#1  
قديم 11-20-2016, 11:02 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي غرائب .. رواية مورجان روبرتس فيوتيليتي بين الحقيقة والخيال


لم يسع المدير العام لمؤسسة ( راند ) إلا أن يرفع حاجبيه في دهشة ، لم تلبث أن تحولت إلى ذهول شديد ، وهو يتوغل فى قراءة ذلك التقرير ، الذي قدمه إليه احد مستشاريه ، حول فكرة جديدة للاستفادة مما اسماه مستشاره ب ( أدب الكوارث).
فيوتيليتي Titanic_under_construction.jpg
لم يكن مرجع ذهول المدير العام هو استخدام مستشاره لهذه التسمية العجيبة ، ولا حتى ذلك الأسلوب الجاف ، الذي استخدمه في تقريره ، وإنما إلى وقائع التقرير نفسه ..
ويا لها من وقائع !! ..

وقبل أن تعلم فحوى هذا التقرير ، ينبغي أن تعرف أولا ماهية مؤسسة ( راند ) هذه ..
إن تلك المؤسسة ، ذات الاسم المقتضب القصير ، إنما هي واحدة من ارفع مؤسسات الأبحاث العلمية والعسكرية ، في الولايات المتحدة الأمريكية ، وغالبا ما تعهد إليها الحكومة الأمريكية ببعض الأبحاث والدراسات الشديدة السرية والخطورة ، مما فرض على المؤسسة نمطا خاصا ، وجدية يستحيل الحيد عنها ، والتزام بالحقائق العلمية والعملية والتاريخية ، التزاما لا يمكن أن يتطرق إليه الشك ..

هذه هي مؤسسة ( راند)
ولكن ماذا عن التقرير ؟! ..
والواقع أن ذلك التقرير لم يكن يحوى أسرارا علمية ، أو عسكرية ..
كان يحوى فقط عدة صفحات من رواية قديمة ..
وتقريرا بحريا واحدا ..
أما الرواية ، فهي واحدة من روايات الكاتب الأمريكي المبدع ( مورجان روبرتس ) ، وتحمل اسم فيوتيليتى.

وراوية ( فيوتيليتى ) هذه تتحدث عن سفينة عملاقة ، ابتكرها خيال ( مورجان ) ، فى عام 1898م وتصور أن وزن السفينة العملاقة ، التي لم يكن لمثلها وجود في عصره ، يبلغ سبعين ألف طن ، وان طولها يصل إلى مائتين وأربعين مترا ، ولها محرك مزود بثلاث مراوح قوية ..

وكان هذا التصور ، في نهاية القرن التاسع عشر ، يكفى لرفع أسم ( مورجان روبرتس ) إلى مصاف أعظم كتاب الخيال ، حيث لم يكن من السهل على العقول ، في تلك الآونة ، تصور وجود مثل هذه السفن العملاقة ، التي صارت اليوم مجرد سفن عادية ، قد تعجز عن بلوغ مرتبة البواخر الهائلة ، ذات النسق المتطور ..

وفى روايته ، منح ( مورجان ) سفينته العملاقة اسم ( تيتان ) ، وجعلها تحمل ثلاثة ألف مسافر ، وتنطلق في أولى رحلاتها ، في احتفال هائل ، لشق المحيط ، في أوائل شهر أبريل ..

ولأن قصته كانت تتحدث عن كارثة ، فقد جعل ( مورجان ) سفينته العملاقة تتعرض لضباب شديد في رحلتها الأولى ، ثم ترتطم بجبل جليدي ، و ...
وتغرق ..

وعندما طرحت رواية ( مورجان ) فى الأسواق ، استقبلتها الجماهير في مزيج من الدهشة والإعجاب ، فقد بهرتهم فكرة وجود سفينة عملاقة بهذا الحجم ، وأثارهم أن يفشل جبل عائم مثلها في هزيمة كتلة جليدية واحدة ..
ولكن الرواية لم تستمر طويلا ..

لقد فازت بالانتشار الكافي ، لفترة محدودة ، ثم لم تلبث أن تراجعت في سباق النشر ، وأفسحت الطريق لروايات أكثر أثارة ، طوال أربعة عشر عاما ..
وهنا يأتي دور التقرير البحري ..

إن التقرير يتحدث عن سفينة عملاقة أخرى ، ولكنها هذه المرة سفينة حقيقية ، احتلت صورها وأخبارها صفحات الصحف الأولى طويلا ، منذ انتهى بناؤها ، وحتى نهاية قصتها ..

