#1  
قديم 02-27-2013, 09:47 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي رؤوس الفتنة في الثورة على الخليفة الشهيد عثمان بن عفان


رؤوس الفتنة في الثورة على الخليفة

الشهيد عثمان بن عفان

- دراسة نقدية تمحيصية وفق منهج علم الجرح و التعديل -
الدكتور
خالد كبير علال
- حاصل على دكتوراه دولة في التاريخ الإسلامي من جامعة الجزائر-
- دار المحتسب -
1429/2008
بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة


الحمد لله رب العالمين ،و الصلاة و السلام على نبينا الكريم ، و بعد :
يندرج هذا الكتاب ضمن سلسلة : دراسات نقدية هادفة عن مواقف الصحابة بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم - ، و قد خصصته لدراسة أعمال رؤوس الفتنة الثائرين على الشهيد عثمان بن عفان-رضي الله عنه- ، فعرّفتُ بهم و بأعمالهم الإجرامية في ثورتهم على عثمان و قتله ،و كشفتُ عن مكائدهم و مؤامراتهم ، و انحرافاتهم و ضلالاتهم ، و بذلك تكون دراستنا عن الفتنة قد اكتملت في جوانبها الأساسية الكبرى .
و قد التزمتُ في بحثي هذا بتحقيق الروايات و نقدها وفق منهج علم الجرح و التعديل ، و أخذتُ على نفسي الالتزام به قدر المستطاع ،و حسب ما تسمح به الروايات التاريخية الني تكثر فيها الأسانيد المرسلة و الموقوفة و المنقطعة .

و أعتقد أن لهذا البحث أهمية بالغة لأنه يكشف عن رؤوس الفتنة و أعمالهم التخريبية و نواياهم الخبيثة المبيتة ، لذا أرجو أن يجد عملي هذا قبولا عند أهل العلم ، و أن ينفع الله به قارئه و كل من سعى في إخراجه و توزيعه ، و أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، إنه تعالى سميع مجيب ،و بالإجابة جدير ، و ليس ذلك عليه بعزيز .

د . خالد كبير علال
المدرسة العليا للأساتذة في الآداب و العلوم الإنسانية
- بوزريعة ،الجزائر -







.................................................. .................................................. ............................




الفصل الأول





كبار رؤوس الفتنة في الثورة على عثمان بن عفان





أولا: أشهر رؤوس الفتنة .
ثانيا : ابن سبأ و السبئية بين الوجود و العدم .














.................................................. .................................................. ..........




الفصل الأول

كبار رؤوس الفتنة في الثورة على الخليفة عثمان بن عفان
قُدر عدد الأشرار الذين ثاروا على الخليفة عثمان- رضي الله عنه- بنحو 2500 رجلا[1] ، اجتمعوا بالمدينة المنوّرة سنة 35هجرية ، و قد أتوها أساسا من مصر و الكوفة و البصرة ، لقتل الخليفة عثمان بن عفان ، بتحريض و توجيه من كبار أشرارهم و مفسديهم[2] .
أولا : أشهر رؤوس الفتنة :
أحصيتُ من هؤلاء 22 رأسا ، هم : مالك بن الحارث الأشتر النخعي ،و محمد بن أبي بكر الصديق ، و محمد بن أبي حذيفة ،و عمير بن ضابئ ،و عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء،و زيد بن صوحان ، و صعصعة بن صوان ،و حكيم بن جبلة العبدي ،و عبد الرحمن بن عديس ، و كنانة بن بشر ، و كميل بن زياد ،و كعب بن ذي الحبكة ،و جندب بن زهير ، و شبّث بن ربعي ، و قتيرة بن فلان السكوني، و عروة بن الجعد ،و خالد بن ملجم ،و الغافقي بن حرب ، و عروة بن البياع المصري ، و عبد الله بن بديل ،و عبد الرحمن بن بديل ،و عمرو بن الجمق[3] .

[1] انظر : الطبري : تاريخ الطبري ، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997 ج3 ص: 39-40 . و ابن كثير : البداية و النهاية ،بيروت ، مكتبة المعارف، د ت، ج7 ص: 239-240 .و ابن عساكر : تاريخ دمشق ، ج 39 ص: 317 .

[2] سيأتي تفصيل ذلك في الفصل الثاني .

[3] عنهم انظر : الطبري: المصدر السابق، ج2 ص: 639، 652، 682 .و ابن عساكر: المصدر السابق، ج11 ص: 11ص: 303 ج 24ص: 79-80 ، ج 39ص: 317 . و ابن سعد : الطبقات الكبرى ، بيروت ، دار صادر ،د ت ، ج 3 ص: 71 ، 73،ج 6 ص: 179 .و ابن أبي بكر الهيثمي : مجمع الزوائد ، القاهرة ، دار الريان ، 1407ج9 ص: 97، 231 .و ابن حجر العسقلاني: الإصابة في معرفة الصحابة ، ط1، بيروت ، دار الجيل ، 1992 ج 5 ص: 654 .و ابن الأثير : الكامل في التاريخ ،ط2، بيروت، دار الكتب العلمية ، 1995 ، ج 3 ص: 72 ، 73 .و احمد العجلي: معرفة الثقات ، ط1، المدينة المنورة، مكتبة الدار، 1985 ج 1 ص: 484 .و ابن الجوزي : المنتظم ،ط1، بيروت، دار صادر، 1385ه، ج 5 ص:53، 86 .و أبو الحجاج المزي : تهذيب الكمال ، حققه بشار عواد، بيروت مؤسسة الرسالة، 1980-، ج 19 ص: 456 ، ج21 ص: 596 .


