العودة   > > >

أخبار ومختارات أدبية اختياراتك تعكس ذوقك ومشاعرك ..شاركنا جمال اللغة والأدب والعربي والعالمي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 12-12-2012, 08:09 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي السياق اللغوي والتاريخي للاستعراب


عبد الكريم أحمد أطخايش - المغرب




تطورت في الغرب الدراسات العلمية المهتمة بالعطاء العلمي والثقافي والحضاري (للآخر)، وكان لابد لهذا الاهتمام من مقتضيات منهجية علمية وجب سلوكها من أجل صبغ الأعمال بالعلمية، ومن بينها تحديد مفهوم علم يرتبط بالآخرين في رصد ثقافتهم وسلوكهم وأخلاقهم وتقاليدهم وأذواقهم الفنية في مختلف الفنون والآداب والعلوم الإنسانية، كما كان من بينها ما يصطلح عليه علمياً في تاريخ العلوم الإنسانية المتعلقة بالحضارة الإسلامية العربية بالأندلس بـ(الاستعراب الإسباني).
المستعرب في كلام العرب من: عرب، وهو اسم فاعل. من استعرب: وهو كل أجنبي عالم بآداب العرب ولغتهم وعلومهم وتاريخهم ونحوها، ومن اعتنى من غير العرب بآدابهم وحضارتهم وثقافتهم، نقول: (مستشرق/يهودي مستعرب) ومنه العرب المستعربة: الدخلاء فيهم الذين تكلموا بلسان إسماعيل عليه السلام.
وعرب: استعرب، يستعرب، استعراباً، فهو مستعرب: واستعرب الشخص أي جعل نفسه من العرب. وصار دخيلاً بين العرب. ومستعرب (جمعه: ـون وـات) فاعل من استعرب وصار مستعرباً: الأجنبي الذي تعلم اللغة العربية وآدابها. فنقول: (هذا الكتاب من تأليف المستعرب فلان): أي العالم المختص بآداب العرب وعلومهم وثقافتهم وتاريخهم.
والاستعراب استعمال قديم. فقد استعمله ابن الفرية، وهو من خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة. إذ قال لما سأله الحجاج عن أهل البحرين: (نبط استعربوا)؛ قال: (فأهل عمان)؛ قال: (عرب استنبطوا)، وذلك يكون إما لغة أو انتساباً أو لعلاقة أخرى.
فالكلمة أصيلة في منطق العرب وتداولهم اللغوي ذي الدلالة الاجتماعية مما تقدم، ومن كلام ذي النون المصري إذ يقول: (نعوذ بالله من النبطي إذا استعرب). فجعل الظاهرة من قبيل التطبع الذي في الغالب ما يمسخ طبيعة الأشياء في ماهيتها وتكوينها، ومن هذا القبيل المفاهيم والسلوكات النفسية والاتجاهات الثقافية في دراسة ثقافة الآخر وكشفه الاجتماعي.
ولعل من قبيل هذا، مصطلح الاستعراب، والمستعرب بدلالتهما اللغوية وتمثله الاجتماعي في السياق المعرفي والحضاري. وما يرصد حقيقة هذا المفهوم المرتبط بموضوع دراستنا هو ما نجده عند ابن منظور نقلاً عن الليث تعريفه: والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا. قال الأزهري: المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم. وقال الأزهري: ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية بعدما كان مقيماً بالحضر فيلحق بالأعراب ويكون التعرب المقام بالبادية ومنه قول الشاعر:
تعرب آبائي فهلا وقاهم
من الموت رملاً وزرود
على أن التعريف العلمي للمصطلح (الاستعراب) في الحقل المعرفي يبدو قاصراً عن ماهيته الميدانية والحضارية والاجتماعية، كما يقصر عن تمثله الواقعي في تاريخ الأمم وحضاراتها، ويدفعنا إلى ذلك التأصيل اللغوي للمصطلح نفسه، والمشتق من مباحث الأعراق والإثنولوجيا (العرب المستعربة) والذين يعرفهم الليث ويصفهم بدخولهم في قوم العرب.
