العودة   > >

شذرات إسلامية مواضيع عن الإسلام والمسلمين وأخبار المسلمين حول العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #8  
قديم 03-02-2012, 01:36 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

نماذج من خشوع الصحابة والتابعين
روي أن سيدنا أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه كان يصلي في بستانه ذات يوم ورأى طيرا يخرج من بين الشجرة، فتعلقت عيناه بالطائر حتى نسي كم صلى، فذهب الى الطبيب صلى الله عليه وسلم يبكي ويقول:" يا رسول الله، اني انشغلت بالطائر في البستان حتى نسيت كم صليت، فاني أجعل هذا البستان صدقة في سبيل الله.. فضعه يا رسول الله حيث شئت لعل الله يغفر لي"!!
لماذا فعل هذ الصحابي ذلك؟! لقلة ذنوبه، لقلة التفاته، فأصبح الالتفات عنده مصيبة، وهكذا يرى المؤمن ذنوبه وان كانت صغيرة، يراها كأنها جبل يخاف أن يقع عليه أما المنافق فيرى ذنبه كذبابة وقعت على وجهه فأطارها بكل سهولة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم!
*وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول: ان الرجل ليصلي ستين سنة ولا تقبل منه صلاة، فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: لا يتم ركوعها ولا سجدوها ولا قيامها ولا خشوعها! رواه المنذري في الترغيب والترهيب الحديث 1\337.
*ويقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ان الرجل ليشيب في الاسلام ولم يكمل لله ركعة واحدة! قيل: كيف يا أمير المؤمنين؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها!
*ويقول الامام أحمد رحمه الله: يأتي على الناس زمان يصلون وهم لا يصلون، واني أتخوف أن يكون هوهذا الزمان!! فماذا لو أتيت الينا يا إمام ونظرت الى أحوالنا والى صلاتنا، نحن المسلمين، في القرن العشرين؟!
*ويقول الامام الغزالي رحمه الله: ان الرجل ليسجد السجدة يظن تقرب بها الى الله سبحانه وتعالى، ووالله لو وزع ذنب هذه السجدة على أهل بلدته لهلكوا!
سئل: كيف 1لك؟ فقال: يسجد برأسه بين يدي مولاه، وهو منشغل باللهو والمعاصي والشهوات وحب الدنيا.. فأي سجدة لله هذه؟!
*يقول الله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} النساء 43. وللاسف هناك أنس ليسوا بسكارى، ولكنهم في الصلاة يكونون أشد وأسوأ حالا من السكارى، بل انهم سكارى!.. نعم سكارى من كأس الدنيا المترعة التي شربوها فغيبت قلوبهم وأخمدت جذوة عقولهم.. واذا كان الله قد حرم الخمر في البداية قبل الصلاة حتى يعلم المصلون ما يقولون.. فحريّ بالمسلم أن يقطع قبل صلاته وأثناءها كل الشواغل الظاهرة والباطنة حتى يعلم ما يقول.
واعلم أن الله تعالى أمرنا بإقامة الصلاة، لا بمجرد الصلاة فقال:{ وأقيموا الصلاة} البقرة 43، ولم يقل: صلوا. وشتان بين هذه وتلك. فمعنى أقيموا: أي أتموا وأحسنوا. وفي اللغة العربية.. أقام البيت: أي حسنه وأتمه وجمله.. ولم تذكر ( صلى) بمعنى الأداء فقط الا في موضع واحد وهو موضع ذم، في سورة الماعون:{ فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون} الماعون 4-5، فلم يقل سبحانه: (فويل للمقيمي الصلاة) أو ( للمقيمين الصلاة)، اذا لو كانوا مقيميها حقا لما سهوا عنها أبدا.
والصلاة الكاملة التي يؤديها المرء بخشوع وحضور قلب تعد راحة للقلب وقرة للعين.. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبلال رضي الله عنه:" أرحنا بها يا بلال" الطبراني 6\340.. وربما يقول بعضهم بلسان حاله: أرحنا منها يا بلال!
*والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أيضا:" وجعلت قرة عيني في الصلاة" الامام أحمد 3\128.. أي لا يملأ عيني ولا يريحها حقا الا الصلاة، ونحن يملأ أعيننا التلفاز.. أو امرأة تعلق بها الانسان أو أموالنا أو بيوتنا أو زوجاتنا أو أعمالنا!!.
فبالله عليك خل صليت مرة ركعتين فكانتا قرة عينك؟! وهل اشتقت مرة أن تعود سريعا الى البيت كي تصلي ركعتين لله؟ هل اشتقت الى الليل كي تخلو فيه مع الله؟!
*وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا حزبه أمر، أي شغله وأحزنه، فزع الى الصلاة وسارع الى اقامتها. ونحن الآن عندما تكون عندنا مشكلة نفزع الى الناس ونشكو اليهم.. وهذا خطأ؛ اذ لن يفرج كربك ولن يذهب عنك ما تجد الا الله تعالى.. فأسرع اليه وقف بين يديه.
وانظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت السيجة عائشة رضي الله عنها تجده طوال الليل يصلي وطول النهار يدعو الى الله تعالى فتسأله: يا رسول الله.. أنت لا تنام؟ فيقول لها:" مضى زمن النوم!" ويدخل معها الفراش ذات يوم حتى يمس جلده جلدها.. ثم يستأذنها فيقول:"دعيني أتعبد لربي" فتقول: والله اني لأحب قربك، ولكني أؤثر هواك!
*وهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يصف صلاته (وقارن بين صلاتك وصلاته): دخلت المسجد ليلا فرأيت جذع نخلة في وسط المسجد، فتعجبت اذ لم يكن في المكان جذع نخلة فظللت أدنو، فاذ الجذع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف يصلي، فدنوت منه وقلت: هذه فرصة لكي أصلي وحدي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فوقفت بجواره، فبدأ بسورة البقرة، فقلت يسجد عند المائة فأكمل السورة، فقلت يختمها ويركع، ففتح آل عمران، فقلت يسجد عند المائة، فأكمل السورة فقلت يختمها ويركع، ففتح سورة النساء فقرأها فقلت يسجد عند المائة، فأكملها! يقول ابن مسعود: فهممت بأمر سوء، فقيل له ما ذلك؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه! ثم يكمل ابن مسعود حديثه فيقول: ثم ركع صلى الله عليه وسلم فكان ركوعه قريبا من قيامه يقرأ مترسلا، فاذا مر بآية فيها ذكر الجنة سأل الله اياها، وان قرأ آية فيها ذكر النار تعوذ بالله منها، ثم ركع فجعل يقول " سبحان ربي العظيم" وأكثر منها، ثم رفع فكان وقوفه قريبا من ركوعه، أسمعه يقول:" رب لك الحمد كثيرا طيبا مباركا ملء السموات والأرض وملء ما بينهما" ثم سجد، فكان سجوده قريبا لوقوفه!.
