#1  
قديم 01-15-2014, 09:27 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة القرآن الكريم عند المستشرقين في ضوء علم نقد الكتاب المقدس


القرآن الكريم عند المستشرقين في ضوء علم نقد الكتاب المقدس*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

14 / 3 / 1435 هــ
15 / 1 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

http://taseel.com/UploadedData/Pubs/Photos/_3013.jpg




دراسة : القرآن الكريم عند المستشرقين في ضوء علم نقد الكتاب المقدس


الدكتور محمد خليفة حسن


ــــــــــــ


اهتم المستشرقون كثيرا بدور القرآن الكريم في حياة المسلمين وبمدى تأثيره في بناء الحضارة الإسلامية وفي التربية والسلوك الإسلامي , ولهذا نالت ترجمات معاني القرآن الكريم الجانب الأكبر من اهتماماتهم .


وظهرت لديهم عدة اتجاهات لدراسة القران الكريم وفق عدة مداخل مثل دراسته في ضوء علم نقد الكتاب المقدس ودراسته في ضوء المنهج التنصيري وفي ضوء المنهج المقارن .


وانصب اهتمام الباحث على الاتجاه الأول في هذه الدراسة من خلال الناحية الوصفية والمسحية لأعمال المستشرقين وخاصة دراسة موسوعة نجيب العقيقي " لمستشرقون " باعتبارها أشمل وأكبر عمل موسوعي عربي في أعمال المستشرقين .


فبدأ الكاتب في ذكر اتجاه المستشرقين لدراسة القرآن الكريم في ضوء علم نقد الكتاب المقدس وأكد بداية على أن المستشرقين قد تأثروا في دراستهم بالمناخ العلمي والفكري الغربي وكذلك بمنهجية البحث العلمي السائدة في الغرب.


ونتج عن هذا التأثر ظهور ما سمي " الظاهرة الدينية " , واستعاروا المنهج الذي طبق في دراستهم للنصوص الدينية المقدسة لدى اليهود والنصارى الذي سمى منذ القرن الثامن عشر الميلادي بعلم " نقد الكتاب المقدس" وطبقوه على القرآن الكريم رغم صعوبته الشديدة.


1- المستشرق يوليوس فلهاوزن


كان من أوائل من تخصص في هذا العلم الجديد الذي سمي بعلم " نقد القرآن الكريم " المستشرق يوليوس فلهاوزن الذي يعتبر المؤسس له وهو المستشرق نفسه الذي أسس نظرية " تعدد مصادر التوراة".


واعتقد فلهاوزن بفكرة النشوء والارتقاء التي بدأها دارون على المستوى البيولوجي للإنسان , فاعتنقها فكرة أساسية في الفكر الديني والتاريخي فأخضع الدين والتاريخ لعوامل النشوء والتطور نتيجة تغير الحياة وتطورها.


فطور فلهاوزن النظرية إلى أن فصل بين المؤسس وبين ما قام بتأسيسه , ففصل بين النبي والديانة التي جاء بها , فطيقها بداية على الفصل بين موسى عليه السلام والديانة اليهودية وفصل بين عيسى عليه السلام والديانة النصرانية دون إن يعترضه احد فقام بتطبيق نفس الأفكار على الإسلام وحاول الفصل بين النبي محمد عليه الصلاة والسلام والإسلام.


وهنا يتجلى الخطأ المنهجي لفلهاوزن حيث عمم منهجيته ونظريته على الإسلام , لكونه بناهما على فهم تاريخي لتشابه خاطئ لليهودية والنصرانية مع الإسلام , , فتاريخ موسى منفصل عن اليهودية الحالية ، وتاريخ عيسى منفصل عن النصرانية الحالية , لكن تاريخ محمد صلى الله عليه وسلم متصل بالإسلام غير مفصول.


وتبعه عدد من المستشرقين الذين بدأوا في موضوعات متتالية بالبحث فيما سُمى بتاريخ النص والنقد النصي والنقد المصدري المعتمد على نظرية فلهاوزن في تعدد المصادر وكذلك عدد المسائل المرتبطة بالبنية الأدبية للنص من حيث وحدة البنية أو تعددها للانطلاق منها إلى إثبات ما سكن واستقر في أعماقهم من فكرة تعدد المؤلفين للقران الكريم.


