#1  
قديم 06-21-2013, 02:34 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي وقائع مؤتمر مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة في دورته الخامسة والأربعين


للدكتور عدنان الخطيب
(عضو مجمع دمشق)
انعقد مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته الخامسة والأربعين، في المدة الواقعة من تاريخ التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول الموافق الحادي والعشرين من شباط (فبراير) حتى الثالث عشر من ربيع الآخر سنة 1399هـ، الموافق للثاني من آذار (مارس) سنة 1979م؛ وعَقَد خلالها، كعادته، تسع جلسات علمية، إضافة إلى جلستي الافتتاح والختام.
وفي ما يلي عرض موجز لأبحاث المؤتمر ومقرراته، مع تسجيل كامل للتوصيات والقرارات التي اتخذها في جلسته الختامية:
أولاً: جلسة الافتتاح:
عُقدت جلسة الافتتاح في قاعة الاحتفالات الكبرى بمبنى جامعة الدول العربية، صباح يوم الاثنين السادس والعشرين من شباط 1979م، واستمع المؤتَمِرون والمدعوّون من رجال الفكر والأدب إلى كل من:
1- الدكتور حسن إسماعيل، وزير التعليم والثقافة والبحث العلمي؛ وقد أشاد في كلمته بالمؤتمر السنوي لمجمع اللغة العربية، وهو يتصدّى لقضايا اللغة العربية ومشكلاتها في العصر الحديث. ثم خاطب المؤتمرين قائلاً: "أنتم أطباء اللغة، تفحصون أداوءها، وتضعون دواءها، فإذا باللغة تشفى على أيديكم مما قد يصيبها من علل أو يعتريها من ضعف، وإذا بها تنهض وافرة الصحة والسلامة والعافية لتؤدي رسالتها الخالدة في كل مجالات الأدب والعلم والفن".
وختم السيد الوزير كلمته قائلاً: "أنتم بكل هذا رادَةٌ وَقَادَةٌ لمسيرة اللغة العربية، ولسوف تستعيد بكم ما كان لها من مكانة علمية سامية".
2- الدكتور إبراهيم مدكور، رئيس المجمع ورئيس المؤتمر، الذي ضمَّن كلمته عرضاً كاملاً لمشكلة تيسير تعليم اللغة العربية مذ عنيت بها وزارة المعارف المصرية قبل خمسين سنة، وكَوَّنت لجنة من كبار رجال اللغة العربية لمعالجة هذه المشكلة، فوضعت اللجنة مقترحات، ولكن مقترحاتها لم تَلْقَ ما تستحق من الاهتمام، إلاّ مِن لجنة الأصول في مجمع اللغة العربية لمّا أحيلت إليها، وبآخرة من اتحاد المجامع العربية الذي عقد سنة 1976 ندوة خاصة بالجزائر حول "تعليم النحو العربي"، وقد انتهى فيها إلى ضرورة تيسير تعليم العربية، كما انتهى في ندوة عمان سنة 1978 إلى توصية المسؤولين عن التعليم بالتوسع في إعداد معلم اللغة العربية إعداداً علمياً وفنياً يمكّنه من تحقيق النهضة اللغوية المنشودة.
ثم عرض الأستاذ الرئيس للنحو العربي، مشيداً بمزاياه، ومعتبراً إياه من أهم آثار العقل العربي، ومؤكداً على أنه يتفوق على أي نحو لأي أمة من الأمم. ثم قال: إن هذا النحو "في سعته وتعمقه، إن لاءم الخاصة، فإنه لا يلائم العامة بحال .. وقد انقضى زمن ارستقراطية التعلم والتعليم، وأصبحنا نؤمن ونسعى جميعاً إلى ديمقراطية التعليم وشعبيته". ثم دعا مجدداً إلى العمل المتواصل في سبيل تيسير تعليم العربية، لأن الجميع يريدون "للعربية السهلة السليمة أن تكون لغة أبناء العربية جميعاً في البيت والمدرسة، في الحقل والمصنع، في الديوان والمكتب؛ فلنيِّسْرها لهم، ولنحبِّبْها إلى قلوبهم.
3- الدكتور محمد مهدي علام، أمين المجمع، وقد تلا عرضاً مسهباً لأعمال مجمع القاهرة ولجانه المتعددة، وأتى على بيان نتيجة مسابقة المجمع الأدبية في موضوع "الدكتور محمد كامل حسين: مفكراً وأدبياً" ثم سرد ثبتاً بالمطبوعات التي تمكن المجمع من نشرها خلال السنة المجمعية الماضية.
4- الدكتور عمر فروخ، عضو المجمع من لبنان، ممثلاً أعضاء المؤتمر الوافدين إليه من سائر الأقطار العربية؛ وقد جعل موضوع كلمته يدور حول العامية وأنصارها وأساليبهم المتجددة، مذ كانت لهم في مصر جولة ثم اضمحلت، إلى أن جعلوا من لبنان مسرحاً لنشاطاتهم، وآخر نشاط كان لهم من أيام معدودات، فقد تمكنوا من دفع جريدة "النهار" البيروتية إلى تخصيص أحد أركانها لنشر مقال أو مقالين بالعامية في موضوع ما، أو في تبرير([1]) تقعيد العامية.
ثم عرض نتائج الدعوة إلى العامية لدى بعض الدول الأوروبية، وكيف أدت إلى انقسام الأمة الواحدة والدولة الواحدة إلى شعوب أو دول مستقلة مختلفة اللغات.
ثم حذّر العرب من التساهل مع دعاة العامية، داعياً إلى إعادة النظر في أسلوب تعليم اللغة، وإلى العناية باختيار موظفي الإعلام، لأن أسلوب التعليم الحالي، إضافة إلى لغة وسائل الإعلام الموجهة إلى الجماهير العربية مسؤولان إلى حد كبير عن ضعف العربية على ألسنة كثير من العرب وأقلامهم.
وخُتمت الجلسة على أن تُعْقَد جلسات المؤتمر العلمية في مبنى المجمع اللغوي.
ثانياً: المصطلحات العلمية:
درس المؤتمر وناقش، خلال جلساته اليومية، المصطلحات العلمية والفنية التي رفعتها إليه اللجان المختصة، عن طريق مجلس المجمع في القاهرة؛ وأقرَّ المؤتمرون غالبيتها بالإجماع وبالأكثرية أحياناً أخرى، كما جرى تعديل بعضها أو إعادته إلى اللجان المختصة لاستيفاء دراسته.
وبلغ عدد المصطلحات التي نظر فيها المؤتمرون 836، موزعة بين العلوم والفنون التالية:
‌أ- 158 مصطلحاً في الفيزياء (الفيزيقا).
‌ب- 88 مصطلحاً في النبات.
‌ج- 149 مصطلحاً في الكيمياء والصيدلة.
‌د- 108 مصطلحات في علم المياهيات (الهيدرولوجيا).
هـ- 86 مصطلحاً في الجيولوجية.
و- 104 مصطلحات في علم التربية.
ز- 85 مصطلحاً من ألفاظ الحضارة (التربية الرياضية).
ح- 58 مصطلحاً في الفنون.
ثالثاً: البحوث والدراسات:
استمع المؤتمرون، خلال مدة انعقاد المؤتمر، إلى عدد من البحوث والدراسات التي ألقاها الأعضاء، مناقشين ما ورد فيها أو معقلين عليه. وفي ما يلي عرض موجز لتلك البحوث والدراسات، مع أهم ما دار حولها من مناقشات أو تعليقات:
1- فجر الإعلام في اللغة العربية: بحث ألقاه الدكتور عمر فروخ، عضو المجمع من لبنان، تحدّث فيه عن المفهوم المعاصر للإعلام، وعن الدور الذي يؤديه في توجيه الجماهير وتزويدهم بالمعلومات التي تخدم مجتمعاً أو دولة ما، أو أي فكرة معينة تُسَخَّر أجهزة إعلامية لبثّها بين الناس، هذا دون تقيد ببسط الحقيقة المجردة، أو التزام بالصدق الكامل عند عرض المعلومات.
ثم عرض الباحث لفكرة الإعلام عند العرب في الجاهلية واستخدامهم الشعر في سبيل ذلك، ثم بيّن تطوّر فكرة الإعلام في صدر الإسلام، و الهدف الذي كان يرمي إليه، وأتى على مجموعة الألفاظ التي وردت في القرآن الكريم والحديث تحمل معنى الإعلام، مع تحديد معنى كل منها، مقارناً ذلك بمفهوم الإعلام في العصر الحديث.
وأثار البحث تعليقات عديدة([2]) حول صحة بعض الألفاظ التي وردت فيه لبيان أثرها في نفوس سامعيها؛ فعلق الأستاذ عباس حسن على كلمتي "توافر" و"تواجد"، مؤكداً صحتهما على أنهما مزيدتان من الثلاثي، وإن لم تردا في المعاجم؛ أما جملة "ما أُخذ بالقوة لا يُسْتردّ إلا بالقوة" التي غمز الباحث من آثارها الإعلامية، فقال عنها: "أنا أعتبرها حكمة بارعة جليلة الشأن في استثارة همم الناس لاسترداد ما أخذ منهم".
وعلّق الأستاذ محمد شوقي أمين، بعد شكر الباحث، بقوله: "إنّ وَصْم بعض الألفاظ بالغربة عن العربية فيه نظر، ومنها لفظة "تواجد"، فأنا أرى أن استعمالها لجماعة من الناس مقبول لغة، مثلها مثل "تكاثر وتناسل"، أي إذا كان المقصود بها اشتراك جماعة في "الوجود". وأما قولهم: تواجد فلان، وكان لوحده، فلا أرى له وجهاً، وكذلك كلمة توافر".
2- محمد رسول الله: قصيدة ألقاها الدكتور حسن علي إبراهيم أستاذ الجراحة في كلية الطب وعضو المجمع من مصر، أوجز فيها سيرة الرسول الأعظم (ص) في 124 بيتاً استهلّها بقوله:
ما ذبتُ شوقاً لجيرانٍ بذي سَلَمِ




