#1  
قديم 06-03-2013, 09:53 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي الديمقراطية والعمل السياسي في ميزان الإسلام


ملخص بحث




الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.


وبعد:
فالبحث الذي بين أيديكم الكريمة الموسوم بـ: "الديمقراطية والعمل السياسي في ميزان الإسلام" مساهمة مني في مسابقة الألوكة الكبرى، وهو مِن فصلين:
الفصل الأول: عن مدى مشروعية العمل السياسي.
والثاني: عن حكم الديمقراطية في ميزان الإسلام.


لقد كان هذا البحثُ المتواضع مجازفةً مني كوني لستُ من أهل الاختصاص، ولكنَّ الضَّرورة الشرعية دفعتني، كما دفعت الكثيرينَ من إخواننا طلاب العلم والعلماء أن يخوضوا غمارها، والحديث عنها، من أجلِ إحقاق الحقوق المغتصبة، من قبل الغرباء الذين دخلوا بلادنا من غير أبوابها، ونهبوها وقتلوا الخيِّرين من أبنائِها، فلا بدَّ لأبنائها الحقيقيين الذين هم من رحم هذه الأُمة من موقف مشرِّفٍ واضحٍ. لقد عشنا واقعَ الاحتلال المرِّ الذي فرق أبناء الشعب الواحد شذر مذر، فأصبح المخلصون من أبنائها مدهوشين بسبب سكوت كثيرٍ من أهل العلم، وكان المفترضُ منهم أن يكونوا متواجدين في ميادين العزِّ والكرامة في المحن التي ابتليتْ بها الأمة، لينوِّروا طريق الناس، قبل أن يخوضوا في صراع العدو، لأنَّ العالِمَ هو السياسي، وهو لسانُ الأُمة، ولا يتجرأ على الفتوى كلُّ من هبَّ ودب، وفقه الواقع في الأزمات أمر ضروريٌ، "وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فبسبب غيابهم تدخَّل الرعاع في شؤون الدين والسياسة، بحجَّة تحريم الدخول في العملية السياسية مطلقًا، أو في ظلِّ الاحتلال، فتركوا فراغًا كبيرًا استغلَّ من قبل من لا علم عنده، أو الغرباء الذين لا نعرفُ هويَّتهم فسحبوا البساط من تحت أقدام أهل العلم في عراقنا العزيز.


فما بالك أخي المسلم إذا سكت العالم، وتكلَّم الجاهل، وخاض الناس في دماء أبناء الوطن الواحد قبل العدو المحتل؟ لقد دخلت البلاد مناهج شتى، وأحزاب دينية منحرفة عن نهج سلفنا الصالح، وعلمانية تريد القضاء المبرم على الدين الحنيف، بعد أن كان قطبًا أُحاديًّا يُعادي كلَّ فكرٍ غير فكره، وعلى أبناء الشعب الطاعة العمياء، والرضا والتسليم أو السكوت، فلا يحقُّ له الكلام في السياسة، ولا مجال للديمقراطية وحرية إبداء الرأي لأحد، إلا على نطاق محدود، ومن يتجاوز هذا الخط، ينزل به أقسى أنواع العقوبة؟


فمن خلال هذا البحث الذي بين يديك أخي القارئ، توصلت إلى هذه الاستنتاجات:
أولًا: تبين لي بوضوح أن قول بعض علماء المسلمين "إن السياسة تضطهد الفكر والدين، أعوذ بالله من السياسة"، وأن كلمة السياسة غير عربية، غير صحيحة، بل كلمة السياسة عربيةٌ خالصة، كما جاءت في معاجم اللغة العربية، وفي صحيح السنة النبوية المطهَّرة، ومارسها الرسول صلى الله عليه وسلم مع قريش، وخاصة في مفاوضاته معها في صلح الحديبية، ومارسها الصحابة الكرام في الهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة مع النجاشي، ثم وضع دستورًا للمدينة استخدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة مع اليهود وغيرها.

