#1  
قديم 04-15-2015, 07:14 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,036
ورقة النظام الإيراني والتقيّة الكبرى!


النظام الإيراني والتقيّة الكبرى!
ــــــــــــــــــ

(حامد خلف العُمري)
ـــــــــــ

26 / 6 / 1436 هــ
15 / 4 / 2015 م
ــــــــــ

الإيراني الكبرى! irandang.jpg

ما إن بدأت الأوضاع في إيران تخرج عن سيطرة النظام الحاكم، وما إن شعر علي خامنئي باهتزاز كرسيه، نتيجة الزلزال الذي أحدثه ما ذُكر من التزوير الذي صاحب الانتخابات الرئاسية (والتي هي في حقيقتها لا تعدو كونها انتخابات لاختيار سكرتير المرشد) حتى لجأ النظام الإيراني إلى سلاحين من أَشْهَر أسلحته التقليدية.

الأول: سلاح الهراوة الغليظة لحدِّ القتل.

الثاني: سلاح (التقية السياسية) والرأي السياسي، وأعني: (الدخول في حرب تصريحات واتهامات مع الدول الغربية والدولة العبرية)؛ بهدف صرف أنظار الشعب عن أزمته التي يعيشها، وإشغاله بمعركة مُفتَعَلة، بُغْيَة إعادة توحيده ورصِّه من جديد خلف قائده الأعلى.

والحقيقة أن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها النظام الإيراني لهذه الاستراتيجية، بل إن تاريخه معها قديم قِدَم الثورة الخمينية!

وهو وإن فشل - إلى ساعة كتابة هذه السطور - في كتم صوت الشعب الهادر، إلا أنه لا زال يراهن على إقناعه بأن كل تلك المعارضات إنما هي؛ بسبب تدخُّل الدول الغربية والدولة العبرية في شؤونه الداخلية، ولكي تكتمل فصول المسرحية؛ فقد أعلنت القيادة الصهيونية (المستفيدة من تصريحات نجاد، والمقْتَاتة على مزاعمه بإزالتها من على الخريطة) تأييدها للثوار، بل صرحت بأنها ستسعى لإقامة علاقات دبلوماسية مع زعيمهم في حال فوزه.

ومن الواضح أن هذا الموقف الصهيوني يهدف إلى إضعاف جانب الثُّوار؛ لأن أي تأييد صهيوني لهم سيثير حولهم الكثير من الشبهات، ومن ثَمَّ سيُعزِّز من موقف خصومهم الذين يتهمونهم بالتآمر والتعاون مع الأعداء (المزعومين).
وبعيداً عن الأحداث الجارية في إيران؛ فإني أود أن أستعرض تاريخ النظام الإيراني التوسعي مع هذا النوع من (التقية السياسية) ومدى نجاحه في تسويقها والاستفادة منها.
وقبل أن أبدأ، فقد يكون من الموضوعي أن أُثبت أولاً (نظرية عدم صدق النظام الإيراني في عدائه للغرب والدولة العبرية)، بل وإثبات العكس، وذلك عبر شواهد وأدلَّة واقعية وتاريخية؛ حتى لا يبقى الكلام مجرد دعوى.
فمن الأدلة التاريخية، فضيحة (إيران جيت) الشهيرة، أو قصة التعاون العسكري بين إيران و أمريكا، والتي حدثت في ثمانينيات القرن الماضي.

فبينما كانت الحرب الكلامية بين البلدين في ذروتها، وبينما كان الخميني وأتباعه يصبُّون لعناتهم على ما يسمونه بـ (الشيطان الأكبر) كان الرئيس الإيراني (أبو الحسن بني صدر) يعقد اتفاقاً، في باريس مع نائب الرئيس الأمريكي (بوش الأب) وبحضور مندوب الموساد (آري بن ميناشيا) لتزويد إيران بأنواع متطورة من السلاح الأمريكي عن طريق الدولة الصهيونية؛ ليستخدمها الجيش الإيراني في حربه ضد العراق؛ وذلك مقابل مبلغ مقداره 410.217.100 دولار أمريكي، وقد كشفت الوثائق التي أفرج عنها أرشيف الأمن القومي الأمريكي بتاريخ 10/11/2006، تفاصيل مُهِمَّة حول هذه القضية.
ومن الأدلة كذلك ما صرح به نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية السابق، محمد علي أبطحي، في ختام مؤتمر « الخليج وتحديات المستقبل » والذي عُقِدَ في (أبو ظبي) بتاريخ 13/1/2004م؛ حيث قال بالحرف الواحد: « إن إيران قَدَّمَت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان و العراق، وإنه لولا التعاون الإيراني لَمَا سقطت كابول و بغداد بهذه السهولة ».

بل إنه قد يكون من المضحك أن تعلم أن القوات الأمريكية في العراق، هي مَنْ تولَّى حماية الرئيس الإيراني عند زيارته للعراق العام الماضي، من ساعة وصوله حتى مغادرته!
أما على صعيد علاقة إيران بالدولة الصهيونية، فيكفي ما صرح به وزير الخارجية في حكومة نتنياهو « ديفيد ليفي » حيث قال: (إن إسرائيل لم تقل في يوم من الأيام: إن إيران هي العدو) [1].
وكذلك ما أثبته شارون في مذكراته؛ حيث قال صراحةً: (لم أرَ في الشيعة أعداءً للدولة العبرية على المدى البعيد، عدونا الحقيقي هو المنظمات الإرهابية الفلسطينية) [2].

والحقيقة أن المجال لا يتسع لتَتَبُّع المزيد من الأدلة والوثائق أو التصريحات، وأظن أن من أراد ذلك فلن يصعب عليه؛ فهناك عشرات الوثائق والمقالات المنشورة، والتي تناولت هذا الجانب [3].
ومع ذلك فلا يزال بيننا من يعتقد بأن إيران هي حاملة راية الجهاد والمقاومة ضد أمريكا والدولة الصهيونية، والمصيبة أن ذلك ليس قاصراً على العوام، بل يتعداهم إلى طبقات من المثقفين! ويبقى السؤال: ما الذي يدفع إيران لتَصَنُّع العداء لتلك الدول؟ ولماذا لا تصرح بعلاقاتها معها، كما في عهد الشاه؟ ولماذا تبادلها تلك الدول تصريحات العداء الزائفة؟

لتَصَنُّع إيران العداوة للغرب أسباب:

يبدو - والله أعلم - أن في ظهور إيران كمقاوم لأمريكا أو الدولة العبرية، وكقائد لِمَا يسمى بمعسكر الممانعة مصلحة مشتركة لتلك الأطراف مجتمعة؛ لأن ذلك يحقق هدفين مزدوجين:
الأول: وهو ما يُعبِّر عنه بعضهم بالحاجة الوجودية للدولة العبرية؛ فمن المعلوم أن هذه الدولة تحب أن تبدو دائماً بمظهر الضعيف المحدق به الخطر والمحاط بسياج من الدول المعادية، ما يُمكِّنها من الحصول على مساعدات وأسلحة الدول الغربية الكبرى؛ وقد رأينا كيف تحالف العالم بأسره معها لمنع تهريب السلاح لحماس، ولذلك فهي - كما أشرت - تستغل تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين يتوعدون بإزالتها من الخريطة؛ لإقناع الرأي العام الغربي بحاجتها للدعم المستمر، وكذلك لجعله يتفهم ما تقوم به من أعمال إرهابية ضد المدنيين في فلسطين أو لبنان.

الثاني: وهو ما قد يخفى على الكثيرين من تلميع المذهب الشيعي وتسويقه؛ بهدف مزاحمة الإسلام السُّني غير المتفق مع المشروع الغربي، ويتم ذلك عَبْر تقديم المذهب الشيعي كمذهب يقوم في الأساس على مبدأ الثورة والمقاومة للعدو دون مواربة، وقد لمسنا تأثُّر الكثير منا - ولا أقصد العوام فقط - بخطابات حسن نصر الله و محمود أحمدي نجاد النارية والمتكررة ضد العدو الصهيوني!
وهذا الهدف يندرج تحت الهدف الأمريكي الأكبر الساعي إلى إحداث نوع من التوازن بين قوى المنطقة، واستخدامها كأدوات لضرب بعضها ببعض، وقد كان من آثار هذا الهدف إطلاق أمريكا يد إيران في العراق؛ بسبب وجود أكثرية سُّنية تسعى أمريكا للحد من حجمها، بينما نراها تكفُّ نفس اليد في لبنان؛ لضعف أهل السُّنة هناك، ولموالاة قياداتهم لأمريكا.

ولا تزال الوقائع تؤكد لنا أن العداء الإيراني لأمريكا والدولة العبرية يبقى في أكثره مجرد تصريحات وتهديدات فارغة لا يسندها أي تحرك حقيقي، عدا ما يكون من مناورات تكتيكية، وأعني بالتحديد مواجهات حزب الله مع الدولة الصهيونية، والتي ثبت أنها مواجهات تكتيكية مُقنَّنة ومرتبطة بالحسابات الإيرانية فحسب، وليس من ورائها أيُّ نصر للأمة، وإلا فما تفسير تَفرُّج حزب الله على ما حدث في غزة إبَّان العدوان الصهيوني الأخير عليها، بل والمسارعة في نفي تورطه في عمليات إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان؟

ويدرك المتتبع لاستراتيجيات هذا التنظيم، أنه إنما أريد له أن يوجد في جنوب لبنان كبديل للميليشيات النصرانية التي فشلت في الحد من نشاط الفصائل الفلسطينية في لبنان؛ لأنه أقدر على منع الفصائل الفلسطينية المسلحة من الوصول إلى نقاط التماس مع العدو.

أليست إيران داعمة للجهاد والمقاومة الفلسطينية؟

ولسائل أن يسأل ذلك السؤال.

فأقول: إن ما نشاهده من احتفاء إيران بقيادات حماس وفَتْح أذرعتها لقادة الجهاد في فلسطين، لا يعدو - فيما أحسبه - سوى أنه مناورة وتقية سياسية أخرى!
أحسب أن الإخوة في حماس أذكى من أن تنطلي عليهم؛ فإيران لا تعطي شيئاً لوجه الله، ومَنْ قتل الفلسطينيين وشرَّدهم في العراق وألجأهم إلى ترك بيوتهم والعيش في العراء، لا يمكن أن يرحمهم في فلسطين!!

ولو كانت إيران صادقة في دعمها لحماس، لأنفذت وعدها الذي قطعته إبان فوز حماس بالانتخابات، والمتمثل في إعطائها مبلغ خمسين مليون دولار.
ويبقى أن الذي أعطى الفرصة كاملة لإيران للمتاجرة بالقضية الفلسطينية وتَزَعُّم الساحة الإسلامية، إنما هو الموقف العربي السلبي تجاه المقاومة وتراجع الدور الريادي لبعض الدول العربية.

تساؤلات مشروعة تفرض نفسها:

ولتتأكد أخي القارئ الكريم من أن العلاقة بين أمريكا أو الدولة الصهيونية وإيران إنما هي علاقة تعاون استراتيجي وليس العكس؛ فإني أسوق هنا بعض التساؤلات التي أتمنى منك أن تتأمل فيها بموضوعية:

1 - كم عدد الحروب التي اندلعت بين إيران وأمريكا أو الدولة الصهيونية منذ انطلاق الثورة حتى الآن؟

2 - هل حدث أن استُهدِفَت مواقع استراتيجية إيرانية على غرار ما حدث للمفاعل العراقي؟ الواقع يشهد أن أمريكا إنما خاضت الحروب ضد أعداء إيران التاريخيين:

- أفغانستان التي ما زالت مشاعر الغضب الطائفي والعنصري الإيراني تتأجج ضدها؛ بسبب عقدة سقوط الدولة الصفوية على يد الأفغان الغلزائين ( 1722 - 1729م).