ولا أرِقْتُ لذكر البان والعَلَمِ


وما أبحتُ لريم القاع سفك دمي




في الأشهر الحِلّ أو في الأشهر الحُرُمِ


وسيّدي المصطفى أرجو شفاعته




وهو الشفيع مِن زلّة القدمِ






إلى أن يقول:
هب الرسول بجيش جحفل لجب




لفتح مكة فتحاً غير منصرمِ


ألقوا السلاح وما استطاعوا مقاومة




مَن ذا يقاوم زحف الفجر في الظُلَمِ


ما جاء مكّة تنكيلاً بمن كفروا




بل جاء للهَدْيِ والغفران والحُرَمِ


مغتالُ حمزة غدراً نال مغفرة




وهند آكلة الأكباد لم تُسَمِ






ثم اختتمها قائلاً:
وفي المدينة زُرْ قبر الرسول ولا




تُمسِك عن الدمع من هامٍ ومنسجمِ


هداك من في الثرى نهجاً وموعظة




وقال: هذا طريقُ الحق فاستَقِمِ


واطلب من الله رضواناً ومغفرة




إن الخطايا لدى الرحمن كاللمَمِ


سألتك العفو، ربي، إنني بشر




جمّ الذنوب وأنت الواسع الكرمِ






وقدم المؤتمرون للشاعر الكبير والجرّاح العظيم تهانيهم على شاعريته. وقصيدته تُعَدّ بحقّ من الروائع، فضلاً عن أنها تضمّ سيرة عطرة متكاملة، على صاحبها أفضل السلام والتحية.
2- اللغة العربية ووسائل الإعلام: بحث ألقاه الأستاذ حسن عبدالله القرشي، عضو المجمع المراسل من المملكة العربية السعودية، وعرض فيه لمزايا اللغة العربية وسعتها، ولوسائل الإعلام الحديثة وأثرها في الجماهير، داعياً إلى العمل على جعلها في خدمة الفصحى وتوحيد اللهجات المتعددة؛ وهذا لا يكون إلا إذا أحسن إعداد البرامج، وتمّ اختيار المذيعين من ذوي الكفايات العالية؛ مشيراً إلى المساوئ التي تنجم عن وسائل الإعلام كلما افتُقِد فيها أحد الشرطين الملمح إليهما، فضلاً عن افتقادهما معاً.
4- قبل يكون ..، وقبل أن يكون .. في النثر والشعر: بحث طريف ألقاه الأستاذ محمد عبدالغني حسن، عضو المجمع من مصر، وعرض فيه لديوان الشاعر المصري تميم بن المعز الفاطمي، وقد وجد فيه ظاهرة لغوية مستغربة: فالشاعر يحذف (أن) المصدرية بعد (قبل) في كثير من شعره، مما دفعه إلى تتبّع هذه الظاهرة عند غيره من الشعراء والكتّاب، فوجودها عند عدد منهم؛ والشاعر فيهم قد يلجأ إليها مضطراً، وقد يكررها في شعره دون ضرورة؛ لذلك فهي جديرة بالدراسة والتتبع لمعرفة الدافع إليها.
واستشهد الباحث بما وجده عند بعض الشعراء، أمثال: ابن حيوس، من القدامى، وإيليا أبو ماضي وزكي قنصل من المعاصرين، كما وجدها في كتاب ”الرسالة" للإمام الشافعي. وأشار أخيراً إلى أن العامة في مصر، يحذفون في كلامهم (أن) بعد (قبل) غير أنهم يضعون لفظ (ما) بدلاً عنها، فيقولون: "قبل ما روح وقبل ما نام".
وجرت تعليقات كثيرة على البحث، كان أهمها تعليق الأستاذ عباس حسن، فقد قال: إن لفظة (قبل) في اللغة تضاف إلى مفرد، أو جملة. ثم تساءل عما إذا كانت (قبل) فيما استشهد به الباحث من المضاف إلى مفرد أم إلى جملة، ليصح الحكم بصحة تلك الظاهرة أو بفسادها.
وعلّق الدكتور عمر فروخ متسائلاً عما إذا كان الباحث، وهو شاعر معروف، قد لجأ إلى حذف (أن) بعد (قبل) في بعض شعره أم لا؟ وعلّق الدكتور إسحق موسى الحسيني قائلاً: إن العوامّ في بلاد الشام والعراق يحذفون أيضاً (أن) بعد (قبل) ويستخدمون لفظ (ما)، مما يستوجب دراسة معمقة لهذه الظاهرة، وأردف يقول: إنه يرى أنها قد تكون لهجة من لهجات العرب.
وختمت المناقشات بقول الباحث: إن الظاهرة كانت تصكّ أذنيه كلّما سمعها، لذلك فقد تجنّبها في شعره. كما أفاد بأن بحثه كان مجرد عرض لهذه الظاهرة، ولم يكن بحثاً لغوياً يقرّر جوازها أو عدم صحتها.
5- كناشة ([3]) النوادر: بحث ألقاه الدكتور عبدالسلام هارون، عضو المجمع من مصر، وجمع فيه طاقة من الطرائف المستظرفة والنوادر المستغربة، اقتطفها خلال مطالعاته في مختلف كتب اللغة والأدب، وكان من أهم ما ورد فيها نظرات نقدية في بعض المعجمات وفي ما يلي بعض هذه النظرات:
أ‌- عرف المعجم الوسيط كلمة (صابون) في مادة ( ص ب ن) العربية، وقال إنها (دخيلة)، بينما قال صاحب القاموس: الصابون: معروف، مما يدل على قدم الكلمة؛ فإن لم تكن عربية النجار، فهي على الأقل معرّبة، كما قال عنها ابن دريد([4]).
ب‌- كلمة (شوربة) حشرها المعجم الوسيط في مادة (شرب) بصيغة (الشربة) وذكر عنها أنها (مولّدة)، بينما هي فارسية([5]) دخيلة على العربية وعربيتها: (الحساء أو المرق). وأثار هذا البحث تعليقات طريفة، من قبل كل من الأساتذة: محمد مهدي علام، ومحمد عبدالغني حسن، وإسحاق موسى الحسيني، وشوقي ضيف، ومحمد شوقي أمين.
6- لغةٌ تَجْمَع القلوب على الحُبّ: من عيون شعر الأستاذ محمد عبدالغني حسن، عضو المجمع من مصر، ألقاها معدداً فيها مزايا العربية وفضلها، وبخاصة في جمع الأصدقاء والزملاء على حبها والتعلق بها.
ومما جاء فيها قول الشاعر في تعداد مزايا اللغة العربية:
"بنتُ عدنان" وَحَّدت من قديم
لغةٌ تَجْمَعُ القلوبَ على الحُبّ
رُزِقَت دقَّةُ الأَداء فأدت
كلُّ معنًى على القَدّ لفظٌ
كلُّ حرفٍ يلتَفُّ حولَ أخيه
يَلتقي يلتقي بها الهَمْس بالجَهْر
تَنْقُلُ الفكر في بيانٍ دقيق
فهي فيها ما في الطبيعة من سِحرٍ


