#1  
قديم 11-01-2012, 02:14 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي دورالوقف الاسلامى في تفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات



إعداد
حسين عبد المطلب الأسرج
باحث اقتصادى أول، مدير ادارة بوزارة التجارة والصناعة المصرية
منزل (للمراسلة): ميت راضى 13826-بنها-القليوبية-مصر
عمل: القاهرة-امتداد شارع رمسيس - أبراج وزارة المالية-مبنى وزارة التجارة والصناعة-البرج الخامس-الدور الرابع-حجرة رقم 9
Mobile (00201116133766)
E.Mail :elasrag@gmail.com:
hossien159@gmail.com
مقدمة:
يكتسب الدور الاجتماعي للشركات فى الدول العربية أهمية متزايدة بعد تخلي عديد من الحكومات عن كثير من أدوارها الاقتصادية والخدمية،حيث سعى عدد كثير من الشركات إلى تبني برامج فعالة للمسئولية الاجتماعية تأخذ في الاعتبار ظروف المجتمع والتحديات التي تواجهه.ولاشك أن المسئولية الاجتماعية تعد حجر الزاوية، وأداة مهمة للتخفيف من سيطرة العولمة وجموحها، كما أصبح الاهتمام بالمسئولية الاجتماعية مطلبًا أساسيًّا للحد من الفقر من خلال التزام المؤسسات الاقتصادية ) شركات محلية أو مؤسسات دولية( بتوفير البيئة المناسبة، وعدم تبديد الموارد، والقيام بعمليات التوظيف والتدريب ورفع القدرات البشرية، ومساندة الفئات الأكثر احتياجًا.وفي واقع الأمر يمكن القول إنه لازال هناك غموض وعدم دراية كافية من جانب كل من الأفراد والشركات والمجتمع العربي ككل بمفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات وأبعادها ومدى تطورها وكذلك بمدى فعاليته وكيفية بلورته والإفادة منه.وعند التأمل في مظاهر المسؤولية الاجتماعية المختلفة نجد أنها مما ورد في التشريع الإسلامي تحت مسميات مختلفة: فبعضها من قبيل التكافل الاجتماعي و أخرى من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و غيرها من باب رفع الضرر و الالتزام بالممارسات الأخلاقية التي ورد في حقها إما نص قرآني أو حديث نبوي شريف.
ويمكن للوقف الاسلامى أن يلعب دورا مهما في تفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات. فنظام الوقف من النظم الدينية التي أصبحت في ظل الإسلام مؤسسة عظمى لها أبعاد متشعبة دينية واجتماعية واقتصادية وثقافية وإنسانية، كانت هذه المؤسسة في ظل الحضارة الإسلامية تجسيداً حياً للسماحة والعطاء والتضامن والتكافل، غطت أنشطتها سائر أوجه الحياة الاجتماعية وامتدت لتشمل المساجد والمرافق التابعة لها والدعوة والجهاد في سبيل الله، والمدارس ودور العلم والمكتبات، والمؤسسات الخيرية، وكفالة الضعفاء والفقراء والمساكين والأرامل، والمؤسسات الصحية. يعد الوقف من ضمن أفضل الأدوات التى تصلح للتحقيق التنمية الشاملة المستديمة ، وكذلك تكون نقطة الالتقاء بين قطاع الأعمال والعمل التنموى ، حيث سيكون له أوجه اقتصادية واجتماعية في ذات الوقت وفى حالة تبنى الوقف كأحد أدوات عمل مسئولية الشركات سينعكس ذلك بشكل إيجابي على قطاع الأعمال وكذلك على المجتمع بشكل عام ويتمثل ذلك فى :
- تحقيق التنمية المستدامة عن طريق الاستدامة التى تحققها الأوقاف .
- امكانية عمل مشروعات قومية واستراتيجية لحل المشكلات المزمنة مثل البطالة ومحو الأمية وغيرها.
- تقليل الاعتماد على المنج الأجنبية،والربط بين القوى الثلاث وهى قطاع الأعمال والحكومة والمجتمع المدنى تحقيق مصالح مختلفة للأطراف الثلاثة.
- امكانية مساهمة العديد من الشركات فى عمل وقفية واحدة وفتح المجال للمشاركة فى الوقفية لتنمية مواردها،وتحقيق التنسيق بين الشركات المختلفة فى مجال المسئولية الأجتماعية .
ونظراً لما لهذه القضية من أهمية فهذه محاولة لالقاء الضوء على دور الوقف الاسلامى باعتباره أحد أهم آليات تفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات في دولنا العربية والاسلامية .
أولا: الاطار النظرى للوقف و المسؤولية الاجتماعية للشركات:
1- الوقف نشأته وتطوره
عرف الناس منذ القدم، على اختلاف أديانهم وأجناسهم أشكالا من المعاملات المالية الطوعية التي لاتخرج في طبيعتها وصورها عن طبيعة الوقف، وذلك في شكل عقارات تحبس لتكون أماكن للعبادة، أو لتكون منافعها وقفا على تلك الأماكن، فكان ذلك معروفاً عند المصريين القدماء وعند الرومان والإغريق وغيرهم. ولما جاء الإسلام شرع الوقف ووسع دائرته، فلم يجعله مقصورا على المعابد والمناسك بل وسعه ليشمل كثيرًا من أنواع الصدقات ـ والتبرعات التي ترصد لأغراض دينية واجتماعية وعلمية واقتصادية. فكانت الأوقاف على المساجد وما يتعلق بصيانتها ووظائفها، وعلى المدارس ودور التعليم والمكتبات والزوايا والعلماء وطلاب العلم، وعلى الفقراء، المحتاجين، واتسعت أكثر فأكثر فشملت المستشفيات والصيدليات، ودور الرعاية الاجتماعية وتزويج المحتاجين من الفتيان والفتيات، وإجراء الأنهار وحفر الآبار، وإقامة الأربطة والحصون وإيجاد السلاح والعتاد لحماية دار الإسلام والدفاع عن مواطنيها، وتقديم المال لافتداء الأسرى وتحرير العبيد. وبهذا التوسع كان للوقف فضل كبير وتأثير حميد في بناء الحضارة الإسلامية وإرساء أسسها على التكامل والتضامن والتعاون والتآخي.والتوسع في العناية بالأوقاف أدى إلى قيام الوقف بدور كبير في التنمية الاجتماعية والاقتصادية على مر التاريخ الإسلامي.([1])
وذكر علماء الفقه أن الوقف من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الإمام النووي: وهو مما اختص به المسلمون، ولهذا، يرى كثير من الباحثين أن أول وقف ديني في الإسلام هو مسجد قباء الذي أسسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم مهاجراً إلى المدينة المنورة، قبل أن يدخلها ويستقر فيها، ثم المسجد النبوي الذي بناه صلى الله عليه وآله وسلم في السنة الأولى من الهجرة، عند مبرك ناقته حينما دخل المدينة المنورة، أما أول وقف خيري عُرف في الإسلام فهو وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسبع حوائط "بساتين"كانت لرجل يهودي اسمه "مخيريق"، قتل على رأس اثنين وثلاثين شهراً من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو يحارب مع المسلمين في موقعة أحد، وأوصى: إن أصبت "أي قتلت" فأموالي لمحمد يضعها حيث أراه الله تعالى، فقتل يوم أحد، وهو على يهوديته، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مخيريق خير يهود"، وقبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك الحوائط السبعة، فتصدق بها، أي: وقفها، ثم تلاه عمر رضي الله عنه، ثم وقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم وقْف عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم وقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم تتابعت بعد ذلك أوقاف الصحابة، وأخذت الأوقاف الإسلامية بعد ذلك تتكاثر وتزدهر في شتى أنحاء العالم الإسلامي.([2])
والوقف في اللغة هو الحبس والمنع، وفي الاصطلاح الفقهي هو "حبس عين والتصدق بمنفعتها" وحبس العين يعني ان لا يتصرف فيها بالبيع أو الرهن أو الهبة ولا تنتقل بالميراث، ويعني التصدق بمنفعتها صرف منافعها أو ريعها لجهات البر بحسب شروط الواقف. والوقف جائز عند جميع الفقهاء.([3])
وتستند مشروعية الوقف إلى الكتاب والسنة واعمال الصحابة. أما الكتاب فيدل على مشروعيته بعموم قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض).(البقرة:267) فالآية بعمومها تفيد الترغيب بالانفاق فى أوحه البر والخير،والوقف انفاق فى هذه الأبواب.([4])
وأما السنة النبوية فقد وردت أحاديث كثيرة تدل على مشروعية الوقف منها،مارواه أبو هريرة فى صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وآله و سلم ، قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) والوقف صدقة جارية.