ولا يعني هذا مرحلة زمنية محددة لا تفي بكمال الاندماج الاجتماعي والثقافي والسلوكي، ومن ثم المعرفي (باعتبار المفارقة بين مدلول الثقافة الأشمل والمعرفة الأخص). أي، لا يكون الاستعراب إلا بما ذكر من تلك الصفة. وما يزيد الأمر بياناً وتوضيحاً ما ذهب إليه أحد اللغويين بما يفتح لنا أفقاً رحباً للبحث نحو شمولية مفهوم الاستعراب وجمعه؛ إذ يقول الأزهري: «المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم»، وعليه يمكن أن نصوغ تعريفاً من هذا القبيل على الشكل التالي: «المستعربون هم قوم من العجم يندمجون مع العرب ويدخلون فيهم فيتكلمون بلسانهم ويحاكون هيآتهم وليسوا بصرحاء فيهم»، فيكون المدول العلمي للمصطلح لا يعدو أن يكون مرتبطاً فقط بالشق اللغوي أي –اللسان- الذي هو أحد المداخل الرئيسة للاطلاع على علوم الآخرين وثقافتهم.
ومن ثم يكون الاستعراب الإسباني هو تأثر الإسبان بثقافة العرب وعاداتهم الاجتماعية وتقاليدهم في الحياة اليومية ولكن يتعذر خلوصهم كلياً، بما يجعلهم مثلهم. ولذلك كان استفعالاً.
فاللسان أي اللغة عنوان الثقافة والفكر، والعادات والتقاليد الشاملة سمات الهوية ومميزاتها بما تنطوي عليه من شيم وقيم ومبادئ.
ولعلنا بهذا يمكن أن نرصد تطور الاستعراب من حيث وجهته العلمية عبر هذا المدخل اللغوي وتطوره الدلالي، وفي هذا المضمار يبدو أن تعريف الأزهري يحتضن في ثناياه الحمولة الدلالية للتعريف المعاصر للاستعراب من كونه اهتمام العجم بآداب العرب ولغتهم وعلومهم وتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم ونحوها.
وبناء على هذا يمكن استيحاء تقسيم منهجي انطلاقاً من اللغة نفسها، يفرَّق فيه بين التعرب والاستعراب رغم ترادفهما عند بعض اللغويين، غير أن الجانب الأنثروبولوجي يظل فيصلاً بينهما. فالتعرب الاختلاط بأهل البادية كما سبق، بينما الاستعراب اختلاط واندماج اجتماعي حضري، وقد يكون هذا غير منضبطاً.
إلا أنني أعتقد أن هذا التفرقة قد تساعدنا في رصد الفروق النفسية والفكرية لمواقف المستعربين من كثير من القضايا سواء كانت فكرية معرفية أو سلوكية حضارية اجتماعية. ذلك بأن البيئة عامل حاسم في صقل ملكة التقييم والصور والأحكام على الآخر، على أنّا لا نجزم باطراد ما يقبل الاحتمال والاستثناءات في حالات بعض الأقوام والأمم يختلط بالأجناس الأخرى ويرتبط بثقافتها وحضارتها ارتباطاً عقلياً وعاطفياً قد يجعلها أقرب إلى النزاهة والموضوعية عند المقاربة، أو ارتباطاً معرفياً احترافياً يخدم أغراضاً ومطامع نفوذية توسعية على حساب القيم والمبادئ المشتركة في الإنسانية، بغض النظر عن طبيعة أهدافه سواء كانت في خدمة أبناء المجال والبيئة، أو في تلبية حاجات وإشباع نزوات الأنا الحضارية الغربية تجاه الآخر.
