#1  
قديم 03-31-2017, 10:57 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي هكذا تفوق المسلمون على الغرب بـ3 قرون


لا بد أنك صادفت أو قرأت يوماً عبارات مهينة تقول إن "الإسلام حبيسُ عصور الظلام"؟ إن كان الأمر كذلك، فاعلم أن هذا القول يتسم بالسطحية والكسل الذهني، والدليل هو هذا الكتاب الثري المتعمّق في التلاقي بين الشعوب الإسلامية والحداثة الغربية، الذي أصدره مؤخرا الكاتب البريطاني كريستوفر دي بالي Christopher de Bellaigue، بعنوان عصر التنوير الإسلامي.
صحيفة الغارديان قدمت عرضاً للكتاب الذي يطوف مؤلفه في ثلاثة مراكز إسلامية: مصر، تركيا، وإيران، ويقدم قصص رجال ونساء مسلمين ألهموا رواد التنوير في أوروبا والغرب.
ويرى الكاتب أن ثنائية الغرب والشرق والحساسيات فيما بينهما إنما بدأت إبان غزو نابليون لمصر عام 1798، وتشجيع الغربية للإمبراطورية العثمانية على الاستدانة، ومن ثم المطالبة بتلك الديون، وكيف ديون مصر قفزت من 3 ملايين جنيه إسترليني عام 1865 إلى 91 مليون جنيه إسترليني في غضون عقد من الزمان بعدها.
فإذا كنت تريد نظرة سريعة لما يقوله الكتاب، اقرأ ما كتبه بيتاني هيوز في عرضها للكتاب الذي صدر عام 2017.

نص التقرير:


بحثتُ قبل 15 عاماً عن أقدم مخطوطات أفلاطون الفلسفية المتبقية؛ فساقني بحثي في البدء إلى مكتبة بودليان بأكسفورد، ثم عرجت على دويات الحبر الغامق وريشات الدجاج في سوق فاس، مروراً ببوابة جامع القرويين، فانتهاء بالصعود على سلالمه الخلفية إلى مخزن الأرشيف والمحفوظات.

مكتبة بودليان بأكسفورد

هناك عثرت على نسخة لأعمال أفلاطون ترجع إلى القرن الـ10، منسوخةً ومشروحة بالحواشي على يد كَتَبة الأندلس. لقد كنت بيديّ أمسك الدليلَ على عصر نهضةٍ شهدتها بقاعُ الإسلام قبل 3 قرون من ميلاد "عصر النهضة" المفترض.

كثيراً ما نسمع في يومنا هذا عبارة مهينة تقول إن الإسلام حبيسُ عصور الظلام، لكن هذا يتسم بالسطحية والكسل الذهني، والدليل هو هذا الكتاب الثري المتعمّق في التلاقي بين الشعوب الإسلامية والحداثة الغربية.

أحد الأسئلة ذات الصلة التي يطرحها كريستوفر دي بالي Christopher de Bellaigue، وهو مؤلف أصدر مؤخرا التنوير في الإسلام، هو: هل جاءت نهضةٌ عقلانيةٌ من بعد اهتمام الإسلام الكبير ضاربِ الجذور بأعمال أفلاطون وغيره من الفلاسفة الكلاسيكيين؟ والجواب الذي يقدمه هو: نعم، في أماكن وعصور معينة.
للكاتب ميلٌ وشغفٌ بالبحث عن قصة، ولذلك يصحبُنا على طول الدرب الذي يمضي فيه الكاتب بآرائه أولئك الأبطال (والبطلات أحياناً) الذين تمتعوا وقتها بالبصيرة والشجاعة لإحداث التغيير. تأخذنا القصة عبر مصر في حقبة نابليون وعبر عصر التنظيمات (إصلاح الدولة العثمانية) في إسطنبول وإلى طهران في القرن الـ19، وتصحبنا لنركب موجة الوطنية ومعاداة التنوير التي تلت.
يوضح دي بالي جلياً أن الكثير حدث في الشرق الإسلامي من بعد غزو نابليون لمصر، ففي بعض الحالات كان هناك إصلاح وتنوير وثورة صناعية، كل هذا في وقت قصير جداً. فالبرقيات ظهرت خلال طرفة عين من ظهور مطبعة الحروف المتحركة؛ كذلك تزامن وصول القطارات مع الصحف المستقلة. ثمة أيضاً العديد من المفاهيم التي تنطوي على تحدٍّ والتي تبناها بحذر الرواد المسلمون بينما كان الغرب يتعرف عليها ويصطلح على تسميتها للمرة الأولى، كـ"حقوق الإنسان" في ثلاثينات القرن الـ19، و"الفمينيزم (الانتصار للمرأة)" في تسعيناته. لقد كان تسونامي الحداثة مليئاً بالإثارة والرهبة.
في بعض المرات، مثلما هو الحال مع ألبانيّ المولد محمد علي باشا في مصر والسلطان العثماني محمود الثاني، كان المنوّرون "محدثين وضباطاً صارمين في آن معاً"، وكثيراً ما دفع هؤلاء الثمن حياتهم في سبيل أفكارهم.