وقد اشتهر الوقف بين الصحابة وانتشر حتى قال جابر:"ما أعلم أحداً كان له مال من المهاجرين والأنصار إلا حبس مالاً من ماله صدقة مؤبدة، لاتشترى أبداً، ولا توهب، ولا تورث". وأخذت الأوقاف الإسلامية بعد ذلك تتكاثر وتزدهر في شتى أنحاء العالم الإسلامي.([5])
وينظر الى الوقف اما من ناحية الغرض أو من ناحية المحل . ويقسم الفقهاء الوقف من حيث الغرض إلى قسمين:([6])
الأول: وقف خيري، وهو الذي يقصد به الواقف التصدق على وجوه البر، سواء أكان على أشخاص معينين كالفقراء والمساكين والعجزة، أم كان على جهة من جهات البر العامة، كالمساجد والمستشفيات والمدارس وغيرها، مما ينعكس نفعه على المجتمع.
والثاني: وقف أهلى أوذري، وهو ما جعل استحقاق الريع فيه أولاً إلى الواقف مثلاً ثم أولاده··· إلخ، ثم لجهة بر لا تنقطع، حسب إرادة الواقف.
أما من حيث المحل فيقسم الفقهاء الوقف إلى ثلاثة أقسام:([7])
ا-وقف العقار:وقد اتفق الفقهاء على جواز وقف العقار مثل المبانى والأراضى.
ب- وقف المنقول:اتفق أغلب العلماء على جواز وقف المنقول،باستثناء بعض متقدمى الأحناف الذين اشترطوا أن يكون متصلا بالعقار اتصال قرار وثبات،كالبناء والشجر،أو أن يكون مخصصا لخدمة العقار كالمحاريث والبقر.
ج- وقف النقود وقال بجوازه غير واحد من أهل العلم. وهو وقف نقدي تستثمر أمواله بصيغة المضاربة والشركة وغير ذلك، وما تحقق من أرباح وعوائد صرف بحسب شروط الواقفين، تحت رقابة حكومية وضبط محاسبي ونظارة واعية.

2-المسؤولية الاجتماعية للشركات (اطار نظرى):
تطورت منذ مطلع القرن العشرين فلسفات اقتصادية تزامنت مع الانفصال المتزايد بين الملكية والإدارة في الشركات الحديثة. فابتداء كانت الفلسفة الاقتصادية الكلاسيكية تفترض بأن واجب الشركات الأساسي، ان لم يكن الوحيد، هو أن تعظم من ربحيتها دون أن تقوم بأي واجب آخر تجاه المجتمع، الأمر الذي سوف يمكن المشروعات من النمو، ويوفر بالتالي طائفة أوسع من السلع والخدمات للمستهلكين، وسوف يؤمن دفع أجور أفضل للمستخدمين. وتتمثل وجهة النظر الكلاسيكية حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية،في أن مسئولية الشركة تتحقق من خلال سداد الأجور للعاملين مقابل العمل الذي يقومون به، وتقديم السلع والخدمات للمستهلكين مقابل ما يدفعونه من أموال، وسداد الضرائب للحكومات التي تقوم بتوفير الخدمات العامة للمواطنين، واحترام سيادة القانون عن طريق احترام العقود المبرمة. وأن تبني الشركة لفلسفة المسؤولية الاجتماعية من شانه أن يقلل أرباحها ويزيد تكاليف العمل، كما من شأنه إعطاء قوة اجتماعية للأعمال بشكل اكثر من اللازم .بخلاف هذه النظرية فقد شرع المدراء التنفيذيون بالاهتمام بأهداف أخرى إلى جانب تعظيم الأرباح، مثل مصالح المستهلكين والموظفين والدائنين والمجتمعات المحلية. وكان هذا التطور قد ارتبط بنشوء جماعات المصالح ولا سيما النقابات العمالية، وفي الوقت نفسه كانت تتطور التشريعات الخاصة ببيئة الأعمال ، فأخذت الحكومات في البلدان المتقدمة صناعياً تمنح إعفاءات ضريبية للتبرعات المقدمة من الشركات والجمعيات لأعمال الخير، الأمر الذي شجع الشركات على تخصيص حصة من الأرباح للأعمال الاجتماعية، مستفيدة من هذه الإعفاءات والحوافز المادية.وخلال الخمسينات والستينات من هذا القرن، ومع تكريس الانفصال بصورة مزايدة ما بين الملكية والإدارة والذي ميز الشركات العملاقة، بدأت جماعات الحقوق المدنية وجمعيات حماية المستهلكين، وغيرها من الحركات الاجتماعية بالتأثير على سلوك الشركات، عن طريق مراقبة الآثار البيئية للصناعات الكبيرة. ومستوى جودة المنتجات للتأكد من خلوها من المواد الضارة.وبالمثل فقد ازدادت فاعلية حركات الحقوق المدنية وجماعات الضغط، كالمنظمات العمالية والنسائية وحركات السود والأقليات في الولايات المتحدة وأوروبا، الأمر الذي ألزم الشركات بتطوير سياساتها في مجال الاستخدام، مثل تعيين حد أدنى من المستخدمين النساء العاملات،والمواطنين السود والملونين، وأبناء الأقليات، بل تم التراجع عن السياسات التمييزية تجاه المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتطورت أنظمة الرقابة والحماية ضد التلوث وازداد الاهتمام بالحد من هدر الطاقة.وبالنظر الى التأثير الكبير الذي باتت تمارسه الشركات العملاقة على اقتصادات المجتمعات المتقدمة، ووصولها الى مختلف مكونات وجوانب حياة هذه المجتمعات، فقد ازدادت الحاجة إلى وضع ضوابط ومعايير للتأكد من استجابة هذه الشركات للمصلحة العامة، وقام علماء الإدارة والاقتصاد بتطوير قواعد ملموسة لقياس مسؤولية الشركات الاجتماعية. وقد تطور مفهوم المسؤولية الاجتماعية حتى اصبح يدخل ضمن استراتيجيات الشركات وأدائها اليومى بمايُوضّحُ الفَهْم الجيد لطلبات المجتمع المتغيرة في الحاضر والمستقبل.
وهناك عدة تعريفات لمفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات، وكلها تدور حول ذات المعنى، وهي تحمل الشركات لمسئوليتها تجاه أصحاب المصالح من حملة الأسهم والمستهلكين والعملاء والموردين والعاملين والبيئة والمجتمع .([8])
و في ما يلي مجموعة من هذه التعريفات:

  • يرى البعض المسئولية الاجتماعية على أنها تذكير للمؤسسات بمسئولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه، بينما يرى البعض الآخر أن مقتضى هذه المسئولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية تقوم بها الشركات صاحبة الشأن بإرادتها المنفردة تجاه المجتمع، و هناك آخرون يرون المسئولية الاجتماعية بمثابة صورة من صور الملائمة الاجتماعية الواجبة على الشركات.
  • عرّف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة المسئولية الاجتماعية على أنها " الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل" .([9])
  • عرّف البنك الدولي مفهوم المسئولية الاجتماعية للمؤسسات ومجتمع الأعمال بصفة عامة على أنها " التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة و يخدم التنمية في آن واحد".([10])
  • عرّفت الغرفة التجارية العالمية المسئولية الاجتماعية بأنها "جميع المحاولات التي تساهم في تطوع الشركات لتحقيق التنمية وذلك لاعتبارات وأسباب أخلاقية واجتماعية، وتعتمد المسئولية الاجتماعية على المبادرات الحسنة من القطاع الخاص سواء كان شركات أو رجال الأعمال دون وجود إجراءات ملزمة قانونيا، وبهذا فإن المسئولية الاجتماعية تتحقق من خلال الإقناع والتعليم".
