#1  
قديم 03-04-2012, 02:04 AM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال مَن الجاني ؟


مَن الجاني ؟

من السهل على الإنسان أن يجد الأعذار ليبرر تقاعسه ولربما فشله ولربما انحرافه ولربما عقوقه و ... ، ولعل أسهل الطرق وأقصرها بل وأقساها تتمثل بِلَوم الآباء ونعتهم بالقصور ولربما الإهمال ، فيعقدوا أي الأبناء محكمة الآباء ليكونوا هم القضاة والحكَم فيها .
ويا لسخرية القدر !

أصبح الأبناء يعيبون على الآباء فقرَهم ، وتدنّي مستواهم العلمي ، ونسوا أن آباءهم رَغم أميّتهم أخذوا بأيديهم ودفعوهم دَفعاً نحو العِلم .
ورغم شظف العيش وقسوته أوصلوهم إلى أعلى الدرجات العلمية إذ لمَسوا فيهم الجد والإجتهاد ، فكانت دوماً أحلامهم تبدأ وتنتهي عند أبنائهم .

وكثيرون حازوا على درجات عُليا من العلم وأصبحوا ذوي شأن ، فانفصلوا عن بيئتهم الإجتماعية التي في أغلب الأحيان تمثّل قسوة الحياة ، بل الماضي بكل صوره من جهل ربما ، وربما فقر ، ولم يعد هذا الوسط يلائم مستواه الإجتماعي والثقافي الجديدين .

في واقع الأمر لا يعيب المرء أن يرتقي بمستواه العلمي والثقافي والإقتصادي ، ولكن ما يعيب أن يتنكر لأصله وجذوره . ولعله من دواعي الفضل والإحسان أن يمد الأبناء أيديهم لتلك الجذور التي كان لها أطيب الأثر في صنع حاضرهم ويرتقوا بآبائهم إلى ذات المستوى الذي بلَغوه ، فكيف يستطيع الأبناء أن ينعموا بالنعيم وآباؤهم بعانون شظف العيش ؟!
إنها لَعَمري أعلى درجات العقوق !

ولا يتوقف لوم الأبناء للآباء سواء كان حظهم من الدنيا قليلاً أو كان حظهم منها كبيرا .
فمَن شبّ في أسرة مُترَفة وضلّت خُطاه يجد نفسه في نهاية المطاف يلوم أبويه على ذلك .
نعم انصرف الآباء عن متاابعة الأبناء وعن دورهم التربوي والموجّه والناصح ، وانغمسوا في جمع المال ومضاعفة الأرباح وهمّهم أن يورّثوا أبناءهم أسماً لامعاً ومركزاً مرموقاً بين الأُسَر .
ويَزِلُّ الأبناء المترفون الخُطا حين غابت رقابة الأهل ، فيقع البعض في الرذيلة ، وآخرون يدمنون المخدرات ، ذاك السرطان الذي يغزو عقولهم ويهديهم الموت مُغلّفاً بورق سوليفان .
ولكن يبقى الآباء بشر ، لربما أخطؤوا الوسيلة والقياس حين التفَتوا للحفاظ على الإرث المادي وازدهار تجارتهم وارتفاع أسهمها ، ظانين كل الظن أنهم هكذا يسعدوا أبناءهم ويساعدوهم على النجاح والتميّز والإبداع ، فللمال والثروة سحر ذو حدّين في نفس الإنسان ، إما أن يُسعد وإما أن يُشقي ، كُلٌّ حسب تربيته وثقافته .


ولكن السؤال الذي يطرح نفسه
مَن يُقاسي ويتجرّع مرارة الحزن والألم وحتى الندم حين يقع المصاب ويفتك بالأبناء ، أليس الآباء ؟! فلا يقهر الآباء ويشقيهم سوى الأبناء ولا يفرحهم سواهم .

ويبقى السؤال من الجاني
أهم الآباء أم الأبناء ؟ أم تراه الحب بلا حساب ؟ أم تراها تلك الفجوة بين الأجيال ؟ أم تراه الحب أخطأ العنوان وانحرف عن المسار ؟


دمتم برعاية الله
منقول بتصرف



المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الجاني


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مَن الجاني ؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من الجاني ؟ جاسم داود أخبار ومختارات أدبية 0 09-28-2012 01:28 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59