حمل المرجع كاملاً من المرفقات

المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc allal2_8_08.doc‏ (324.5 كيلوبايت, المشاهدات 1)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-27-2013, 09:48 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

و بخصوص الخمسة الأوائل ، فأولهم أي الأشتر كان رأس أهل الفتنة بالكوفة ،و هو مقدمهم عندما خرجوا إلى المدينة لقتل عثمان[1] رضي الله عنه - . و قد رُوي بإسناد حسن- أن الأشتر لما قدم إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- مع جماعة من الناس ، جعل ينظر إليه و يصرف بصره ، ثم قال عمر لهم : أمنكم هذا ؟ قالوا : نعم ، فقال عمر : (( ما له قاتله الله ، كفى الله أمة محمد شره ، و الله أني لأحسب أن للناس منه يوما عصيبا ))[2] ، و قوله هذا هو من باب الفراسة و التوسّم ،و الله أعلم .
و أما الثاني أي محمد بن أبي بكر [3] فقد كان عثمان قد ولاه الإمارة ، فدفعه الغضب و الحسد إلى عصيان الخليفة و الانضمام إلى دعاة الفتنة بمصر ، و أصبح من رؤوسهم الناقمين على عثمان[4] . و الثالث أي محمد بن أبي حذيفة فإنه لما اُستشهد والده أبو حذيفة رضي الله عنه ضمه عثمان إليه و رباه في حجره و أحسن إليه ، فلما أحس أنه كبُر طلب من عثمان أن يوليه عملا فاعتذر إليه بأنه ما يزال لم يصبح أهلا للإمارة ، و وعده بها عندما يصبح أهلا لها ، فعتب محمد و استأذنه في الخروج من المدينة ، فأذن له و التحق بمصر ، و هناك انقلب على عثمان ،و أصبح من أكبر المتألبين عليه ،و نسي جميله و فضله عليه[5] .
و الرابع أي عمير بن ضايئ فيُروى أن والده لما هجى قوما من الأنصار ،و عزّره عثمان و حبسه و وافته المنية بالسجن ، نقِم ابنه عمير على عثمان ،و شارك في الثورة عليه ،و انظم إلى الطائفة السبئية[6] . أما آخرهم أي عبد الله بن سبأ فهو رأس الطائفة السبئية ، التي كان لها دور كبير في الثورة على عثمان ، و سنفرد له و لطائفته المبحث الآتي بحول الله تعالى .
ثانيا : عبد الله بن سبأ و السبئية بين الوجود و العدم :
كان عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء يهوديا من اليمن ، ثم أظهر الإسلام ، و تنقّل في بعض الأمصار الإسلامية كدمشق و البصرة و مصر ، و إليه تُنسب الطائفة السبئية ، التي هي من الشيعة الرافضة للصحابة و الطاعنة فيهم ،و يُروى أنه هو أول من أظهر الطعن في الخليفة عثمان رضي الله عنه[7] .
و قد ذكرت كثير من المصادر التاريخية[8] أن ابن سبأ و أصحابه كان لهم دور كبير في نشر الأفكار الضالة و الأباطيل بين المسلمين و تحريضهم على عثمان و قتله ، لكن بعض الباحثين المعاصرين شككوا في ذلك ،و زعموا أن ابن سبأ شخصية مختلقة لا وجود لها ، و أن الأخباري سيف بن عمر التميمي ضعيف و هو الذي روى أخباره و انفرد بها عن غيره من الرواة ، و هي - أي أخباره من مفتريات أهل السنة افتروها للطعن بها في خصومهم الشيعة ،و التشنيع بها عليهم[9] ، فهل ما زعمه هؤلاء صحيح ؟ .

لقد تتبعتُ أخبار ابن سبأ و السبئية في مصنفات التاريخ و التراجم و علم الجرح و التعديل و غيرها من المصنفات ، فعثرت على شواهد كثيرة تؤكد وجود عبد الله بن سبأ و طائفته ، و أن سيف بن عمر لم ينفرد بذكره ، و أن ما زعمه هؤلاء ليس بصحيح ، و أنه مجرد ظنون و تخمينات و أهواء لا غير ؛ و أدلتي على ذلك طائفة من الشواهد المتنوعة ، أولها وجود روايات ذكرت عبد الله بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر التميمي ، أذكر منها ست روايات صحيحة الأسانيد ، الأولى[10] مفادها أن الصحابي أبا الطفيل روى أنه رأى ابن السوداء جيء به إلى علي بن أبي طالب و هو على المنبر ، و قيل له عنه : إنه يكذب على الله و رسوله[11] .

و الثانية رواها عمرو بن مرزوق الباهلي عن شعبة بن الحجاج عن سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب الجهني[12] ، مفادها أن عبد الله بن سبأ كان يقع أي يطعن- في أبي بكر و عمر فأنكر عليه علي بن أبي طالب[13] .

و الرواية الثالثة رواها أبو اسحاق الفزاري عن شعبة بن الحجاج عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء هو حجية بن عُدي عن زيد بن وهب عن سويد بن غفلة[14] أنه قال لعلي بن أبي طالب أنه مرّ بنفر يذكرون أبا بكر و عمر أي يذكرونهما بسوء- و يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك ، و كان من بينهم عبد الله بن سبأ ، و هو أول من أظهر ذلك ، فقال علي : (( ما لي و لهذا الخبيث الأسود )) ،و في رواية أخرى (( ما لي و مال هذا الحميت[15] الأسود )) ، و يقصد عبد الله بن سبأ الذي كان يطعن في أبي بكر و عمر-رضي الله عنهما-[16] .

و أما الرواية الرابعة[17] ففيها أن عليا قال لعبد الله بن سبأ : و الله ما أفضى أي رسول الله - إليّ بشيء كتمه أحد من الناس ،و لقد سمعته يقول[18] : إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا ،و إنك لأحدهم ))[19] . و واضح من الحديث أن المقصود بالكذابين ، كبار الكذابين الذين يتعمدون الكذب على الله و رسوله ، كالذين يدعون النبوة و الألوهية ،و ليس المقصود الكذابين العاديين ، فهم يٌعدون بالملايين ، كما أن الحديث لا يتضمن تحديدا نهائيا لعدد الكذابين ، و إنما هو من باب التمثيل لا غير ،و الله أعلم.


