#1  
قديم 12-20-2014, 09:37 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة آثار تطبيق الشريعة الإسلامية


آثار تطبيق الشريعة الإسلامية في منع الجريمة*
ـــــــــــــــــــــــ

28 / 2 / 1436 هــ
20 / 12 / 2014 م
ـــــــــــ

الإسلامية 4019.jpg

آثار تطبيق الشريعة الإسلامية في منع الجريمة

تأليف الدكتور : محمد بن عبد الله المزاحم

طباعة : دار المنار – القاهرة

ــــــــــ

الشريعة الإسلامية كل لا يتجزأ، فلا يكفي أن تأخذ بعض الدول الإسلامية بما يناسب هواها من تشريعات الإسلام، بينما تستورد كثيرا من قوانينها الجزائية والمدنية من قوانين الدول الغربية، بما لا يتوافق مع شرع الله ودينه.

وإذا كانت معدلات الجرائم قد زادت في العالم بسبب تفنن المجرمين في وسائلهم، فإن علاجها لا يكون بالأخذ ببعض الكتاب وترك بعضه، بل بتحكيم شرع الله في كل شؤون الحياة في المجتمع الإسلامي.

بهذه الكلمات بدأ المؤلف كتابه القيم "آثار تطبيق الشريعة الإسلامية في منع الجريمة"، وبعد تعريف كل من الشريعة والجريمة لغة واصطلاحا وبيان أقسام الجريمة من حيث جسامة العقوبة المقررة لها في الشريعة كالحدود والقتل والجراح والتعزير في المقدمة، قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة فصول وخاتمة، تناول في الفصل الأول النتائج السيئة للجريمة، بينما تناول الفصل الثاني طرق مكافحة الجريمة التي سلكتها الشريعة الإسلامية، ليذكر في الفصل الثالث مميزات النظام الإجرائي الإسلامي، ويختم بنماذج من صدر الإسلام والعصر الحديث على أن تطبيق الشريعة الإسلامية يقطع الجريمة ويحقق الأمن والاستقرار.

في الفصل الأول الذي تناول النتائج السيئة للجريمة مؤكدا على أن الإسلام لا يحرم شيئا فيه منفعة صرفة أو غالبة للأمة، بل يحرمها للمضار المترتبة عليها، ليبدأ بعد ذلك ببيان مضار الجريمة الدينية من خلال كونها تتناقض مع قوة الإيمان، فالجريمة لا تصاحب إلا ضعيف الإيمان أو فاقده ولو ساعة ارتكاب الجريمة، مستشهدا بحديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .....).

وأما عن مضار الجريمة الاجتماعية فقد بين المؤلف أن الجريمة أيا كان نوعها تهز الطمأنينة والأمن في المجتمع، لأنها تسخط الله وتوجب مقته، ولا يقتصر عدوانها على المجني عليه فحسب، بل تتعداه لغيره من حيث ما يترتب عليها من أضرار ظاهرة على المجتمع بأسره، مستشهدا بجريمة القتل وشرب الخمر والزنا وآثارها الاجتماعية السلبية على المجتمع بأسره.

وأما عن المضار الخلقية فلا شك أن الجريمة إشاعة للرذيلة ومحاربة للفضيلة التي ينشدها الإسلام في أفراده، وقد ضرب المؤلف مثالا على الأضرار الخلقية للجريمة "بالقذف" وما فيها من إهدار لسمعة المقذوف وإهدار لكرامته بين الناس وهدم لمعنوياته، إضافة لإشاعة الفاحشة في المجتمع.

وعن المضار السياسية للجريمة تحدث المؤلف عن جريمة البغي والخروج على الحاكم، مبينا أن العقوبة على هذه الجريمة في الإسلام لم تشرع لحماية الحاكمين فحسب، بل لحماية الجماعة الإسلامية من شر الفتن التي تأكل الأخضر واليابس.

وعن مضار الجريمة الاقتصادية تناول المؤلف آثار السرقة والحرابة والغصب والنهب على اقتصاد الفرد والمجتمع، كما تناول جريمة التجارة بالمخدرات بشكل خاص لما لها من أضرار بالغة الخطورة على الاقتصاد.

وأما عن مضار الجريمة الصحية بين المؤلف أن جميع أنواع الجرائم وأشكالها المختلفة تؤثر على الصحة البشرية، سواء أكانت نفسية أو عضوية جسدية، وقد جعل المؤلف من المضار الصحية الجسدية لجريمتي شرب الخمر والزنا نموذجا في هذا الباب، من خلال بيان الأمراض والأوجاع التي تنتج عن اقترافهما.