هذا وقد تبلورت على الصعيد الدولي عدة مرتكزات وأسس عمل باتت تعد من قبيل المراجع الواقعية في تحديد نطاق وأبعاد المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات. وفي هذا الخصوص يذكر ما اقترحه الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان لأول مرة الاتفاق العالمي في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في 31 يناير/ كانون الثاني 1999، وقد تم إطلاق المرحلة التنفيذية للاتفاق العالمي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 26 يوليو / تموز 2000. وطالب الأمين العام قادة الأعمال بالانضمام إلى المبادرة الدولية - الاتفاق العالمي - التي تجمع الشركات بهيئات الأمم المتحدة ومنظمات العمل والمجتمع المدني لدعم المبادئ العشرة في مجالات حقوق الإنسان والعمل والبيئة.
ويسعى الاتفاق العالمي، من خلال قوة العمل الجماعي، إلى تعزيز مواطنة الشركات بحيث يمكن لقطاع الأعمال أن يصبح جزءا من الحل في مواجهة تحديات العولمة. وبهذه الطريقة، يمكن أن يساهم القطاع الخاص - بالشراكة مع أطراف اجتماعية أخرى - في قيام اقتصاد عالمي أكثر استدامة وشمولية.
وتشارك اليوم مئات من الشركات من مختلف مناطق العالم ومنظمات العمل الدولية والمجتمع المدني في الاتفاق العالمي الذي يعتبر مبادرة مباشرة من الأمين العام، ويتحلى موظفوه وعملياته بالبساطة والمرونة.
إن الاتفاق العالمي هو عبارة عن مبادرة طوعية لتعزيز مواطنة الشركات من خلال تحقيق هدفين:
  • أولاً: جعل الاتفاق العالمي ومبادئه جزءا من إستراتيجية القطاع العام وعملياته.
  • ثانياً: تيسير التعاون فيما بين أصحاب المصالح الرئيسيين وتعزيز الشراكات دعما لأهداف الأمم المتحدة.
ولا يعتبر الاتفاق العالمي أداة تنظيمية فهو لا "ينظم" أو يفرض أو يقيس سلوكيات أو أعمال الشركات، بل أنه يستند إلى المساءلة العامة والشفافية والمصلحة الذاتية المتنورة للشركات ومنظمات العمل للشروع في إجراءات هامة وتبادلها سعيا إلى تحقيق المبادئ التي يقوم عليها الاتفاق العالمي.
وقد حدث تطور آخر على الاتفاق العالمي وذلك خلال قمة القادة بتاريخ 26 يونيو / حزيران 2004، عندما تعهد عدد من رؤساء العمل حول العالم بالتزامهم لمحاربة الفساد. ويقوم الاتفاق العالمي على عشرة مبادئ في مجالات حقوق الإنسان والعمل والبيئة، وتتمتع هذه المبادئ بإجماع عالمي في الآراء، إذ انها نابعة من ثلاثة مصادر هي:
  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
  • إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.
  • إعلان ريو الخاص بالبيئة والتنمية.
أما المبادئ العشرة للاتفاق العالمي فهي كالتالي:[11]
مبادئ حقوق الإنسان:
المبدأ رقم 1: يتعين على شركات الأعمال دعم واحترام حماية حقوق الإنسان المعلنة دوليا ضمن نطاق تأثيرها.
المبدأ رقم 2: ضمان عدم ضلوع الشركات في أي انتهاكات لحقوق الإنسان
مبادئ معايير العمل:
المبدأ رقم 3: يتعين على شركات الأعمال الحفاظ على حرية اختيار العلاقات والاعتراف الفعلي بحق إبرام الصفقات الجماعية.
المبدأ رقم 4: القضاء على كافة أشكال العمل القسري والجبري.
المبدأ رقم 5: الإلغاء الفعلي لعمالة الأطفال.
المبدأ رقم 6: القضاء على التمييز في الوظائف والمهن.
مبادئ الـبـيـئـــــــة:
المبدأ رقم 7: يتعين على شركات الأعمال دعم نهج وقائي يتعلق بالتحديات التي تواجهها البيئة.
المبدأ رقم 8: الاضطلاع بمبادرات لتشجيع المزيد من المسئولية تجاه البيئة.
المبدأ رقم 9: التشجيع على تطوير وتعميم تقنيات صديقة للبيئة.
مبادئ محاربة الفساد:
المبدأ رقم 10: يجب أن تعمل مؤسسة العمل على محاربة الفساد بكافة أشكاله بما في ذلك الابتزاز والرشوة.وقد أشارت العديد من الدراسات إلى ان بروز وتنامي مفهوم المسؤولية الاجتماعية جاء نتيجة العديد من التحديات كان من أهمها:([12])
  1. العولمة:وتعد من أهم القوى الدافعة لتبني المنظمات لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، حيث أضحت العديد من الشركات متعددة الجنسية ترفع شعار المسؤولية الاجتماعية، و أصبحت تركز في حملاتها الترويجية على أنها تهتم بحقوق الإنسان، وأنها تلتزم بتوفير ظروف عمل آمنة للعاملين، وبأنها لا تسمح بتشغيل الأطفال، كما أنها تهتم بقضايا البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
  2. تزايدالضغوطالحكوميةوالشعبية:من خلال التشريعات التي تنادي بضرورة حماية المستهلك والعاملين والبيئة، الأمر الذي قد يكلف المنظمة أموالاً طائلة إذا ما رغبت في الالتزام بتلك التشريعات، وبخلاف ذلك قد تتعرض للمقاطعة والخروج من السوق بشكل عام.
  3. الكوارثوالفضائحالأخلاقية: حيث تعرضت الكثير من المنظمات العالمية لقضايا أخلاقية، مما جعلها تتكبد أموالاً طائلة كتعويضات للضحايا أو خسائر نتيجة المنتجات المعابة.
  4. التطوراتالتكنولوجيةالمتسارعة: والتي صاحبتها تحديات عديدة أمام منظمات الأعمال فرضت عليها ضرورة الالتزام بتطوير المنتجات، وتطوير مهارات العاملين، وضرورة الاهتمام بالتغيرات في أذواق المستهلكين و تنمية مهارات متخذي القرار. خاصة في ظل التحول من الاقتصاد الصناعي إلى اقتصاد قائم على المعلومات والمعرفة، وزيادة الاهتمام برأس المال البشري بدرجة اكبر من راس المال المادي.
وبالتالي نجد انه مع تغير بيئة العمل العالمية، فان متطلبات النجاح والمنافسة تغيرت أيضا. إذ أصبح لزاماً على منظمات الأعمال أن تضاعف جهودها، وان تسعى نحو بناء علاقات استراتيجية اكثرعمقاً مع المستهلكين والعاملين وشركاء العمل ودعاة حماية البيئة والمجتمعات المحلية والمستثمرين،حتى تتمكن من المنافسة والبقاء في السوق. حيث ان بناء هذه العلاقات من شأنه أن يعمل على تكوين أساس لاستراتيجية جديدة تركز على أفراد المجتمع، وبالتالي تتمكن منظمات الأعمال من مواجهة التحديات التي تتعرض لها في عصرنا الراهن.
فى ظل تزايد الاهتمام بمفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات ،يثور التساؤل حول الأسباب التي تشجع الشركات على الالتزام بهذه المسئولية خاصة في ضوء ما تنطوي عليه من أعباء مالية ومادية. وتشير التجارب الدولية إلى أن المزايا التي تعود على الشركات تتمثل فيما يلي:([13])
  1. تحسين سمعة الشركات والتي تُبنى على أساس الكفاءة في الأداء، والنجاح في تقديم الخدمات، والثقة المتبادلة بين الشركات وأصحاب المصالح ومستوى الشفافية الذي تتعامل به هذه الشركات، ومدى مراعاتها للاعتبارات البيئية واهتمامها بالاستثمارالبشري. ويسهم التزام الشركات بمسئوليتها الاجتماعية بدرجة كبيرة في تحسين سمعتها. ولقد أشارت الدراسة الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان Voice of the Leaders Survey والتي أجربت فى أواخر عام 2003 إلى أن سمعة الشركة تعد من أهم معايير نجاحها. وتشير نتائج الدراسة التى تم توزيعها على1500 مدير فى أكثر من 1000 شركة عالمية كبرى إلى أن 60 % تقريبا ممن شملتهم الدراسة يرون أن السمعة الجيدة يمكن أن تسهم بنحو 40 % من القيمة السوقية لأسهم الشركات. كما تسهم السمعة الجيدة فى قدرة الشركة على مواصلة تحقيق الأرباح والأداء الجيد. وذلك وفقا لدراسة الأداء الخاص بألف شركة التى صدرت عن Fortune خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى.([14])
  2. تسهيل الحصول على الائتمان المصرفي خاصة في ضوء استحداث بعض المؤشرات التي تؤثر على القرار الائتماني للبنوك. وتتضمن هذه المؤشرات مؤشر داو جونز للاستدامة Dow Jones Sustainability Index (DJSI) والذي أُطلق عام ١٩٩٩ ويُعنى بترتيب الشركات العالمية وفقا لدرجة مراعاتها للأبعاد الاجتماعية وللاعتبارات البيئية خلال ممارستها لنشاطها الاقتصادي.