[1] ابن سعد : المصدر السابق، ج3 ص: 71 .

[2] أبو بكر الخلال : السنة ،حققه عطية الزهراني، الرياض ، دار الراية، 1410 ج3 ص: 517 .

[3] تُوفي والده أبو بكر ، و محمد هذا صغير ، فتربى في حجر علي بن أبي طالب الذي تزوّج بأمه . ابن العماد الجنبلي : شذرات الذهب ، دمشق ، دار ابن كثير ، ج1 ص: 218 .

[4] الطبري: المصدر السابق، ج 2 ص: 681 . و الذهبي : سيّر أعلام النبلاء ، حققه جماعة من العلماء، بيروت ، مؤسسة الرسالة، ج 3 ص: 481 –482 .

[5] الطبري: نفس المصدر ، ج 2 ص: 680 . و ابن كثير : البداية ، ج 7 ص: 251 .

[6] ابن كثير : نفس المصدر ، ج 9 ص: 9 . و ابن الأثير : الكامل ، ج 3 ص: 72، 73 .

[7] الطبري: المصدر السابق ، ج 2 ص: 647 .و ابن عساكر: المصدر السابق ، ج 29 ص: 3 ، ج 39 ص: 300 .و ابن تتيمية : مجموع الفتاوى ، حققه رشاد سالم، ط1، مؤسسة قرطبة، 1406،ج 7ص: 449 . و العقيلي: الضعفاء ،حققه أمين قلعجي، ط1 ، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1404 ج 4 ص: 77 ، ج 9 ص: 158 .

[8] سيأتي ذكرها قريبا .

[9] من هؤلاء المنكرين : المستشرق برنارد لويس ، و من السنيين : سامي النشار ،و طه حسين ، و عبد العزيز الهلابي .و من الشيعة : مصطفى كامل الشيبة ،و مرتضى العسكري ،و عبد الله الفياض . محمد آمحزون : تحقيق مواقف الصحابة ط3، الرياض، دار طيبة، 1420ه، ج 1 ص: 313 –314 . و سلمان بن فهد العودة : الإنقاذ من دعاوي الإنقاذ ، ص: 11 . و حسين موسوي : لله ، ثم للتاريخ ، ص: 8 و ما بعدها .

[10] لا يوجد من بين رجالها سيف بن عمر ، و رجالها هم : أبو عبد الله يحي بن الحسن ، و أبو الحسين بن الأبنوسي ،و أحمد بن عبيد بن الفضل ،و أبو نعيم محمد بن عبد الواحد ،و علي بن محمد بن حزقة ،و محمد بن الحسن ،و احمد بن أبي خيثمة ،و محمد بن عباد ، سفيان الثوري، و عمار الدهني . و هؤلاء كلهم ثقات على ما حققه الباحث سلمان بن فهد العودة ، الإنقاذ من دعاوى الإنقاذ ص: 23 .

[11] ابن عساكر : المصدر السابق ، ج 29 ص: 7 .

[12] هؤلاء كلهم ثقات ، أنظر : الذهبي : تذكرة الحفاظ ، حققه حمدي السلفي، ط1، الرياض، 1415ه،ج 1 ص: 193 و ما بعدها .و السيّر ، ج4 ص: 196 ، ج 5ص: 298-299 . و الكاشف ، ط2 ، جدة ، دار الثقافة الإسلامية، 1413هج 2 ص: 88 . و ابن حجر : تقريب التهذيب ، حققه محمد عوامة، ط1، سوريا، دار الرشيد ،1986 ج 1 ص: 426 .و

[13] ابن حجر : لسان الميزان ، ط3، بيروت، مؤسسة الأععلمي، 1986 ج 3ص : 289 .

[14] هؤلاء كلهم ثقات ، انظر : : الذهبي : تذكرة الحفاظ ، ج 1 ص: 193 و ما بعدها .و السيّر ، ج4 ص: 196 ، ج 5ص: 298-299 .و ابن حجر: تهذيب التهذيب ، ط1، بيروت ، دار الفكر، 1984 ج 2ص: 190 .و ابن أبي حاتم : الجرح و التعديل ،ط1، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1952 ، ج 4ص: 234 .

[15] الحميت هو الزق ، و الزق هو وعاء من جلد يُجز شعره و لا يُنتف ،و يُستعمل كإناء . علي بن هادية : القاموس الجديد ، الجزائر ، المؤسسة الوطني للكتاب، 1991م ص: 427 .

[16] ابن حجر: السان ، ج 3 ص: 289 .و ابن عساكر : تاريخ دمشق ، ج 29 ص: 7-8 .

[17] رجالها ثقات ، على ما قاله الهيثمي . مجمع الزوائد ، ج 7 ص: 333 .

[18] هذا الحديث إسناده صحيح . الهيثمي : نفس المصدر ، ج 7 ص: 332 . و ابن حجر : فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج 6 ص: 617 .

