#1  
قديم 06-21-2013, 02:53 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,412
افتراضي حول تعريب التعليم وتعريبْ العلم وَالتكنولوجيا





للدكتور أحمد سعيدان

لا غرو أن دعوات كثيرة قد انطلقت، وما تزال تنطلق، من أفراد وهيئات ومؤتمرات، تدعو إلى تعريب التعليم وتعريب العلم والتكنولوجيا، وأن هناك أفراداً وجماعاتٍ يَضيقون ذرعاً بهذه الدعوات، فيعارضونها ويطرحون في المعارضة حججاً وآراء جديرة بالتأمل والتفكير. وإنَّ دعوات الداعين ونواهي الناهين تصطبغ أحياناً بصبغة إنشائية خطابية أو عاطفية انفعالية تنأى بها عن رزانة القرار الحكيم المسؤول؛ وهي تكادُ تَصدُر من منطلقات متعددة متباينة: فهي تارةً قوميةٌ وطنيّة، وتارةً فقهيةٌ لغوية، وهي أحياناً تاريخيّةٌ أو اجتماعية، وكثيراً ما تتعارض أو تتشابك أو تتناقض، حتى لتكاد تضيع الحُجّة، وتحتجب الشجرة بأغصانها، كما يقولون.
وإني لأَهمُّ أن أقول إني عازم على أن أنحو في عرض القضية منحى موضوعيّاً، لولا أني أجد في من تَعَرَّضوا للقضية مَن يَستَهلّون البحث بزعم كهذا، ثم هم يُغرِقون السامع أو القارئ في متاهاتٍ من مغالطاتٍ ومتناقضات، كفريق يضرب على غير هدى، أو يدور في دوّامة.
****ا أضربَ على غير هدى أو أدور في دوّامَة سأجنح إلى النَهْج العلميّ، فأحاول تحليل الموضوع إلى عناصر متميزة بعضها عن بعض، ثم ألقي نظرة على هذه العناصر متفرِّقة، لأَخلُص من ذلك إلى موازنة عامّة، فيها حساب الربح والخسارة، وكشف الحساب، وفيها خطّة واقتراح وبناء.
ولو كان ما نجابه عبارةً جَبْرية أو مُرَكّباً كيماويّاً لوجدنا على الغالب نَهْجاً تقليديّاً لتحليله إلى عناصر متميّزة؛ ولكننا نُجابِهُ قضيةً تعيش معنا وتنطوي على واقع ماثل أمامنا، يقوم على جذور ضاربة في أعماق تاريخنا، ويمتدّ إلى كثير من خُطَطنا وتطلّعاتنا. فليس ثَمّة، على ما أعلم، نَهْجٌ لتحليله إلى عناصر سوى إِنعام النظر فيه من زوايا مختلفة محدّدة.
الزاوية التربوية:
وأُولى الزوايا المحدَّدة التي مِنها أَنظرُ في الأمر هي الزاوية التربوية، التي قَلَّما أولاها مَن تعرَّضوا للأمر ما ينبغي من عناية واهتمام.
إنَّ عملية التعليم عمليةٌ تربوية؛ فطبيعيٌّ أن ننظر في تعريب التعليم من الزاوية التربوية المحضة. وتعريبُ التعليم يعني عندنا في الأردن تعريب التعليم الجامعيّ، وإن كنتُ أعلم أنَّ التعليم غيرَ الجامعيّ يَفتقر في أقطارٍ أخرى عربيّةٍ إلى التعريب. وفي مستَهَلّ حديثنا عن تعريب التعليم في الكُلّيات العلميّة طبيعيٌّ أن نَستذكِر ماذا نبغي من التعليم في هذه الكليات.
إِنَّ إعطاء الطالب معارفَ وخبراتٍ تُمَكِّنهُ من اجتياز امتحاناتٍ معيَّنة، ومن ممارسةِ مهنةٍ محدَّدة يؤهِّلُه تخصُّصُه لها، ليس وحده الهدف من التعليم الجامعي؛ إذ لَعَلَّ ما في كُتبٍ محدودة قليلة العدد ما هو أكثر وأوفى مِمّا يُعطي المحاضرون في الجامعة؛ ولعلَّ في خبرةٍ هندسيَّةٍ يأخذها الطالب من بناء، أو خبرة حسابيّة يفيدها من مصرف ما، يربو على الخبرة المقنَّنَة التي تُعطيها الأعمال المخبرية الجامعيّة في أوضاع افتراضيَّة مصطَنَعة.
