#1  
قديم 12-11-2016, 12:19 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي كيف أصبح الدولار الأمريكي «الذهب الجديد»؟




ساسة بوست - محمد العتر
رُبما بدر إلى ذهنك في وقتٍ ما، تساؤل عن سبب ورود ذكر الدولار الأمريكي في مُعظم التعاملات الاقتصادية العالمية: قياس قيمة عُملة ما بالنسبة إلى الدولار. سعر الذهب بالنسبة إلى الدولار؛ بالجملة، استخدام الدولار كمقياس اقتصادي عالمي. ورُبّما بدر إلى ذهنك أيضًا أنّ ذلك عائد إلى مركزية الدور الأمريكي في العالم، قُوّتها المُتعدّية، ونشاطها العابر للقارات؛ اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وبالطبع عسكريًّا.

لكن، لنعد خُطوةً إلى الوراء للوصول إلى السؤال الصحيح، فالإجابة الأصح: هل النفوذ السياسي الأمريكي وراء قُوّة الدولار، أم قُوّة الدولار وراء النفوذ السياسي الأمريكي؟

في البدء، كيف ظهرت عُملة الدولار الأمريكي؟


في البداية كان سُكان المُستعمرات الأمريكية، يستعملون العُملات الأوروبية لتداول السلع فيما بينهم. وقد شاب ذلك الأمر العديد من التطوّرات الخاصة ببسط نفوذ كل دولة أوروبية داخل القارة الأمريكية. فمثلًا، عندما بدأت تتبلور الأصوات الأمريكية المُطالبة بالاستقلال عن أوروبا، وتحديدًا إنجلترا صاحبة النفوذ الأوسع هُناك، عمدت الأخيرة إلى إصدار قوانين تحدد استخدام سندات دَين إنجليزية فقط كوسيط في عمليات البيع والشراء.

وقد كانت هذه التحركات الإنجليزية، لإعادة السيطرة على السوق الأمريكية، التي اتجهت في بعض الولايات إلى طبع عُملات خاصة. بدأ ذلك عند ولاية ماساتشوستس عام 1652، والتي بدأت كعملة فضّية سُمّيت الجنيه الماساتشوستسي، مُكوّنًا من 20 شلِنًا، كُلّ شلن من 12 بنسًا، قبل أن تتحوّل العُملة الفضية إلى ورقية، وبقيمة عالية، إذ كانت 6 شلنات من تلك العُملة تُساوي دولارًا إسبانيًّا. هكذا تكرر الأمر في عدّة ولايات أُخرى، أصدرت عُملاتها الخاصة، التي احتفظت بقيمتها المُرتفعة في مُقابل عُملات أوروبية كبيرة، قبل أن تجتمع في وحدة واحدة، هي الدولار الأمريكي مع ظهور أمريكا المُوحّدة (الولايات المُتحدة الأمريكية).


مع الثورة الأمريكية، التي تأسست على أثرها الولايات المُتحدة الأمريكية، ذهب الآباء المؤسسون (متمثلين في الكونجرس) إلى اعتماد عُملة معدنية مُوحّدة أسموها الدولار الأمريكي. كان ذلك ما بين عامي 1794 و1795، بعد أن أسسوا لنظام نقدي خاص بالدولة الناشئة. لكن واجهتهم مُعوّقات سحب العُملات الأخرى من السوق، والتي ظلّ التداول بها فترة من الزمن ليست قليلة، حتى استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية، مع بداية القرن التاسع عشر، خوض غمار تجربة إصدار عُملات ورقية.

الأمريكي «الذهب الجديد»؟ 080415_0952_2.jpg


أوّل دولار أمريكي، سُكّ عام 1794





ماذا تعرف عن “قاعدة الذهب”؟


ببساطة، قاعدة الذهب هي أن يَتَوفّر للبنك المركزي الخاص بكل دولة احتياطي من الذّهب يُساوي المُنتَج من النّقد الورقي، بحيث يحق لمن لديه من النقد الورقي مقدار الحد الأدنى من مقابله الذهبي، أن يستبدل النقد الورقي بالذهب، وفقًا للقوانين المًنظّمة لذلك في كل دولة، والأسس العامة لقاعدة الذهب.

وقد تم اعتماد هذه القاعدة دوليًّا منذ الثلث الأخير من القرن التاسع عشر تحديدًا من عام 1876، بينما حسمت الولايات المُتحدة الأمريكية قرارها بتطبيق قاعدة الذهب، بدايةً من عام 1900، بحيث بات الوزن الذهبي للدولار (أي مُقابل الدولار للذهب) هو 0.88 جرام من الذهب تقريبًا، فتصبح أوقية الذهب تُساوي 35 دولارًا. لكن عملية التبديل من الدولار إلى الذهب لم تكن مفتوحةً طوال الوقت، وإن كان على البنك المركزي الاستعداد باحتياط يُساوي النّقد المصروف في السوق، إلا أنّ القوانين اشترطت حدًّا أدنى لإجراء عملية التحويل، وهو أن تكون العملية على 400 أوقية ذهب على الأقل، أو مُضاعفاتها.

كان الغرض الأساسي لقاعدة الذهب، إيجاد وسيط عالمي فعّال في المبادلات التُجارية والمالية الدولية. وكذا مِقياس للقوة الشرائية لكل عُملة على المستوى الدولي، باعتبار استقرار الذهب كمعدن ثمين بالنسبة للاقتصاديات العالمية المُختلفة.