  3. استقطاب أكفأ العناصر البشرية حيث يمثل التزام الشركات بمسؤوليتها تجاه المجتمع الذي تعمل به عنصر جذب أمام العناصر البشرية المتميزة خاصة بالنسبة للشركات عابرة القارات أو كبرى الشركات المحلية التي تعمل في مجالات متخصصة وتستخدم تكنولوجيا حديثة.
  4. بناء علاقات قوية مع الحكومات مما يساعد في حل المشكلات أو النزاعات القانونية التي قد تتعرض لها الشركات أثناء ممارستها لنشاطها الاقتصادي.
  5. حسن إدارة المخاطر الاجتماعية التي تترتب على قيام الشركات بنشاطها الاقتصادي، خاصة في إطار العولمة. وتتمثل هذه المخاطر في الالتزام البيئي واحترام قوانين العمل وتطبيق المواصفات القياسية،والتي تمثل تحديا للشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة.
  6. 6. رفع قدرة الشركات على التعلم والابتكار.

ثانيا:الدور التنموى الذى لعبه الوقف تاريخيا وكيف يمكن الاستفاده منه في تفعيل مسؤولية الشركات الاجتماعية:
نشأ النظام الراسمالي منذ ولادته في نحو القرن السادس عشر الميلادي على اطلاق العنان للنشاطات الربحية ومبادرات القطاع الخاص فجعلها العمود الفقري للهيكل الاقتصادي على حساب البدائل الاخرى، بينما اتجهت الانظمة الشمولية (كالاشتراكية والشيوعية) الى امهان المبادرات الفردية وإلغاء دور الربح كحافز على العمل والانتاج وجعل الهيمنة مطلقة للدولة على مقدرات الاقتصاد الوطني. أما القطاع غير الحكومي الذي لا يستهدف الربح فهو غير موجود في النظام الاشتراكي ولم يصبح له أهمية في النظام الراسمالي إلا في العقود الأخيرة.وقد استوعب نظام الاسلام الاقتصادي قطاعات الاقتصاد الثلاثة (الخاص والحكومى والقطاع غير الحكومي الذي لا يستهدف الربح ) بطريقة متوازنة تحقق اكبر قدر من المصالح والاستقرار الاجتماعي. فقدم للقطاع الربحي المكون من الافراد والمؤسسات التي تسعى الى تحقيق الربح من خلال انتاج السلع والخدمات الحماية ونصب لعملها القواعد التي تحقق الكفاءة. وجعل للقطاع الثاني وهو الحكومة دوره المهم في رعاية الاقتصاد الوطني واصدار التوجيهات والتعليمات التي تحقق المقاصد الشرعية في الاقتصاد، دون ان يطغى هذا الدور فيؤدي الى التضييق على القطاع الخاص.
ولقد أقام النظام الاسلامي بين القطاعين قطاعاً ثالثاً هو الوقف فهو وسط: مؤسسة خاصة (غير حكومية) يقدم سلعاً وخدمات نافعة يحتاج اليها الناس ولكنها لا تفعل ذلك لغرض الاسترباح (كالقطاع الخاص) فتنحرف عن المصلحة العامة الى الخاصة، وهو مع ترجيحه المصلحة العامة ليس جزءاً من جهاز بيروقراطي مترهل كجهاز الحكومة فيفشل في الوصول الى أهدافه بكفاءة منافسة للقطاع الخاص.ولم يدرك الغربيون أهمية الوقف إلا قبل عقود قليلة، بينما عرفه المسلمون منذ عهد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ونهض بدور بالغ الأهمية في حضارتهم.
وجدير بالذكر أن هناك ثلاث فئات من الأوقاف([15])
1- أوقاف حكومية: هى أوقاف تقوم الحكومات بانشائها لتمويل بعضاعاتها أو أنشطتها وهى غالبا ما تكون في شكل استثمارات عقارية وخلافها.من أمثلتها: وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين،مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر في دبى ،صندوق الحج بماليزيا،وقف بروناي دار السلام.
2- أوقاف منظمات وجامعات: هى أوقاف تقوم منظمات أهلية أو خيرية أو جامعات بانشائها لجمع التبرعات واستثمارها والصرف من ريعها على خدمة المجتمع،وغالبا ما تصرف الجامعات على العملية التعليمية والمشاريع البحثية ورفع مستوى كادرها التدريسى.من أمثلتها: أوقاف الجامعات السعودية،أوقاف جامعة هارفاد.
3- أوقاف الأفراد: هى أوقاف يقوم بانشائها رجال الأعمال لخدمة المجتمع في قضايا يقومون بتحديدها وفق رؤيتهم واهتماماتهم.من أمثلتها: وقف بيل وميليندا جيتس،مؤسسة الراجحى الخيرية،مؤسسة الأميرة العنود الخيرية،مؤسسة حسن عباس الشربتلى الخيرية

ولا يخفى ما لنظام الوقف في الإسلام من منافع علمية وخيرية ما يجلُّ عن التقدير. كما أن هناك مصالح عامة أخرى غير مادية، لها شأن كبير في الوزن التشريعي.فالوقف في الإسلام لم يبق مقصوراً على أماكن العبادة ووسائلها، بل ابتغى به منذ عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقاصد الخير في المجتمع، وبذلك توسع النطاق في المال الموقوف، بتوسع الغرض في الوقف.ومن أمثلة ذلك ما يلى:-([16])
1- الوقف على التعليم
يعدُّ الوقف من أهم المؤسسات التي كان لها الدور الفعال في تنمية التعليم سواء داخل المساجد أو في المدارس أو في المكتبات أو غيرها من المؤسسات الخيرية الأخرى. حيث رعت الأموال الوقفية عملية التعليم من مرحلة الطفولة حتى المراحل الدراسية العليا المتخصصة، فأدى ذلك إلى نقل المسلمين من حياة بسيطة إلى حياة امتازت بالرخاء، بينما بقيت كثير من المجتمعات في ركود لفترة طويلة ، وأدت هذه الأوقاف على التعليم إلى مد المجتمع بما يحتاجه من مؤهلين ساهموا في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمجتمعاتهم.لقد شملت الأموال الموقوفة على التعليم كثيراً من الجوانب المختلفة التي تخدم عملية التعليم والتعلم، ومن أهم هذه الجوانب إنشاء المدارس وتجهيزها وتوفير العاملين فيها من معلمين وغيرهم، وتشجيع طلاب العلم على الانخراط في عملية التعليم من خلال التسهيلات التي وفرت لهم، بالإضافة إلى إنشاء المكتبات وتجهيزها وغير ذلك من الجوانب الأخرى([17]). كما شمل الوقف نسخ المخطوطات في عصور ما قبل الطباعة ،و شمل في معظم الحالات عمارتها والإنفاق على العاملين فيها وتوفير الكتب وغير ذلك.