إن الجامعة جَوٌّ أكاديميّ مثاليّ، يمارس فيه الطالب الحياة الموضوعيّة المنظّمة المُضَبَّطة بحرّية رأي، وحرية تصرّف في حدود الموضوعية والنظام والانضباط، وعلى نحو يَستَهدِف أن يبني الطالب نَفْسَه بناءً متكاملاً، تَبْرُز فيه شخصيّته، ونتلمَّس به مواهُبه الكامنة، ويغدو به مواطناً صالحاً، إيجابياً غير سلبيّ، قابلاً للتفاعل مع مَن حوله وممارسة القيادة والريادة، على خلفيَّةٍ من المميزات والقِيمَ التي تسود في المجتمع الذي سيعيش الطالب فيه.
في ضوء هذه الأهداف نَسترجع للذاكرة واقعَ الكّليّات العلمية المتوافرة، أو التي يُمكن أن تتوافر على أرضنا؛ فَتَمْثُل أمامنا ثلاثة أنواع من هذه الكليات:
أولاً: كُلّيات أجنبيةُ اللغة والطابع، كالكليات الإنكليزية والأمريكية التي نعرفها؛ لغةُ التعليم والمعاملات والحديث فيها غيرُ العربية، حتى يندر أن تجد فيها اثنين يتكلّمان بالعربية.
يَدْخُلُها الطالب العربيّ فيصدمه فيها أمران: لغةٌ لا يُتقن فهمها ولا التحدُّث بها، وبيئةٌ لا يألفها. فإذا هو تَكَيَّفَ مع ا لبيئة و عَجَّل في إتقان اللغة، سارت معه الريح رخاء، ومضت أموره بأمان في جَوٍّ أكاديمي خصب. أما إذا هو تَعَثَّرَ في هذا أو ذاك، فقد ينقطع به الحبلُ في وَسَط الطريق؛ وقد يَبْلغ نهاية الشوط خائرَ القوى مُقَطَّع الأنفاس.
ونَظلم هذه الكلّيات إذا لم نَعتَرِف بأنها تُحَقِّقُ لأبنائنا معظم الأهداف التي استرجعناها فيما سبق.
ولكنّنا نظلم أنفسنا إذا لم نعترف أيضاً بأنها تَصْدُر عن قِيَمٍ وأخلاقيات لا تنبعث من بيئتنا وجذورنا التاريخية، وأنّها تُعِدُّ الطالب لمجتمعٍ غير المجتمع الذي سيعيش فيه.
لقد خَرَّجت لنا هذه الكلّيات نفراً من خيرة أبنائنا وقادة الفكر فيما بيننا؛ ولكنّها أجنبية، فهي لغيرنا: إدارتُها ليست بيدنا، وسياسَتُها ليست بيدنا، وسياسَتُها ليست مِن صُنعنا. وإن من حقّنا، كسائر شعوب الأرض، أن يكون لنا جامعاتُنا التي تُنشأ بمالنا، ويديرها رجالنا، ويملؤها أبناؤنا، وتُرْسَم سياستها في ضوء حاجاتنا وخططنا وتطلُّعاتنا.
انطلاقاً من هذه الحاجة ظَهَرَ بيننا النوع الثاني من الكلّيات، وهي:
ثانياً: كلّياتٌ عربيةُ الوجه واليد واللسان:
قد يدور في خَلَدنا أنَّ هذه الكلّيات تُحَقِّق كلَّ ما تُحَقِّقُه الكلّيات الأجنبية وتزيد على ذلك، أولاً لأنّ الطالب العربي أكثر استيعاباً للمعرفة بلغته، ومن ثمَّ فهو أعمق فَهماً وأولى بالإبداع؛ وثانياً لأنه لن يُضيع وقتاً وجهداً في إتقان لغةٍ جديدة؛ وثالثاً لأنّ الكلية تُعِدُّه لمجتمعنا العربي، وتُنَشِّئُه على خَلفيّة من قِيَمنا وأخلاقنا وبيئتنا وتراثنا.
ولكن الواقعَ غيرُ ما نتوقَّع، لا في الكلّيات العلمية ولا في الكلّيات الإنسانية أو غيرها من الكليات. ذلك أن العلم ينمو في هذا العصر على نحوٍ يوصَف بالتدفّق أو التفَجُّر؛ ومع نموّ العلم وتَدَفُّقه يمضي تطوُّرُ مناهجه بسرعةٍ فائقة، حتى ليندر أن يعيش كتابٌ علمي صالحاً دون حاجة إلى تعديل، أكثر من خمس سنوات. وهو ينمو مادةً ومناهجَ على أيدٍ غير عربيّة، وتُعَبِّر عن الجديد فيه والتجديد أَلْسِنَةٌ غيرُ عربية، في دوريّات كثيرة أجنبية.