[19] الهيثمي : نفس المصدر ، ج 7ص: 337 .و ابن حجر : اللسان ، ج 3 ص: 289 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-27-2013, 09:49 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

و الرواية الخامسة ما ذكره المؤرخ الثقة ابن قتيبة الدينوري (ت 276ه ) من أن السبئية الذين ادعوا ألوهية علي بن أبي طالب ، هم من أتباع عبد الله بن سبأ[1] . فقوله هذا شهادة صادقة على أن عبد الله بن سبأ و طائفته كانوا معروفين لدى الناس بأسمائهم و أفكارهم زمن ابن قتيبة.
و الرواية الأخيرة[2] أي السادسة مفادها أن عليا قال و هو على المنبر : من يعذرني في هذا الحميت الأسود أي ابن سبأ- الذي يكذب على الله و رسوله ، لو لا أن لا يزال يخرج علي عصابة تنعى عليّ دمه كما اُُدعيت عليّ دماء أهل النهر معركة النهروان مع الخوارج- لجعلتُ منهم ركاما[3] .
و توجد روايات أخرى- من روايات الشاهد الأول- أسانيدها ضعيفة ، و ذكرت عبد الله بن سبأ ، و لا يوجد من بين رجالها سيف بن عمر التميمي ، أولها[4] أن عليا بلغه أن ابن السوداء يتنقص أبا بكر و عمر ن فدعاه و همّ به ليقتله ، فكُلّم فيه ، فقال لا يُساكنني ببلد أنا فيه ،و سيّره إلى المدائن[5].
و ثانيها[6] أن عبد الله بن سبأ قال لعلي: أنت دابة الأرض ، أنت الملك ، أنت خلقت الخلق ،و بسطت الرزق، فقال علي: اتق الله ،و أمر بقتله ، فاجتمعت الرافضة و قالت لعلي : أنفه إلى سباط المدائن أي مدائن كسرى قرب بغداد- ، فإن قتلته خرجت علينا شيعته و أصحابه ، فنفاه إلى سباط المدائن ، حيث القرامطة و الرافضة ، ثم قامت طائفة من أتباعه ، فقال لهم علي : أرجعوا ، فأنا علي بن أبي طالب أبي مشهور و أمي مشهورة ، فقالوا : لا نرجع ، فحرّقه علي بالنار[7] .

و ثالثها[8] أن جرير بن قيس ذهب إلى المدائن بعد مقتل علي رضي الله عنه فوجد بها ابن السوداء أي ابن سبأ كان منفيا هناك- فقال له أن عليا قُتل ، فقال له ابن السوداء : لو جئتمونا بدماغه في مائة صُرة لعلمنا أنه لا يموت ، حتى يذودكم بعصاه[9] .
و الرواية الرابعة[10] مفادها أن عامر الشعبي ( ت 103ه ) قال : شر أهل الأهواء الرافضة ، منهم يهود دخلوا الإسلام للمكر به ، و مقتا لأهله ، و قد حرّقهم علي بن أبي طالب ، و نفاهم إلى البلدان ، كعبد الله بن سبأ ، نفاه إلى سباط[11] -أي بالمدائن - . و آخرها أي الخامسة مفادها أن عامر الشعبي قال : أول من كذب عبد الله بن سبأ[12] .
فهذه الروايات الخمس الضعيفة الأسانيد ، هي قد وردت من غير طريق الأخباري سيف بن عمر التميمي ،و فيها ذكر لعبد الله بن سبأ ، و هي من جهة أخرى قد اتفقت مع الروايات الصحيحة الأسانيد في ذكر ابن سبأ من غير طريق سيف ، مما يجعلها تتقوى بالروايات الصحيحة ، و يصبح ذكرها لشخصية عبد الله بن سبأ هو حقيقة لا خيال .
و الشاهد الثاني هو أنه توجد روايات كثيرة تٌثبت وجود السبئية كطائفة متميزة ، لها أفكارها و هويتها ، و تنتسب لعبد الله بن سبأ ،و استمرت في نشاطها من بعده قرونا ؛ و قد قسمتها أي الروايات إلى روايات صحيحة الأسانيد ،و أخرى ضعيفة الأسانيد ، فالصحيحة تضم سبع روايات ، أولها[13] ما رواه البخاري و غيره من أن عبد الله بن محمد بن الحنفية ( ت 98 أو 99ه ) كان يجمع-و في رواية يتبع أحاديث السبئية[14] .
و ثانيها قول الشاعر الأعشى الهمداني (ت 83ه) في المختار الثقفي الشيعي الرافضي و أصحابه من أهل الكوفة ، عندما هجاهم و وصفهم بأنهم سبئية ، في قوله:
شهدتُ عليكم أنكم سبئية + و إني بكم يا شرطة الكفر عارف[15]

و ثالثها[16] قول قتادة السدوسي (ت 117 ه) في تفسير قوله تعالى : (( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله ، و ما يعلم تأويله إلا الله ))- سورة آل عمران/ 7- فقال : (( إن لم يكونوا الحرورية الخوارج و السبئية فلا أدري من هم ))[17] .

[1] تأويل مختلف الحديث ،حققه محمد زهري النجار، بيروت، دار الجيل ، 1972، ص: 73 .

[2] رجالها : محمد بن عبدوس ، و محمد بن عباد ، و سفيان الثوري ، و سلمة بن كهيل ، و حجية بن عدي ، و هم كلهم ثقات . انظر : الذهبي : السير ، ج 13 ص: 531 .و ابن حبان : الثقات ، ط1، بيروت، دار الفكر، 1975،ج 9 ص: 90 .و احمد العجلي : معرفة الثقات ، ج 2 ص: 68 .و ابن حجر تهذيب التهذيب ، ج2 ص: 190 . و حسنها أيضا فهد العودة ، الإنقاذ ص: 23 .

[3] الدارقطني : جزء أبي طاهر ، حققه عبد المجيد السلفي ، ط1 الكويت ، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، 1406 ، ص: 52

[4] في إسنادها انقطاع ، لأن سماك بن حرب بن أوس لم يثبت أنه سمع من علي بن أبي طالب . فهد العودة : المرجع السابق ص: 28 .

[5] ابن عساكر: تاريخ دمشق، ج 29 ص: 9 ,

[6] في رجالها من لا يُعرف ، على ما قاله فهد العودة . المرجع السابق، ص: 29 . كما أن ذكر القرامطة في الرواية لا يصح ، لأنهم لم يظهروا إلا في القرن الثالث الهجري .