فيروي الكتاب، بشكل مؤثر، قصة الرائدة النسائية الفارسية فاطمة زرين تاج باراغاني التي كانت تقرأ كثيراً جداً وتكتب كثيراً جداً، تنادي بالرؤية الاجتماعية للبهائيين (أي عالم أحادي اللغة، مُتحد وضد للوطنية). وإلى جانب التحليلات التاريخية المطولة، يسوق الكاتب تفاصيل شائقة رافقت الأحداث التي يرويها، فعلى سبيل المثال أصيب المصريون بالهلع حينما اكتشفوا أن جنود نابليون دعسوا على السجاجيد بأحذيتهم وأنهم لا يحلقون شعر عانتهم، يأتي ذلك في الوقت الذي كانت مصر فيه تسنّ إصلاحات في أنظمة النظافة العامة، مثل تعريض الرسائل للبخار قبل توصيلها.
كثيراً ما يلام التدخل العسكري والسياسي والاقتصادي الذي تلا الحرب العالمية الأولى على الاحتكاك والحزازات بين الشرق والغرب، لكن رأي دي بيلايغ الواثق هو أنه ينبغي لنا إرجاع السبب وأصله إلى الوراء أكثر، إلى أيام غزو نابليون لمصر عام 1798 وتشجيع البنوك الغربية للإمبراطورية العثمانية على الاستدانة، ومن ثم المطالبة بتلك الديون.
فمع "التنوير"، جاء أيضاً عنوةً إخواءٌ وتخفيف لأكياس مال المشرق؛ فديون مصر قفزت من 3 ملايين جنيه إسترليني عام 1865 إلى 91 مليون جنيه إسترليني في غضون عقد من الزمان بعدها. والأكثر من ذلك، أن جيش محمد علي المصري قتل الجنود العثمانيين في حمص بسوريا عام 1832 باستخدام استراتيجية عسكرية هي من أبجديات الجيشين البريطاني والفرنسي.
حتى إنني أُرجع تاريخ بدء العولمة إلى وقت أبكر، فوجود الكميات المصنّعة من الفخاريات البيزنطية من القرن الـ6 في الرأس البري بمنطقة تينتيجيل بإنكلترا، ووجود الحرير الصيني في المقابر بشتى أنحاء مكة، ووجود الأرقام العربية في كاتدرائية سالزبري من القرن الـ13، كلها تخبرنا بأننا لطالما اعتمد بعضنا على بعض، لا لعقود؛ بل على مدى آلاف السنين. وبالمقارنة مع تعداد المهاجرين في عالمنا اليوم والبالغ 13%، فإن تحاليل ودراسات العظام حالياً تشير إلى أن الرقم بُعيد الفترة الرومانية كان أقرب إلى 30%.