اصطلاح أم استشراق
لا شك أن تاريخ إسبانيا متميز في خصوصيته عن تاريخ الغرب المسيحي –ونعني به هنا في هذا السياق أوروبا- إذ أن الحلقة الكبرى في تسلسل مشواره الحضاري التي شغلت حيزها الحضارة العربية الإسلامية، جعلت منه مكوناً جوهرياً في حقيقة الكيان التاريخي والاجتماعي لإسبانيا، أي أن عامل الوجود العربي الإسلامي لا يمكن الحديث عنه في ذلك كأمر أجنبي أو مكون خارجي في تاريخ إسبانيا الأمر الذي جعل الإسبانيين يميزون بين العرب وبين الشرق، وهذا يتضمن من الدقة والضبط ما قد يمكن أن تسلم به كثير من الدراسات والأبحاث، ومن ثم كثير من الاستنتاجات والأحكام من مأزق الالتباس والتخليط، أو التعميم ومحاكمة النوايا للحضارات والقيم والمبادئ عند أصحابها.
ولذلك استهجن الكثير من الإسبان المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية نعتهم بالمستشرقين ويفضلون بدلها كلمة (الاستعراب) (Arabistas) نظراً لأنهم نذروا حياتهم لدراسة اللغة العربية وآدابها وحضارة المسلمين وعلومهم في شبه الجزيرة الإيبيرية بصفة خاصة دون أن يهتموا بلغات شرقية أخرى كالفارسية والتركية والأردية وغيرها، إلا ما كان من طرف بعض الباحثين المعاصرين وهم قلة. ويلح المستعرب بيدرو مارتينث مونتابيث pedro martinez montavez على استعمال كلمة (الاستعراب) (Arabista)، لأن الدراسات التي بدأت في إسبانيا وازدهرت منذ وقت طويل كانت الدراسات العربية، ولا توجد منذ بداية هذه الدراسات دراسات في التركية وفي الصينية والهندية وكلها تدخل في الاستشراق.
وعليه فلا معنى للخلط الذي يقع فيه بعض الباحثين والدارسين من جعل الاستعراب بمعنى الاستشراق، وإن كان الأول من مشمولات الأخير، إلا إذا كان الاعتبار من باب التجوز. وهو مذهب المدرسة الإسبانية في ذلك لكون ذلك مما يرتبط بها ويخصها.
ومن هنا كان الواجب التمييز بين المستعربين والمستشرقين في إسبانيا. فالمستعربون هم الذين يهتمون بالدراسات العربية الإسلامية، وبخاصة الأندلسية منها، والمستشرقون هم الذين يهتمون بقضايا الشرق على العموم، وبخاصة قضايا الشرق الأقصى الأمر الذي يدفع بالمهتمين منهم استهجان وصفهم بالمستشرقين.
أما في الأندلس، فقد أطلقت كلمة (المستعربة) أو (المستعربين) (Mozarabes) على العناصر المسيحية التي استعربت في لغتها وعاداتها، ولكنها بقيت على دينها محتفظة ببعض تراثها اللغوي والحضاري. وقد كفلت لهم الدولة الإسلامية حرية العقيدة، فأبقت لهم كنائسهم وأديرتهم وطقوسهم الدينية التي كانت تقام باللغة اللاتينية، كما كان لهم رئيس يعرف بـ(القومس) (Gomez) وقاضٍ يعرف بقاضي العجم أو النصارى، يفصل في منازعاتهم بمقتضى القانون القوطي.
إلا أن المصطلح تطور مع مرور الزمن ليكتسي طابعاً علمياً مختصاً بدراسة حياة العرب وما يتعلق بهم من حضارة وآداب ولغة وتاريخ وفلسفات وأديان، وله أصوله وفروعه ومدارسه وخصائصه وأتباعه ومنهجه وفلسفته وتاريخه وأهدافه. والمستعرب هو عالم ثقة في كل ما يتصل بالعرب وبلاد العرب أو باللغة العربية والأدب العربي، أو بالأحرى المستعرب هو من تبحر من غير أهل العرب في اللغة العربية وآدابها وتثقف بثقافتها وعني بدراستها.
وتعتبر حركة الاستعراب الإسباني من أقدم الحركات الاستعرابية التي عرفها العالم الغربي، فإذا كان الغرب المسيحي يحدد بداية الاستعراب الرسمي بعام 1322م؛ فإن الاستعراب الإسباني يرجع إلى بداية انتشار الإسلام في الأندلس في القرنين الثالث والرابع الهجريين، إذ اهتم الإسبان منذ ذلك الوقت باللغة العربية وما تعلق بها من علوم وآداب وفنون.
