#1  
قديم 07-14-2014, 04:20 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,154
ورقة المصلحة في التشريع ضوابط وتطبيقات وآثار


المصلحة في التشريع .. ضوابط وتطبيقات وآثار***
ــــــــــــــــــــــ

16 / 9 / 1435 هـ
14 / 7 / 2014 م
ــــــــــــ

التشريع وتطبيقات 8437.jpg


البحث: المصلحة في التشريع .. ضوابط وتطبيقات وآثار(*).

إعداد: د. حسن بن عبد الحميد بخاري(**).

ـــــــــــــ

إن النص الشرعي منطلق الشريعة، ومدار التكليف، ودستور الملّة، والعناية به مطلب شرعي وسيلةً ومقصداً، ومما يتصل بذلك: بيان المؤثرات على النص الشرعي، وموقعها منه اعتباراً وإلغاءً، تقديماً وتأخيراً، والمصلحة من العوامل المؤثرة في عمل النص الشرعي، وعلي هذا الأساس جاء البحث الذي بين أيدينا، ففيه عمل الباحث على بيان الضوابط الأصولية لإعمال المصلحة في النص الشرعي.

فيتناول هذا البحث ثلاثة قضايا رئيسة: أولها: ضوابط إعمال المصلحة في التقرير الأصولي، وثانيها: تطبيقات على إعمال المصالح في الفقه الإسلامي القديم والمعاصر، وثالثها: أثر ضبط المصالح المعتبرة في الفتوى.

وعليه جاء هذا البحث في تمهيد وفصول ثلاثة وخاتمة، هذا بيانها:

التمهيد: وفيه تعريف المصلحة، ومكانتها في الشريعة الإسلامية، وأنواعها، ومرتبتها مع النص الشرعي.

فعرف المصلحة بأنها: المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده، من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينهم.

وقد خلص الباحث من تمهيده بأمرين:

وملخّص ما تقدّم في أمرين:

أحدهما: أن المصلحة التي يحتجّ بها أهل العلم هي المصلحة المرسلة، التي لم يشهد لها الشرع باعتبار ولا إلغاء، بمعنى أنه متى ورد النص بخلافها أُلغيت ولا عبرة بها، وتسمى بالمصلحة الملغاة. وهذا يبيّن بوضوح مرتبة المصلحة مع النص، وأنها تتأخر في الدرجة عنه لا محالة.

والآخر: أن محرّري مذهب الإمام مالك– وهو أوسع المذاهب في الاحتجاج بالمصلحة– قيّدوها بضوابط، فهي مقيّدة لدى غيرهم من باب أولى. وهذا يبيّن تأخر رتبة المصلحة عن النص في الاحتجاج من جهة أخرى؛ إذ ما كان من الأدلة حجة مطلقاً وأصلاً بنفسه غير مقيّد بقيد– وهو النص الشرعي– كان أعلى درجة وأقوى حجة من غيره.

الفصل الأول: ضوابط إعمال المصلحة:

جمع الباحث في هذا الفصل جملة الضوابط المذكورة قديماً وحديثاً، ورأى تقسيمها إلى قسمين:

أحدهما: ضوابط الاحتجاج، ومنها:

أولاً: أهليّة المحتجّ بالمصلحة والمستدلّ بها: فلا مجال عندئذ للعبث بالأحكام بحجة المصلحة من قِبل كل عابث؛ لأن أول الضوابط في شأن المصالح وإعمالها أهلية المتكلّم بها والمقررّ لها، وهذا ما يغلق الطريق تماماً على عامة المنادين اليوم بتشريع المصالح والمنظّرين لها، ممن ليس لهم حظٌ من العلم الشرعي وتأصيله وإقامة قواعده وتشييد أركانه.

ثانيا: تعظيم النصّ الشرعي وتقديمه: فعند إعمال المصلحة– بضوابطها إذا تحقّقت– يجب مراعاة هذا الأصل العظيم, وهو استصحاب مجانبة الهوى, وتلمّس موافقة كلّيّات الشرع وقواعده ومقاصده.