فالكلّيات العلمية التي جَعَلَت العربيَّةَ لغةَ التداول والتعليم، حَجَبَتْ نفسها عن منابع العلم، ولذا ما لبثت أن وَقَفَت بمعزل عن تيّار التطوّر، سواء في المادة العلميّة والتعليمية، أم في أساليب عَرضها، بل في أجهزة البحث والتدريس. إنَّ جلَّ ما تنتجه هذه الكليات إِنما هو اجترار وتُكرار.
هذا واقعٌ كُلُّ مَن يُدرك التطوُّر العلميّ المعاصر لا يستطيع إنكاره؛ ولقد قال قائلون جَدَلاً إِنَّ القلَّة القليلة من خريجي هذه الكليات هي وحدها المؤهَّلة للاستزادة من العلم، وهي وحدها التي ستحتاج عندما تستزيد إلى إتقان لغة أجنبية، وعندها نَدْفَع بها إلى موطن هذه اللغة. وهذا قولٌ يَنمّ على سطحية وسذاجة؛ فالعلم الحديث ليس حُليَةً يَتَحَلّى بها من يقدر أو من يشاء، ولكنه حياةٌ وطريقةُ حياة، تَلْمَسها في البيت والمدرسة والمكتب والشارع وكل مكان، وينبغي أن تَجِدها لدى المعلم والطالب على السواء. حتى الكلّيات الإنسانية، التي مادتها عربيّة في كل شيء، قد تَحَجَّرت لأنها افتقرت إلى المنهجية التي نلمَسُها واضحة في الكتب الأجنبية المتقدمة، والتي بدونها قَلَّما يكتمل بحث أو تكتمل دراسة.
وهنا أمران يَتَبَرَّم بهما جُلُّ الحادبين على العربيّة، الداعين إلى استعمالهما في كلّ مراحل التعليم: أحدهما الحديث عن هذا التدفُّق السريع في المادة العلمية وأساليبها، وثانيهما هذه المنهجية التي أزعم أننا نفتقدها في الكتب العربية؛ فقد يَحْسُن ألَّا نمُرّ بهما سراعاً دون مزيد من التوضيح.
أمّا عن تزايد المعرفة، فيكفي أن نشير إلى أن مؤسسة اليونسكو نشرت قبل حوالي عشر سنوات إحصائيةً تشير إلى أنَّ مطابع العالم تُخْرِج في كلّ أربعين دقيقةً مِن الكلام المطبوع ما لو جُمِع في كتاب واحد لبلغ هذا الكتاب أربعةً وعشرين مجلّداً، كلٌّ منها بحجم المجلَّد الواحد في الموسوعة البريطانية المعروفة؛ وأنّ ما تُصِدرُه هذه المطابع في اليوم الواحد ينطوي على أكثر من خمسين مصطلحاً علميّاً جديداً، لم يكن له قبل يوم واحد وجود.
ولعلمي أن الناس يَنْسَون، أدعو القارئ إلى أن يتذكَّر كيف كانت وسائلُ المواصلات، مثلاً، قبل ثلاثين عاماً، وكيف هي اليوم. إِنَّ الذي مَكَّن لهذه الطفرة الواسعة إنما هو فيضٌ من المنجَزات العلمية والتكنولوجية، نَقَلَت العالم من عصر الكهرباء إلى عصر الطاقة النووية والحاسبات الإلكترونية وسباق الفضاء.
وهذه المنجَزات لم تُحَقِّـقْها عقول عربية، ولم تُفَصِّلْها لنا كتب عربية، وهي المادة العلمية التي تُسَيِّر حياة العصر وتزحم مناهج الدراسة، وبتطوُّرِها تَتَغَيَّر الحياة، وتتبدَّل المناهج. ونحن لا نملك حيالها إلا أن نقف تلاميذَ مسَتقْبِلين؛ هذا إذا أتيح لنا أن نفتح النوافذ لاستقبالها، فإن لم نفعل فذلك هو التقوقع الذي لا يلبث أن ينجلي عن تَخَلُّفِ مَن فاتَه القطار.
هذه حقائق، لا مبالغة فيها ولا سبيل إلى تجاهلها أو إنكارها؛ وإنّ من الخير أن نَضَعها نُصْبَ أعيُننا إذا كنّا نتطلّع إلى تخطيطٍ مُحكَم فَعّال.
سيقول قائل: إن دخول العربية من الباب لا يعني هَرَبَ الإنكليزية، مثلاً، من الشبّاك. صحيحٌ أنه لا يعني ذلك، فلا لزوم لأن تَهْرُب اللغة الأجنبية لأَنها لم توجد أصلاً، إلا إذا حسبنا أن الفيزيائي الذي يقضي عمره يَدْرُس الفيزياء في كتب عربيّة يَسْهُل عليه فَهْمُها في مراجع أجنبية. كَلّا، حتى لو كان يتقن اللغة الأجنبية قراءة وحديثاً. ليس صحيحاً عندنا أن العِلْم ليس له لغة؛ وإِن خبرتنا في الجامعة الأردنية لدليل ماثل على ذلك.
