#1  
قديم 03-11-2015, 08:44 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة الأزمة الأمريكية في الشرق الأوسط


أوروبا و الأزمة الأمريكية في الشرق الأوسط*
ـــــــــــــــــــــــ

20 / 5 / 1436 هــ
11 / 3 / 2015 م
ـــــــــــ

الأمريكية 710510032015113532.jpg


بقلم: ريفا بهالا
--------

لقد تم التوصل الى اتفاق مؤقت في العاصمة البلجيكية بروكسل خلال الاسبوعين الماضيين يقضي بالإبقاء على اليونان داخل الاتحاد الأوروبي. كما تم الاتفاق على خارطة طريق لوقف اطلاق النار في مينسك عاصمة بيلاروسيا, هذا بالإضافة الى تقدم المفاوضات مع الايرانيين مما سيكون من المحتمل أن يتم التوصل الى اتفاق في جينيف بشأن برنامج ايران النووي.
لقد قام مجموعة كبيرة من الدبلوماسيون بإحباط عدد من الأزمات الجيوسياسية واحدة تلو الأخرى. ومع ذلك فإنه أمر سابق لأوانه وحتى يمكننا القول أنه أمر متهور أن تفترض بأن الخلل الظاهر في هذه القضايا يعتبر متوازن وبشكل فعال. إن الخطوة الأولى نحو تحديد زمان ومكان الانفجار التالي والذي من المرجح أن يحدث تتمثل في فهم طبيعة هذه الأزمات وكيف انها تبدو مترابطة ولا تنفصل عن بعضها البعض.

ألمانيا وأزمة الاتحاد الأوروبي
----------------
ومرة أخرى نرى ألمانيا قد أصبحت ضحية لقوتها الذاتية. وباعتبارها أكبر دائن في أوروبا فإنها تمتلك نفوذ سياسي كبير وجدير بالانتباه والذي تمارسه على الدول المدينة مثل اليونان حيث تعتمد بشكل كامل على قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فيما اذا كان لديها الرغبة للتوقيع على شيك مصرفي آخر لإنقاذها. وجدير بالذكر هنا أن ألمانيا تصدر ما يعادل نصف ناتجها الاجمالي المحلي ومعظم تلك الصادرات يتم استهلاكها داخل أوروبا. وبالتالي فإن المؤسسات التي تعتمد عليها ألمانيا من أجل حماية الأسواق التي تصدر لها هي ذاتها المؤسسات التي تعتمد عليها من أجل أن تخوض معركتها لحماية ثروتها الوطنية.

لقد نظر الكثير من المراقبين الى اتفاق بروكسل الأخير على أنه نصر لبرلين قد حققته على أثينا وذلك بسبب وقوف وزراء ماليين في الاتحاد الأوروبي بما فيهم وزراء من البرتغال وإسبانيا وفرنسا الى جانب ألمانيا في رفضها أن يكون لليونان الحق في التهرب من دفع الالتزامات المالية المستحقة عليها. ولكن ميركل هي أيضاً ليست على وشك أن تغامر بمبلغ غير محدد من أموال دافعي الضرائب الألمان بمجرد وجود ضمانات يونانية واهية لخفض التكاليف وفرض اصلاحات هيكلية على المواطنين, حيث لا تزال حتى الوقت الراهن تنظر الى حزب سيريزا الحاكم على أنه الحزب المنقذ لها من حالة التقشف.
وخلال أربعة أشهر سوف نشهد نشوب خلاف جديد بين اليونان وألمانيا. كما أنه من المرجح أن تبقى اليونان بحاجة الى أوراق اعتماد تتعلق بسياسة التقشف والتي تحتاج لها برلين من أجل أن تقنع المتشككين في أوروبا بأنها تمتلك الثقل المؤسساتي والمصداقية لفرض سياسة الاقتصاد والتوفير على بقية دول أوروبا. وكلما كان أمام ألمانيا الوقت الكافي كلما أصبح موقف الأطراف في المفاوضات الألمانية اليونانية أكثر مرونة, وكلما أصبح التجار ورجال الأعمال والسياسيون أكثر جدية على حد سواء فيما يتعلق بتهديد ما يسمى بانسحاب اليونان من الاتحاد الأوروبي, وهو الذي يعتبر الحدث الأول والأبرز في سلسلة الأحداث التي من الممكن أن تؤدي الى تلاشي الاتحاد الأوروبي.