ثانيًا: تبين لي أن السياسة نوعان:
أ - السياسة الشرعية العادلة أو المحمودة: وهي المنضبطة بمقاصد الكتاب والسنة:
والعمل بها فرض كفاية، يجب على المسلم أن يتعامل بها؛ من أجل القيام بمصالح الرعية، ولمواجهة خصومه]، ومنها وضعية يجوز التعامل بها ما لم تتعارض مع نص، ولا يشترط في السياسة المحمودة أن يكون هناك نصٌّ شرعيٌّ في كلِّ جزئية من جزئياتها، بل كل ما يحقق للناس الصلاح في أمر الدنيا والآخرة، وجاء منسجمًا مع قواعد ومقاصد القرآن الكريم، والسنة المطهرة، تختص السياسة الشرعية (الإسلامية) أنها تتخذ الوسائل المشروعة للوصول إلى الغايات المشروعة، وتنطلق في هذا من الشريعة المطهرة التي تفصل بين الوسائل والغايات، وقد أطلق على هذا التوجه: علماء الأصول بالمصالح المرسلة.

ويلتحق بالشرعية السياسة الداخلية والخارجية للدولة الإسلامية مع غيرها بموجب الضوابط الشرعية.

فإن كان يراد بالسياسة معناها الداخلي؛ من حيث تنظيم أمر الحكومة، وبيان مهماتها، وتفصيل حقوقها ووجباتها، ومراقبة الحاكمين، والإشراف عليهم، ليطاعوا إذا أحسنوا، وينتقدوا إذا أساؤوا - فإن أُريد بالسياسة معناها الخارجي، فهي المحافظة على استقلال الأُمة وحريتها، وإشعارها كرامتها وعزتها، والسير بها إلى الأهداف المجيدة التي تحتل بها مكانتها بين الأُمم، ومنزلتها الكريمة في الشعوب والدول، وتخليصها مِن استبداد غيرها بها، وتدخله في شؤونها مع تحديد الصلة بينها وبين سواها تحديدًا يفصل حقوقها جميعًا، ويوجه الدول كلها إلى السلام العالمي العام، وهو ما يسمونه بـ: (القانون الدولي).

والدبلوماسية:
كلمة أجنبية، وليست عربية، تقتصر معناها على تحسين العلاقة بين دولة وأُخرى، ومعالجة المشكلات التي تنشأ بينهما، والدبلوماسي والسياسي المسلم هو أحوج ما يكون ليفقه هذه الدروس في المفاوضات، وقد مارسها الصحابة الكرام عندما هاجروا الهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة.

ب: السياسة الضالة المناهضة للشرع "الظالمة":
وهي ممارسة نوع من الخداع للوصول إلى الهدف، أو ما هو معروف بالميكافيلية (الغاية تبرِّر الوسيلة)، ووضعت بديلًا عن الإسلام فهي مرفوضة، ومفهوم المخالفة فهي مشروعة إذا كانت موافقة للشريعة الإسلامية، فالعلمانيون هم الذين وقفوا سدًّا منيعًا في وجه كلِّ مسلم يمارس السياسة، بحُجَّة أنْ لا سياسة في الدين، ولا دين في السياسة، وهم الذين فصلوا الدين عن الدولة، وهؤلاء أرادوا حصر الدين بين حيطان المساجد، واستجابت لهم الحكومات التي تحكم الدول الإسلامية!


إذًا فالذين تهكَّموا، ولعنوا السياسة، لم يقصدوا الشرعية منها، القائمة على أسس صحيحة، وإنما أنكروا السياسة التي ملؤها النفاق، وكم يكون عدد المنافقين والعملاء في ظروف الاحتلال؟

وتبين لي بجلاء من خلال البحث، ومن خلال أقوال بعض من لعن السياسة بدراسة الظروف القاسية التي مرت على الشيخ محمد عبده، وسعيد النورسي، وغرَّهم - وهم يمارسون السياسة بأنفسهم، يلعنون السياسة ولم يكونوا يقصدون كل سياسة - كما يتوهم بعض من لا علم عنده ولا دراية - أنهم يحرمونها مطلقًا، وعلى سبيل المثال قول النورسي: السياسة الحاضـرة شيطان في عالم الأفكار ينبغي الاستعاذة منها، إن سياسة المدنية الحاضرة تضحي بالأكثرية في سبيل الأقلية، بل تضحي قلةٌ قليلة من الظلمة بجمهور كبير من العوام في سبيل مقاصدها.