بين أهل الإنجيل والقرآنِ
فتمضي سَويَّةً في العِنانِ
كل ما في الضمير والوجدانِ
فَهُمَا في السواء تلتقيانِ
مثلما التفّ في الهوى عاشقانِ
ولُطفُ الإسرار بالإعلانِ
- رُبَّ فكرٍ يضيقُ بالكتمانِ-
وما في الصنيعِ من إِحسانِ


وختم الشاعر القصيدة بقوله:
إنَّ مَن فَرَّقَ العروبَة أرضاً
نحنُ إنْ نجتمعْ على اللغة الفصحى،


لم يُفَرِّق منّا سوى الأبدانِ
سنَبْقَى في وحدةٍ وكيانِ



7- من تصريف الضمير في القرآن الكريم: بحث قيّم ألقاه الأستاذ علي النجدي ناصف، عضو المجمع من مصر، حول الضمير العائد إلى (الأنعام) في كل من الآيتين الكريمتين:
أ- (وإنّ لَكَمْ في الأنعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ مِنْ بَينِ فَرْثٍ ودَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً للشّاربينَ).
66 من سورة النحل
ب- (وإنّ لَكُمْ في الأَنعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُم مِمّا في بُطونِها ولَكُمْ فيها منافِعُ كَثيرةٌ ومِنْها تَأكُلونَ).
21من سورة المؤمنون
8- ما معنى يوم التغابن: بحث للدكتور أحمد الحوفي عضو المجمع من مصر، عرض فيه مختلف أقوال العلماء في تفسير كلمة (التغابن) الواردة في قوله تعالى:
(يَوْمَ يَجْمَعُكُم لِيَوْمِ الجَمْع ذلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بالله ويَعْمَلْ صالِحاً يُكِّفرْ عَنْهُ سَيِّآتِهِ وَيُدْخِله جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِيْنَ فِيْها أَبَداً، ذلِكَ الفَوْزُ العَظِيْمُ) 9 من سورة التغابن.
ونفى الباحث أن يكون التغابن من الغبن بمعنى الظلم، ورجَّح قول من قال بأن يوم التغابن هو يوم الذهول.
وأثار البحث عاصفة من التعليقات اشترك فيها الأساتذة: عبدالله بن خميس، ومحمد أحمد سليمان، وشوقي ضيف، أما الأستاذ عباس حسن فقد استنكر بعض ما سمع من آراء لأن "صيغة تفاعل تجيء لرؤية الشيء على حاله كما هو، فحين نقول (التغابن) فهو يعني رؤية المغبون على حاله في حالة الغبن والظلم الذي وقع عليه، بدليل أنه محرَّم عليه أن يغبن غيره، وعلى هذا فكلمة التغابن يجب أن تفسَّر بما يتفق مع الدين واللغة".
وعقب الباحث على الجميع قائلاً: "رأيت المفسرين القدماء والمعاصرين ذهبوا إلى أن كلمة التغابن مشتقة من كلمة الغبن بمعنى الظلم، وهذا غير صحيح، ولم يَسْلَم من هذا الخطأ إلا مجمع اللغة العربية، فقد رأى بحصافة في كتابه "معجم ألفاظ القرآن الكريم"، بعد أن عرض ملخص آراء السابقين، أن كلمة التغابن ما زالت محتاجة إلى مزيد من البيان، ولعلني بهذا البحث قد قدمت البيان الذي كان المجمع يتوقعه"([6]).
9- اللغة العربية في خدمة علوم الأحياء: بحث للدكتور محمود حافظ، عضو المجمع من مصر، عرض فيه للمعاجم الرائدة في علوم الأحياء، وفضل أصحابها في إحياء التراث وتنمية المصطلحات في هذه العلوم الهامة.
وكان مما علق به المؤتمرون على البحث قول الدكتور محمد أحمد سليمان: "أين أثر مثل هذا البحث الجامع عند العلماء الذين يقومون على التدريس في الجامعات العربية، وعلوم الأحياء تدرس حتى اليوم في جامعاتنا باللغة الأجنبية!".
10- آخر ساجع في الشام: بحث للأستاذ سعيد الأفغاني، عضو المجمع المراسل من سورية، عرض فيه قصة القضاء على السجع في بلاد الشام، وكيف تولى أدباء كبار وكتاب معاصرون معركة التنديد بالسجع وبيان مساوئه، إلى أن ساد المرسل في كتابات الأدباء والمتأدبين، فضلاً على العلماء والمؤرخين.
وأشار الباحث إلى ذلك الحوار الذي قام في الثلاثينيات([7]) على صفحات مجلة "الرسالة" بين الأستاذ الرئيس محمد كرد علي وأمير البيان الأمير شكيب أرسلان في هذا الموضوع، ثم تكلم عن ظاهرة للسجع فَذّة تمثلت في أديب شامي كبير عاش في المهجر الأمريكي ثم عاد إلى مسقط رأسه، كان السجع المطبوع يسيل عفواً على قلمه بغير تكلف، وهو الأستاذ نظير زيتون.
11- ألفاظ عامية مغربية لها أصل في الفصحى: بحث للأستاذ محمد الفاسي، عضو المجمع من المغرب، عرض فيه قائمة من كلمات متداولة في عامية أهل المغرب، كانت في أصلها من الفصيح، ولكن العامة شَوَّهَت مخارج بعض حروفها أو أبدلت حركته، مقارناً في عرضه بين عامية المغرب وعاميات أقطار عربية أخرى.
رابعاً: المعجم الكبير:
عُرِضَت على المؤتمرين المواد التي أنهى مجلس المجمع دراستها من المعجم الكبير، وهي المواد المبتدئة من أول حرف الجيم والتاء وما يثلثهما إلى نهاية حرف الجيم والذال وما يثلثهما.
وتداول المؤتمرون في هذه المواد، وبعد أن استمعوا إلى ملاحظات الأعضاء عليها، ولا سيما ملاحظات الأساتذة: عبدالله بن خميس، وعبدالسلام هارون، وعدنان الخطيب، ومحمد أحمد سليمان، أقروا إعادتها إلى اللجنة المختصة لإعادة النظر فيها في ضوء ما قُدِّم من ملاحظات.
خامساً: أعمال لجنة الأصول:
نظر المؤتمرون في أعمال لجنة الأصول التي وافق عليها مجلس مجمع القاهرة، وكانت كلها مسائل في النحو بهدف تيسير تعليمه للناشئة. وقد انتهى المؤتمرون إلى الموافقة على أغلبيتها بالإجماع، وعلى البقية بالأكثرية، بعد مناقشات حامية لم يخمد أوارها إلا ببيان أقرَّه الجميع يؤكد أن الموافقة على المسائل المعروضة لا يقصد بها تعديل القواعد النحوية، وإنما هي بهدف تيسير تعليم النحو على الناشئة من الطلاب.
أما المسائل النحوية التي تمت الموافقة عليها، فهي، كما أقرتها لجنة الأصول، الآتية:
1- كان وأخواتها
"ترى أغلبية اللجنة الإبقاء على باب كان وأخواتها على وضعه المقرر في كتب النحو. ورأت الأقلية: أن في ضم الباب إلى باب الفعل، وإعراب المنصوب حالاً تيسير على الناشئة وتقليل للأبواب المقررة عليهم".