ظلّ العمل على قاعدة الذهب حتى اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى، حينها أوقفت العديد من الدول الأوروبية اعتماد تطبيق قاعدة الذهب، وذلك للخلاص من القيد الحاكم لطبع النقود، التي كانت الدول في أمس الحاجة إليها لتمويل الحرب. هذا الأمر أدى إلى نشوء تضخم عام شديد، ومع الدمار الذي أورثته الحرب للدول المُشاركة فيها، وانهيارات اقتصادية بالجملة، أضعفت العُملات، وصعّبت من عملية إعادة اعتبار الذهب كمُقيّم للنقد الورقي. في المُقابل كانت الولايات المُتحدة الأمريكية تمر بفترة ازدهار اقتصادي قائم على دعم الدول المُتحاربة بالصناعات اللازمة، مدفوعة الأجر بالطبع، في مُقابل عدم خوضها غمار الحرب. أي بالجملة، يُمكن القول إن الولايات المُتحدة خرجت بمزيد من الأرباح حققت لها استقرارًا دفعها نحو الريادة الاقتصادية العالمية، كما يتضح من لجوء دولةٍ كبريطانيا لأمريكا، للاستدانة منها، فيما عُرف ببعثة الاستجداء عام 1917.


نظام بريتون وودز.. أو كيف تحوّل الدولار إلى الذهب الجديد؟


بعد الحرب العالمية الثانية، خرجت الولايات المُتحدة الأمريكية مُكشّرة عن أنيابها. كانت قد مرت بُعيد الحرب بفترة الكساد العظيم، الذي استطاعت الخروج منه أقوى مما كانت عليه. لتدخل الحرب العالمية الثانية كرقم صعب استعمل للمرة الأولى والأخيرة في التاريخ البشري، القُنبلة النووية!

خرجت مُعظم الدول التي شاركت في الحرب – سواءً دول المحور أو دول التحالف- واقتصاديّاتها مُدمّرة بشكل شبه كُلّي. الوحيدة – كما ذكرنا- التي خرجت من الحرب قويّة، هي الولايات المتحدة، وذلك لعدة أسباب، من بينها مُشاركتها في الحرب من بعيد، على عكس دول أوروبا التي كانت في قلب أحداث الحرب، ما عرضها للتدمير المُباشر. ومن بين الأسباب أيضًا، قدرتها على خلق اقتصاد حربي مُوازٍ لدعم وتمويل الحرب، دون إضعاف للاقتصاد المدني، على عكس من اضطروا إلى إعادة هيكلة اقتصادهم سريعًا لاقتصاد حربي قادر على تمويل الحرب بما يلزم.

لجأت دول أوروبا، وعلى رأسها إنجلترا، إلى الولايات المُتحدة الأمريكية مرة أخرى، لتدارك الخطر المُحدق باقتصادها. هذا اللجوء الثاني، هو ما يُمكن اعتباره الدفعة التي نقلت الولايات المُتحدة إلى صدارة الموقف العالمي، كبديل مُستحق للإمبراطورية البريطانية. وفقًا للاقتصادي البريطاني الشهير، جون كينز، وممثل الجانب البريطاني في المُفاوضات مع أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، فقد كانت الولايات المُتحدة تتجه نحو “استخدام منح قروض ما بعد الحرب كفرصة لفرض التصوّر الأمريكي للنظام الاقتصادي العالمي”.

الأمريكي «الذهب الجديد»؟ 080415_0952_3.jpg

جون كينز ممثل الجانب البريطاني في المُفاوضات (يمين)، وهاري ديكستر وايت، الممثل المالي الأمريكي في المُفاوضات وصاحب فكرة نظام بريتون وودز (يسار)




عُقدت تلك المُفاوضات عام 1944، بمشاركة 44 دولة في الولايات المتحدة الأمريكية. خرجت المُفاوضات بما عُرف بنظام “بريتون وودز” الذي يُمثل الخُطة الأمريكية لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي، في مُقابل الخطة البريطانية التي وضعها كينز. أُسس على أثر النظام الموضوع، عدة مؤسسات مالية دولية، على رأسها صندوق النقد الدولي. الأهم من ذلك أنّه اشترط أن تربط كل دولة عملتها إما بالذهب أو الدولار. من هُنا أصبح الدولار “ذهبًا جديدًا” وانطلق كعملة ذات سيادة دولية. ويكفي أن تعلم أنّ الرصيد المالي العالمي قُدّر وقتها بنحو 38 مليار دولار، امتلكت الولايات المُتحدة وحدها من هذا الرقم، نحو 25 مليار دولار، أي ما يُمثّل ثُلثي الرصيد المالي العالمي إذا ما قيس بالذهب التقليدي أو بالذهب الجديد.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أصبح, الأمريكي, الجديد»؟, الدولار, «الذهب


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع كيف أصبح الدولار الأمريكي «الذهب الجديد»؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
موتُ الدولار Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 11-22-2013 03:32 PM
القاعدة والمشرط الأمريكي يستعدون لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد Eng.Jordan مقالات 2 08-20-2013 12:59 AM
الدولار قرب أعلى سعر في 5 أسابيع عبدالناصر محمود أخبار اقتصادية 0 07-05-2013 07:01 AM
العملة الصينية تقفز إلى مستوى قياسي جديد أمام الدولار الأمريكي عبدالناصر محمود أخبار اقتصادية 0 06-05-2013 09:12 AM
البنوك تضع ضوابط لبيع الدولار يقيني بالله يقيني أخبار اقتصادية 0 02-07-2012 07:26 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:46 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59