#1  
قديم 04-18-2012, 09:28 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الفتوحات في بلاد المغرب في العصر الأموي



كان الزحف الإسلامي باتجاه بلاد المغرب ضرورياً لدعم مسيرة الفتح ونشر الإسلام بالدرجة الأولى ، ثم لأجل تأمين حدود مصر الغربية من أي هجوم بري أو بحري قد يقوم به البيزنطيون الذين كانوا يسيطرون على بلاد المغرب في ذلك الوقت .
ومن أجل ذلك ، حرص ولاة مصر في عهد الخلفاء الراشدين على إرسال حملات عسكرية للإغارة على برقة وعلى طرابلس بقصد جسّ النبض ومعرفة مدى قوة البيزنطيين ونفوذهم في هذه المنطقة . ولكن هذه الغارات ، رغم نجاحها ، لم تسفر عن أي فتح منظم أو استيطان دائم . وظل الأمر كذلك حتى مجيء الأمويين للخلافة سنة 41هـ/661م.
عهد معاوية بولاية مصر إلى عمرو بن العاص ( 41 - 43هـ ) . ولما كان والي مصر مسئولاً عن أمر الفتح في بلاد المغرب فقد أرسل عمرو عقبة بن نافع الفهري في حملة استطلاعية إلى برقة وطرابلس فتمكن من دخولهما .ثم تقدم نحو منطقة غَدامس ولَبدة ووَدّان حيث هادنته بعض قبائل البربر هناك ، مثل لُواته وزَناته وهُوارة، ثم رجع إلى مصر دون أن يترك في هذه المناطق أية حامية.
وفي سنة 44هـ/664م تولى عقبة بن عامر الجهني ولاية مصر فعهد إلى معاوية بن حديج السَّكوني بتولي شؤون بلاد المغرب . فتوجه معاوية ومعه حوالي عشرة آلاف مقاتل إلى هناك ، وواصل تقدمه حتى وصل جبل القَرْن ( قرب القيروان التي لم تكن قد أُنشئت بعد ) ، واتخذ لجيشه مخيماً (معسكراً) عند هذا الجبل بغرض الانطلاق منه والعودة إليه ، فكان معاوية بذلك أول من فكر في اتخاذ مقر للقوات الإسلامية في تلك البقاع ، منهياً في الوقت نفسه ما كان يُعرف بفترة الحملات الاستطلاعية.
بدأ معاوية نشاطه من هذا المعسكر بفتح بِنْزَرْت ، وقضى على المقاومة البحرية البيزنطية فيها . وأرسل عبد الله بن الزبير إلى سُوسَة الذي تمكن بقواته من دخول المدينة وقتل حاكمها البيزنطي نقْفور . واس لولاء تطاع عبد الملك بن مروان ( ومعه ألف رجل ) من دخول حصنجَ. وتمكن عقبة بن نافع الفهري" وكان في أربعمائة فارس، وأربعمائة جَمَّال " من فتح وَدَّان وغدامس وقَفْصَة وقصْطيلية . واستطاع رويفع بن ثابت الأنصاري من فتح جزيرة جِرْبَة (47هـ/667م) .
وفي سنة 49هـ/669م ، قاد معاوية بن حديج حملة بحرية ضد جزيرة صقلية . ونجح معاوية من النزول على أرضها . وكان لنزوله أهمية كبيرة ، إذا أنه فوَّت على البيزنطيين فرصة استخدامها كقاعدة انطلاق أو مركز إمداد لأساطيلهم الحربية المتجهة نحو سواحل مصر أو الشام.
وبعد أن حقق معاوية بن حديج تلك الانتصارات عيّنه معاوية بن أبي سفيان والياً على مصر . وفي الوقت نفسه ( سنة 50هـ/ 670م ) عيّن عقبة ابن نافع الفهري والياً على ما فتح المسلمون في بلاد المغرب على أن يستمر في تبعيته لوالي مصر .
بدأ عقبة مهامه الإدارية ، وكان أول عمل قام به هو أن شرع في تأسيس مدينة القيروان ، لتكون قاعدة للجند الإسلامي هناك ، ولم تأت سنة 55هـ/ 675م إلاّ والمدينة عامرة بالسكان .
ولكن عقبة لم يمكث في منصبه مدة طويلة ليقطف ثمار جهوده إذ أن معاوية بن أبي سفيان قد عَزل معاوية بن حديج عن مصر وعيَّن مسلمة ابن مخلد الأنصاري ( 55هـ/674م ) . ولما كان والي المغرب يتبع والي مصر إدارياً ، لذلك فقد عزل مسلمة عقبة بن نافع وعيَّن أباالمهاجردينار ( مولى مسلمة ) بدلاً عن عقبة.
