كتشاف مقبرة فرعونية مزينة بنقوش لأسطول من 120 قاربًا

لأسطول , مسيئة , مقبرة , بنقوش , فرعونية , قاربًا , كتشاف

كتشاف مقبرة فرعونية مزينة بنقوش لأسطول من 120 قاربًا


"لقد دُهشنا عندما عثرنا على هذه الغرفة"، هكذا عبر عالِم المصريات الأمريكي <جوزيف واجنر> -من جامعة ولاية بنسلفانيا- عن اكتشافه المهم لمقبرة تضم مركبًا جنائزيًّا بالقرب من مقبرة الملك <سنوسرت الثالث> بأبيدوس، غرب مدينة البلينا، بمحافظة سوهاج.
يقول واجنر: "وجدنا رسومات بديعة وواضحة لمراكب مختلفة على جدران ناعمة، تستطيع أن تميز بوضوح أجزاءها من صوارٍ وأشرعة وكبائن ومجاديف".
وتقع المقبرة في غرفة منفصلة تحت الأرض، يبلغ طولها 21 مترًا، وعرضها 4 أمتار، وعلى بعد 65 مترًا غرب مقبرة سنوسرت الثالث.
وتحتوي المقبرة على بقايا مركب جنائزي ملكي، كان طوله الأصلي حوالي عشرين مترًا، وكان يُستخدم في المراسم الجنائزية للملك في أبيدوس. ووفق واجنر فإن هذه الرسومات ربما تصور أسطول الفرعون نفسه أو المراكب في مصر القديمة بشكل عام.
وكشفت دراسة تحليلية أجراها واجنر لهذه الغرفة أن عمرها حوالي 3800 سنة، وجدرانها مزينة بلوحات فرعونية ومئات من الرسومات "الجرافيتى" تمثل أكثر من 120 مركبًا جنائزيًّا من مختلِف الأشكال والأحجام التي تتراوح أطوالها بين عدة أمتار وحتى ثمانية سنتيمترات، فضلًا عن مجموعة من الرسومات التي تمثل أنواعًا من الحيوانات مثل الغزلان والأبقار. كما تحتوي الغرفة كذلك على بقايا خشبية لمراكب جنائزية قديمة.وعن أهمية هذا الكشف يؤكد واجنر أنها المرة الأولى التي يوجد فيها هذا العدد الكبير من السفن المنقوشة في مقبرة واحدة، ما اعتبره دليلًا جديدًا على أن دفن المراكب بالقرب من مقابر الملوك أو الجبانات الجنائزية الملكية كان طقسًا مصريًّا قديمًا. ويضيف: "يرجح وجود هذه المراكب، ومنها الجنائزية أن الملك سنوسرت الثالث دُفن في أبيدوس، وليس في هرمه في دهشور كما يعتقد البعض".يقول الأثري وليد السيد: إن سنوسرت الثالث بنى مقبرتين لنفسه، يحاول علماء الآثار حتى وقتنا هذا إثبات في أيٍّ منهما تم دفنه، الأولى تقع في أبيدوس، حيث اهتم الملك سنوسرت الثالث بأبيدوس وبنى بها مدينة ومعبدًا لأنها معقل عبادة أوزيريس، أما الثانية فهي الهرم الذي شيده في منطقة دهشور جنوب الجيزة، والمعروف بالهرم الأسود.
أجمل المقابر الملكية
وتُعَد مقبرة سنوسرت الثالث أول مقبرة ملكية مخفية تحت الأرض، أي ليس فوقها هرم، وهي واحدة من كبريات المقابر الملكية في مصر القديمة، إذ يبلغ طولها حوالي 180 مترًا. واكتشف المقبرة للمرة الأولى، عالم الآثار آرثر ويجل، عام 1901، لصالح صندوق استكشاف مصر، ولكن انهيار سقف المقبرة في ذلك التوقيت حال دون استكمال أعمال الكشف والترميم. حتى كان عام 2006 حين عادت البعثة الأثرية التابعة لجامعة بنسلفانيا لاكتشاف المقبرة بناءً على دراسات مستفيضة من الجامعة ذاتها وبالتعاون مع وزارة الآثار المصرية.
