#1  
قديم 10-18-2014, 08:17 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب


التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب*
ـــــــــــــــــــ

24 / 12 / 1435 هــ
18 / 10 / 2014 م
ــــــــــــ

التسامح والعدوانية _3765.jpg

التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب

تأليف : صالح بن عبد الرحمن الحصين

ـــــــــــــــ

*ـ رغم اختفاء خرافة انتشار الإسلام بالسيف من الكتابات الجادة للمؤرخين الغربيين أو كادت, وذلك بعد مواجهة الكثير من الحقائق التي تثبت انتشار الإسلام بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة, إلا أن صورة المسلم في الثقافة الغربية العامة ما زالت مرتبطة بالعنف والعدوانية والتعصب, ولم تتغيير هذه الصورة كثيرا عما كانت عليه في القرون الوسطى الأوربية.

وفي الوقت الذي يصور الغربيون فيه الإسلام بأنه يحمل في جوهره بذور التعصب والعدوانية والعنف, فإنهم يعنون ضمنا ابتعاد الثقافة الغربية عن هذا العنف والتعصب والتطرف, ولكن الواقع والتاريخ يشهد بعكس ذلك تماما, فالقرون الماضية تشهد حروبا تشنها الدول الغربية على العالم الإسلامي, وقد كان آخرها الحرب على الإرهاب المعلنة على الإسلام منذ سنوات وما زالت مستمرة إلى اليوم.

تناول المؤلف موضوع التسامح والعداونية بين الإسلام والغرب في ثمانية فصول, تحدث في الفصل الأول عن جذور التسامح وثماره في الإسلام, فالعفو و الرحمة والصفح والمغفرة لم تكن صفات لله تعالى في القرآن الكريم فحسب, بل دعت المؤمنين للاتصاف بها في حياتهم الدنيا, وتساءل المؤلف بعد عرض كثير من تلك الآيات: هل يوجد دين أو ثقافة غير الإسلام أعطى عناية مثل هذه العناية في التربية على التسامح؟؟ موضحا أن التسامح في الإسلام ليس تسامح الذل والهوان أو الخنوع للظلم والظالمين.

وقد نبه المؤلف إلى وضوح فكرة التسامح في الإسلام, وذكر بعض أقوال المنصفيين من مفكري الغرب من أمثال غوستاف لبون الذي قال: (إن التاريخ أوضح -بما فيه الكفاية– أن أسطورة المسلمين الذين ساحوا في العالم ينشرون الإسلام بحد السيف واحدة من أسخف الخرافات التي ظل المؤرخون الغربيون يرددونها).

في الفصل الثاني تناول المؤلف موضوع التسامح في الإسلام من معنى أشمل وأوسع منه وهو (حسن الخلق), وبعد تعريفه ذكر المؤلف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المسلم على حسن الخلق حتى تصبح عنده سجية كفيلة بتهيأته نفسيا وذهنيا للتسامح تجاه الآخرين.

في الفصل الثالث تناول المؤلف تصور المسلم عن الكون والحياة وعلاقة المسلم بالطبيعة, فالقرآن الكريم مليء بالآيات عن تسبيح كل شيء بحمد الله, مما يدفع المسلم لينضم إلى زمرة المسبحين بحمده في انسجام تام مع خلق الله, وكذلك الأمر في آيات تسخير الموجودات للإنسان, وفي آيات الاختلاف التي تدل على التنوع والتكامل وليس التناقض والتضاد.

إن انسجام المسلم مع الكون وشعوره بالألفة والسلام مع عناصره بالأسلوب الذي تعلمه من القرآن, يسهل عليه إدراك الوحدة في تنظيم الإسلام لسلوكه, فيدرك أنه مخلوق في هذا الكون لغاية, وأن تسخير الموجودات له امتحان واختبار, وأن المقصود هو العبادة لله التي لا تقتصر على الصلاة والصيام فحسب, بل تتناول كل عمل صالح ومفيد تنوي به وجه الله.

واستشهد المؤلف بكلام لمحمد أسد يؤكد فيه على حاجة عصرنا الحاضر لتعاليم الإسلام عن الكون والإنسان والحياة أكثر من عصر النبي صلى الله عليه وسلم, مشيرا إلى تخبط العالم اليوم وافتقاره لرؤية صحيحة لما هو خير وشر, وإلى أسس فكرية عقدية توفر شكلا من أشكال التعاقد بين أفراده, وكل ذلك موجود في الإسلام.