دور الأزمة في أوكرانيا
--------------

إن على ميركل أن تقوم بتهدئة جبهتها الشرقية حتى يمكنها أن تدير دفة أزمة الاتحاد الاوروبي المتفاقمة. ولا عجب إذاً أن ميركل قد فرضت على نفسها أن تبقى ليالي طويلة دون أن يكون باستطاعتها النوم هذا بالإضافة الى أن تضع لنفسها برنامج سفر متواصل من أجل أن تتوصل الى اتفاق شكلي آخر مع روسيا بشأن مينسك. لم يكن الاتفاق مكتملاً منذ البداية وذلك لأنه لم يتطرق الى مسألة الاعتراف بالمحاولات الجارية التي يبذلها الانفصاليون الذين يتلقون الدعم من روسيا من أجل الوصول الى تسوية بشأن الخط الفاصل عن طريق وضع مدينة ديبالتسيفي تحت سيطرتهم. وبعد عدة أيام اخرى من الاشتباكات قام الألمان بحمل الرئيس الأكراني بترو بوروشينكو وبشكل هادئ على قبول واقع المعركة وبأن يتحرك بناءاً على اتفاق وقف اطلاق النار, حيث استخدم الألمان نفوذهم مرة أخرى باعتبارهم الدولة الدائنة وضد أوكرانيا هذه المرة. ولكن حتى وإن كان وقوف ألمانيا الى جانب روسيا قادر على خلق هدوء نسبي في شرقي أوكرانيا, إلا أن ذلك في نهاية المطاف لن يؤدي وبشكل كبير الى تهدئة الأجواء بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

العلاقة بين أوكرانيا وايران
---------------
يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا تأخذه رياح الطموحات الاقليمية الجنونية حيث تريد وذلك خلافاً لما يشاع عنه في الغرب, فهو يقرأ الخريطة تماماً كما كان يقرأها أسلافه على مدى القرون ويتنازع من أجل تأدية مهمة الحفاظ على أمن كل روسيا من احتمال اعتداء أي دولة حدودية تختبئ تحت جناح قوة عسكرية كبيرة في الغرب. وعلى الرغم من قيام الولايات المتحدة بتذكير موسكو وبشكل متكرر على مدى الأيام القليلة الماضية, إلا أن البيت الأبيض يحتفظ بخيار ارسال مساعدات مدمرة الى أوكرانيا, حيث يأتي مع المعدات الثقيلة عدد من المدربين ويأتي مع المدربين جنود يسيطرون على الأرض.
ومن وجهة نظر بوتين فإنه يستطيع أن يرى الولايات المتحدة تمتد خارج حدود حلف شمال الأطلسي بالفعل وذلك من أجل تجنيد وحشد الحلفاء على طول المنطقة المحيطة بروسيا. وحتى يتم ضرب الهدن القصيرة الأجل التي تم التوصل لها في شرقي أوكرانيا فليس هناك ما يحول دون تقدم الولايات المتحدة العميق جدا في المنطقة. ذلك هو الافتراض الذي سوف يتحكم بالتصرفات الروسية في الاشهر القادمة, بما أن بوتين يقوم بمراجعة خياراته العسكرية والتي تتضمن انشاء جسر بري يصل الى شبة جزيرة القرم وهي الخطوة التي من شأنها أن تجعل الحدود الروسية مع أوكرانيا معرضة للخطر على أرض الواقع. هذه الخطوة تعبر عن طموح كبير للارتكاز غرباً على نهر دنيبر و التحقيق في الأفعال المرتكبة في دول البلطيق هناك وذلك من أجل اختبار مدى مصداقية حلف الناتو.
إن الولايات المتحدة لا تملك وسائل رفاهية لاستبعاد أي من هذه الاحتمالات, لذا عليها أن تتهيأ وفقاً لذلك. ولكن التركيز على مسرح أوراسيا يستلزم أولاً ربط النهايات الفضفاضة في الشرق الأوسط وذلك بالبدء من ايران.

