#15  
قديم 04-12-2012, 08:41 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السير ة النبوية المعطرة

بقلم – فالح الحجية

15

في ليلة الاثنين الاول من ربيع الاول من العام الرابع عشر من النبوة ركب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم راحلته صحبة ابي بكرالصديق والدليل ( عبد الله بن اريقط الليثي ) وصحبهم عامر بن فهيرة مولى ابي بكرالصديق وتحرك الركب من غار ثور متجها الى يثرب وسلك بهما الدليل طريقا غير مسلوك الا قليلا باتجاه الجنوب نحو اليمن حتى ابعد كثيرا اخذ بهم الى الغرب نحو البحر- وهذه اول خطوات البعثة النبوية المعطرة – ثم اتجه الركب الى الشمال على مقربة من ساحل البحر وسلكت القافلة المهاجرة طريقا لم يسلكه احد من قبلهم الا قليلا . وكان هذا العام العام الهجري الاول في التقويم الاسلامي القمري الذي يبدأ باول محرم الحرام وينتهي بانتهاء ذي الحجة من كل عام .
وقالت اسماء بنت ابي بكر : لما خرج والدي اخذ معه كل ماله فدخل علينا جدي ابو قحافة وكان فاقد البصر فقال :
-اني والله لأراه فجعكم بماله مع نفسه
فقلت له: كلا والله لقد ترك لنا خيرا
واخذت حجارة فوضعتها في كوة البيت وقلت له:
- ضع يدك على المال.
فوضعها وقال : لا باس ان كان قد ترك لكم هذا فقد احسن
وقالت : والله ماترك لنا شيئا وانما اردت ان اسكت الشيخ .

والت القافلة سيرها الليل كله وانتصف النهارالتالي واصبح الطريق قفرا خاليا عندئذ نزل ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم ليستريح تحت ظل صخرة بينما راح ابو بكرالصديق يستكشف ما حوله فشاهد راع يرعى فاستحلب منه ابو بكر فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم سقاه ابو بكر حتى شبع ثم ارتحلوا.
في اليوم الثاني من هجرتهم الميمونة مروا على خيمة ام معبد وام معبد هذه امراة من كعب وفي رواية اخرى من خزاعة وزوجها يسكنون في موضع يسمى ( المشلل) في ناحية قرية ( القديد) التي تبعد عن مكة بحوالي\ 130 كم وكانت تطعم من مر بها وتسقيه يعرفها القاصي والداني فنزلوا عندها وسألوها ان كان عندها شيء ياكلونه فاعتذرت عن اقرائهم واخبرتهم ان الشياه عازب – بعيد المرعى والكلا . فشاهد النبي صلى الله عليه وسلم نعجة قرب الخيمة اجهدها الهزال والضعف ولم يكن فيها قطرةمن لبن فاستاذن ام معبد بحلبها فحلبها فبارك الله فيها ودرت لبنا كثيرا سائغا طيبا ملأ الاناء الكبير وفاض منه . فسقى النبي صلى الله عليه وسلم ام معبد حتى رويت ثم سقى اصحابه حتى شبعوا ثم شرب فارتوى ثم حلبها ثانية بملئ الاناء وتركه عندها وارتحلوا . فلماء جاء زوجها يسوق اغناما عجافا وفي رواية اخرى عنوزا عجافا فتعجب حين شاهد اللبن الكثير فقا ل لها:
- من اين هذا ؟؟؟
قاخبرته القصة بان رجل مبارك مر بها مع اخرين ووصفت النبي صلى الله عليه وسلم من مفرقه الى قدمه فقالت ( انه رجل ظاهر الوضاءة حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزور به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي اشفاره وطف وفي صورته صحل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة احور اكحل ازج اقرن شديد سواد الشعر اذا صمت عليه الوقار واذا تكلم علاه البهاء اجمل الناس وابهاه من بعيد واحسنه واحلاه من قريب حلو المنطق لا نذر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدون ربعة لا تقتحمه عين من قصر ولا شنوءة من طول غصن بين غصنين فهو انضر الثلاثة منظرا واحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به اذا قال استمعوا لقوله واذا امر تبادروا الى امره محفود محشود لا عابس ولا مفند)
فقال ابو معبد: والله هذا صاحب - قريش الذي تطلبه ولقد هممت ان اصحبه ولأفعلن ان وجدت الى ذلك سبيلا .
وفي صباح ذلك اليوم صاح صوت بمكة عاليا يسمعه الجميع ولا يرون القائل وهو ينشد:

جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي ام معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به
فافلح من امسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكمو
به من فخار لا يحاذى وسؤدد
ليهن بنو كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا اختكم عن شاتها وانائها
فاكموا ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح ضرة الشاة مزيد
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم
وقدس من يسري اليه ويغتدي
وعن اسماء بنت ابي بكر قالت :
- مكثنا ثلاث ليال لا ندري اين توجه النبي صلى الله عليه وسلم اذ اقبل رجل من الجن من اسفل مكة يتغنى بابيات غناء العرب والناس يتبعونه ويسمعون منه ولا يرونه حتى خرج من اعلى مكة فعرفنا حدسا اين توجه رسول الله .

ثم ساروا حتى جاوزوا ( القديد) فتبعهم سراقة بن مالك بن جهشم المدلجي آملا في جائزة قريش ( مائة بعير لمن ياتي بمحمد وصاحبه حيا اوميتا ) فلما وصل قريبا منهما كبت فرسه حتى سقط عنها ثم نهض فاستقسم بالازلام ايضرهم ام لا يضرهم فخرج الذي لايضرهم لكنه عصى الازلام وركب ثانية هم اللحاق بهم حتى دنا منهم بحيث يسمع ما يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت اليه وابو بكر يكثر الالتفات في كل جانب . فساخت ارجل الفرس الامامية حتى ركبتيها فخر عنها الى الارض ثم زجرها فاخرجت يديها من الارض فلما استوت قائمة صار لاثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان عاليا فوقف سراقة استقسم بالازلام ثانية فظهر الذي يكرهه فداخله رعب كبير وفطن ان امر رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد سيظهر فسألهم الامان فوقفوا حتى لحق بهم واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قرره اهل مكة وعرض عليه الزاد والمتاع فلم يأخذ منه شيئا وطلب منه ان يخفي امرهما ورجاه سراقة ان يستكتبه الامان فكتبه عامربن فهيرة في اديم ودفعه اليه ورجع سراقة. فكان كل من لقيه في الطريق يؤكد له بعد م رؤيته لهم .

و قد لقيهما في الطريق بريدة بن الحصيب الاسلمي في سبعين رجلا فارسا فاسلموا وصلى بهم صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء الاخرة ثم لقيهما الزبير بن العوام في بطن وادي (الريم) في ركب من المسلمين كانوا في تجارة من الشام فكسى الزبير النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه بملابس بيضاء.
ولما بلغ الانصار في يثرب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من مكة قاصدا مدينتهم كانوا يخرجون في كل يوم الى ( الحرة ) ينتظرون قدومه فاذا اشتد حر الشمس رجعوا الى منازلهم وفي يو م الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول خرجوا كعادتهم فلما حميت الشمس رجعوا فصعد رجل من اليهود على اطم من آطام المدينة فراى ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه من بعيد يزول بهم السراب بملابس بيضاء فصرخ باعلى صوته :
يابني قيلة ( وهي ام الاوس والخزرج كما سبق واشرنا له ) هذا صاحبكم قد جاءكم من تنتظرونه .

هب الانصار راكضين نحو القافلة بحر الظهيرة الى (السلام) موضع معروف ليلتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا التهليل والتكبير في بني عمرو بن عوف فكبرالمسلمون وخرجوا الى لقياه وحيوه بتحية النبوة والاسلام واحدقوا به رافلين بالفرح والسرور . فنزل بهم في بني عمرو بن عوف في (قباء) على مقربة من المدينة المنورة ( يثرب ) التي نورها النبي ****** المصطفى بنوره فاصبحت تسمى المدينة المنورة من ذلك الوقت وقد نزل رسول الله في (قباء) على كلثوم بن الهدم وقيل في رواية اخرى على سعد بن خيثمة حيث مكث فيها اربعة ايام وقد اسس في اثنائها مسجد قباء المعروف اليوم وهو اول مسجد اسس وبني في الاسلام. وقد زرناه وتبركنا به هذا العام والحمد لله.
وفي يوم الجمعة اليوم الخامس من وصوله ركب صلى الله عليه وسلم بامر من الله تعالى وابو بكر معه فارسل الى اخواله بني النجار فحضروا متقلدين سيوفهم فسار فيهم نحو المدينة المنورة وادركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلى الجمعة فيهم في بطن الوادي في موضع المسجد الموجود الان في بطن الوادي وهم قرابة مائة رجل .
ثم ركب متجها نحو مركز المدينة وقد زحف الناس لاستقباله وارتجت البيوت والسكك والشوارع بالتحميد والتقديس وخرج النساء والصبان والاولاد وهم يتغنون :

طلع الفجر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
ايها المبعوث فينا جئت بالامر المطاع

وكان الانصار كل منهم ياخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون .:
- هلم الى العدد والعدة والسلاح والمنعة
فيجيبهم صلى الله عليه وسلم :
- خلوا سبيلها فانها مامورة
فلما وصلت الناقة الى مكان المسجد النبوي الشريف بركت فلم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا ثم التفتت ورجعت ثم بركت مرة تخرى في موضع بروكها الاول فنزل النبي صلى الله عليه وسلم عنها . فاخذ الناس يترجونه ويكلمونه في النزول عليهم فاحب ان ينزل على اخواله تكريما لهم . فبادر ابو ايوب الانصاري فادخل رحله الى بيته فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- المرء مع رحله .
واخذ اسعد بن زرارة بزمام راحلته فكانت عنده . فتسابق سراة الانصار الى استضافة ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم فكانت تاتيه الجفان مليانة . تاتيه منهم في كل ليلة وعلى بابه ثلاث او اربع جفان. واصبح كما قال شاعرهم قيس بن صرمة :

ثوى في قريش بضع عشرة حجة
يذكر لو يلقي حبيبا مواتيا
فلما اتانا واستقر به النوى
واصبح مسرورا بطيبة راضيا
واصبح لايخشى ظلامة ظالم
بعيد ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الاموال من جل مالنا
وانفسنا عند الوغى والتآ سيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم
جميعا وان كان ****** المصافيا
ونعلم ان الله لا رب غيره
وان كتاب الله اصبح هاديا

وقال الشاعر حسان بن ثابت :

قومي الذين هموا آووا نبيهمو
وصدقوه واهل الارض كفار
الا خصائص اقوام همو تبع
في الصالحين مع الانصار انصار
مستبشرين بقسم الله قولهموا
لما اتاهم كريم الاصل مختار
وقال ايضا :
نصرنا وآوينا النبي محمدا
على انف راض من معد وراغم
قال البراء :
اول من جاءنا مصعب بن عمير وابن مكتوم فجعلا يقرآن النا س القرآن ثم جاء عمار بن ياسر وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم )
فاقام النبي عند ابي ايوب حتى بنى بيته ومسجده .