[7] ابن عساكر: تاريخ دمشق ، ج 29 ص: 10 .

[8] من رجالها : مجالد ،و حباب بن موسى و جرير بن قيس . الأول ضعيف ( الذهبي : السيّر ج 6 ص: 286.و المغني في الضعفاء ،حققه نور الدين عتر، د م ن، د ت ، ج2 ص: 542 . ) ،و الآخران لم أتعرّف عليهما .

[9] الجاحظ : البيان و التبيين ، ج 1 ص: 429 .

[10] من رجالها : عبد الرحمن بن مغول ، و هو كذاب . ابن أبي حاتم : الجرح و التعديل ، ج 4 ص: 310 .

[11] الخلال : السنة ، ج 3 ص: 497 .

[12] ابن عساكر : المصدر السابق ، ج 29 ص: 7 .

[13] رجالها هم : أبو بكر عبد الله بن محمد الحميدي،و سفيان بن عيينة ،و الشهاب الزهري، ، الأول ثقة ( الذهبي: السيّر ، ج 4ص: 130 ) ،و الآخران ثقتان مشهوران ، فالإسناد إذن صحيح .

[14] البخاري : التاريخ الكبير، حققه هاشم الندوي، بيروت ، دار الفكر، د ت ، ج 5 ص: 187 . و المزي : تهذيب الكمال، ج 16 ص: 87 . و الذهبي: نفسه ، ج 4 ص: 130

[15] ابن عساكر : تاريخ دمشق ، ج 34 ص: 486 . و ذلك البيت هو في ديوان الأعشى ، على ما ذكره الباحث محمد أمحزون ، تحقيق مواقف الصحابة ، ج 1 ص: 286 .

[16] رجالها : عبد الرزاق بن همام ،و معمر بن راشد ،و قتادة بن دعامة السدوسي ، هؤلاء كلهم ثقات مشهورون .

[17] الطبري: تفسير الطبري ، بيروت ، دار الفكر، 1405 ، ج 3 ص: 178 .و عبد الرزاق الصنعاني: تفسير الصنعاني،حققه مصطفى مسلم ، ط1 الرياض ، مكتبة الرشد ، 1410ه ، ج 1 ص: 115 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-27-2013, 09:51 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

و رابعها قول الشاعر الفرزدق (ت 116 ه) في أشراف العراق ،و من انظم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم سنة 83 ه ، فوصفهم مرتين بأنهم سبئية ، في قوله :
كأن على دير الجماجم منه + أو أعجاز نخل تقعر
تعرّف همدانية سبئية + و تُكره عينيها على ما تنكر
من الناكثين العهد من سبئية + و إما زُبيري من الذئب أغدر
و لو أنهم إذا نافقوا كان منهم + يهوديهم كانوا بذلك أغدرا[1]
و الخامسة أن الحسن بن محمد بن الحنفية المتوفى سنة 95 ه ، ذكر السبئية في كتابه الإرجاء ، عندما قال : (( و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا إذ يقولون : هُدينا لوحي ضل عنه الناس ))[2].

و السادسة[3] مفادها أن التابعي سليمان الأعمش ( 61-148ه ) كان يقول عن السبئية : اتقوا هذه السبئية ، فإني أدركتُ الناس و إنما يسمونهم الكذابين[4] . و آخرها[5] أي السابعة- مفادها أن رجلين كذابين كانا من السبئية ، عاشا في النصف الثاني من القرن الأول و ما بعده ، أحدهما المغيرة بن سعيد (ت 120ه ) ،و ثانيهما رجل يُعرف بأبي عبد الرحمن[6] لم أميزه - .

و أما مجموعة الروايات الضعيفة التي ذكرت الطائفة السبئية من غير طريق سيف فتضم ثماني روايات ، أولها ما رواه ابن عساكر بإسناده[7] أن جماعة من الشيعة عارضوا معاوية بن أبي سفيان (ت60ه)، وصفهم والي الكوفة زياد بن أبي سفيان بأنهم طواغيت ترابية[8] سبئية[9] .

و ثانيها[10] ما رُوي عن المحدث سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (ت106ه) أن جماعة من الكوفة جاءت تسمع منه الحديث ، فقال لها : أحرورية سبئية ؟ عثمان خير من علي ، عثمان خير من علي[11] .

[1] هذه الأبيات في ديوان الفرزدق على ما ذكره الباحث محمد آمحزون ، المرجع السابق، ج 1ص: 287 .

[2] نفس المرجع ، ج1 ص: 286 .

[3] رجالها : زكريا بن يحيى الساجي ،و أبو موسى بن المثنى ،و أبو معاوية الضرير ،و سليمان الأعمش ،و هؤلاء كلهم ثقات . أنظر : ابن أبي حاتم : الجرح و التعديل ، ج3 ص: 601 .و ابن حجر : تهذيب التهذيب ، ج9 ص: 378 . و التقريب ، ج 1 ص: 254 . و الذهبي: السيّر ، ج 9 ص: 93 .

[4] ابن عدي : الكامل في ضعفاء الرجال ،حققه مختار غزاوي، ط3 بيروت ، دار الفكر، 1988ه ، ج6 ص: 116 .

[5] رجالها : عبد الله بن احمد بن حنبل ، و احمد بن حنبل ، و معاذ بن معاذ العنبري ،و عبد الله بن عون ، الأول و الثاني تقتان معروفان ،و الأخيران ثقتان أيضا . أنظر: الذهبي: السيّر ، ج 9 ص: 55 . و المزي : تهذيب الكمال ، ج 15 ص: 398 و ما بعدها .

[6] احمد بن حنبل : العلل و معرفة الرجال، ط1 بيروت، المكتب اإسلامي، 1408 ، ، ج1 ص: 145 .