في الفصل الثاني استعرض المؤلف طرق مكافحة الجريمة التي سلكتها الشريعة الإسلامية، متناولا وسائل الإصلاح والتهذيب في البداية، لتشكيل وازع ديني يقيه من الوقوع في الجرائم أصلا، ثم العقوبة بعد ذلك كوازع عقابي يخاف به المجرم من عقوبة الدنيا فلا يقدم على المحظورات.

وفي باب وسائل الإصلاح والتهذيب تحدث المؤلف عن أثر العبادات في التهذيب النفسي للفرد المسلم، من خلال الصلاة والصيام والزكاة والحج، كما تناول أسلوب ترغيب الضمير وترهيبه، من خلال الترغيب في التوبة مثلا وعدم إغلاق الباب أمام المسيء، إضافة للترهيب من عقاب الآخرة الشديد، ناهيك عن وسيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتكوين رأي عام تسود فيه عناصر الخير وتختفي فيه بوادر الشر.

فإذا ما ضعف الوازع الداخلي عن الحد من الجريمة كان وازع السلطان من خلال العقوبة رادعا ومانعا من ارتكاب الجريمة، وذلك من خلال فرض عقوبات دنيوية مناسبة لكل جريمة، حفاظا على مصلحة الجماعة الإسلامية.

وقد تناول المؤلف في هذا الجانب بعض النقاط المهمة، فأوضح أن الغاية من العقوبة في الإسلام حفظ المصالح وإقامة العدل والرحمة بالمجتمع وإصلاح الجاني، فلا يمكن حفظ مصالح الناس المتمثلة في الإسلام بالضروريات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال إلا بالعقوبة.

وانتقل المؤلف بعد ذلك لبيان أقسام العقوبة، فهي من حيث أصالتها وتبعية بعضها لبعض تنقسم إلى: عقوبات أصلية المقررة أصلا للجريمة، كالقصاص للقتل والرجم للزنا والقطع للسرقة والجلد للشرب والقذف، وعقوبات بدلية كالتي تحل محل الأصلية إذا امتنع تطبيقها لسبب شرعي كالدية إذا درئ القصاص والتعزير إذا درئ الحد.

وهناك العقوبات التبعية بالعقوبة الأصلية كحرمان القاتل من الميراث وحرمان القاذف من أهلية الشهادة، وعقوبات تكميلية يحكم بها القاضي زيادة على العقوبة الأصلية، كتعليق يد السارق في رقبته بعد قطعها.

وهناك تقسيمات أخرى للعقوبة من حيث سلطة القاضي في تقديرها لمقدرة وغير مقدرة، ومن حيث محلها لعقوبات بدنية ونفسية ومالية، ومن حيث جسامتها للحدود والقصاص والدية والكفارة، ومن ثم التعزير.

ثم عقد المؤلف فرعا خاصا لدحض الشبهات التي تثار حول العقوبات في الإسلام، سواء الحدود أو القصاص، ورد افتراءات أعداء الإسلام حول قسوة تلك العقوبات وخروجها عن كرامة الإنسان حسب زعمهم، مبينا مناسبة كل عقوبة لكل جريمة على حدة.

فعقوبة الرجم للزاني المحصن مناسبة لجريمته الكبيرة التي تؤدي إلى اختلاط الأنساب وضياع الحرمات، وهي عادلة لكونها تحافظ على كرامة الإنسان من خلال المحافظة على أخلاقه من الفساد، ووقاية المجتمع من الدمار، وكذلك عقوبة الجلد للقاذف وشارب الخمر، وعقوبة قطع اليد للسارق والحرابة والردة والبغي، كلها عقوبات رادعة حافظة لمصالح العباد وأمان المجتمع من انتشار الفوضى والفساد، فالعقوبة مأخوذة من العقاب الذي فيه شدة وردع للفاعل والجاني، وإن لم تكن العقوبة كذلك فقدت قيمتها والغاية منها.

وأما عن عقوبات القصاص فمن المعروف أنها من أعدل العقوبات، فبموجبها يجازى المجرم بمثل إجرامه، ومن المعلوم أن الذي يدفع المجرم بصفة عامة للقتل هو تنازع البقاء وحب التغلب، فإذا علم أنه لن يبقى بعد جريمته، وأنه سوف يدفع حياته ثمنا لحياة من قتله، فإنه بلا شك سيقلع عن ارتكاب جريمته.

وإذا ما وقع المحظور وارتكبت الجريمة، فإن أولياء المقتول ستثور حميتهم، ولن يدفع ذلك عنهم إلا القصاص دون أي عقوبة أخرى، فكان القصاص قبل الجريمة وبعدها الرادع والحل الأمثل للحد منها ومن آثارها.

وحاول المؤلف في هذه النقطة الرد على شبهات أعداء الإسلام حول عقوبة القصاص في الأطراف، فرد على اعتراض تكثير هذه العقوبة لأعداد المشوهين، بأن العكس هو الصحيح، فالعقوبة تقلل مرتكبيها وبالتالي تقل أعدادهم، كما رد على اعتراض ندرة المساواة في قطع الأطراف بأن المساواة بين أصل القوى في الأعضاء غير مطلوبة.