وصلنا الآن الى جينيف حيث التقى مجدداً كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في الثاني والعشرين من شهر فبراير وذلك من أجل التوصل الى حل بشأن النقاط العالقة والمتعلقة بالاتفاق النووي قبل 31 مارس وهو التاريخ الذي من المفترض أن يكون الرئيس باراك اوباما قد برهن فيه على احراز تقدم في المفاوضات من أجل اقناع الكونجرس الأمريكي على التراجع عن فرض المزيد من العقوبات على ايران. وفي حال خرجت الولايات المتحدة من السيناريوهات بشكل واقعي وتتم المواجه بين القوات العسكرية الأمريكية مع روسيا في أوروبا, فإنها بحاجة أن تكون قادرة على اعادة انتشار قواتها وبسرعة والتي كانت قد قضت السنوات العشر الماضية في اخماد النيران التي أشعلتها الامارات الجهادية المتنامية في الشرق الأوسط والتحضير لصراع محتمل في الخليج العربي. إن الولايات المتحدة ومن اجل أن تخفف من حملها الذي يقع على عاتقها في الشرق الأوسط فإنها سوف تتطلع الى بعض القوى الاقليمية التي لها مصالح شخصية وتتنافس فيما بينها من أجل أن تحمل عنها المزيد من الأعباء.

إن التفاهمات الأمريكية الايرانية تسير الى حد بعيد يتجاوز حدود الاتفاق على كمية اليورانيوم التي يسمح لإيران بتخصيبها وتخزينها احتياطياً والاتفاق على المدى الذي سيخفف عنده العقوبات على ايران من أجل الحد من برنامجها النووي. هذه التفاهمات سوف تقوم برسم المعالم الاقليمية لمجال النفوذ الايراني وايجاد مجال لكل من واشنطن وطهران لتحقيق التعاون في المناطق التي تتلاقى فيها مصالحهم. يمكننا بالفعل أن نرى هذا الأمر في كل من العراق وسوريا, حيث يجبر تهديد الدولة الاسلامية كل من الولايات المتحدة وايران وبالقوة على تنسيق الجهود فيما بينهم من أجل وضع حد لطموحات الجهاديين هناك. وبالرغم من أن الولايات المتحدة سوف تكون حذرة بشكل كبير وواضح فيما يتعلق بالبيانات والتصريحات التي تصدرها لعامة الناس بينما تحاول أن تخفف من قلق "اسرائيل" المتزايد, فإن المسؤولين الامريكيين قد زعموا أنهم قاموا بالتوصل إلى ملاحظات ايجابية حيال دور حزب الله في محاربة الارهاب وذلك عندما يتحدثون بشكل منفرد مع من يتحاورون معهم من اللبنانيين في اللقاءات الأخيرة. ربما يبدو ذلك وكأنه عبارة عن تفاصيل صغيرة تطفو على السطح ولكن ايران ترى بإقامتها علاقات ودية مع الولايات المتحدة الأمريكية فرصة لكي تحصل منها على اعتراف بأن حزب الله هو حزب يمارس دوره كممثل سياسي شرعي في المنطقة.

