العودة   > > >

البيئة والتنمية المستدامة أخبار ومواضيع ترصد وتوضح أهمية التركيز على البيئة والتنمية وتأثير التغيرات البيئية على الإنسان ومحيطة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 09-27-2017, 10:54 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي تهجير الصناعات الملوثة للبيئة بملاجئ الدول الفقيرة


تهجير الصناعات الملوثة للبيئة بملاجئ الدول الفقيرة

الصناعات articles_4403AFCC-2E55-414C-90C6-BEB2DDE0D5F4.jpgلولا تبنى الدول الغنية سياسة تهجير الصناعات القذرة (شديد الضرر بالبيئة)، بامتلاك ملاجئ للتلوث تستقبل هذا النمط من الصناعات داخل حدود الدول الفقيرة، للاستفادة من فرق التكلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مع تعالى هاجس الاهتمام بالبيئة والتطور التقني الفائق للتكنولوجيات النظيفة ورصد عناصر التلوث لأدق مستوى ووصول جماعات الضغط السياسي إلى مراميها في دول الشمال الغنية، لما عادت الحياة من جديد إلى الأنهار الكبرى في شمال أوربا، بعد عقود مظلمة طغى فيها التلوث الصناعي السام، حيث عادت أسماك السلمون إلى الظهور بأحد مواطنها الطبيعية بنهر الراين للمرة الأولى بعد أربعين عاماً، وذلك عام 1990. وقد تم حصر وتصنيف تلك الصناعات القذرة في مجموعة من الصناعات التحويلية (يبلغ عددها 43 صناعة) ذات آثار بيئية مدمرة للمحيط الحيوي، وهى بوجه عام صناعات الحديد والصلب والأسمنت والسيراميك والزجاج والخزف والصيني والحراريات وصهر وتكرير المعادن الأساسية وبعض الصناعات الكيماوية والأسمدة ومصافي البترول وصناعات لب الورق والمطاط والبلاستيك والجلود والخشب، تلك الصناعات شديدة الضرر بالبيئة بما يتخلف عنها من ملوثات سامة وغيرها من الملوثات التي تجرمها قوانين البيئة والمنظمات الدولية والبنك الدولي، في مختلف صورها الغازية والسائلة والصلبة، تلك الملوثات بالغة الأثر في طبيعة الهواء والماء والتربة، التي تخترق الحدود المسموح بها (الحد الأخضر) لأمان وأمن الإنسان في الصحة والمسكن، فتفقد الإنسان قيمة الاستمتاع بطيب العيش أينما توطنت تلك الصناعات وفى منصرف ملوثاتها في البر والبحر والريف والحضر. وهكذا تؤثر تلك الملوثات الصناعية في جودة مياه الأنهار والبحيرات والبحار، ومكامن المياه الأرضية، وركائز الثروات في باطن الأرض وقيعان المحيطات، والنبات الطبيعي، والطبيعة البيولوجية والسلوكية والنفسية للإنسان، وسلوكيات الأسماك والحيوانات والحشرات، بل قد يحدث عنها خلل في زمن وفصلية نمو وذوبان الثلوج فوق قمم الجبال، وقد يمتد أثرها فتطول بالتغيير رواسي مناخ الأرض بالقطبين الشمالي والجنوبي.