- والعراق الذي تصدى للزحف الصفوي الجديد بقيادة الخميني.

بينما بقيت إيران في مأمن بفضل قدرتها على الاستفادة من نقاط الالتقاء بين مشروعها التوسعي والمشروع الأمريكي، تلك النقاط التي خرجت إدارة أوباما الجديدة ببعضها إلى العلن، عبر اجتماعات تنسيق المواقف ضد طالبان!

أمَّا ما يربط إيران بالدولة الصهيونية تحديداً؛ فهناك مَنْ يرى أنه أبعد من تاريخ تأسيس الدولتين؛ إذ لا يزال اليهود يشعرون بالمنَّة التاريخية للفرس.
وذلك؛ بسبب تخليص القائد الفارسي (قورش) لليهود من السبي البابلي، ولقد وُجدت منظمات شبابية يهودية في طهران تحت اسم « قورش الكبير »، ويمكن اعتبار مرحلة حُكْم الشاه بأنها الفترة التي شهدت أكبر وضوح لطبيعة العلاقة بين إيران والدولة الصهيونية، قبل انطلاق « التقيَّة » أو الثورة الخمينية التي لم تغيِّر في حقيقة العلاقة الشيء الكثير.
والغريب أن يكون اليهود الفرس هم الأكثر سفكاً لدماء الفلسطينيين من غيرهم فنائب رئيس الحكومة الصهيونية « شاؤول موفاز » صاحب الخطة العسكرية لمواجهة الانتفاضة، والتي كانت نتيجتها مجزرة نابلس و جنين هو يهودي فارسي من مواليد طهران عام 1948، وقد هاجرت أسرته إلى فلسطين عام 1957، و « دان حالوتس » رئيس القوات الجوية الصهيونية السابق والملقب بـ « جنرال الاغتيالات » والذي كانت أبشع مجازره في يوليو 2002م حينما أعطى أوامره بقصف مبنىً سكني؛ لاغتيال أحد قادة حركة حماس.
واستشهد في تلك المجزرة 14 مدنياً بينهم 9 أطفال، ينتمي هو الآخر لعائلة يهودية مهاجرة من « هاجور » الإيرانية.

ختاماً:
-----

مع تأكُّدي من أنه لا يوجد عداء حقيقي (أيديولوجي) بين إيران وتلك الدول ( بل لا يوجد في أدبيات المذهب الاثنى عشري ما يحث عليه!) فإني لا أستطيع نفي وجود بعض الخلافات المصلحية، أو خلافات التنافس على مناطق النفوذ، وهذا النوع من الخلاف يمكن أن تَحُلَّه الصفقات السياسية، بعكس الخلاف ( الأيديولوجي) الذي لا يمكن للصفقات السياسية إنهاؤه، وهذا ينسحب أيضاً على خلافات التيارات المنبثقة عن هذين المشروعين والموجودة في عالمنا العربي وخاصة في دول الخليج، ولذلك من السهولة عليك ملاحظة التعاون والتنسيق بين التيارات التغريبية والطائفية في تلك البلدان ضد التيارات السُّنية، وخاصة ( السلفي).
ويبقى السؤال:
هل سينجح نظام الملالي التوسعي في خديعة شعبه هذه المرة، كما خدعه من قَبْل، وكما خدع الكثير من العرب العاطفيين؟ أم أن الشعب الذي يعيش منه ما يقارب الأربعة عشر مليون شخص تحت خط الفقر - بحسب تقرير للبنك المركزي الإيراني -، والذي ملَّ من إهدار ثرواته على مشاريع أصحاب العمائم التوسعية، سيقول كلمته؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جريدة هآرتس اليهودية 1/6/1997م.
(2) « مذكرات شارون، ترجمة أنطوان عبيد - ص 576 ».
(3) انظر على سبيل المثال: « قصة التعاون الإيراني الإسرائيلي »، عز الدين بن حسين القوطالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-15-2015, 07:23 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,036
ورقة انتشار القبور والأضرحة وعوامل استمرارها(2/1)

انتشار القبور والأضرحة وعوامل استمرارها(2/1)
ــــــــــــــــــــــــ

(خالد بن محمد حامد)
ــــــــــ

26 / 6 / 1436 هــ
15 / 4 / 2015 م
ــــــــــ




(تقديس القبور والأضرحة) مفهوم لم يعرفه الإسلام ولو في إشارة يسيرة، بل جاءت نصوصه الثابتة بالنهي الصريح عن كل ذريعة تفضي إلى ذلك المفهوم الذي يمثل خطوة أولى على طريق الانحراف نحو الشرك؛ فمن الأقوال القاطعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لا يدع مجالاً لتوهم نسخ أو تخصيص أو تقييد ما جاء عنه: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) [1] ، وعنه: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) [2] .. هذا في قبره الشريف وفي كل قبر، وعن علي رضي الله عنه أنه قال لأبي الهياج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته) [3]، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن (يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) وفي زيادة صحيحة لأبي داود: (أو أن يكتب عليه) [4] .. ولعن (المتخذين عليها [أي القبور] المساجد والسُرج) [5] .
من النور إلى الظلمات:
وعلى ذلك سار سلفنا الصالح من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان (ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك شيء في بلاد الإسلام، لا في الحجاز، ولا اليمن، ولا الشام، ولا العراق، ولا مصر، ولا خراسان، ولا المغرب، ولم يكن قد أحدث مشهد، لا على قبر نبي، ولا صاحب، ولا أحد من أهل البيت، ولا صالح أصلاً، بل عامة هذه المشاهد محدَثة بعد ذلك، وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس، وتفرقت الأمة، وكثر فيهم الزنادقة الملبّسون على المسلمين، وفشت فيهم كلمة أهل البدع، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المئة الثالثة؛ فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القدّاحية في أرض المغرب، ثم جاؤوا بعد ذلك إلى أرض مصر) [6].
(ولم يكن في العصور المفضلة (مشاهد) على القبور، وإنما كثر بعد ذلك في دولة بني بويه لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب، وكان بها زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين الإسلام، وكان في بني بويه من الموافقة لهم على بعض ذلك. ومن بدع الجهمية والمعتزلة والرافضة ما هو معروف لأهل العلم، فبنوا المشاهد المكذوبة كمشهد علي -رضي الله عنه- وأمثاله...) [7].
(... وفي دولتهم أُظهر المشهد المنسوب إلى علي -رضي الله عنه- بناحية النجف، وإلا فقبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي هناك، وإنما دفن علي - رضي الله عنه- بقصر الإمارة بالكوفة) [8] .
فعندما بدأت المحدَثات تدب في حياة المسلمين، كان منها ذلك الأمر الجلل (فظهرت بدعة التشيع التي هي مفتاح باب الشرك، ثم لما تمكنت الزنادقة أمروا ببناء المشاهد وتعطيل المساجد... ورووا في إنارة المشاهد وتعظيمها والدعاء عندها من الأكاذيب ما لم أجد مثله فيما وقفت عليه من أكاذيب أهل الكتاب، حتى صنف كبيرهم (ابن النعمان) كتاباً في (مناسك حج المشاهد) وكذبوا فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته أكاذيب بدلوا بها دينه، وغيروا ملته، وابتدعوا الشرك المنافي للتوحيد، فصاروا جامعين بين الشرك والكذب) [9].
الرواد الأوائل:
وعلى ذلك يتضح أن الذين بذروا بذورَ شرك القبور كانوا رافضة، وهذا ما تؤكده لنا عالمة الآثار الدكتورة سعاد ماهر فهمي عندما تسرد أوائل الأضرحة ذات القباب، فتقول: (.. ويليها من حيث التاريخ: ضريح إسماعيل الساماني [10] المبني سنة 296 هـ في مدينة بخارى، ثم ضريح الإمام علي - رضي الله عنه - في النجف الذي بناه الحمدانيون سنة 317 هـ، ثم ضريح محمد بن موسى في مدينة قم بإيران سنة 366 هـ، ثم ضريح (السبع بنات) في الفسطاط سنة 400هـ، وقد احتفظت لنا جبّانة أسوان بمجموعة كبيرة من الأضرحة ذات القباب التي يرجع تاريخ معظمها إلى العصر الفاطمي في القرن الخامس الهجري) [11].
فبدايات تعظيم القبور واتخاذها مشاهد وأضرحة ارتبطت تاريخياً بأسماء: القرامطة، وبني بويه، والفاطميين (العبيديين)، والسامانيين، والحمدانيين... وجميعهم روافض وإن تفاوتوا في درجة الغلو [12] .
على أن الدكتورة سعاد ماهر تذكر لنا (أن أقدم ضريح في الإسلام أقيمت عليه قبة يرجع إلى القرن الثالث الهجري، وقد عُرف هذا الضريح باسم (قبة الصليبية)، ويوجد في مدينة سامرّا بالعراق على الضفة الغربية لنهر دجلة إلى الجنوب من قصر العاشق...، ويقول الطبري: إن أم الخليفة العباسي استأذنت في بناء ضريح منفصل لولدها فأذن لها؛ إذ كانت العادة قبل ذلك أن يدفن الخليفة في قصره، فأقامت قبة الصليبية في شهر ربيع الثاني سنة 284هـ، وقد ضم الضريح إلى جانب المنتصر الخليفة المعتز والمهتدي، وتعتبر قبة الصليبية [13] أول قبة في الإسلام) [14] .
ولكن الدكتورة سعاد تذكر لنا الأضرحة (ذات القباب) فقط، ولا ندري هل كانت قبل قبة الصليبية أضرحة أخرى ليست ذات قباب أم لا؟