2- كاد وأخواتها
"رأت أغلبية اللجنة الإبقاء على باب كاد وأخواتها على وضعه المقرر في كتب النحو. ورأت الأقلية: أن ضم باب كاد وأخواتها إلى باب الفعل أيسر تناولاً وأقرب إلى أذهان الناشئة من جعلها باباً مستقلاً".
3- ما ولا ولات العاملات عمل ليس
"رأت أغلبية اللجنة الإبقاء على باب "ما" و"لا" و"لات" العاملات عمل ليس على وضعه المقرر في كتب النحو للناشئة".
4- ظن وأخواتها وأعلم وأرى وأخواتها
"تقترح اللجنة وضع باب ظن وأعلم وأرى في باب الفعل المتعدي، على أن يكون ذلك خاصاً بكتب الناشئة".
5- التنازع
"بعد أن درست اللجنة المذكرات التي قُدِّمت إليها في موضوع التنازع وصوره، وبعد أن ناقشت الموضوع، ترى اللجنة أنه تيسيراً لاكتساب الأحكام الخاصة بالباب يكتفي بالصور التي توارد بها الاستعمال في الفصحى، وهي:
‌أ- في مثل: دخل وجلس محمد: (محمد) فاعل، فاعل (جلس) ، وفاعل الفعل الأول متروك للعلم به كما يقول سيبويه.
‌ب- في مثل: محمد يحسن ويتقن عمله: (عمل) مفعول به ليتقن، واستغنى الفعل الأول (يحسن) عن مفعوله لدلالة مفعول (يتقن) عليه.
‌ج- في مثل: ناقشني وناقشت محمداً، يعرب: محمد مفعولاً به لـ(ناقشت)، واستغني عن الفاعل في الفعل الأول لدلالة السياق عليه".
6- الاشتغال
"ترى اللجنة جواز رفع الاسم المشغول عنه ونصبه، ولا داعي لذكر حالات الوجوب أو الترجيح، وتُرَدّ أمثلته الواردة في المذكرة إلى أبوابها من كتب النحو".
7- التمييز
"ترى اللجنة أن الصيغ النحوية التي تعرب تمييزاً وتتفرق في أبواب كثيرة، يمكن جمعها في باب واحد تيسيراً على الناشئة".
8- التحذير والإغراء والترخيم والاستغاثة والندبة
"ترى اللجنة أنه لا مانع من إدخال باب التحذير والإغراء في باب المفعول به، وباب الاستغاثة والندبة في باب النداء مع تعيين دلالة كل صيغة منها عند عرض أمثلتها، وترى أيضاً حذف باب الترخيم من كتب النحو المدرسية".
9- الإعراب التقديري والمحلي
"ترى اللجنة أن ما انتهى إليه اتحاد المجامع العربية من الإبقاء على الإعراب التقديري والمحلي دون تعليل (أي دون تكليف التلاميذ تعليل خفاء الإعراب) فيه تيسير في تعليم النحو العربي، ففي نحو: جاء القاضي، يقال: (القاضي): مرفوع بضمة مقدرة، وفي نحو: جاء من سافر، يقال: (من): فاعل محله الرفع، وفي نحو: محمد يحضر، يقال: (يحضر): جملة فعلية خبر.
وأُلْحق بهذا القرار قراران هما: الأول: "لا ضرورة لذكر متعلق عام للظرف أو الجار المجرور"، الثاني :"يُكْتَفَي بأن يقال في إعراب الفعل المضارع المنصوب بأنْ المضمرة بأنه منصوب بعد الأدوات الظاهرة".
10- ألقاب الإعراب والبناء
"ترى اللجنة الأخذ بقرار المجمع عام 1946 في هذا الموضوع، وهو أن يكون لكل حركة لقب واحد في الإعراب والبناء، وأن يكتفي بألقاب الإعراب".
11- العلامات الأصلية والعلامات الفرعية
"ترى اللجنة توحيد أسماء علامات الإعراب الأصلية والفرعية، بتسميتها: علامات إعراب".
12- الاستثناء
" انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
أولاً: المستثنى التام الموجب وغير الموجب يجوز نصبه([8]) نحو: نجح الطلاب إلا طالباً، وما نجح الطلاب إلا طالباً.
ثانياً: في حالة الاستثناء بخلا وعدا يكون المستثنى منصوباً دائماً على اعتبار أن هذه كلها أدوات استثناء مثلا (إلا).
ثالثاً: إذا كانت أداة الاستثناء "غير أو سوى" كانت الأداة منصوبة ومضافة، وما بعدها مضاف إليه: مثل: ما جاء أحد غيرَ علي.
أما نحو: " ما قام إلا محمد وما قام غير زيد" فهو قصر لا استثناء".
13- إعراب أدوات الشرط
"لا ترى اللجنة ضرورة أن يكلف الناشئة إعراب أسماء الشرط، ويُكْتَفى في هذا الباب بذكر ما يَجْزِم من هذه الأدوات وما لا يَجْزِم؛ ويذكر أن هذه الأدوات تقتضي جملتين: جملة الشرط وجملة الجواب، ويجزم فعل الشرط وفعل الجواب إذا كانا مضارعين".
14- كم الاستفهامية والخبرية
"ترى اللجنة الاكتفاء في باب كم (وهي من كنايات العدد) بأنها إذا كانت استفهامية تُمَيَّز بمفرد منصوب، نحو: كم كتاباً قرأت؟".
وإذا سُبقت بحرف جر يضاف المميز إليها، نحو: بكم قرش اشتريت الكتاب؟
وإذا كانت خبرية (للكثرة) فتميز مفرداً أو جمعاً مجروراً بالإضافة، نحو: كم بطل استشهد في المعركة، أو كم أبطال استشهدوا في المعركة.
وقد يسبق تمييزها بحرف جر نحو قوله تعالى: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".
15- لا سيّما
"انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
لا سيما أداة للمخالفة في الحكم بترجيح ما بعدها على ما قبلها في المعنى، وإذا كان ما بعدها اسماً مفرداً جاز رفعه ونصبه وجرُّه، كقولك: أُحِبُّ الفاكهة لا سيما التفاح".
16- تعريف المفعول المطلق
"انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
المفعول المطلق: اسم منصوب يؤكد عامله أو يصفه أو يدلّ عليه نوعاً، كقولك: سار سيراً، وصبر أجمل الصبر، وضربته سوطاً".
17- تعرف الحال
"انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
الحال: وصف مؤقت نكرة منصوب لبيان هيئة صاحبه".
18- تعريف المفعول معه
"انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
المفعول معه: اسم منصوب تالٍ لواو بمعنى مع، لا يشترك مع ما قبل الواو في معنى العامل".
19- جواز لحوق تاء الوحدة أو المرة بالمصدر الثلاثي على لفظه
"انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
بناء على قول الزمخشري: إن بناء المرة قد جاء على المصدر المستعمل، وقول ابن يعيش: قد يزيدون التاء على المصدر المزيد. وقول سيبويه: وقالوا أتيته إتيانة، ولقيته لقاءة، جاؤا به على المصدر المستعمل في الكلام؛ ونحو إتيانة قليل، يجوز إلحاق تاء الوحدة أو المرة بالمصادر الثلاثية المزيدة".
20- نحو تيسير النحو في أحكام العدد
أ‌- حكم جمع التصحيح في تمييز العدد المضاف:
"ترى اللجنة جواز إضافة أدنى العدد (من ثلاثة إلى عشرة) إلى جمع التصحيح ( مذكراً أو مؤنثاً) أو جمع تكسير وصفاً أو غير وصف، استناداً إلى إطلاق القول في ذلك عن ابن يعيش وابن مالك".
ب- حكم لزوم العدد حالة التأنيث وجر المعدود بمن في أدنى العدد:
"بعد مناقشة ما قدم إلى اللجنة من مذكرات في موضوع العدد، لم تجد في أقوال النحاة ما يمنع من جواز تأنيث أدنى العدد (من ثلاثة إلى عشرة) وجواز جر العدد بمن".
ج- إضافة المعدود المفرد إلى عدد غير مفرد:
"وترى اللجنة أنه ليس هناك ما يمنع من قول الكتاب: سنة ثمان وسبعين ونحو ذلك من إضافة المعدود المفرد إلى عدد غير مفرد".
د- حكم أبنية الكثرة في تمييز العدد المضاف:
"ترى اللجنة قبول ما شاع استعماله جمع كثرة في تمييز أدنى العدد تيسيراً على الكتاب، لما صرح به النحاة من استعارة جمع الكثرة للقلة، ودلالة جمع الكثرة على القليل والكثير، ولما ورد من أمثلة في القرآن والحديث والشعر وكلام العرب".
هـ- التعاقب بين جمع القلة وجمع الكثرة:
"بعد مناقشة الموضوع انتهت اللجنة إلى القرار الآتي:
دلالة الجمع أياً كان نوعه (جمع تكسير أو جمع تصحيح) صالحة للقليل والكثير، إنما يتعين أحدهما بقرينة".