ويمكن ان تقوم الشركات بعمل وقفيات بما يتماشى ومفهوم المسؤولية الاجتماعية فى وقتنا الحاضر ومستقبلا لنشر التعليم المهنى والتدريب والتى أيضا قد تخدم هذه الشركات، وأيضا إنشاء المدارس ومعاهد التدريب وتجهيزها وتوفير بعض الأدوات بها ، وتشجيع الراغبين على الانخراط في عملية التعليم من خلال التسهيلات التي يتم توفيرها لهم، بالإضافة إلى إنشاء المكتبات وتجهيزها وغير ذلك من الجوانب الأخرى،التى يمكن ان تساعد فى تسويق منتجات هذه المشروعات وتنميتها. فيلاحظ فإن المؤسسات الوقفية والتبرعية تقدم 26 % من مجموع خدمات التعليم في الولايات المتحدة . كما استطاع القطاع الخيري أن يجعل التعليم الجامعي والعالي في متناول معظم أفراد الطبقة الوسطى إذا ما علمنا أن الرسوم التعليمية لا تشكل أكثر من 63 % من مصادر تمويل التعليم الخيري.([18])
2-الوقف على دعم خدمات الرعاية الصحية
كان لنظام الوقف الإسلامي أثر كبير في دعم خدمات الرعاية الصحية للمواطنين والسكان على اختلاف مذاهبهم ونحلهم، وتحدث بعض الباحثين عن أنواع المراكز الصحية التي رعتها الأوقاف.([19])
وبلغ من عناية المسلمين بالرعاية الصحية وتطوير خدماتها، أن خصصت أوقاف لبناء أحياء طبية متكاملة. حدث ابن جبير في رحلته أنه وجد ببغداد حياً كاملاًً من أحيائها يشبه المدينة الصغيرة، كان يسمى بسوق المارستان، يتوسطه قصر فخم جميل وتحيط به الغياض والرياض والمقاصير والبيوت المتعددة، وكلها أوقاف وقفت على المرضى، وكان يؤمه الأطباء والصيادلة وطلبة الطب، إذ كانت النفقات جارية عليهم من الأموال الوقفية المنتشرة ببغداد.
وكانت الخدمات الصحية التي تقدمها هذه المراكز الطبية، من علاج وعمليات وأدوية وطعام، مجاناً بفضل الأوقاف التي كان المسلمون يرصدونها لهذه الأغراض الإنسانية، إذ كانت الرعاية الصحية في سائر البلاد الإسلامية إلى وقت قريب من أعمال البر والخير، ولم تكن هناك وزارات للصحة العمومية كما في العصر الحاضر.
وكان للأوقاف أثر حميد في النهوض بعلوم الطب، لأن دور المستشفيات التي ينفق عليها من الأوقاف لم يقتصر على تقديم العلاج، وإنما تعدى ذلك ذلك إلى تدريس علم الطب، فكانت تخصص قاعات داخل المستشفيات الكبيرة للدروس والمحاضرات
ويمكن ان نقوم الشركات فى وقتنا الحاضر ومستقبلا بتخصيص اوقاف لتوفير للرعاية الصحية للمواطنين بصفة عامه والعاملين بها وذويهم بصفة خاصة ، وتوفير الضمان الصحى لمن يتعرض لمكروه بسبب حرفة معينة او عدم المقدرة الصحية فى الاستمرار فى نشاط معين . فالقطاع الخيري يقدم 56 % من الخدمات الصحية في الولايات المتحدة ،أن عدد المستشفيات الخيرية يساوي ثلاثة أضعاف عدد المستشفيات التجارية ، وهي تحتوي على أكثر من خمسة أضعاف عدد الأسرة الموجودة في المستشفيات التجارية ويزيد مجموع نفقاتها عن ستة أضعاف نفقات المستشفيات التجارية.([20])
3 – الوقف على بعض الجوانب الاجتماعية:([21])
ساهم الوقف الإسلامي عبر التاريخ في تقديم الخدمات العامة للإنسان في مختلف جوانب الحياة، فقد استغلت أموال الأوقاف في إيواء اليتامى واللقطاء ورعايتهم، وكانت هناك أوقاف مخصصة لرعاية المقعدين والعميان والشيوخ، وأوقاف لإمدادهم بمن يقودهم ويخدمهم، وأوقاف لتزويج الشباب والفتيات ممن تضيق أيديهم وأيدي أوليائهم عن نفقاتهم، وأنشئت في بعض المدن دور خاصة حبست على الفقراء لإقامة أعراسهم، كما أنشئت دور لإيواء العجزة المسنين، والقيام على خدمتهم، وإضافة إلى ذلك، أقيمت الموائل والخانات لكي ينزل بها المسافرون في حلهم وترحالهم، وفي تنقلهم من منطقة إلى أخرى، وبخاصة إذا كانوا من الفقراء أو التجار الذين لا طاقة لهم بدفع إيجار السكنى، وامتد نطاق الخدمات الاجتماعية التي يشملها نظام الوقف بحيث تضمن بناء مدافن الصدقة التي يقبر فيها الفقراء الذين لا تمتلك أسرهم مدافن خاصة بهم، وكانت كل هذه الأوجه المختلفة من أوجه الرعاية الاجتماعية تقدم مجاناً، اعتماداً على ما أوقف من وقوف على مثل هذه الخدمات·
ويمكن ان تقوم الشركات فى وقتنا الحاضر ومستقبلا بتخصيص اوقاف لدفع رواتب تقاعد ورعاية الصناع واصحاب الحرف وذويهم. والمساهمة فى تكوين شبكات للضمان الاجتماعى لهذه الفئات .
ثالثا: دور الوقف الاسلامى فى تفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات:
تظهر عظمة الإسلام في موقفه الثابت والواضح من قضية المسؤولية الاجتماعية والذي يمكن تلخيصه في الآتي:([22])
1-أصالة المسؤولية الاجتماعية في النظام الإسلامي:فهي ليست دخيلة عليه كما في النظام الرأسمالي، وليست بديلاً وحيداً كما في النظام الشيوعي وإهمالاً للمصلحة الذاتية لمالك المال، وتستند هذه الأصالة إلى أن ملكية المال في المنظور الإسلامي لله عز وجل، استخلف الإنسان فيه، وبالتالي فإن لله ـ سبحانه حقاً ـ في المال، وحق الله في التصور الإسلامي هو حق المجتمع.وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَآتُوهُم من مالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]، كما يقول عز من قائل: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7].ودليل أن الأداء الاجتماعي هو أداء لحق الله تعالى قوله عز وجل: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104].هذا في الوجوب، وأما في الاستحباب والتطوع، فإن الأداء الاجتماعي يستند إلى قيم الأخوة الإنسانية والرحمة والتعاون التي أمر الله بها عباده إذ قال: {وَتَعَاوَنُواْ على الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ على الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
ثانياً: الأداء الاجتماعي يجمع بين المسؤولية الملزمة من الشريعة الإسلامية وبين الالتزام الذاتي من المسلم تقرباً لله عز وجل.فالزكاة والحقوق الواجبة للأقارب والجيران والكفارات ملزمة شرعاً.والوقف والصدقات التطوعية الأخرى تدخل في مجال الالتزام الذاتي من المسلم يقوم بها لنيل الثواب من الله عز وجل الذي هو جزاء محقق بمثابة بدل القرض الواجب الأداء.
ثالثاً: التطبيق بعد النظرية:لم يتوقف التشريع الإسلامي عند حد الأمر والحث على أداء المسؤولية الاجتماعية وإنما نظم كيفية هذا الأداء في أساليب وأدوات وآليات محددة بدقة.يتضح هذا في فقه الزكاة وفقه الوقف والحقوق الواجبة للعمال والإحسان والسماحة مع العملاء والموردين ونحو ذلك من الأحكام الرشيدة والتوجيهات السديدة للمعاملات المالية سواء كانت معاملات تتعلق بعقود المعاوضات أو التبرعات.