إن التقارب الأمريكي الايراني لن يكتمل بحلول شهر مارس أو يونيو أو في أي موعد نهائي ستضعه واشنطن في هذا العام. كما أن اطار الاتفاقات حول القضايا النووية وتخفيف العقوبات سوف يكون من الضروري تطبيقه على مراحل من أجل توسيع نطاق المفاوضات في عام 2016 وبشكل فعال, حيث سيكون باستطاعة الكونجرس أن يسمح بأن تنتهي العقوبات الأساسية ضد ايران وذلك بعد عدة أشهر من اختبار مدى امتثالها واذعانها لشروطه وأيضاً بعد أن تجتاز مرحلة الانتخابات البرلمانية.
ربما قد تظهر بعض الأمور المعيقة مثل وفاة المرشد الايراني الأعلى آية الله علي خامنئي. ولكن هذه الأمور لن تمنع البيت الأبيض من توجيه المسار نحو تطبيع العلاقات مع ايران. إن الولايات المتحدة الأمريكية وبغض النظر عن الحزب الحاكم فيها سوف تقوم بتصنيف مستوى التهديد القادم من الصراع في أوراسيا في المقدمة على اعتبار أنها سوف تقلل من حدة صراعها مع ايران. وحتى إن كان الاتفاق بشأن الطاقة النووية يؤدي إلى وضع حجر الأساس للتفاهمات بين الولايات المتحدة وايران, فإن واشنطن سوف تعتمد على قوى اقليمية مثل تركيا والمملكة العربية السعودية لكي تقوم بتقليل مجال النفوذ الايراني شيئا فشيئا ومن ثم تآكله, مشجعة بذلك على تحقيق المنافسة الطبيعية في المنطقة من أجل تحقيق توازن نسبي للقوة على مر الزمن.

الدوران نحو الخلف
------------
يبدو أن ألمانيا بحاجة إلى توقيع اتفاق مع روسيا من أجل أن تكون قادرة على ادارة الأزمة الحالية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي, كما أن روسيا بحاجة الى توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية للحد من تجاوز الولايات المتحدة للمنطقة التي تقع ضمن نفوذها, كما أن الولايات المتحدة بحاجة الى توقيع اتفاق مع ايران لكي يكون باستطاعتها أن تعيد تركيز اهتمامها على روسيا. لا يوجد صراع منفصل عن صراع آخر وذلك بالرغم من أن كل صراع له وزن خاص به يختلف عن الصراع الآخر. إن باستطاعة كل من ألمانيا وروسيا أن تجدا طرق لتسوية خلافاتهما وذلك مثلما يمكن لإيران والولايات المتحدة الامريكية أن تفعلا نفس الشيء. ولكن أزمة الاتحاد الأوروبي الكبيرة لا يمكن تجنبها كما لا يمكن لمشاعر عدم الثقة العميقة التي تشعر بها روسيا حيال أهداف الولايات المتحدة في محيطها الخارجي أن يتم تجنبها أيضاً. إن كلا القضيتين تجعل الولايات المتحدة تتراجع باتجاه أوراسيا. كما أن ألمانيا التي تشعر بالحيرة سوف تقوم بإجبار الولايات المتحدة على أن تتجاوز حدود حلف الناتو من أجل أن تلتف على روسيا , ولكن روسيا الواثقة من قدراتها والتي تشعر بالدعم والراحة حتى في ظل الضغوط الاقتصادية الشديدة لسوف تجد الوسائل المناسبة لمواجهة ذلك.


The Intersection of Three Crises

By Reva Bhalla

Within the past two weeks, a temporary deal to keep Greece in the eurozone was reached in Brussels,

-----------------------------
*{البيان:مركز البحوث والدراسات}
ــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأمريكية, الأزمة, الأوسط, الشرق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الأزمة الأمريكية في الشرق الأوسط
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صوملة الشرق الأوسط عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 09-27-2014 07:05 AM
قرن من العنف في الشرق الأوسط ؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-17-2014 08:51 AM
مشروع الشرق الأوسط الكبير والسياسة الخارجية الأمريكية (الأهداف والأدوات والمعوقات) Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 04-22-2013 12:29 PM
خسائر السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 04-12-2012 07:50 PM
القواعد الأمريكية العسكرية في الشرق الأوسط تراتيل أخبار عربية وعالمية 0 02-18-2012 05:56 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59