أما المنهجية التي أشرتُ إليها فهي اسمٌ آخر للطريقة العلمية في البحث والأسلوب العلمي في عرض نتائج البحث.
المنهجية أخلاق؛ إنها موضوعية تَتَوخّى البحث عن الحقّ وحده، وتَبحث عنه بلا هوى ولا نزق ولا انفعال، ثم تَعْرِض الحقّ، ولا شيء غيره، بلا تَكَلُّف ولا رياء، ولا بهرجة ولا تلوين، وبأسلوب يعطي الكلمة حجمها الطبيعيّ، فلا يصف بالعَظَمَة إلّا من كان له منها نصيب، ولا يُعَدُّ عظيماً جدّاً إلّا مَن كان نصيبه منها وافراً؛ المنهجية تعطي كلَّ ذي حقّ حقّه؛ فإذا عَرَض امرؤ نتيجة بحثه، ذَكَر من ساروا في الدرب قَبْلَه، وأين وَصَلوا، وماذا حقّقوا، ثم ماذا كان دوره هو، وأيّ جديد حَقَّق؛ والمنهجية أمانة: أمانة تجاه الحقيقة، وتجاه القارئ والتاريخ.
ليس في المنهجية نفاق ولا أسلوب خطابي ولا مبالغة ولا بهرجة كلام غير ذي مضمون، وليس فها تلوين للحقّ ولا تحريف له ولا افتراء عليه. وما أحوجنا إلى هذا كلّه في ما نقرأ وما نكتب.
ولم يَسْبق الغربُ إلى المنهجية: لقد بدأت بالإسلام في عصوره الأولى عندما كان رواةُ الحديث يَشدّون الرحال، ويَقْطعون آلاف الفراسخ من أجل التأكُّد من نَصٍّ ما نُسِبَ لراوية ما. ولكنَّ المنهجية ضاعت في العصور الإسلامية المتأخرة، ولقيها الغرب في أواخر القرن الماضي بعد معاناة طويلة شهد فيها كثيراً من الافتراء وكثيراً من الادعاء. وها نحن اليوم نَجِدُها في البحوث العلميّة الغربية، وفي الكتب العلمية الأوروبية، وكثيراً ما نَفتقدها في البحوث والدراسات العربية. لقد جَمَعَ بيرسون في فهرسه الأول كلَّ ما نُشِر في الدوريات من بحوث ودراسات حول الفكر الإسلامي، من مَطْلع هذا القرن إلى سنة 1955 (المجلد الأول) زهاء 26 ألف بحث، ليس بينها بالعربية بحث واحد تتوافر فيه عناصر المنهجية.
خوفاً من التقوقع، وحُبّاً بالمنهجية، اختارت بعض الجامعات العربية نوعاً ثالثاً من الكليات العلمية، وهي:
ثالثاً: كليات عربية إنكليزية:
لغة الحياة والمعاملات في هذه الكلّيات هي العربية، ولكنَّ لغة المحاضرات والدرس والامتحان هي الإنكليزية: فالكُتُب المقرّرة والمراجع إنكليزية؛ وعلى هذا فالباب مفتوح على مصراعيه لأحدث المناهج، ولا خوف عندنا من تقوقع أو تَحَجُّر.
بعض الناس يَصعُب عليهم أن يَرَوا الواقع، وبعضُهم يَصعب عليهم أن يعترفوا بما يرون، وهؤلاء جميعاً قد يَعْتَبون علي إذا قُلتُ إِنَّ الطالب المتوسّط عندنا يفقد لغته ولا يتقن الإنكليزية، بالضبط كالغراب الذي قلَّد مشية غيره. إننا لم نضعه في جوٍّ يتعلّم فيه الإنكليزية، لا حديثاً ولا كتابة، وإنما طالبناه أن يَفْهم ما يقرأ وما يسمع. أما ما يقرأ فتلك مادة الكتب المقررة، يفاجَأ بها الطالب من اللحظة الأولى، فتحدث لديه رعشة وفي نفسه عقدة، وقلّما تُحَلُّ تلك العقدة؛ فلا ينبغي أن نحسب أنه يَفهم ما يَقرأ فهماً تامّاً، ولكنَّها صُورٌ لذلك المقروء تَرسم في مخيّلته، ومعها تصوراتٌ غائمة قَلِقَة لا تلبث أن تنمحي، فيغدو وكأنه لم يقرأ شيئاً.
