" على طريقة بعض الأنظمة العربية التي طوى الربيع العربي صفحتها في التعامل مع المعارضين!

وما يطرح حالياً عن عزم "رام الله" طرح خيار كونفيدرالية أردنية فلسطينية هو نسف لكل ما تحقق فلسطينياً خلال ما يقرب من ربع قرن مضى منذ الانتفاضة الأولى (1987). وبعيداً عن اعتبارات التقييم المبدئي التي تجعل هذا الخيار مرفوضاً رفضاً تاماً، يمكن اكتشاف قائمة طويلة جداً من الخسائر التي يشير إليها أي تقييم براجماتي!

فمن الناحية العملية يجري التفكير في الفيدرالية في ظل عواصف عاتية تهدد جدياً بإعادة رسم الخرائط في الهلال الخصيب كله، وهي عاصفة من المؤكد أن أحداً من المخلصين لا يتمنى هبوبها، لكنه في الوقت نفسه لا يمكنه تجاهلها كخيار وارد يمثل "السيناريو الأسوأ". وبشكل براجماتي تماماً دون الاحتكام إلى أي معيار مبدئي: ما دلالة التفكير في هذه اللحظة في كونفيدرالية مع الأردن؟!

وعلى مستوى الدلالات السياسية لهذا الخيار فلسطينياً، فإنه ينطوي على نوع من الانتحار السياسي غير المفهوم على الإطلاق، فالمصالحة الفلسطينية هي الملف الأجدر بالاهتمام والأولى بأن ينفق فيه الوقت والجهد، فضلاً عن أن وحدة المسار الفلسطيني/ الفلسطيني لا تقارن بأية رهانات أخرى، ولا شك في أن طرح خيار الفيدرالية يصبح جريمة في حق القضية إذا كان نوعاً من الهرب إلى الأمام من استحقاقات المصالحة الفلسطينية!
وأخشى أنه بالفعل كذلك.

وحسب دراسة للسفير الفلسطيني الأسبق في تركيا المؤرخ المعروف الدكتور ربحي حلوم فإن هذه الكونفيدرالية ستكون "حاجزاً أمنياً" يحمي الكيان الصهيوني بل ربما أصبحت جسراً لتوسع المصالح الإسرائيلية عربياً. والنقاش كله في الحقيقة يقرع جرس إنذار للتحذير من أن اللاجئ الفلسطيني يوشك أن يكون خارج حسابات القرار الفلسطيني في رام الله. فلا التراب الوطني تم تحريره، ولا حدوده تم ترسيمها، ولا حقوق أبنائه المسلوبة تمت استعادتها على أي نحو، ما يعني أن الكونفيدرالية ستكون – عملياً – لحظة فارقة بين ما حدث قبلها وما سيحدث بعدها، وكأن ما تم إنجازه فلسطينياً منذ الانتفاضة كان مجرد قربان على مذبح المجهول.

ومن الناحية العملية الخالصة لم تكن الفيدرالية مستحيلة لسنوات مضت، وبناء على أرضية الانحياز إليها، لم يكن هناك مبرر لكل التضحيات التي قدمها الفلسطينيون وللحروب التي تعرضت لها لبنان – مثلاً – منذ الاجتياح الصهيوني عام 1982، فما قيمة خيار سياسي مرفوض بناء على أي تقييم مبدئي وخاسر بحسابات البراجماتية السياسية؟

وتذويب القضية الفلسطينية في الأسيد ليس حلاً، وهو بالطبع ليس حلماً ولا أملاً ولا أفقاً للمستقبل، والخيارات التي تعكس فقدان البصيرة لا تستحق الرفض وحسب، بل تستوجب التأمل والنقد والنقض، وتستوجب – دون أدنى شك – بكاءً مريراً على الشهداء!

والبكاء فعل نبيل لم يترفع عنه الرسول- صلى الله عليه وسلم-. فابكوا وارفضوا وتذكروا دائماً أن فلسطين حقيقة من حقائق الجغرافية والتاريخ والسياسة والحضارة، وأن حدودها محفورة في الوجدان، ومثل هذه الحقائق من الرسوخ بحيث يستحيل على أي يد آثمة أن تتمكن – مهما حاولت – من تذويبها في الأسيد!.


صحيفة فلسطين
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المسجد, القضية, تذويب


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تذويب القضية في "الأسيد"!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ترامب لا يمانع في بناء المزيد من "المستوطنات" الصهيونية عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 11-11-2016 07:51 AM
السلطات الإيرانية تغلق المسجد الوحيد للسنّة في مدينة "مشهد" عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 05-31-2016 07:06 AM
السجن المشدد 7 سنوات لـ"أبو إسماعيل" بقضية تزوير جنسية والدته عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 04-17-2014 06:46 AM
مرابطو الأقصى يطردون "موشيه فيجلن" من باحات المسجد عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 03-20-2014 01:43 PM
ماذا يعني فرض السيادة "الإسرائيلية" على المسجد الأقصى؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 03-04-2014 07:55 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59