ومن العجيب أن هذه السفينة العملاقة الحقيقية ، التي بدأت أولى رحلاتها في المحيط ، في عام 1912م ، أي بعد أربعة عشر عاما من نشر رواية ( مورجان ) ، كانت تزن أيضا ما يقرب من السبعين ألف طن ..
بالتحديد كان وزنها ستة وستين ألف طن ..
والعجيب أيضا أن طولها كان يبلغ مائتين وثمانية وأربعين مترا ..
وكان محركها يتكون أيضا من ثلاث مراوح قوية ..
ومن العجيب أن أحدا لم ينتبه إلى التشابه الشديد بين هذه السفينة ، وبين سفينة رواية ( مورجان ) . بل أن السفينة الحقيقية قد حملت أسم ( تيتانيك ) ، مضيفة حرف الكاف فقط ، إلى أسم سفينة
( مورجان) ..
وربما كان تراجع رواية ( فيوتيليتى ) ، وانحسار الأضواء عنها ، سببا في عدم الالتفات إلى التشابه الشديد بينها وبين قصة ( تيتانيك) ..
أو هو القدر ..
المهم أن ( تيتانيك ) أيضا قد انطلقت في أولى رحلاتها في احتفال كبير ، في أوائل أبريل ، وعلى متنها ثلاثة ألف مسافر ..
أهي صدفة حقا ؟ ..
لا تتخذ قرارك الآن ، بل دعنا نتابع ذلك التشابه المدهش بين السفينتين أولا ..
لقد انطلقت ( تيتانيك ) فى رحلتها ، والثقة تملأ قلوب ركابها وقباطنتها وبحارتها ، في أنه من المستحيل أن تغرق سفينة عظيمة عملاقة كهذه ..
وهذا ما أعلنته الشركة المالكة ل ( تيتانيك)..
ولكن الضباب أحاط بـــ (تيتانيك) ..
تماما مثلما حدث لسفينة ( مورجان)
وعلى الرغم من هذا غادر القبطان كابينة القيادة ، وتناول طعام العشاء في صالة الركاب ، وهو يوزع ابتسامته وثقته على الجميع ، وترك القيادة لضابطه الأول .
وفجأة ظهر جبل الجليد الضخم ..
وأصيب طاقم السفينة بالذعر ، عندما برز ذلك العملاق الجليدي أمام عيونهم بغتة ..
ثم حدث الارتطام ..

وتماما مثلما حدث في رواية ( مورجان ) ، بدأت ) تيتانيك ) تغرق ..
وكان هذا في العاشر من أبريل ، عام 1912 م ..
وعندما بدأت محاولات النجاة في ( تيتانيك ) الغارقة ، كان الجميع يتصرفون كما لو أنهم يتبعون نفس الوصف ، الذى تضمنته رواية ( مورجان) ..
حتى النهاية ، جاءت متطابقة على نحو مذهل ..
وهذا ما تضمنه تقرير مستشار المدير العام لمؤسسة ( راند )

ولقد ظل المدير صامتا مبهوتا ، مدهوشا ، بعد انتهائه من قراءة التقرير ثم لم يلبث أن هب من مقعده ، وأندفع الى حجرة مستشاره ، وأقتحمها فى عنف ، وهو يهتف فى وجهه :
- أأنت واثق بكل حرف ورد فى هذا التقرير ؟
لم يكن بحاجة إلى إلقاء مثل هذا السؤال ، فقد كان يعلم أن سمة التعامل في المؤسسة هي الصدق وتحرى الدقة الشديدة ، وعلى الرغم من هذا ، فقد انتفض جسده في حماس ، عندما أجابه مستشاره بالإيجاب ..
لقد قراء معجزة حقيقية في هذا التقرير ..

وعلى الفور ، أصدر المدير أوامره بشراء كل الروايات ، التي تحوى أخبار كوارث وهمية ، أبتدعتها عقول الأدباء ، ودراستها دراسات جادة مستفيضة ، للبحث عن أي تشابه بينها وبين اى أمر حقيقي ، يدور الآن أو مستقبلا ..
وفى مكتبه ، عاد المدير يقرأ التقرير مرة وثانية ، ويلقى على نفسه عشرات الأسئلة الحائرة ، التي تحتاج إلى أجوبة ..
كيف استطاع عقل ( مورجان بيتس ) وصف حادثة مستقبلية بهذه الدقة ؟ ..
كيف أمكنه التنبؤ بكل ما حدث ؟ ..

هل هذه قدرة خاصة ، يمتلكها ( مورجان ) وحده ؟ ..
وهل يستطيع الإنسان العادي امتلاك مثل هذه المقدرة ؟ ..
ولم يحصل المدير على أجوبة شافية حتى الآن ..
لقد استطاع ( مورجان ) قراءة المستقبل ، وهو يكتب روايته ..
أو أن الوحي الساقط عليه - حينئذ - كان زائر من المستقبل ..
أو انه هناك تفسير آخر ..
لا أحد يدرى ..

لقد أتى ( مورجان ) أمرا يفوق الطبيعة ، وأعلن عن وجود موهبة جديدة بين الأدباء ..
موهبة تكمن في جزء غامض من أجسامهم ..
وفيما وراء العقل ..
#Davi
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مورجان, الحقيقة, رواية, روبرتس, غرائب, فيوتيليتي, والخيال


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع غرائب .. رواية مورجان روبرتس فيوتيليتي بين الحقيقة والخيال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دعوة مسلمي مدينة لوريان لبناء مسجد عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 03-19-2014 08:39 AM
من غرائب غرف النوم... صباح الورد البيت السعيد 0 11-30-2013 09:28 AM
زوجةُ الفراسة والحياء زوجة موسى عليه السلام Eng.Jordan رواق الثقافة 0 03-03-2013 08:16 PM
كذب الأطفال...بين الواقع والخيال في المنظور التربوي والسايكولوجي - هناء ثابت محمد المداد Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 11-03-2012 12:51 PM
بعض مؤثرات رواية "الجريمة والعقاب" لدوستيفسكي في رواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب" Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 02-03-2012 02:37 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:54 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59