وأمَّا ما يسمع الطالب في المحاضرات فقلَّما يكون إنكليزيّاً، وإنما هو خليط من إنكليزية سقيمة وعربية عامة؛ ومع ذلك ربّما كان هذا الذي يسمعه هو وحده الذي يفيد منه الطالب في جامعته إذا هو أحسن الاستماع، أو إذا أحسن المعلم الأداء؛ لأنَّ طُلّابنا قَلَّما يَرجعون إلى المراجع لأنهم لا يفهمونها، وقَلّما يُحسنون استعمال كتبهم المقرّرة لأنهم لم يُهَيَّأوا لها؛ وهم قَلّما يناقشون في المادة العلمية لأنهم لا يحسنون الحديث بالإنكليزية، فما هي النتيجة؟ يَنْضَمّون إلى تلك الأكثرية الصامتة السلبية، التي تُجِهد نفسها في تحصيل بعض الفهم تحصيلاً مؤقتاً من أجل الامتحان، وينتهي بانتهائه.
جاءتني قبيل الامتحان طالبة في السنة الأولى في حالة هستيرية تقول: كُلُّ مسائل PERCENTAGE هي طلاسم بالنسبة إليّ؛ فَهَلّا أفهمتني عمَّ تبحث؟ قلت: ألم تدرسي النسبة المئوية في الصف التوجيهي؟ قالت بلى؛ قلت ذلك هو ما تبحث فيه؟
- صحيح؟
- نعم
- إذن "PERCENT" معناها "في المائة"؟
- بالضبط

- ما أغباني!
وفي الامتحان رأيت طالباً مضطرباً يريد أن يستوضح معنى كلمة "Sphere". وبعد الامتحان جاء الطالب يجادلني مؤكداً أن معلمه فسر الكلمة بمعنى "الجَوّ"، فلما أكَّدتُ له أن الجَوّ يقابلها بالإنكليزية كلمة "Atmosphere"، شعرت بالطالب كأنَّ شبكة معقَّدة قد انحلّت أمام بصيرته.
سيقول قائل: هذا الذي تَصِفُه حالاتٌ فردية شاذّة، تَحْدُث في مرحلة مبكّرة ولا تحدث فيما بعد ذلك. ولكنني أتمنّى لو أن أحد المهتمّين بالأمر كَلَّف مجموعة من الطلاّب العلميين، في نهاية المرحلة أو بعد التخرج، أن يكتبوا له أسطراً قليلة، بالإنكليزية أو العربية، في موضوعٍ ما يتعلّق بتخصُّصهم؛ عندها سيجد عجباً. لي مع طالب مَنَحْناه الماجستير في الرياضيّات قصةٌ عجيبة؛ هذا الطالب لا أذكر اسمه ولكنّي لا أنسى قصتي معه: عَلَّمْتُه في كلّ سنة من سنوات دراسته للبكالوريوس، ولا أذكر أنه في مرّة واحدة ناقَشَ أو وَقَفَ لإلقاء سؤالٍ أو اقتراح حلّ. كان دائماً مع الصامتين الذين يحسنون الاستماع، فإذا جاء الامتحان يُحَلِّق مع المتفوقين.
ومُنِح الطالب البكالوريوس بدرجة "جيّد جدَّاً"، وتقدم للماجستير، وكان من نصيبي أن أعطيه مساقاً من هذا المستوى. وكان من واجباته في هذا المساق أن يُعِدَّ تقريراً مكتوباً، وأن يَشْرَح مادته في الصفّ كيما نناقشه. وقد أكَّدْتُ على الطلاب أن يُعِدَّ كلٌّ منهم تقريره بالعربية، كيما يجري النقاش بالعربية؛ هذا بالرغم من أن المراجع كلّها بالإنكليزية. لقد أردتُ ذلك لأحولَ بين الطلاب وبين النقل الحرفي من المراجع؛ لقد أردتُ أن يكون لهم دور أكثر من مجرَّد التلخيص. ولقد قام الطلّاب بهذه المحاولة، إلّا أن تقاريرهم كانت كمحاضراتِ أساتذتهم: خليطاً عجيباً من العربية والإنكليزية، إلا هذا الطالب؛ فَقَبْلَ الموعد المحدّد لمناقشة تقريره، جاءني يرجو أن يُقَدِّم تقريره بالإنكليزية لأنه لا يستطيع نقله إلى العربية. وحين أخذ الطالب يقرأ تقريره، مضى حوالي ربع ساعة حتى تأكّد لديَّ أنه يتكلم حقّاً بالإنكليزية، كان تقريره على النحو الذي أَلِفناه من طلابنا: فقرات مقتبسة من المرجع أو المراجع، ولكنَّ ألفاظ الطالب كانت عجيبة، لا تَمُتُّ إلى أية لغة؛ حتى تلك الألفاظ التي تتكّرر في كلّ محاضرة في موضوع تَخَصُّصِه؛ لقد سمعها أكثر من مائة مرة من عدد من المحاضرين، ولكنْ لم يتقن لفظها، فلَفَظَها بطريقة مضحكة تبعث في النفس السخرية؛ والتفسير واضح: لقد كان الطالب يَحضر المحاضرات ويصغي، ولكنَّ فكره كان مشغولاً؛ كان يُعَوِّل على أن يحفظ صُوَر المادّة التي يجدها في الكتاب، فيعيد رسمها على نحوٍ ما في الامتحان؛ ولو كان أعمق من ذلك فهماً لما عجز عن نقل المعاني إلى لغته.