ثالثا: إعمال المصلحة في العادات دون العبادات: لأنّ مبنى العبادات على التوقيف والاقتصار على مورد النص, وأمّا باب العبادات فمعقول المعنى, وقائم على تحقيق مصالح العباد الدنيوية على تنوّعها.

والآخر: ضوابط المصلحة المحتجّ بها:

أولاً: أن تكون ملائمة لمقاصد الشريعة: والمقصود بذلك موافقة المصلحة المحتجّ بها لمقاصد الشريعة واندراجها في مثل أحد فروعها المعتبرة شرعاً.

ثانيا: عدم معارضة المصلحة للإجماع:وهو ضابط متحققٌ بمجرّد وصف المصلحة المراد الاحتجاج بها بأنها (مرسلة)؛ إذ الإجماع دليل شرعي تتقرّر به الأحكام، فما عارضه من المصالح لم يبقَ مرسلاً، بل مُلغىً شرعاً.

ثالثاً: عموم المصلحة: والمراد عَوْد نفعها المترتّب على تحقيقها على عامة الناس أو أكثرهم.

رابعا: عدم معارضة المصلحة للنصّ الشرعي.

خامسا: عدم معارضة المصلحة لمصلحة أرجح منها:

سادسا: تيقّن تحقيق المصلحة أو غلبة الظنّ به:

الفصل الثاني: تطبيقات إعمال المصلحة في الفقه الإسلامي:

تَهبُ التطبيقات العملية إثراءً عظيماً للتنظير الأصولي المجرَّد، وتكسبه مزيداً من قرب التناول للدارس والباحث والواقف فيه على الخلاف. وعندما تكون المسألة الأصولية المتعلّقة بالدليل أو الدلالة ذات جدل أصولي متّسع على المستوى التنظيري، فإن التطبيق العملي المنسوب إلى عصر النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته رضوان الله عليهم له فوق ذلك الإثراء أثران عظيمان:

أحدهما: حسم مادة الخلاف، وإقامة راية الإجماع على أصل المسألة إثباتاً أو نفياً.

والآخر: استنباط ضوابط المشروعية وقيود الجواز من خلالها.

وعليه جاء هذا الفصل وقد حوى مبحثين، عرض الباحث في الأول لمجموعة من المسائل التي عمل بها السلف (الصحابة ومن تبعهم) مستندين فيها إلى دليل المصلحة، أما الثاني فجعلته للتطبيقات المعاصرة التي يمكن من خلالها إسناد بعض الأحكام لهذا الدليل بضوابطه المعتبرة.

الفصل الثالث: أثر انضباط المصلحة في الفتوى:

وقد ذكر الباحث مجموعة من الآثار المترتبة على هذا الأمر ومن هذه الآثار:

- ***** الشريعة عن عبث الجاهلين وأهواء المضلّين.

- تحقيق مقصد الشريعة من تعبيد العباد لربهم وإخراجهم من دواعي الأهواء ورغبات النفوس.

- تحقيق مقصد جليل من المقاصد الشرعية، وهو إجلال الشريعة وهيبتُها وتوقيرُها.

- صيرورة الفتوى إلى اتّزان واستقرار واتّساق مع أحكام الشريعة وكلّيّاتها.

- إحياء قواعد مقاصد الشريعة وبعثها في ميدان الفتوى من جديد.

- إثبات صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان.

الخاتمة:

- (المصلحة) من الموضوعات التي بُحِثت في علمين شرعيّين متكاملين، هما: مقاصد الشريعة وأصول الفقه ، بمسارين مختلفين.

ففي مقاصد الشريعة: باعتبارها مقصداً شرعياً، وأن الشريعة بنت أحكامها على *** المصالح ودرء المفاسد، وفي أصول الفقه: باعتبار المصلحة المرسَلة أحد الأدلّة الشرعية المختلَف فيها.