ويقول الصحابة: كنا نسمع لجوف النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي أزيزا كأزيز المرجل من البكاء! فمتى كان لجوفك أزيز؟! وأستحلفك بالله.. ألا تريد أن تجرب ذلك؟ والله ان هذا أحلى شيء في الدنيا.. أن تقف بين يدي الله تعالى وهو عنك راض وتشعر بقربه تعالى منك؛ خاصة عند سجودك بين يديه جل وعلا. وهذه المعاني من لم يشعر بها مسكين والله.. وان في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، كما كان يقول ابن تيمية رحمه الله.
*يقول ربيعة بن كعب الأسلمي: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار..وأبيت على بابه بالليل، فما زلت أسمعه كل ليلة هو يصلي يقول:" سبحان ربي.. سبحان ربي.. سبحان ربي.." حتى أملّ أو تغلبني عيني فأنام، فأقوم من ليلي فأسمعه يقول:" سبحان ربي.. سبحان ربي.. سبحان ربي..".
أرأيت هذه المتعة؟ وهل سبق لك أن جربتها؟!
ويكمل ربيع حديثه ،وكان عمره 14 سنة، قائلا: فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يوما:" يا ربيعة.. تعال"، فقلت لبيك، فقال:" سلني أعطك"، فقلت: أنظرني حتى أنظر يا رسول الله. فقلت لتفسي: اياك يا ربيعة أن تطلب شيئا من الدنيا.. فوالله انها ستفنى.. فعدت اليه وقلت: يا رسول الله.. أسألك مرافقتك في الجنة، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:" أوغير ذلك يا ربيعة"؟ قلت: لا والذي بعثك بالحق لا أريد غيرها.. فقال صلى الله عليه وسلم:" فأعني على نفسك بكثرة السجود"! رواه الطبراني 5\52.
*كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا ركع يقول:" خشع لك سمعي ولصري ومخي وعظامي وعصبي.." رواه الطبراني 19\232 والبيهقي 2\87. وهذا الدعاء يدل على استغراقه صلى الله عليه وسلم في عبادة ربه جل وعلا فلا يسمع سوى كلام الله.. ولا يرى غيره.. ولا ينشغل مخه بشيء سوى الله تعالى!! فمسكين والله من لم يذق طعم الخشوع.
*وقالوا: لو رأيت سفيان الثوري يصلي لقلت: يموت الآن (من كثرة خشوعه)!.
*وهذا عروة بن الزبير رضي الله عنه، ابن السيدة أسماء أخت السيدة عائشة، أصاب رجله داء الآكلة (السرطان) فقيل له: لا بد من قطع قدمك حتى لا ينتشر المرض في جسمك كله، ولهذا لا بد أن تشرب بعض الخمر حتى يغيب وعيك. فقال: أيغيب قلبي ولساني عن ذكر الله؟ والله لا أستعين بمعصية الله على طاعته. فقالوا: نسقيك المنقد ( مخدرا) فقال: لا أحب أن يسلب جزء من أعضائي وأنا نائم، فقالوا: نأتي بالرجال تمسكك، فقال أنا أعينكم على نفسي. قالوا: لا تطيق. قال: دعوني أصلي، فاذا وجدتموني لا أتحرك وقد سكنت جوارحي واستقرت فأنظروني حتى أسجد، فاذا سجدت فما عدت في الدنيا، فافعلوا بي ما تشاؤون! فجاء الطبيب وانتظر، فلما سجد أتى بالمنشار فقطع قدم الرجل ولم يصرخ بل كان يقول: لا اله الا الله.. رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمدا نبيا ورسولا.. حتى أغشي عليه ولم يصرخ صرخة، فلما أفاق أتوه بقدمه فتظر اليها وقال: أقسم بالله إني لم أمش بك الى حرام، ويعلم الله، كم وقفت عليك بالليل قائما لله.. فقال له أحد أصحابه: يا عروة.. أبشر.. جزء من جسدك سبقك الى الجنة فقال: والله ما عزاني أحد بأفضل من هذا العزاء.
*وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما اذا دخل في الصلاة ارتعش واصفر لونه.. فاذا سئل عن ذلك قال: اتدرون بين يدي من أقوم الآن!
*وكان أبوه سيدنا علي رضي الله عنه اذا توضأ ارتجف فإذا سئل عن ذلك قال: الآن أحمل الأمانة التي عرضت على السماء والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.. وحملتها أنا.
*وسئل حاتم الأصم رحمه الله كيف تخشع في صلاتك؟ قال: بأن أقوم فأكبر للصلاة.. وأتخيل الكعبة أمام عيني، والصراط تحت قدميّ، والجنة عن يميني والنار عن شمالي، وملك الموت ورائي، وأن رسول الله يتأمل صلاتي وأظنها آخر صلاة، فأكبّر الله بتعظيم وأقرأ بتدبر وأركع بخضوع وأسجد بخشوع وأجعل في صلاتي الخوف من الله والرجاء في رحمته ثم أسلم ولا أدري أقبلت أم لا!
*يقول سبحانه وتعالى:{ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله..} الحديد16. يقول ابن مسعود رضي الله عنه: لم يكن بين اسلامنا وبين نزول هذه الآية الا أربع سنوات، فعاتبنا الله تعالى فبكينا لقلة خشوعنا لمعاتبة الله لنا.. فكنا نخرج نعاتب بعضنا بعضا نقول: ألم تسمع قول الله تعالى:{ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله..} فيسقط الرجل منا يبكي على عتاب الله لنا. فهل شعرت أنت يا أخي أن الله تعالى يعاتبك بهذه الآية؟ وهل خجلت من عتاب الله لك؟!
*الامام الغزالي يقول: استجمع قلبك في ثلاثة مواضع: عند قراءة القرآن وعند الصلاة وعند ذكر الموت.. فإن لم تجدها في هذه المواضع فاسأل الله أن يمنّ عليك بقلب؛ فإنه لا قلب لك!!
*رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم نصحنا بقوله:" صلّ صلاة مودّع" فهل صليت مرة واحدة صلاة مودع في عمرك كله؟!
------------------
__________________