وقد أثار أحد الباحثين إشكال هوية الاستعراب الإسباني وجذوره، انطلاقاً من مذهب أحد مشاهير المستعربين (خوليان ريبيرا إي طراكو) (1858 - 1934م، Julián Ribera y Tarragó)، والذي يعد من الأوائل الذين تبنوا فكرة (الأصل الإسباني لمسلمي الأندلس) معتبراً -بعد دراسات عميقة- الحضارة الأندلسية جزءاً من التراث الإنساني القيم والقويم، وأن كل منجزات الأندلسيين المسلمين في العلوم والفنون والثقافة إسبانية، كما يعتبر أن (المجتمع المولد) الجديد في الأندلس بعد الفتح واختلاط الأعراق والأجناس، كان عربي اللسان إسلامي الدين، مستسهلاً في ذلك تعلم العربية ومستهيناً بانتشارها دون اعتباره أمراً بالغ الإثارة والاهتمام، مبرزاً قدرات الإسبان وكفاءتهم في الكشف تحت ظلها أصول الثقافة الإسبانية، وتوضيح ما خفي من جوانبها، حين كانت العربية في وطننا لغة الثقافة والحياة. وبالرغم من إعجاب (خوليان ربيرا) بالعربية والإسلام لم ينسلخ من وطنيته الإسبانية، فقد أثبت علمياً دجل عروبة الأندلس، فقد أجرى تجربته على الأسرة الأموية التي حكمت البلاد فوصل إلى استخلاص نتيجة مذهلة لا تروق مدعي العروبة أصلاً «عبد الرحمن الداخل لا يحمل من الدم العربي سوى النصف، لأن أمه كانت أم ولد ( غير عربية)، وابنه هشام لا يحمل سوى ربع الدم العربي لأن أمه كانت جارية إسبانية. منطلقا في هذا من المباحث العلمية للإثنولوجيا.
وهذا ما ينبغي الوقوف عنده طويلاً إذ ينبو عن خلل منهجي في مراعاة نسقية الترتيب الكرونولوجي للحضارة العربية الإسلامية بالأندلس مقارنة مع الفترة الحالكة التي عرفتها إسبانيا قبل الفتح الإسلامي.
لكن الإشكال المطروح لحالة الاستعراب الأندلسية هكذا: «هل الحضارة والثقافة نتاج لتفوق السلالة العربية؟ أم أنها منتوج الإنسان في عمومه في تفاعله وصراعه مع البيئة التي يعايشها، أم أن الأمر له علاقة باللغة؟ ولماذا كانت إبداعات الغرب الإسلامي تفوق في قوتها وثورتها إبداعات المشرق حتى نافست قرطبة بغداد بامتياز قل نظيره في عالمنا الإسلامي؟. رامياً من وراء هذه التساؤلات إلى استخلاص أن: التفاعل الإيجابي للإنسان الحي مع البيئة التي يعيش فيها هو الضمان الأوفر لبناء الحضارة المتميزة.
وهكذا يظهر الطرح الإثنوغرافي لنشأة الاستعراب الإسباني وتطوره والذي ينطلق من حقائقه العلمية ليثبت أثر العرق الإثني الذي يقول: «الحضارة من صنع يدي، والفكر البشري هو فكري الذاتي، هو عرق يجدّف على البشريّة».
وما يفتأ صاحب المقال بعد التعريج على مقاصد الاستعراب إلا استخلاص أن الاستعراب عمل إستراتيجي تستخدمه الدول ليس حباً في غيرهم، وإنما احتياطاً هجومياً أو دفاعياً حسب ما تقتضيه الحالات، والمتخصص في ذلك الفن يعد مستعرباً، فالاستعراب إذاً هو انشغال العرب وغير العرب بقضايا العرب.
ولعل هذا الجمع في التعريف يفقد المسألة جانب الانبهار (الغيري) بحضارة (الآخر) ما دام (العرب) مدرجة في الحد والتعريف.