بعث النبي صلى الله عليه وسلم- وهو مقيم في منزل ابي ايوب الانصاري – زيد بن حارثة وابا رافع الى مكة فقدما اليه بابنتيه فاطمة وام كلثوم وزوجته سودة بنت زمعة واسامة بن زيد وام ايمن . وكذلك خرج معهم عبد الله بن ابي بكر وفيهم عائشة ايضا .
اما علي بن ابي طالب رضي الله عنه فبقي بمكة ثلاثة ايام بعد هجرة النبي ادى الودائع التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل مكة ثم هاجر ماشيا على قدميه فلحق بركب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم . ثم هاجر صهيب فحجزه مشركو مكة فتنازل عن امواله لهم على كثرتها فسمحوا له بالهجرة فلما وصل المدينة واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال :
- ربح البيع ابا يحيى . حيث كانت كنية صهيب ( ابو يحيى )

يتبع
فالح نصيف الحجية
العراق- ديالى – بلدروز
9\3\2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 04-12-2012, 08:42 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السيرة النبوية المعطرة

16
بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرت في الحلقة الخامسة عشرة من هاجر من المسلمين الى المدينة المنورة واذكر ان بعض المسلمين حبسهم المشركون من قريش ولم يسمحوا لهم بالهجرة وعذبوهم لعلهم يرجعون عن دينهم منهم هشام بن العاص وعياش بن ربيعة والوليد بن الوليد وغيرهم فكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يدعو لهم في صلاته ومن هنا شرع دعاء القنوت في الصلاة الواجبة – الوتر – ( وهي ثلاث ركعات بعد صلاة العشاء الاخرة ). وكان صلى الله عليه وسلم يدعو على من حبسهم وكفهم عن الهجرة وبعد مدة قام بعض المسلمين باخراجهم من مكة بعملية جريئة واخرجوهم من قيود المشركين كفار مكة فهاجروا الى المدينة.
ولما نزل المهاجرون بالمدينة المنورة تغير الطقس عليهم وشعروا بالحزن والهم لفراقهم ديارهم وارضهم فاخذوا يحنون اليها ويذكرونها كثيرا فمرض اغلبهم واصابتهم الحمى وبعض الامراض وقيل ان المدينة كانت ارضا موبوءة بالمرض فمرض ابو بكر وكان يقول حين تشتد به الحمى :
مل امرئ مصبح في اهله
والموت ادنى من شراك نعله

وقيل ان بلالا الحبشي اذا اقلعت عنه الحمى يقول:

الا ليت شعري هل ابيتن ليلة
بواد وحولي اذخر وجليل ؟
وهل اردن يوما مياه مجنة
وهل يبدون لي شامة وطفيل

اللهم العن ابن ربيعة وامية بن خلف وشيبه بن ربيعة كما اخرجونا من ارضنا الى ارض الوباء.
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى ( اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اشد حبا اللهم صححها وبارك في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة) فاستجيب دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم فاستراح المسلمون من الامراض ولقد تعود المسلمون مناخ المدينة فاحبوها .
بعد استقرار النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة بدأ ينسق امور المسلمين ويدعو الناس الى الاسلام والايمان . وقد بدأ تشكيل اول حكومة اسلامية و قيام دولة الاسلام من يوم هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة . واتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخطوة الاولى في بناء هذا الحدث العظيم( الاسلام ودولته ) في بناء المسجد النبوي – يعمره الله على مدى الازمنة والدهور – فقام بشراء الارض التي بركت فيها ناقته وكانت لغلامين يتيمين وكانت مساحتها مائة ذراع في مائة ذراع وتذكر اغلب الروايات انها كانت قبل ذلك مقبرة فيها بعض قبورالمشركين وكذلك فيها نخيلات وتحتها شجيرات الغرقد – هذا الشجر المقدس عند اليهود - وفي رواية اخرى كان هذا الموضع مربدا لسهل وسهيل غلامين يتيمين من الانصار كانا قد رباهما اسعد بن زرارة الانصاري فساوم النبي صلى الله عليه وسلم الغلامين في ثمن الارض ليتخذها مسجدا فقالا :
- بل نهبها لك يارسول الله .
فابى النبي صلى الله عليه وسلم فاشتراها بعشرة دنانير منهما .
وجاء في الصحيح( ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يابني النجار ثامنوني بحائطكم قالوا : لا يارسول الله لا نطلب ثمنه الا الى الله ).

امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يزال كل مافي الارض من شجر او قبر وجمعت جذوع النخل في قبلة المسجد ثم خطط طوله مما يلي القبلة الى اخره مائة ذراع وعرضه بقدر طوله وفي رواية اقل بقليل . وجعل اساسات البناء ثلاثة اذرع واستمرالبناء بالطين واللبن وسقّف بجريد النخل وجذوعها وبالعمد وفرشت ارضيته بالحصى والرمل وجعل له ثلاثة ابواب وقبلته في شماله الى بيت المقدس وقد اشترك ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم بالبناء فكان ينقل الحجارة واللبن مع المهاجرين والانصار ويرتجز ليزيدهم نشاطا في العمل ويقول :
اللهم ان العيش عيش الاخرة
فاغفر للانصار والمهاجرة

فجعل الانصار والمهاجرين يرتجزون ايضا ومن ذلك قولهم :

ولئن قعدنا والرسول يعمل لذلك منا العمل المضلل

وشيد حجرتين بجانب المسجد بالحجارة واللبن ايضا وسقّفهما بالجذوع والجريد واحدة لزوجته سودة بنت زمعة والاخرى لعائشة رضي الله عنهما وقد دخل بعائشة بنت ابي بكر بعد وصولها الى المدينة المنورة في شوال في السنة والاولى من الهجرة . وفي المسجد النبوي نظمت قصيدة حيث كنت في المدينة المنورة اذكر منها :


الله يجعل في الانسان رحمته
... والشوق يكبر والايمان يرتفع

أحببت نور الهدى والشوق يدفعني
نحو ****** وبالانوار ينسطع

في المسجد النبوي في نور روضته
أرواحنا أشرقت كالعطر تندفع

هبت علينا رياح الشوق عابقة
في هيبة خشعت والوجد يرتجع

هبت علينا رياح الروض عاطرة
ممزوجة اعطارها بالمسك تندلع

واشتد شوقي وبا لانفاس في سحر
او ضجّت الاحلام بالروح تنسفع

والفكر راح الى صرح يشيّده
ذكراه نور من القران يرتفع

يا ويح قلبي وما نفسي بعالمة
حبي وشوقي فكالينبوع يندفع

هذ ا الضريح - ضريح الشوق أعشقه
- للمصطفى المختار والخلق تجتمع

أبكيك يا سيدي دمعا ينازعني
شوقا يؤ رّ قني و الر وح تنصدع
القلب حاطت به الأنوار في ألق
قد رحت أبكي لرب العرش أرتجع

ان الصلاة لرب العرش تسعدني
في روضة حزمت لله ترتفع

والقلب شاق وللمحبوب في ولع
والفكر راق وبالاوصال تنسجع

نفسي جناب رسول الله يشغلها
في هيبة عظمت والروح تنصدع

وانحل نهر الدمع يشكو عند روضته
شوقا اليه وفيها القلب ينخلع

يا دمع أهمل بلا عيب ولا وجل
في روضة . أبحر للدمع تتسع

كل الرجال حشود عند روضته
والدمع منهمل والنفس تنصرع

يا سيدي يا رسول الله معذرة
الكل في حضرة التقريب يستمع


وثاني عمل عمله النبي صلى الله عليه وسلم بعد بناء المسجد النبوي انه آخى بين المهاجرين والانصار حيث كان لانصار يتنافسون في استضافة المهاجرين في بيوتهم وقد ذكر الله القرآن الكريم . ( والذين تبوؤا الادار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اؤتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاؤلئك هم المفلحون *) الحشر \9
وقد زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحب والايثار بعقد هذه المؤاخاة قوة ومودة بين المهاجرين والانصار فجعل كل رجل مهاجر في بيت اخيه الانصاري وكانوا تسعين رجلا نصفهم مهاجرين ونصفه انصار فآخى بينهم على المؤآخاة والمؤآساة وقرر انهم يتوارثون فيما بينهم بعد الموت دون ذوي الارحام . الا ان هذا التوارث نسخه القرآن الكريم بالتوارث الرحمي في سورة النساء . وبقيت المؤاخاة وعقدت هذه المؤاخاة في دار انس بن مالك رضي الله عنهم جميعا . وكان من شدة محبة الانصار لاخوتهم المهاجرين انهم عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم نخيلهم او بساتينهم ليقسمها بينهم وبين اخوتهم المهاجرين فلم يوافق فقالوا له :
- اذن تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة .
فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك .

ومن هذه الاخوة ان سعد بن الربيع – وكان اكثرالناس ما لا واغناهم – وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخا بينه وبين عبد الرحمن بن عوف قال لاخيه عبد الرحمن بن عوف :
- اقسم مالي بيني وبينك نصفين ولي زوجتان فانظر ايهما تعجبك فسمها لي لكي اطلقها فاذا اعتدت وانقضت عدتها فتتزوجها انت .
فقال عبد الرحمن : بارك الله لك في اهلك ومالك ثم قال لبعض الناس:- اين سوقكم ؟؟
فدلوه على سوق في بني قينقاع فقصدها وتسوق منها فضلا واقطا وسمنا وجاء بها الى بيت اخيه سعد بن الربيع . وما هي الا ايام قليلة
الا وتزوج عبد الرحمن بابنة احد الانصار .
وفي المسجد شيد ركن لايواء الفقراء والمساكين من المهاجرين ونزل اهل الصفة في المسجد وهم الفقراء الذين لا اهل لهم ولا مأوى والذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرقهم بين اصحابه فاذا جاء الليل تجمعوا في المسجد النبوي وكان جماعة منهم يتعشى مع ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى اغناهم الله من فضله .

بدأ المسلمون يحضرون الصلوات الخمس في المسجد النبوي يصلونها جماعة في امامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقترحوا ان يدق ناقوس لكي يجتمعون على صوته في وقت الصلاة واقترح اخرون ان يكون بوقا ينفخ فيه الا ان عمر بن الخطاب اقترح ان يبعث رجل فينادي ( الصلاة جامعة ) فاستحسنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبعد مدة راى الصحابي عبد الله بن زيد بم عبد ربه الانصاري الاذان في منامه فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
- انها لرؤيا حق .
ثم امر ان يحفظ الاذان لبلال فاذن بلال للصلاة
فقال عمربن الخطاب :
- والله لقد رايت مثله
فتاكد من الرؤيا واعتمد فكان بلال يصعد المسجد النبوي فيصيح باعلى صوته في الاذان لكل صلاة وهكذا صار الاذان شعار الاسلام منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا وسيبقى الى قيام الساعة انشاء الله تعالى

وتوفي في هذا العام وهو الاول من الهجرة المباركة اسعد بن زرارة قبل ان يتم بناء المسجد النبوي وكان من الاعيان وتوفي ضمرة بن جندب وكان مريضا قبل هجرته الى المدينة المنورة حيث قال لاولاده اخرجوا بي منها –يريد من مكة – فخرجوا به مهاجرا فادركه الموت في منطقة ( اضاة بني عقار) اي في موقع التنعيم الحالي وقيل انزل الله تعالى هذه الاية المباركة فيه ( ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله *) المائدة\ 100
المجتمع المدني انذاك متكون من ثلاث مكونات اساسية اولا من المسلمين حيث آخا النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فصاروا امة واحدة لهم كيانهم الا انهم بحاجة الى تنظيم اجتماعي جديد وتوحيدهم فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم في تنظيم مستقل في اطار الاسلام وجعل منهم امة مستقلة عن الاخرين في المدينة اما الاخران فيختلفان عن المسلمين في العقيدة والدين والميول والمصالح وهم اليهود والمشركون . فعقد النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقا بين المسلمين بعضهم مع بعض وميثاقا اخر بين المسلمين وبين اليهود والمشركين من جهة اخرى .