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-02-2012, 01:38 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

مراتب الناس في الصلاة:
الناس في الصلاة على مراتب خمس..
الأول: الذي لا يحافظ على صلاته، لا على وقتها، ولا على وضوئها، ولا على أركانها الظاهرة ( القيام والركوع والسجود..) ولا على خشوعها.. فهذا (معاقب) بإجماع العلماء.
الثاني: الذي يحافظ على الوضوء والصلاة والأركان الظاهرة ولكن بلا خشوع وهذا (محاسب) على صلاته حسابا شديدا.
الثالث: محافظ على الوقت وعلى الوضوء والأركان الظاهرة ويجاهد شيطانه فيخشع لبعض الوقت ويسهو لبعض الوقت، فالشيطان يختلس من صلاته ويسرق منها بين الحين والآخر. فهو في صلاة وجهاد وله أجران: أجر الصلاة وأجر الجهاد.
الرابع: محافظ على الوقت وعلى الوضوء وعلى الأركان الظاهرة وخاشع في صلاته (وهذا النوع نادر في المسلمين).
الخامس: محافظ على الوقت والوضوء والأركان الظاهرة.. والأكثر من ذلك أنه خلع قلبه وأسلمه لله عز وجل، فهو ليس في الدنيا.. بل صار في مناجاة مع الله.. ولعل هذا ما أشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:" وجعلت قرة عيني في الصلاة"...
فهل يمكن أخي القارئ أن تصل الى هذه المرحلة من الخشوع في الصلاة؟! فتذوق حلاوة الوقوف بين يدي الله.
---------------------
__________________


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-02-2012, 01:44 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