سادساً: أعمال لجنة اللهجات
عرضت على المؤتَمِرِيْنَ أعمال لجنة اللهجات متضمنة جملة من المسائل انتهت فيها إلى القرارات الآتية:
أ- القاف في العامية وغيرها
"بحثت اللجنة هذه المسألة على ضوء المذكرات المقدمة، وانتهت إلى القرار التالي:
1- القاف في أصل اللغات السامية: صوت لهوي شيد مهموس، كما يتعلق به الآن في الفصحى مجيدو القراءات القرآنية من القراء في الأمصار العربية.
2- وصف قدماء النحاة العرب القاف في الفصحى بأنها صوت مجهور (سيبوية 2/405)، وهو نطق لا يزال حيّاً في كثير من البوادي العربية وغيرها، وإنْ تَقَدَّمَ فيه مَخرَجُ القاف إلى الإمام قليلاً، فأصبحت كالكاف الفارسية.
3- تعاني القاف العربية من كثير من التغيرات، وقد عدّ ابن خلدون لمعاصريه ثلاثة أنواع من القاف (المقدمة 558)، كما أنها في العصر الحاضر تنطق كالجيم الفصيحة في بعض بلاد الخليج كالبحرين، كما تنطق غيناً في السودان وجنوبي العراق، وكافاً عند بعض الفلسطينيين، و(دز) في الرياض وما حولها في السعودية.
4- من تغييرات القاف: نطقها همزة في القاهرة وضواحيها، ومحافظة القليوبية، والوسطى، وجزء من الفيوم. وكذلك في: دمشق وتلمسان، وشمالي مراكش، وفي اللغة المالطية وفي لغة اليهود في شمالي أفريقيا.
5- قلب القاف همزة: أمر حدث قديماً في بعض أعلام اللغة الفينيقية، كما توجد منه أمثلة في العربية الفصحى، فقد روت المعاجم: قشب وأشب، والقفز والأفز، وزهاق وزهاء، وزنق وزنأ، وقرم وأرم، والقصر والأصر، وتقبض وتأبض، والوقبة والوأبة، وقفح وأفخ، وغير ذلك.
6- يبدو أن قلب القاف همزة في بعض بلاد مصر وغيرها، ليس وليد اليوم، فقد وردت منه بعض الأمثلة في تاريخ ابن إياس (المتوفى سنة 930هـ) وديوان ابن سودون (من شعراء العامية في القرن التاسع الهجري)".
ودارت حول تقرير لجنة اللهجات هذا تعليقات كثيرة ومناقشات حول مخارج حرف القاف في مختلف البيئات العربية، وكان من أهم التعليقات ما ورد على لسان الأستاذ عباس حسن، فقد قال: "هذا البحث قد نوقش في أحد الكتب، وخلاصة ما ورد فيه أن البحث في هذا الموضوع لا قيمة له، فقد فرغ القدماء والمحدثون من تسجيل الحدّ النهائي للاستشهاد، فما جاء بعدها عامي لا يُلتَفَت إليه، ولا قيمة له؛ فالعامية بأنواعها مرفوضة حديثاً وقديماً، ودراسة لهجاتها لا ينبغي أن يعنى بها المجمع".
وقال الدكتور محمد أحمد سليمان: "إن من مهمة المجمع أن يقرّب الفصحى إلى هؤلاء الناس الذين يتكلمون العامية، ومن وسائل هذا التقريب إيضاح المسافة بين العامية والفصحى، وهي ليست ببعيدة. فهذه دراسة لها جدواها، وهي نافعة مفيدة".
وانتهت التعليقات بإقرار المؤتمرين تقرير اللجنة.

2- المصطلحات اللغوية
"انتهت اللجنة من المصطلحات التالية:
أولاً: المعاقبة:
‌أ- المعاقبة في اللغة: إحلال شيء محل آخر.
‌ب- وهي تطلق عند علماء اللغة على إحلال الحرف مكان حرف آخر (اللسان: عقب) وفي أمالي القالي (2/36-147) فصول كثيرة لتعاقب الفاء والثاء، وتعاقب اللام والنون، وتعاقب الميم والباء، وغير ذلك. وللزجاجي كتاب عنوانه: "الإبدال والمعاقبة والنظائر" تناول فيه شيئاً كثيراً من ذلك. وقد مثل سيبويه للمعاقبة بمغتلم ومغيلم ومغيليم، وزناديق وزنادقة.
‌ج- تطلق المعاقبة إطلاقاً خاصاً على قلب الحجازيين الواو ياء في مثل: صوام وصيام، وصواغ وصياغ، وتسمى "المعاقبة الحجازية (اللسان: خيص وصوغ).
‌د- لعل هذه المعاقبة الحجازية مرتبطة باتجاه الحضر إلى إيثار الكسرة والياء، في مقابل اتجاه البدو إلى إيثار الضمة والواو.
هـ- يبدو أن ما في اللهجة المعاصرة من قول العامية: "عاوز وعايز" من هذه المعاقبة الحجازية.

ثانياً: الغمغمة:
الغمغمة في اللغة: الكلام الذي لا يبين (القاموس: غم) لم تتبين اللجنة لهذه اللفظة مدلولاً محدداً، لا بالوصف ولا بالتمثيل. فهي إذن ليست بمصطلح لغوي يُعْتَدّ به. ولذلك رأى مجلس المجمع حين نظر في تقرير اللجنة أن يصرف النظر عنها.
ثالثاً: القطعة:
أ- القطعة: لقب يعزي إلى قبيلة طيء، وهي عبارة عن قطع اللفظ قبل تمامه، كالذي روي عن طيء أنها كانت تقول: يا أبا الحكا بدلاً من: يا أبا الحكم (العين للخليل بن أحمد 1/156).
ب- القطعة على هذا، نوع من ترخيم اللفظ في غير النداء.
ج- قبائل شمر التي تشغل الآن مواطن طيء القديمة في الجزيرة العربية، تشيع فيها هذه الظاهرة.
د- يمكن أن يعد من القطعة ما في كثير من بلاد مصر في الوقت الحاضر من المحلة الكبرى، وجزيرة بني مصر، وأبيار، ومعظم قرى محافظتي البحيرة وبني سويف، من مثل قولهم:
"النهار طلا، في: النهار طلع، والنور ظها، في: النور ظهر، وغير ذلك. (مميزات لغات العرب 29). ومما ينبر به في بني سويف قولهم: العي والبي والبلا الأحمر، والمراد: العيش والبيض والبلح الأحمر.
وجرت تعليقات قصيرة على موضوع هذا التقرير، ثم وافق المؤتمر عليه، بعد أن طلب الدكتور عبدالكريم خليفة تسجيل ملاحظة يقول فيها: "إن دراسة الصوتيات والعلوم الصوتية والدراسات اللغوية يجب أن تُشَجَّع، لتقود العامية إلى الفصحى، وحتى لا يكون هناك التباس، أرجو أن يتضح لنا أن اهتمامه بالعامية ليس راجعاً إلى العامية ذاتها، فنحن نهتم بالعامية لمعرفة مدى الاختلاف والاتفاق بينها وبين الفصحى، وهذا بالطبع يؤدي إلى سد الهوة بين العامية والفصحى".
سابعاً: أعمال لجنة الألفاظ والأساليب
نظر المؤتمرون في أعمال لجنة الألفاظ والأساليب المحالة إلى المؤتمر من قبل مجلس مجمع القاهرة، فأقر المؤتمرون بعضها، بينما دار نقاش شديد حول بعضها الآخر انتهى برفضه أو إعادته إلى اللجنة لدراسته مجدداً.
وفي ما يلي عرض موجز لما عرض على المؤتمر من مسائل:
أولاً: الألفاظ:
1- الصدفة والمصادفة
"يشيع في الاستعمال العصري لفظ الصدفة والمصادفة لمعنى حدوث الشيء والوقوع عليه عرضاً واتفاقاً دون قصد أو عمد. وقد يؤخذ على هذا أن المعجمات لم تثبت صيغة الصدفة، وأن المعنى الذي ذكرته للمصادفة – وهو مطلق وجدان الشيء أو ملاقاته- يختلف عن دلالتها العصرية التي تُقَيِّد الاستعمال بالعرض والاتفاق.
غير أنه يمكن القول بصحة الاستعمال المعاصر للمصادفة، استناداً إلى أن اللغة تفسر الموافقة بأنها: المصادفة. يقول الصاغاني: "يقال أوفق لزيد لقاؤنا، أي كان فجأة". ويزيد الزبيدي قوله: "ومصادفة".. ومن قول العرب: وافقت فلاناً بموضع كذا: أي صادفته .. هذا إلى أن كلّاً من الموافقة والاتفاق قد استعمل منذ عصر أبي حيان ومسكويه بمعنى حدوث الشيء، أو وقوعه بغير قصد أو تدبير.
على أن القول بأن المصادفة "مطلق الوجود" لا يمنع استعمالها في معنى الوجود المقيد بنفي العمد أو القصد أو التدبير؛ واللغة تأنس بتخصيص العام وتقييد المطلق في بعض مقامات التعبير.
أما الصدفة فلا مانع من قبولها باعتبارها مستحدثاً من الفعل (صَدِفَ) بوزن فَرِحَ، مثل قوي قوة، أو باعتبارها اسم مصدر من صادف، مثل الفرقة والخلطة، من المفارقة والمخالطة.
ولهذا ترى اللجنة: إجازة استعمال الصدفة والمصادفة في المعنى الذي يستعملها المعاصرون فيه".
2- سعر التكلفة
"يشيع في اللغة التجارية المعاصرة قولهم:"هذا سعر التكلفة"، يريدون به الثمن الذي أُنفق في صنع السلعة ونقلها. وقد يُرَدّ على الاستعمال المعاصر أن الكلمة لم تأت بهذا المعنى في معجمات اللغة؛ غير أن هذه المعجمات ذكرت أن التكليف هو الأمر بما يشقّ، وكلفه الأمر فتكلفه أي تجشمه، وحملته تكلفة إذا لم يطقه إلا تكلفاً.
وترى اللجنة أن سعر التكلفة مأخوذ من حَمَّلْته تكلفة بالمعنى المتقدم، على أساس أن السلعة كلفت صاحبها جهداً ومالاً وعناية. وعلى هذا يكون استعماله صحيحاً في المعنى الذي يستعمله المعاصرون فيه".
وأقر المؤتمرون هذا التقرير دون معارضة.

