#1  
قديم 01-01-2016, 08:27 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة الأحاديث الطوال (في بيت النبوة)


الأحاديث الطوال (في بيت النبوة)
ــــــــــــــــ

(د. إبراهيم بن محمد الحقيل)
ـــــــــــــــ

21 / 3 / 1437 هــ
1 / 1 / 2016 م
ــــــــــــــ

الأحاديث Minbar.jpg

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71]

أما بعد: فإن خير الكلام كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: تتطلع نفوس أهل الإيمان لمعرفة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وتعامله مع أصحابه رضي الله عنهم، وعلاقته بنسائه وبناته رضي الله عنهن؛ للتأسي به فهو القدوة، ولمواساة النفس في حال كدرها بسبب زوجة أو ولد أو صاحب؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لاقى ما يلاقي الرجال في بيوتهم من اختصام النسوة وغيرتهن. وهذا حديث طويل يحكي شيئا من ذلك يرويه ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَيَقُولُ: «مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، قَالَ: فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ: مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ فَقَالَ: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي، فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ عُمَرُ:

وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ - أَيْ أَتَفَكَّرُ فِيهِ -، إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكَ وَلِمَا هَا هُنَا، وَفِيمَ تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ؟ فَقَالَتْ لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ، فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ، وَغَضَبَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا، فَكَلَّمْتُهَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ، فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا...» رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية لمسلم: قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:« لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى، وَيَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَ عُمَرُ، فَقُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ - وَمُرَادُهَا عَلَيْكَ بِوَعْظِ ابْنَتِكَ - قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ، أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَاللهِ، لَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُحِبُّكِ، وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاءِ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَةِ، مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ - وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْحَدِرُ - فَنَادَيْتُ: يَا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي، فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ، وَاللهِ، لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَرْبِ عُنُقِهَا، لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا، وَرَفَعْتُ صَوْتِي، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ ارْقَهْ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَجَلَسْتُ، فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، - وَهُوَ الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ - قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، قَالَ: «مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَمَا لِي لَا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفْوَتُهُ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟»، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ، وَأَنَا أَرَى فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ؟ فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ، فَإِنَّ اللهَ مَعَكَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَجِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَأَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَكَ، وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ وَأَحْمَدُ اللهَ بِكَلَامٍ، إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللهُ يُصَدِّقُ قَوْلِي الَّذِي أَقُولُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، آيَةُ التَّخْيِيرِ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى، يَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، أَفَأَنْزِلُ، فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ، قَالَ: «نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ»، فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ حَتَّى تَحَسَّرَ الْغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ، وَحَتَّى كَشَرَ فَضَحِكَ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا، ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلْتُ، فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالْجِذْعِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا كُنْتَ فِي الْغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، قَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ»، فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي، لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ»

والتَخيير هو المذكور في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بِي، فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ»، قَالَتْ: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28-29] "، قَالَتْ: فَقُلْتُ: فِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ» رواه الشيخان.
فرضي الله تعالى عن أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وجمعنا بهم بحبنا لهم في دار النعيم، إنه سميع مجيب.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله...

الخطبة الثانية
-----------

الحمد لله حمدًا طيِّبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه.
أيها المسلمون: في هذا الحديث العظيم يظهر ولاء الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ومحبتهم له، والحزن لما أصابه، حتى جمعهم حزنهم لأجل النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ينكتون الحصى، قد أطبق الصمت عليهم. ويظهر الولاء للنبي صلى الله عليه وسلم جليا في موقف عمر رضي الله عنه حين أقسم إن أمره النبي صلى الله عليه وسلم بقتل حفصة ليقتلنها لأجله وهي ابنته، وفي وقوفه معه لو طلق جميع نسائه، وفي نصحه لهن من إغضاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ويظهر ولاء أمهات المؤمنين في اختيار العيش مع النبي صلى الله عليه وسلم وشظفه وقلته، على فراقه وتمتعهن بمتع الدنيا.