كيف تخشع في صلاتك؟!
هناك وسيلتان لتحقيق الخشوع في الصلاة..
الأولى:إخراج الدنيا كم القلب والاقلال من الشهوة والمعاصي.
وابن عطاء صاحب الحكم، يقول: كيف يشرق قلب وصورة الدنيا منطبعة فيه، أم كيف يرحل الى الله وهو منكب على شهواته، أم كيف يدخل على الله ولم يتطهر من نجاسة غفلاته!
*جاء رجل الى الامام أحمد رحمه الله فقال له: يا امام، أعد طهوري، وأنام مبكرا، أريد قيام الليل وصلاة الفجر، فلا أستيقظ، فقال له الامام أحمد: ذنوبك قيدتك!. ثم قال له: لا تعص الله بالنهار.. فحينئذ تقوم الليل وتصلي الفجر!
فكم من أكلة ثقيلة منعت قيام الليل، وكم من نظرة الى حرام منعت من صيام يوم!
*ومثل تشعب الدنيا وانشغال الانسان بها كمثل طالب يذاكر دروسه في غرفته وبجواره شباك تحه شجرة عليها عصافير.. وكلما أراد أن يركز في المذاكرة وجد العصافير تزعجه، فيأخذ خشبة ليضرب ليضرب بها الشجرة فتطير العصافير، فيعود لمذاكرته، ولكن ما تلبث العصافير أن تعود مرة أخرى! فجاء والده فقال: يا بني لا تستريح من ازعاج العصافير الا بقطع الشجرة.. فاقطع يا أخي شجرة الشهوات من قلبك تخشع في صلاتك!
أما الوسيلة الثانية: فهي أن تفهم حركات الصلاة الظاهرة.. بأن تكون لكل حركة في الصلاة أو قبلها أثر في قلبك..
من أسباب الخشوع في الصلاة:
أولا: توضأ وأحسن الوضوء لكي يكون تطهيرا للبدن والروح معا.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اذا توضأ العبد فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فاذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فاذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه، فاذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من تحت أذنيه فاذا غسل رجليه خرجت الخطايا من قدميه حتى تخرج من تحت أظافر قدميه"! رواه الامام أحمد 4\348.
فتذكر هذا الحديث عند بدء الوضوء هو أول مدخل للخشوع.
ثانيا: ستر العورة.. وعورة الرجل من الركبة الى السرة، وعورة المرأة جسمها كلها ما عدا الوجه والكفين.. ولنحرص على ستر عورات الظاهر والباطن أيضا وذلك بالتوبة النصوح واخلاص النية لله تعالى.
ثالثا: التكبير.. ويجب استحضار معنى اسم الله (الكبير) وأنه لا أكبر من الله تبارك وتعالى.. ولا تكن كذابا بأن يقولها لسانك ولكن في قلبك من هو أكبر من الله، أو ما هو أكبر من الله من متاع الدنيا الفانية أو متعها الزائلة! وقد جعل التكبير هو ذكر الانتقال بين حركات الصلاة لاستحضار هذا المعنى؛ فلا يسهو العبد ولا يفكر في الدنيا بل يخشع لله الأكبر سبحانه وتعالى.
رابعا: رفع اليدين.. ورمي الدنيا خلف الظهر.. فعندما تخلع نعليك عليك أن تخلع معهما الدنيا وشهواتها ومشاغلها.. والوقوف عركن من أركان الصلاة؛ ولهذا لا يجوز للقادر على الوقوف أن يصلي جالسا والا بطلت الصلاة لأن الله تعالى يقول:{ وقوموا لله قانتين} البقرة 238. ولا يجب رفع العينين، بل النظر يكون موضع السجود والرأس مطأطأ لله الواحد القهار. ولاحظ أن وقفة يوم القيامة هي هي وقفة الصلاة. يقول تعالى:{ يوم يقوم الناس لرب العالمين} المطففين6. الرأس محنية والنظر محل السجود، ثم تضع يدك اليمنى على اليسرى.. وهذا من دواعي الخشوع والأدب مع الله تبارك وتعالى. واعلم أن الله ينظر الى صلاتك.. وتخيل أنك في عمل من أعمال الدنيا وصاحب العمل ينظر اليك أو أنك بين يدي ملك طلب منك عملا ثم وقف ليراقبك.. فكيف ستؤدي هذا العمل؟!
بعد ذلك اقرأ الفاتحة، أم الكتاب، بخشوع وتدبر، واستمع الى الحديث القدسي الجليل الذي يقول فيه رب العزة جل وعلا:" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فاذا قال العبد :{ الحمد لله رب العالمين}، قال الله:" حمدني عبدي"، فاذا قال:{ الرحمن الرحيم} قال الله:" أثنى عليّ عبدي" فاذا قال العبد:{ مالك يوم الدين} قال الله:" مجدني عبدي".. فاذا قال:{ اياك نعبد واياك نستعين} قال الله:" هذا بيني وبين عبدي" فاذا قال العبد:{ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}. قال الله:" هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل"!! رواه مسلم 876 والترمذي 2953.
فتخيل يا أخي.. الله يجيبك ويرد عليك ويقضي حاجتك.. والله لولا الشهوات والمعاصي لطارت قلوبنا من شدة الفرحة بكلام الله لنا.
وانتبه: عندما تقرأ الآيات اقرأها يتدبر وحضور قلب وعقل، فاذا قلت:{ الحمد لله رب العالمين}.. فاستشعر نعم الله عليك وهي كثيرة لا تحصى ولا تعد، وتذكر أنك تناجي ربك الذي خلقك ورزقك وأحياك ثم يميتك ثم يحييك.. فاذا قلت: {الرحمن لرحيم} فاستشعر سعة رحمة الله بعباده في الدنيا والآخرة، وكيف أنه أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها.. فاذا قلت:{ مالك يوم الدين} فاستحضر في ذهنك يوم الحساب.. يوم توقى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.. وهكذا في سائر الآيات والسور، واعلم أنك عندما تقرأ الفاتحة تكون واحدا من ثلاثة:
رجل يحرك لسانه وقلبه غافل، وتلك منزلة الظلم لنفسه.