والنتيجةُ واضحة: أنّنا لم نُخَرِّج فيه طالباً يستطيع أن يكون مواطناً صالحاً، يفيد مجتمعه بعلمه وتَخَصُّصِه، لا بالعربية ولا بالإنكليزية ولا بخليط من اللغتين، ولا خرّيجاً يُمْكِن في أيّ مجتمع أن يُعطي عن جامعته فكرة طيبة, وما أكثر الدلائل على أن القلَّة من خرّيجينا هم أحسن حالاً من هذا الطالب.
إِني أَقْدُرُ لزملائي في الكليات العلميّة جهودهم، ولا يدور في خلدي لحظةً أنْ أنَتَقِص من هذه الجهود وهذا الجهاد؛ ولكنَّ النقد الذاتيَّ دليلُ عافية، والاعتراف بالواقع علامةُ قوّة، والتطلّع إلى الأحسن والعمل من أجله بشيرُ صحة. وإنّ من القوّة والصحة والعافية أن نراجع مواقفنا، ونتبيَّن مواقع أقدامنا.
ما العمل؟

تُقَصِّر الكلّيات العربية والإنكليزية عن تأدية رسالتها كما ينبغي، لأنها تُهيّئ الطالب للفهم والتفاعل مع العلم الذي يتعلّمه، بحيث يصير هذا العلم جُزءاً من شخصيّته وكيانه وحياته؛ ففي كنفها يعيش الطالب بشخصيَّتَين: شخصيةٍ عربية حياتها ومعاملاتها بالعربية، ولكنْ لا يتعلم بهذه اللغة، ومن ثَمَّ فَعِلْمُه ليس عاملاً على تهذيب لغة حياته ومعاملاته؛ وشخصيّةٍ محيَّرَةٍ تُحاوِل أن تتعلّم بالإنجليزية وهي لا تَفْهَمها، وتحاول أن تُعَبِّر عن علمها بهذه اللغة فتتَعَثَّر. إنها ازدواجية ذات وجهين: وجهٍ ساذج لا يوجَدُ ما يَصْقُلُه، ووجهٍ متخاذلٍ لا يَجد ما يبعث فيه نفحةً من ثقة أو قبساً من قوّة.
وتُــقَصِّرُ الكلّياتُ العربية المحضة عن تأدية رسالتها كما ينبغي، لأنها بمعزل عن ينابيع العلم. كان ينبغي أن يرافِقَها جُهدٌ دائب لتعريب العلم؛ أي تكوين أجهزة تَعْمَل باستمرار لنقل الفكر العلمي إلى العربية، كُتُباً ومراجع ودوريات. وهذا يَقضي بإقامة مؤسسات للترجمة والتعريب، تقوم بجانب المؤسسات الأكاديمية التي تُعْنَى بتخريج المتخصّصين، سواء في العلم أو التكنولوجيا، حتّى يستطيع الطالب والمعلم على السواء أن يصلا إلى ينابيع المعرفة بلغتهم أنى شاءوا.
ولكنَّ إقامة مؤسسات الترجمة التي تُمِدُّنا بما نحتاج إليه من كتب ومراجع ودوريات مترجمة ومعرّبة، مشروعٌ يقتضي عملاً دائباً غير منقطع، لن يؤتي أُكُله على نحوٍ مُرضٍ في أقَلَّ من نصف قرن. فهل ننتظر خمسينَ عاماً حتى تتكاثر لدينا الكتب المترجمة في شتى فروع العلم، ثم نبدأ بتأدية رسالتنا؟ لا، فهنالك بالتأكيد حَلٌّ وسط يُغني قبل تعريب العلم، ويمهِّد لتعريبه.