عانق الجبت مع الطاغوت:
------------------

على أن الذي يعنينا في هذا المقام هو أن (تقديس القبور والأضرحة) أمر حادث في الإسلام، وإحداثه لم يرتبط بأهل التقوى والعلم، بل ارتبط بأصحاب الدعوات الهدامة وأهل السلطان، وقد أشار القرآن الكريم إلى مثل ذلك في قوله تعالى عن أصحاب الكهف: { قَالَ الَذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً } [الكهف: 21] فالذين أرادوا اتخاذ مسجد على قبور الفتية هم أهل الغلبة.
ولعلنا نلمح أن في ذلك جنساً من اتباع سَنَن من كانوا قبلنا في تعانق الجبت مع الطاغوت عند حدوث الانحراف العقدي، وذلك كما في قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إلَى الَذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ.. } [النساء: 51]؛ حيث يتآزر دعاة الأوهام والخرافة مع أصحاب الطاعة والتشريع من دون الله، ويتبادلون الأدوار أحياناً، فتجد الكهان والمنجمين و*****ة يطلبون الطاعة ممن يؤمن بخرافاتهم ويحلون له الحرام، ويُحرمون عليه الحلال، كما أنهم يمدون أصحاب السلطان والطاعة بالشرعية التي هم في حاجة إليها، وتجد أصحاب السلطان ممن يُطاعون في معصية الله يستشيرون الخرافيين ويقربونهم ويفسحون المجال للترويج لبدعهم بين الناس.. ولا شك أن لكل ذلك أثراً في الواقع.
دينهم وديدنهم:
كما أن مكانة القبور والأضرحة (المقدسة)! غير قابلة للمساومة في دين الرافضة؛ فطائفة البهرة الإسماعيلية (من غلاة الرافضة) ذات نشاط واسع في عمارة وتجديد المساجد ذات الأضرحة بحجة الاهتمام بالعمارة الإسلامية، وبخاصة في مصر... والقبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير في دمشق وهو القبر المنسوب إلى السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ما زال مكتوباً عليه إلى الآن: قام بعمارة البناية الضخمة عليه والمسجد حولها والقبة المزخرفة:
محمد بن حسين نظام وأولاده من طائفة الشيعة [15] .
وأيضاً فإن أصحاب الأضرحة الكبرى ممن ينسب إلى التصوف هم في الحقيقة من غلاة الشيعة الباطنية؛ حيث (من العراق انطلق أحد أتباع الرفاعي إلى مصر، وهو (أبو الفتح الواسطي) (جد إبراهيم الدسوقي) لنشر دعوتهم الباطنية بها، وقد كان ذلك في العهد الأيوبي، وبعد موت الواسطي جاء (البدوي) ليخلفه في دعوته تلك، وقد توزع هؤلاء الدعاة في مصر، فكان (الدسوقي) بدسوق و (أبو الحسن الشاذلي) بالإسكندرية، و (أبو الفتح الواسطي) ما بين القاهرة وطنطا والإسكندرية، ولما مات الواسطي حل محله البدوي بطنطا، وجميعهم من فلول العبيديين الذين طردهم صلاح الدين الأيوبي من مصر، ثم حاولوا العودة تحت ستار التصوف والزهد... كما أن كلاّ من ابن بشيش وابن عربي قد تتلمذا على يد (أبي مدين) بالمغرب) [16] .
(وفي أواخر عهدهم أنشأ الفاطميون المشهد الحسيني عام 550هـ عندما شعروا بأن سلطتهم قد ضعفت ليجذبوا إليهم المصريين، وعهدوا إلى ابن مرزوق القرشي (564هـ (تربية مريدي الصوفية، فانتظم أتباعه في طوائف وطرق لنشر الدعوة الشيعية؛ إلا أن هذه التنظيمات انهارت بانهيار الدولة الفاطمية وتحول المشهد الحسيني إلى ضريح صوفي) [17] .
والحاصل: أن تقديس القبور وزيارة المشاهد تقليد شيعي في نشأته، فالشيعة هم أول من بنى المشاهد على القبور؛ حيث تتبعوا أو زعموا قبور من مات قديماً ممن يعظمونهم من آل البيت، وراحوا يبنون على قبورهم ويجعلونها مشاهد ومزارات، ثم جاء الصوفية فنسجوا على هذا المنوال، فجعلوا أهم مشاعرهم هو زيارة القبور وبناء الأضرحة والطواف بها والتبرك بأحجارها، والاستغاثة بالأموات [18] .
الحاجة أمّ الاختراع:
وأصبح تقديس القبور والأضرحة لازماً من لوازم الطرق الصوفية؛ بحيث لا يتصور أحد وجود طريقة صوفية من غير ضريح أو أكثر تقدسه.. ومع تمكن الداء من جسد الأمة ظهرت (الحاجة) إلى تعدد الأضرحة والمزارات لتلبي رغبات من صرعتهم الأوهام، وضاق بالقبوريين أن يتحروا ثبوت قبور الأولياء المشهورين لدى جمهورهم، ولأن الحاجة أُمّ الاختراع كما يقال فقد وجدوا لهذه الأزمة بعض المخارج والحيل:

- فظهر ما يسمى بأضرحة الرؤيا، تقول الدكتورة سعاد ماهر: (ظهر في العصور الوسطى وخاصة في أوقات المحن والحروب التي لا تجد فيها الشعوب من تلوذ به غير الواحد القهار أن يتلمسوا أضرحة آل البيت والأولياء للزيارة والبركة والدعاء ليكشف الله عنهم السوء ويرفع البلاء، ومن ثم: ظهر ما يعرف بأضرحة الرؤيا، فإذا رأى ولي من أولياء الله الصالحين في منامه رؤيا مؤداها أن يقيم مسجداً أو ضريحاً لأحد من أهل البيت أو الولي المسمى في الرؤيا فكان عليه أن يقيم الضريح أو المسجد باسمه) [19] .
وتلك كانت الدعوى نفسها التي أقيمت عليها (مزارات الشهداء) عند النصارى (وكان ذلك إبان القرن الخامس الميلادي؛ حيث أصبح لكل قرية مزار لشهيد يحوي عظاماً لبعض الموتى المجهولين، أخرجت من القبور، ومنحت كل التبجيل والاحترام، دون أدنى دليل يثبت أنها على الأقل بقايا مسيحيين، ويُخلع على هذه الرفات أسماء وألقاب لائقة، وفي حالات كثيرة كان المرجع الوحيد في هذا الشأن (حلم) أو (رؤيا) لكاهن أو راهب) [20] .
وعلى ذلك لا يلزم أن يكون الولي المقام الضريح باسمه ثبت وجوده في ذلك المكان، بل لا يلزم أن يكون وطئت قدمه أرض تلك البلاد أصلاً، ومن هنا ظهرت أضرحة مزعومة ومكذوبة في طول البلاد وعرضها، وتعددت الأضرحة للولي الواحد في أكثر من قُطْر، ولتسويغ ذلك الخطل نسجوا خرافة واضحة الزور والبهتان، فقالوا: إن الأرض لأجسام الأولياء كالماء للسمك، فيظهرون بأماكن متعددة ويزار كل مكان قيل عنه إنه فيه نبي كريم أو ولي عظيم [21].
- ومن الحيل الرائجة لإقامة ضريح أو مشهد: نسج الكرامات حول الشخص المزعوم بأنه ولي، أو حول المكان المزعوم بأنه مكان قبر ولي.
فمما ينسج حول الأشخاص: ما حدث مع (الشيخ) صالح أبي حديد الذي كان وبعض صحبه من قطاع الطريق، وحين كشف أمره هرب ولجأ إلى بيت مغنية مشهورة، فأخفته وادعت أنه مجنون ووضعت في رجليه قيداً من حديد، وقد اعتقل لسانه من شدة الخوف، ثم أشاعت هي والمجتمعون من حوله أن له كرامات وإخباراً بالمغيبات، فأقبل عليه الناس بالهدايا والنذور حتى ذاع صيته، وزاره الخديوي إسماعيل واستبشر به وبنى له قبراً بقبة عالية بعد وفاته ووقف عليه الأرض وغيرها [22] .
ومن ذلك: مسجد في حلب يعرف بمسجد العريان، يعتقده أهل المحلة الموجود بها، ويقولون: إنه عرف بالعريان؛ لأنه في أكثر أوقاته يتجرد من ثيابه، ويدّعون أن ذلك لغلبة الحال عليه [23] .
الواقع الأليم.. شبكة أضرحة:
ولغفلة جموع كثيرة من الأمة عن حقيقة دينها فقد أنبتت هذه الجذور شبكة واسعة من القبور والأضرحة (المقدسة) عمت معظم أنحاء العالم الإسلامي، بل إن بعض الباحثين يقدر عدد الأضرحة في القطر الذي يعيش فيه بما لا يقل عن عدد المدن والقرى في هذا القطر، حيث يقول: (وأضرحة الأولياء التي تنتشر في مدن مصر ونحو ستة آلاف قرية: هي مراكز لإقامة الموالد للمريدين والمحبين، ويمكننا القول: إنه من الصعب أن نجد يوماً على مدار السنة ليس فيه احتفال بمولد ولي في مكان ما بمصر) [24]، بل أصبحت القرى التي تخلو من الأضرحة مثار تندر وتهكم سدنة الأضرحة، فقد ذكر الدكتور زكريا سليمان بيومي أن من القرى التي تخلو من أضرحة الأولياء: (بِيّ العرب) و (أبو سنيطة) و (ميت عفيف) وهي جميعاً مركز الباجور منوفية، وأطلق المشايخ أمثلة شعبية على بخل هذه القرى وخلوها من البركة ما زالت سارية بين الناس حتى الآن! [25] .

ولكي ندرك حجم المأساة أكثر سنورد بعض ما تيسر من نماذج توضح حجم انتشار هذه الأضرحة في بعض بقاع العالم الإسلامي، وبالطبع، فليس من بلد به ضريح إلا وله مريدون ممن يعتقدون فيه..
فمن بين ألوف الأضرحة المنسوبة إلى الأنبياء والصحابة والأولياء في العالم الإسلامي يشتهر في مصر من بين أكثر من ستة آلاف ضريح (على تقدير من أشرنا إليهم (أكثر من ألف ضريح [26] ، (ويذكر صاحب الخطط التوفيقية علي باشا مبارك أن الموجود في زمنه في القاهرة وحدها مئتان وأربعة وتسعون ضريحاً) [27]، أما خارج القاهرة فيوجد (على سبيل المثال في مركز فوّة.. (81) ضريحاً، وفي مركز طلخا (54)، وفي مركز دسوق (84)، وفي مركز تلا (133)، وهي الأضرحة التابعة للمجلس الصوفي الأعلى، بخلاف الأضرحة التابعة للأوقاف أو غير المقيدة بالمجلس الصوفي) [28] كما يوجد في أسوان أحد المشاهد يسمى مشهد (السبعة وسبعين ولياّ) [29] .
وتنقسم الأضرحة إلى كبرى وصغرى، وكلما فخم البناء واتسع وذاع صيت صاحبه زاد اعتباره وكثر زواره. فمن الأضرحة الكبرى في القاهرة: ضريح الحسين، وضريح السيدة زينب، وضريح السيدة عائشة، وضريح السيدة سكينة، وضريح السيدة نفيسة، وضريح الإمام الشافعي، وضريح الليث ابن سعد... وخارج القاهرة تشتهر أضرحة: البدوي بطنطا، وإبراهيم الدسوقي بدسوق، وأبي العباس المرسي بالإسكندرية، وأبي الدرداء بها أيضاً، وأبي الحسن الشاذلي بقرية حميثرة بمحافظة البحر الأحمر، وأحمد رضوان بقرية البغدادي بالقرب من الأقصر، وأبي الحجاج الأقصري بالأقصر أيضاً، وعبد الرحيم القنائي بقنا...
أما في الشام فقد أحصى عبد الرحمن بك سامي سنة (1890م) في دمشق وحدها 194ضريحاً ومزاراً، بينما عد نعمان قسطالي المشهور منها 44 ضريحاً، وذكر أنه منسوب للصحابة أكثر من سبعة وعشرين قبراً، لكل واحد منها قبة ويزار ويتبرك به.
وفي الآستانة عاصمة السلطنة العثمانية كان يوجد 481 جامعاً يكاد لا يخلو جامع فيها من ضريح، أشهرها الجامع الذي بني على القبر المنسوب إلى أبي أيوب الأنصاري في الآستانة (القسطنطينية).
وفي الهند يوجد أكثر من مئة وخمسين ضريحاً مشهوراً يؤمها الآلاف من الناس.
وفي بغداد كان يوجد أكثر من مئة وخمسين جامعاً في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وقلّ أن يخلو جامع منها من ضريح، وفي الموصل يوجد أكثر من ستة وسبعين ضريحاً مشهوراً كلها داخل جوامع، وهذا كله بخلاف الأضرحة الموجودة في المساجد والأضرحة المفردة [30] .
وفي معظم مناطق أوزبكستان كثير من الأضرحة المنسوبة إلى الصحابة والمشائخ ورجال العلم والأولياء، وأصبحت هذه القبور مزارات يفد إليها مريدوها جماعات وأفراداً، يدعون ويبكون، ومن أهم تلك المزارات ضريح قثم بن العباس ابن عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سمرقند، وضريح الإمام البخاري في قرية خرتنك [31] .