2- مناورة
"يشيع في لغة الجيش وغيره مثل قولهم:"قام الجنود بمناورة حربية"، ومثل ما يتردد في لغة السياسة من قولهم:"هذه مناورة سياسية". وقد يُعْتَرض على اللفظ واستعماله المعاصر بعدم وروده بالمعنى العسكري أو السياسي في معجمات العربية.
ودرست اللجنة هذا، ثم انتهت إلى إجازة استعمال لفظ (المناورة)، بدلالته الحربية والسياسية على أحد وجهين:
الأول: أن اللفظ منقول من الكلمة الفرنسية Manoevre، أو من الكلمة الإنكليزية Maneuver. وقد أشار المعجم الوسيط في طبعته الثانية إلى أنه معرّب([9]).
الثاني: أن للمناورة معنى آخر هو الدهاء، فهي من مادة (نور) التي تحمل معنى الخداع والحيلة. ومعلوم أن وزن المفاعلة شائع في العربية مثل: المداورة، والمراوغة، والمشاورة، والمحاورة".
وجرت مناقشات حادة أسفرت عن انقسام في الرأي حول ترجيح أحد الوجهين اللذين استندت إليهما اللجنة. وقد اشترك في المناقشة كل من الأساتذة: محمد الفاسي، وعز الدين عبدالله، ومحمد مهدي علام، وأحمد الحوفي، وإبراهيم مدكور، وعباس حسن، وحامد جوهر، ومحمد شوقي أمين. وكان من أهم التعليقات إشارة الدكتور محمد أحمد سليمان إلى أن الكلمة، وهي معربة عن الفرنسية، ذات معنى حقيقي هو (العمل اليدوي) ثم انتقل هذا المعنى مجازاً إلى المعنى العسكري ثم السياسي. وانتهى النقاش بموافقة المؤتمرين على تقرير اللجنة، تاركين ترجيح أحد الوجهين إلى جهد علمي مستقل.
4- عَمْرة
"يشيع على ألسنة المعاصرين قولهم([10]): المنزل محتاج إلى عَمْرة، ونحو ذلك مما يستعمل فيه لفظ العمرة مراداً به ما يحدث من أعمال الإصلاح والترميم.
وهذا خلاف ما أثبتته المعجمات من عَمَرَ، التي تدور حول المدة وإطالة العمر.
درست اللجنة لفظ العَمْرة، وانتهت إلى أنه تمكن إجازته على أنه اسم مرة من "عَمَرَ" بمعنى بنى، كما أثبت الفيومي في المصباح، إذ الإصلاح نوع من البناء.
ولهذا ترى اللجنة جواز استعمال لفظ العَمْرة في المعنى الذي يستعمله المعاصرون فيه".
وأقرّ المؤتمِرون تقرير اللجنة هذا
6- جاهز وجاهزة
"يشيع على ألسنة المعاصرين قولهم: ملابس جاهزة أو مساكن جاهزة؛ وقد يؤخذ على استعمال اللفظ أن معجمات اللغة لم تثبت هذا المعنى إلا (جَهَّز) المضعّف؛ فالملابس مجهّزة.
درست اللجنة هذا وانتهت إلى أن قولهم: ملابس جاهزة، يجاز بأحد وجهين:
أولهما: أنه يمكن اشتقاق فعل ثلاثي من الجهاز باعتباره اسم ذات، ويكون (جاهز) حينئذ وصفاً من هذا الفعل.
والثاني: أن وجود المضعَّف يُشعر أن للمادة ثلاثياً مهملاً لم تثبته المعجمات، ويكون (جاهز وجاهزة) وصفاً منه، وهو كثير في اللغة.
لهذا ترى اللجنة إجازة قول المعاصرين : "ملابس جاهزة، ومساكن جاهزة".
وأقر المؤتمرون تقرير اللجنة بعد مناقشة حول طلب الأستاذ عباس حسن الاكتفاء بالوجه الثاني من التعليل.
6- التطبيع
"يشيع في الاستعمال الحديث قولهم: تطبيع العلاقات أو الحدود بين بلدين، بمعنى جعلها طبيعية تجري على العادة والعرف؛ وقد يُعْتَرَض على هذا بأنه ليس في اللغة طبّع بالمعنى المتقدم، حتى يكون التطبيع مصدراً له.
غير أن العربية تسمح بالاشتقاق من أسماء الأجناس، وهو أمر أَقَرَّ المجمع قياسيته. وعلى هذا يكون المراد بقولنا تطبيع العلاقات أو الحدود هو تصييرها إلى المعتاد المألوف بين الدول.
ولذلك ترى اللجنة أن مثل قول المعاصرين: تطبيع العلاقات أو الحدود، قول جائز تبيحه الضوابط العربية".
وأثار هذا التقرير مناقشات حامية حول معنى الكلمة الأجنبية التي ترجمت كلمة التطبيع عنها Normalise، والخطأ في فهمها. واشترك في المناقشات الأساتذة: محمد أحمد سليمان، ومحمد عبدالغني حسن، ومحمد شوقي أمين، وحامد جوهر، وعز الدين عبدالله. وعند التصويت قررت الأكثرية رفض الموافقة على إجازة الكلمة.
7- التحديث
"يشيع في اللغة المعاصرة استعمال لفظ "التحديث"، بمعنى جعل الشيء حديثاً؛ يقال: تحديث الأمة، أو تحديث العقل العربي، أو تحديث وسائل التعليم، والمعنى: جعل كل منها حديثة.
وقد يبدو أن هذا مخالف لما في المعجمات من معاني حَدَّثَ المضعَّف، الذي يدل على التكليم أو الإخبار، ومنه حدّث فلان صاحبه في أمر، أي كلَّمة فيه أو أخبره به.
غير أن أصل المادة هو حَدَثَ، يدل على ما يناقض القدم، يقال: حدث حدوثاً وحداثة. ولما كانت القاعدة الصرفية تجيز – كما أثبت الجوهري في الصحاح، وكما أقرّ المجمع – أن تصوغ من الفعل الثلاثي فعل المضعّف، الذي يدل في بعض معانيه على الجعل أو التصيير، مثل: قَوّاه جعله قوياً، وحَسَّنه صيَّره حسناً- لما كان الأمر كذلك، فإن حَدَّثَ المضعَّف مشتق بالمعنى المتقدم من حَدَثَ الثلاثي. وعليه يكون معنى قولنا: حَدَّث فلان أفكاره هو جعلها حديثة، والمصدر منه التحديث.
لذلك كله ترى اللجنة أن الاستعمال العصري للفعل حدّث ومصدره التحديث استعمال جائز يجري على مقاييس العربية".
وتبعاً للمناقشات التي دارت حول كلمة تطبيع، احتدم النقاش مرة أخرى، واشترك فيه الأساتذة: محمد الفاسي، ومحمد عبدالغني حسن، وعباس حسن، ومحمد أحمد سليمان، ومحمد شوقي أمين، وإسحاق موسى الحسيني؛ وعند التصويت قررت الأكثرية رفض الكلمة وردَّ تقرير اللجنة إليها.
[IMG]file:///C:\Users\user\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\c lip_image002.jpg[/IMG]