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
10\3\2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04-12-2012, 08:43 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السير ة النبوية المعطرة

17

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرت في الحلقة السادسة عشرة وجود اكثر من كيان حيوي في مجتمع المدينة واختلاف هذه الكيانات عن بعضها في المصلحة والتعامل والدين والعقيدة . فاول عمل عمله النبي صلى الله عليه وسلم عقد ميثاقا بين المسلمين من المهاجرين والانصار وهو ميثاق التآخي بينهم وجعل الاخوة الاسلامية فوق كل شيء حتى فوق الاخوة الحقيقية بادئ ذي بدء فجعل لكل فرد من الانصار اخا من المهاجرين يرث احدهما الاخر حتى بعد وفاته واشركهم في الامور صغيرها وكبيرها وجعلهم كعائلة واحدة اضافة الى الاخوة الاسلامية وهي الرابط الاسمى قال تعالى ( انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم ) الحجرات \ اضافة الى تعريفهم بالحقوق لهم والواجبات عليهم وتثبيت الاسس التي تجعل منهم امة واحدة مستقلة عن الاخرين وهذه الشروط هي كالاتي :
1- المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم وجاهد معهم امة واحدة من دون الناس الاخرين
2- اداء واجبات دينهم وفداء الاسرى يكون كما كانوا عليه قبل هذا اليوم وعلى المؤمنين والمسلمين النصر في الدية والفداء بعضهم للبعض الاخر.
3- يكون المسلمين يد واحدة على الظالم والمفسد والباغي ولو كان مسلما.
4- لا يجوز قتل مؤمن بكافر ولا يجوز نصر كافر على مسلم باي حال من الاحوال.
5- ان سلم المسلمين واحدة
6- ذمة الله واحدة فيجير عليهم ادناهم
7- لليهود حق النصر والاسوة اذا تبعوا المسلمين وواثقوهم .
8- لايحق لمؤمن ان ينصر محدثا او ايوائه
9- من يقتل مؤمنا متعمدا او قصدا يقتص منه الا ان يرضي ولي امرالقتيل
10- يجب على المؤمنين الوقوف ضد القاتل و المعتدي
11- اذا حدث اختلاف بين السلمين فان مرده الى الله والى الرسول .

وجعل هذه البنود ثابتة في الامة الاسلامية فللمسلمين حق الاخوة الاسلامية والوقوف معهم في كل الامور والتكاتف والتعاون والتناصر والمؤآساة واسداء النصح والارشاد الى الخير والايمان وقد تاكد فيما مضى من الزمن ان هذه الاخوة سمت شموخا على مدى الحقب الزمنية التي عرفها التاريخ الاسلامي ولحد اليوم .
ثم التفت الى المشركين فرتب امورهم حيث كان كيانهم على وشك الانهيار حيث اسلم اغلبهم سواء كانوا رعاعا او سوقة ورؤساء وكبراء واصبحوا لايستطيعون الوقوف امام المسلمين فقرر النبي صلى الله عليه وسلم مايلي:
(لايجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن .)
بذلك انتهى كل شيء يخشاه النبي صلى الله عليه وسلم منهم اذ جعلهم دون المسلمين درجة .
اما اليهود فقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم معهم اتفاقا حسب للبنود التالية :
1- اليهود امة مع المؤمنين . لهم دينهم وعليهم نفقتهم وللمسلمين دينهم وعليهم نفقتهم .
2- يجب على كل منهم نصرالطرف الاخر في حالة الحرب وفي اي مداهمة للمدينة من اي طرف من الاطراف وكل يدافع او يحمي جبهته
3- بين المسلمين واليهود النصح والنصيحة والبر بدون اثم
4- لايؤخذ الحليف باشم حليفه.
5- نصر للمظلوم على الظالم
6- اليهود ملزمين بالانفاق على المؤمنين مادامو ا محاربين
7- كل يثرب حرام على اهل هذه الصحيفة
8- اذا حدث حادث او شجار بين المسلمين واليهود فان مرده الى الله ورسوله
9- انه لاتجار قريش ولا من نصرها
10- لا يحول هذا الكتاب دون ظالم اوآثم

ولو تفحصنا هذه الامور والمواثيق لوجدناها قد رجحت فيها كفة المسلمين اذ تحولت المدينة المنورة الى دولة ذات سيادة الكلمة النافذة فيها للمسلمين ويرأس هذه الدولة الصغيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا اصبح المسلمون سادة الموقف .
تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم الى الدعوة الالهية الاسلامية ونشرها يعاونه المسلمون في ذلك فقد كان يحضر مجالس المسلمين وغيرالمسلمين من اليهود والمشركين يتلو عليهم القرآن الكريم ويدعوهم للايمان بالله تعالى ونبذ الشرك دون ان يستطيع احد ان يرده او يمنعه او يقف بوجهه صلى الله عليه وسلم .

سمع المشركون بهذه الامور والاحداث فازدادوا حقدا وكراهة ليس على شخص النبي صلى الله عليه وسلم وحسب وانما عليه وعلى المسلمين كافة . واخذوا يحرضون المشركين في المدينة بقتال المسلمين فيها واخراجهم من المدينة المنورة فقد شعر المسلمون- بعد ان ارتاحوا في المدينة من خبائث المشركين في مكة – بملاحقتهم لهم الى المدينة المنورة فقد هدد مشركو مكة مشركي المدينة المنورة بقتلهم واستباحة نسائهم ان هم لم يقاتلوا المسلمين ويطردونهم وهددوهم بمنعهم من دخول مكة ويقطعوا علاقاتهم بهم مما اضطر بعض منهم بالتجمع لقتال المسلمين في المدينة المنورة . الا ان النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك فاجتمع بهم ووعظهم ونصحهم فتفرقوا وغيروا رايهم عن قتال المسلمين . كما ان خطر المشركين في مكة احدق بالسلمين الذين يذهبون الى مكة فمشركو مكة قرروا الوقوف بالمرصاد لكل مسلم تطأ رجله ارض مكة . فقد اراد سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو رئيس الاوس ان يخرج الى مكة معتمرا فلما ذهب اليها وبينما هو يطوف حول الكعبة ومعه ابو صفوان امية بن خلف لقيهما ابو جهل فلما تعرف على سعد بن معاذ هدده وتوعده بالقتل لمن يصل الى مكة من المسلمين وقال له :
- تطوف بمكة آمنا وقد آويتم الصبأة وصبأتم معهم اما والله لولا انك مع ابي صفوان ما رجعت الى اهلك سالما . فعرف المسلمون ان هذا خبر لهم بصدهم عن المسجد الحرام وتحريم دخوله على المسلمين ومن دخله سيعرض نفسه للقتل والاذى . وكان عبد الله بن سلام حبر اليهود الاعظم في المدينة قد اسلم وبينما
لم يسلم بقية اليهود وبقوا على يهوديتهم رغم دعوته لهم الى الاسلام . وكان لرجال قريش وسادتها صلات وعلاقات بيهود المدينة فاوعزوا اليهم فعل اي شيء ضد المسلمين – واليهود مشهود لهم بخلق الفتنة ونشر الضغائن عبر التاريخ – فاخذوا يثيرون الفتنة والحقد والكراهية والضغينة القديمة بين المسلمين منها اثارة الفتنة بين الاوس والخزرج ومحاولتهم خلق جو مضطرب بينهم . وكان في المدينة ثلاث قبائل يهودية هم بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وقد نقضوا عهدهم بعد اسلام عبد الله بن سلام فحاربهم النبي صلى الله عليه وسلم و قرر المن على بني قينقاع فعفى عنهم و بينما اجلى بني النضير عن المدينة وقتل بني قريظة .

وشاع نوع من الخوف والفزع بين المسلمين فكان المسلمون لا ينامون الا وبايديهم السلاح حتى قيل انهم كانوا ينامون فيه واخذوا يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم خوفا عليه . فانزل الله تعالى الاية ( والله يعصمك من الناس ) فخرج اليهم وقال لهم :
( ايها الناس انصرفوا فقد عصمني الله ) .
في هذه السنة وهي الثانية للهجرة المباركة فرض الله تعالى صيام شهر رمضان على المسلمين وبهذا نسخ صوم عاشوراء واصبح صومه نافلة مستحبة . و اصبح صوم رمضان فرضا على المسلمين وركنا من اركان الاسلام فانزل الله الايات ( كتب عليكم الصيام كما كتب على ا لذين من قبلكم لعلكم تتقون * اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر وعلى الذين يطيقونه فديو طعام مسكين . فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون * شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون *) البقرة 183- 185
وفي هذا العام الثاني للهجرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابته فاطمة الزهراء الى علي بن ابي طالب رضي الله عنهما .
كان النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المدينة ونورها الله تعالى به جعل القبلة الى بيت المقدس وبيت المقدس كان قبلة اليهود وقبلة النصار ى واصبح قبلة المسلمين ايضا وبقي كذلك ستة عشرا شهرا . وكان اليهود يقولون : ان محمدا يستقبل قبلتنا ويعبد غير ديننا فاستكثرها النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحب ان يجعل القبلة الى الكعبة فاخبر جبريل عليه السلام بذلك فقال له:
- انا انما انا عبد فادعو ربك وسأله.
وجعل يقلب وجهه في السماء يرجو رحمة الله بذلك . فانزل الله تعالى الايات المباركة ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون * ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ما تبعوا قبلتك وما انت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت اهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انك اذا لمن الظالمين * الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون * الحق من ربك فلا تكونن من الممترين * ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات اين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير* ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وانه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس حجة الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم وتهتدون *) البقرة 144- 150 . فحول النبي صلى الله عليه وسلم القبلة الى المسجد الحرام تنفيذا لامر الله تعالى . وكان هذا التغيير لحكمة عظيمة وحل محنة للناس المسلمين والكافرين فاما المسلمون فقالوا ( آمنا به كل من عند ربنا ) ال عمران \6 وهم الذين هداهم الله للايمان .
اما المشركون فقد قالوا( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) البقرة\142 اما المنافقون فقالوا ان كانت القلبلة الاولى حقا فقد تركها فلماذا عاد اليها واما اذا كانت الثانية هي الحق فانه كان على باطل وهكذا كان الخلاف .
وعلى كل حال فقد عادت الكعبة البيت الحرام قبلة للمسلمين فهو يتوجهون اليها في صلاتهم لئلا يكون للناس حجة عليهم اتماما لنعم الله تعالى عليهم ولعلهم يزدادون هداية وايمانا الذين ارهم الله تعالى بذكره وشكره ولا يتم الا بهما والا ستعانة بالصبر والصلاة لانه تعالى مع الصابرين .

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
13\3\2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04-12-2012, 08:43 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السيرة النبوية المعطرة

18
بسم الله الرحن الرحيم

ذكرت في الحلقة السابعة عشرة ان القبلة تحولت الى الكعبة المشرفة في في شعبان من السنة الثانية للهجرة مما احدث امورا كثيرة منها ايجاد محنة في الناس وقد اختلفت رؤاهم حول هذا التغيير كل حسب رايه ومعتقده منها ارتداد بعض المنافقين و بتحريض من اليهود وقيامهم ببث الفرقة بين المسلمين واشعال نار الفتنة بينهم هذا خزرجي وهذا اوسي بالنسبة للانصار وهذا مهاجر وهذا انصاري وفي اي مجال يرتأئونه يخدمهم في عداوتهم للاسلام وموقف الكفار الشديد من المسلمين وفي خضم هذه الاحداث اذن للمسلمين بالقتال وخاصة الذين يقاتلونهم فانزل الله تعالى في القران الكريم ( اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير ) ثم انزلت الاية ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلو نكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين )البقرة 190

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع اصحابه في الحرب ان لا يفروا وربما تصل المبايعة حد المبايعة على الموت في سبيل الله في القتال بعدما بايعوه على الاسلام وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله كما بايع نفرا من المسلمين ان لا يسألوا الناس شيئا فكان اذا سقط سوط احدهم من يده وهو راكب على فرسه ينزل ليأخذه ولا يسال احدا ان يعطيه اياه حيث علمهم الاعتماد على النفس وعلى عزتها والاباء.

