#1  
قديم 03-27-2014, 07:29 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,154
ورقة الاختراق الاستعماري للقيم الإسلامية


الاختراق الاستعماري للقيم الإسلامية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

(د. محمد عمارة)
ـــــــــــــــــــــــــ

26 / 5 / 1435 هــ
27 / 3 / 2014 م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاختراق الاستعماري الإسلامية version4_22697090----0.jpg


عندما غزا نابليون بونابرت (1769 – 1821م) مصر على رأس حملته الفرنسية عام 1798 كان يريد بناء الإمبراطورية الشرقية التي تعيد سيرة الإسكندر الأكبر (356 – 323 ق.م) وتحقق أحلام الملك الصليبي القديس لويس التاسع (1214 – 1270 م).
ومع الاحتلال والنهب الاقتصادي -التي هي الأهداف الكبرى للإمبريالية- سعت الحملة الفرنسية إلى التبشير بالعلمانية والقوانين الوضعية، بل سعت إلى اختراق منظومة القيم الإسلامية من وراء إحلال نموذج المرأة الفرنسية محل نموذج المرأة المسلمة والشرقية، إحلال "العري" محل "الحشمة" بل و"الخلاعة" محل "الوقار"!
ولقد عبر الجبرتي (1167 – 1237 هـ ، 1745 – 1822م) -مؤرخ العصر وشاهد العيان على هذه الحملة- عن ذلك فقال: "إنهم قد عملوا على تبرج النساء وخروج غالبهن عن الحشمة والحياء، فكانت النساء الفرنسيات يركبن الخيول والحمير ويسقنها سوقا عنيفا، مع الضحك والقهقهة، ومداعبة المكارية وحرافيش العامة!، فمالت إلى الفرنسيين نفوس أهل الأهواء من النساء السوافل والفواحش، وخطب كثير من الفرنسيين بنات الأعيان وتزوجوهن رغبة في سلطانهن ونوالهن، فيظهر الفرنسي حالة العقد الإسلام، وينطق الشهادتين، لأنه ليس له عقيدة يخشى فسادها، ولما وفى النيل ودخل الماء في الخليج وجرت فيه السفن، وقع عند ذلك من تبرج النساء واختلاطهن بالفرنسيين، ومصاحبتهم لهن في المراكب والرقص والغناء والشرب في النهار والليل، في الفوانيس والشموع الموقدة، وعليهن الملابس الفاخرة، والحلي والجواهر المرصعة، ويتجاوبون برفع الصوت وتحريك المجاديف بسخايف موضوعاتهم وخصوصا إذا دبت الحشيشة في رؤوسهم، وتحكمت في عقولهم، فيصرخون ويطبلون ويرقصون ويزمرون ويجاوبون بمحاكاة ألفاظ الفرنساوية في غنائهم، وتقليد كلامهم شيء كثير، ولقد تداخل مع الفرنسيين كثير من النساء الفواجر حتى كثرت الفواحش بين النساء"!.
هكذا تحدث الجبرتي عن الاختراق الفرنسي لمنظومة القيم الإسلامية، من خلال إشاعة "العري" و"الخلاعة" وإضفاء المشروعية والعلنية على المحرمات والانحرافات!.
وإذا كان هذا الاختراق الاستعماري لمنظومة القيم الإسلامية قد غدا سنة متبعة في كل الممارسات الاستعمارية بكل البلاد الإسلامية التي وقعت في قبضة الاحتلال، فإن الفكر الأستعماري قد دافع عن هذا الاختراق، فرأينا الكثير من الكتاب الغربيين ينحازون إلى "العري" بدلا من "الحشمة" في ثياب النساء، حتى لتصدرها القوانين الغربية بذلك في القرن الواحد والعشرين!.
لكن بعض الأصوات الغربية قد تحلت بالشجاعة عندما دعت المرأة الشرقية والمسلمة إلى التمسك بالقيم الإسلامية وهي تسعى إلى النهوض، وإلى التحرر بالإسلام وليس التحرر من الإسلام.