بين الحقيقة والوهم:
-----------

وإذا كان ذكر أسماء الأضرحة المشهورة في العالم الإسلامي قد يشق على المتابع فسنذكر هنا طرفاً من الأضرحة المكذوبة والمشكوك في نسبتها: فضريح الحسين بالقاهرة (كذب مختلق بلا نزاع بين العلماء المعروفين عند أهل العلم، الذين يرجع إليهم المسلمون في مثل ذلك لعلمهم وصدقهم) [32]، (فإنه معلوم باتفاق الناس: أن هذا المشهد بني عام بضع وأربعين وخمسمئة، وأنه نقل من مشهد بعسقلان، وأن ذلك المشهد بعسقلان كان قد أحدث بعد التسعين والأربعمئة.. فمن المعلوم أن قول القائل: إن ذلك الذي بعسقلان هو مبني على رأس الحسين - رضي الله عنه- قول بلا حجة أصلاً..) [33] .
وقد ورد عن المشائخ: ابن دقيق العيد وابن خلف الدمياطي وابن القسطلاني والقرطبي صاحب التفسير وعبدالعزيز الديريني إنكارهم أمر هذا المشهد، بل ذكر عن ابن القسطلاني أن هذا المشهد مبني على قبر نصراني [34] .
وإضافة إلى مشهدي عسقلان والقاهرة هناك ضريح آخر في سفح جبل الجوشن غربي حلب ينسب إلى رأس الحسين -رضي الله عنه- أيضاً، وهو من أضرحة الرؤيا، وكذلك توجد أربعة مواضع أخرى يقال إن بها رأس الحسين: في دمشق، والحنانة بين النجف والكوفة، وبالمدينة عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنها، وفي النجف بجوار القبر المنسوب إلى أبيه -رضي الله عنه-، وفي كربلاء حيث يقال: إنه أعيد إلى جسده [35] .
ورغم أن المحققين يقولون إن السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع، إلا أن القبر المنسوب إليها والذي أقامه الشيعة في دمشق هو (القبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير إليه...) [36] .
ولا يقل عنه جماهيرية ذلك الضريح المنسوب إليها في القاهرة، والذي لم يكن له وجود ولا ذكر في عصور التاريخ الإسلامي إلى ما قبل محمد علي باشا بسنوات معدودة كما يذكر أحمد زكي باشا [37] ، ويقول علي مبارك في الخطط التوفيقية: (لم أرَ في كتب التاريخ أن السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما جاءت إلى مصر في الحياة أو بعد الممات) [38] .
وأهل الإسكندرية بمصر يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن أبا الدرداء مدفون في الضريح المنسوب إليه في مدينتهم، ومن المقطوع به عند أهل العلم أنه لم يدفن في تلك المدينة [39] .
ومن أضرحة الرؤيا: مشهد السيدة رقية بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالقاهرة، أقامته زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وذلك بلا خلاف [40]، ومنها كذلك: ضريح السيدة سكينة بنت الحسين ابن علي رضي الله عنهم [41]، ويذكر المقريزي في خططه (2/45) جملة من الأضرحة المزعومة، منها: (قبر في زقاق المزار تزعم العامة ومن لا علم عنده أنه قبر يحيى بن عقب، وأنه كان مؤدباً للحسين بن علي بن أبي طالب، وهو كذب مختلق وإفك مفترى، كقولهم في القبر الذي بحارة برجوان إنه قبر جعفر الصادق، وفي القبر الآخر إنه قبر أبي تراب النخشبي... إلى غير ذلك من أكاذيبهم) [42] .

ومن أشهر الأضرحة أيضاً: ضريح الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنجف بالعراق، وقد مرّ بنا سابقاً كلام ابن تيمية رحمه الله من أنه قبر مكذوب، وأن علياً -رضي الله عنه- دفن بقصر الإمارة بالكوفة [43] .
وفي البصرة عدد من الأضرحة المنسوبة إلى الصحابة منها: قبر عبد الرحمن بن عوف رغم أنه مات بالمدينة ودفن بالبقيع [44] .
وفي بلدة الرها من أعمال حلب ضريح يقال إنه لجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مع أن جابراً توفي في المدينة [45] .
وفي مدينة نصيبين بالشام (حالياً بجنوب تركيا) قبة يزعمون أنها لسلمان الفارسي، مع أنه -رضي الله عنه- مدفون في المدائن [46] .
ويضيف ابن تيمية رحمه الله: (وكذلك بدمشق بالجانب الشرقي مشهد يقال: إنه قبر أُبَيّ بن كعب، وقد اتفق أهل العلم على أن أبيّاً لم يقدم دمشق، وإنما مات بالمدينة، فكان بعض الناس يقول: إنه قبر نصراني، وهذا غير مستبعد... فلا يستبعد أنهم [اي: النصارى] ألقوا إلى بعض جهال المسلمين أن هذا قبر من يعظمه
المسلمون ليوافقوهم على تعظيمه) [47] .. وما لم يستبعده رحمه الله حدث مثله في العصر الحاضر (ففي الجزائر كان الشعب هناك يؤم ضريحاً في بعض المناطق الشرقية ويتبرك بأعتابه، ثم اكتُشف أن هذا القبر كان لراهب مسيحي، ولم يصدق الناس ذلك حتى عثروا على الصليب في القبر) [48] .
وفي دمشق أيضاً: قبور منسوبة إلى أمهات المؤمنين: عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة رضوان الله عليهن مع أنهن مدفونات بالمدينة المنورة، وفيها كذلك قبر لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما مع أنها ماتت في مكة بعد مقتل ولدها عبد الله بن الزبير بأيام قليلة [49] .
وينسب الناس في الشام قبراً إلى (أم كلثوم) و (رقية) بنتي رسول الله (وقد اتفق الناس على أنهما ماتتا في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة المنورة تحت عثمان، وهذا إنما هو بسبب اشتراك الأسماء؛ لعل شخصاً يسمى باسم من ذكر توفي ودفن في موضع من المواضع المذكورة، فظن الجهال أنه أحد من الصحابة) [50] ، (ومنها (قبر خالد) بحمص، يقال: إنه قبر خالد بن يزيد بن معاوية...، ولكن لما اشتهر أنه خالد، والمشهور عند العامة خالد بن الوليد: ظنوا أنه خالد بن الوليد، وقد اختلف في ذلك: هل هو قبره أو قبر خالد بن يزيد) [51].
ولعل لهذا السبب أيضاً وجد ضريح (سيدي خالد بن الوليد) بكفر الحما مركز أشمون منوفية بمصر، وضريح (الشيخ عمار بن ياسر) بناحية بني صالح تبع مركز الفشن [52] .

انفراط العقد:
-------

وفي دمشق كذلك ضريح يدعي الناس أنه لرأس يحيى بن زكريا عليهما السلام يقع في قلب المسجد الأموي، وله قبة وشباك، وله نصيبه من التمسح والدعاء، وبجانب المسجد الأموي قبر القائد صلاح الدين الأيوبي، وإلى جانبه في القبة قبر عماد الدين زنكي، وقبور أخرى تزار ويتوسل بها... وفيها قبور أخرى كثيرة كقبر زيد بن ثابت، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، والراجح أنه قبر معاوية بن يزيد بن معاوية، أما قبر معاوية الصحابي فقيل إنه بحائط دمشق الذي يقال إنه قبر هود عليه السلام، وفي دمشق أيضاً قبور كثير من التابعين والقواد العظماء، ومعظم ما يقال عن هذه القبور تخرصات و تكهنات معظمها من وضع الشيعة والصوفية، وإلا فليس هناك دليل مادي يثبت قبر كل فرد بعينه [53] .
وإضافة إلى ضريح دمشق المنسوب ليحيى بن زكريا عليهما السلام فإن له مزاراً آخر في صيدا جنوب لبنان في قمة جبل يشرف على البلد والبحر، وله أيضاً مقام ثالث في الجامع الأموي بحلب؛ حيث توجد حجرة تعرف بـ (الحضرة النبوية) يقال إن بها رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام في صندوق جرن، وقيل إن بها عضواً من أعضاء نبي الله زكريا عليه السلام في صندوق مرمر [54].
وفي حلب أيضاً:(مسجد يعرف بمسجد النبي، منسوب إلى نبي يدعى كالب بن يوفنا من سبط يهوذا) [55].
ونحو الجنوب إلى معان بشرقي الأردن يوجد مزار النبي هارون، ولا يوجد عند أهل هذه الناحية مقام أشد إكراماً ولا أوفر آياتٍ منه!، كما يوجد في شرقي الأردن أيضاً مقام النبي هوشع (يوشع) على قمة جبل بالقرب من السلط، وهو مبني بحجارة قديمة يرتئي الباحثون أن أكثرها يرتقي إلى عهد الصليبيين!، كما يوجد في غربي الكرك مزار النبي نوح، وفي بادية البلقاء وموآب يوجد مقام (الخضر الأخضر) [56] .
كما يوجد ضريح آخر للخضر عليه السلام في مغارة بمعرة النعمان بشمال سورية بالشام، ويوجد بها كذلك ضريح آخر ليوشع عليه السلام، وفي معرة النعمان أيضاً يوجد ضريح شيث عليه السلام، مع أن هناك جامعاً كبيراً في الموصل يسمى بجامع النبي شيث داخله ضريح يعتقد الناس أنه مدفون فيه، ولم يكن هذا القبر معروفاً قبل القرن الحادي عشر للهجرة، حيث رأى أحد ولاة الموصل في ذلك القرن مناماً يدل على موضع القبر، فبنى الضريح [57] .
ومن المقابر المكذوبة باتفاق أهل العلم القبر المنسوب إلى هود عليه السلام بجامع دمشق، فإن هوداً لم يجئ إلى الشام [58] . وهناك قبر منسوب إليه في حضرموت، وفي حضرموت أيضاً قبر يزعم الناس أنه لصالح عليه السلام، رغم أنه مات بالحجاز، وله أيضاً عليه السلام قبر في يافا بفلسطين، التي بها كذلك مزار لأيوب عليه السلام [59] .

ويونس عليه السلام له ضريح في بلدة حلحول بفلسطين، وضريح آخر بقرية نينوى قرب الموصل بالعراق، وثالث في غار بضيعة قرب نابلس بفلسطين، وكلها يُدّعى أن فيها قبره عليه السلام [60] ، وفي نابلس أيضاً ضريح الأسباط إخوة يوسف عليه السلام، وله عليه السلام قبر في مسجد الخليل بمدينة الخليل بفلسطين، وفي المسجد نفسه ضريح إبراهيم عليه السلام، وكذا: أضرحة تنسب إلى إسحاق ويعقوب عليهما السلام [61] .
ورغم وجود مزار لداود عليه السلام في قضاء كلّز من أعمال حلب بسورية، إلا أن له مزاراً آخر في جنوب غرب صيدا بلبنان، التي في جانبها الشرقي مزار شمعون يزعم الناس أنه من أنبياء بني إسرائيل، وله نفسه مزار آخر في قضاء كلّز أيضاً، وفي صيدا أيضاً مزار (صيدون) يزعم الناس أيضاً أنه من أنبياء بني إسرائيل [62] .
وذكر الفيروزآبادي في تعريفه لبلدة قرب نابلس تسمى (عَوْرَتا): (قيل بها قبر سبعين نبياً، منهم: عزير، ويوشع) [63] .
وبعد هذا السرد إليك ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله في نسبة قبور الأنبياء، فقد حكى عن طائفة من العلماء (منهم عبد العزيز الكناني: كل هذه القبور المضافة إلى الأنبياء، لا يصح شيء منها إلا قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثبت غيره أيضاً قبر الخليل عليه السلام[64] ، ويقول أيضاً: (وأما قبور الأنبياء: فالذي اتفق عليه العلماء هو قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن قبره منقول بالتواتر، وكذلك قبر صاحبيه، وأما قبر الخليل فأكثر الناس على أن هذا المكان المعروف هو قبره... ولكن ليس في معرفة قبور الأنبياء بأعيانها فائدة شرعية، وليس حفظ ذلك من الدين) [65] .

