#1  
قديم 11-17-2013, 08:52 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الغارفون من تويتر



مجلة القافلة -
عبدالله السفر

أشفق على كثيرين من كتّاب المقالات والزوايا الأسبوعيّة في صحفنا المحليّة، حين يعيدون تعويم حدثٍ أو مناسبة أو خبر، فيما هذا قد «فطس» في مياه شبكات التواصل الاجتماعي، على اختلاف أنواعها، وغابَ أثره مطويّا في زحامٍ جديد لا يفتأ يتكاثر بالجاد والطريف والغريب والمألوف.. وبما يزخر به واقعنا المحلي أو العالمي من تسارع حدثي وخبري لا يترك فسحة للأنفاس، ولا للأصابع تدرج على جهاز المحمول تسجّل الانطباع اللحظي أو تعلّق على المفارقات التي تثيرها الواقعة على نحوٍ ناقد أو ممالئ أو ساخر أو حتى يائس؛ كتلة هائجة تضرب من جميع الجوانب بأسلوب برقيّ، يلتقط الإشارة التي تهمّه ويسير وفقَها بما تمنحه أفكاره ومرجعيّاته، وكذلك بما تفرضه حالته النفسيّة والاجتماعية.
ثمّة خارطة كاملة بخطوط كنتور توضّح المزاج العام والفئوي، وفيها تجري ليس قراءة الحدث وحسب، ولكن ما يعتمل في نفس قارئه وتقييمه الذي تهجس به مواجعه أو تناوشه آماله. حيث نحن ليس بإزاء عينٍ تقرأ وتغمض وتمر مروراً كريماً يقلب صفحة الحدث إلى غيره دون موقف أو تعليق شأنَ من يقرأ جريدة أو مجلة أو كتابا أو يطالع إعلانا أو نشرة إخبارية أو مسلسلاً تلفزيونيّا، بلا مبادرة منه إلى تسجيل رأي أو بيان موقف باعتباره محطة تفريغ سلبية تتلقّى الشحنات الاستهلاكيّة ويُرادُ له أن يكون على صورتها يعكسها بشكل آلي، بمعنى ـ أقرب إلى الحقيقة ـ حذفه من الوجود كذاتٍ متعيّنة لها مكان وينبغي أن يكون ـ لهذه الذات ـ ممارسة تعبّر عنها وتعنيها وتعلن وجودها حتى قبالة ما هو محض استهلاك، وذلك بإعادة إنتاجٍ يكفّ فيه المتفرج عن دوره وينهي المسافة الفاصلة بينه وبين الجريدة أو شاشة العرض التلفزيوني.
على هذا الوَقْع أصبح كل مشاهد وقارئ أشبه بمحطّة إرسال شخصيّة تنهمر منها الصورة والفِديو والتعليق والمقالة. لا شيء يمر عفو الخاطر. لا شيء يعبر دون أن يلحقَه ملصقٌ؛ يصف ويصنّف ويحشد ويستنفر. وبهذه الشاكلة تكوّن المتلقى المختلف؛ المبادر؛ الإيجابي؛ الضّاج بحركة الاتصال والتواصل. لا يندّ عن العالم مشهدٌ أو حدث أو حتّى بثّ صورة عبر وكالات الأنباء، إلا وتجده منخرطاً ومعلقاً على صفحته في الفيس بوك أو حسابه في تويتر أو ضمن مجموعات الواتس أب. ناهيك بما تتنادى به الهاشتاقات من تنبيهات لحظيّة تبجّل أو تستصغر أو تحرّض، بما يعني أن الجميع لم يعودوا بمنأى عمّا يقال أو يُكتب. في كلمةٍ أصبح الجميع في قلب الحدث على نحوٍ فاعل ومؤثّر، وبل وعلى نحو قائد للصحافة الورقيّة التي تأتي في كثيرٍ من الأحيان متابعاتها وتحقيقاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بعد انطلاق شرارتها في المعترك الإلكتروني.
ومن الغرابة أن كل هذا التجدّد الذي بات عليه المتابع، لم يحرّك عضلة التغيير لدى جملةٍ من كتّاب الصحافة؛ ليواكبوا التحوّل الكبير. ظلّوا عند السطح يغرفون من ماء تويتر في حركةٍ مكشوفة وقاصرة. ي***ون التمر إلى هجر ويبيعون الماء في حارة السقايين!!


المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الغارفون, تويتر


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الغارفون من تويتر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دليل تطبيقات تويتر Eng.Jordan مواقع التواصل الاجتماعي 30 06-14-2013 04:56 PM
هاشتاق #وظيفة على تويتر Eng.Jordan الملتقى العام 0 01-21-2013 11:38 PM
شرح الهاش تاق + ريتويت في تويتر Eng.Jordan مواقع التواصل الاجتماعي 0 11-26-2012 12:41 AM
هوامير تويتر! Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 11-26-2012 12:28 AM
القصة الإخبارية في زمن تويتر Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 11-09-2012 05:25 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59