ومن هذه الأصوات الغربية صوت المستشرقة الألمانية "سيجريد هونكة" (1913 – 1999م) التي كتبت عن موقف الإسلام من المرأة ومكانة المرأة في الإسلام فقالت "إن الرجل والمرأة في الإسلام يتمتعان بالحقوق نفسها، من حيث النوعية، وإن لم تكن تلك الحقوق هي ذاتها في كل المجالات، وفي الحياة الزوجية التي يهتم بها القرآن اهتماما رئيسيا، تنظر المرأة إلى زوجها نظرة العارفة بقوامته عليها، وذلك أن كبرياءها يأبى عليها الامتثال والطاعة إلا لمن ترفع بصرها إليه إعجابا وتقديرا، فالعلاقة بينهما تخضع للامتثال القائم على الثقة والخضوع والولاء، ولا تعني تلك "الطاعة" عبئا ينوء المرء تحته مُعانيا، بل إن المرء يتمتع بخضوعه هنا، دون الحد من قدره، بل إنه ليبلغ بخضوعه أسمى الدرجات، سواء في عبوديته لله، أو في حبه لمن يحب، وهذا هو الذي عبر عنه ابن حزم الأندلسي (384 456 هـ ، 994 – 1064م) في كتاب "طوق الحمامة" حيث يقول: "ومن عجيب ما يقع في الحب من طاعة المحب لمحبوبه، ولقد وطئت بساط الخلفاء وشاهدت محاضر الملوك، فما رأيت هيبة تعدل هيبة المحب لمحبوبه، وهذا مكان تتقاصر دونه الصفات وتتلكن بتحديده الألسن"!.
لذلك، فعلى المرأة العربية أن تتحرر من النفوذ الأجنبي، وألا تتخذ المرأة الأوربية أو الأمريكية أو الروسية قدوة تحتذيها، أو أن تهتدي بفكر عقائدي مهما كان مصدره، لأن في ذلك تمكينا جديدا للفكر الدخيل المؤدي لفقدها لمقومات شخصيتها، وإنما عليها أن تتمسك بهدي الإسلام الأصيل، وأن تسلك سبيل السابقات من السلف الصالح، اللاتي عشنه منطلقات من قانون الفطرة التي فطرن عليها، وأن تلتمس المرأة العربية لديهن المعايير والقيم التي عشن وفقا لها، وأن تكيف تلك المعايير والقيم مع متطلبات العصر الضرورية وأن تضع نصب عينيها رسالتها الخطيرة المتمثلة في كونها أم جيل الغد العربي، الذي يجب أن ينشأ عصاميا يعتمد على نفسه.
إن نساء فلسطين العربيات يكتبن بأنفسهن اليوم التاريخ، وهن اللاتي يحملن مسؤولية تقرير المصير في التحول الاجتماعي، وهن فدائيات مجاهدات شهيدات ينتهك الغاصب كرامتهن، ويزج بهن في السجون، ولاريب في أن الفلسطينيات سوف يسهمن في المستقبل إسهاما خطيرا في تقرير مصيرهن ومصير فلسطين.
وسوف تتحدد حرية جميع الأرض المحتلة في ضوء تحقق المساواة وتحرير المرأة، إنهما نظرتان وفلسفتان في النظر إلى المرأة وتحريرها.

---------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للقيم, الاختراق, الاستعماري, الإسلامية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الاختراق الاستعماري للقيم الإسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العلمانية مسخ للإنسان وهدم للقيم عبدو خليفة شذرات إسلامية 1 03-12-2014 12:06 PM
حمل برنامج الحماية من الاختراق والجدار الناري كومودو Comodo Firewall Eng.Jordan الحاسوب والاتصالات 2 01-15-2013 01:15 PM
خمسة خطوات لحماية إيميل Gmail من الاختراق والسرقة Eng.Jordan الحاسوب والاتصالات 0 11-17-2012 10:48 AM
الهندسة الاجتماعية.. مستقبل الاختراق القادم Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 04-13-2012 02:22 PM
عروض بوربوينت لآلة الاحتراق الداخلي احمد ادريس عروض تقدمية 0 01-20-2012 06:50 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59