وماذا بعد؟
-----

ولم يقف الأمر عند حد نسبة القبور زوراً إلى شخصيات لها نصيبها من الحب والاحترام لدى الناس، بل وصل الادعاء إلى اختلاق بعض هذه الشخصيات من الوهم والعدم ونسبة الأضرحة إليها، فمن ذلك: قبر في طريق بلدة (طورخال) بتركيا لصحابي أسموه (كيسك باش! (، وفي معرة النعمان ضريح لرجل يدعى (عطا الله) يزعمون أنه صحابي أيضاً [66] .
وذكر المقريزي أن في القاهرة قبراً على يسرة من خرج من باب الحديد ظاهر زويلة، يزعمون أنه لصحابي يدعى: زارع النوى! [67].
وفي مدينة الشهداء بمصر ضريح داخل مسجد منسوب إلى (شبل) بن الفضل بن العباس عم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، رغم أن المصادر العلمية تتفق على أن الفضل بن العباس -رضي الله عنه- لم ينجب إلا بنتاً واحدة اسمها (أم كلثوم) [68] .

وأخيراً:
----

فإننا ربما لا ننتهي إذا حاولنا استقصاء حقيقة القبور والأضرحة المنتشرة في
أنحاء العالم الإسلامي، والتي على فرض ثبوت صحة نسبتها فإن إقامة المساجد عليها وممارسة الأفعال التي اعتاد الناس على القيام بها حولها.. ليس من دين الله في شيء، بل يقع معظمه في دائرة المحرمات بدرجاته المختلفة، ومنها ما قد يصل إلى حد الشرك المخرج من الملة.
ولكن إذا ثبت أن ديننا ينهى عن تلك الأفعال، وثبت أن سوس الجهل والأوهام يرتع ناخراً في فسطاط الخرافة، فما الذي يدفع مرتادي الأضرحة والمعتقدين فيها إلى ولوج هذا الكيان والتمسك به؟!


------------------------------------------
(1) أخرجه الإمام أحمد، 2/367، وأبو داود، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود، ح/1769.
(2) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل 2/246، وصححه الألباني في تحذير الساجد، ص25.
(3) أخرجه مسلم في الجنائز، باب الأمر بتسوية القبور، وأبو داود والترمذي والنسائي.
(4) أخرجه مسلم في الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر، وأبو داود، ح/3226، وانظر: صحيح سنن أبي داود للألباني، ح/ 2763.
(5) أخرجه الترمذي وأبو داود والإمام أحمد، وقال أحمد محمد شاكر في تعليقه على (سنن الترمذي) 2/137: (الشواهد التي ذكرناها ترفعه إلى درجة الصحة لغيره، إن لم يكن صحيحاً بصحة إسناده هذا)، وضعف الألباني لفظ (السرج)، انظر: الضعيفة، ح/225.
(6) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج/ 27، ص466.
(7) السابق، ص 167.
(8) السابق، ص 466.
(9) السابق: ص161 162.
(10) ينتسب السامانيون إلى رجل فارسي يسمى (سامان)، كان مجوسياً واعتنق الإسلام أواخر عهد الدولة الأموية، وإسماعيل المذكور هو: إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، آلت زعامة السامانيين إليه عام 279هـ، وتوفي سنة 295هـ انظر: التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر،
ج/6، ص91، 107،.
(11) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج1، ص46.
(12) انظر: التاريخ الإسلامي، ج 6، ص149.
(13) نسبة إلى موقع الضريح عند تقاطع طريقين.
(14) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون ج1، ص46.
(15) انظر: شهر في دمشق، لعبد الله بن محمد بن خميس، ص 67.
(16) بدع الاعتقاد، لمحمد حامد الناصر، ص: 247، نقلاً عن (السيد البدوي دراسة نقدية) للدكتور عبد الله صابر.
(17) عمار علي حسن، الصوفية والسياسة في مصر، ص88.
(18) انظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، لعبد الرحمن عبد الخالق، ص: 427.
(19) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج1، ص102 103.
(20) موالد مصر المحروسة، لعرفة عبده علي، ص71.
(21) الانحرافات العقدية، ص285.
(22) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، د زكريا سليمان بيومي
ص125، والانحرافات العقدية، ص299 300، وبدع الاعتقاد ص267.
(23) انظر: الانحرافات العقدية، ص300.
(24) عرفة عبده علي، موالد مصر المحروسة، ص7.
(25) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص126.
(26) د سعاد ماهر فهمي، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج1 ص 44.
(27) الانحرافات العقدية، ص293.
(28) د زكريا سليمان بيومي، الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص127، 153.
(29) انظر: الآثار الإسلامية في مصر من الفتح العربي حتى نهاية العصر الأيوبي، مصطفى عبد الله شيحة، ص152.
(30) انظر: الانحرافات العقدية، ص289، 294، 295.
(31) انظر: مجلة (دراسات إسلامية) العدد الأول سنة 1418هـ، مقال.
(مسلمو أوزبكستان)، لعبد الرحمن محمد العسيري، ص217، 218.
(32) مجموع الفتاوى، ج27، ص451، وانظر: ص465.
(33) السابق، ص456.
(34) السابق، ص485، ص493.
(35) انظر: الانحرافات العقدية، ص288، ومجلة (لغة العرب)، ج7 السنة السابعة (1929م)، ص557- 561، ومعالم حلب الأثرية، عبد الله حجار.
(36) عبد الله بن محمد بن خميس، شهر في دمشق، ص 67.
(37) سمير شاهين، الوثنية في ثوبها الجديد، ص81.
(38) السابق.
(39) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج2، ص33.
(40) مصطفى عبد الله شيحة، مرجع سابق، ص143.
(41) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج1، ص102.
(42) عن مقال: تأملات في حقيقة أمر أولياء الله الصالحين، لحسين أحمد أمين، مجلة العربي، ع/226، رمضان 1397هـ، ص135.
(43) انظر أيضاً: مجموع الفتاوى ج27، ص493.
(44) الانحرافات العقدية، ص291.
(45) السابق، وانظر: مجموع الفتاوى، ج27، ص494.
(46) السابق، ص290.
(47) مجموع الفتاوى، ج27، ص460.
(48) الانحرافات العقدية، ص288.
(49) انظر: السابق، ص290، ومجموع الفتاوى، ج27، ص170.
(50) مجموع الفتاوى، ج27، ص494.
(51) السابق، ص492.
(52) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص159، هامش 4،
ص138.
(53) انظر: عبد الله بن محمد بن خميس، شهر في دمشق، ص 66، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج27، ص447، ص491.
(54) الانحرافات العقدية، ص278، 279.
(55) السابق، ص 284.
(56) انظر: المزارات في شرقي الأردن، بقلم الخوري بولس سلمان، مجلة المشرق،
11/11/ 1920م، ص902- 910.
(57) انظر: الانحرافات العقدية، ص282 283.
(58) انظر: مجموع الفتاوى ج27، ص491، ص484.
(59) الانحرافات العقدية، ص283، ص281.
(60) انظر: السابق، ص281، ص282.
(61) السابق، ص282، ص281.
(62) نفسه، ص281، ص280.
(63) القاموس المحيط، مادة (ع و ر).
(64) مجموع الفتاوى، ج27، ص446.
(65) السابق، ص444.
(66) انظر: الانحرافات العقدية، ص290، ص291.
(67) حسين أحمد أمين، مرجع سابق.
(68) انظر: الوثنية في ثوبها الجديد، سمير شاهين، ص82.
----------------------------------
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-15-2015, 07:28 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,036
ورقة انتشار القبور والأضرحة وعوامل استمرارها(2/2)

انتشار القبور والأضرحة وعوامل استمرارها(2/2)
ـــــــــــــــــــــــــ

(خالد بن محمد حامد)
ــــــــــ

26 / 6 / 1436 هــ
15 / 4 / 2015 م
ــــــــــ




لا تحمل الخرافة في ذاتها قوة الدفع اللازمة لاستمرار ترويجها لدى المصابين بها؛ فهي لا تصمد أمام الحقائق العقلية والشرعية في حلبة صراع الأفكار، ومع ذلك فقد استمر داء تقديس القبور والأضرحة، بل انتشر واستفحل حتى إنه يذكر عن عدد الذين يحضرون مولد البدوي أو الدسوقي في مصر مثلاً أنهم : يقدرون بالملايين من البشر[1]، فما هي العوامل التي ساعدت على هذا الانتشار والاستمرار ؟
إن المتأمل في شأن القبورية يستطيع القول : إنه لم يكن السبب في هذا الانتشار عاملاً واحداً، بل هناك عدة عوامل متشابكة عملت جميعها على ذلك الانتشار والاستمرار، نذكر منها : العوامل الدينية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية .. وإليك بيان بعض هذه العوامل :

العوامل الدينية :
-----------

فـ (فلسفة القبورية) تعد من أهم عوامل استفحال داء تقديس القبور والأضرحة، وأعني بذلك : مع تقديم مسوّغات لهذه الممارسات، ووجود الفراغ (التوحيدي) لدى القبوريين مع بقاء الدافع الفطري في (التأله) لدى البشر عموماً، كما أن القبوريين توهموا سهولة الدخول تحت طقوس القبور والأضرحة مقابل تخليهم عما عدوه صعوبة تكاليف التوحيد الخالص، فكانوا كما قال فيهم ابن قيم الجوزية نقلاً عن أبي الوفاء بن عقيل رحمهما الله : (لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم؛ إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم ... )[2] ، فإذا أضفنا إلى ذلك : ترويج مشايخ القبورية لشبهات ساقطة على أنها أدلة شرعية وحقائق دينية تسمح بهذه الطقوس لازداد تأثير هذا العامل في ترسيخ فتنة القبورية، لذلك فإننا نلمح أن انتشار هذا الداء يتناسب عكسيّاً مع تصاعد أمرين :
الأمر الأول : محاولة القضاء على الدين عموماً والعمل على قتل فطرة الإيمان بالغيبيات في القلوب، الأمر الذي يصرف هذه الفطرة إلى نوع آخر من الإيمان بنوع تأليه للمادة والعقل بدلاً من الغيب والخرافة، وهذا ما ظهر واضحاً عقب الانقلاب العلماني على الخلافة العثمانية، (ويذكر رشيد رضا لعباد القبور ما فعله ملاحدة الأتراك عندما استلموا الحكم، فقد حارب هؤلاء البدع والخرافات وعبادة القبور، وقاموا بنبش قبور بعض الأولياء، وعرضوا أمام الناس رميم عظامهم وعجزهم عن الدفاع عن أنفسهم وعن مراقدهم، بله أن ي***وا النفع أو يدفعوا الضر عن الناس)[3] .