رابعاً: سمو الدوافع الإسلامية لأداء المسؤولية الاجتماعية:فأداء المسؤولية الاجتماعية جزء عضوي من الدين لصحة العقيدة والشريعة.فالزكاة والصدقات تقوم على الأخلاق الفاضلة من العدل والإحسان والله سبحانه أمر بهما في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
وهكذا يتضح أن أداء المسؤولية الاجتماعية في الإسلام واجب ديني وفضيلة إسلامية سبق الإسلام بها الأفكار والنظم المعاصرة، وواجب المسلمين أداء هذه المسؤولية استجابة لأمر الله عز وجل ولأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يكون تقليداً أو تنفيذاً لاتفاق عالمي أو دعوات من نظم مستوردة. مع ذلك فان مستوى المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص فى الدول العربية لم يصل بعد إلى ما وصل إليه في الدول الكبرى. فبرغم الإكثار من النقاش عن دور القطاع الخاص في التنمية و خاصة بعد تقلص دور الدولة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية في العقود الأخيرة من القرن الماضي، إلا أن هذا الدور مازال في طوره الأول دون تطور فعال. ولم يتم حتى الآن تحديد مفهوم المسؤولية الاجتماعية وأبعادها بشكل محدد وقاطع في الدول العربية ، كما لم يتم إضفاء الصفة النظامية عليها من قبل جهات التشريع ، مما أدى لخضوع مفهوم المسؤولية الاجتماعية ومدلولا تها لتفسيرات متعددة منها من يرى أنه مجرد تذكير للمنشآت بمسؤولياتها.([23])و تكمن أهمية تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية إلى تملكه لرأس المال و لقوة اقتصادية قادرة مع تعاونها مع القطاع العام و المجتمع المدني أن تحدث نقلة حقيقية في المجتمع، مع الأخذ في الاعتبار أن بالدول العربية العديد من التجمعات التى تراعى مصالح رجل الأعمال و استثماراتهم. ومن أهم نتائج تفعيل مسؤولية القطاع الخاص هو شحذ مواردنا المحلية و الاعتماد عليها و توظيفها للتنمية و تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية. وعلى صعيد الدفع بموضوع المسؤولية الاجتماعية للبروز اقتصاديًا واجتماعيًا ،شهد عدد من الدول العربية إقامة العديد من المؤتمرات والندوات التى تهتم بموضوع المسئولية الاجتماعية ، بمشاركة المؤسسات الحكومية والخاصة، ونخبة من كبار المتخصصين في مجال المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، و بدعم ومساندة من المنظمات الدولية وعلى رأسها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،كما تمت مناقشة الأزمة الاقتصادية العالمية و أثرها على المسؤولية الاجتماعية للشركات، وكيف يمكن للشركات أن تتفاعل مع هذه الأزمة وتخرج منها بأقل خسائر ممكنة، وخاصة أنه يتوقع أن تستمر هذه الأزمة ، وهو ما يخلق العديد من التحديات أمام الشركات.و من الملاحظ في الآونة الأخيرة أن هناك بعض الجهود الفردية لبعض شركات القطاع الخاص، و خاصة أصحاب الشركات الكبرى، الذين أصبحوا على وعي بمسئولياتهم الاجتماعية. و لكن معظم هذه الجهود غير مؤثرة أو محسوسة وقد بدأت عديد من الشركات العربية فى تبنى توجه المسئولية الاجتماعية للشركات بقوة،كالشركات المحلية الرائدة والرعايا المقيمين متعددى الجنسية والقليل من المشروعات الصغيرة المتوسطة ذات الرؤية المستقبلية.وإحدى خصائص هذه الحركة هي المشاركة العربية فى الاتفاق العالمي وفى شبكة دولية من الشركات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات أخرى أنشأتها الأمم المتحدة.ورغم ماسبق فانه يمكن القول بأن معظم الشركات العربية لا تعي مفهوم المسؤولية الاجتماعية بمعناها الواسع، وأنها تشمل جوانب كثيرة، منها الالتزام بالأنظمة والقوانين المتبعة، والنواحي الصحية والبيئية، ومراعاة حقوق الإنسان وخاصة حقوق العاملين، وتطوير المجتمع المحلي، والالتزام بالمنافسة العادلة، والبعد عن الاحتكار، وإرضاء المستهلك. ويرى عدد من خبراء المسؤولية الاجتماعية أن على القطاع الخاص أن يعي عائد المسؤولية الاجتماعية على المدى الطويل، فالشركات التي تعتنق مفهوم المسؤولية الاجتماعية يزيد معدل الربحية فيها 18% عن تلك التى ليس لديها برامج مماثلة، فمثل هذه البرامج تعزز من ولاء المستهلك أو العميل، لأن الشركات التي تقوم بأدوار اجتماعية وخدمية تجد تشجيعا لمنتجاتها ، وبعض هذه البرامج يوجد أسواقا جديدة وعملاء جدد، ومن ثم تصبح برامج المسؤولية الاجتماعية ركيزة أساسية فى تنافسية الشركات، ليس فقط على مستوى الأفراد والمستهلكين العاديين، بل تكون لها الأفضلية من قبل القطاع الحكومي في المناقصات وغيرها من وسائل التشجيع.ايضا تشير أحدى الدراسات الشاملة لتاريخ العلاقة بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية للشركات، التي نشرت من قبل اثنين من أساتذة كلية إدارة الأعمال في عام 2001 ، باستخدام تحليل الميتا ****-analysis) ) لعدد 95 دراسة تجريبية أجريت بين عامي 1972 و 2000 والتي سعت إلى الإجابة عن هذا السؤال. هل الشركات التي ديها سجلات جيدة للمسؤولية الاجتماعية تعطى أداء ماليا جيدا؟وقد تم تجميع مؤشرات الأداء الاجتماعى للشركات من 27 مصدرا مختلفا للبيانات وتغطي 11 مجالا مختلفا من أنشطة الشركات، بما في ذلك البيئة ، وحقوق الإنسان ، المشاركة المجتمعية والمساهمات الخيرية.وأظهرت النتائج أن نحو 53% من هذه الدراسات أكد على وجود علاقة إيجابية، 5% تشير الى علاقة سلبية ،بينما 42% من هذه الدراسات أظهر عدم وجود أية علاقة.وقد تم دراسة العلاقة السببية بصورة معاكسة في عدد من الدراسات ال 95 ،بمعنى ما إذا كان الأداء المالي الجيد قد أنتج نتائج إيجابية للمسؤولية الاجتماعية للشركات، وكانت النتائج ايجابية في 68 ٪ من هذه الدراسات ، كانت هناك علاقة إيجابية، مما يشير إلى أن الشركات التي لديها أداء ماليا جيدا يكون لديهم القدرة على تخصيص الموارد للمبادرات الاجتماعية([24]).
وهناك أسبابا عديدة تعوق انتشار المسؤولية الاجتماعية للشركات فى الدول العربية، من أهمها:-([25])
  1. عدم وجود ثقافة المسؤولية الاجتماعية لدى معظم الشركات العربية. فمن الملاحظ أن عدد الشركات المتبنية لهذه الثقافة يمثلون قلة من الشركات الكبرى في حين أن الغالبية يجهلون تماما هذا المفهوم.
  2. إن معظم جهود هذه الشركات غير منظمة. فالمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص كي تكون مؤثرة في حاجة إلى أن تأخذ شكل تنظيمي و مؤسسي له خطة و أهداف محددة، بدلا من أن تكون جهودا عشوائية مبعثرة.
  3. غياب ثقافة العطاء للتنمية حيث أن معظم جهود الشركات تنحصر في أعمال خيرية غير تنموية مرتبطة بإطعام فقراء أو توفير ملابس أو خدمات لهم دون التطرق إلى مشاريع تنموية تغير المستوى المعيشي للفقراء بشكل جذري و مستدام.
  4. قلة الخبرات والمعرفة والقدرة العلمية على وضع المقاييس والمعايير لقياس المجهودات، فهناك حتى الآن خلط بين الأعمال الخيرية والمسئولية الاجتماعية.
ويمكن تطوير مختلف تطبيقات المسئولية الاجتماعية للشركات عن طريق نظام الوقف، من خلال تمكين المنظمات لتنفيذ برامج تنموية دائمة، وذلك من خلال دمج منظمات الأعمال والتنمية، و تطوير مجموعة متنوعة من النماذج المبتكرة من خلال إعداد ورش عمل وجلسات عصف ذهني، وكذلك من خلال تبادل الأفكار وبلورتها، وتشمل هذه الأفكار:-
- برنامج وقف الشركات من أجل التنمية.
- دور البنوك في عمل أوقاف من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من المنظمات التنموية.
- دور الشركات في تخصيص نسبة من أرباحها كوقف تنموى.
- دور الشركات في تحديد إحدى استثماراتها للمؤسسات التنموية.
- فى تأسيس صناديق للوقف لعمل مشاريع تنموية.