رجل يحرك لسانه وقلبه حاضر. وتلك منزلة المقتصد.
رجل يحس قلبه أولا بالمعاني ثم يترجم اللسان هذه المعاني، وهذه منزلة السابق بالخيرات بإذن الله جل وعلا..
ولكن كيف يتحقق معنى حضور القلب قبل قراءة اللسان؟!
يتحقق ذلك بعدة أمور:
أولا: حفظ القرآن الكريم أو أقصى قدر ممكن منه.
ثانيا: فهم ما تحفظه.
ثالثا: تصفية القلب من المعاصي والتوبة النصوح لله رب العالمين.
*وعندما تقرأ قل في نفسك: اللهم لك الحمد أن وفقتني لهذا المقام.. فلولاك ما حنيت ظهري أبدا.. ووالله ما ظهري لأحد غيرك.. واحرص أخي على أن ينحني القلب مع الظهر فيكتمل خشوع الظاهر والباطن.. وقل: سبحان ربي العظيم".. ومعناها تنزيه الله عن كل نقص.. ووصفه سبحانه بكل كمال؛ فهو سبحانه العظيم حقا، له العظمة والجبروت والملك والملكوت..
وعندما تسجد.. فتذكر أن التراب يسجد على التراب وليس في هذا غرابة، فالفرع انما يرد الى الأصل.. وسبح ربك كثيرا حتى يستقر المعنى في القلب والوجدان قبل أن يعبر عنه اللسان.. واعلم أن العبد أقرب ما يكون الى ربه وهو ساجد.. فاحذر أن تكون قريبا ببدنك فحسب.. ولكن قلبك بعيد.. هناك في الدنيا ومشاغلها..واحرص على كثرة الدعاء في السجود.. فان ذلك أدعى للاجابة.
ولما كانت السجدة الواحدة لا تطفىء لظى الشوق ونار الحب والاتصال بالله والتسبيح في ملكوت الله.. فلا بد من سجدة أخرى تروي عظش الظامئ وتنزل على القلب الركع العابد بردا وسلاما.. ولو قضى العبد حياته كلها ساجدا لله ما وفاه حق شكره.. كما تفعل الملائكة.. ولكن الله بعباده رحيم يقبل العمل القليل ويجزي عليه بالأجر الكثير.. فإذا ما فعلت ذلك في أول ركعة ثم فات بالركعة الثانية وافعل فيها كما فعلت في الأولى، واعلم أنه لا بد أن يزيد الخشوع وحضور القلب.. وتذكر قول القائل: من لم يكن في زيادة فهو في نقصان!! فإذا أتممت الركعة الثانية اجلس واقرأ التشهد " التحيات لله"، واستشعر عظنة الله وأنت أيها الضعيف الفقير تحي ربك القوي الغني.. فهل يصح أنت تخيه بلسانك وقلبك عنه منصرف؟! وكلمة " التحيات" كلمة جامعة للتحيات كلها وفيها توقير وتعظيم واجلال لله رب العالمين ثم قل" والصلوات الطيبات" فهذا كله لك يا رب فكل طيب لك ومنك.. وصلاتي هذه لك ودعواتي وكل أعمالي كذلك { قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين* لا شريك له وبذلك أمرت..} الأنعام 162-163. ثم سلم على خير الأنام صلى الله عليه وسلم " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" وتذكر أنه صلى الله عليه وسلم يرد عليك السلام كما أخبر هو في الحديث.
هل حييت ربك وسلمت على نبيك؟! حينئذ ترتفع قيمتك ويعلو قدرك ويصير حريّا بك أن تسلم على نفسك وعلى اخوانك من عباد الله لصالحين (من الانس والجن والملائكة وغيرهم من كل ما يعبد الله تعالى).. ثم ارفع اصبعك وقل:" أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله". وأسألك: هل رأيت أدلة وحدانية الله؟ هل ينفع أن تذهب الى المحكمة فتشهد وأنت لم تر؟ فكيف تشهد أن لا اله الا الله وأنت لم تره؟ّ والاجابة أنك رأيت آيات وحدانيته سبحانه، فأنت متأكد كأنك رأيت، بل وربما أقوى.. وأنت تذكر دائما قول القائل: وفي كل شيء له آية.. تدل على أنه الواحد.
ثم ترفع أصبعك لأن الشهاة تحتاج الى اثنين وأنت تشهد بلسانك وقلبك معا. ثم تذكر نبيك المصطفى فتصلي عليه وعلى أبيه وأبي الأنبياء سيدنا ابراهيم عليه السلام، واستحضر حينئذ انتمائك لسيدنا ابراهيم وأنه هو سمانا المسلمين.. فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم امتداد لسيدنا ابراهيم عليه السلام.. فأنت جذورك عميقة وضاربة في التاريخ. فاذا ما فرغت من التشهد ادع بما ورد في الأحاديث الصحيحة من أدعية جامعة مباركة، واستعذ بالله من أربع كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم:" من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة الممحيا والممات وفتنة المسيح الدجال" رواه مسلم 1324 وأبو داود 983. فإذا ما فرغت شلم عن يمينك وتذكر ملك اليمين الذي يكتب الحسنات.. ثم سلم عن شمالك وتذكر ملك السيئات.. وكيف أن أعمالك كلها مسجلة عند الله تعالى.. ولهذا يقول الكفار المجرمون يوم القيامة:{ مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} الكهف 49.
وصل صلاة مودّع للدنيا، مفارق لها، خائف لما ينتظره من حساب بين يدي الله رب العالمين، غير مطمئن الى قبول صلاتك، بل تشعر أنك أذنبت لعدم حضور قلبك وعقلك، ولذا بمجرد أن تسلم تستغفر الله على تقصيرك قائلا: استغفر الله ثلاث مرات، ثم قل: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام" رواه مسلم 1334 وأبو داود 1512.. ولماذا هذا الثناء بالذات؟ لأنه الدعاء الذي ستقوله عندما ترى الله تعالى في الجنة عندما يكشف الحجاب عن الله تبارك وتعالى يناديك فيمن ينادي:" يا أهل الجنة.. سلام عليكم، فيقولون: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والاكرام"..