الأمر الثاني : ملء الفراغ التوحيدي الذي شغلته الخرافة عندما تألهت القلوب للأضرحة والقبور وساكنيها، كما يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله : (من غَمَرَ قلبه بمحبة الله تعالى وذكره، وخشيته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، أغناه ذلك عن محبة غيره وخشيته والتوكل عليه)[4] ، لذا : رأينا أن انتشار هذا الداء تناقص نسبياً في الأماكن والأوقات التي نمت فيها الصحوة الإسلامية المباركة، التي أخذت على عاتقها الدعوة إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك كبيره وصغيره، والرد على شبهات أهل الزيغ، وهنا يبرز الدور الخطير سلباً وإيجاباً الذي يمكن أن يقوم به العلماء والدعاة، فعلى الرغم من جهود مشكورة لكثير من العلماء والدعاة الذين بينوا للناس حقيقة التوحيد وحذروهم من الوقوع في الشرك إلا أن القبوريين خادعوا أنفسهم ووجدوا ملاذاً لهم في بعض من ينسب إلى العلم والدين فأبوا إلا أن يُصغوا آذانهم ويفتحوا مغاليق قلوبهم لكل من ساهم بقول أو فعل في التلبيس على الناس وفتنتهم عن دينهم الحق .
وإليك إيضاحاً لبعض مواقف هؤلاء الداعين بأقوالهم أو أفعالهم إلى القبورية :
فحضور هؤلاء المشائخ لهذه الأماكن وعدم إنكارهم لما يحدث فيها، بل مشاركتهم في طقوسها في أحيان كثيرة .. فتنَ كثيراً من الدهماء . فمما يذكره الجبرتي بعد وصف المنكرات التي تحدث في أحد الموالد (مولد العفيفي) : ( .. ويجتمع لذلك أيضاً الفقهاء والعلماء ... ويقتدي بهم الأكابر من الأمراء والتجار والعامة من غير إنكار، بل ويعتقدون أن ذلك قربة وعبادة، ولو لم يكن كذلك لأنكره العلماء ... فضلاً عن كونهم يفعلونه .. )[5] .
ويقول محمد أحمد درنيقة : (وهذه الأمور كانت تجري في بيت الله ويراها ويسمعها العلماء الذين لا يفعلون شيئاً للتخلص من هذه الانحرافات، لا، بل ... ذهب بعض العلماء إلى تهنئة هذه الفئة بهذا الموسم الشريف والدعاء لهم بأن يطول بهم العمر لإحياء مثله أعواماً عديدة . يرى رشيد رضا أن هذا السكوت من قِبَل العلماء قد أوقع في ذهن العامة أن هذه الأعمال وأضرابها من مهمات الدين)[6] .
ومن المواقف المعاصرة العديدة في ذلك : أنه (قد زعم الخليفة الحالي للسيد البدوي في مولد عام 1991م : (أن السيد البدوي موجود معك أينما كنت، ولو استعنت به في شدتك وقلت : يا بدوي مدد، لأعانك وأغاثك) ! قال ذلك أمام الجموع المحتشدة بسرادق وزارة الأوقاف في القاهرة أمام العلماء والوزراء، وقد تناقلته الإذاعات وشاشات التلفاز)[7] .

ليس هذا فحسب، بل تؤلف الكتب في الدعوة إلى ذلك، ويتواطأ (العلماء) في إقرارها، فقد ذكر رشيد رضا أن أحد (المنسوبين للعلم) ألّف كتاباً يدعو فيه إلى ذلك التوجه (المنافي للحنيفية)، (وواطأه على ضلاله وإضلاله (63) عالماً أزهرياً كما ادعى، وذكر أسماءهم وإمضاءات أكثرهم بخطوطهم، وبنى على هذا أنه انعقد الإجماع؛ لأن سائر علماء الأزهر يوافقونهم فيه، وأنه يجب على جميع المسلمين اعتقاده والعمل به .. )[8] ..
والأمر تجاوز التنظير والتسويغ ليصل إلى الممارسة الفعلية كما يقوم بها أي خرافي، فهذا (أحد المشايخ الكبار في عهد إسماعيل باشا كتب شكوى ضده وأرسلها بالبريد إلى طنطا، ومنها إلى قبر السيد البدوي، حيث تقوم محكمته داخل قبره ! )[9]، (ولما وقع صراع بين الأحناف والشوافع حول مشيخة الأزهر بسبب تعيين أحد مشايخ الأحناف شيخاً للأزهر، هرع الشوافع بقيادة الشيخ محمد بن الجوهري الشافعي إلى ضريح الإمام الشافعي، ولم يزالوا فيه حتى نقضوا ما أبرمه العلماء والأمراء وردوا المشيخة إلى الشافعية ! )[10] .

وانظر إلى إنكارهم .. لأي شيء وقع ؟ ! : (فعندما صودر أولاد سعد الخادم وهم سدنة ضريح السيد البدوي هاج العلماء في الأزهر وامتنعوا عن التدريس إنكاراً لمن قام بمصادرته، ولم يعودوا إلا بعد أن طيبت خواطرهم ووعدوا بتلبية رغبتهم)[11] .
ثم انظر إلى إقرارهم .. على أي شيء وقع ؟ : (ذكر الشيخ رشيد رضا أنه كان مرة في قبة الإمام الشافعي، وكان ثَمّ جماعة من أكابر علماء الأزهر وأشهرهم، فأذن المؤذن العصر مستدبراً القبلة، فقال لهم : لِمَ لم يستقبل هذا المؤذن القبلة كما هي السنة ؟ فقال أحدهم : إنه يستقبل ضريح الإمام ! .. وذكر أيضاً أنهم لا ينكرون على من يستقبل قبر الإمام في صلاته)[12] .
ثم هم لا يسكتون على من يقوم بواجب إنكار المنكر حقيقة، بل ينكرون على من ينكر المنكر الشركي، (كما حدث حين اعترض الواعظ الرومي (التركي) في سنة 1711م ... وأبدى رأيه في اعتباره زيارة الأضرحة وإيقاد الشموع والقناديل على قبور الأولياء وتقبيل أعتابهم من قبيل الكفر، بل وطالب بهدم الأضرحة والتكايا، فثار عليه مشايخ الأزهر الصوفية وأصدروا فتوى بكرامات الأولياء وتوسطوا لدى الحاكم السياسي حتى نفاه)[13] .
فما الذي يحمل هؤلاء (العلماء) على تلك الممارسات ؟

يحملهم على ذلك ما يحمل غيرهم من دهماء القبوريين :

فهم يرون أن ذلك من شعائر الدين، حتى إن أحد علماء الأزهر كتب مقالاً يقول فيه لمنكر وجود السيدة زينب في هذا القبر ووجود رأس الحسين في القبر المنسوب إليه : (إنك (جئت تفجأ المسلمين في اعتقاداتهم المقدسة النبوية، فإنك تريد أن تطيّر البقية من دينه( [14] .
وهم يعتقدون في القبور والأضرحة وأصحابها الضر والنفع، تماماً مثلما يعتقد الدهماء والعامة من القبوريين، (ويبين رشيد رضا أن الذي دفع العلماء إلى السكوت عن هذه الأمور خوفهم من الوقوع في قضية إنكار الكرامات أو الاعتراض على الأولياء الذي يخشى معه أن يلحقوا بهم الأذى والضرر)[15] ، وليس أدل على ذلك من أنه (في أيام حكم السلطان المملوكي جقمق قيل لأحد العلماء أن يفتي بإبطال مولد البدوي لما يحدث فيه من زنا وفسق ولواط وتجارة مخدرات، وما يشيعه الصوفية من أن البدوي سيشفع لزوار مولده، فأبى هذا العالم أن يفتي، قائلاً ما معناه : إن البدوي ذو بطش شديد)[16] ..
فإذا كان هذا هو حال شريحة من العلماء المقتدى بهم، فماذا يُنتظر من العامة والدهماء ؟ .. إن الذي يعرض منهم عن السماع للعلماء الربانيين ويتخذ مثل هؤلاء قدوة وأسوة فلا بد أن يتخبط من مس الخرافة والأوهام .