[7] من رجاله : أبو مخنف لوط بن يحيى (ت 157ه) ،و هو متهم بالكذب،و متروك الحديث شيعي لا يُوثق به،و يروي عن الكذابين و المجهولين . الذهبي: ميزان الاعتدال ، ج5 ص: 508 .و الذهبي: السيّر، ج 7 ص: 320 .

[8] نسبة أبي تراب ،و هي كنية اشتهر بها علي بن أبي طالب ، كنهاه بها رسول الله عليه الصلاة و السلام .

[9] الطبري: التاريخ ، ج 3 ص: 226 و ما بعدها . و ابن عساكر : تاريخ دمشق، ج 9 ص: 22 .

[10] من رجالها : عبد الله بن خبيٌ ،و يوسف بن أسباط ، الأول لم أعثر له على جرح و لا تعديل ، و الثاني قال عنه أبو حاتم : لا يُحتج به ،و وثقه ابن معين . الذهبي: ميزان الاعتدال ، ج 7 ص: 292

[11] ابن عساكر : المصدر السابق، ج 39 ص: 504 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-27-2013, 09:52 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

و الرواية الثالثة[1] مفادها أن المستورد بن غفلة الخارجي ، عندما خرج على الأمويين سة 43هجرية ،و تصدى له القائد معقل بن قيس الرياحي ، قال لأصحابه : (( أما بعد فإن هذا الخرق معقل بن قيس قد وجه إليكم و هو من السبئية المفترين الكاذبين ،و هو لله و لكم عدو ))[2] .
و الرابعة[3] مفادها أن القائد شبث بن ربعي لما تصدى لجيش المختار الثقفي سنة 66هجرية ،و هزم قسما من جيشه ،و ألقى القبض على قائده سعر بن سعر الحنفي ، أنّبه و قال له : (( ويحك أردت إتباع هذه السبئية ، قبّح الله رأيك ))[4] .
و الرواية الخامسة[5] مفادهاا أنه في سنة 66هجرية كانت مع المختار الثقفي الكذاب جماعة من السبئية ، عندها كرسي تقدّسه و تستنصر به ، زعمت أنه لعلي بن أبي طالب ،و أنه كتابوت بني إسرائيل[6]. و يُدعم هذه الرواية و يُقويها شعر الأعشى الهمداني الذي سبق ذكره ، فإنه عندما وصف المختار الثقفي و أصحابه بأنهم سبئية ، قال بعد ذلك :
و اقسم ما كرسيكم بسكينة + و إن كان قد لُفت عليه اللفائف[7]

و السادسة[8] ما رُوي أن السبئية كانوا في جيش علي بن أبي طالب ،و تكلّموا فيه بسبب الخمس من الغنائم[9] . و الرواية السابعة[10] ما رُوي عن عامر الشعبي أنه قال : (( فلم أر قوما أحمق من هذه السبئية ، فأني أدركت الناس يُسمونهم الكذابين ))[11] . و آخرها[12]-أي الثامنة- ما رُوي عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنه- أنه قال : (( إذا كثُرت القدرية بالبصرة استكفت أهلها ، و إذا كثُرت السبئية بالكوفة استكفت أهلها ))[13] .
و هذه الروايات الثماني و إن كانت ضعيفة الأسانيد ، فهي قد ذكرت الطائفة السبئية من غير طريق سيف بن عمر التميمي ، و هي من جهة أخرى تتقوى بالروايات السبع الصحيحة الأسانيد التي سبق ذكرها- التي أثبتت وجود الطائفة السبئية ، و بذلك يصبح ما روته الضعيفة عن السبئية كطائفة ، أمر حقيقي لا خيال . و من ثم يتبين من كل تلك الروايات أن السبئية كانت موجودة منذ القرن الأول الهجري و ما بعده ، كجماعة منظمة لها هُويتها و نشاطها و أفكارها .

[1] من رجاله : أبو مخنف لوط بن يحيى و هو ضعيف متروك ،و قد تقدم ذكره .

[2] الطبري : تاريخ الطببري ، ج 3 ص: 184 .

[3] من رجالها : أبو مخنف لوط بن يحيى ، و هو ضعيف .

[4] الطبري: نفس المصدر ، ج 3 ص : 442-443 .

[5] رجالها : عبد الله بن أحمد بن شبويه ،و احمد بن شبويه ،و سلمويه سليمان بن صالح المروزي، و عبد الله بن المبارك ،و إسحاق بن يحيى بن طلحة ،و معيد بن خالد الجدلي،و الطفيل بن هبيرة، و هؤلاء كلهم ثقات ، إلا الأخير فلم أعثر له على جرح و لا تعديل . عن الآخرين انظر : ابن أبي حاتم : الجرح و التعديل ، ج 8 ص: 280 ، ج5 ص: 9 .و الذهبي: تذكرة الحفاظ ، ج 2ص: 264 .و ابن حجر: التقريب ج 1 ص: 252 .و ابن حبان : الثقات ، ج6 ص: 46 .

[6] الطبري: المصدر السابق، ج 3 ص: 476-477 .

[7] ابن عساكر: تاريخ دمشق، ج 34 ص: 486 .

[8] من رجالها : أبو اليقظان عثمان بن عمير ،و هو ضعيف متروك ، متهم بالكذب . المزي: تهذيب الكمال ، ج 19 ص: 471-472

[9] الخطيب البغدادي: تالي تلخيص المتشابه ، حققه احمد السقيرات ، ط1 ، الرياض ، دار الصميعي ، 1419 ج1ص: 329 .

[10] رجالها ثقات ما عدا سعيد الهمداني ، اختلف فيه ، ضعّفه المحدثون ،و قال بعضهم : صدوق ،و جائز الحديث . ابن عدي: الكامل في الضعفاء، ج 6 ص: 420 .

