العودة   > > >

شخصيات عربية وإسلامية علماء ومفكرين شعراء وأدباء ومشاهير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 03-03-2013, 08:44 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي الصادقةُ المصدقة أم ذر


رُوِى أن زوجها سُئِلَ عن بدء إسلامه، فقال: دخلت على صنم كان عندنا نقول له نُهُم، فأتيته فصببت له لبنًا ووليتُ، فإذا كلب يشرب ذلك اللبن، فلما فرغ رفع رجله، فبال على الصنم فأنشأت أقول:
ألا يا نُهْمُ إنِّي قَدْ بَدَا لِي مدى شَرَفٍ يُبعّدُ منكِ قُرْبًا
رأيتُ الكَلبَ سَامَكِ حَظَّ خَسْفٍ فَلَمْ يَمْنَعْ قَفَاكِ اليَوْمَ كلبًا
فسمعتنى أم ذرّ فقالت:
لقدْ أتيتَ جُرْمًا وأصَبْتَ عظمًا حينَ هَجَوتَ نُهْمَا
فأخبرتُها الخبرَ، فقالت:
ألا فابغِنَا رَبّا كَرِيمًا جَوَادًا فِي الفَضَائِلِ يا بْنَ وَهْبٍ
فَمَا مَنْ سَامَهُ كَلْبٌ حَقِيرٌ فَلَمْ يَمْنَعْ يَدَاهُ لَنَا بِرَبِّ
فَمَا عَبَدَ الْحِجَارَةَ غَيْرُ غَاوٍ رَكِيكُ العَقْلِ لَيْسَ بذِي لُبِّ
فلما حكيت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم وقال: "صدقَتْ أم ذر، فما عبد الحجارة غير غاوٍ" [الإصابة1/109 ].
هذه أم ذر، أدركت قبل إسلامها أن الصنم لا ينفع ولا يضر، فإنه حجر أصم، وأنه لابد أن يكون لها رب كريم عظيم في فضائله .
تركت دارها في قبيلتها غفار، وسَعَتْ إلى المدينة مع زوجها، الذي أخلصت له، وتحملت المشقات والمتاعب التي فاقت طاقتها لأجله.
سمعت من زوجها ما تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعلما منه الحكمة والأخلاق الكريمة، وكان دائمًا يقول لها: علَّمَنِي خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول الحق ولو كان مرّا.
وقد تمسكت بالتعاليم النبوية الشريفة، وعضت عليها بنواجذها، ولم تضعف أمام ما تعرّض له زوجها، فَيُرْوَى أنه حين سافر إلى دمشق وجد الناس يميلون إلى الدنيا ميلا عظيمًا، ويركنون إليها، فذهب إلى معاوية بن أبى سفيان -رضى اللَّه عنه- والى دمشق يومئذ، ودخل معه فى حوار ساخن وعاصف، أدى إلى أن شكاه معاوية لدى الخليفة عثمان بن عفان - رضي اللَّه عنه - فقال زوجها لعثمان: أتأذن لى فى الخروج من المدينة، فأذن له، فنزل منطقة تسمى الربذة، وبنى بها مسجدًا، وأجرى عليه عثمان العطاء؛ وقد لحقت أم ذر بزوجها، وأقامت معه فيها، إلا أن صعوبة الحياة هنالك؛ أدت إلى أن مرض زوجها -وكان شيخًا لا يقدر على رمضاء هذا الجو - فقامت فى خدمته لا تمل ولا تتعب ولا تشتكي، بل ظلت وفيةً له ومخلصة فى إيمانها.فعَنْ أُمِّ ذَرٍّ ، قَالَتْ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ بَكَيْتُ ، فَقَالَ لِي : مَا يُبْكِيكِ ؟ فَقُلْتُ : وَمَا لِيَ لاَ أَبْكِي وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ كَفَنًا لِي ، وَلا لَكَ وَلا لَكَ وَلا بُدَّ مِنْهُ قَالَ : فَأَبْشِرِي ، وَلا تَبْكِي ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ : -وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ : لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفْرِ أَحَدٌ إِلاَّ وَمَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ فَأَنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ ، وَلا كُذِبْتُ فَابْصِرِي الطَّرِيقَ ، فَقُلْتُ : أَنَّى وَقَدْ ذَهَبَ الْحَاجُّ ، وَتَقَطَّعَتِ الطَّرِيقُ ، فَقَالَ : اذْهَبِي فَتَبَصَّرِي ، قَالَ : فَكُنْتُ أَشْتَدُّ إِلَى الْكَثِيبِ ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأُمَرِّضُهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا وَهُوَ كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِرِجَالٍ عَلَى حَالِهِمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ تَجِدُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ ، قَالَ عَلِيٌّ : قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ : تَجُدُّ أَوْ تَخُبُّ ، قَالَ : بِالدَّالِ ، قَالَتْ : فَأَلَحْتُ بِثَوْبِي ، فَأَسْرَعُوا إِلَيَّ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيَّ ، فَقَالُوا : مَنْ هُوَ ؟ قُلْتُ : أَبُو ذَرٍّ ، قَالُوا : صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ ، وَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : أَبْشِرُوا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ : لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَا مِنْ أُولَئِكَ النَّفْرِ رَجُلٌ إِلاَّ وَقَدْ هَلَكَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ ، أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لِي أَوْ لامْرَأَتِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلاَّ فِي ثَوْبٍ لِي أَوْ لَهَا ، إِنِّي أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، ثُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، أَنْ لاَ يُكَفِّنَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ بَرِيدًا أَوْ نَقِيبًا وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفْرِ إِلاَّ وَقَدْ قَارَفَ ، مَا قَالَ إِلاَّ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ ، فَقَالَ : أَنَا أُكَفِّنَكَ يَا عَمُّ ، أُكَفِّنَكَ فِي رِدَائِي هَذَا ، وَفِي ثَوْبَيْنَ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي ، قَالَ : أَنْتَ فَكَفِّنِّي فَكَفَّنَهُ الأَنْصَارِيُّ فِي النَّفْرِ الَّذِينَ حَضَرُوهُ ، وَقَامُوا عَلَيْهِ ، وَدَفَنُوهُ فِي نَفَرٍ كُلِّهِمْ يَمَانٌ " الحاكم (5470) صحيح.
ثم فاضت روحه إلى اللَّه سبحانه وتعالى، وبينما هو مُسَجَّى على حِجْرِها إذ رأت قافلة من المؤمنين قد أخذت فى الظهور من جانب الصحراء، وكان بينهم عبد اللَّه بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .فنزل عبد اللَّه -رضى اللَّه عنه- وقام بغسله وتكفينه ودفنه، ثم واسى أهله، وأخذهم معه إلى الخليفة عثمان فى المدينة.
هذه هي أم ذر، زوجة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري - رضي اللَّه عنهما - ما ماتت حتى تركت لنا مثالاً عظيمًا فى الوفاء لزوجها، والإخلاص له، والزهد في الدنيا؛ فقد ظلت بجانبه إلى آخر حياته وأكرمته، وظلت تحرسه حتى بعد موته، وصبرت معه على شظف العيش ومجاهدة النفس وغوائل الشهوة، وهكذا تكون المرأة المؤمنة الصالحة؛ ترضي زوجها؛ كي تنال رضا ربها، فرضي اللَّه عن أم ذر وأرضاها.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المصدقة, الصادقةُ


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:53 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59