وقام جدل عريض بين مخالفي الإجازة، ومنهم الأستاذان: عبدالسلام هارون، وأحمد الحوفي، ومؤيديها وفي طليعتهم الأستاذان: شوقي ضيف، ومحمد شوقي أمين.
وتَمَّت الإجازة عند جمع الأصوات بالأكثرية
2- كَلَّفْتُ البناءَ مالاً كثيراً
"يشيع في اللغة المعاصرة قولهم: كَلَّفْتُ البناء كذا، ويريدون به الإنفاق على البناء، وقد يُعْتَرَض على هذا التعبير بأن الصواب أن يقال: البناء كلّفني، لأن حقيقة الأمر تقتضي أن التكليف يكون من البناء لصاحبه.
وترى اللجنة أن التعبير العصري جائز، على أنه من قبيل القلب المعنوي الذي يتحول فيه الإسناد من الشخص إلى الشيء، ومن أمثلته الشائعة: نهاره صائم وليله قائم".
وأقرّ المؤتمرون تقرير الإجازة.
2- جاء توّاً
"يشيع في اللغة المعاصرة مثل قولهم: "جاء تَوّاً"، يريدون به جاء الآن. وقد يُعَتَرض على هذا بأن الوجه فيه أن يقال: جاء التوَّةَ، أي الآن، ففي اللغة: التوّة الساعة، إلا أن الاستعمال السائغ يمكن أخذه من قول العرب: جاء توّاً، أي قاصداً، لم يتخلف في الطريق؛ إذ القصد أمر اعتباري يؤدي إلى الحضور الفوري.
ولهذا ترى اللجنة إجازة قول المعاصرين: جاء تواً في معناه الذي يستعملونه فيه".
وأجيز هذا القرار بعدم الاعتراض عليه.
4- أكد الخبير على أن التوقيع مفتعل
"تتردد كثيراً أشباه هاتين العبارتين: أكَّدَت المدرسة على المواظبة، وأكّدَ الخبير على أن التوقيع مفتعل؛ وقد درستهما اللجنة فلاحظت:
أولاً: أن الفعل (أكَّد) فيهما لازم يتعدى بعلى، وهو في المعاجم متعدّ بنفسه.
ثانياً: أن الفعل في العبارة الأولى مسلط على المواظبة نفسها، إذ كانت تالية للحرف (على) وهو الذي أوصل الفعل إليها، وإذن تكون المواظبة في العبارة هي الأمر الذي تؤكده المدرسة، وتعني أنه محقق، والواقع أنها إنما تريد أن تدعو إلى الاهتمام بها، لأنها رأتها دون ما ينبغي أن تكون.
ويمكن تخريج هذه العبارة من وجهين:
أحدهما: أن يقدَّر لأكَّدَ مفعول محذوف هو مصدر يدل عليه المقام، ويصلح متعلقاً لعلى، مثل التنبيه والحث. وحذف المفعول به سائغ في العربية. وإذن يكون تأويل العبارة هو: أكدت المدرسة التنبيه أو الحث على المواظبة، لتصل إلى غايتها المنشودة.
وأما العبارة الثانية فليس يؤخذ عليها إلا جعل "أكَّدَ" لازماً يتعدى بعلى؛ ولو حذف منها هذا الحرف لتصير: أكد الخبير أن التوقيع مفتعل، ما كان لهذا المأخذ عليها من سبيل، أما تخريجها مع الإبقاء على الحرف فبمثل ما تُخَرَّج به الأولى.
الوجه الثاني: من وجهي تخريج العبارتين أن يُضَمَّن الفعل (أكّد) معنى نبّه؛ يقال: نبهّه على الأمر، أي وقفه عليه وأعلمه به.
وإذن يكون تأويل العبارتين: نَبَّهَتِ المدرسةُ على المواظبة، والخبيرُ على أن التوقيع مفتعل.
ولهذا ترى اللجنة أن العبارتين صحيحتان، ولا مانع لغة من استعمالهما".
وجرت المناقشة حول العبارتين وتخريجها ببرود، حتى قال الرئيس يظهر أن لا رفض للتعبير ولا قبول له، بل نترك للزمن ليقول كلمته فيه؛ واعتبر قرار الإجازة مقبولاً.
5- لعب دوراً
" يشيع في اللغة المعاصرة قولهم: لعب دوراً، يريدون به أداء مهمة من المهمات في أي عمل من أعمال الحياة. وربما يسبق إلى الخاطر أن العبارة غير صحيحة على أساس أن الفعل (لعب) لازم، ولكن لا مانع من استعماله، ويمكن تخريج صحته من وجهين:
أولهما: أن يجعل (دوراً) مفعولاً مطلقاً مباشراً، ومعلوم أن المفعول المطلق يصف الفعل من أي وجه كان، وكلمة (دوراً) في اللغة العربية المعاصرة تعني مهمة أو نصيباً، وهي وصف للفعل، فلعب دوراً أي نصيباً، ولذلك تصبح كلمة دور مفعولاً مطلقاً.
الوجه الثاني: أن قائل هذه العبارة وما يشببها لا يريد بالفعل (لعب) معناه الحقيقي الذي يدل لفظه عليه، بل يريد معنى أدّى ونحوه، أما لفظ (دور) فمصدر دار، ويراد به في العبارة معنى الهمة أو القدر أو النصيب. وإذاً يكون الفعل (لعب) فيما يعنيه الاستعمال المعاصر في العبارة متضمناً معنى (أدّى) مثلاً، وهو متعدّ، وإذاً يكون دوراً مفعولاً به للعب.
ويتضح مما سبق ما يأتي:
أن صيغة لعب دوراً صحيحة لغوياً، إمّا على أن كلمة دوراً مفعول مطلق، وإما على أنها مفعول به لفعل لعب المضمَّن معنى (أدى).
ولا محل للاعتراض على التخريج الأول، لأن دلالة اللعب قد تطورت في العصر الحديث، كما تُصَوِّره المذكرة المرافقة للأستاذ علي النجدي ناصف؛ لذلك ترى اللجنة إجازة هذا التعبير في نطاق ما يستسيغه الذوق العام".
وبدأت مناقشات أعضاء المؤتمر تظهر أن غالبيتهم غير راضية عن إجازة هذا التعبير المترجم ترجمة، مما جعل الرئيس يقول: يبدو أن الرأي الغالب هو إيثار أن نقول: أدى دوراً، بدلاً من لعب دوراً. وأحجم عن طرح الإجازة على التصويت([11]).
6- سواء كذا أو كذا
"يشيع في اللغة المعاصرة قولهم: سواء كذا أو كذا، وقولهم: سيان كذا أو كذا، وقولهم: لا خلاف بين هذا أو ذاك. وقد يرى بعض نقاد اللغة أن استعمال (أو) في هذه العبارات على غير صواب، إذ الصواب أن تستعمل (الواو) هنا مكان (أو) فالمقام مقام جمع يستدعي العطف بأداته وهي الواو.
وقد درست اللجنة هذه الاستعمالات العصرية، وانتهت إلى إجازتها استناداً إلى أن جمهرة كبيرة من النحاة ينّصون على أن من معاني (أو) مطلق الجمع، يضاف إلى ذلك المروي من الشواهد الدالة على ذلك شعراً ونثراً".
وأبدى بعض الأعضاء رفضهم لهذا التساهل مع كل ما يشيع من استعمالات ضعيفة أو ركيكة، ولدى طرح المسألة على التصويت قُبِلت المسألة بالأكثرية.