على أن الممارسة الفعلية لمقتضى المدلول العلمي للمصطلح سبقت صياغة معناه ومفهومه من الحيثية النظرية. وهذا ما يعني أنه لم يشهد من هذا الجانب تطوراً علمياً في المفهوم، وإنما كان منبثاً في واقع الممارسة إلا أنه لم يستنبط إلا بعد تراكم التجارب وبداية التدوين العلمي للخبرات ولم يوضع إلا حديثاً.
وهكذا نلحظ ملمحاً متميزاً في المدرسة الإسبانية في اختيار المصطلح وتدقيق المفهوم، مبرزاً بذلك استقلالية معجمية مفاهيمية منبثقة من الواقع التاريخي للظواهر موضوع دراسة هذا العلم في بلاد الأندلس.
وقد أولع الإسبان بالحضارة العربية الإسلامية واللغة العربية في فترة ازدهارها وثرائها وحيويتها العلمية بالعطاء والإبداع النوعي في مختلف حقول العلوم والمعارف ما جعلهم يدينون لثمانية قرون من الوجود الإسلامي العربي بالأندلس وللغة العربية التي كانت مثار إعجاب المسيحيين بها والعكوف على دراستها وتذوق جماليتها، باذلين في سبيل اقتناء الكتب والمصادر الغالي والنفيس، إذ كانت يومئذ لغة العلوم والحضارة كما كانت الأمة في أوج مجدها مما جعل نموذجها الحضاري الغالب نحلة للمغلوب.
ومن ثم تُستكنه بواعث الإعجاب وعوامله لنتخطى بذلك حصرها في عامل واحد هو الإعجاب النفسي بالحضارة العربية الإسلامية لغة وآداباً وعلوماً وثقافة. إضافة إلى السنن الاجتماعية التي تحكم علاقات الأمم والحضارات بعضها ببعض ألا وهو قانون (نحلة الغالب) -كما يقرر ابن خلدون- المتبعة والمنتهجة من قبل الغالب بما يترجم في تلك الفترة إلى الإعجاب بنموذج الحياة اليومية وطريقة العيش العربي وفنونه مأكلاً ومشرباً وملبساً ولغة وعادات وأعرافاً وغيرها.
وهكذا كان لاتصال إسبانيا بالحضارة العربية الفضل الكبير في رسم المعالم الحضارية لهذا الدولة الأوروبية جغرافيا والمطبوعة بالصبغة الإسلامية العربية حضارياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً بما شهدته عبر ثمانية قرون من التراكمات والتفاعلات التي جعلت من التأثر الحضاري ليس أمراً دخيلا عليها بل كان جزءا من مكونات تاريخها وحضارتها ليجعلها دولة مستقلة نوعاً ما ومتميزة عن أوروبا أحادية التاريخ الثقافي المسيحي اللاتيني- وتكون بذلك روضة التلاقح الإيجابي والتفاعل الثلاثي المتسامح البناء بين الثقافات الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلامية) والذي رسم خطوط مسار الاستعراب الإسباني المتوجه نحو الدراسات العربية الإسلامية تأثراً وإعجاباً وتقديراً، وذلك عبر إبداعات العبقرية الأندلسية وإسهاماتها في التراث العربي الإسلامي دراسة وتحقيقاً وجمعاً وترتيباً وتصنيفاً، والذي ما زالت شمس المؤمنين به قضية حضارية جوهرية في الهوية التاريخية لإسبانيا مع فحول الاستعراب المعاصر أمثال خوان غويتسولو وخوان بيرنيت. في عصرنا الحالي.

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للاستعراب, المغني, السياق, والتاريخي


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع السياق اللغوي والتاريخي للاستعراب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في السياق التداولي لمفهوم الاستلاب عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 1 11-10-2015 10:18 AM
المعنى الحقيقي للإصلاح عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 05-06-2015 07:00 AM
دلالة السياق في تفسير ابن كثير عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 1 11-16-2014 12:52 PM
النمو اللغوي عند طفل الروضة Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 11-01-2012 02:18 PM
المغني الحزين يقيني بالله يقيني أخبار ومختارات أدبية 4 04-13-2012 05:59 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59