فهو هنا كان يتعوذ بالله من السياسة الغير الشرعية "الظالمة"، ولا يحمل كلامه إلا ما يؤول إلى معنى ما قاله الإمام الشافعي في قوله: "لا سياسة إلا ما وافق الشرع"، إذًا ما لم يوافق الشرع سياسة غير شرعية، والدليل القطعي لصحة تأويلنا ما استقرَّ عليه الإمام من الإصلاح السياسي عندما عين بعد ذلك في مجلس الشورى، والله أعلم.

ثالثًا: أما الديمقراطية فهي دخيلة على الأُمة، لغة واصطلاحًا، ومنهاج حياة، وتبين لي أن هناك اضطرابًا واضحًا بين المصطلح والجذور التاريخية التي أوجدتها كحلٍّ لمشكلة قائمة، فمن قال: الديمقراطية: كلمة مشتقة من لفظتين يونانيتين: (الشعب)، و(سلطة)، ومعناها: الحكم الذي تكون فيه السلطة للشعب، ومن قال بأنها: حكم الشعب بواسطة الشعب، من أجل الشعب، ومعنى ذلك أن حقّ التشريع للبشر، لا لله تعالى، فإن القوانين تُستمدُّ من سلطة تشريعية من أبناء الشعب، كما هو ظاهر النَّص، وقد تجد البعض من العلماء لا يقرون هذا المعنى الذي تضمَّنه ظاهر النص، أو التعريف، وقالوا: إذ الأصل هدف نبيل، ولكنها بأيدي ساسة فاسدين، فرغت من فحواها بمرور الزمن.

فهو قول غيرُ مسلّم به، فمبدأ (الحكم للشعب) الذي هو أساس الديمقراطية ليس مضادًّا لمبدأ (الحكم لله) الذي هو أساس التشريع الإسلامي، إنما هو مضادٌّ لمبدأ (الحكم للفرد) الذي هو (أساس الدكتاتورية)، لقد نال الشعب كل ذلك بالعرق والدماء والدموع، بالسجن والتشريد والاضطهاد، وجميع ألوان المحاربة والمعارضة، فلما ثبت المطالبون، وألحوا في الطلب، وصمدوا أمام الضغط، أخذوا يحصلون رويدًا رويدًا على هذه الحقوق، حتى أصبحت اليوم أمرًا مقررًا في الديمقراطية، بل أصبحت هي السمة البارزة لهذا اللون من الحكم، وجعلت الدولة ترضى بتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن.

رابعًا: ليس هناك مفهومٌ محددٌ للديمقراطية اليوم، فإن الغرب مختلفون فيما بينهم في تحديد مفهومها، فإن ديمقراطية أمريكا لا تُشبه ديمقراطية أوربا وهكذا، فالتركيز على وجه العموم في الديمقراطيات إطلاق الحريات ليفعلوا ما شاؤُوا، ولتخرج المرأة عاريةً إلى الشارع.

والذي يتشبث بالتعريف الأول: أي كون معناها: "حكم الشعب للشعب"، ويهمل ما سواها، أو الجوانب الإيجابية منها دون المساس في ثوابت الأُمة، قد يخطئ الطريق في عالم اليوم، وما فيها من تناقُضات.

فالمصطلحُ الذي يوضع لمنهج معين، يطبق خلافه، فإننا نجد المصالح مقدمة على المناهج، ففرنسا قد أخذت بثلث مذهب الإمام مالك في الأحوال الشخصية، لا حبًَّا في الإسلام، وإنما لتحقيق مصالح معتبرة لهم، وفي المقابل ادِّعاء بعض الدول تطبيق الشريعة الإسلامية والشعارات التي ترفعها، تجدها مخالفة للشريعة الإسلامية التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نهجًا وروحًا، بل تحارب تلك الحكومات ثوابت الأُمة!

خامسًا: وبما أن الديمقراطية منهجٌ أُقِرَّ في الغرب، وبعض المسلمين أيدوها على علاتها، دون الرجوع إلى ما فيها مِن سلبيات تتقاطع مع ديننا وقيمنا، وأصالة أعرافنا، فلا بد في هذه الحالة من تأييد ما هو واقع في الغرب من ممارسات لا أخلاقية، وهذه جريمةٌ في نظر المسلم، وكذلك عند من يمتلك الضمير الحي، وغيرة العربي في الجاهلية على أقل تقدير، ففي هذه الحالة نرفضها جملة وتفصيلًا.