ويجدر القول بأن المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص لا تعنى مجرد المشاركة في الأعمال الخيرية و عمل حملات تطوعية و إنما تتسع لتشمل مسئوليتهم تجاه أفراد المجتمع المتعاملين معهم و العمل على فتح باب رزق للشباب فخلقهم لمشاريع الشباب لاستيعاب البطالة مثلاً يعد من أسمى ما يمكن أن يقوموا به من عطاء ، فيجب أن يكون للقطاع الخاص العربى دور تنموى أساسي و أن يصبح العطاء من أجل التنمية جزء لا يتجزأ من أنشطة هذا القطاع ، وكي تصبح المسؤولية الاجتماعية مؤثرة فهي في حاجة لأن تأخذ شكل تنظيمي و مؤسسي له خطة و أهداف محددة بدلا من أن تكون جهودا عشوائية مبعثرة و خيرية قد تؤدى إلى الإتكالية و هذا يستدعى وضع خطة تغيير مجتمعي لنهضة المجتمع العربى. باختصار تنبع مشاريع المسؤولية الاجتماعية من رغبة صادقة وإحساسا بالمسؤولية تجاه المتجمع و تصب في كل الجهات التي من شأنها رفع المستوى العام للمجتمع في مختلف المجالات و ذلك بتوظيف كل مواردها و إمكانياتها في سبيل تنظيم آلية موحدة تخدم المشاريع والحملات الموجهة لخدمة المجتمع و أبناء الوطن من الجنسين. ولاشك في أن هناك حاجة إلى مجهودات كبيرة لنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية و ثقافة العطاء التنموي بين المؤسسات و الشركات الكبرى في الدول العربية. و هذه الثقافة يجب أن تنتشر من خلال إبراز الواجب الأخلاقي و الوطني الذي يحتم على المؤسسات أن يقوموا به و أيضا من خلال وضع القوانين المحفزة للمؤسسات و التي تجعل من عطائهم حافزا لإنجاح و ترويج أنشطتهم التجارية. ومن الضروري التأكيد على أن نشر الوعي بالمسؤولية الاجتماعية بين الشركات والأفراد يحتاج إلى سنوات، وأن الشركات وخاصة التي تريد التوسع فى الخارج ستضطر إلى تبني برامج مسؤولية اجتماعية أسوة بالشركات في الدول المتقدمة. ولذلك يجب على الشركات تبني برامج عمل علمية محددة في مجال المسؤولية يمكن تقييمها وقياس مردودها.وفى هذا الخصوص نوصى بما يلى:-
أولا: توصيات عامه
  • توفير مناخ ملائم لقيام الشركات بنشاطها ومواجهة تحديات المنافسة المحلية والعالمية.
  • إعطاء القدوة الحسنة للشركات من خلال الإفصاح والإعلان بشفافية عن سياسات الحكومة المختلفة وتوفير المعلومات وإتاحتها وتحسين نظم الحوكمة في الهيئات والإدارات الحكومية المختلفة وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
  • تشجيع الشركات على التزامها بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه مختلف أصحاب المصالح من خلال الحوافز الضريبية والامتيازات الخاصة بالمناقصات الحكومية، لفترة محددة وربطها بتحقيق أهداف اجتماعية بعينها.
  • منح بعض الجوائز المالية والمعنوية لتشجيع الشركات على المساهمة الفعالة في برامج المسؤولية الاجتماعية لرأس المال.
  • تنظيم حملات واسعة النطاق للترويج لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات وزيادة الوعي لدى هذه الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، بأهمية هذه البرامج وأثرها على أرباح الشركات في المدى المتوسط والطويل وعلى اندماجها في سلاسل التوريد العالمية.
  • ترتيب أولويات التنمية الاجتماعية التي يتعين على قطاع الأعمال استهدافها وتحديد أكفأ الطرق للتعامل معها.
ثانيا: توصيات بشأن تضمين الوقف فى سياسة المسؤولية الاجتماعية للشركات
  • يتعين على كل شركة أن تُضمِن الرسالة الخاصة بها سياستها في تحمل مسؤوليتها الاجتماعية تجاه مختلف أصحاب المصالح، على النحو الذي يؤكد على حماية أصول الشركه، واحترام حقوق أصحاب المصالح وامكانية استخدام الوقف فى ذلك.
  • تبني الشركات سياسة واضحة للتنمية البشرية، بحيث تنص على مشاركة العاملين بالشركات في إدارتها من خلال مراجعة الميزانيات السنوية وتحديد الأجور ومستوى الرعاية الصحية التي يتمتعون بها وأيضا التدريب الذي يحتاجون إليه وافراد دور للوقف فى تحقيق ذلك.
  • تلتزم الشركات بمجموعة من القواعد التي تحددها مجالس إدارات هذه الشركات ويقرها حملة الأسهم ويتم إعلانها بكل شفافية لتفعيل دور الوقف فى نشاطها وتلتزم الشركات بتطبيقها .
  • يتعين على الشركات أن تهتم بتلبية التزاماتها تجاه عملائها وأن تسعى جاهدة لتلبية رغباتهم وحماية حقوقهم وادماج الوقف فى تحقيق ذلك.
  • ضرورة مراعاة الاعتبارات البيئية أثناء ممارسة الشركات لنشاطها الاقتصادي واظهار دور الوقف فى تحقيق ذلك.
  • إعداد توجيهات استرشادية للمسؤولية الاجتماعية وتفعيل دور الوقف بها.
الخاتمة
اولا : نتائج الدراسة
انتهت الدراسة الى مجموعة من النتائج و من أهمها مايلى :
  1. أظهرت الدراسة انه لا يوجد تعريف واحد متفق عليه للمسؤولية الاجتماعية للشركات. و مع ذلك يمكن تعريف المسؤولية الاجتماعية للشركات على انها ما تقوم به الشركات و تقدمه للمجتمع طبقا لتوقعاته من هذه الشركات على ان تتضمن هذه المسؤولية الاجتماعية مراعاة لحقوق الإنسان و قيم المجتمع و أخلاقياته و الالتزام بالقوانين و مكافحة الفساد و الشفافية والإفصاح .
  2. تزايد الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات فى معظم البلدان و اصبح لها الأولوية من حيث تحويل الشركات إلي شركاء فى التنمية المستدامة .
  3. تحمل الشركات لمسؤولياتها الاجتماعية يحقق العديد من الفوائد للمجتمع المحلى و الشركات معا و التى تتمثل فى تقديم سلع و منتجات صحية للمجتمع و المحافظة على بيئة نظيفة خالية من التلوث و زيادة ولاء الموظفين و تمتع الشركة بالمصداقية و خلق علاقات جيدة مع المساهمين و غيرهم من أصحاب المصالح.
  4. لازال هناك غموض وعدم دراية كافية من جانب كل من الأفراد والشركات والمجتمع العربي ككل بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات وأبعادها ومدى تطورها وكذلك بمدى فعاليته وكيفية بلورته والإفادة منه.
  5. تبنى الوقف كأحد أدوات عمل مسئولية الشركات سينعكس ذلك بشكل أيجابى على قطاع الأعمال وكذلك على المجتمع بشكل عام.
  6. يمكن أن يساهم الوقف في المسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال المحور التعليمى او الصحى او البيئى.
ثانيا: التوصيات
لتفعيل دور الوقف فى المسؤولية الاجتماعية للشركات نوصى بما يلى:
  1. قيام الجهات المعنية بتوفير البنية التحتية اللازمة لتضمين الوقف فى المسؤولية الاجتماعية الشركات وعلى وجه الخصوص الأنظمة وتوفير الدراسات والمعلومات على ضوء الاحتياجات الفعلية للمجتمع .
  2. ضرورة اهتمام وسائل الإعلام بالتوعية بنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية ومبادئها الصحيحة والمجالات المرتبطة بها والعائد على كل من المنشآت المؤدية لها وعلى المجتمع.
  3. قيام الدولة بتيسير الإجراءات المرتبطة بأداء الشركات للمسؤولية الاجتماعية من خلال الوقف ، وتوفير محفزات نظامية للشركات على ضوء تميزها في ذلك .
  4. سن التشريعات التى تكفل توفير عنصري الشفافية والإفصاح من قبل الشركات المنفذة في مجال الوقف والمسؤولية الاجتماعية .
  5. تنظيم ورشة عمل على مستوى تمثيل إقليمي عالي المستوى تضم صناع للقرار في الجهات المعنية لتحديد معايير آداء المسؤولية الاجتماعية ومشروعية مساهمة الوقف فى تحقيق ذلك، تعميم منح جوائز للتميز في أداء المسؤولية الاجتماعية لإذكاء التنافسية بين الشركات في تحقيق وتوسعة نطاقات المسؤولية الاجتماعية .