وفيه حلم النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه، وصبره على ما يقع بينهن؛ فإنه اعتزلهن شهرا لتأديبهن، وناله من هذه العزلة ما ناله من الأذى والنصب؛ لأن اعتزال الأهل شديد الوطأة على النفس، وكان بمقدوره أن يستبدل بهن غيرهن، أو يعتزلهن وفي عزلته يتزوج فلا يقع في العزلة معهن، ولكنه لم يفعل ذلك مراعاة لخواطرهن، وحتى لا يزيد ألم اعتزاله إياهن، فتحمل ما تحمل لأجلهنَّ.
فهل نحقق الموالاة للنبي صلى الله عليه وسلم كما حققها أزواجه وأصحابه رضي الله عنهم، فنوالي أولياءه، ونعادي أعداءه، ونحب ما أحب، ونكره ما كره، ونطيع أمره، ونجتنب نهيه، ونلتزم دينه؟!
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ} [آل عمران:31-32].
وصلوا وسلموا على نبيكم...

-----------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-15-2016, 08:28 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة الأحاديث الطوال (في بيت النبوة - 2)

الأحاديث الطوال (في بيت النبوة - 2)
ــــــــــــــــــ

(د. إبراهيم بن محمد الحقيل)
ـــــــــــــــ

8 / 7 / 1437 هــ
15 / 4 / 2016 م
ــــــــــــ






الْحَمْدُ لِلهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ {خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [النَّجم: 45-46] نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ المُذْنِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، فَالْخَيْرُ بِيَدَيْهِ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْهِ، وَإِنَّا بِهِ وَإِلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ حَاجَةَ المَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ كَحَاجَتِهِ إِلَيْهَا، وَتَحْصُلُ السَّعَادَةُ بِتَكَامُلِهِمَا وَتَآلُفِهِمَا وَتَوَادِّهِمَا، وَيَقَعُ الشَّقَاءُ بِتَنَافُرِهِمَا وَخَلْقِ الصِّرَاعِ بَيْنَهُمَا {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرُّوم: 21]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ لَهُ فِي بَيْتِهِ وَمَعَ نِسَائِهِ أَخْبَارٌ وَأَحْوَالٌ تَدُلُّ عَلَى بَشَرِيَّتِهِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَى صَبْرِهِ وَحِلْمِهِ وَعَدْلِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ، وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ أَدَّبَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ تَعَالَى فَقَالَ فِيهِ: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ دِينِهِ مَا يَنْفَعُكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ وَأُخْرَاكُمْ؛ فَإِنَّ المَوْتَ قَرِيبٌ، وَالْحِسَابَ عَسِيرٌ، وَهَوْلَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقَّة: 18].
أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ يُعَايِشُ الْإِنْسَانُ عَدَدًا كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، وَيُطِيلُ المُكْثَ مَعَهُمْ، وَيَطَّلِعُونَ عَلَى حَيَاتِهِ الْخَاصَّةِ؛ فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مِنْ عُيُوبِهِ وَأَخْطَائِهِ وَأَسْرَارِهِ مَا لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمْ. وَكُلَّمَا كَثُرَ الْمُحِيطُونَ بِالمَرْءِ كَانَ ذَلِكَ أَدْعَى لِكَشْفِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَاشَ وَحِيدًا، وَمَاتَ وَحِيدًا. لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ عِشْرَةً لِلنَّاسِ، وَاطَّلَعَ أَزْوَاجُهُ الْكَثِيرَاتُ عَلَى أَسْرَارِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ دَاخِلَ غُرَفِهِنَّ- مَا كَانَتْ حَيَاتُهُ فِي السِّرِّ تَخْتَلِفُ عَنْ حَيَاتِهِ فِي الْعَلَنِ، وَمَا كَانَ يَتَصَنَّعُ لِلنَّاسِ أَشْيَاءَ يَفْعَلُ غَيْرَهَا، وَلَا نَقَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مَا يُعَابُ عَلَيْهِ رَغْمَ طُولِ الْعِشْرَةِ وَالمُخَالَطَةِ، وَمِنْ أَزْوَاجِهِ مَنْ كُنَّ بَنَاتِ أَعْدَائِهِ؛ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ الَّتِي يَغْفُلُ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ رَغْمَ أَهَمِّيَّتِهَا؛ فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَمَعَ أُسْرَتِهِ جَمَعَ بَيْنَ الصِّفَاتِ الْبَشَرِيَّةِ الِاعْتِيَادِيَّةِ، وَبَيْنَ التَّنَزُّهِ عَمَّا يُعَابُ مِنْهَا.

وَهَاكُمْ حَدِيثًا عَجِيبًا عَنْ شِجَارٍ حَصَلَ بِحَضْرَتِهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَمَاذَا قَالَ؟ وَمَاذَا قُلْنَ؟ وَمَاذَا فَعَلَ؟ وَمَاذَا فَعَلْنَ؟ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: فَكَلِّمِيهِ، قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؛ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ» فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟» فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ، (وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَقُلْنَ لَهَا:

مَا نَرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ) فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، (وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا، قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ) فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ: «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ». أَيْ: إِنَّهَا شَرِيفَةٌ عَاقِلَةٌ عَارِفَةٌ كَأَبِيهَا.