سادسًا: تبين لي من خلال البحث أن هناك مذاهب كثيرة للديمقراطية أشهرها:
أ: الديمقراطية الغربية (الليبرالية)، الجانب الأخلاقي، كما تسمى ديمقراطية الغرب؛ أي: التي تقوم على حرية الفرد في أن يعمل ما شاء، تحقيقًا للشعار الشهير الذي أطلقته الرأسمالية في نشأتها (دعه يعمل ما شاء، دعه يمر من حيث شاء)، والتي صورتها العامة بـ: الحرية السياسية وتعدُّد الأحزاب، إنما الصفحة القاتمة شديدة القتام بمقدار ما تتلألأ هذه الصفحة بالنور.

ب: الديمقراطية الأمريكية، وهي من أخطر الديمقراطيات في عالم اليوم، بسبب اللوبيات عليها، كاللوبي الصهيوني، فالعلَّة هنا ليست الديمقراطية كنهج يدعو إلى منح الحقوق للمواطن بالتساوي، ولكن الخلل استغلالها من قبل طائفة معينة باسم الديمقراطية، فهنا الديمقراطية مجرد شعارات ترفع لخداع الناس.

وتبين لي أن (اللعبة) الديمقراطية الأمريكية اليوم ليست منهجًا فكريًّا، أو طرحًا إصلاحيًّا، وإنما هي آلية تسهل الوصول إلى السلطة لمن يملك ثمنها، سواء كان الشراة من الأخيار أو الأشرار، ولهذا كانت (لعبة).


ومن خلال قراءتنا الدقيقة للديمقراطية يتبين لنا أمرٌ مهمٌّ جدًّا: أن المقصود من الديمقراطية الأمريكية الهيمنة على العالم، وإلغاء الآخر باسم الديمقراطية، فالديمقراطية عندهم: مجرد شعارات جوفاء، مهيمنة على العالم، أو ما يسمى بـ: نظام العالمي الجديد، أو التفرد بالحكم، بعد إلغاء القطب الآخر للعالم وهو الاتحاد السوفيتي السابق، ونهاية الديمقراطية الأمريكية العولمة، أو يسمونها الأمركة.

سابعًا: أرى مِن خلال تجارب الشعوب الإسلامية أن الديمقراطية التي تمارس في بعض الدول الغربية علاجًا ناجعًا يجوز الأخذ بها، في بعض الدول الإسلامية التي تُمارسُ فيها الدكتاتورية بأبشع صورها، لأنها تعطي للمسلم حق ممارسة الحياة الإسلامية، ولو بنسبة ضئيلة، مع الاعتقاد بأنها ليست منهجًا إسلاميًّا.

لو تصوَّرنا قطرًا إسلاميًّا يسوده نظام فردي دكتاتوري أو عسكري استبدادي، يكمم الأفواه، ويصادر حقوق الناس، ولا يسمح لأحدٍ بأنْ يتدخل في شؤون الحكم، بينما يوجه رأس حربته لكبت العمل الإسلامي والدعوة الإسلامية، وهو يفعل هذا لحساب النظام الدولي الجديد الذي تُريده أمريكا ولحسابه وحساب الاستبداد الإقليمي، ثم لو كان التقدير للموقف وموازين القوى يقول: إن من الممكن أن تفتح ثغرة في ذلك الجدار من خلال تآلف كل تلك القوى المستضعفة تحت شعار المطالبة بالسماح لتنظيم الأحزاب وقيام معارضة، وإجراء انتخابات حرَّة، أو كان من الممكن أن تفتح ثغرة من خلال الكفاح ضدَّ ما يتعرض له الناس من هدرٍ لكرامتهم وحقوقهم تحت التعذيب، وفي السجون والزنازين، والأحكام الظالمة، أو ما يتعرض له معاشهم من نهب واستغلال وتضييق وإفقار.

"توصياتٌ لا بدَّ منها".

فعن السياسة والعمل السياسي أقول:
لا بدَّ للمسلم المعاصر أن يجيد لغة السياسة من أجل الدفاع عن مبادئ الدين الحنيف، والدولةُ الإسلامية في أمسِّ الحاجة إلى عقول نيِّرة تجيد لغة السياسة، وكيف يواجه خصوم المسلمين بالدليل والبرهان، والحجة البالغة، من أجل الوقوف بحزم أمام الخصوم الذين يريدون النيل من ديننا، وكرامة أمتنا، وإضعافها والسيطرة عليها ونهب خيراتها.

