#1  
قديم 06-06-2013, 11:37 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين مصر والحجاز


حمل المرجع من المرفقات





خلال الفترة 1908- 1925
تاريخ تسلم البحث: 5/11/2003م تاريخ قبوله للنشر: 26/9/2004م

نضال داود المومني*


ملخص
وضحت الدراسة طبيعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين مصر والحجاز وأثر التحولات السياسية في كلا البلدين عليها؛ خاصة الثورة العربية التي أعلنها الشريف حسين في 10 حزيران 1916 وقيام المملكة العربية الهاشمية في الحجاز (1916- 1925). هذا إلى جانب دور بريطانيا في التأثير على مجمل العلاقات المصرية الحجازية خاصة بعد اعلان حمايتها على مصر سنة 1914. واعتمدت الدراسة على وثائق متنوعة غير منشورة، جاء في مقدمتها محفوظات دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة، إضافة إلى عدد من الصحف العربية والوثائق البريطانية.
Abstract

The study clarifies the nature of economic and social relations, between Egypt and Al-Hijaz, and how they were affected by political changes in both countries, especially the Arab Revolt declared by sherif Hussien on June 10, 1916, followed by the establishment of the Arab Hashemite Kingdom in Hijaz (1916-1925). The study also discusses the role of Great Britiain affecting their relations between Egypt and Hijaz, especially after 1914 where Egypt became protectorate of great Britain. The study relied on several unpublished documents, mainly the archive of “National Library and Archives of Egypt” in Cairo, besides several British documents, and Arabic Newspapers.



المقدمة:
نشأت بين مصر والحجاز علاقات تاريخية سياسية واقتصادية ودينية متنوعة، واستمر الأشراف يحكمون الحجاز خلال العهد العثماني حتى استولى النجديون علىالحجاز في النصف الأول من القرن التاسع عشر؛ فعهد السلطان محمود الثاني إلى محمـد





[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]