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، وَكَوْنُهَا أَحَبَّ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، وَالْأُخْرَيَاتُ مِنْ نِسَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا سَأَلْنَهُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُنَّ فِي مَحَبَّةِ الْقَلْبِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْأَفْعَالِ وَالْمَبِيتِ وَالنَّفَقَةِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مَحَبَّةُ الْقَلْبِ فَكَانَ يُحِبُّ عَائِشَةَ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ، وَالْقَلْبُ لَا يَمْلِكُهُ إِلَّا اللهُ تَعَالَى؛ وَلِذَا عُذِرَ المَرْءُ فِي مَيْلِ الْقَلْبِ، مَا لَمْ يُؤَدِّ مَيْلُهُ إِلَى الظُّلْمِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129].
وَفِيهِ تَنَافُسُ الضَّرَائِرِ عَلَى الرَّجُلِ، وَالْحَظْوَةِ بِهِ، وَلَا لَوْمَ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْخَرَةٌ لِأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ- أَنْ يَتَغَايَرْنَ عَلَى أَفْضَلِ الْخَلْقِ وَأَزْكَاهُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَإِذَا اخْتَصَمَ الضَّرَائِرُ أَمَامَ زَوْجِهِنَّ فَيَسَعُهُ السُّكُوتُ عَنْهُنَّ، فَلَا يَمِيلُ بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ مَعَ بَعْضِهِنَّ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْتَصِرْ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- رَغْمَ أَنَّهُ يُحِبُّهَا، وَرَغْمَ أَنَّ زَيْنَبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- اعْتَدَتْ عَلَيْهَا بِالْقَوْلِ، وَلَمْ يُحَرِّضْ عَائِشَةَ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهَا، بَلْ سَكَتَ، حَتَّى فَهِمَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- مِنْ نَظْرَتِهِ أَنَّهُ لَا يُمَانِعُ مِنِ انْتِصَارِهَا لِنَفْسِهَا، فَرَدَّتْ عَلَى زَيْنَبَ قَوْلَهَا.

وَفِيهِ هَيْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ نِسَائِهِ رَغْمَ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُهُنَّ، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّعْنِيفِ عَلَيْهِنَّ، وَكَانَ لَهُ عِنْدَهُنَّ إِجْلَالٌ وَتَوْقِيرٌ كَبِيرٌ، جَعَلَ عَائِشَةَ لَا تَنْتَصِرُ لِنَفْسِهَا حَتَّى عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَغْضَبُ مِنْ ذَلِكَ، وَحَتَّى أَرْسَلَ نِسَاؤُهُ بِشَكْوَاهُنَّ مَعَ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ؛ لِعِلْمِهِنَّ بِمَكَانَتِهَا عِنْدَ أَبِيهَا وَمَحَبَّتِهِ لَهَا.

وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ حَلَاوَةُ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَهِيَ حَلَاوَةٌ لَا يَجِدُ طَعْمَهَا إِلَّا مَنْ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا مَنِ اسْتَسْلَمَ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَشَرْعِهِ، وَأَيْقَنَ أَنَّ أَعْظَمَ مَا يَنْفَعُهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا حَوَاهُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ، فَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُمَا، وَلَا يَسْتَبْدِلُ بِهِمَا غَيْرَهُمَا، وَإِلَّا كَانَ مِمَّنِ اسْتَبْدَلَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ. وَذَلِكَ سَبِيلُ الْجَهَلَةِ المُعْرِضِينَ.

نَعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنَ الْجَهْلِ وَالْهَوَى، وَمِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِكَمَالِ الْإِيمَانِ، وَتَمَامِ الِاسْتِسْلَامِ، وَرُسُوخِ الْيَقِينِ، وَالْإِخْلَاصِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمُتَابَعَةِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
--------

الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: فِي قِصَّةِ خُصُومَةِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ، مَا كُنَّ عَلَيْهِ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، وَالِاسْتِغْفَارِ مِنَ الذَّنْبِ، وَالْإِنْصَافِ مِنَ النَّفْسِ، وَمَا أَعْسَرَ ذَلِكَ عَلَى النُّفُوسِ! فَأُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- لمَّا كَلَّمَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- وَكَرَّرَتْ ذَلِكَ، فَنَهَاهَا أَنْ تُؤْذِيَهُ فِي عَائِشَةَ، مَا كَانَ جَوَابُهَا إِلَّا أَنْ قَالَتْ: «أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» سُرْعَةٌ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، وَالتَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ، وَإِمْسَاكٌ عَنِ الْقَوْلِ وَالْجِدَالِ، فَأَيْنَ مِنْ هَذَا المَوْقِفِ الْعَجِيبِ مَنْ يُجَادِلُونَ فِي دِينِ اللهِ تَعَالَى بِجَهْلٍ أَوْ بِهَوًى، أَوْ بِكِلَيْهِمَا، وَيُصِرُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَلَى بَاطِلِهِ حَتَّى يَزِيغَ قَلْبُهُ؟!

وَمَا أَعْظَمَ مَوْقِفَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فِي وَصْفِهَا لِزَيْنَبَ، وَهِيَ ضَرَّتُهَا! بَلْ هِيَ أَكْثَرُ نِسَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُنَافَسَةً لَهَا، فَحِينَ وَصَفَتْهَا عَائِشَةُ قَالَتْ فِيهَا مَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَادِحٌ، كَمَا جَاءَ فيِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ:«فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ. وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ».

فَمَدَحَتْهَا بِأَجْمَلِ الْخِصَالِ، وَقَلَّلَتْ مِمَّا فِيهَا مِنْ سُرْعَةِ الْغَضَبِ، فَقَالَتْ: سَوْرَةٌ مِنْ حِدَّةٍ، ثُمَّ أَعْقَبَتْ ذَلِكَ بِمَدْحِهَا فِي سُرْعَةِ رُجُوعِهَا عَنْ غَضَبِهَا. تَقُولُ عَائِشَةُ ذَلِكَ وَهِيَ الَّتِي تَخَاصَمَتْ مَعَهَا، وَتَبَادَلَتَا السِّبَابَ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنَّهَا النُّفُوسُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا تَنْزِعُ إِلَى الظُّلْمِ وَالِافْتِرَاءِ وَالْبَغْيِ لَا فِي الْقَوْلِ وَلَا فِي الْفِعْلِ.
وَلَمْ تَكُنْ زَيْنَبُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَقَلَّ مِنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ النَّبِيلَةِ؛ إِذْ لمَّا وَقَعَ مَنْ وَقَعَ فِي الْإِفْكِ، وَكَانَتْ فُرْصَةً لِزَيْنَبَ أَنْ تَنْتَقِمَ مِنْ عَائِشَةَ، عَصَمَ زَيْنَبَ دِينُهَا فَكَانَ أَقْوَى مِنْ غَضَبِهَا، وَضَبَطَ وَرَعُهَا غَيْرَتَهَا، فَدَافَعَتْ عَنْ عَائِشَةَ، وَاسْتَنْكَرَتْ مَا قُذِفَتْ بِهِ مِنَ الْإِفْكِ، حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: «يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ؟ مَا رَأَيْتِ؟»، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالوَرَعِ». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

فَلِلَّهِ دَرُّ هَذِهِ النُّفُوسِ الْعَظِيمَةِ! وَللهِ دَرُّ هَذِهِ الْقُلُوبِ الْكَبِيرَةِ! وَمَا أَحْوَجَنَا إِلَى تَعَلُّمِ الْعَدْلِ فِي الْقَوْلِ وَالْحُكْمِ عَلَى الْآخَرِينَ فِي زَمَنٍ طَغَى فِيهِ الظُّلْمُ عَلَى النُّفُوسِ، فَنَزَعَتْ إِلَى الْبَغْيِ وَالِافْتِرَاءِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ! {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: 152].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...




-------------------------------
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأحاديث, النبوة), الطوال


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الأحاديث الطوال (في بيت النبوة)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دعوة للتأكد من صحة الأحاديث المنقولة وخطورة التساهل في ذلك تراتيل شذرات إسلامية 7 12-08-2016 05:16 PM
منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 1 06-13-2013 01:00 PM
أحرف العطف غير الأحادية في شعر السَّيّاب Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 11-11-2012 09:28 PM
الدرر السنية للتأكد من صحة الأحاديث النبوية تراتيل شذرات إسلامية 0 02-03-2012 04:26 PM
مائة حديث من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وهي منتشرة بين الخطباء والوعاظ Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 02-03-2012 01:37 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59