ووفق واجنر وفريقه الأثري، فقد كانت أعمال إزالة مئات الأطنان من الركام الذي كان يسد مدخل مقبرة الملك سنوسرت الثالث بأبيدوس من أصعب المراحل التي تطلبت الكثير من الوقت ومعاونة مئات العمال من المنطقة.
وتُعَد المقبرة بعمارتها وغرفها المشيدة من الحجر الجيري والكوارتز، والمزينة بالنقوش والرسومات، من أجمل المقابر الملكية. وقد تعرضت أجزاء من المقبرة لكثير من التلفيات من جرَّاء السرقة والنهب في العصور القديمة. يقول واجنر: "لقد اكتشفنا مئات القطع من الخزف والفخار، نعمل حاليًّا على دراستها لمعرفة طبيعة المقبرة وتكوينها وتاريخها، إذ نعتقد أن هناك أجزاءً من المقبرة لم تُكتشف بعد".
جبانة أبيدوس الملكية
يقول <جمال عبد الناصر>، مدير آثار البلينا بسوهاج: إن مقبرة الملك سنوسرت الثالث تقع بجبل أنوبيس، جنوب أبيدوس، والذي يُعَد جبانة ملكية كاملة تحتوي على مقابر لما لا يقل عن 11 ملكًا، بدءًا من سنوسرت الثالث وحتى نفر حتب الأول وسوبك حتب الرابع من الأسرة الثالثة عشرة.
ولعل أبرز الاكتشافات الأخيرة بهذه الجبانة هي المقبرة الخاصة بالملك سنب كا من عصر الانتقال الثاني عام 1650ق.م، والتي قامت بها أيضًا البعثة الأمريكية المصرية المشتركة.
أعظم فراعنة الدولة الوسطى
يقول الأثري وليد السيد: إن الملك سنوسرت الثالث الذي حكم مصر في الفترة ( 1878- 1839 ق.م )، يُعَد من أعظم فراعنة الأسرة الثانية عشرة بالدولة الوسطى، وقد أسماه الإغريق "سيزوستريس الثالث"، وهو ابن الملك سنوسرت الثاني.
اعتلى سنوسرت الثالث العرش لمدة حوالي 35 عامًا، وصلت فيها مصر إلى أعلى مراتب الشرف، حيث توالت بها الإنجازات، واحدة تلو الأخرى، وعم الرخاء أنحاء البلاد.
ويضيف السيد أن سنوسرت الثالث يُعَد من أكبر الغزاة الذين خاضوا حروبًا طاحنة دفاعًا عن حدود مصر من جهة الجنوب ضد السودان، ومن جهة الشمال ضد الآسيويين، غير أن الحروب التي خاضها جنوبًا كانت شغله الشاغل طوال مدة حياته. وقد واصل سنوسرت الثالث توسيع المملكة المصرية الوسطى في النوبة (من 1866 ق .م حتى 1863 ق.م).
ووفق السيد، اهتم سنوسرت الثالث بالعمران في البلاد، فأقام العديد من القلاع النهرية الضخمة، منها: بوهن وتوشكى، ووصل حتى الشلال الثالث. كما بنى قلعتي سمنة وقمنة لحماية مصر الجنوبية والغربية. كما يرجع إليه الفضل في إنشاء أول قناة مائية تربط ما بين البحر الأحمر والمتوسط عن طريق النيل سميت "قناة سيزوستريس". كما أقام سنوسرت الثالث مسلة سجل عليها عن طريق النقوش والرسومات إنجازاته الحربية في كل من النوبة وفلسطين، كما بنى سنوسرت الثالث قلعة في مدينة "بيبلوس" الفينيقية.

المصدر: ملتقى شذرات