*
المملكة الأردنية الهاشمية.
علي والي مصر بإخراجهم منه. ولم يكن وصول حملات مصرية إلى الجزيرة العربية أمراً جديداً. ورغم تمكن الجيش المصري من إخراج النجديين من الحجاز، فقد أُجبر على مغادرة الحجاز بموجب معاهدة لندن سنة 1840؛ لكن ذلك لم يؤد إلى توقف العلاقات المصرية الحجازية المتنوعة.
وساعد في استمرارية العلاقات المصرية الحجازية - بعد خروج الجيش المصري من الحجاز- إضافة إلى الموقع الجغرافي، العلاقات المتميزة التي جمعت بين العائلة العلوية في مصر وأشراف مكة من ذوي عون التي أرسى دعائمها محمد علي باشا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، إضافة إلى تأسيسه التكيتين المصريتين في مكة والمدينة. إلى جانب استمرار مظاهر العلاقات المصرية الحجازية والتي تمثلت في المحمل المصري والمساعدات التي يحملها إلى أهالي الحجاز.
وخضعت سواحل الحجاز إلى الإدارة المصرية خلال القرن التاسع عشر، حيث تواجدت حاميات مصرية في الوجه ومويلح وضبا والعقبة؛ ولما أُعيدت تلك البلاد إلى الدولة العثمانية (ولاية الحجاز) سنة 1892؛ فقد سمح للراغبين من المصريين بالبقاء فيها، وشكلوا غالبية في بعضها.
تأثرت العلاقات المصرية الحجازية خلال الربع الأول من القرن العشرين بالعلاقات المصرية العثمانية من جهة والمصرية البريطانية من جهة أخرى، في ضوء التحولات السياسية التي مرّت بها كل من مصر والحجاز، خاصة مع بداية الحرب العالمية الأولى واعلان الحماية البريطانية على مصر سنة 1914، وبالتالي فصل مصر رسمياً ونهائياً عن الدولة العثمانية، واستئثار بريطانيا بعلاقات مصر الخارجية. بينما استمرت الحجاز ولاية عثمانية حتى أعلن الشريف حسين الثورة العربية في 10 حزيران سنة 1916، بمساعدة بريطانيا، وخضعت العلاقات المصرية بالدولة الحجازية بعد ذلك لتوجهات السياسة البريطانية بحكم علاقاتها بكلا البلدين.
رغم تأثر العلاقات المصرية الحجازية عامة بطبيعة العلاقات السياسية بين مصر والدولة الحجازية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ودور النفوذ البريطاني في ذلك كله، إلا أن العلاقات الاقتصادية والاجتماعية استمرت مظهراً رئيساً لخصوصية علاقاتهما الثنائية، واستمرت مظاهرها الدينية محفزاً لها.
ولبيان تطور العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين مصر والحجاز، تبعاً لتطور الحجاز السياسي والأوضاع الداخلية في مصر؛ يمكن دراسة ذلك على مرحلتين، باعتبار إعلان الثورة العربية وقيام المملكة العربية الهاشمية في الحجاز سنة 1916، النقطة الفاصلة بينهما.
أ- في عهد الدولة العثمانية 1908-1916:
استمرت الحجاز ولايـة عثمانيـة حتى أعلن الشريف حسين الثورة العربية في 10 حزيران سنة 1916، بمساعدة بريطانيا، التي أعلنت حمايتها على مصر إثر اعلان الحرب العالمية الأولى سنة 1914. وإذا كانت العلاقات المصرية الحجازية تحت الرعاية العثمانية حتى سنة 1914، إثر دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب المانيا ضد بريطانيا؛ فقد أصبحت بعد ذلك تحت تأثير النفوذ البريطاني في ضوء تحكم بريطانيا بمقدرات مصر وعلاقاتها الخارجية.