ثم اسأل الله تعالى أن يوفقك الى طاعته كما يحب ويرضى.. فهو وحده الموفق لما فيه الخير والصلاح والهدى والرشاد فقل: اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، رواه الامام أحمد 5\245. ولم يقل عبادتك فحسب، بل قال حسن عبادتك، حتى تستمتع بالصلاة ومناجاة الله تبارك وتعالى.. واعلم أن الذكر والشكر وحسن العبادة هي عوامل وأسباب لسعادة.. لا في الدنيا فقط.. ولا في الآخرة فحسب، بل في كليهما.


ثم سبّح الله تعالى ثلاثا وثلاثين واحمده وكبره بمثلها وقل تمام المائة: الله أكبر كبيرا وسبحان الله العظيم وتعالى بكرة وأصيلا.. ثم ادع الله تعالى بما شئت.. فقد جاء في الحديث أن من أوقات الاجابة:" دبر الصلوات المكتوبة".
ثم انصرف من صلاتك بهدوء وسكينة وكن ابق على انتظار وشوق للصلاة التالية.. اذ من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله:" ورجل قلبه معلق بالمساجد" رواه البخاري 660 ومسلم 2377 والترمذي 2391 والامام أحمد 2\439.
----------------------
__________________


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 03-02-2012, 01:47 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

سنن الصلاة

وقبل أن أبدأ الحديث أسألك أخي الحبب: هل ستحافظ على الصلاة في وقتها،خاصة صلاة الفجر..حينئذ ستشعر بخشوع وحضور قلب وأنت واقف بين يدي الخالق جل وعلا. ويا ترى على أي مرتبة تحب ان تكون في صلاتك؟ هل تحب أن تكون من أهل المرتبة الأولى أم الثانية أم الثالثة أم الرابعة أم الخامسة؟!