يقتضي هذا الحل الوسط أن يجري التعليم في الكلّيات العلمية على نحو كالآتي:
1- في السنة الأولى الأكاديمية يتلَّقى الطالب علومه الأساسية بالعربية وباستعمال كتب مترجمة، أو غير مترجمة، ويأخذ في كلّ فصل دراسي مساقاً في اللغة الإنكليزية، يُعَرِّفُه بالمصطلحات العلمية، ويزيده في هذه اللغة قوّة.
2- في السنة الثانية يَبدأ تخصُّص الطالب، وفيها يتلقّى علومه بالعربيّة، إلا مساقاً واحداً في كل فصل يتعلمه بالإنكليزية، من موضوعات تَخَصُّصه.
3- في السنتين التاليتين يَجري تعليمُ الطالب بالعربية، مع التأكيد على استعمال مَراجِعَ أجنبية؛ على أن يأخذ في كلِّ فصل مساقاً واحداً على الأقلّ من موضوعات تخصُّصِه بالإنكليزية. ويُنَظَّم استعمال الطالب للمراجع الأجنبية بحيث يغدو الرجوع إليها من مستلزمات تَخَرُّجه.
إذا جرى في الوقت نفسه ترجمةُ الكتب العلمية بنشاط أمكن تحقيق الهدف المنشود في وقت غير طويل.
إننا نعتقد أنَّ مِثلَ هذا الحلّ الوسط أكثرُ فائدة للطالب العربي مما تنتجه الكلّيات العربية المحضة، والكلياتُ العربية الإنكليزية؛ وهو بالتأكيد أقلُّ خَطَراً. إنه يَضْمَن تقويةَ الطالب باللغة الإنكليزية، ثم هو نَهْجٌ مرنٌ قابل للتعديل. ولعلَّ مما يَلزمنا في هذه المرحلة من حياتنا أنْ نُقَوّيَ الطالبَ في لغتين، لا واحدة، بالإضافة إلى اللغة الأم.
الزاوية اللغوية:
أما وقد بان من الزاوية التربوية أيّ نَهْج ينبغي أن نسلك، فذلك هو القول الفصل.
ولكنَّ هنالك من يتساءلون: أتستطيعُ العربيَّةُ أن تَستَوعِب لغة العلم والتكنولوجيا؟
هل اللغةُ تَخْلِق الفكر أم الفكرُ يَخْلق اللغة؟
وهنالك من يُجيبون، فيتحدّثون عن مرونة العربية واشتقاقيّتها، وعن تجربتها السابقة. وفي طيّات هذا الحديث وذاك تَرِدُ أقوالٌ هي مثارُ جدل ونُقَطُ حوار. وهذه كلُّها في تقديري معاركُ جانبيّة لا تَضُرّ ولا تنفع، فِلكُلّ لغة خصائصُها وعبقريّتها؛ ونحن نعرف من خصائص اللغة العربية وطواعيّتها للفكرة الدقيقة ما قد يَتّسع فيه مجال الحديث، ونخرج به عما نستهدفه من هذه الكلمات.
ولكنَّ الخبرة الماثلة أمامنا تشير إلى أنَّ لغاتٍ نجمت من لا شيء، وأُريدَ لها أن تنشأ وليس لها من الخصائص شيء؛ ثم هي بإرادة أهلها استوعبت لغة العلم والتكنولوجيا، لم تَضِق بها ولم تَخْنُقها.
إن مئاتِ الأقطار في الشرق والغرب تُعَلِّمُ بِلُغاتها، وتُسْهِم في خدمة العلم على قدر طاقتها، وتُحرِز إنجازات؛ وأكثرُ هذه الأقطار لم تكن لغاتها ولا طاقاتها حتى وقت قريب ذاتَ وزن في المقاييس العالمية.
ومن التساؤلات التي تثار: هل نترجِم أم نُعَرِّب؟
قد لا يكون هنالك قاعدة ذهبية عامّة أولى من قاعدة وضعها المجمع اللغوي في القاهرة، إذ قال: الاصطلاح العالمي نُعَرِّبُه، أما غيرُ العالمي فنبحث له عن لفظ عربي.
وقد اعتبروا الاصطلاح عالميّاً إذا كان يُسْتَعْمَل في الإنكليزية والفرنسية والألمانية.
على أن الاستعمال هو وحده الحَكَم في هذه الأمور، فقد يشيع بالاستعمال لفظٌ أجنبيّ، ويَسْقُط لفظٌ عربيّ؛ وذلك كله حسب ذوق الناس واستحسانهم اللفظ أو استجاباتهم له.
يبقى أمر لا بد من ذكره لمن يتساءلون: هل تَتَّسع العربيةُ لغةً للعلم، وأما من يجيبون تغزُّلاً بخصائصها.