كاتدرائية سالزبري

من جهة أخرى، لا يمكن أن يكون التأثير العالمي العابر للحدود التفسير الوحيد لظهور حكم القانون والحكومات التمثيلية في جميع المجتمعات الإسلامية تقريباً؛ فالناس تبحث عن التغيير لا عند ظهور التهديدات والفرص فحسب، وإنما أيضاً عندما يطفح بنا الكيل من سير الأمور على ما هي عليه. فدي بالي يمجّد ابتكارات وإبداعات رجال مثل رفاعة الطهطاوي، الذي حينما خنقه الاعتماد على التقاليد، كرّس حياته لكي يثبت أن المنطق والإسلام متوافقان.
كذلك، في الكتاب تذكرة راقية بأننا عبارة عن القصص التي نرويها عن أنفسنا؛ فالعالم الإسلامي لم يشعر أنه "ضحية" أمام الغرب، كما أن المسلمين لم ينظروا إلى الإسلام على أنه القادم الجديد المتأخر في الانضمام إلى الأديان الإبراهيمية، وإنما رأوا فيه ذروة تلك الديانات وسنامها؛ أما العقائد المسيحية كالثالوث وسر التناول والقربان المقدس، كلها كانت تُرى خزعبلات وخرافات محيرة. ولعل كلمة "أميركا" لم تظهر في اللغة الفارسية حتى نهاية القرن الـ18، ولكن بوجود التاريخ الموثق الذي يرجع 5 آلاف سنة إلى الوراء، نرى أن الشرق كان غنياً بثرواته الخاصة.
لكن قصة دي بالي تأخذ أيضاً اتجاهاً آخر، فنظراً لدور بعض رجال الدين التقليديين في شيطنة الحداثة، كانت عجلة الحداثة أبطأ بشكل متعمد. ففي حين كانت النساء الإسطنبوليات في القرن الـ19 يقرأن مقالات متحررة تدعو إلى التعليم وتطرح علامات استفهام حول تعدد الزوجات وتنادي بإلغاء الفصل المهين بين الجنسين الذي يخصص أماكن للنساء فقط على متن الزوارق والعبارات في خليج البوسفور، كان هناك في الوقت نفسه آخرون يعلقون على الأوضاع بالزعم أن الصحف المستقلة في تركيا العثمانية ما هي إلا جزء من مصيدة ومؤامرة أوروبية "لتدمير الإسلام وزعزعة استقرار البلاد". وهنا يتساءل المرء إن كان الرئيس ترامب على علم بهذا التعبير الإسلامي عن "الأخبار الكاذبة".
ثمة مثل عربي شائع يقول: "همة الرجال تقلع الجبال"، وبالفعل لقد غيّر محمد علي باشا وجدد الإسكندرية في أوائل القرن الـ19؛ غير أنه بشتى الطرق كان يعيد المدينة إلى أصل أبهتها العالمية إبان القرن الـ4 قبل الميلاد. نعم، لقد نص تقرير حكومي تحت إدارة السلطان محمود الثاني بإسطنبول في خمسينات القرن الـ19 على أن "المعرفة الدينية تخدم الخلاص في الحياة الآخرة، أما العلوم فتخدم صقل وتكميل الإنسان في هذا العالم"، بيد أني أعرف عجائز في إسطنبول ما زالوا يؤمنون بأن الجن يسكنون الزوايا الرطبة في المدينة.
لقد خرجت الأبحاث مؤخراً بأسماء 4 آلاف امرأة قمن بالتدريس وفعلاً كن يخطبن في المساجد بالقاهرة والقدس والمدينة المنورة خلال الـ150 سنة التي تلت وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، ما يعني أنه قبل 1300 عام لم يكن فصل بين الرجال والنساء قائما في تلك الأماكن. لكن سؤالاً واحداً لا يجيب عنه الكتاب بشكل وافٍ رغم أنه سؤال بالغ الأهمية؛ ألا وهو: لماذا جاءت بعد كل هذا التحرر قرونٌ من الجمود؟
لقد عاش دي بيلايغ بالشرق الأوسط وكتب فيه، ودراسته هذه تبدو مثل مهمة شخصية لإنقاذ نماذج التنور المضيئة من الركود الآسن للتكرار وعدم التغيير، ما يضيف إلى متعة الكتاب أنه يسوق مفاهيم ذكية بشكل سريع واضح ("التطور دعايةٌ لنفسه").
لعل كون بعض الأبطال الذين اختارهم مشاهيرَ في زمانهم حينما كانوا على قيد الحياة، يثير فينا تساؤلاً إن كان هؤلاء الإصلاحيون الذين يمجّدهم، استثناء لزمانهم أكثر من كونهم شخصيات ممثلة لتلك الأزمان والمجتمعات (فصحيفة the Times البريطانية نقلت خبر إعدام فاطمة ووصفتها بـ"نبيّة قزوين الجميلة").
لكن دي بيلايغ كتب ها هنا كتاباً جميل الرسومات يدعو إلى حوار مهم مفيد جداً في زماننا هذا. فإلى جانب تقديمه للقارئ قصصاً تاريخية مهملة وشخصيات ينبغي لنا أن نهتم بها ونتعرف عليها، فإن العمل نفسه يجسّد روح التنوير.
- هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المسلمون, العرب, تفوق, هكذا, قرون


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع هكذا تفوق المسلمون على الغرب بـ3 قرون
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قبيلة أسطورية تعود للظهور بعد 4 قرون من اختفائها Eng.Jordan أخبار منوعة 0 03-28-2017 03:18 PM
هكذا يساعد (جوجل) اللاجئين والمهاجرين العرب Eng.Jordan أخبار منوعة 0 09-18-2015 07:45 PM
غارديان: هكذا رد رسامو العرب على "شارلي إيبدو" Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 01-17-2015 06:43 PM
هكذا قدم المسلمون للعالم ام زهرة المسلمون حول العالم 0 05-20-2013 09:43 PM
في الفلبين حضارة إسلامية عامرة منذ أكثر من ثمانية قرون Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-20-2012 09:08 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:57 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59