وذكر المؤلف في هذا الفصل عقبة في فهم الغرب للإسلام تتمثل في المزج الحضاري والفريد بين ما هو روحي وجسدي معا في الإسلام, والذي لم يستطع بعض الغرب فهمه وتقبله, كما تناول المؤلف الفرق بين ثقافة المسلم الذي يتعاون مع الطبيعة وبتآلف معها كما علمه القرآن, وثقافة المغالبة والصراع التي تسود الثقافة الغربية.

في الفصل الرابع تحدث المؤلف عن الوسطية والاعتدال في الإسلام, والتي تعني عدم الغلو في الدين ولا التقصير فيه, ويدرب الإسلام على الاعتدال والوسطية على الأشياء والأشخاص والآراء وفق منهج الصراط المستقيم, الذي يعتمد على الحقيقة لا الظن أولا, وعدم العدول بالحكم من العلم إلى الهوى.

كما أن الوسطية تحكم علاقة المسلم بالخلق أجمعين, وتحكم العلاقة بين الروح والجسد, كما تحكم العلاقة الوطيدة بين الإيمان والعمل, فدعوى الإيمان بلا عمل صالح كاذبة, وكذلك تحكم العلاقة بين العمل والتوكل.

والإسلام حين يجمع بين كل هذه الأمور المتقابلة في توازن دقيق واعتدال حكيم, إنما يفسر بذلك رفضه للتطرف والتعصب والعدوانية, وهو ما يفسر أن التسامح الإيجابي جزء من طبيعة الإسلام وجوهره.

وعن قابلية الإسلام للتعايش مع الأفكار المخالفة وأثر ذلك على تحقيق السلام المجتمعي, تناول المؤلف إلغاء الطبقية والتمييز العنصري في الإسلام في الفصل الخامس من كتابه.

إن إلغاء الطبقية واضح من نصوص القرآن والسنة التي تجعل الناس سواسية, لا فضل لأأحد على الآخر إلا بالتقوى والعمل الصالح, والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة ذكر بعضها المؤلف, كما أشار إلى أقوال بعض الغربيين المعجبين بإنسانية الإسلام وإلغائه للطبقية, بينما يعتقد الغربيون منذ عصر الرومان والإغريق وإلى اليوم بتفوقهم العنصري على غيرهم, فالمقارنة بين الثقافة الإسلامية والغربية لا تدل بأي حال على أن التسامح خصيصة غربية, أو عدم التسامح طبيعة إسلامية, كما يظن بعض الغرب بل العكس هو الصحيح.

وعن وجود التسامح في الإسلام مع الأقليات بكافة أنواعها داخل الدولة الإسلامية, تناول المؤلف قبول التعددية الثقافية في الدولة الإسلامية في الفصل السادس, فالحقوق التي منحها الإسلام لتلك الأقليات لم تمنحها أي دولة حديثة في العصر الحاضر, ناهيك عن الاستمرارية في هذه المعاملة من الدولة الإسلامية في مختلف مراحلها قوة وضعفا.

كما تميز التسامح الإسلامي مع الأقليات في جذورها العميقة منذ وثيقة الرسول صلى الله عليه وسلم مع الفئات المختلفة في المدينة المنورة, وقد عدد المؤلف الحريات والحقوق التي تمتع بها اليهود وغيرهم من الفئات في ظل دولة الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلامية, واستشهد المؤلف على ذلك بحادثة وفد نصارى نجران, وحادثة الدرع المسروقة التي برء منها اليهودي, ناهيك عن معاملة عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ومحمد الفاتح وغيرهم من خلفاء المسلمين لغير المسلمين في الدولة الإسلامية, والتي تميزت باستقلالية تامة في ممارسة شعائرهم, والمحافظة على هميتهم وثقافتهم.

وفي المقابل يظهر ضعف حجة الاتجاه غير التسامحي الذي تزايد ظهوره في الغرب تجاه الأقليات الأخرى وخاصة المسلمين منهم, حيث تستند إلى أن احتفاظ الأقليات بثقافاتها مصادم لطريقة الحياة, وأن على الأقليات الراغبة بالعيش بالغرب أن تنسجم مع طريقة الحياة الغربية وثقافتها, وهو ما يعبر عن عدم التسامح الذي تميز به الإسلام, واستشهد المؤلف باقتراح شيراك لقانون يمنع ارتداء المسلمات للحجاب في فرنسا...

ويمكن استنتاج النفاق الغربي والتحيز الواضح ضد الإسلام في مقارنة بسيطة بين رد فعل الغرب على مجازر الصرب وتدميرهم للمكتبة والمعهد في البوسنة والهرسك, وبين تدمير طالبان للأصنام البوذية في أفغانستان.