ورغم تصنيف خصوصية العلاقة بين أشراف مكة ومصر ضمن الدوافع السياسية، إلاّ أنها ساهمت بتعميق العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة مع امتلاك الأشراف لكثير من العقارات والأراضي الزراعية في مصر، إضافة إلى الوقف الذري الذي منحه محمد علي باشا إلى الشريف محمد بن عون.
اعتادت مصر على إرسال مساعدات سنوية متنوعة (عينية ونقدية) إلى الحجاز، وكانت على نوعين؛ المخصصات الرسمية، وأوقاف الحرمين. وسميت المخصصات الرسمية في ميزانيات الحكومة المصرية بـ"مرتبات مكة والمدينة"، وقدرت قيمتها سنوياً خلال الفترة (1908-1913)، بحوالي خمسة وخمسين ألف جنيه، فقد بلغت لسنة 1908م، (59190) جنيهاً، ولسنة 1912م، (55097) جنيها. واشتملت على تكلفة الكسوة الشريفة، وثمن (20235) أردباً قمحاً لأهالي ومجاوري وفقراء مكة والمدينة، وتكلفة الزيوت والشموع والحصر المقدمة للحرمين الشريفين. إضافة إلى مرتبات العربان والأشراف ومجاوري وأهالي مكة والمدينة. كما التزمت مصر بدفع مرتب كل من قاضي مكة وقاضي المدينة، والبالغة سنوياً (395) جنيهاً([i]).
وقدرت "مرتبات مكة والمدينة" لسنة 1914م، بمبلغ (53360) جنيهاً، وصل الحجاز منها (14246) جنيهاً؛ بما فيها تكلفة الكسوة. بينما أرسلت المرتبات كاملة إلى الحجاز لسنة 1915م، وبلغت قيمتها (53766) جنيهاً([ii])؛ فقد تأثر إرسال المرتبات بالعلاقات السياسية التي أفرزها إعلان الحرب العالمية الأولى، خاصة إثر إعلان الحماية البريطانية على مصر وحالة الحرب بين بريطانيا والدولة العثمانية. وكذلك توجه بريطانيا نحو كسب عرب الحجاز وشريف مكة الحسين بن علي.
توزعت إدارة أوقاف الحرمين في مصر قبل الحرب العالمية الأولى بين الديوان الخديوي وديوان عموم الأوقاف، وتولى الأخير إدارة تكيتي مكة والمدينة والانفاق عليهما، وبلغت نفقاتهما لسنة 1910م، (10217) جنيهاً، كان منها (1917) جنيهاً رواتب العاملين فيهما. وأضيف إلى ذلك مساعدات لفقراء مكة والمدينة والمساهمة في مشاريع خيرية خاصة في مجالات الصحة والمياه والتعليم. وكان من مصروفات أوقاف الحرمين التي أدارها الديوان الخديوي، لسنة 1910م، مبلغ (811) جنيهاً على البعثة الطبية المصرية في الحجاز، إضافة إلى ألفي جنيه لإصلاح عين زبيدة، وخمسمائة جنيه للمساعدة في إنشاء مدرسة في مكة عزم الشريف حسين على تأسيسها([iii]).
أدت المساعدات المصرية السنوية المصاحبة للمحمل المصري، إضافة إلى العامل الديني بشكل عام، وحضور المصريين سنوياً إلى الحجاز لأداء فريضة الحج؛ إلى تنشيط العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين مصر والحجاز. خاصة وقد استفاد من المساعدات المصرية أهالي الحجاز على اختلاف فئاتهم الاجتماعية، وكذلك مجاوري الحرمين على اختلاف أجناسهم ومنهم المصريين، الذين سهل عليهم طلب المساعدة من دولتهم. هذا إلى جانب إقامة كثير من المصريين في الحجاز بشكل دائم أو شبه دائم مثل موظفي التكايا المصرية.