وفي أثناء ولايته ، هاجم أبو المهاجر مدينة قرطاج ( قرطاجنة )، وفتح جزيرة شَريك ( بين تونس وسوسة ) ومدينتي مِيلَه وبِجايَة وانتهى به المطاف لمحاربة قبيلة أَورَبَة البربرية قرب تلمسان (في الجزائر اليوم) ، فهزمها وأسر زعيمها كسيلَة بن لَمزَم الأَورَبي ، والذي أسلم على يدي أبي المهاجر ودخل معه مدينة تلمسان . وظل أبو المهاجر دينار في ولايته حتى عزله يزيد بن معاوية أيام خلافته (62هـ/681م) وعيَّن بدلاً عنه عقبة بن نافع الفهري . وقام يزيد بن معاوية كذلك بفصل بلاد المغرب عن مصر وجعلها ولاية مستقلة ترتبط مباشرة بدار الخلافة بدمشق .
وصل عقبة مدينة القيروان. وبعد أن نظّم أمور ولايته الجديدة رغب في مواصلة الفتح ، فاستخلف زهير بن قيس البلوي على القيروان وترك معه حامية عسكرية من ستة آلاف مقاتل لحماية المدينة من أي خطر يتهددها من جانب البيزنطيين أو البربر. ثم توجه عقبة وبصحبته عشرة آلاف مقاتل نحو مدينة طنجة ، وافتتح وهو في طريقه إليها مدناً عدة من بينها : باغاية ولميس وأَذَنَة.
وصل عقبة مدينة طنجة ، واجتمع مع حاكمها يوليان (Julian )، الذي سأله المسالمة ونصحه بعدم التفكير في غزو الأندلس إلاّ بعد القضاء على مقاومة البربر والبيزنطيين في بلاد المغرب .
وتوجه عقبة نحو مدينة وليلي ( قرب فاس ) ثم مدينة درعةفأّغْمات فَنَفِيس ثم اتجه نحو مدينة إيجْلي ومنها إلى مدينة ماسَة ومنها إلى رأس إيفيران على المحيط الأطلسي . وهناك اقتحم عقبة المحيط بفرسه قائلاً قوله المأثور : "اللهم أشهد أني قد بلغت المجهود ، ولولا هذاالبحر لمضيت في البلاد أُقاتل من كَفَر بك حتى لا يُعبد أحد سواك ".
وبعد ذلك أخذ عقبة طريقه عائداً إلى القيروان . وما أن وصل مدينة طنجة حتى شعر بعدم الخطر فطلب من معظم قواته التوجه نحو القيروان . فيما بقي هو في عدد قليل منها وعندما وصل مدينة تَهُوَذة ( بالقرب من بِسْكَرَة " 438 كيلاً مترياً" جنوب شرق الجزائر العاصمة ) واجهته جموع البربر (بتدبير من كسيلة الذي يقال أنه هرب من معسكر عقبة أو أنه اتصل سراً بجماعته من البربر وأخبرهم بطريق عقبة وخطته) فقتلوا عقبة وأبا المهاجر وكثيراً من أعوانهما ( 63هـ/682م ) . وعقب انتصاره في وقعة تهوذة زحف كسيلة بقواته نحو القيروان فدخلها بعد أن هزم حاميتها وعليها زهير بن قيس البلوي ، فتراجع المسلمون إلى برقة ، ووصلت بعض جموعهم إلى مصر بصحبة حنَش ابن عبد الله الصنعاني.
ونظراً للأزمة التي واجهتها الأُسرة الأُموية عقب وفاة يزيد بن معاوية وحتى بداية عهد عبد الملك بن مروان ، فقد توقف الفتح الإسلامي في بلاد المغرب. وظل الأمر كذلك حتى أصدر الخليفة عبد الملك أوامره إلى أخيه عبد العزيز بن مروان ( واليه على مصر ) بأن يرسل إمدادات من عنده إلى زهير في برقة . إذ أن عبد الملك كان في حاجة إلى جند أهل الشام للوقوف بجانبه ومجابهة عبد الله بن الزبير وأخيه مصعب .
تشجع زهير بالإمدادات التي وصلته من أهل مصر . فسار بهم باتجاه القيروان والتقى بجموع كسيلة في موقعة مِمْس (مِمْش) (69هـ/688م) بالقرب من القيروان . فأسفرت هذه الوقعة عن مقتلكسيلة وتفرق معظم جنده ، فدخل زهير القيروان ثانية ، ونظم أمورها الإدارية . غير أنه لم يلبث أن غادرها إلى برقة التي كانت قد تعرضت لهجوم شنَّه البيزنطيون من البحر . فاشتبك زهير وقواته مع البيزنطيين في موقعة دَرْنَة (71هـ/690م) والتي أسفرت عن هزيمة زهير ومقتله وكثير من أصحابه ( ودفنوا في مدينة سِرْت ). ودخل البيزنطيون بَرقة.