  6. ضرورة وجود ادارات متخصصة للمسؤولية الاجتماعية من خلال الوقف داخل الشركات تتولى تخطيط وتنفيذ البرامج والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة ، على أن تتبع الإدارة العليا مباشرة ،وتبادل الخبرة والتجارب العملية فيما بينها والتعرف على نقاط القوة والضعف لتطبيق أفضل الأساليب جدوى في مجالات المسؤولية الاجتماعية .
([1]) أحمد أبوزيد، نظام الوقف الإسلامي تطوير أساليب العمل و تحليل نتائج بعض الدراسات الحديثة ،متاح فى:http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Wakf/wakf.htm
([2]) راجع:
- عجيل جاسم النشمى،بحث احكام الوقف الخيرى فى الشريعة الاسلامية،مقدم لندوة الوقف الخيرى ،هيئة أبو ظبى الخيرية،الامارات العربية المتحدة، ، 30-31/3/1995 ،ص 5
-الوقف الإسلامي في التنمية وحماية البيئة متاح فى:
http://alwaei.com/topics/current/article.php?sdd=491
([3]) تعددت عبارات الفقهاء في تعريفه بناء على اختلاف آرائهم في لزومه، وتأبيده، وملكيته.
فعند الحنفية هو "حبس العين على حكم ملك الواقف، والتصّدق بالمنفعة على جهة الخير".
وعند المالكية هو "إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازماً بقاؤه في ملك معطيه أو تقديراً".
أما عند الشافعية فهو "حبس مال يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبة من الواقف وغيره، على مصرف مباح موجود تقرّباً إلى الله".
أما تعريف الحنابلة فهو"تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة على بر أو قربة".
وإذا نظرنا إلى هذه التعريفات وجدنا أنها متقاربة. بالنظر إلى جوهر حقيقة الوقف، وهي تحبيس العين على وجه من وجوه الخير، ومنع التصرف فيها من قبل المالك، ومن قبل الموقوف عليه معا. وإنما تستفيد الجهة أو الجهات الموقوف عليها من منافعها. وإنما اختلفت تعريفات الفقهاء تبعاً لاختلافهم في بعض الأحكام والتفريعات الجزئية. راجع للتفاصيل: -
- وهبة الزحيلى،الأموال التى يصح وقفها وكيفية صرفها، ندوة الوقف الخيرى ،هيئة أبو ظبى الخيرية،الامارات العربية المتحدة، ، 30-31/3/1995 ،ص ص 2-7
- أحمد بن يوسف الدريويش،الوقف: مشروعيته وأهميته الحضارية،متاح فى
- أحمد بن عبد الجبار الشعبي الوقف مفهومه ومقاصده،متاح فى
- أحمد أبوزيد، نظام الوقف الإسلامي تطوير أساليب العمل و تحليل نتائج بعض الدراسات الحديثة ،متاح فى:http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Wakf/wakf.htm
([4]) لمزيد من التفاصيل حول الآيات التى تدل على مشروعية الوقف راجع محمد بن أحمد الصالح،الوقف الخيري وتميزه عن الوقف الأهلي، متاح فى

([5]) للتفاصيل راجع:
- عجيل جاسم النشمى،بحث احكام الوقف الخيرى فى الشريعة الاسلامية،مقدم لندوة الوقف الخيرى ،هيئة أبو ظبى الخيرية،الامارات العربية المتحدة، ، 30-31/3/1995 ،ص 5
-الوقف الإسلامي في التنمية وحماية البيئة متاح فى:
http://alwaei.com/topics/current/article.php?sdd=491
([6]) أحمد أبوزيد، نظام الوقف الإسلامي تطوير أساليب العمل و تحليل نتائج بعض الدراسات الحديثة ،متاح فى:http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Wakf/wakf.htm
([7]) معبد على الجارحى، الأوقاف الاسلامية ودورها فى التنمية، ندوة الوقف الخيرى ،هيئة أبو ظبى الخيرية،الامارات العربية المتحدة، ، 30-31/3/1995 ،ص5
([8]) UNIDO and the World Summit on Sustainable Development, Corporate Social Responsibility: Implications for Small and Medium Enterprises in Developing Countries, Vienna, 2002,p5
([9]) World Business Council for Sustainable Development (WBCSD).. Meeting changing expectations: Corporate social responsibility,1999,p 3
([10]) World Bank, Opportunities and options for governments to promote corporate social responsibility in Europe and Central Asia: Evidence from Bulgaria, Croatia and Romania. Working Paper, March 2005..p1
[11]http://www.csrkuwait.com/AboutCSR.aspx
([12]) راجع:
- فؤاد محمد حسين الحمدي، الأبعاد التسويقية للمسؤولية الإجتماعية للمنظمات و انعكاساتها على رضا المستهلك، رسالة دكتوراه ،جامعة بغداد، العراق، 2003، ،ص ص 35-36
- Kanji Tanimoto,Corporate Social Responsibility and Public Policy,p1.in:
http://www.adbi.org/files/session4_0...moto_paper.pdf
([13]) راجع:
- نهال المغربل ، ياسمين فؤاد،المسئولية الاجتماعية لرأس المال في مصر:بعض التجارب الدوليه،مرجع سابق ،ص5
- جون سوليفان وآخرون( ألكسندرشكولنيكوف جوش ليتشمان)،مواطنة الشركات مفهوم المواطنة وتطبيقاته في مجال الاعمال،مرجع سابق ،ص ص19-20
([14]) جون سوليفان وآخرون( ألكسندرشكولنيكوف جوش ليتشمان)،مواطنة الشركات مفهوم المواطنة وتطبيقاته في مجال الاعمال،مرجع سابق ،ص 19
([15]) عصام بن حسن كوثر،الأوقاف :نماذج دولية،ملتقى تنظيم الأوقاف، فندق الريتز كارلتون بمدينة الرياض،السعودية،14-15 /6/1433 هـ،ص 11
([16]) للتفاصيل حول مجالات الوقف ومصارفه في القديم راجع حمد بن إبراهيم الحيدري ،مجالات الوقف ومصارفه في القديم والحديث ،متاح فى
www.al-islam.com/arb/Nadwa/doc/book 31.doc -

([17]) عبد الله بن عبد العزيز المعيلي، دور الوقف في العملية التعليمية، ص ص 718-719متاح فى: www.al-islam.com/arb/Nadwa/doc/book 50.doc
([18]) للتفاصيل راجع،منذر قحف،الوقف الاسلامى:تطوره ،ادارته ،تنميته ،ص ص 49-52. متاح في: http://www.kantakji.com/fiqh/Files/Wakf/210115.pdf
([19]) للتفاصيل راجع:
عبد العزيز بن حمود الشثري،الوقف ودعم مؤسسات الرعاية الصحية ص ص 830-834 متاح فى: www.al-islam.com/arb/Nadwa/doc/book 47.doc
([20]) منذر قحف،الوقف الاسلامى:تطوره ،ادارته ،تنميته ،ص ص 46-47. متاح في: http://www.kantakji.com/fiqh/Files/Wakf/210115.pdf
([21]) لمزيد من التفاصيل راجع:عبد الله بن ناصر السدحان، الأوقاف وأثرها في دعم الأعمال الخيرية في المجتمع،متاح فى http://www.saaid.net/Anshatah/dole/3.htm
([22]) علاء الدين زعتري،المسؤولية الاجتماعية للشركات، متاح فى
http://www.alzatari.net/print-research/61.html
([23]) عسكر الحارثى ،ثقافة المسؤولية الاجتماعية من أين تبدأ ؟،ورقة عمل قدمت الى ملتقى العطاء العربي الثاني، أبوظبي في الفترة من 6-7 يناير 2009،%
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للشركات, مثيل, المسئولية, الاجتماعية, الاسلامى, تفعيل, دورالوقف


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع دورالوقف الاسلامى في تفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأساليب النبوية في تنمية المسؤولية الاجتماعية عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 05-08-2015 07:07 AM
سبل تفعيل الشراكة بين قطاع الأعمال والقطاع الخيري لدعم المسؤولية الاجتماعية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 06-25-2013 10:24 AM
أخلاقيات الأعمال وأثرها في تفعيل محاسبة المسؤولية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-03-2013 09:55 PM
المسؤولية الاجتماعية تجاه العاملين وانعكاسها على اخلاقيات العمل Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 01-29-2013 09:48 PM
ملخص بحث بعنوان الأساليب النبوية في تنمية المسئولية الاجتماعية Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 11-22-2012 11:53 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59