حركة المواصلات ونقل الحجاج:
مثلت حركة النقل والمواصلات بين مصر والحجاز وسيلة دائمة لتسهيل العلاقات بين الجانبين. وكان لشركة البواخر الخديوية ذات الملكية البريطانية- رحلات اسبوعية بين السويس وجدة، ونصف شهرية تمر فيها على الطور والوجه وينبع وجدة([iv]). وشجعت هذه الشركة من خلال اعلاناتها في الصحف المصرية المصريين على السفر إلى الحجاز لأداء الحج، خاصة بعد اعلان الدستور في البلاد العثمانية، فقرنت ذلك بانتشار الأمن في الحجاز وانخفاض أجور الجمال والمطوفين. وكانت الشركة تضاعف رحلاتها إلى سواحل الحجاز بعد شهر رمضان وحتى انقضاء موسم الحج من كل سنة([v]). وتابعت الصحف المصرية حركة السفن بين مصر والحجاز، وما قد يعترضها من مصاعب عند وصولها إلى الحجاز، فلما تعرض ركاب الباخرة الرحمانية لسرقة متاعهم من قبل بعض اللصوص في ميناء جدة خلال شهر تشرين ثاني 1909، حمّلت الأهرام الشركة الخديوية المسؤولية([vi]).
واعتبرت تلك الشركة الأولى في نقل الحجاج بين مصر والحجاز، إلاّ أنه ظهر في سنة 1913، بعض الشركات المنافسة؛ مثل شركة "بواخر اللويد النمساوية"، التي أعلنت للمصريين عن تسيير رحلاتها من الموانئ المصرية إلى الحجاز وخاصة المدينة المنورة عن طريق سوريا، بالاتفاق مع مصلحة سكة الحديد الحجازية. وأعلنت عن وكلائها في مدن مصر الرئيسة وهي: القاهرة الاسكندرية وبورسعيد والسويس([vii]).
مارست الشركة الخديوية احتكار نقل الحجاج المصريين وأحياناً الأجانب من السويس إلى جدة، يتضح ذلك من خلال البرقيات التي رفعها محمد السعيدي (عثماني) إلى الخديوي في تشرين ثاني وكانون أول سنة 1910، إذ ذكر فيها أنه يملك باخرة اسمها "التوفيقية" أحضرها إلى السويس لنقل الحجاج إلى جدة، نظراً لمعاناتهم في انتظار بواخر الشركة الخديوية. ولما كانت باخرته مستوفية الشروط الصحية وأجرتها مناسبة، فقد حاولت الشركة الخديوية، مطاردته، والتضييق عليه، لتمارس احتكارها لنقل الحجاج الأجانب، بينما أخرّت المصريين المقدر عددهم بأربعة آلاف حاج، لأنهم مجبورين على انتظار بواخرها بموجب تذاكرهم-، كما خفضت أجرة نقل الحجاج من غير المصريين للاضرار بصاحب التوفيقية([viii]). واتضح نفوذ الشركة الخديوية في مصر، حينما أبلغت الداخلية المصرية بوساطة الديوان الخديوي الصدارة في شباط سنة 1911، أن الباخرة التوفيقية غير مستكملة الشروط الصحية حسب لائحة نقل الحجاج المصريين، فأجابت الصدارة في 9 آذار بأنه صدرت الأوامر من نظارة البحرية العثمانية إلى مأموري صحة ينبع وجدة، لإجراء ما يلزم تجاه تلك الباخرة([ix]).
وطالما تعرض الحجاج المارون بمصر والذين يحملون تذاكر سفر عثمانية لمضايقات أثناء مرورهم بالسويس قاصدين جدة، وكانت مثل هذه الأمور تبحث بين الصدارة والحكومة المصرية([x])، أسوة بالمسائل المتعلقة بالحجر الصحي على الحجاج سواء في مصر أو الحجاز([xi])، والتي تتداخل مع حركة النقل والمواصلات عامة.
وبحثت المالية المصرية في شباط سنة 1913، مع الصدارة مسألة نقل المحمل المصري بالسكة الحجازيـة، وإعفائه من الرسم الصحي العثماني، فـردت الصدارة في 12 نيسان، أنه لم يتحصـل من المحمل المصري في تبـوك رسم صحي لسنة 1328 مالية/1330ه-1913م، من أي المأمورين والمستخدمين في المحمل، إنما تحصل من ثلاثة عشر حاجاً مصرياً كانوا برفقته. أما بخصوص مبلغ الأربعين جنيهاً مصرياً الذي تحصل من المحمل برسم مصلحة سكة حديد الحجاز والذي تقدر تحصيله اعتباراً من تلك السنة، هو عبارة عن عشرة قروش من كل شخص، وتقرر عدم تحصيله مستقبلاً من رجال العسكرية لغاية رتبة البكباشي، كما أنه نظراً لعدم جواز وضع أشياء أخرى مع خزينة المحمل (الجيب خانة) زيادة عن المقرر داخل العربة حسب النظام، تحصل نصف أجرة على عربة كاملة، وأجرة كاملة على المستخدمين الملكيين وعفشهم، ونصفها على العسكريين ولوازمهم. أما المحمل فله التسهيلات كافة. إذ تتبع الإجراءات نفسها مع المحمل الشامي([xii]).
العلاقات التجارية:
كانت صادرات الحجاز الرئيسية هي: الجلود والماعز والجمال والصوف والصمغ وصدف اللؤلؤ. أما وارداتها فهي: الحبوب والقهوة والسكر والشاي والطحين والتبغ والبهارات والخشب والسجاد والفخاريات والأواني المعدنية([xiii])، وتمثلت صادراتها من الشمال إلى مصر في الإبل والأغنام والسمن عن طريق العقبة فنخل فالاسماعيلية أو السويس([xiv]). ومثل الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء القريب من العقبة عند مرسى الشرم (Sherm) شرم الشيخ حالياً- مركز لتجمع القوارب الكبيرة لإنزال قطعان الاغنام والجمال القادمة من الحجاز إلى مصر. وجرت محاولة ل*** المحار من ساحل العقبة، حيث يكثر ويقل استعماله، إلى القاهرة حيث ندرته وارتفاع سعره؛ لكن التكاليف المرتفعة للمشروع أحبطته([xv]).
وتمثلت واردات الحجاز من مصر في: "السكر والفول والعدس والأرز الرشيدي والحصر وفي بعض السنين القمح والشعير"([xvi]) واستوردت الحجاز أغلب حنطتها من البصرة لانخفاض أجور نقلها، مقارنة بمصر، إذ اعتبر أحد العوامل المعيقة لاستيرادها من مصر([xvii]).
اعتمدت تجارة الحجاز ومدنه الرئيسة على ما يأتيها من الخارج كالبصرة والهند ومصر. واستعملت في الحجاز مختلف العملات النقدية، وإن كان أكثرها استعمالاً النقود العثمانية الرسمية- أما غيرها فيكثر التعامل بها وقت الحج([xviii]). وكانت جدة المركز التجاري الأول للحجاز، باعتبارها ميناء مكة، وأكثر موانئ البحر الأحمر أهمية، وعمل سكانها بالتجارة المنتظمة في الظروف العادية مع سواحل الجزيرة العربية الأخرى، وتراجعت مع المناطق الأخرى -ومنها مصر وذلك للحصول على سلع إضافية؛ ولما كان غالبية الحجاج يصلون الحجاز بحراً، فقد استعادت جدة نشاطها نسبياً قبل الحرب العالمية الأولى، بسبب ارتفاع عدد الحجاج. وكانت تمر بجدة بواخر العديد من الشركات الأجنبية والعثمانية، أما أغلب السفن الشراعية التجارية فكانت عثمانية([xix]).
وصف البتنوني مدينة جدة سنة 1910، بأنها أكبر ثغر في بلاد العرب، وفيها لمحمد علي باشا آثار كثيرة منها دار البلدية وثكنات العساكر؛ وأضاف: "وفيها كندانسة مكثف- لبعض الفرنجة لتكرير مياه البحر وبيعها للناس، أُرسلت بعض قطعها للسويس لإصلاحها هناك"([xx]). وقال في مكان آخر: "جدة مركز تجاري كبير إنها الثغر العمومي للحجاز؛ فمنها صادراته وإليها وارداته ...، وتجارتها الرئيسة في الحبوب خصوصاً القمح والدقيق اللذين عليهما مدار حياة أهل البلاد العربية ...، وهي تأتيها من الهند ومصر والشام"([xxi]).
وكانت أكثر تجارة المدينة المنورة بالحبوب التي تأتي من مصر والشام، والثياب القطنية التي تأتيها من مصر، وكذلك النحاس، وأكثر تجار الحبوب والتمر الذي اشتهرت به المدينة من المصريين([xxii]). وكانت أغلب تجارة ميناء الوجه الحجازي مع السويس، ومنها يقوم كل خمسة عشر يوماً البريد على إحدى مراكب الشركة الخديوية. ونشطت تجارة الوجه خلال موسم حج سنة 1327ه/ كانون أول 1909 وكانون ثاني 1910، أثناء مرور ركب الخديوي فيها([xxiii]).
اعتاد الحجاج المصريون الذين يزورون المدينة المنورة العودة منها بطريق ينبع الحجازية على ساحل البحر الأحمر، حيث ينتظرون هناك مراكب تقلهم إلى الطور في مصر. وسلك الطريق نفسه غير المصريين العائدين بطريق مصر، وطالما تعرض الحجاج في مدينة ينبع إلى تلوث المياه، وخصصت الحكومة المصرية للحجاج فيها كوندانسة -مكثف لتنقية ماء البحر- خلال مواسم الحج، انتقد البتنوني عملها سنة 1910، قائلاً: "عملها غير منتظم وماؤها لا يصرف إلا بإذن خصوصي لا يصل إليه فقراء الحجاج، ولا أظن ذلك إلاّ من تعنت العمال، الذين يجدر بحكومتنا السنية أن تشدد عليهم كل التشدد في القيام بواجبهم"([xxiv]). واحتلت تجارة ينبع المرتبة الثانية في الحجاز بعد جدة، رغم عدم وجود مجال للمقارنة بينهما، فقد كانت ينبع ميناء المدينة المنورة ونجد، وتصله البواخر البريطانية والعثمانية والنمساوية والمصرية([xxv]).
وتابعت الصحف المصرية من خلال مندوبيها في السويس، الأوضاع التجارية بين سواحل الحجاز، فلما قام مركب شراعي من جدة إلى الوجه وعليه ألف كيس أرز وأقمشة وأكياس ذرة، وأجبره بعض الأشراف في ينبع على الوقوف، فتعرضت حمولته للنهب من العربان، انتقدت المقطم هذه الأعمال ودعت الحكومة العثمانية إلى ضرورة البحث عن المسببين ومعاقبتهم([xxvi]). وكانت مدينة السويس باعتبارها مركز تجاري مصري يربط مصر بسواحل الجزيرة العربية، قد تعرضت إلى تراجع كبير بعد افتتاح قناة السويس، وخاصة إثر انتشار المرض، الذي كان يحول دون نزول الحجاج إلى المدينة، هذا إضافة إلى عودة الحجاج بطريق سوريا بعد إنشاء السكة الحديدية الحجازية([xxvii]).