وفي هذه الظروف الصعبة التي تحيط بالمسلمين اذن الله تعالى بقتال قريش باعتبارهم يقاتلون المسلمين كما ورد في الاية اعلاه وبهذا يمكن ان نقول ان مشركي قريش كانوا يحاربون المسلمين لأنهم بدءوا بالعدوان عليهم فيحق للمسلمين قتالهم او اذن لهم به وفي ضوء ذلك اعتبر كل من تمالأ مع قريش من المشركين من غيرها عدوا او تفرد بالاعتداء على المسلمين وجب قتاله سواءا من قريش او من غيرها. ويدخل في هذا الامر كل من خان او تحيز للمشركين من اليهود او النصارى ونكث العهود التي ابرمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم شرع قتال كل من بدء بالعدوان على المسلمين او قاتلهم مع وجوب الكف عن قتال من دخل الاسلام من المشركين والكفار واليهود والنصارى ويكون قد حفظ نفسه وماله فلا يتعرض لنفسه وماله الا بحق الاسلام وحسابه على ربه قال تعالى ( وقاتلوا الشركين كافة كمكا يقاتلونكم كافة )

فما ان اذن بالقتال حتى تحرك النبي صلى الله عليه وسلم حتى اخذ يرتب جند ه والدوريات اخذ يجعل لكل دورية آمرا من اصحابه وربما يخرج بنفسه صلى الله عليه وسلم لاستكشاف حركات المشركين والكفار وتامين حماية المدينة واطرافها وتسمى هذه الدوريات ( السرايا ) .

كانت اول سرية بعثها النبي صلى الله عليه وسلم بامرة عمه الحمزة بن عبد المطلب وتتكون من ثلاثين رجلا اتجهت نحو سيف البحر الاحمر من جهة العيص ( سيف البحر: بكسر السين _ تعني ساحل البحر ) فاعترضت قافلة لقريش قادمة من الشام يقودها ابو جهل ومعها ثلاثمائة رجل وكاد القتال يبد ء بينهما لولا تداركها مجدي بن عمرو الجهني فذهب كل منهم الى سبيله وكانت هذه اول عمل عسكري في الاسلام حمل لواءها ابو مرثد كناز بن حصين الغنوي وكان لون اللواء المحمول ابيضا .

ثم ارسلت سرية اخرى بقيادة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في شوال من نفس السنة وفيها ستين رجلا من المهاجرين وفي رواية اخرى سبعين رجلا في موقع في( بطن رابغ ) فوقع التراشق بالسهام بينه وبين جماعة من قريش عددهم مائتي رجل عليهم ابو سفيان وكا ن سعد بن ابي وقاص او ل من رمى بسهم في سبيل الله .
ثم ارسلت سريةاخرى في ذي القعدة في عشرين رجلا من المهاجرين بقيادة سعد بن ابي وقاص الى منطقة( الخرار )القريبة من( رابغ) وعهد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ان لا يتجاوز الخرار مهمتهم اعتراض عيرا لقريش فخرجوا سيرا على اقدامهم فكانوا يسيرون ليلا ويتخفون نهارا فلم تظفر باحد من المشركين حيث ان العير قد سبقتهم بيوم واحد الى الشام .
وفي صفر من السنة الثانية للهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه لاول مرة في سبعين رجلا من المهاجرين قاصدا منطقة ( الابواء) او (ودان) وهذه اول غزوة غزاها النبي صلى الله عليه في الاسلام وسلم في سبيل الله فلم يلق احدا وهناك عقد عهدا للامان والمناصرة مع عمرو بن مخشي الضمري حيث وادعهم على ان لا يغزوهم ولا يغزونه ولا يعينوا احدا عليه . ثم خرج في مائتين من المهاجرين في الشهر التالي ربيع الاول الى منطقة( رضوى ) فلم يجد احدا ايضا .
وفي هذا الشهر هجم على مراعي المدينة\ كرز بن جابر الفهري فساق بعض الاغنام والمواشي في طريقه فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا من المهاجرين الى منطقة (سفوان ) من جهة بدر الا انه لم يظفر به وقد سميت هذه الغارة بغزوة بدر الاولى .

وفي جمادي الاولى من السنة الثانية للهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ماءتي رجل من المهاجرين وثلاثين بعيرا الى منطقة( ذي العشيرة )لاعتراض عيرا لقريش تقصد الشام الا ان القافلة كانت قد مرت قبل ايام ولم يلحقوا بها وقيل هي نفس العيرالتي اعترضوا طريقها يوم بدر الكبرى عند رجوعها من الشام فمر النبي صلى الله عليه وسلم ب(بني مدلج ) وعقد معهم عهدا بعدم العدوان فيما بينهم .
اما في رجب - وهو من الاشهر الحرم- من السنة الثانية للهجرة فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش الاسدي الى منطقة ( نخلة ) ما بين الطائف ومكة في اثني عشر رجلا من المهاجرين للاستطلاع ويأتونه باخبار عير قريش وكان المهاجرون كل اثنين على بعير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب كتابا وامره ان لا ينظر فيه حتى يكون على مسيرة يومين من المدينة. فلما مضت المدة فتح الكتاب وجد فيه ( اذا نظرت كتابي هذا فأمض حتى تنزل بنخلة بين مكة والطائف فترصد قريشا وتعلم لنا اخبارها ) فاخبر اصحابه بذلك فلما كان في الطريق اضل سعد بن ابي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرهما فتخلفا في طلبه ثم مضوا حتى وصلوا( نخلة ) فمرت بهم عيرلقريش تحمل زبيبا وتجارة لعمرو بن الحضرمي فقتلوه واسروا نوفل وعثمان ابني عبد الله بن المغير ة والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة وكانوا في اخر يوم من شهر رجب الاصم ( وهو من الاشهرالحرم ) فقال المسلمون :
- ان قاتلناهم انتهكنا حرمة الشهرالحرام وان تركناهم الليلة سيدخلون الحرم .
وتشاوروا بينهم ثم اجمعوا على قتالهم فقاتلوهم فهجموا على العير وساقوها الى النبي صلى الله عليه وسلم حيث اسروا رجلين وقتلوا وقيل ثلاثة واحدا . مما ادى الى غضبه صلى الله عليه وسلم فاطلق الاسرين و دفع دية المقتول لقريش . فاثارالمشركون ضجة بين العرب بان المسلمين انتهكوا حرمة الاشهر الحرم وخرجوا عن الحدود المتعارف عليها وان محمدا قد احل حرمة الاشهر الحرم فانزل الله تعالى ( يسالونك عن الشهرالحرام قتال فيه . قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفربه. والمسجد الحرام واخراج اهله منه اكبر عند الله . والفتنة اكبرمن القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا . ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاؤلئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة واؤلئك اصحاب النار هم فيها خالدون *) البقرة \ 217
وبهذا اصبحت مشروعية القتال في الاشهرالحرم اذا ما حورب فيها المسلمون او انتهكت بعض محارمهم .

ومن هنا يتبين ان هذه الغزوات كانت اغلبها تهدف لحفظ المدينة من الاعداء . ولايصال صوت المسلمين وقوتهم الى قريش لعلها تهدأ وتقف عن التعالي والاستكبار على المسلمين الا انها استمرت في شرورها ونظرتها الى المسلمين .
ومن خلال نشاة النبي صلى الله عليه وسلم نجد ان نشاته لم تكن عسكرية بينما نجده في واقع الامر وفي المجتمع المدني قائدا عسكريا فذا يحسن القيادة ويدير امور الحرب كاحذق قائد عسكري في التخطيط في الهجوم والدفاع وسائر المهارات الحربية والموقف القتالية وهي صفة مستديمة ثابتة في شخصيته المدنية والعسكرية قال الله تعالى ( واذ غدوت من اهلك تبؤء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم *) ال عمران\121 فهذه الحالة لا تنشأ عن تعليم احد او تفهيمه لفنون القتال انما تكون متأصلة في الشخصية القتالية فشخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم العسكرية تنصرف الى القضاء على العدو بكل سلاحه ومتاعه ودحره دحرا شديدا خاصة وان المحارب القادم لا يمتلك سلاح العقيدة والفكر المقاتل لاجله وهذه هي العقلية الاسلامية بقيادتها التي لا تتسامح في القتال . هذا ما ظهر جليا من خلال الغزوات السالف ذكرها او في المعارك الكبرى حتى حدثت بعد ذلك ومنها معركة بدر والتي تعتبر اولى المعارك في الاسلام .
يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
16\3\ 2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 04-12-2012, 08:44 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السيرة النبوية المعطرة