[11] نفس المصدر ، ج 6 ص: 116 .

[12] من رجالها : عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر ، ضعيف كذاب ، ليس بشيء . ابن أبي حاتم : المصدر السابق ، ج 6 ص: 69 .

[13] ابن عدي: المصدر السابق ، ج 6 ص: 116 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-27-2013, 09:52 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

و الشاهد الثالث هو أنه توجد طائفة من الروايات عرّفتنا ببعض رجالات السبئية ، مما يعني أنها لم تكن مجهولة لدى الناس ،و هذا الشاهد هو تفصيل للشاهد الثاني و امتداد و تأكيد له . و أشهر رجالاتها الذين عاشوا في القرن الأول الهجري و ما بعده ، هم : عمير بن ضابيء البرجمي( ق:1ه) ،و المختار بن عبيد الثقفي الكذاب (ق: 1ه) ،و معقل بن قيس (ق:1ه) ،و عبد الله بن محمد بن الحنفية (ت98أو99ه ) ،و شهر بن حوشب (ت 100 أو112ه) ، و المغيرة بن سعيد البجلي الكوفي (ت120ه) ، و يزيد أبو سليمان-صاحب الأعمش- (ق: 2ه) ، و جابر بن يزيد الجعفي (ت167ه) ،و محمد بن السائب الكلبي (ت240ه)[1] .
و يٌوجد شخصان آخران كانا في جيش علبي بن أبي طالب رضي الله عنه- و لم تُصرّح المصادر التي رجعتُ إليها- أنهما من الطائفة السبئية ، و هما : أصبغ بن نباتة الحنظلي الكوفي ، و رشيد الهجري ، و الراجح أنهما سبئيان ، لقولهما ببعض أفكار السبئية ، فكانا يُؤمنان بالرجعة- أي رجعة علي بعد موته- ،و الأول كان يقول لعلي : أنت دابة الأرض[2] .
و الشاهد الرابع هو أن علي بن أبي طالب أحرق جماعة من الزنادقة ادعوا فيه الألوهية ،و قد صرّحت طائفة من الروايات أن هؤلاء من السبئية ، و أخرى لم تُصرّح بذلك ، لكن الراجح أنهم منها ، لأن أفكارهم تنتمي إلى الفكر السبئي ، و لإثبات ذلك و تفصيله نورد الروايات الآتية ، أولاا أن حادثة حرق علي للزنادقة هي حادثة ثابتة أسانيدها صحيحة[3] .

و ثانيا إن بعض الروايات صرّحت أن الزنادقة الذين قتلهم علي هم من السبئية[4] .و ثالثا أن هؤلاء الزنادقة كانوا على فكر عبد الله بن سبأ ، فهو كبيرهم الذي علمهم الكفر و الزندقة ، فهؤلاء قالوا بألوهية علي ، و هو أي ابن سبأ- رُوي أنه كان يقول لعلي : أنت دابة الأرض ، أنت الملك ، أنت خلقت الخلق[5] .
و رابعا إن بعض كبار علماء أهل السنة ، كابن تيمية ،و الذهبي،و ابن حجر ، قد صرّحوا بأن الزنادقة الذين حرقهم علي بن أبي طالب ، هم من السبئية أتباع عبد الله بن سبأ[6] . و خامسا إن الذين عُرفوا بالضلال و الانحراف الفكري و الغلو في علي هم السبئية و ليس غيرهم ، مما يعني أن السبئية حقيقة لا خيال ، أحرق علي منهم طائفة .

[1] عنهم انظر : ابن الأثير: الكامل، ج 3 ص: 72-73 .و ابن حجر: الفتح ، ج9 ص: 167، 168 .و ابن عساكر: تاريخ دمشق، ج 23 ص: 229ج 32 ص: 271 و ما بعدها، ج 34ص: 486 .و الطبري : التاريخ ، ج 3 ص: 184 . و العقيلي : الضعفاء، ج2 ص: 191 ،و ج 4 ص: 178 .و تاريخ ابن معين ،حققه احمد نور سيف، دمشق، دار المأمون للتراث، 1400ه، ج4 ص: 8 .و ابن حبان : كتاب المجروحين، حلب ، دار الوعي، د ت، ج1 ص: 208،و ج2 ص: 253 . و الذهبي: الميزان ، ج6 ص: 161 .

[2] الذهبي : نفس المصدر ، ج 3 ص: 79 .

[3] انظر مثلا : الدارقطني: السنن ، حققه هاشم يماني، بيروت، دار المعرف’ 11966، ج3 ص: 108

[4] ابن عساكر: المصدر السابق ، ج 29 ص: 10 .

[5] ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، ص: 73 . و ابن حجر:اللسان ، ج3 ص: 289 .و ابن عساكر : تاريخ دمشق، ج29 ص: 10 .

[6] انظر: منهاج السنة النبوية ، ج 3 ص: 459.و ميزان الاعتدال ، ج 4 ص: 105 .و لسان الميزان، ج 3 ص: 289 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-27-2013, 09:53 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

و الشاهد الخامس هو إنكار علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- على السبئية ، و مقاومته لها لِما كانت تُروّجه من ضلالات و أباطيل ، و موقفه هذا دليل قاطع على وجود ابن سبأ و طائفته ، و تفصيل ذلك أنه أحرق طائفة منهم بالنار ، و ردّ على أكاذيبهم ، فعندما بلغه أنهم يطعنون في أبي بكر و عمر رضي الله عنهما- و يفضلونه عليهما ،و زعموا أن رسول الله عليه الصلاة و السلام- خصّه بوصيته و أسراره ، أنكر[1] أن يكون الرسول قد خصّه بوصيته و أسراره من دون الناس ، و أعلن صراحة أنه-أي الرسول- لم يوص بالخلافة لأحد من بعده . و عندما حضرته الوفاة أي علي أبى أن يستخلف ابنه الحسن من بعده [2] . و عندما بلغه أن ابن سبأ يكذب على الله و رسوله ،و يفضله على أبي بكر و عمر ، أنكر ذلك عليه بشدة ،و أعلن أمام الملأ أن أفضل الناس بعد رسول الله- صلى الله عليه و سلم- أبو بكر و عمر . و قد صحّ عنه هذا الخبر من نحو 80 طريقا[3] .