وكان من أهم المستشرقين الذين شكلوا عقلية فلهاوزن المستشرق الألماني هـ. إيفالد الذي يعتبر الأستاذ الحقيقي لفلهاوزن , وكذلك المستشرق الفرنسي أنطوان سلفستر دي ساسي الذي أرسى مبدأ الانفصال عن اللاهوت أي انفصال المنهج العلمي عن اللاهوت.


2 - تيودور نولدكه


وتأثر أيضا فلهاوزن بالمستشرق تيودور نولدكه الذي تعلم على يديه اللغات السامية والفارسية والتركية والسنسكريتية في جامعة جوتنجن .


وكان لنولدكه نظريته الخاصة في القران الكريم إذ يرى أن القرآن كنص له تاريخ له وله نشأة وتطور وبالتالي يحكم عليه ليس وحيا بل هو عمل بشري متعدد المصادر وبالتالي انعكس ذلك على العقيدة والشريعة .


ثم اتجه الباحث لنقد منهج مدرسة نولدكه , فذكر أن نولدكه وما شابهه وقعوا في عدة أخطاء منهجية منها :


- خطأ التعميم بالاعتقاد الجازم بأن ما ينطبق على اليهودية والنصرانية ينطبق بالضرورة على الإسلام.


- الخلط الدائم بين خطأ التعميم وخطأ الإسقاط فالقرآن الكريم ليس له تاريخ وليس هناك في حالة القرآن الكريم ما يمكن أن نُسميه بتاريخ النص القرآني وزمن الوحي القرآني لا يصلح أن يكوِّن تاريخا , فزمن الوحي لم يتجاوز الثلاثة والعشرين عاما وهي فترة نزول الوحي بينما النص التوراتي يقترب من ثمانمائة عاما , ولهذا لا توجد فترة زمنية فاصلة بين زمن نزول الوحي وحفظه وتدوينه في القران الكريم كما حدث مع التوراة , وبالنسبة للنصرانية حدث معها نفس الشئ فأدى دراسة تاريخ النص إلى ظهور عدة نصرانيات تطورت تباعا , مثل ديانة عيسى عليه السلام والنصرانية اليهودية ونصرانية الأناجيل المختلفة ونصرانية بولس ونصرانيات المذاهب الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية.


3- إجناس جولدتسيهر


المستشرق اليهودي المجري إجناس جولدتسيهر الذي يعتبر أهم عالم مستشرق ظهر في الغرب خلال القرون الثلاثة الأخيرة وهو صاحب الادعاء الشهير الذي يبني عليه معظم المستشرقين دراساتهم عن القران خاصة وعن الإسلام عامة بأنه " لا يوجد نص موحد للقرآن الكريم " اعتمادا على فهمه الخاطئ لقضية تعدد القراءات.


وجولدتسيهر هو أول مستشرق أوروبي يدرس في جامعة الأزهر وهو من مؤسسي دائرة المعارف الإسلامية وكان عضواً في عدد كبير من المجامع العلمية.


وكانت الخديعة الكبرى في اعتراف جولدتسيهر بأفضلية الإسلام على اليهودية والنصرانية فيما يتعلق بالموقف من التوحيد , فقال في مذكراته: " إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي منع الشعوذة والعناصر الوثنية عن طريق التعاليم السنية وليس من خلال العقلانية. لقد اتجه أسلوب تفكيري نحو الإسلام، وكذلك تعاطفي معه... ولم أكذب حين قلت أنني أؤمن ببعثة محمد النبوية... إن ديني كان الدين العالمي للأنبياء " , وبذلك احتلت كتاباته قيمة كبرى عند الغرب وعند المسلمين.


فبدأ هو أيضا في نقد القران الكريم والسنة والمطهرة والفقه الإسلامي وفق المنهج النقدي التاريخي مما أدى به إلى طرح أفكار عدة على الناس منها : أن الشريعة الإسلامية مأخوذة عن الشرائع اليهودية والنصرانية والرومانية , وأن الحضارة الإسلامية تعود إلى أصول يونانية وهندية وفارسية ويهودية ونصرانية.


وبنفس الخطأ الذي وقع فيه سابقه وهو خطأ التعميم وقع أيضا فيه جولدتسيهر وهو خطأ منهجي مقصود فالدارس المبتدئ يعلم كم الفروق بين الديانات فهناك فرق واضح بين الديانة الإسلامية وبين اليهودية أو النصرانية اللتين بين يدي اليهود والنصارى اليوم.