تُقَدَّرَ الكلمات المختلفة التي استعملها شكسبير في مسرحياته بنحو 14 ألف كلمة؛ وعلى هذا نستطيع أن نَفْتَرِض أن تلك سَعة اللغة الإنكليزية في أيام شكسبير، عندما كانت خلواً من الألفاظ العلمية، لأنَّ لغةَ العلم في البلاد الأوروبية كانت وما تزال هي اللاتينية.
أما الآن فقد أحصِيَتْ المصطلحاتُ الإنكليزية التي تُسْتَعمل في حقل الطبّ العام وحده، دون فروع التخصص، فبلغت 74 ألفاً.
ماذا يعني ذلك؟ إذ نحسب أن اللغة الإنكليزية قد اتسعت حتى بلغت المصطلحات العلمية فيها مئات الآلاف تَستَرعي انتباهَنا إحصائيةٌ أخرى تشير إلى أنَّ معظم هذه المصطلحات هي نفسها في الفرنسية والألمانية. إِنّ لغات البلاد المتقدّمة قد تفتّحت بعضُها على بعض، وتعاونت معاً في استيعاب الأفكار العلمية.
إن العلم ينمو بأسرع ممّا تنمو اللغة، بل بأسرع من خيال الشعراء؛ وإنَّ كلّ لغة لتضيق عن استيعاب العلم أو مجاراته. ولهذا تلهثُ اللغاتُ وراء العلم، ويَضيقُ العلماء بِلُهاثِها فَيَلجأون إلى الرمزية يعبّرون بها عن أفكارهم.
أما رجالُ اللغة فيأخذُ بعضُهم مِن بعض دون تَحَرُّج، وهم يعَتَزّون بما يأخذون ويَعُدّونه إثراء لِلُغتهم.
واني أتمنّى لو نَنْسج نحن على هذا المنوال، فنأخذ عن اللغات دون تَحَرُّج ألفاظاً وطُرُقَ تعبير، ونَعُدّ ذلك إثراء للعربية نعتزّ به؛ وذلك كيما نواكب التقدُّم العلميّ، ونُساير الركب، ونعترف عمليّاً وواقعيّاً بأن اللغة كيان متطور.
هذا ما صَنَعَه أجدادُنا عندما قاموا بِنَقْل الفكر العالميّ إلى العربية؛ وماذا يضيرنا أن تأخذ العربيَّةُ من الدم العالمي الحديث كما أخذت في الماضي من الدماء الفارسيّة والهندية والإغريقية؟
الزاوية القوميّة الوطنية؟

إذا شئنا أن نتناول الموضوع من كلّ جوابه، فلا بُدّ من النظر فيه من الزواية القوميّة والوطنية. وهنا يَتَّسع مجال الحديث؛ فحامِلو لواء القوميّة والوطنية يقولون إِن لغتنا هي هويّتنا، وهي مرآة شخصيّتنا العريقة الممَيَّزة، ثم إن الإسلام والعربية هما اللذان يحفظان للأمة وحدتها، رغم ظواهر التفرق والتشرذم التي تنجم لأسباب سياسية. وعلى هذا فَهُم يرون أن تعريب التعليم واجب قومي وطني، به نحافظ على هُويّتنا وشخصيّتنا، وبه نقوّي روابط وحدتنا.
ولكنَّ مِن الناس مَن يجادلون، فَيُشيرون إلى بلاد متفرّقة رغم أنها تتكلم لغة واحدة، ويشيرون إلى بلاد مُتَّحِدَة رغم أن فيها لغتين رسميتين.
وفي تقديري أن الخوض في هذين الرأيين، وتفاصيل ما لهما وما عليهما، يَخرج بنا عن موضع التعريب.
وفي يقيني أنَّه لو وَقَف كلُّ أصحاب الرأي ضدَّ العمل من أجل وحدتنا وتوحيدنا، لوجب أَلَّا يعوق ذلك العمل من أجل الوحدة، لأن بها بقاءنا وتكاملنا وقوتنا.
ولكنَّ لذلك حديثاً آخر.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التعليم, العلم, تغريب, يوم, وتعريبْ, وَالتكنولوجيا


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع حول تعريب التعليم وتعريبْ العلم وَالتكنولوجيا
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تغريب المرأة المسلمة عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 12-14-2014 09:03 AM
تحليل ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل السعودي Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 03-05-2013 06:41 PM
أسباب عزوف **** المدرسة عن العمل مديراً بمدارس التعليم العام الحكومية للبنين بمدينة جدة Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 11-14-2012 02:52 PM
آلية العمل في برامج دمج العوق البصري في مدارس التعليم العام Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 11-01-2012 02:04 PM
طريقة تعريب جهاز النوكيا مهند الحاسوب والاتصالات 2 01-18-2012 12:40 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:56 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59