و الشاهد السادس هو تأثير الفكر السبئي في كثير من المذاهب و الشخصيات منذ القرن الأول الهجري إلى وقتنا الحاضر ، و هذا يعني أن ذلك التأثير لم يأت من فراغ ،و إنما هو بسبب الوجود الحقيقي للطائفة السبئية ، و نشاطها المستمر في نشر فكرها و سمومها و ضلالاتها ، فوجدت من سمع لها ، و آمن بأباطيلها ، و قد تجلى تأثيرها الفكري في جوانب كثيرة ، أذكر بعضا منها فيما يأتي .
أولا إن الفكر السبئي قام أساسا على الكذب ، بدليل أنه صحّ الخبر أن ابن سبأ كان يكذب على الله و رسوله ، و قال له علي بن أبي طالب أنه سمع رسول الله-عليه الصلاة و السلام يقول : (( بين يدي الساعة ثلاثين كذابا . و إنك لأحدهم )) ، و كان يقول عنه أي ابن سبأ- : (( من يعذرني في هذا الحميت ، الذي يكذب على الله و رسوله ))[4] .
فذلك دليل على أن ابن سبأ كان متخصصا في اختلاق الأكاذيب و ترويجها ، و عنه انتقلت هذه التخصص إلى أصحابه ، و أصبحت الطائفة السبئية معروفة بالكذب بين الناس ، فوصفهم المستورد بن غفلة الخارجي (ق: 1ه) بأنهم سبئية مفترين كذابين[5].و صحّ الخبر أن سليمان الأعمش ( 61-148ه) ، كان يقوله عنها : (( اتقوا هذه السبئية ، فإني أدركت الناس ، إنما يسمونهم الكذابين ))[6] .
و من أشهر رجالها الكذابين و المتأثرين بها : رشيد الهجري (ق: 1ه) ، و أصبغ بن نباتة الكوفي(ق:1ه) ،و المختار بن أبي عبيد الثقفي (ق:1ه) ،و المغيرة بن سعيد الكوفي (ت 120ه) ،و محمد بن السائب الكلبي (ت 140ه) ،و جابر بن يزيد الجعفي (ت 167ه) ،و أبو سعيد عباد بن يعقوب (ت 250ه)[7]. و كل هؤلاء من الرافضة ، و الكذب عندهم أي الرافضة- معروف ، فقال عنهم مالك بن أنس : لا تروا عنهم فإنهم يكذبون .و قال الشافعي : لم أر أشهد بالزور من الرافضة .و قال شريك : احمل العلم من كل ما لقيت إلا الرافضة ، فإنهم يضعون الحديث و يتخذونه دينا[8] .


[1] خبر الانكار صحيح الإسناد . انظر : الخلال ، السنة ، ج 2 ص: 538، 539، 540 .

[2] انظر: ابن عساكر: المصدر السابق، ج 29 ص: 7، ج 42،ص: 396.و الطبراني: المعجم الأوسط، حققه طارق بن عوض الله ، القاهرة ، دار الحرمين، 1415 ،ج 5 ص: 267 .و أبو نعيم : الحلية، ج 8 ص: 253.و ابن حجر: اللسان، ج 3 ص: 289.و الدارقطني: جزء ابن طاهر، ص: 52. الخلال : السنة، ج 2 ص: 538، 539، 540 . و الحافظ الضياء المقدسي: الأحاديث المختارة، حققه عبد الملك بن دهيشن مكة المكرمة، مكتبة النهضة الحديثة، 1410،ج 2 ص: 213 . و الهيثمي: مجمع الزوائد ، ج 9 ص: 137

[3] ابن حجر: اللسان، ج 3 ص: 289 . و ابن تيمية : مجموع الفتاوى، ج 3 ص: 261، 262، 269 .، ج4 ص: 407 . و راجع روايات الشاهد الأول .

[4] راجع الشاهد الأول .

[5] الطبري: التاريخ ، ج 3 ص: 184 .

[6] انظر الرواية السابعة من الشاهد الثاني .

[7] [7] احمد بن حنبل : العلل ، ج 1 ص: 145 .و الذهبي: الميزان ، ج 1 ص: 436، ج 2 ص: 105، ج 3 ص: 79 .و السيّر، ج 11ص: 537..و ابن الجوزي : الضعفاء،ط1، بيروت، دار الكتب العلمية ،1406ه ج 2 ص: 77 . و عبد القاهر البغدادي: الفرق بين الفرق ، ص: 47 .

[8] عن أقوال هؤلاء انظر: الذهبي: الميزان ، ج 1 ص: 146 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الثورة, الخليفة, الشهيد, الفتنة, رؤوس, على, عثمان, عفان


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع رؤوس الفتنة في الثورة على الخليفة الشهيد عثمان بن عفان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على درب زيد وعبدالله وجعفر ..مؤتة تقدم الشهيد تلو الشهيد Eng.Jordan الأردن اليوم 0 03-03-2016 11:27 AM
بين موقف عثمان بن عفان وموقف الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 07-20-2013 06:14 AM
تحميل كتاب سيرة ذي النورين عثمان بن عفان Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 12-30-2012 02:35 PM
وقفة مع عثمان بن عفان رضي الله عنه جاسم داود شذرات إسلامية 0 02-24-2012 12:28 AM
الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه احمد ادريس شذرات إسلامية 0 01-26-2012 01:50 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:47 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59