نعود لمصطلح الصناعات القذرة Dirty Industries التي قد ينعتها البعض بالصناعات المهاجرة، حيث تهاجر من أراضى الدول الغنية (ذات الاقتصاد الأخضر) لتتوطن داخل الحدود الجغرافية بالدول الفقيرة، وكثير من الدول النامية لا يعنيها في مرحلة ما تكلفة الآثار البيئية للمشروع الاقتصادي فتجتذب أراضيها بسهولة مثل هذه الصناعات. فهي إذن صناعات قذرة أو ملوثة للبيئة بطبيعة عملياتها الإنتاجية وأثرها السيئ في المحيط الحيوي، الذي لا تخطئه حواس الإنسان الظاهرة ولا يصعب تسجيله على أجهزة رصد التلوث (الأرضية والفضائية). وبعد أن أحكمت الدول الصناعية قبضتها على مقاليد الاقتصاد الدولي، واستقرت على الاعتراف الضمني بنقل مصادر ملوثاتها الرئيسية إلى الدول منخفضة الدخل، بحجة أن نقاوة البيئة بتلك الدول وقدرة أنظمتها الطبيعية تسمح باستيعاب مثل ذلك التلوث لمدة زمنية طويلة، وعليه يمكن أن يستقر تقسيم دول العالم إلى دول طاردة وأخرى مستقبلة أو جاذبة لذلك النمط من الصناعات، ودليل ذلك ظهور مواقع عبر شبكة الإنترنت للتجارة الدولية في مجال بيع وتفكيك المصانع ذات التكنولوجيات القديمة، شديدة الضرر بالبيئية، مع خدمة النقل والتركيب لتلك المصانع بدول أخرى تسمح القوانين فيها بذلك، ويمكن أن يكون قد تسرب منها مصنعاً أو أكثر داخل الحدود المصرية. ويستثنى من ذلك صناعات أخرى تدخل ضمن ما يعرف بالصناعات الحساسة (من ناحية توطنها الجغرافي)، المحظور قيامها بالدول المتخلفة (لظروف تقنية واقتصادية وسياسية وجيوستراتيجية)، وهى صناعات تعد أشد فتكاً ببيئة الكرة الأرضية كالصناعات الكيميائية والبيولوجية والذرية والهيدروجينية. ولما تجاوزت بعض الدول ودخلت في الطريق الممنوعة بدون موافقة أو تصريح أو تعظيم لمصالح مشتركة، تم ضرب مفاعل العراق وقامت الحرب السياسية والاقتصادية تجاه البرنامج النووي في كل من كوريا الشمالية وإيران، وعلى صعيد آخر ولكن ترسيخاً لنفس المبدأ تجد الدول الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة تكرس كل جهودها العلمية والسياسية تجاه امتلاك دولة إسرائيل لصناعات التكنولوجيا الفائقة بوادي السيليكون (في مثلث تل أبيب ـ القدس ـ حيفا)، وتترك للدول العربية من حولها الاستثمارات في الصناعات التقليدية، التي تستنفد ثروتها في نقاء البيئة مما يلوثها بمرور الزمن، فتعجز الفوائض الاقتصادية (عند محاولة الإصحاح البيئي) أمام تغطية تكاليف تدهور صحة البيئة والسكان.

أكد خبراء توكيد الجودة والفحص البيئي بالمواقع الصناعية، في بحث للبنك الدولي بعنوان التجارة الدولية والبيئة (1993)، أن كثيراً من الصناعات القذرة قد هاجرت بالفعل إلى الدول النامية خلال العقود الثلاثة الماضية. ودليل ذلك عند استخدام معدل حركة السهم في الصناعات القذرة ارتباطاً بالحجم الكلى للتدفقات التجارية (خلال المدة من 1965-1988)، الذي تم تطبيقه على أكثر من مائة دولة مستقبلة لذلك النمط من الصناعات، وجد أن الدول النامية قد سجلت معدلاً يزيد بمقدار أربعة أمثال ما سجلته الدول الصناعية، بالإضافة إلى سرعة نمو سهم الصناعات القذرة مقارنة بمتوسط حركة الأسهم لمختلف الصناعات بالدول النامية. وبوجه عام فقد شهدت الدول الصناعية (الغنية) هبوطاً ملحوظاُ للاستثمار في أسهم تلك الصناعات، نتيجة غلق أبوابها وتطبيق السياسات البيئية الصارمة، بينما قد زادت صادرات الدول النامية (الفقيرة) من منتجات تلك الصناعات الملوثة للبيئة، حيث كرست الدول الطاردة لتلك الصناعات جهودها طلباً للهدوء البيئي والسيطرة على التلوث والاكتفاء بتوجيه الاستثمارات فيها خارج حدودها الإقليمية، بينما تطلب الدول الجاذبة لتلك الصناعات (والتي تعمل كملاجئ للتلوث) رفع معدلات النمو الاقتصادي ومستوى معيشة السكان، بغض النظر عن معاناة البيئة والسكان من الاضطراب البيئي وزيادة تركز الملوثات السامة. وبصورة أخرى فقد عظمت تلك الدول الطاردة وارداتها من الدول الجاذبة للصناعات الملوثة للبيئة، لتصبح النتيجة بميزان العدالة البيئية (أحادية البعد) أن تضخمت وتركزت الثروة باقتصاد الدول الغنية، علاوة على استمتاع سكانها بطيب العيش وهدوء البيئة وخلوها النسبي من التلوث، بينما تزداد كفة الدول النامية (المستقبلة للصناعات القذرة) فقراً ومرضاً، علاوة على التصحر البيئي القادم لا محالة.

