#1  
قديم 02-04-2016, 09:46 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,147
ورقة هل يفلت الابن من الحساب أيضا ؟


في ذكرى مجزرة حماة ...هل يفلت الابن من الحساب أيضا ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(د. زياد الشامي)
ــــــــــ

25 / 4 / 1437 هــ
4 / 2 / 2016 م
ـــــــــــ

650_433_013649684832803-thumb2.jpg


بداية لا بد من التذكير بأن المقصود بالحساب هنا الحساب الدنيوي العاجل , أما الحساب الأخروي عند الله تعالى فلا شك أنه آت لا محالة , ولا يشك أو يجحد بحتمية ذلك إلا من لم يذق طعم حقيقة الإيمان بعد , فلا يمكن لبشر أن يفلت من حساب الآخرة أبدا , قال تعالى : { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } غافر/17


بعد بيان هذه الحقيقة الثابتة يمكن الحديث الآن عن التساؤل الذي يتردد في أذهان كثير من السوريين – والمسلمين عموما – عن مدى إمكانية أن يفلت طاغية الشام اليوم من المحاسبة والعقاب بعد ارتكابه عددا لا يحصى من الجرائم والمجازر تفوق ببشاعتها وعنفها وعدد ضحاياها ما ارتكبه والده المقبور - كما يحلو للسوريين أن ينعتوه إن أرادو الحديث عنه تجنبا لذكر اسمه الممقوت على ألسنتهم - في حماة ؟!


ولعل مناسبة هذا التساؤل هو مرور الذكرى الــ 34 لمجزرة حماة المروعة التي لا يمكن لذاكرة الناجين من أهل وسكان مدينة حماة ممن عايشوا هذه المأساة الإنسانية المعاصرة أن ينسوها , كما لا يمكن للسوريين الذين عاصروا هذه المجزرة أن يمحوا آثارها السيئة على نفوسهم وحياتهم بشكل عام .


ففي مثل هذا اليوم من عام 1982م كانت مدينة حماة التي تتوسط سورية على موعد مع أكبر مجزرة في العصر الحديث كما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية , ومع "فرصوفيا أخرى " كما وصف دبلوماسي غربي في شهادته على ما حدث بحماة , أي مثلما حدث لفرصوفيا - وارسو الآن - أثناء الحرب العالمية الثانية... حيث قال : إنه فعلا "موت مدينة" .


لا يمكن معرفة عدد ضحايا هذه المجزرة على وجه الدقة , فإذا كانت أكثر الإحصائيات تتحدث عن 40 ألف قتيل , بالإضافة لأكثر من 15 ألف مفقود و100 ألف نازح وآلاف المعتقلين.....كما جاء في تقدير اللجنة السورية لحقوق الإنسان , فإن العدد الحقيقي للضحايا أكثر من ذلك بكثير كما يؤكد الكثير ممن عايشوا أو عاصروا تلك المجزرة من السوريين .


وأما عن الخراب والدمار الذي لحق بالمدينة عموما فحدث ولا حرج , فقد وصف الكثير ممن دخلوا المدينة بعد المجزرة المروعة حينها بأشهر بأنها أشبه بالخرابة , ولا تمت بصلة إلى مسمى المدينة , نظرا لهول الدمار الذي حل بالمباني والمنازل السكنية , كما لم تسلم المساجد بالتأكيد من همجية ووحشية القوات النصيرية , حيث ذكرت بعض الإحصائيات أن أكثر من 88 مسجد أزيل من على وجه الأرض.... وما خفي كان أعظم .


بعد كل هذه الجرائم الوحشية التي لا يمكن لقاموس قوانين الأمم المتحدة بما يتعلق بجرائم الإبادة والحرب وحقوق الإنسان..... أن يستوعب تصنيفها , فإن الطاغية الأب قد أفلت من المساءلة , ونجا من المحاسبة والعقاب الدنيوي لأسباب كثيرة تكشف معظمها , بل وحكم سورية حتى وفاته عام 2000م , فهل يتكرر السيناريو نفسه مع ولده اليوم ؟!


يتبادر هذا السؤال للكثيرين الآن وهم يرون طاغية الشام الابن يتمادى في غيه وطغيانه , ويسترسل في ارتكاب المزيد من المجازر التي تفوق بمراحل مجزرة حماة , حيث لم يكتف هولاكو العصر بقتل السوريين بالقنابل والقذائف والبراميل المتفجرة فحسب , بل استخدم السلاح الكيماوي والغازات السامة , ناهيك عن سلاح التجويع وحصار المدن والبلدات المعارضة.....الخ .


وإذا كانت الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان قد تغاضت عن مجزرة حماة في السابق , مستغلة التعتيم الإعلامي الذي فُرض على هذه المجزرة - حتى أن كثيرا من السوريين فضلا عن العرب والمسلمين لم يكن يعلم بهذه المجزرة حتى عهد قريب - وتعمدت عدم ملاحقة الطاغية الأب عن هذه الجريمة الموصوفة ..... فإن الصهيونية العالمية اليوم , ومعها الدول الغربية والأمم المتحدة , بالإضافة لروسيا الشيوعية وإيران الصفوية ... تساند الطاغية الابن وتساعده على ارتكاب المزيد من المجازر , على الرغم من انتشار مشاهدها المروعة على جميع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي .


ومن هنا فإن مسألة محاسبة هولاكو العصر عن مجازره المروعة بحق الشعب السوري والإنسانية عموما أمام محكمة الجنايات الدولية تبدو غير واردة و لا متوقعة , خصوصا مع انكشاف الكثير من الحقائق الخطيرة خلال السنوات الخمس من عمر ثورة الياسمين وأهمها : مدى عمالة نظام الحكم النصيري في سورية للصهاينة والدول الغربية وملالي قم , ومدى تمسكهم باستمرار هذه الأقلية في حكم دولة ذات موقع استراتيجي كــ "سورية" .


إذا .... تبقى الوسيلة الوحيدة لمحاسبة ومعاقبة طاغية الشام الحالي على مجازره الوحشية في الدنيا قبل الآخرة بيد الثوار على الأرض وبيد الدول الداعمة للثورة , أما بالنسبة للثوار فليس هناك عقاب للطاغية أشد من توحد الفصائل المقاتلة ضد مليشاته ومرتزقته , وهي الوسيلة الوحيدة – بعد عون الله وتأييده – لتحقيق النصر المبين المنتظر , وأما بالنسبة للدول الداعمة والحليفة , فإن السلاح النوعي هو كلمة السر في إمكانية محاسبة الطاغية عن مجازره وجرائمه , والوسيلة الفضلى لعدم إفلاته من العقاب الدنيوي كما أفلت والده .


------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أيضا, الابن, الحساب, حفلة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع هل يفلت الابن من الحساب أيضا ؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتّش عن حفلة الشاي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-14-2015 08:26 AM
كاتب بريطاني لأوباما: لماذا لا تضرب الميليشيات الشيعية في العراق أيضا؟ Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 10-02-2014 09:54 AM
أبشر ..... وصلاة جماعه أيضا! صباح الورد الملتقى العام 0 07-01-2014 02:24 PM
الحساب ام زهرة مقالات وتحليلات مختارة 0 10-16-2013 05:34 PM
إسلام شروبسكي الابن الأكبر لأحد أبرز الحاخامات اليهود صداع فى رأس اسرائيل احمد ادريس المسلمون حول العالم 0 03-26-2012 06:28 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:55 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59