وعرفنا أن مما يعين على الخشوع في الصلاة ترك المعاصي، وفهم حركات الصلاة
وحديثنا الآن عن السنن وقيام الليل. والسنن أنواع كثيرة منها السنن الراتبة (القبلية والبعدية) سنة الفجر وغيرها.. وهناك صلاة الحاجة وصلاة الاستخارة وصلاة التوبة، وصلاة العيد وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف وقيام الليل وغيرها. فالصلاة مرتبطة بالمسلم طوال يومه وليلته ومتوغلة في كل شؤون حياته من زواج أو سفر أو شدة أو فرح أو غير ذلك، كل ذلك نعبد فيه ربنا بالصلاة والتقرب اليه سبحانه.
ولعل سائلا يسأل: اما كان من الأيسر أن تضم الصلوات الخمس الى بعضها فنؤديها في ساعة أو بعض ساعة ثم نستريح ونلتفت لحياتنا؟! وما الحكمة من كون الصلوات متفرقة ومتباعدة؟!.
والاجابة: جعل الأمر كذلك لكي يظل المسلم على اتصال دائم بالله طوال يومه وليلته وسفره واقامته وحزنه وسعادته.. ولكي تبقى روحك متصلة بالله تعالى، ولهذا الأمر أيضا هدف تربوي.. فربما حدثت الانسان نفسه بمعصية، صلاة الظهر أو العصر مثلا، فحينئذ يكفه ذلك ويردعه عن المعاصي.. ولعل هذا يتضح جليا عند الحديث عن تحريم الخمر في أ,ل مراحله حيث قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون..} النساء 43، معنى هذا أنه ينبغي عليه أن يكف عن شرب الخمر قبل الصلاة بساعة أ, أكثر مثلا.. وإذا الصلاة تتكرر خمس مرات فإن هذا أدعى الى تعويده عل ترك شرب الخمر بالكلية.
وصلاة الفجر لها اهمية قصوى، ففي مقياس قوة الايمان وحب الله الرحمن ومجاهدة النفس ووساوس الشيطان. فالصلاة معراج للروح وتهذيب للنفس وتربية للوجدان وكف للنفس عن العصيان، ولهذا قال سبحانه :{ ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت 45، وذلك لأن الصلاة تحتويك وتجعلك مشغولا بها طوال اليوم والليلة.. وكأنه النداء الذي يتكرر خمس مرات للمسلم يقول: اذا كنت قد أصبت وأحسنت في الساعات الماضية فاجتهد كي تسعد في الساعات الآتية.. واذا كنت قد قصرت وأخطأت فلا تحزن ولا تيأس من رحمة الله.. بل امح أخطاءك ساعة بساعة..{ وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات} هود 114. وقد نزلت هذه الآية إجابة على رجل قبل امرأة لا تحل له وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية التي تبين أن الصلوات تمحو الخطايا بإذن الله وعفوه ورحمته.
-------------------------------
__________________


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-02-2012, 01:49 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

أولا: السنن المؤكدة:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة" رواه الترمذي 415 والنسائي 1806 والامام أحمد 4\413، والسنن المقصودة في هذا الحديث هي السنن الراتبة.. واذا حافظت عليها بني لك كل يوم بيت وأين؟! في الجنة!! ولا تنس أن آسيا زوج الطاغية فرعون سألت الله ذلك:{ رب ابن لي عندك بيتا في الجنة..} التحريم 11، وانت يبنى لك كل يوم بيت في الجنة اذا حافظت على السنن الراتبة!! فيا لها من سلعة زهيدة ولكن ثمنها غال جدا!! وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء!!
ولاحظ أن بيوت الجنة ليست كبيوت الدنيا.. ولا كقصورها.. ولو كان قصر كالمنتزه! وأسألك سؤالا: لو كان قصر المنتزه ملكك ماذا كنت ستفعل؟! وتخيل لو حافظت على هذه الركعات طوال حياتك، فكم من البيوت ستبنى لك في الجنة؟! الناس تشقى وتجد وتتعب وتتدخر وتسافر وتدخل في جمعيات كي تحصل على فيللا في الساحل الشمالي أو في الماررينا مثلا.. فما بالك بقصر في جنة عدن؟! وتخيل نفسك عندما يأتيك اخوانك في الجنة ليزوروك.. وبالطبع تقول لهم: أيها الاخوة.. أنا أدعوكم الى تناول وجبة سمك في قاع المحيط.. في جنة عدن؟! فهيا ننزل كي نصطاد (والصيد هنا هواية وليس حرفة).. وانتبهوا فقد دعوت الرسول عليه الصلاة والسلام للعشاء معنا فلبى الدعوة، فاصطادوا بهمة ونشاط!!
وتخيل نفسك وأنت تنتقل بين قصورك في الجنة، فتقول: أنا اليوم ذاهب الى جنة عدن لأقيم في قصري هناك ليلتين، وبعد ذلك سأذهب الى جنة الفردوس، عندي قصر هناك بتطوع صيام يوم عرفة.. وبعد ذلك سأهب الى جنة الخلد، لأني أعطيت موعدا لسيدنا معاذ بن جبل لأقابله هناك، حيث دعوته على العشاء لزيارة قصري هناك!!
والسؤال: فماذا عن تفصيل هذه الركعات الاثنتي عشرة؟! والجواب انهما: ركعتان قبل الصبح (ركعتا الفجر).. وأربع ركعات قبل الظهر واثنتان بعده، أو العكس (اثنتان قبله واربع بعده).. واثنتان بعد المغرب واثنتان بعد العشاء. هذا الحديث رواه الامامان مسلم والترمذي.
وللعلم فان ركعتي الفجر بالذات لهما ثواب عظيم، اذ قال صلى الله عليه وسلم:" ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم 1685 والترمذي 416 والنسائي 1758.
سبحان الله: هاتان الركعتان أحسن من الدنيا كلها وما فيها!! فأخبروني بالله عليكم اذا كان هذا ثواب ركعتي السنة، فما بالكم بثواب الفريضة ( فريضة الصبح)؟!
فلماذا نزهد في هذا الثواب العظيم والأجر الكبير؟! وبعض الشباب لا يصلي الفجر، لأنه يصحو الساعة التاسعة صباحا، وهو مستعجل لأن عنده كلية ومحاضرات..
فماذا ستصلي عندها السنة أم الفرض؟! بالطبع ستصلي ركعتي الفرض غلى وجه السرعة وبلا خشوع وتنزل سريعا لتدرك الجامعة أو المدرسة أو العمل!!
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طاردتكم الخيل"رواه الامام أحمد 2\405. لو أن العدو يجري خلفكم لا تتركوا هاتين الركعتين.
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها عن ركعتي الفجر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخففهما حتى أشك أنه صلى بأم الكتاب!! وهذا تيسير من النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من بعده.. فأبشر يا أخي انهما ركعتان خفيفتان ومع ذلك خير من الدنيا وما فيها.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يخففهما مع أن صلاته كانت طويلة ولعل هذا من باب التيسير على أمته من بعده.
هذا عن السنن المؤكدة (الراتبة) التي كان يحافظ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم طوال حياته ولا يتركها الا لعذر، بل اذا كان تركها قضاها.. وهناك سنن أخرى غير مؤكدة؛ أي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤديها ولكن ليس بنفس درجة حرصه على السنن الراتبة.. فما هي هذه السنن غير الراتبة حتى تحاول الحفاظ عليها؟!
----------------------------
__________________