19
بسم الله الرحمن الرحيم

معركة بدر تعد اول معركة فاصلة في الاسلام كانت بقيادة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم واسبابها تتلخص بخروج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر جمادي الاخرة من السنة الثانية للهجرة للتصدي لعير لقريش قاصدة الشام يقودها ابو سفيان وبعد وصولهم الى منطقة( ذي العشيرة) القريبة من بدر كانت العير قد تعدت ولم يلحقوا بها . فرجع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة مع رجاله وعزم على ارسال رجلين لمتابعة العير وترقبها في عودتها عند الخروج من الشام قافلة الى مكة فلما وصلت العير منطقة( الحوراء) جنوب الشام اسرعا الى المدينة واخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم فندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين لاعتراض العير فهيأ لها ثلاثمائة وثلاثة عشر او اربعة عشر رجلا وفي رواية اخرى ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا منهم مائة وسبعون من المهاجرين ومائة وسبعة واربعين من الانصار منهم ستة وثمانين
من الخزرج وواحد وستون من الاوس ولم يكن معهم الخيل الا فرسين احداهما للزبير بن العوام والاخرى للمقداد بن الاسود وكان معهم سبعون بعيرا فكان كل اثنين او ثلاثة على بعيرواحد . واستخلف على المدينة المنورة عبد الله بن مكتوم فلما وصلو ا الى منطقة (الروحاء) اعاد ابا لبابة بن عبد المنذر الى المدينة واستعمله عليها بدلا من عبد الله بن مكتوم . ثم عقد اللواء الى مصعب بن عمير وعقد راية المهاجرين الى علي بن ابي طالب و راية الانصار الى سعد بن معاذ ولما وصلوا الى منطقة ( الصفراء) بعث بسبس بن عمرو وعدي بن ابي الزغباء يتحسسان اخبار القافلة القرشية الاتية من الشام .
خرج النبي صلى الله عليه وسلم قاصدا موضع (بدر) على بعد مائة وخمسين كم تقريبا جنوب غرب المدينة حيث تحيط بهذا المكان جبال عالية مكان محصن لا يوجد فيه الا ثلاثة منافذ وهذه المنافذ هي( العدوة الدنيا) في الشمال( والعدوة القصوى)في الجنوب ومنفذ في الشرق قريبا من منفذ يدخل منه اهل المدينة اليه وكان طريق القوافل الرئيسي بين مكة والشام يمر عبر داخل هذا المحيط وكان فيها مساكن ونخيل و آبار تنزل عندها القوافل لغرض المشرب والمأكل لفترات مختلفة . فسلك النبي صلى الله عليه وسلم طريقا اخر غير الطريق الموصل الى بدر ثم تأخر في التقدم الى جهة بدر والسبب في ذلك لكي لا يعلم من في العير القادمة بخروج المسلمين لعلهم ينزلون ببدر فيرتاحون ويريحون ابلهم . وكانت العير القادمة من الشام لقريش في الف بعير محملة باموال وامتعة و مواد تجارية مختلفة وعليها ابو سفيان بن حرب ومعه اربعين رجلا وكان ابو سفيان متيقظا وحذرا .
بلغ ابو سفيان بخروج النبي صلى الله عليه وسلم للتصدي للقافلة وكان على مقربة من بدر فعرج فيها الى طريق اخر باتجاه الغرب بناحية البحر بعيدا عن بدر وبعث الى مكة ضمضم بن عمرو الغفاري يستصرخ قريش بالنفير الى عيرهم لحمايتها ودفاعا عن اموالهم من ان تسلب فهبوا مستصرخين مسرعين حفاظا على اموالهم ولم يتخلف من اشرافهم الا ابو لهب فانه استاجر رجلا مكانه اخر وحشدوا معهم كل القبائل التي مروا عليها ولم يتخلف من بطون قريش الا بني عدي.
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش فاستشار اصحابه فتكلم المهاجرون فاحسنوا ثم استشارهم فقال :
- اشيروا علي ايها المسلمون
قاصدا بذلك الانصار فقال سعد بن معاذ:
- ( كانك يارسول الله – وكان يعنيهم بالامر لانهم بايعوه – وكانك تخشى ان تكون الانصار ترى عليهم ان لا ينصروك الا في ديارهم واني اقول عن الانصار واجيب عنهم فامض بنا حيث شئت وصل منا من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من اموالنا ما شئت واعطنا منها ماشئت وما اخذت منها كان احب الينا مما تركت فوالله لئن سرت بنا حتى تبلغ البرك في غمدان لنسير معك ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك )
ثم تقدم الى بدر فوصلها في نفس الليلة التي وصل لها المشركون من قريش فنزل في داخل موقع بدر قريبا من( العدوة الدنيا) فاشار عليه الحباب بن المنذر ان يتقدم فينزل على مقربة من الماء لكي يتمكن المسلمون من صنع حياض يجمعون فيها الماء لانفسهم ويغورون الابار فلا يبقى للعدو ماء يشربه ففعل ذلك صلى الله عليه وسلم ثم بنى له المسلمون عريشا يكون مقرا لقيادته وعينوا عليه حراسا من الانصار تحت امرة سعد بن معاذ.
ثم تقدم النبي القائد صلى الله عليه وسلم ليعبئ جيشه وليتجول في ميدان القتال وهو يشير بيده الكريمة فيقول:
- هذا مصرع فلا ن وهذا مصرع فلان وغدا انشاء الله
ثم بات ليلته يصلي الى جذع شجرة بينما بات المسلمون مستريحين تغمرهم الثقة بالنصر وكانت ليلة غائمة نزل فيها المطر وقد وصف الله تعالى المسلمين بقوله تعالى ( اذ غشيكم النعاس امنة منه وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام *) الانفال \11
وفي صباح هذا اليوم الجمعة السابع عشر من رمضان المبارك
من السنة الثانية للهجرة ترآاى الجمعان فلما راى النبي قريشا وجيشهم رفع يديه وعينيه الى السماء داعيا ( اللهم هذه قريش قد اقبلت بخيلائها وفخرها تحاك وتكذب رسولك . اللهم فنصرك الذي وعدتني . اللهم احنهم الغداة ) ثم عدل صفوف الجند وامرهم ان لا يبدؤا القتال حتى يأتيهم الامر وقال:
- اذا اكثبوكم فارموهم واستبقوا نبلكم ولاتسلوا السيوف حتى يغشوكم ثم رجع الى العريش يرافقه ابو بكرالصديق فابتهل الى الله تعالى ودعاه ( االلهم ان تهلك هذه العصابة اليوم لاتعبد ابدا اللهم ان شئت لم تعبد اليوم ابدا) وبالغ في التضرع الدعاء والتوسل بربه حتى سقط رداءه عن منكبيه فرده ابو بكر الصديق وقال له :
- حسبك يارسول الله الححت على ربك كثيرا ابشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله ما وعدك.
واستنصر المسلمون الله واستغاثوه فاوحى الله الى الملائكة ما نزلت به الاية المباركة ( اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان *)- الانفال \ 12
واوحى الى النبي صلى الله عليه وسلم ( اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين*) الانفال \ 9
ثم اقبلت قريش في كتائبها وجيوشها فقلل الله تعالى المسلمين في اعين القرشيين وقلل القرشيين في اعين المسلمين لامر الله تعالى اعلم به .
وفي الايات السابقة حالة جديدة من القتال علّمها الله تعالى لملائكته وللمسلمين وهي الضرب بالسيف فوق الاعناق اي على الراس وضربة الراس مميتة حتما واضربوا منهم كل بنان واضربوهم على اصابع ايديهم فانها سهلة القطع ومن قطعت اصابعه لا يستطيع ان يفعل شيئا ولا يستطيع المقاتلة فيكون حاله كمن قتل . فهذان موضعان في الانسان مهمان جدا فاذا ضرب العدو على راسه فانه يموت وينتهي منه واذا ضرب على اصابع يديه فقطت بنانه اصبح في عداد الموتى في حالة القتال السوقي للمعارك وكذلك الاية الاتية ( يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار * ومن يولهم يومئذ دبره- الا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة – فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير *) الانفال 15و 16 ويبين الله تعالى حالة المقاتلين اذا تم الزحف والتقى المؤمنون بالكافرين وحمي الوطيس فلا يمكن لاحد من المؤمنين ان يتراجع الى الخلف ابدا ا لا في حالتين وهي حالتا استثناء : الاولى اذا وجد ان موقعه غير ملائم وانه سيكون في موضع افضل والثانية ان يتراجع لينحاز الى جماعة تحتاجه اثناء القتال – وحرم الله تعالى الادبار في غير هذين الامرين على المؤمنين معتبرا من رجع الى الخلف او ادار ظهره في المعركة فان الله تعالى سيغضب عليه و بحكم الكافر فمصيره الى النار وبئس المصير. وهذا من فنون الحرب ايضا .
ثم عدل ****** المصطفى الجند وتهيؤوا للقتال.
اما المشركون فقد تراصوا واستفتح بالكلام او الدعاء ابو جهل فقال:
( اللهم اقطعنا للرحم وآتانا بما لا نمعرفه فاحنه الغداة .
الله اينا كان احب اليك وارضى عندك فانصره اليوم ).

لا ثم تقدم الجيشان للمبارزة فخرج ثلاثة فرسان من قريش هم شيبة وعتبة اولاد ربيعة والوليد بن عتبة وخرج من المسلمين ثلاثةايضا من الانصار فصاح المشركون :
- نريد ابناء عمومتنا .
فخرج لهم الحمزة بن عبد المطلب وابن اخيه علي بن ابي طالب و عبيدة بن الحارث فقتل علي الوليد بن عتبة وقتل حمزة شيبة وتقارع عبيده وعتبة القتال فالتقت ضرباتهما واثخن كل واحد منهما الاخر فكرّ علي وحمزة على عتبة فقتلا ه ثم اخذا عبيدة بعد ان حملاه مجروحا وقد قطعت رجله فمات فيها بعد ان رجع الى المدينة بثلاثة او اربعة ايام.
فلما راى المشركون هذا الموقف استشاطو غضبا وهجموا على المسلمين هجمة رجل واحد والنبي في عريشه فغفى اغفاءة قليلة ثم رفع راسه قائلا :
( ابشر ابا بكر اتاك نصر الله .هذا جبريل آخذ بعنوان فرسه يقوده على ثناياه النقع ) اي على ارجله الغبار وكان الله تعالى امد المسلمين بالف من الملائكة مردفين كما نزلت الاية المباركة الوارد ذكرها اعلاه في ذلك . ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ( سيهزم الجمع ويولون الدبر) واخذ حفنة من تراب الارض ورمى بها في وجوه المشركين وهو يردد:
- شاهت الوجوه ... . شاهت الوجوه ......
وكانت هذه الحفنة من التراب قد اصابت كل المقاتلين من المشركين في عيونهم وانوفهم وفيها يقول الله تعالى ( وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى )
ثم امر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجوم على المشركين فراح المسلمون اليهم مسرعين بكل قوة وعزيمة ونشاط وقد ازدادوا وحماسا ونشاطا ان بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرضهم على القتال فاخذوا يقلبون الصفوف ويقطعون الاعناق والبنان كما علمهم الله تعالى فنون القتال اضافة الى وجود الملائكة بينهم تقاتل معهم واستمرالقتال ساعات حتى انهزمت قريش ولاذت بالفرار من هول المعركة وكثرة ما قطع من روؤس المشركين فلحقهم المسلمون يطاردونهم فيقتلون او يؤسرون من لحقوا به .
وكان سعد بن معاذ واقفا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجال من الانصار في العريش فراى النبي الكراهية في وجه سعد فقال
له : كانك تكره ما يصنع الناس)؟
فقال سعد : ( اجل يارسول الله كانت اول وقعة او قعها الله في الشركين وكان الاثخان في القتل احب الي من استبقاء الرجال ).
ولما بردت الحرب قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( من ينظر لنا ما صنع ابو جهل ؟)
وكان ابو جهل يتخفى في جماعة من المقاتلة المشركين تشكل سوفهم ورماحهم سياجا عليه لئلا يقتله المسلمون وكان بجانب عبد الرحمن بن عوف فارسان من الانصار بعمرالشباب هما معاذ ومعوذ ابنا عفراء فقال له احدهما :
ياعم ارني ابا جهل
فقال له: وما تصنع به؟؟
قال له: اخبرت ان كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالذي نفسي بيده لئن رأيته لايفا رق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا

فلما كثرت هزيمة قريش وبان ابو جهل دلاهما عليه عبد الرحمن فابتدراه بسيفيهما فضرباه ضربة رجل واحد فكان ان قطعت رجله واثخناه حتى سقط وبه رمق حي فذهب الشابان الى رسول الله صلى الله عليه وسلا سيفيهما وكل وحدا منهما يقول :
- انا الذي قتلته
فراي النبي سيفيهما فقال لهما : كل منكما قتله
فاعطى النبي سلب ابي جهل الى معاذ بعد انتهاء المعركة حيث استشهد معوذ في هذه المعركة وبقي معاذ حيا حتى خلافة عثمان بن عفان .
ولما بردت الحرب قال النبي صلى الله عليه وسلم:
وفي رواية اخرى فلما انتهت المعركة اخذ المسلمون ىيبحثون عن ابي جهل بين القتلى فوجده عبد الله بن مسعود لا يزال حيا في رمقه الاخير فاخذ بلحيته ليحتز راسه وهو يقول له :
- اخزاك الله ياعدو الله .
فقال ابو جهل : اخبرني لمن الغلبة ؟؟
فقال عبد الله : لله ورسوله.
فقال ابو جهل : ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم .
ثم احتز راسه وجاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال :
الله اكبر الله اكبر الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده.
ثم قال: هذا فرعون هذه الامة .
ثم اخذ النبي صلى الله عليه وسلم يتفحص القتلى فوقف عليهم وهو يقول:
( بئس عشير ة النبي كنتم كذبتموني وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس واخرجتموني وآواني الناس) ثم امر بسحبهم فسحبوا حتى ألقي بهم في بئر يسمى قليب فوقف عليهم فقال لهم ( ياعتبة بن ربيعة وياشيبة بن ربيعة ويافلان بن فلان ويافلا ن هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فاني وجدت ما وعدني ربي حقا )
فقال له عمر بن الخطاب :
- يارسول الله ما تخاطب من اقوام قد جيفوا؟؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما انت بأسمع لما اقول منهم .
وهذا يدلل ان الميت يسمع من يتحدث معه او يتكلم معه و انه يعرف من يتكلم معه لكنه لا طاقة له على الرد حيث سلبها الموت منه .