كما تحدث عن عدالة عقوبة الدية والكفارة والتعزير في الإسلام، مبينا مناسبة كل عقوبة للجريمة، ودورها في منع وقوعها مرة ثانية، إضافة لأثرها في حماية الفرد والمجتمع من آثارها السيئة.

في الفرع الأخير من هذا الفصل المحوري، ذكر المؤلف أسباب سقوط العقوبة، كموت الجاني وفوات محل القصاص وتوبة الجاني قبل القدرة عليه في جريمة الحرابة مثلا، على اختلاف بين الفقهاء حول هذا الأمر الذي بينه المؤلف مع حجة كل مذهب ورأي.

ومن الأسباب المسقطة لعقوبة القصاص والدية الصلح، كما أن من الأسباب المسقطة للعقوبة في بعض الجرائم في الشريعة الإسلامية العفو، وقد بين المؤلف أثر العفو على جرائم القصاص والدية، وكذلك في التعازير.

في الفصل الثالث تناول المؤلف ميزات وخصائص النظام الجنائي الإسلامي ومن أهمها:

1- حمايته للمصالح الضرورية التي جعلها الشرع خمسا هي: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال.

2- مساواته العقوبة بالجريمة فكل عقوبة مناسبة للجريمة مناسبة تمنع تكرارها.

3- يحمي الفضيلة ويمنع الرذيلة فقد شرعت العقوبات حفاظا على الفضيلة ومنعا من انتشار الرذيلة، بينما عقوبات البشر الوضعية مشتقة من أعرافهم دون النظر للفضيلة والعدالة.

4- يشدد العقاب على الجريمة المعلنة لمنع اشتهارها وبالتالي استخفاف الناس بها وانتشارها.

5- يقوم على العدل والإنصاف فالعقوبة تقع على الحاكم والمحكوم، على الغني والفقير والقوي والضعيف.

6- يشفي غيظ المجني عليه وبالتالي يمنع الثأر ويحافظ على استقرار النفوس.

7- يختار المكان المناسب من الجسم لإيقاع العقوبة عليه: فليست غاية العقوبة مجرد المنع من المعاودة، بل المقصود أيضا الزجر والنكال وكف العدوان.

8- يقي المجتمع من انتشار الجرائم ويقضي على الفساد من خلال العقوبة الرادعة التي تمنع الكافة عن الجريمة قبل الوقوع فيها، إضافة للتشديد في بعض العقوبات لصالح المجتمع.

9- مراعاته طبيعة الإنسان ونفسيته من خلال علم الله تعالى بمن خلق وهو اللطيف الخبير سبحانه.

10- تحميل العاقلة بعض العقوبات المالية من باب التعاون مع القريب الذي فجع بالخطأ في عمله كاستثناء على القاعدة الأصلية.

وفي ختام الكتاب استعرض المؤلف لنماذج تشهد على أن تطبيق الشريعة الإسلامية يقطع الجريمة ويحقق الأمن والاستقرار في المجتمع، فذكر العهد النبوي كمثال كنموذج للأمن والأمان الذي نعمت به الجزيرة العربية بعد تطبيق الشريعة الإسلامية على الناس.

كما ذكر نموذج دعوة محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، التي حققت بتطبيق شرع الله الأمن والأمان، بعد أن انتشرت البدع والخرافات والتحاكم للطواغيت من غير الله، إضافة للتبرك بالقبور والاستعاذة بالجن هناك.

ليأتي المثال الثالث الذي ذكره المؤلف حول تطبيق المملكة العربية السعودية لشرع الله في الحدود والقصاص وسائر شؤون الحياة في العصر الحديث، وما لذلك من تأثير انتشار الأمن والأمان في ربوع المملكة ومنع انتشار الجريمة فيها.

جزى الله المؤلف على هذا الكتاب القيم ونفع به المسلمين.


ـــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
آثار, الشريعة, الإسلامية, تطبيق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع آثار تطبيق الشريعة الإسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وشنطن تخرج عن صمتها إزاء تطبيق الشريعة في بروناي . عبدو خليفة أخبار عربية وعالمية 1 05-16-2014 09:06 AM
تطبيق الشريعة يحل أزمات الأمة عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 01-08-2014 09:12 AM
ثمار تطبيق الشريعة الإسلامية ابو الطيب شذرات إسلامية 0 10-02-2013 12:55 AM
موقف السنهوري من تطبيق الشريعة وتقنينها عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 09-28-2013 08:52 AM
71 بالمئة من الاردنيين يؤيدون تطبيق «الشريعة الاسلامية» Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 07-15-2013 01:31 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59