وقد استشهد المؤلف بكثير من المواقف التي تدل على عدم التسامح, بل تشير بوضوح إلى عدائية مفرطة تجاه الإسلام والمسلمين, على عكس ما فعله المسلمون في عهد قوتهم وخلافتهم, وقد كان الثال الأمريكي هو الأبرز, وخاصة بعد أحداث 11 من سبتمبر والحرب على الإرهاب (الإسلام والمسلمين).

وعن العلاقات الدولية بين الإسلام والغرب, تناول المؤلف الفرق الكبير بين الضوابط الأخلاقية الإسلامية والإنسانية في هذا الجانب, والنفعية والمصلحية التي تحكم هذه العلاقات في الثقافة الغربية, وقد خلص المؤلف في نهاية الفصل السابع إلى أن هناك خصيصتين تطبعان العلاقات الدولية في الحضارة الغربية:

1- هشاشة القوة الإلزامية للقواعد القانونية المفروض أن تحكم العلاقات الدولية.

2- هشاشة الأساس الأخلاقي الذي يرتكز عليه المنهج.

وبالتالي فإن المنهج الذي يرتكز عليه منهج الحضارة الغربية في العلاقات الدولية لا يختلف عن المبدأ الذي يحكم سلوك قاطع الطريق أو عصابات الجريمة المنظمة, او سلوك الحيونات في الغابة, بينما يفرض الإسلام بناء العلاقات الدولية على العدل والقوة الإلزامية للاتفاق الدولي, وهذا ما يفسر احترام المسلمين لكل معاهداتهم الدولية في تاريخهم الطويل.

وقبل أن ينهي المؤلف هذا الفصل قارن بصورة سريعة بين الحروب المعاصرة التي قادتها الدول الغربية وبين الجهاد في الإسلام, وخلص إلى أنه من الصعب أن نجد ما يماثل الجهاد بنبل الدافع والغاية, وتحكيم العدل ورعاية الاعتبارات الإنسانية, بل يمكن القول: بأنه لا توجد حرب نبيلة وعادلة ومراعية للاعتبارات الخلقية إلا الجهاد الإسلامي.

في الفصل الثامن والأخير تناول المؤلف الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج للثقافة الغربية, فتناول موضوع الحرية الدينية والسياسية هناك, كما تحدث عن قوانين الحقوق المدنية وإلغاء التمييز العنصري, وأن كل هذه القوانين هي عبارة عن الوجه الأول لأمريكا.

بينما الوجه الثاني الذي ظهر بالأقوال والأفعال التي تدل على بقاء العنصرية في أمريكا, سواء في تاريخها الأسود مع الهنود الحمر السكان الأصليون وغيرهم المليء بالعنصرية والقتل والاضطهاد, أو في تاريخها الحديث باحتلالها لأفغانستان والعراق من خلال فكر المحافظين الجدد في أمريكا.

كما تطرق المؤلف لعجز أمريكا عن كبح الميل البشري الغريزي للعدوان, والذي ظهر جليا في الإسراف في إنتاج وتخزين أدوات القتل والتدمير, وقد ذكر المؤلف أرقاما مخيفة من تلك الترسانة العسكرية, ليخلص المؤلف لنتيجة مفادها: أن أهم عامل في إخفاق الثقافة الغربية في رعاية القيم الإنسانية –بما فيها التسامح وعدم العدوانية– أن تسليم المثقفين الغربيين بالقيم الإنسانية هو غالب الأحيان تسليم نفعي.

وبملحق تابع فيه المؤلف تطورات أحداث 11 من سبتمبر ختم المؤلف –جزاه الله خيرا- كتابه القيم, الذي يذخر بمعلومات مفيدة وكثيرة عن الحضارة الإسلامية المتسامحة, وعن الحضارة الغربية التي تدعي التسامح والحرية بالقول, بينما هي في الحقيقة أشد عدوانية من أسلافهم.
_____________________________________________
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التصالح, الإسلام, والعدوانية, والعرب


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التصالح الإيراني المسموم عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-24-2014 01:57 PM
مصطلح "الأصولية" بين الإسلام والغرب عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-23-2014 10:18 AM
وكأنَّ الإسلام لا يعرف التسامح! Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 1 05-20-2013 10:01 AM
الإسلام والغرب شقاق أم وفاق Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 03-30-2013 08:02 PM
تعلموا فن التسامح صباح الورد الملتقى العام 2 10-23-2012 08:25 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59