العوامل النفسية :
------------

يرتبط بما سبق بعض الأسباب النفسية التي تعمل على انتشار تقديس القبور والأضرحة واستمراره، حيث يمثل (الخوف) منها الذي نتج عن الاعتقاد فيها حاجزاً لمنع هدم الأسطورة التي قامت عليها، وكذلك تمثل (المسرة والحبور) الناتجين عن الاعتقاد فيها أيضاً أحد المرغبات في استمرار هذا الكيان .
وهذا ما يذكره الأستاذ عبد المنعم الجداوي عن تجربته القبورية .. (شيء آخر أشعل في فؤادي لهباً يأكل طمأنينتي في بطء .. أن الدكتور [الذي يدعوه إلى الكفر بهذه الطقوس الوثنية] يضعني في مواجهة صريحة ضد أصحاب الأضرحة الأولياء، والخطباء على المنابر صباح مساء يعلنونها صريحة : إن الذي يؤذي ولياً فهو في حرب مع الله سبحانه وتعالى .. وأنا لا أريد أن أدخل في حرب ضد أصحاب القبور والأضرحة؛ لأنني أعوذ بالله من أن أدخل في حرب معه جل جلاله )[17] .
وعن أحد أسباب عشقهم يقول : ( ... لأني أحب أشعارهم، وأحب موسيقاهم وألحانهم التي هي مزيج من التراث الشعبي، وخليط من ألحان قديمة متنوعة ... أو ناي مصري حزين ينفرد بالأنين مع بعض أشعارهم التي تتحدث عن لقاء ****** بمحبوبه ... وكل حجتي التي أبسطها في معارضة (الدكتور) أنه وأمثاله من الذين يدعون إلى (التوحيد) لا يريدون للدين روحاً، وإنما يجردونه من الخيال ! )[18] ..
ولعل ذلك الخيال الذي كان يريد للدين أن يسبح فيه هو ما عبّر عنه بقوله : (أحياناً أخترع لهم كرامات، أو أتصورها، أو أتخيلها .. )[19] .
وهنا تلعب الإشاعات ونسج الأكاذيب دوراً مهماً في بناء العامل النفسي؛ فالصوفية دأبوا على تحذير الناس من غضب (الأولياء)، (وقد صاغوا هذه الأفكار المخيفة في صورة حكايات مرعبة حول رجال لهم سمعتهم العلمية ومكانتهم الفقهية اعترضوا على الصوفية فأذاقهم طواغيتهم من العذاب الأليم ألواناً)[20] .. وليس هذا الإرهاب النفسي مع العلماء والفقهاء فقط، (فمع أن الحكام من المماليك كانوا يسيرون في ترهات أباطيل الصوفية ويقيمون لهم الخوانق والرباطات والزوايا، فلم تخل قصص التخويف من تخويفهم، وأطلقوا على البدوي لقب : العطاب)[21] ..
فإذا كان هذا الحال هو ما يشاع بين العلماء والحكام فما بالنا بما يروج بين دهماء الناس ويؤثر على نفسيتهم المستسلمة لهذا الداء ؟ .. لننظر إلى بعض الصور : فأهالي الإسكندرية بمصر يتحدثون بكثرة عن الكرامات التي تحدث لضريح أبي الدرداء، (ويذكرون على سبيل المثال ما حدث عندما أرادت بلدية الإسكندرية سنة 1947م نقل الضريح إلى مكان آخر ... وبدأت فعلاً في تنفيذ المشروع، ولكن واحداً من العمال الذين يعملون في نقل الضريح توقفت يداه وأصيب بالشلل !، فامتنع باقي العمال عن العمل ... واضطرت البلدية أن ترضخ لاعتقاد العامة وأبقت الضريح كما هو[22]) .
ومما رصده الشيخ رشيد رضا بخصوص هذه الظاهرة أنه (شاع لدى العامة أن من تعوّد على حضور هذه الموالد أو على إنفاق شيء فيها، ثم امتنع عن قيامه بعادته تلك : لا بد أن يصاب بنكبة أو مصيبة .. )[23] .
فماذا لو تم بالفعل إبطال أحد الموالد ؟ ! .. (حدث أن السلطان جقمق أبطل مولد البدوي لما فيه من الوثنيات الموبقات والفواحش بين الرجال والنساء، وحدث لبعض المقيمين بإبطال هذا المولد ابتلاء لهم ... فمنهم من عزل من منصبه، ومنهم من أمر السلطان بنفيه، ومنهم من وضع في السجن، فأشاع الصوفية أن كل ذلك من عمل البدوي؛ لأنه غضبان عليهم)[24] فآلة الحرب النفسية الصوفية تعمل على كل حال .
وهناك بعد آخر في العامل النفسي، وهو أن أضرحة الأولياء تمثل للعامة تعويضاً وهميّاً لانتصارها أوقات الاستبداد والتسلط السياسي؛ (فالإنسان المقهور يكون بحاجة إلى قوة تحميه تجسدت في الأولياء، فهم المحامون والملاذ؛ ويتضح هذا جليّاً في كرامات الأولياء؛ فهي تشكل النقيض تماماً لوضعية الإنسان المقهور، وحيث ترسم صورة الإنسان المتفوق ضد الإنسان المهان واقعيّاً، وتجسد أماني المغلوبين في الخلاص من خلال وجود نموذج الولي صاحب الخوارق الذي يفلت من قيود الزمان والمكان، ولذا : نرى أن الجماهير المقهورة تتجمع حول أضرحة الأولياء كما يتجمع أعضاء حزب معين حول شخص زعيمهم)[25] .
النساء والعامل النفسي في استفحال داء القبور والأضرحة :
لوحظ من خلال متابعة الواقع وتتبع الوقائع أن للنساء دوراً ملحوظاً في ترويج تقديس القبور والأضرحة والمزارات، نشأةً وارتياداً :
فأم الخليفة العباسي المنتصر هي أول من أنشأ قبة في الإسلام كما مر ذكره في حلقة سابقة، ويذكر أن الخيزرانة أم هارون الرشيد هي أول من كسا الحجرة النبوية الشريفة، وصارت من بعدها سنة الملوك والسلاطين[26]، ويذكر أيضاً أنها أول من حوّل البيت الذي ولد فيه الرسول إلى مسجد [27]، كما قامت والدة السلطان العثماني عبد العزيز بترميم قبب مسجد الزبير بن العوام بالبصرة وتكبيره [28] .
ويسجل الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي الملقب عند الحنفية بالإمام الرباني ومجدد الألف الثاني ظاهرة كثرة ارتياد النساء للقبور والأضرحة في الهند فيقول : (وأكثر النساء مبتليات بهذا الاستمداد الممنوع عنه بواسطة كمال الجهل فيهن، يطلبن دفع البلية من هذه الأسماء الخالية عن المسميات، ومفتونات بأداء مراسم الشرك وأهل الشرك، خصوصاً وقت عروض مرض الجدري ... بحيث لا تكاد توجد امرأة خالية من دقائق هذا الشرك .. إلا من عصمها الله تعالى .. )[29] .
كما لوحظ أيضاً تخصيص بعض الأضرحة والمزارات بالنساء، كمزار (بنات العين) بالأردن الذي يعرف بـ (المستشفى النسائي)، وضريح الشيخة مريم التي (اشتهرت ببركتها في الشفاء من العقم)، وضريح الشيخة صباح بطنطا التي اشتهرت بالبركة ذاتها ![30] ... إلى غير ذلك من الأضرحة والمزارات الخاصة بالنساء، بينما لم يبلغ علمنا اهتمام الرجال بتخصيص أضرحة تقتصر عليهم وحدهم أو يزعمون أن لها ميزات تخصهم دون غيرهم .
ولعل ذلك راجع إلى طبيعة نفسية النساء التي تغلب عليها العاطفة والانبهار بالمظاهر، كما يتعاظم فيهن الإحساس الفطري بالضعف البشري وحاجتهن إلى قوة خفية تجبر هذا الضعف، ولعل لهذا السبب أيضاً جاء في السنة النبوية تخصيص النساء بالزجر الشديد عن أن يكن زوارات للقبور، فعن أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (لعن زوارات القبور) [31]، وورد فيهن كذلك أنهن أكثر أتباع الدجال ( ... فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه)[32] .

العوامل الاجتماعية :
-----------

حيث تمثل المسايرة الاجتماعية والمجاملات دوراً مهماً في انتشار هذا الداء وعدم الانخلاع عنه، وهذا ما يسجله الأستاذ عبد المنعم الجداوي في تجربته أثناء خروجه من الاعتقادات القبورية، وذلك عندما وجد نفسه في صراع بين ما اعتقده من خطأ هذه الاعتقادات الباطلة وما يمليه عليه الواجب الاجتماعي من ضرورة مجاملة ابنة خالته وأسرتها، بمشاركته لهم في الوفاء بنذر تقديم (القربان) إلى السيد البدوي؛ حتى يعيش ابنهم الوحيد كما يعتقدون[33] .
ويدخل في هذه العوامل أيضاً : صفة الهيبة والوجاهة الاجتماعية التي يخلعها تقديس القبور والأضرحة على سدنتها وخدمها والقائمين عليها، مما يصعب معه إلا على من رحم الله الاعتراف بخطأ الاعتقادات والممارسات التي تقام وتنسج حول هذه الأضرحة؛ الأمر الذي يعني تخليهم عن هذه المكانة التي أكسبتها لهم الأضرحة والقبور، فلقد (كان سادن الضريح سيداً مطاعاً وشخصاً مهاباً، يستمد طاعته وهيبته من الضريح الذي يقوم على سدانته ... وكانت سدانة الأضرحة وظيفة متوارثة يرثها الأبناء عن الآباء، وتنتقل في عقبهم وذراريهم، ولا ينزعها منهم إلا ظالم كما يزعمون، ولم تكن لتنزع من أسرة إلا ليعهد بها إلى أسرة أخرى)[34] .
ويدخل في هذه العوامل كذلك : التفاخر بين أهل القرى والمدن والمحلات بهذه القبور والأضرحة؛ حيث يعتبر المعتقدون فيها أن وجود ضريح وخاصة إذا كان من ذوي الشهرة والمكانة من دواعي فخرهم بين أهل البلاد الأخرى، يقول الغزي بعد أن ذكر الخلاف في دفين الجامع الأموي بحلب : (وعلى كل حال فليس يخلو الجامع من أثر شريف نبوي جدير أن تفتخر حلب بوجوده)[35] .. ومن هذا الوجه أيضاً : الاهتمام بالأضرحة باعتبارها آثاراً وتراثاً تاريخياً ينبغي عدم تضييعه، فالدكتورة سعاد ماهر ترثي وتأسف لحال ضريح (ذي النون المصري)، حيث تقول : (والضريح في مكان مهجور خرب وبحالة سيئة للغاية، ومكانه بجوار مسجد سيدي عقبة بن عامر بجبانة الإمام الليث، وإني أناشد وزارة الأوقاف أن تعيد بناء ضريح أول صوفي في مصر الإسلامية، بل ومن أبرز متصوفي الرعيل الأول في العالم الإسلامي كله)[36] .
فكيف بعد هذا كله يستمعون لمن يقول لهم : إن بقاء هذا الكيان عار على عقيدتهم ودينهم وعقولهم ؟

العوامل الاقتصادية :
--------------

ونستطيع أن نطلق عليها : المنافع المادية، وهذه المنافع ظهرت مصاحبة لهذا الداء، فمنذ القدم استعمل الشيعة القبور والأضرحة والعتبات المقدسة وسيلة للتكسب والعيش، مثل الفاتحة والقصاص، وجعلوا شعارهم لزوم المشاهد والقبور[37]، وعندما راجت هذه التجارة وازدهرت ظهر من يبتكر للناس أصنافاً من هذه الأضرحة لزيادة دخله، وهذا ما يذكره ابن تيمية رحمه الله، حيث يقول : ( .. حدثني بعض أصحابنا أنه ظهر بشاطئ الفرات رجلان، وكان أحدهما قد اتخذ قبراً تجبى إليه أموال ممن يزوره وينذر له من الضلال، فعمد الآخر إلى قبر، وزعم أنه رأى في المنام أنه قبر عبد الرحمن بن عوف، وجعل فيه من أنواع الطيب ما ظهرت له رائحة عظيمة)[38] ، واستمرت هذه البضاعة رائجة عند أهل الوهم والدجل حتى أضحى استمرار تقديس القبور والأضرحة ضماناً لاستمرار تدفق مورد رزق مهم لكثير من فئات المنتفعين بترويج هذا الداء .

ويقف على رأس هؤلاء المنتفعين : سدنة الأضرحة وخدمها والقائمون عليها، فقد مثّلت هذه الأضرحة مراكز حضرية جذابة، مما دعا الأهالي إلى (بناء مساكن حول الأضرحة، وأصبحت الأضرحة بذلك وسط المدن والقرى توحي للسكان باستمرار هذه العادات .
ومن أهم العادات التي تبعت هذه العادة : تقديم النذور والصدقات، وهو أمر أثّر في مزيد من الإقبال على العمل في هذه الأضرحة ..[39]، فصناديق النذور شكّلت وعاءً استثمارياً مهماً لمروجي الخرافة، و (مما يوضح أهمية هذا المورد بالنسبة للمجلس الصوفي وكافة الطرق التابعة له أيضا : الموقف الشديد الذي وقفوه ضد المفتي حين أصدر فتوى شرعية ببطلان النذور شرعاً، واعتبار الباب الثالث من لائحة الطرق الصوفية الذي يقر ويبيح هذه النذور مخالفاً للشرع والدين ... وهذا الأمر يدعو البعض لتفسيره بأنه دفاع عن مصالح طبقية أكثر من كونه دفاعاً عن مبادئ شرعية . ومن الموارد المهمة أيضاً : الصدقات التي كان يمنحها أصحاب الجاه والقادرون سواء أكان عطاؤها سراً أم جهراً، وسواء أكانت عينية أم نقدية .. )[40] .
ليس ذلك فحسب، بل يضاف إلى ذلك : الموارد الرسمية كالأوقاف التي كانت توقف على هذه الأضرحة وخدامها وسدنتها، والإعانات المالية والعينية التي تصرف لهم من وزارتي الأوقاف والشؤون الاجتماعية[41] ، وهكذا صار لهذه الأضرحة (ألوف من السدنة يعيشون في رغد وثراء من ورائها، وكانوا يتوارثون هذه الوظائف ... ويكفي أن تعلم أن ما كان يصل إلى ضريح الجيلاني في السنة من أموال الزائرين، يفوق ما كانت تنفقه الدولة العثمانية على الحرمين الشريفين في السنة الواحدة أضعافاً مضاعفة)[42] .
والأمر لا يقتصر فقط على الأوقاف والصدقات والنذور التي يدفعها المعتقدون في الأضرحة لدفع الضرر عن أنفسهم أو لشكر نعمة، والتي تمثل المصدر الرئيس لهذا الدخل، بل يتعداه إلى كل الطرق الموصلة إلى المال بما فيها الاحتيال على السذج المعتقدين في هذه الأضرحة، فعند تغيير كسوة الضريح وعمامة الولي يمزقون الكسوة والعمامة القديمتين إلى قصاصات صغيرة، وهنا (تظهر العملية التجارية غير الرسمية التي يقوم بها خدم المسجد، فيبيعون هذه القصاصات نظير مبالغ كبيرة)[43] ، وبالطبع يتم ذلك وسط تهافت هؤلاء المعتقدين في الأضرحة للحصول على أي بركة من (ريحة) الولي .. وربما لأجل مثل هذه النشاطات وغيرها ذكر الجبرتي عن سدنة الأضرحة أنهم أغنى الناس ![44] .
ويتحدث الدكتور زكريا سليمان بيومي عن أهمية فئة خدام الأضرحة باعتبارها مركز ثقل دعائي واقتصادي للطرق الصوفية فيقول : ( ... فئة خدام الأضرحة، التي تشكل أكبر فئة من حيث العدد والأهمية الاجتماعية والاقتصادية بالنسبة للطرق الصوفية، فهم بمثابة مراكز متناثرة في كل مصر لنثر أساليب هذه الطرق والدعوة لها، ويروجون للاعتقاد في الأولياء بكل مراتبهم، ويكثرون من ذكر كراماتهم وخوارقهم، مدفوعين إلى ذلك بدافع الانتماء للطرق من خلال عملهم، وبدافع أساسي وهو أن هذه الأضرحة تمثل مصدر معيشتهم ... وكانت هذه الأضرحة تستوعب عدداً كبيراً من الخدم، فمن الممكن أن نجد أسرة كاملة تخدم في ضريح واحد، ولم تكن هذه الوظيفة مقصورة على الفقراء والمحتاجين، بل كانت لما تدره من دخل كبير مغرية لفئات متعددة؛ فنجد مشايخ طرق كبيرة يسعون لهذه الوظيفة، بل ويفضلونها أحياناً على مشيخة الطرق .. )[45] .