2- اختلاف المسارين المتناولين لموضوع (المصلحة) في كلٍ من مقاصد الشريعة وأصول الفقه ذو نتائج لا تناقض بينها، فالإجماع المنعقد على كون المصلحة مقصداً شرعياً لا يتناقض مع الاختلاف القائم حول الاحتجاج بالمصلحة المرسَلة؛ لأنّ الرافض للاحتجاج بالمصلحة يقصد المصالح المسكوت عنها في الشريعة (المرسَلة)، وهذا غير المصلحة الشرعية (المعتبَرة) المجمع عليها في مقاصد الشريعة.

3- الخلاف الأصوليّ في الاحتجاج بالمصالح المرسَلة تنظيريّ، يأوي في التطبيق العملي إلى شبه وفاق بين المذاهب، على تفاوتٍ في قلّته وكثرته، كما قرّره القرافيّ وابن دقيق العيد والطوفيّ، وسائر الدراسات المعاصرة.

4- كان رأي الطوفيّ في الاحتجاج بالمصلحة وتقديمها على النصّ والإجماع شذوذاً لم يوافَق عليه، ومع ذلك فقد طار به دعاة التجديد والتنوير والعصرنة والتيسير اليوم، واعتبروه سلَفاً لهم في مشربهم الآخذ بتقديس المصالح والتشريع لها وبها.

5- ضوابط اعتبار المصالح نوعان: ضوابط الاعتبار والاحتجاج في ذاته، وضوابط المصلحة المراد الاحتجاج بها.

6- ضوابط الاعتبار والاحتجاج: أهليّة المحتجّ بالمصلحة والمستدلّ بها، وتعظيم النصّ الشرعي وتقديمه، وإعمال المصلحة في العادات دون العبادات.

7- ضوابط المصلحة المحتجّ بها: أن تكون ملائمة لمقاصد الشريعة، وعدم معارضة المصلحة للنصّ الشرعي، وعدم معارضة المصلحة للإجماع، وعدم معارضة المصلحة لمصلحة أرجح منها، وتيقّن تحقيق المصلحة أو غلبة الظنّ به، وعموم المصلحة.

8- النظر في تطبيقات الاحتجاج بالمصالح المرسَلة لدى الصحابة يثبُت به أمران: أحدهما: أصل مشروعية الاحتجاج بالمصالح المرسلة، والآخر: الضوابط المستفادة من احتجاجهم بها.

9- للعناية بضوابط إعمال المصالح المرسَلة آثارٌ عظيمة عِدّة، عائدة إلى المفتي والمستفتي والحكم المستفتَى فيه، وجملتها: ***** الشريعة عن عبث الجاهلين وأهواء المضلّين، وتحقيق مقصد الشريعة من تعبيد العباد لربهم وإخراجهم من دواعي الأهواء ورغبات النفوس، وتحقيق مقصد إجلال الشريعة وهيبتُها وتوقيرُها، وصيرورة الفتوى إلى اتّزان واستقرار واتّساق مع أحكام الشريعة وكلّيّاتها ، وإحياء قواعد مقاصد الشريعة وبعثها في ميدان الفتوى من جديد، وإثبات صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان.

وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

ـــــــــــــ

(*) بحث مقدم لمؤتمر النص الشرعي بين الأصالة والمعاصرة، الجمعية الأردنية للثقافة المجتمعية، الأردن– عمّان، في الفترة من 28 – 30 / 4 / 2012م.

(**) أستاذ أصول الفقه المساعد- جامعة أم القرى– مكة المكرمة- المملكة العربية السعودية.
ـــــــــــــ
***{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأسلحة, التشريع, وآثار, وتطبيقات, ضوابط


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المصلحة في التشريع ضوابط وتطبيقات وآثار
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التشريع الإسلامي عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 06-30-2014 09:21 AM
مختارات من كتاب تعليم التفكير مفاهيم وتطبيقات Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 06-24-2013 09:42 AM
الاقتصاد و المال في التشريع الاسلامي و النظم الوضعيه بحوث و احاديث و دراسات مقارنه احمد ادريس دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 04-10-2013 12:20 PM
مواجهة الجريمة المعلوماتية في التشريع الجزائري Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 03-13-2013 01:43 PM
الرهن الحيازي الوارد العقار في التشريع الجزائري Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 08-31-2012 06:15 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59