وسميت هذه المعركة بمعركة بدرالكبرى وسمي اليوم الذي حدثت فيه بيوم الفرقان قال تعالى ( وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان )) الانفال \11 وهو يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضا ن المبارك.
وقد استشهد في هذه المعركة من المسلمين اربعة عشر شهيدا ثمانية من الانصار وستة من المهاجرين وقد دفنوا في ساحة بدر ومقابرهم لاتزال معروفة ومعرفة ببعض الحجارة وقد وقفت عليهم في رمضان من هذا العام 1434 هجرية عند ذهابي لاداء العمرة واهديت لهم ثواب سورة الفاتحة طيب الله تعالى ثراهم فنعم الشهداء شهداء احد .

اما قتلى المشركين فقد قتل منهم سبعون رجلا معظمهم من صناديد قريش وشجعانهم وسحبت وقذفت في قليب وهو بئر خبيث مخبث في بدر واسر منهم سبعون رجلا .
وفي رواية اخرى ان النبي صلى الله عليه وسلم اقام ببد ر ثلاثة ايام فلما استعد للرجوع جاء الى القليب ووقف على شفته ونادى القتلى باسمائهم واسماء ابائهم :
( يافلان بن فلان ويافلان بن فلان ايسركم انكم اطعتم الله ورسوله ؟؟ فانا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟)
فقال له عمر يارسول الله ما تكلم من اجساد لا ارواح لها؟؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما انتم بأسمع لما اقول منهم لكن لا يجيبون.

عاد النبي صلى الله عليه وسلم وجنده الى المدينةالمنورة منصورا قرير العين ومعه الغنائم والاسرى فلما وصل قريبا من ( الصفراء ) انزل الله تعالى حكم الغنيمة ( واعلموا انما غنمتم من شيء فان خمسه لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير *) الانفال \ 11 فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم الخمس وقسم الاربعة الاخماس الباقية بين المقاتلين بالتساوي ثم امر بقتل النضر بن الحارث قتله علي بن ابي طالب بتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم ولما وصل الى (عرق الظبية ) امر بقتل عقبة بن ابي المعيط فقتله عاصم بن ثابت الانصاري وفي رواية اخرى قتله علي بن ابي طالب .

ثم تابع سيره الى المدينة المنورة فتلقوه رؤوس المسلمين وابناء المدينة عند ( الروحاء) وهم يهللون ويكبرون فدخلها منصورا مظفرا فدخل الى الاسلام اناس كثيرون وقد تظاهر بدخوله الاسلام عبد الله بن ابي سلول وزملاؤه من اليهود .

بعد ان استقر الامر واستراح النبي صلى الله عليه وسلم استشار اصحابه في الاسرى وماذا سيفعل بهم فاشار عليه ابو بكرالصديق باخذ الفدية بينما اشار عليه عمر بن الخطاب بقتلهم . فقرر النبي اخذ الفدية وكانت فدية الواحد ثلاثة الاف درهم وقيل اربعة الاف درهم وبعضهم افتدي بالف درهم وكان من بينهم من يقرا ويكتب فقرر انبي ان تكون فديته تعليم عشرة من اولاد المسلمين القراءة والكتابة وبعضهم اطلق سبيلهم من غير فدية .
وكانت بنت النبي صلى الله عليه وسلم ( زينب ) قد ارسلت بمال فيه قلادة لها لفداء زوجها الاسير ابي العاص. وكانت هذه القلادة عند امها خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما قد اهدتها الى ابنتها يوم زفافها الى ابي العاص فلما رآها النبي تاثر كثيرا ورق لها فاستاذن اصحابه في اطلاق سراحه من غير فدية فاطلقه بعد ان اشترط عليه ان يخلي سبيل زينب ابو العاص فلما وصل الى مكة اخلى سبيلها فجاءت الى المدينة مهاجرة .

واود ان اذكر حالة اخرى لها مساس في معركة بدر وهي ابنة النبي صلى الله عليه وسلم( رقية) زوجة (عثمان بن عفان )فقد كانت مريضة في اثناء المعركة فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يتخلف عن القتال في المعركة لتمريضها ومعه اسامة بن زيد ايضا وله اجر من حضر للقتال في بدر ونصيبه من الغنائم الا انها توفيت قبل رجوع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة فقال اسامة بن زيد:
- اتانا الخير – اي بشارة النصر - حين دفنا( رقية) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وساوينا عليها التراب . فلما استقر النبي صلى الله عليه وسلم بعد عودته من معركة بدر زوج عثمان بن عفان ابنته الثانية (ام كلثوم) وبذلك سمي عثمان ( ذي النورين ).

ان انكسار المشركين في موقعة بدر وهزيمة قريش فيها وصدى انتصارالمسلمين هز الدنيا فقد كبتهم الله تعالى واخزاهم ونصر الاسلام واعزه . فلما وصلت فلول قريش منكسرة مهزومة الى مكة حتى نهو ا عن البكاء والنياحة على القتلى لئلا يشمت المسلمون بهم وقيل كان للاسود بن عبد المطلب ثلاثة قتلى في هذه المعركة فكان قلبه يتصفد قيحا والما وحسرة ويهم بالبكاء والنياح عليهم فسمع صوت نائحة في الليل فبعث من يستكشف الخبر فقيل له انها امراة اضاعت بعيرها فهي تبكيه فبكى وهو يقول :
اتبكي ان يضل لها بعير
ويمنعها من النوم السهود
فلا تبكي على بكر ولكن
على بدر تقاصرت الجدود

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
18\3\ 2012
******************
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 04-12-2012, 08:45 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السير ة النبوية المعطرة

20

بسم الله الرحمن الرحيم


بعد ان تم النصر المؤزر للمسلمين في معركة بدر وخسر الكافرون والمشركون ويئس المنافقون وماتت احلامهم اخذوا يدبرون المكائد والحيل لكي ينمتقموا من المسلمين الا ان الله رد مكائدهم الى نحورهم وكان النصر للمؤمنين ابدا ( ان الله يدافع عن آ منوا ان الله لايحب كل خوان كفور*) الحج\37

ففي محرم الحرام من السنة الثالثة للهجرة المباركة تجمع بنو سليم وتحشدوا لغزو المدينة المنورة بعد اسبوع من عودة المسلمين من معركة بدر فعلم بذلك المسلمون فقرر النبي صلى الله عليه وسلم ان يداهموهم في منازلهم وقبل خروجهم منها لغزو المدينة المنور ة فداهموهم في عقر دارهم وانتصروا عليهم وكسبوا غنائم كثيرة منهم .

وفي جمادي الاخرة من السنة الثالثة للهجرة المباركة سمع النبي صلى الله عليه وسلم بان قافلة تجارية ارسلتها قريش الى الشام عن طريق نجد فالعراق ثم الشام يقودها صفوان بن امية فارسل النبي صلى الله عليه وسلم مائة فارس بقيادة زيد بن حارثة فاعترضها زيد ورجاله وهي تنزل في ماء بنجد تسمى( قردة ) وداهمهم ففر رجال القافلة واستولى المسلمون على القافلة بما فيها وكانت تحمل اموالا ومود تجارية كثيرة اغتنمها المسلمون واسر دليل القافلة – فرات بن حيان ثم اعلن اسلامه وتعتبر هذه ض ربة جديدة وموجعة لقريش بعد معركة بدر الكبرى .

اما يهود المدينة فقد كشف الله شرهم وبانت نواياهم في العداء للمسلمين فارسل اليهم النبي صلى الله عليه وسلم ونصحهم وذكرهم بالعهد الذي قطعوه له فقالوا له :
- يامحمد لا يغرنك من نفسك انك قتلت نفرا من قريش كانوا اغمارا لا يعرفون القتال . انك لو قاتلتنا لعرفت انا نحن الناس.
فصبر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الجواب الذي يتضمن التهديد ونقض العهد مما جعلهم يتمادون في جرأتهم فيثورون في سوق المدينة ويقتلون احد المسلمين فقتل المسلمون يهوديا بدله وهكذا توترت الامور في المدينة مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يحاصرهم في يوم السبت منتصف شوال واستمر حصارهم خمسة عشر يوما مما اضطرهم للانصياع اليه في غرة ذي القعدة من نفس السنة فنزلوا على حكمه وشفع فيهم عبد الله بن ابي سلول حيث الح على النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وكانوا سبعمائة رجلا فاطلقهم وفك الحصار عنهم وكانوا من بني قينقاع رهط الصحابي - عبد الله بن سلام ثم اجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة الى منطقة اذرعات في الشام حيث مات اغلبهم هناك .
اليهود كما وصفهم نبيى الله عيسى بن مريم عليه السلام افضل وصف - فهم حيات اولاد الافاعي -وكان هناك شاعر يهودي ومن اثريائهم واشرافهم شدد على معاداة المسلمين هو كعب بن الاشرف وكان قد هجا النبي صلى الله عليه وسلم وشبب بنساء المسلمين انتقاصا بهم ومدح قريش وحرضهم على مقاتلة المسلمين يوم بدر وذهب الى قريش بعد معركة بدر وحرضهم على قتال المسلمين وانشد في ذلك اشعارا واعتبر المشركين والكفار من قريش اهدى من المسلمين سبيلا ولم بعتبر بما حل ببني قينقاع وحصارهم وجلاؤهم عن المدينة فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بأمره اراد ان يتخلص منه فقال :
- من لكعب بن الاشرف؟؟
ثم اختار محمد بن سلمة اميرا لجماعة ندبهم لقتله وهم :عباد بن بشر والحارث بن اوس وابو نائلة و ابو عبس بن جبر فاستاذنه محمد بن سلمة ان يقول شيئا فاذن له .
جاء محمد بن سلمة الى كعب بن الاشرف فقا له:
- ان هذا الرجل – ويقصد به النبي صلى الله عليه وسلم – قد سألنا صدقة وانه قد عنانا . يعني جرعنا العذاب والعناء والمشقة
ففرح كعب بذلك وقال له :
- والله لتملنه .
ثم رجى محمد كعبا ان يعطيه طعاما وتمرا يعيدها اليه بعد مدة فوافق كعب ان ان يرهن محمد سلاحه عنده مدة الدين .
ثم جاء ابو نائلة فتحاور معه مثل زميله محمد بن سلمة واخبره ان معه اصحابا على مثل رأيه وقال له انه ساتيه بهم ليبيعهم مثل بيعه له فوافق كعب على ذلك .
ثم جاءت الليلة الرابعة عشرة من شهر ربيع الاول من السنة الثالثة للهجرة المباركة الجماعة المذكورة اعلاه ومعهم السلاح فنادوا على كعب بن الاشرف وهو في حصنه الحصين في المدينة وكان قد تزوج حديثا ولا يزال عريسا فام لينزل لهم فقالت له عروسته :
- اين تخرج ياكعب في هذه الساعة اني لاسمع صوتا كانه بقطر الدم منه ؟؟
الا انه لم يعبه بقولها ولم يعره اية اهمية فنزل لهم . فلما نزل وشاهد السلاح لم يهتم له لانهم وعدوه به ليرهنوه عنده ثم اخذوا يتمشون معه على ضوء القمر ليتنزهوا وكانت تفوح من جسده وشعر راسه رائحة العطر فاستاذنه ابو نائلة ليشم رائحة راسه فوافق مزهو ا ثم مسح يده على راسه وجعل يشمم اصحابه هذه الرائحة الطيبة وفعل ذلك ثلاث مرات وفي المرة الاخيرة مسكه من راسه وقال لاصحابه :
- دونكم عدوالله وعدوكم .