([i]) نضال داود المومني، علاقة مصر بالحجاز على عهد الشريف حسين وموقفها من ثورته ضد الدولة العثمانية وصراعه مع عبد العزيز آل سعود، رسالة دكتوراه غير منشورة، إشراف أ. د. جمال زكريا قاسم، وبمشاركة د. عراقي يوسف، جامعة عين شمس، قسم التاريخ، 2003م، ص293- 301.

([ii]) المرجع نفسه، ص301- 302.

([iii]) المرجع نفسه، ص316- 320.

([iv]) الأهرام، 17 نيسان 1909م، ص4.

([v]) المقطم، 6 أيلول 1909م، ص3. الأهرام، 11 أيلول 1909م، ص3.

([vi]) الأهرام، 30 تشرين ثاني 1909، ص1- 2.

([vii]) المقطم، 27 كانون ثاني 1913م، ص4.

([viii]) دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، سجلات عابدين، وارد عربي، س/5/20/17، ص30- 31، 36، هذا مع العلم أن جميع السجلات والمحافظ الواردة في هذه الدراسة هي من محفوظات دار الكتب والوثائق بالقاهرة، لذلك سأعمد لاحقاً إلى كتابة البيانات الخاصة بالهامش مباشرة.

([ix]) سجلات عابدين، قيد الإفادات الصادرة إلى الدواوين س/5/10/2، ص38.

([x]) سجلات عابدين، قيد الإفادات الصادرة إلى الدواوين، س/5/10/2 (نظارة الداخلية)، ص25.

([xi]) المصدر نفسه، س/5/10/3، ص98.

([xii]) المصدر نفسه، ص49.

)13 (Acollection of First World war Military. Handbooks of Arabia, 1913-1917, Vol. VII, Archive Editions. 1988, pp. 806-807. Hereafter: Handbooks of Arabia.

([xiv]) نعوم شقير، تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها مع خلاصة تاريخ مصر والشام والعراق وجزيـرة العرب، وما كان بينهما من العلايقالتجاريةوالحربيةوغيرهاعن طريقسينـاء،
تقديم: إبراهيم أبو سليم، دار الجيل، بيروت، 1991م، ص753- 754.

)15 (Major C. S. Jarvis: Yesterday and today in Sinai, popular Edition, Printed in Great Britain, September 1936, p. 13.

([xvi]) نعوم شقير، تاريخ سيناء، ص753-754.

)17 (Handbooks of Arabia, p. 807.

([xviii]) محمد لبيب البتنوني، الرحلة الحجازية لولي النعم عباس حلمي باشا الثاني خديوي مصر سنة 1327ه، ط1، مطبعة مدرسة والدة عباس الأول، 1910م، ص65. ابراهيم رفعت، مرآة الحرمين أو الرحلة الحجازية والحج ومشاعره الدينية، ط1، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1344ه/1925م، ج1، ص207، 441.

)19 (Handbooks of Arabia, pp. 806-807; Mohamad Said Shafy: The export trade of Jeddah in 19th Century, publications: C. I. E. P. O (اللجنة الدولية لدراسة الفترة قبل العثمانية وبعدها) Tunis, 1984, pp. 367- 371.

([xx]) محمد البتنوني، الرحلة الحجازية، ص13-14.

([xxi]) المصدر نفسه، ص16. وانظر كذلك: إبراهيم رفعت، مرآة الحرمين، ص23-24.

([xxii]) إبراهيم رفعت، المصدر نفسه، ج1، ص440-441.

([xxiii]) محمد البتنوني، الرحلة الحجازية، ص187-190.

([xxiv]) المصدر نفسه، ص230-231.

)25 (Handbooks of Arabia, P. 807; David George Hogarth: Hejaz before world war I, Cambridge, 1978, pp. 80-81. Hereafter: Hogarth: Hejaz.

([xxvi]) المقطم، 14 حزيران 1909م، ص3.

([xxvii]) المقطم، 4 أيلول 1909م، ص4.
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 1316.doc‏ (197.5 كيلوبايت, المشاهدات 5)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مصر, الاقتصادية, العلاقات, بين, والاجتماعية, والحجاز


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين مصر والحجاز
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصناعة السيـاحية ودورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية Eng.Jordan عروض تقدمية 0 08-28-2016 10:54 AM
تعليق أولي على حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-05-2015 10:25 AM
تكنولوجيا النانو.. وآثارها الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع العالمي Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 07-04-2013 09:58 PM
الاقتصاد المعرفي أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 11-11-2012 02:46 PM
الموسوعة الاقتصادية والاجتماعية ( عربي - إنجليزي ) - إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 11-02-2012 02:38 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59