ثامناً: أعمال لجنة وضع أسلوب اختيار المصطلحات العلمية
تليت على المؤتمرين التوصيات التي أقرّتها لجنة وضع أسلوب اختيار المصطلحات العلمية، والتي وافق مجلس المجمع عليها؛ وهي عبارة عن منهج متكامل لوضع المصطلحات العلمية وتعريفها، وفاء بأغراض التعليم العالي، ومطالب التأليف والترجمة، ضمن النهج العلمي في اختيار المصطلحات مع الحفاظ على التراث العربي، وخاصة ما استقرّ منه من مصطلحات علمية عربية صالحة للاستعمال في العصر الحديث.
وأبدى أعضاء المؤتمر موافقتهم على التوصيات التي تضمنها التقرير.


تاسعاً: ختام المؤتمر وتوصياته
عقد المؤتمرون جلستهم الختامية صباح يوم الاثنين في الثاني عشر من آذار (مارس) سنة 1979م، عرض فيها الدكتور محمد مهدي علّام، أمين المجمع، ما أنجزه المؤتمرون خلال هذه الدورة، ثم تُليت اقتراحات الأعضاء وملاحظاتهم، وبعد مناقشتها، تمت الموافقة على التوصيات والمقررات التالية:
1- إن تعريب التعليم الجامعي هدف يسعى إليه العالم العربي بأسره، وسبيلُه الحقّ تزويد مكتباتنا بمؤلفات عربية حديثة وافية، وقيام الأستاذ بواجبه قياماً حقاً نحو لغته، وتمكين الطالب من لغته القومية، ومن لغة أخرى أجنبية، تربطه بموكب العلم وتَقَدُّمه.
2- إن توحيد المصطلح العلمي والأدبي والفني هدف منشود لعالمنا العربي، ولكن بعض الهيئات والأفراد يعمد إلى إصدار معاجم اصطلاحية مختلفة، ينشأ عنها بلبلة في استعمال المصطلحات العربية لدى المشتغلين بالعلوم والآداب والفنون. والمؤتمر يوصي بأن يترك أمر المصطلحات للمجامع العربية، على أن يُنَسَّق هذا في إطار اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.
3- يوصي المؤتمر وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي بأن تُعنى عناية كاملة بتيسير تعليم اللغة العربية للنشء، مستهدية في ذلك بما قرره اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية في ندوة الجزائر، وكان موضوعها (تعليم اللغة العربية في ربع القرن الأخير).
4- يوصي المؤتمر بإعداد العاملين بالإذاعة المسموعة والمرئية، إعداداً صوتياً ولغوياً، لعلاج ما يبدو من تحريف في نطق بعض الحروف على ألسنتهم، ومن أخطاء في ضبط بعض الكلمات. فعلى وزارات الإعلام وهيئات الإذاعة المسموعة والمرئية، أن تستعين في علاج ذلك بالأساتذة المتخصصين في صوتيات اللغة وقواعدها النحوية.
5- يأسف المؤتمر لتقديم أكثر المسرحيات والتمثيليات الإذاعية (المسموعة والمرئية) باللهجات العامية، ويوصي في عدد أكبر من التمثيليات باستخدام لغة فصحى، يسهل فهمها على العربي من مختلف المستويات، وفي جميع البلاد العربية.
6- تبلغ توصيات المؤتمر وقراراته للمجامع اللغوية والعلمية، واتحاد المجامع والجامعات، وجامعة الدول العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ووزارات التربية والتعليم والثقافة والإعلام في الوطن العربي.
7- يوصي المؤتمر الصحافة العربية بمزيد من العناية بسلامة لغتها، وَيَقْدُّرُ للصحافة ما أخذت به من تخصيص جانب من صفحاتها للثقافة العربية بعامة، وفنون الأدب بخاصة، ويوصي كذلك بفسح مجال أوسع لذلك الزاد الثقافي والأدبي.
ثم أعلن الدكتور إبراهيم مدكور رئيس المؤتمر ختام الدورة الخامسة والأربعين، متمنياً للأعضاء الوافدين عوداً حميداً، آملاً لقاء الجميع في المؤتمر القادم الذي سيعقد في الأسبوع الأخير من شهر شباط (فبراير) سنة 1980 إن شاء الله.

[1]) ) في المعجم: بَرَّ حَجَّه: قُبِل، أما مضعّف الفعل فلم يرد، ولكن مؤتمر مجمع اللغة العربية أقر في دورته الرابعة والثلاثين إجازة التبرير في معنى التسويغ، استناداً إلى قياسية تضعيف الفعل للتكثير والمبالغة. وقد أثبت الكلمة المعجم الوسيط.

[2]) ) أجاز المؤتمر في دورته الثالثة والأربعين كلمة "عديد وعديدة" بمعنى "كثير وكثيرة" واستكمال المادة اللغوية في المعجم.

[3]) ) في المعجم الوسيط: "الكناشة: الأوراق تُجْعَل كالدفتر، تُقَيَّد فيها الفوائد والشوارد (مولّد)"، بينما جاء في متن اللغة: الكناش، كلمة سريانية (معَرَّبة)، ونقل البطريرك برصوم في كتابه "الألفاظ السريانية المعرّبة" قول الخفاجي في "الشفاء" أنها معربة عن السريانية.

[4]) ) في لسان العرب: الصابون الذي تُغَسل به الثياب معروف، قال ابن دريد: ليس من كلام العرب. وعرّف صاحب متن اللغة الصابون ونقل قولة ابن دريد، ثم أردفها بقوله: وقال غيره: هو ما توافقت عليه الألسنة. وفي "الألفاظ الفارسية المعرّبة" قال المطران أدي شير: الصابون في الفارسية والتركية والكردية واليونانية والرومية والجرمانية والإنكليزية والإيطالية والفرنسية والسريانية، فلا بد أن لغة من هذه اللغات أعارت أخواتها هذه اللفظة، فذهب قوم إلى أنها فارسية، وقيل إن أصلها لاتيني، وقيل إنها منسوبة إلى مدينة Savon التي صُنِع فيها أول مرة الصابون (كما ذكر القاموس الفرنسي Bescherelle". ويحتمل أن يكون سرياني الأصل، فإن الصابون مصنوع لتنظيف كل ما وسخ من الثياب وغيرها. هذا وفي المعجمات العربية: صبن الشيء: صرفه، واصطبن وانصبن الشيء: انصرف.

[5]) ) جاء في "الألفاظ الفارسية المعربة": الشَوْرَبة: طعام مائع من الرز واللحم، تعريب شوربا ومنه: شُوْريا أو چوريا في جميع اللغات الشرقية المعروفة – ويرادفه Zuppa أو Soup في اللغات الأوروبية.

[6]) ) جاء في معجم ألفاظ القرآن الكريم: ".. والتغابن تفاعل، وسمى به اليوم الآخر، لنزول سعداء الدنيا فيه منازل الأشقياء، ونزول أشقياء الدنيا فيه منازل السعداء، على أن الغبن هو الوكس والبخس في البياعات، من معنى اللين والضعف في مدار المادة، وأما على أن مدارها الخفاء فقيل: يوم التغابن تبدو الأشياء لهم بخلاف مقاديرهم في الدنيا، وعلى الوجهين فإن ما في التفاعل – التغابن- من معنى صنيع القرآن في غير موضع، إذ يصف ما يكون بين طبقتي المجتمع من مستكبرين ومستضعفين يتبادلون الاتهام بالغبن الخادع أو المخفي للحقيقة، حين يقول الذين للذين استضعفوا للذين استكبروا:"لولا أنتم لكنا مؤمنين" فيقول الذين استكبروا للذين استضعفوا: "أنحن صددناكم عن الهدى بعد أن جاءكم بل كنتم مجرمين" وهذا هو التغابن المتبادل بكل معانيه، يوم الجمع".

[7]) ) أجاز مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته التاسعة والثلاثين جمع ألفاظ العقود بالألف والتاء مشترطاً إلحاق ياء النسب بها قبل أداة الجمع.

[8]) ) صوغ قرار اللجنة على هذا الشكل إنما كان بتأثير مذكرة للدكتور شوقي ضيف ينقد فيها صيغة مجمعية تقترح قصر تدريس الاستثناء للناشئة على حالة النصب فقال فيها: "وكأن رأي - المجمع- أن لا تعرض عليهم صيغة الاستثناء مع الكلام غير الموجب، وأنه يجوز في المستثنى حينئذ أن يكون منصوباً على الاستثناء، أو أن يكون مرفوعاً على البدلية، في مثل: ما تكلم أحد إلا محمداً، فإنه يجوز في محمد الرفع على البدلية، ولعل المجمع رأى أن يقتصر في حالة الكلام غير الموجب على نصب المستثنى وأن يهمل القول بأنه يجوز في المستثنى الرفع ...".

[9]) ) أما في الطبعة الأولى فكان المعجم قد ذكر أن الكلمة (مولّدة).

[10]) ) تشيع هذه الكلمة في مصر، ولا أعرف قطراً آخر تشيع فيه، أما في سورية والعراق والبلاد الأخرى التي أُقِرّت في جيوشها مصطلحات المعجم العسكري الموحَّد فتشيع الكلمة اسماً لغطاء الرأس عند الجنود والمنظمات شبه العسكرية.

[11]) ) سبق للّجنة أن عرضت المسألة نفسها على المؤتمر في دورته الرابعة والأربعين، وجرت مناقشات حولها، وقرّر المؤتمر بالأكثرية رفضها.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لجمع, مؤتمر, اللّغة, الخامسة, العربيّة, القاهرة, دورته, والأربعين, وقائع


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع وقائع مؤتمر مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة في دورته الخامسة والأربعين
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في الذكرى الخامسة للثورة عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 01-26-2016 08:31 AM
4 وقائع تدفع للسخرية عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 04-30-2015 06:43 AM
وقائع مؤتمر مجمَع اللّغة العربية في القاهِرة في دَورته الرابعة والأربَعين Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 06-21-2013 04:11 PM
مشروع مُتَرْجَم .. أكثر من 1000 شاب متطوّع يغارون على اللّغة العربية Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 06-13-2013 10:17 AM
دولة الإمارات العربيّة المتحدة Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-19-2012 07:37 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:28 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59