وظل الأمر كذلك حتى سنة 74هـ/693م ) . ففي هذه السنة ، بعث عبد الملك بن مروان ( وكان قد تخلص من خطر ابن الزبير ) بأربعين ألف مقاتل من أهل الشام ومصر بقيادة حسان بن النعمان الغساني ( من أهل الشام ) فهزَم حسان البيزنطيين في برقة ( 74هـ/693م) ثم في طرابلس (75هـ/894م) . وزحف بعد ذلك بجيشه وبمن تبعه من البربر نحو القيروان فدخلها دون أن يجابه أية مقاومة . ثم توجه نحو مدينة قَرطاجَنّة فهزم حاميتها البيزنطية ، وافتتح كذلك صطْفورة وبنزرت ثم قفل عائداً إلى القيروان.
كان على حسان عقب ذلك أن يواجه البربر ، فزحف بقواته من القيروان باتجاه معاقلهم في جبال الأَوراس " وكان هؤلاء البربر قد ولّوا أمرهم عقب مقتل زعيمهم كسيلة إلى امرأة من قبيلة جَراوه تدعى الكاهنة " والتقى الجمعان في موقعة نِينَى ( على نهر نينى أو وادي مَسْكَيَانَه ) قرب مدينة بِجَايَة (78هـ/697م) وأسفرت هذه الموقعة عن هزيمة حسان وتراجعه وقواته إلى ما وراء طرابلس واستغل البيزنطيون هزيمة حسان ، فرجعوا إلى قرطاجنة.
بقي حسان وجماعته يعسكرون لمدة خمس سنوات في منطقة لازالت حتى اليوم تعرف بقصور حسان ( قرب مدينة سرْت ) حتى تمكن عبد الملك بن مروان من إرسال إمدادات إليه ، فسار بها لملاقاة الكاهنة عند قابس حيث دارت موقعة حصن الجم ( بين سوسة وصفاقس ) في سنة 79هـ/698م والتي انهزمت فيها الكاهنة وتراجعت إلى جبال الأَوراس ، لكن حسّان ظل يتتبعها حتى قتلها في موقعة بئر الكاهنة ( 82هـ/701م) . وكانت هزيمة البربر ،ومقتل زعيمتهم ، إيذاناً ببدء النهاية لمقاومتهم . كما تمكن حسان بعد ذلك من طرد البيزنطيين من قرطاجنة ثانية ، فصفا الجو للمسلمين ، واستقر بهم المقام في هذه البقاع. مما شجع حسان على القيام بإصلاحاته الإدارية والعمرانية فبنى مدينة تونس وأنشأ فيها حوضاً لبناء السفن وجعل منها ميناء بحرياً . وعمل على تعريب الدواوين ونظم الخراج وأدخل جماعات البربر في الجيش ووزع الأراضي على الفلاحين من أهل البلاد ليستصلحوها.
وعاد حسان إلى دمشق ، فلقي الخليفة الوليد بن عبد الملك (86هـ/705م) وأوقفه على ما تم إنجازه في بلاد المغرب ، ويبدو أن حسّاناً كان قد بلغ من العمر ما يمنعه من العودة إلى ولاية المغرب ، فطلب الاستعفاء من الخليفة فكان له ذلك وعيّن الخليفة الوليد موسى بننصير اللَّخمي والياً مكانه.
وصل موسى إلى القيروان ، ثم توجه بقواته لمواجهة قبائل البربر وإخضاعهم في سجومة (في فاس) . وأرسل حملة بقيادة زرْعة بن أبيمدْرك البربري لمواجهة إخوانه من البربر في منطقة طرابلس العليا ، فدانوا له بالطاعة والولاء.
وتوجه موسى ومعه طارق بن زياد النفزاوي البربري (مولاه) إلى طنجة ففتحها وعين طارقاً والياً عليها. ثم توجه موسى نحو سبته ، وكان يحكمها يوليان ، فطلب يوليان المهادنة ( كما طلبها من عقبة سابقاً ) وتحالف مع المسلمين شريطة أن يبقوه والياً على منطقته ، فاعترف له المسلمون بذلك مقابل اعترافه بالحكم الإسلامي .
وبعد أن وثق موسى بقوته البحرية والبرية ، أخذ يرسل حملات بحرية للإغارة على جزر البحر المتوسط المقابلة لشواطئ تونس . ففي سنة 89هـ/707م أغارت سفن المسلمين على جزيرة صقلية وعلى جزيرة سردينية وعلى جزر البليار (ميورقة ومينورقة) ودخلوها ثم عادوا سالمين. ولا شك أن هذه الحملات البحرية كانت تدريباً للمهمة اللاحقة ألا وهي محاولة فتح بلاد الأندلس .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأموي, المغرب, العصر, الفتوحات, بلاد


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الفتوحات في بلاد المغرب في العصر الأموي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفتوحات في بلاد الأندلس وجنوب فرنسا في العصر الأموي Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-18-2012 09:29 PM
الفتوحات في بلاد السِّند في العصر الأموي Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-18-2012 09:27 PM
الفتوحات في أسيا الوسطى في العصر الأموي Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-18-2012 09:27 PM
الفتوحات في شرق البحر المتوسط في العصر الأموي Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-18-2012 09:26 PM
صورة المرأة في شعر الخوارج في العصر الأموي Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 01-29-2012 07:48 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:00 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59