دافع كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي (1991) عن سياسة نقل الملوثات والصناعات القذرة من الدول الصناعية إلى الدول النامية، ويحيل ذلك إلى قدرة البيئة الطبيعية المقارنة على استرداد عافيتها، وأن نوعية وجودة الهواء بتلك الدول ما زالت عند مستويات منخفضة من التلوث، لا تقارن بفساد هواء لوس أنجلوس أو درجة تلوث الهواء بالمكسيك مثلاً. وما لبثت أن ازدهرت تلك السياسة باتفاق وزارة المالية الأمريكية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، على تشجيع وضرورة استغلال المميزات النسبية لهذه الدول النامية، من ناحية العمالة منخفضة الأجر وثرواتها الطبيعية من المواد الخام الأولية، أضف إلى ذلك البيئة البكر التي تعد العلاج الأمثل لمعضلة البيئة والتلوث بالبلدان الصناعية. وجدير بالإشارة أن المنتجون الأمريكيون قاموا بنقل ورشهم ومصانعهم المتخصصة في صناعة الأثاث، من مدينة لوس أنجلوس إلى المكسيك، وذلك هرباً من قوانين البيئة التي لا تسمح باستخدام أنواع الغراء والطلاء السامة. وبصورة أخرى، هاجرت رؤوس الأموال الأجنبية إلى مصر (منذ بدأت مصر مشروع الخصخصة بدعم من الوكالة الدولية الأمريكية)، حيث استحوذت وسيطرت على قطاع الأسمنت شركات ذات جنسيات متعددة (فرنسية، يونانية، إنجليزية، برتغالية، مكسيكية، إيطالية، هولندية، سويسرية)، وبذلك تم تنفيذ نقل صناعة الأسمنت من الدول الخضراء وملوثاتها الضارة بالبيئة إلى مصر. هنا يدور سؤال، هل تضمن عقد الاتفاق بالبيع (في كل صوره ومراحله) نصاً صريحاً حول المسئولية الاجتماعية وتكلفتها الاقتصادية التي يجب أن يتحملها بالكامل المشترى الجديد، وهل كان هناك دور يخص وزارة البيئة في مصر كطرف في تقدير أحمال وأعباء التلوث أو كرقيب مشارك بعد انتهاء الصفقة.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للبيئة, الملوثة, اليوم, الصناعات, الفقيرة, بملاجئ, تهجير


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تهجير الصناعات الملوثة للبيئة بملاجئ الدول الفقيرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شركات الأدوية الأمريكية تستغل الدول الفقيرة Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 09-29-2014 12:58 PM
أمام مؤتمر عدم الانحياز مصر تحذر من عزوف الأغنياء عن دعم الدول الفقيرة يقيني بالله يقيني أخبار عربية وعالمية 0 05-10-2012 09:38 AM
شراء الكربون مقابل تهجير الصناعات الملوثة لبيئة الوطن العربي Eng.Jordan أخبار اقتصادية 0 05-03-2012 10:52 AM
فرق التبشير تلقي شباكها في الاحياء الفقيرة بالاردن Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-20-2012 08:19 PM
عرض حول معالجة المياه الملوثة Eng.Jordan عروض تقدمية 0 02-09-2012 01:58 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:28 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59