فانهالت عليه السيوف من كل جانب فقتلوه فصاح صيحة منكرة افزعت الناس في الحصون واوقدت الانوار في كل جانب فوجدوه مقتولا وكان جماعة المسلمين قد رجعوا بسلام دون ان يراهم احد وهكذا اسكتوا صوتا كان يلعلع في ذمهم وشتمهم وبمقتله كمنت اصوات هذه الافاعي اليهودية فترة من الزمن .

بعد انكسار ابي سفيان قائد المشركين في معركة بدر الكبرى ورجوعه الى مكة مع جنده ومناصريه يرسفون في ذل الهوان والخسران نذر ان لا يمس راسه ماء نتيجة جنابة او غيرها الا بعد ان يغزو محمدا وينتصر عليه لذا خرج ليغزو المدينة ووصل منطقة ( العريض) في ناحية المدينة فقطعوا النخيل واحرقوها وقتلوا رجلين ورجعوا . فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر طاردهم الا انهم ولوا هاربين ولم يلحقوا بهم ولما وصل السلمون الى ( قرقرة الكدر) وجدوا الكثير من السويق والازواد كان الغزاة قد رموها تخلصا منها لاجل سرعة الفرار وسميت هذه المعركة ب( غزوة قرقرة الكدر)او (غزوة السويق ) .

وفي هذا الوقت تآمر عمير بن وهب الجمحي وصفوان بن امية وعزموا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غيلة وقد قصد عمير هذا المد ينة لتنفيذ مبتغاه فالقى المسلمون القبض عليه واحضروه اما م النبي محمد صلى الله عليه وسلم فاخبره بمقصده وصاحبه وما تآمرا عليه .
ومما تقدم يتبين ان المسلمين من يوم الهجرة النبوية الى هذا اليوم الرابع عشر من ربيع الاول السنة الثالثة للهجرة لم يروا الراحة والسكون وانما قضوها في القتال و المقارعة من حرب الى حرب ومن قتال الى قتال بدءا من ارسال اول سرية بقيادة حمزة بن عبد المطلب في رمضان من السنة الاولى للهجرة مرورا بغزوة الابواء وغزوة جبل بواط وغزوة ذي العشيرة ومعركة بدر الكبرى ثم معركة قينقاع ومعركة السويق والقردة وغيرها من المناوشات الصغيرة ثم المعارك الاخرى الكثير ة التي حدثت بعد هذا اليوم وكان الجها د في سبيل الله هو الوازع الاول لهم فمن قتل منهم فالجنة مثواه قال تعالى ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون*) البقرة \ 154
ثم ناتي الى معركة احد

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
24-3-2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #21  
قديم 04-12-2012, 08:46 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

شذرات من السيرة النبوية المعطرة

21

بسم الله الرحمن الرحيم


في شوال من السنة الثالثة للهجرة المباركة وذلك ان قريش لما خسرت في معركة بدر وقتل اسيادهم وشجعانهم اخذت تستعد للانتقام من المسلمين فاصابتها نكبة اخرى في غزوة( قردة) فاستشاطوا غضبا وازدادوا حقدا . فاستعدوا لقتال المسلمين والقضاء عليهم فجمعوا اكثر من ثلاثة الاف مقاتل وثلاثة الاف بعير ومائتي فرس وسبعمائة درع من قريش والاحلاف معهم والاحابيش وفيهم الشعراء يؤلبونهم ويحمون نفوسهم للقتال صا ر الجمع نحو المدينة المنورة وترأس القيادة ابو سفيان بن امية بن حرب وحامل لواء قريش احد ابطال بني عبد الدار فنزل في ميدان فسيح قرب ماء قريبا من عينين و جبل احد .
وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر قبل اسبوع و كان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تخرج اليهم فاذا دخلوا المدينة هجم المسلمون عليهم فقاتلوهم رجلا ونساءا وصبيانا من فوق البيوت- فوافقه عبد الله بن سلول راس المنافقين على ذلك وحسن له هذا الراي لكن النبي صلى الله عليه وسلم استشار فضلاء اصحابه في الخروج اليهم فاشاروا عليه بالخروج واكدوا عليه .
ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم - دون ان يعطي رأيه في ذلك – بيته فلبس لأمته وخرج اليهم فقالوا:
- لقد استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج للقتال.
ثم قالوا له :
- ان احببت ان تمكث في المدينة فافعل .
فقال لهم : ( ما ينبغي لنبي اذا لبس لأمته ان يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ).
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العصر من يوم الجمعة في السادس من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة المباركة لقتال قريش في الف من اصحابه بعد استعمل عبد الله بن ام مكتوم على المدينة وقال لقومه ( عليكم بتقوى الله والصبر عند البأس اذا لقيتم العدو وانظروا ماذا امركم الله فافعلوا) فلما وصل الى منطقة ( الشوط) وهي ما بين المدينة وجبل احد تخاذل عبد الله بن ابي بن سلول او تظاهر بالتخاذل لكي ينكسر جيش الملسمين فرجع معه ومعه ثلاثمائة من جيش المسلمين بعدما قال للجند محرضا :
- علام نقتل انفسنا هاهنا ايها الناس ؟

ثم تبعه عبد الله بن عمرو يحرض الناس على الرجوع وهو يقول لهم متهكما :
-( قاتلوا في سبيل الله او ادفعوا)
فاجابوه: لو نعلم انكم تقاتلون لم نرجع .
وكذلك سرى الاضطراب والضعف في بني سلمة وبني حارثة لولا ان الله ثبتهم .
ثم اشار جماعة من الانصارعلى النبي صلى الله عليه وسلم ان يستعينوا بحلفائهم من اليهود فلم يوافق وقال لهم :
- من يخرج بنا على القوم من كثب ؟
فخرج بعض الانصار حتى سلك في بستان ليهودي اعمى اسمه – مربع بن قيظي – وكان من المنافقين فقام يصرخ وينثر التراب في وجوه المسلمين ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم:
- لا احل لك ان تدخل في حائطي ان كنت رسول الله .
فحاول المسلمون قتله فمنعهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلا لهم:
- لا تقتلوه فهذا اعمى القلب اعمى البصر.
ثم تابع النبي صلى الله عليه وسلم السير بالمسلمين نحو احد فنزل في( عدوة الوادي الدنيا ) وجعل ظهره نحو الجبل ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم به . فلما اصبح صباح يوم السبت استنهض قومه وتعبؤا للقتال والحرب وكانوا سبعمائة وخمسين فارسا فاستعمل على الرماة وهم خمسون رجلا عبد الله بن جبير وامرهم بعدم مفارقة موقعهم ابدا وامرهم بنضح المشركين بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من الخلف .
ثم اعطى اللواء الى مصعب بن عمير وجعل الميمنة الى الزبير بن العوام وعلى الميسرة المنذر بن عمرو ثم تفقد المقاتلين فرد من رأه صغيرا على القتال فأرجع اسامة بن زيد وابن عمر والبراء وزيد بن الارقم وزيد بن ثابت وعرابه الاوسي . ثم دفع النبي صلى الله عليه وسلم الى ابي دجانة .
وفي رواية اخرى ان النبي صلى الله عليه وسلم قسم جيشه الى ثلاث كتائب كتيبة للمهاجرين وعليها مصعب بن عمير والاخرى للاوس وحمل لوءها اسيد بن حضير والثالثة للخزرج وحمل لواءها الحباب بن المنذر فلما وصلوا الى موضع ( الشيخين ) صلى المغرب والعشاء ثم بات في الموضع وعين حراسا لحراسة المعسكر ثم نهض بالجيش قبل لا صلاة الفجر فصلاها بالجند في موضع (الشوط ).

اما قريش فكانوا ثلاثة الاف مقاتل فعبأ ابو سفيان جيشه فجعل خالد بن الوليبد على الميمنة وعكرمة بن ابي جهل على الميسرة .
ثم بدت المبارزة فاول من خرج من الكافرين ابو عامر عبد عمرو بن صيفي وكانوا يسمونه الراهب وكان في الجاهلية راس الاوس فلما كان الاسلام اعلن العداوة للمسلمين وجاهر بها ثم ذهب الى قريش يؤلب قلوبهم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين .

واخبر قريش ان بني اوس اذا رأوه فسيطيعونه ويخرجون من معسكر المسلمين وينحازوا له الا انه خاب وخسر فقد نادى بعضهم وتعرف عليهم باسمائهم الا انهم قالوا له:
- لا انعم الله بك عينا ايها الفاسق
فقال لقريش وقال لهم :
- لقد اصاب قومي من بعدي الشر

ثم تقدم الجيشان على بعضهما فخرج طلحة بن ابي طلحة العبدري حامل لواء قريش ومعه اشجع فرسان قريش ودعا للمبارزة وهو على البعير فخرج اليه الزبيبر بن العوام فوثب عليه حتى صار معه على بعيره ثم اخذه معه الى الارض وذبحه بسيفه البتار فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبر المسلمون : الله اكبر... الله اكبر...

وركز المسلمون هجومهم على حملة لواء الكافرين حتى قتلوهم جميعا وهم احد عشرا مقاتلا بحيث بقيت ا لويتهم ساقطة على الارض وقد حاول خالد بن الوليد – قبل اسلامه - ثلاث مرات ليبلغ الى ظهور المسلمين ولكن رشقه الرماة بسهامهم فلم يفلح .