والذي يعيش اليوم في الساحة الإسلامية، وخاصة في بعض الدول التي تعرضت للاحتلال كالعراق وأفغانستان، يجد أصحاب المصالح الدنيوية، والفاسدين، أو مَن مارسوا الإرهاب باسم الدّين قد تقدموا لشغل المناصب الحساسة، وخاصة في بلدنا الجريح "العراق"، والحقُّ والواجب والمنطق يقول: أن يكون هؤلاء في نهاية القافلة؛ لأنَّ السياسة فنٌّ وأخلاق وذكاء، وكياسة وشجاعة وأمانة، لا خداع ومراوغة وظلم، وتهميش ومهزلة، ورعونة وغباء.


فما بالك بهؤلاء العاجزين، لا يقدرون قيادة أنفسهم، يريدون قيادة الأمة! وَصدق فيهم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: العاجز مَنْ عجز عن سياسة نفسه.


فنِعْمَ ما قال، وهو مَن رفع رؤوسنا في فتوحاته، وإدارة البلدان التي فتحها أيام خلافته بسياسته العمرية.

ويقول الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق:
والحق أننا في حاجة إلى سياسة إسلامية خلقية تعتمد الوسيلة المناسبة للموقف المناسب، وتملأ الأمة بروح الإيمان الذي يحيي شبابها، ويفتق وعيها، ويدفعها إلى البذل والتضحية، نحن في حاجة إلى جسم سليم، وروح سليم.

فإني أوصي نفسي أولًا، وكل مسلم، دراسة هذا الفن الذي مارسه الأنبياء، ومارسه الخلفاء الراشدون، والسياسيون في كل عَصر ومصر، من أجل رفع راية الإسلام خفاقة عالية.

وأقول مؤكِّدًا وموصِّيًا عن موقفي من الديمقراطية: ليست الديمقراطية منهجًا إسلاميًّا، ولا يمكن أن تكون بديلًا عن الإسلام، إذ الإسلام نظام يؤمن بالشورى، وسبق الديمقراطيات بنشر مبدأ العدالة والإنصاف، وإعطاء كلِّ ذ حقٍّ حقه، نظام يؤمن بأنَّ القويَّ الأمين هو الذي يجب أن يتقدم عند اختيار من يدير شؤون الأُمة، ولو كان فقيرًا لا يملك إلا الثَّوب الذي على عاتقه، ويتأخر الضعيف ولو كان أمينًا، والخائن ولو كان قويًّا، والغنيُّ ولو كان مالكًا ملك قارون.

نؤكد ثانية على أنَّ الديمقراطية المعتدلة لا القاهرة للشعوب ينبغي الأخذ بها في الدول الإسلامية التي تحكمها دكتاتوريات متشبثة بكراسي الحكم، تقصم ظهر مَن يريد انتزاعها، مع اعتقادنا الجازم بأن ليس من حقِّ أحد أن يشرع قانونًا يُخالف القرآن والسنة، وإجماع الأمة، ولا بأس بالمصالح المرسلة التي تحدثنا عنها مفصلًا، فلا يقف في وجه الدكتاتوريات في هذه المرحلة إلا الديمقراطية المعتدلة التي تعطي متنفسًا، أو بصيص أمل لنيل بعض الحقوق المغتصبة من المسلمين، إلى أنْ يفتح الله تعالى للأُمة فرجًا ومخرجًا، والله تعالى أعلم وأحكم.



المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
ميزان, الديمقراطية, السياسي, الإسلام, والعمل


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الديمقراطية والعمل السياسي في ميزان الإسلام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اللبراليون وتهمة الإسلام السياسي! عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 08-14-2016 07:11 AM
هل بالغ الغرب في الخوف من الإسلام السياسي؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 03-30-2014 07:40 AM
الطائفية في ميزان الإسلام ام زهرة مقالات وتحليلات مختارة 0 06-18-2013 12:07 PM
تقرير امريكي .. الإسلام وليس الديمقراطية سينتج عن الربيع العربي Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 04-20-2012 01:37 PM
أعلام وأقزام في ميزان الإسلام Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 02-02-2012 10:21 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59