فكيف يهدمون بأيديهم الكيان الذي يغلون من وراء إقامته مصدر دخلهم ورغد عيشهم ؟ لا بد أنهم سينافحون بكل ما يملكون لاستمرار هذا الكيان، إلا من رحمه الله ولفظ من قلبه حب الدنيا وشهواتها .
ومن المنتفعين باستمرار وجود كيان الأضرحة والقبور : (آلاف من الفقراء الذين يتعيشون بجوار الأضرحة ويستفيدون من الموالد، وهذا أمر واضح عياناً بياناً، لاحظه الباحث في كل الأضرحة التي زارها، وخاصة الحسين والسيدة زينب .. ) [46]، ولقد كان الفلاحون يحرصون على المشاركة في الولائم التي تقام حول الضريح، حيث (يقصدون بها استجلاب البركة)[47] .. كما أن هناك مئات الأسر التي تتعيش على استمرار الأضرحة من خلال المقاهي والمطاعم والفنادق وغيرها من الخدمات المنتشرة حول كل ضريح، إضافة إلى السيارات ووسائل المواصلات التي تغدو وتروح على حساب الزوار[48] .
ومن الموارد المهمة التي ارتبطت بتقديس القبور والأضرحة : ما يجري في الاحتفالات والموالد التي تقام لهذه الأضرحة التي (اعتبرها رجال الصوفية مواسم للإرشاد وتعليم الآداب الاجتماعية والدينية، وكمدارس شعبية للوعظ والإرشاد الديني .. ) [49]، ولكنها تحولت إلى بؤر متحركة لنشر المفاسد والانحرافات، وقد تعددت هذه الموالد وكثرت حتى إنها لم تكن تقام أحياناً (بمناسبة تاريخ وفاة صاحب الضريح أو مولده، وكان يصادف أحياناً أن تقام في مواسم الحصاد ... ونادراً ما كان يحدث مولد لشيخين في ليلة واحدة إلا إذا كانت المسافة بينهما بعيدة حيث كان مشايخ الطرق يحرصون على ترتيب هذه الموالد بحيث يتمكنون من الانتقال بينها .. )[50] ، وقد كانت ليالي الموالد تصل في بعض الأحيان إلى شهرين ونصف[51] ، يصاحبها نشاط وافر لفئام من المنشدين والمداحين والمشببين الذين يحيون هذه الموالد بشتى أنواع الاحتفالات، ومنها ما يطلقون عليه : (الذكر)، (وقد اعتاد من يحضر (الذكر) أو يمارسه أو يشاهده خصوصاً في السرادقات المقامة أمام المسجد من أن يقوم بدفع (النقوط)، وهي المبالغ التي تدفع للمنشد لتشجيعه على حسن الأداء، وهي في هذه المناسبة تعتبر تحية لولي الله نفسه، حيث يعتقد بأن هذه النقوط هدية ترد إلى مقدمها من جانب الولي صاحب المولد، سوف يردها في شكل آخر، فينعم عليه بكثير من الهبات التي تتمثل في زيادة الدخل ووفرة المحصول وسداد الديون ... ) [52]، أما النشاطات الأخرى : فـ (يبدو الجامع كتلة من الأنوار المبهرة، وتنتشر السرادقات حوله في ساحته وفي المنطقة المحيطة به، وتظل المطاعم والمقاهي تستقبل روادها طوال (24) ساعة، ومع غروب الشمس ليس هناك موطئ لقدم، ضجيج الميكروفونات يتصاعد من جميع السرادقات ... روائح البخور والعطارة والشواء تتضوع في الأجواء، شوادر الحمص والحلوى بأنواعهتا تشارك بالإعلان عن بضاعتها في الضجيج العام، باعة الشاي على الأرصفة، وباعة المسابح والطراطير الملونة ولعب الأطفال..)[53] ..
فهي أنشطة حياتية متكاملة، وهذا ما أكده علي مبارك باشا، فيقول : (وفي هذه الموالد ما لا يخفى على أحد من المزايا والمنافع، كمنفعة من يكترى منهم الدواب أو المراكب أو سكة الحديد للمضي إليه والانصراف عنه، ومنفعة من يكون فيه من الفراشين والطباخين وغيرهم من أرباب الحرف والصناع وأصحاب الدور التي تكترى والأشياء التي تشترى، ثم ما يكون فيه من سعة التجارة، فإنا نرى كثيراً من التجار في طنطا وغيرها من سائر مدن مصر يعلقون أداء ديونهم وقضاء بعض شؤونهم على هذا المولد .. )[54] .

وبالطبع : فخلف كل نشاط جمهور من المنتفعين الذين يحرصون على استمرار هذه الموالد التي تقام حول الأضرحة ضماناً لتدفق مورد رزقهم .
وأخيراً : فإن من العوامل الاقتصادية لاستمرار تقديس القبور والأضرحة : اهتمام بعض الدول بهذه الأضرحة باعتبار ما تدره الأنشطة المرتبطة بها وحصيلة صناديق نذورها والأوقاف التي توقف عليها ... أحد الموارد الاقتصادية للدولة التي بها مثل هذه الأضرحة .

----------------------------------------
(1) انظر : موالد مصر المحروسة، ص40، والأضرحة وشرك الاعتقاد، ص64، وعقيدة المسلم، لمحمد الغزالي، ص76 .
(2) إغاثة اللهفان، ج 1، ص195 .
(3) عن : السيد محمد رشيد رضا، إصلاحاته الاجتماعية والدينية، لمحمد أحمد درنيقة، ص223- 224 .
(4) إغاثة اللهفان، ج 1، ص214 .
(5) عن : هذه هي الصوفية، لعبد الرحمن ال****، ص161، وجهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية، د شمس الدين السلفي، ص1004 .
(6) السيد محمد رشيد رضا، إصلاحاته الاجتماعية والدينية، ص208 .
(7) محمد حامد الناصر، بدع الاعتقاد، ص256، عن : السيد البدوي، دراسة نقدية، وانظر : الأضرحة وشرك الاعتقاد، ص121 .
(8) مجلة المنار، ج3، م33، ص216 .
(9) الأضرحة وشرك الاعتقاد، ص116 .
(10) الانحرافات العقدية، ص352 .
(11) السابق، ص306 .
(12) السابق، ص350 .
(13) الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة، ص83 84 .
(14) مجلة المنار، ج3، م33، ص 222 .
(15) محمد أحمد درنيقة، مرجع سابق، ص 207 .
(16) د عبد الكريم دهينة، الأضرحة وشرك الاعتقاد، ص 120 .
(17) اعترافات كنت قبورياً، ص 9 10 .
(18) السابق، ص12 .
(19) السابق، ص 8 .
(20) د عبد الكريم دهينة، الأضرحة وشرك الاعتقاد، ص125 .
(21) السابق، 127 .
(22) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، د سعاد ماهر فهمي، ج2، ص 33 .
(23) محمد أحمد درنيقة، مصدر سابق، ص211 .
(24) الأضرحة وشرك الاعتقاد، ص127 .
(25) د مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكيولوجية الإنسان المقهور، ص149- 150، انظر : الصوفية والسياسة، ص180 .
(26) انظر : الانحرافات العقدية، ص275 .
(27) انظر : مقال (تأملات في حقيقة أمر أولياء الله الصالحين)، ص134 135 .
(28) انظر : الانحرافات العقدية، 292 .
(29) عن : جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية، د شمس الدين السلفي الأفغاني، ص452، ولزيادة توضيح مثل هذه الأحوال، انظر : الانحرافات العقدية، ص311، ومقال (مسلمو أوزبكستان)، مجلة (دراسات إسلامية)، ع/1، ص 218، ومقال (تأملات في حقيقة أولياء الله الصالحين)، مجلة العربي، ع/226، ص135 .
(30) انظر : المزارات في شرقي الأردن، ص907، وموالد مصر المحروسة، ص53، والانحرافات العقدية، ص336 .
(31) أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والبيهقي، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح، وهكذا حكم الألباني على الحديث، انظر : مشكاة المصابيح، ح/ 1770، وصحيح سنن ابن ماجه، ح/1281 .
(32) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل، 2/67، وابن ماجه، وهو صحيح لغيره، انظر : الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، لمصطفى العدوي، ص497 .
(33) انظر : اعترافات كنت قبورياً، ص 20 .
(34) الانحرافات العقدية، ص 306 .
(35) السابق، ص 280 .
(36) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج 1، ص 134 .
(37) انظر : الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، لعبد الرحمن عبد الخالق، ص 427 .
(38) مجموع الفتاوى، ج 27، ص 459 .
(39) د زكريا سليمان بيومي، الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة، ص 129 .
(40) السابق، ص 104 105 .
(41) انظر : السابق، ص 99 102 .
(42) محمد حامد الناصر، بدع الاعتقاد، ص 267 .
(43) هيام فتحي دربك، مقال (موالد الأولياء في مصر)، المجلة العربية، ع/131، ص 43، 44.
(44) انظر : الانحرافات العقدية، ص 309 .
(45) الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة، ص 126، 127 .
(46) عمار علي حسن، الصوفية والسياسة في مصر، ص 110 .
(47) السابق، ص 129 .
(48) انظر : شهر في دمشق، لعبد الله بن محمد الخميس، ص 67 .
(49) الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة، ص 130 .
(50) السابق، ص 106 .
(51) انظر : السابق .
(52) هيام فتحي دربك، مصدر سابق، ص 44 .
(53) موالد مصر المحروسة، ص50، وانظر : ص 51 55 .
(54) عن : (السيد البدوي ودولة الدراويش في مصر)، لمحمد فهمي عبد اللطيف، ص 127 .
---------------------------------------------------
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيراني, النظام, الكبرى!, والتقيّة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع النظام الإيراني والتقيّة الكبرى!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مترجم: خطة غزة الكبرى Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 10-30-2014 09:28 AM
الجائزة الكبرى جاسم داود الملتقى العام 0 11-10-2013 03:44 PM
تجربة المناخ الكبرى Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 06-26-2013 09:51 AM
النظام الإيراني يتسلل عن طريق الاقتصاد لمصر تراتيل أخبار عربية وعالمية 0 03-01-2012 10:54 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59