ثم قاتل المسلمين قتالا شديدا حتى قيل انه رماهم بالحجارة ايضا فانحاز عليه ابو دجانة وقاتل حمزة بن عبد المطلب وعلي بن ابي طالب والنضر بن سعد وسعد بن الربيع وابلوا بلاءا حسنا فانهزم جيش قريش وانتصرالمسلمون فلما شاهد الرماة هزيمة قريش تركوا اماكنهم وهم يقولون ( الغنيمة الغنيمة ) فذكرهم قائدهم عبد الله بن جبير بامر رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهم بالا يتركوا مكانهم فلم يسمعوا له فنزلوا من سفح الجبل وتركوه خلافا لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما راى القرشيون ذلك كر فرسانهم على المسلمين منه وعبؤا جيشهم من جديد وتقدموا ثانية الى ساحة القتال والنساء تحرضهم على القتال وتشد في ازرهم يضربن بالدفوف وثرن الرجال ويذكرن الا بطال بواجباتهم قائلا :
( ويها بني عبد الدار
ويها حماة الادبار
ضربا بكل بتار )
واقبلت امراة ابي سفيان هند بنت عتبة وهي تنشد :
ان تقبلو نعانق --- ونفرش النمارق
او تدبروا نفارق --- فراق غير وامق

ثم شدد المسلمون الا انه اثناء القتال استشهد حمزة بن عبد المطلب وقد قتله برمية حبشية وحشي بن حرب باشارة من هند بنت عتبة وقد وعده مولاه جبير بن مطعم ايضا ان يعتقه ان قتله فاختبأ الاسود الملعون خلف صخرة يرصده وبينما كان حمزة يهم بضرب راس سباع بن عرفطة صوب اليه الوحشي الحربة فصوب بها احشائه فسقط الى الارض ميتا . رحم الله الحمزة اسد الله واسد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
المسلمون ربحوا حرب احد الا انهم خسروها بسبب طمع الرماة حيث نزل اربعين منهم لغرض جمع الغنائم وهذه خلاف امر القيادة العسكرية – اي خلاف امرالنبي صلى الله عليه وسلم وبقي عشرة رماة فقد فلاحظ ذلك خالد بن الوليد فانتهز الفرصة فهجم على الرماة وهم فوق الجبل – وقد سمي هذا الجبل بعد هذه الحرب( جبل الرماة ) وقتلهم واستدار حول الجبل حتى وصل خلف المسلمين وبهذا تكون قريش قد احاطت بالمسلمين من كل جانب ورجع المنهزمون منهم الى القتال ورفعت احدى النساء اللواء فالتفوا حوله من جديد .
كان النبي صلى الله عليه وسلم في المؤخرة ومعه سبعة مقاتلين يحرسونه فلما راى فرسان خالد تخرج من خلف الجبل نادى اصحابه:
- هلموا الي عباد الله .
فسمع المشركون صوته فاسرعت فرقة منهم نحو الصوت وهاجمت النبي صلى الله عليه وسلم هجوما شديدا وسريعا لعلهم يقفتلونه قبل وصول المسلمين فصاح النبي صلى الله عليه وسلم :
- من يردهم عنا وله الجنة وفي رواية اخرى- هو رفيقي في الجنة
فقاتلهم رجل من الانصار حتى قتل وتقدم اخر فقتل وهكذا حتى قتل السبعة . فلم يبق حول النبي صلى الله عليه وسلم الا اثنان هما سعد بن ابي وقاص وطلحة بن عبيد الله وشدد الاعداء هجومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقع على جنبه واصيبت رباعيته وجرحت شفته السفلى وشج راسه وضرب بالسيف على وجنته وكان متدرعا بدرعين فدخلت زردتان من زرد الدرع في وجنته وضرب اخرى على عاتقه وكان سعد بن ابي وقاص يدافع عنه حتى فرغت جعبته من السهام وقاتل طلحة بن عبيد الله حتى اصيب بخمسة وتلاثين جرحا وفي رواية اخرى تسعة وثلاثين جرحا ثم قطعت اصابعه فقال:
- حس
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
- لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون .
وفي هذه الساعة الحرجة رجع عدد من المسلمين للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم اشد الدفاع واول المدافعين كان ابو بكرالصديق وابو عبيدة الجراح وداويا النبي صلى الله عليه وسلم من جراحه ثم وصل علي بن ابي طالب ابو دجانة وعمربن الخطاب ومصعب بن عمير وكان اللواء لايزال بيده اليمنى فضربوه على يده فقطعوها فاخذه باليسرى فضربوه عليها فقطعت ايضا فبرك عليه بصدره وعنقه حتى قتل . قتله عبد الله بن قمئة وكان يظن انه النبي صلى الله عليه وسلم فصاح :
- ان محمدا قد قتل .
فاخذ اللواء علي بن ابي طالب فداهمه المشركون فحالوا بينهم وبينه عشرة من المسلمين حتى قتلوا ودافع عنه طلحة بن عبيد الله وحماه بظهره ابو دجانة فكان النبل يقع فيه وهو لايتحرك وهنا اصيب قتادة بن النعمان بعينه وخرجت من مكانها فجاء بها الى النبي صلى الله عليه وسلم يحملها في يده فردها في موضعها بيده الكريمة فكانت احسن عينيه

فانتشرالخبر سريعا بين المشركين وكان المسلمون قد تفرقوا فمنهم من فر من القتال حتى وصل المدينة ومنهم من لاذ بالمعسكر ومنهم من قصد موقع النبي صلى الله عليه وسلم وهم الاغلب لكن بدون قيادة بحيث قتل المسلم اخيه المسلم من حيث لايعرفه فلما سمعوا خبر مقتل النبي صلى الله عليه وسلم حتى خارت عزائم بعضهم فترك بعضهم القتال فمر انس بن النضر بقوم من المسلمين وقد القوا ايديهم قائلين له با النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل ثم استقبل الناس ولقي سعد بن معاذ فقال له :
- ياسعد اني لاجد ريح الجنة من دون احد
فقاتل حتى قتل وقيل وجد فيه سبعون جرحا .
بينما تشجع اخرون واستماتوا في الحرب وهم يقولون :
- نموت على ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهم في هذا الموقف فراى كعب بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشق الصفوف اليهم فعرفه من عينيه فنادى كعب باعلى صوته :
- يامعشرالمسلمين .. ابشروا هذا رسول الله.
فتجمع المسلمون حوله وبلغ عددهم ثلاثين مقاتلا فشق طريق قتال المشركين ونجح في فك الطوق عن جيشه المحاصر وفشل الكفار من ردهم وبهذا يكون قد فك الحصار عن جنده واخرجهم من دائرة التطويق وتمكن المسلمون من الشعب بعد مناوشات تكاد تكون فردية بينهم وبين االاعداء الا انهم بقوا في ساحة القتال يمثلون في اجساد شهداء
المسلمين بقع اعضائهم وانوفهم وهنا تقدمت هند بنت عتبة زوجة ابي سفيان فشقت بطن الحمزة بن عبد المطلب واخرجت كبده وقطعت باسنانها قطعة منه واكلتها واتخذ من اذان المسلمين وانوفهم قلائد لبستها .
وفي هذا الموقف قدم الى ساحة القتال ابي بن خلف متغطرسا ويزعم انه قتل النبي صلى الله عليه وسلم فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم الا ان طعنه بحربة اصابة ترقوته فسقط عن فرسه وعاد الى قريش وعند وصوله الى ( سرف) القريبة من مكة مات .
ومن المفارقات في هذه الحرب ان الاصيرم وهو عمرو بن ثابت بن وقش من بني عبد الاشهل كان يابى الاسلام وفي هذا اليوم القى الله تعالى الاسلام في قلبه للحسنى التي سبقت منه فاسلم ثم اخذ سيفه وراح يقاتل دون علم احد فقاتل حتى تثبتته الجراح فسقط عل ى الارض فلما انتهت المعركة طاف بنو الاشهل يتفقدون موتاهم وجرحاهم وجدوا الاصيرم وبه قليل من رمق فقالوا :
- والله ان هذا الاصيرم .
- ثم سالوه : ما الذي جاء بك ؟ احدب على قومك ام رغبة في الاسلام ؟؟
فقال لهم : بل رغبة في الاسلام آمنت بالله وبرسوله واسلمت وخرجت جهادا في سبيله
ثم خرجت روحه فذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:
انه من اهل الجنة .

وجاء القرشيون بقيادة ابي سفيان وخالد بن الوليد وحاولوا صعود الجبل فقاتلهم عمربن الخطاب في جماعة من المسلمين وفي رواية اخرى ان سعد بن ابي وقاص قتل منهم ثلاثة فرسان فانهزموا و بعدها استعدوا للرجوع الى مكة

وكان قتلى المسلمين فيهذه المعركة ة سبعين رجلا واحد واربعون من الخزرج واربعة وعشرون من الاوس واربعةمن المهاجرين ويهودي واحد اما قريش فقتل منهم اثنين وعشرين وقيل سبعة وثلاثين واختلاف بين الروايات كثير في هذا المجال .

فلما انتهت الحرب اشرف ابو سفيان على الجبل مناديا :
- افيكم محمد؟؟
فلم يجبه احد فنادى ثانية :
- افيكم بن ابي قحافة ؟؟؟
فلم يجبه احد فنادى الاخرى :
افيكم عمر بن الخطاب ؟؟
فلم يجبه احد فلم يتمالك عمر بن الخطاب نفسه حتى صاح فيه :-
- ياعدو الله ان هؤلاء الذين ذكرتهم احياء وقد ابقى الله لك معهم ما يسؤك.
فقال ابو سفيان:
- اعل هبل .. اعل هبل ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
- الا تجيبوه ؟؟
فقالوا : مانقول له .. قال:
- قولوا الله اعلى واجل
قال ابو سفيان :
- لنا العزى ولا عزى لكم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
- الا تجيبوه ؟؟؟
قالوا : مانقول؟؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم
- قولوا له : الله مولانا ولا مولى لكم .
ثم قال ابو سفيان:
- انعمت فعال يوم بيوم بدر والحرب سجال
فقال عمر بن الخطاب :
- لا سواء . قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار
فقال ابو سفيان : انكم لتزعمون ذلك لقد خبنا اذن وخسرنا
فقال ابو سفيان : انشدل الله ياعمر اقتلنا محمدا ؟
فقال عمر بن الخطاب : لا وانه ليسمع كلامك الان
فقال ابو سفيان : انت اصدق عندي من ابن قمئة وابر
ثا نادى ابو سفيان وهو ذاهب: موعدكم بدر في العام القابل .
فامرالنبي احد اصحابه ان يرد عليه : نعم هو بيننا وبينك موعد .
ثم عاد ابو سفيان الى قومه واخذ الجيش بالر حيل الى مكة وركب الابل وجعل الخيل في الجوانب .
وقيل ان الملائكة جبريل وميكائيل قاتلت مع النبي دفاعا عنه يوم احد فقد جاء في الصحيحين عن سعد انه قال:
( رايت رسول الله يوم احد ومعه رجلان يقاتلان عليهما ثياب بيض كأشد القتال وما رايتهما قبل ولا بعد )
وفي معركة احد نزلت احدى وستون اية من القران الكريم اولها الاية 121 واخرها الاية 180 من سورة ال عمران
وهكذا انتهت معركة احد فنزل المسلمون الى ساحة القتال يتفقدون الجرحي ويدفنون الشهداء ووجدوا حنظلة بن ابي عامر من ناحية من الارض يقطر منه الماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ان الملائكة تغسله) وقصة هذا الشهيد انه كان عريسا فلما سمع النداء للحرب ترك عروسته وذهب الى ساحة القتال فقاتل بضراوة حتى قتل وهو جنب فسمي ( غسيل الملائكة ) وقد امرالنبي صلى الله عليه وسلم برد الشهداء الذين نقلوا الى المدينة الى احد فدفنوا في مواضعهم بغير غسل ولا صلاة فان الشهيد تغسلته الملائكة ودمه غسوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( انا شهيد على هؤلاء يوم القيامة )
وفي رمضان من من العام الماضي 1434 للهجرة حضرت الى جبل احد وشاهدت مواقع القتال وجبل الرماة ثم زرت مقبر ة الشهداء وترحمت عليهم كثيرا وتلوت في من تلى سورة الفاتحة . والحمد لله رب العالمين

يتبع
فالح نصيف الحجية
الكيلاني

26-3-2012

**********************
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الشجرة, العطرة, الوثنية, شذرات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع شذرات من السيرة النبوية العطرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السيرة النبوية للسرجاني كتاب الكتروني رائع عادل محمد كتب ومراجع إلكترونية 2 03-17-2016 08:22 AM
حظر كتب السيرة النبوية واعتبارها مادة متطرفة عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 05-04-2014 08:04 AM
اخلع عباءتك أولا قبل دراسة السيرة النبوية العطرة علاء سعد حميده دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 2 11-09-2013 05:43 PM
أصول وضوابط في دراسة السيرة النبوية الشريفة Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 5 11-08-2013 05:44 PM
السيرة النبوية ... لماذا؟ جاسم داود شذرات إسلامية 0 04-20-2012 02:58 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59