والخطأ الثاني أن المنهج النقدي التاريخي يصلح لما هو تاريخي ولا يصلح لما هو غير تاريخي , فقد يصلح للديانتين اليهودية والنصرانية لكنه لا يصلح مع الإسلام لان الإسلام لم يكن دينا تاريخيا.


فالإسلام إلهي النشأة وإلهي المصدر , وُلد كاملا و اكتمل بتمام الوحي الإلهي ، وعمر الإسلام هو عمر الوحي الإلهي الذي لم يتجاوز ثلاثة وعشرين عاما , وقيل في نهايتها " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا " , ولم يحدث فيه تطور عقائدي أو بأصل تشريعي مخالف بعد فترة الوحي فكيف ينطبق عليه المنهج التاريخي ؟ .


ثم ذكر الكاتب أهم تلاميذ نولدكه وفلهاوزن وجولدتسيهر في الدراسات القرآنية , فذكر منهم:


- هرتويج هيرشفيلد - ومن أهم أعماله الدراسات اليهودية الإسلامية (مجلة الفصول اليهودية.


- س فرانكيل - كان موضوع رسالته للدكتوراه: الكلمات الأجنبية في القرآن


- إد مالير أستاذ للغة العربية في بودابست واختير كعضو في المجمع العلمي العربي بدمشق , ومن أهم أعماله في مجال القرآن الكريم: "دليل القرآن" وقد جمع فيه مفردات القرآن وأفعاله، وحروف الجر والعطف.


- فردريك شفالي له دراسة عن القرآن نشرت في مجلد تكريم المستشرق زاخاو 1915.


- كارل بروكلمان له عدة كتب في الإسلام , منها : تاريخ الإسلام من بدئه إلى اليوم وكتاب: الله والأوثان: أصل التوحيد الإسلامي وله أيضا : تاريخ الشعوب والدول الإسلامية.


وبعد استعراض أسماء المستشرقين السابقين واللاحقين خرج الباحث بعدة نتائج أهمها :


- قلة عدد وضعف الدراسات القرآنية عند المستشرقين.


- تركز اهتمامات المستشرقين بقراءة ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية المختلفة في حين أن عددا كبيرا منهم لم يقرأ القرآن الكريم ذاته بنصه العربي.


- أغلب الدراسات القرآنية عند المستشرقين اتخذت شكل المقالات القصيرة في دوائر المعارف الاستشراقية ودوائر المعارف العامة.


- عدم وفرة المداخل الاستشراقية إلى القرآن الكريم لتكون شبيهة بالمداخل التي خصصت للعهد القديم وللعهد الجديد.


- غياب التفاسير الاستشراقية للقرآن الكريم إلا في حالة ارتباط التفسير بإحدى ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية.


- اهتمام المستشرقين عامة بالقراءة المذهبية وبالتفاسير غير السنية للقرآن. الكريم. وخاصة التفاسير الشيعية والاعتزالية واعتمادها كتفسير وحيد للقران الكريم.


- غلبة الاتجاه النقدي على الدراسات القرآنية عند المستشرقين فلم يكن هدفا لديهم فهم القرآن الكريم.


- ندرة الدراسات الاستشراقية المعجمية للقرآن الكريم فيما عدا بعض المعاجم الملحقة ببعض ترجمات معاني القرآن الكريم.


جزى الله صاحب البحث خير الجزاء على بحثه القيم المتخصص وجعله الله في صالح موازينه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المستشرقين, المقدس, القرآن, الكتاب, الكريم, عمل, عند, نقد, ضوء


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع القرآن الكريم عند المستشرقين في ضوء علم نقد الكتاب المقدس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأم في القرآن الكريم ام زهرة شذرات إسلامية 0 10-08-2013 12:57 PM
ما هو القرآن الكريم ؟ جاسم داود شذرات إسلامية 0 09-19-2013 03:57 PM
حفظ القرآن الكريم أهميته ومعواقاته ام زهرة شذرات إسلامية 0 05-21-2013 05:26 PM
أسماء القرآن الكريم يقيني بالله يقيني شذرات إسلامية 0 01-27-2012 09:57 PM
الجمال في القرآن الكريم عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 1 01-17-2012 06:30 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59