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 03-02-2012, 01:54 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

ثانيا: السنن غير المؤكدة:
وهي:
*ركعتان أو أربع ركعات قبل العصر.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" رحم الله امرءا صلى أربع قبل العصر" رواه أبو داود 1271 والترمذي 430 والامام أحمد 2\117... ومعنى غير مؤكدة؛ أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحافظ عليها انما كان يفعلها أحيانا ويتركها أحيانا.. ولكن كما ترون فإن ثوابها عظيم.. فالمسلم ينال من رحمة الله تعالى بمحافظته على أربع ركعات قبل صلاة العصر.. فهنيئا لمن حافظ عليها.
*ومنها أيضا ركعتان قبل المغرب.. يقول صلى الله عليه وسلم :" صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب لمن شاء".. فالسنة لتي قبل المغرب غير مؤكدة. رواه البخاري 1183 والحديث 7368 وأبو داود 1281.
*ومنها أيضا ركعتان قبل العشاء، قال صلى الله عليه وسلم:" بين كل أذانين صلاة"، ثم قال:" لمن شاء".
*ومما يؤكد ويبين مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على السنة المؤكدة، أنه كان اذا فاتته يقضيها!! فمثلا اذا لم يصل أربعا قبل الظهر، صلاها بعده.. وهكذا. فقد كان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على السنن المؤكدة.
تعدد النيات في الصلاة وغيرها
*ومما يبين يسر الاسلام أنه يمكن صلاة ركعتين بأكثر من سنة.. أو تعدد النيات في الصلاة الواحدة.. فأجمع في ركعته نية تحية المسجد وسنة الظهر القبلية وسنة الوضوء وهكذا. وهذا من عظمة هذا الدين الحنيف.
وما يقال عن الصلاة من تعدد النيات، يقال عن الصوم أيضا، فيمكن صيام يوم الخميس مثلا بنية أنه الخميس وأنه من الستة أيام من شوال.. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونية النجاة به من المعاصي وقتل نار الشهوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"أي وقاية وستر رواه البخاري 1905 ومسلم 3384 والامام أحمد 1\387.
وهكذا فإنك تأخذ ثواب صيام أربعة أيام بصيام يوم واحد!!
ولهذا يقال: ان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا تجار نيات.. فمثلا اذهب الى مجلس العلم لكي تحفني الملائكة، وكي أعمل بهذا الكلام.. وكي أدعو به الى الله.. فهذا فضل عظيم من الله تعالى. وليتنا نطبق هذا الكلام الطيب العظيم.
صلاة الوتر
*ومن السنن أيضا: الوتر.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اجعلوا آخرصلاتكم بالليل وترا" رواه البخاري 998 ومسلم 1752 والامام أحمد 2\20.
ويقول صلى الله عليه وسلم:" يا أهل القرآن.. أوتروا" رواه الترمذي 454 وأبو داود 1416 والامام احمد 1\110... وركعة أو ركعات الوتر سنة مؤكدة مثل الفجر ولذا يجب على المسلم ألا ينام قبل أن يصلي الوتر..ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه:" أوصاني خليلي بثلاث: ركعتي الفجر، وصيام ثلاثة ايام من كل شهر، وألا أنام قبل أن أوتر" رواه البخاري 1178 ومسلم 1669 والامام أحمد 2\459.
*ووقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء حتى وقت صلاة الفجر.. ويبين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أهمية صلاة الوتر فيقول:" أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر" أي يحب الوتر ويثيب عليها رواه الامام أحمد 1\148 والبيهقي 2\468.
ويقول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ان الور ليس بحتم ولكنه سنة نبينا.
وما تركه النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ولا في حضر، ولا في مرض ولا صحة.
والنبي صلى الله عليه وسلم ينصح المسلم بأن يحافظ على سنة الوتر فيقول:" من ظن ألا يستيقظ آخره فليوتر أوله، ومن ظن أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره" رواه الامام أحمد 3\300. أي من غلب على ظنه وتعوّد على الاستيقاظ قبل الفجر، فألفضل له أن يؤخر صلاة الفجر الى قبيل الفجر.
*وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال:" يا أبا بكر.. متى توتر؟" قال: أول الليل، بعد العتمة، وقال:" وأنت يا عمر.. متى توتر؟" قال: في آخر الليل.. فقال صلى الله عليه وسلم:" أما أنت يا أبا بكر فقد أخذت بالثقة وأما أنت يا عمر فقد أخذت بالعزيمة أو بالقوة" رواه الهندي 21918 والسيوطي الحديث 2\668. فليختر كل منا ما يراه أفضل بالنسبة له.. وليحرص على عدم ضياع صلاة الوتر.
صلوات أخرى مهمة
أولا: صلاة الحاجة
من الصلوات الأخرى المهمة ما يمكن ان نسميه صلوات المناسبات أو الظروف كركعتي الحاجة.. فلا يصح أن يذل المسلم نفسه ويطرق أبواب الناس يسألهم العون ولا يطرق باب رب الناس.. وقد صدق من قال:
لا تسألنّ بنيّ آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب
فالله يغضب ان تركت سؤاله وبنيّ آدم حين يسأل يغضب
وعن كيفيتها يقول صلى الله عليه وسلم:" من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين سأل الله فيهما ما يشاء الا أعطاه الله ما سأله معجلا أو مؤجلا" رواه الامام أحمد 1\71 و5\263.
وبعد صلاة الركعتين يدعو بهذا الدعاء:" لا اله الا أنت الحليم الكريم. لا اله الا أنت الحليم الكريم. لا اله الا أنت رب العرش العظيم.. الحمد لله رب العالمين. اللهم اني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل اثم.. والفوز بالجنة ، والنجاة من النار.. لا تدع لي ذنبا الا غفرته، ولا هما الا فرّجته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضى ولنا فيها اصلاح الا قضيتها ويسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين" رواه الترمذي 1384 وابن ماجه 1384. ثم تدعو الله بما تشاء من الامور.
وما أفضل الصلاة ،عامة، وصلاة ركعتي الحاجة خاصة في جوف الليل؛ حيث الهدوء والسكون وانقطاع القلب عن شواغل الحياة وضجيج الناس.
ثانيا: صلاة الاستخارة
ومن الصلوات المسنونة أيضا صلاة الاستخارة. يقول الصحابة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا الوضوء.
والمسلم يصلي الاستخارة ليس في الأمور الكبيرة كالزواج والسفر فحسب، بل يصليها حتى في الأمور التي قد تبدو بسيطة مثل شراء بدلة أ, قطعة قماش!! ولا تعجب من ذلك، فالله سبحانه وتعالى هو الذي يخلق ما يشاء ويختار.. والأخذ بالأسباب واجب على المسلم.. ولهذا يقول الصحابة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمر كله.. ويقول صلى الله عليه وسلم:" الاستخارة لا تأتي الا بخير". وينبغي عندما تدخل في صلاة ركعتي الاستخارة ألا تكون قد أخذت قرارا نهائيا.. وإلا فإنك تكون مخادعا لنفسك.. فلا بد أن تدع الاختيار والأمر كله لله تعالى، فالاستخارة تعني الخروج من دائرة اختيارك وعواطفك وإيكال الأمر الى الله العليم الخبير. ومن يصلّ الاستخارة لا يندم بعد ذلك لأنه أدى ما عليه.. بعكس الآخر الذي لم يصلها، فإنه يقول اذا اتخذ قرارا أو سلك سلوكا غير موفق يا ليتني ما فعلت هذا الأمر..
دعاء الاستخارة:
من السنة بعد أن يصلي المستخير ركعتين يقرأ فيهما ما تيسر من القرآن أن يدعو بهذا الدعاء:" اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ويسرني له وبارك لي فيه.. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسمي حاجتك) شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به يا أرحم الراحمين". رواه البخاري 1162 والحديث 6382 وأبو داود 1538 والحديث 480.
ولا يقل أحدكم: هل سأحفظ كل هذا الدعاء؟ فهو دعاء سهل.. ثم إن بعض الناس يحفظ نصف الأغاني! فماذا ستخسر إذا حفظت دعاءين يسيرين؟! وبعض الناس قضى خمس أو عشر سنوات في تعلم لغة أجنبية مثلا فهل يصعب عليه دعاء قد يشكّل أو يؤثر في مستقبل حياته؟!
ثالثا: صلاة الضحى
وأدناها ركعتان وأعلاها 12 ركعة.. وموعدها من بعد شروق الشمس بثلث الساعة حتى قبل الظهر بثلث الساعة أيضا.. يقول صلى الله عليه وسلم:" يصبح على كل سلامي من الناس صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" رواه مسلم 1668 وأبو داود 1285. فالجسم فيه ثلاثمائة وستون مفصلا لا بد من التصدق عنها كلها.. ويجزئ عن ذلك ، أي يقوم مقام ذلك، ركعتان يركعهما من الضحى.
وتذكر أن الخشوع روح الصلاة. وشتان بين صلاة الخاشع الذي يصلي بقلبه وجوارحه وصلاة الرجل الساهي الغافل.. وهنا يقول الامام ابن القيم رحمه الله: ان الرجلين ليقامان في الصف، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض!.
وأذكر أنني كنت أصلي تهجدا في رمضان الماضي، وبينما قال الامام: الله أكبر.. فإذا برجل بجواري يبكي! فتعجبت وقلت: سبحان الله! كلمة الله أكبر أبكت هذا الرجل! فسألته بعد الصلاة فقال: خشيت أنني قلتها بلساني وفي قلبي من هو أكبرمن الله تعالى، فأكون كذابا!! فبكيت متأثرا بكلام هذا الرجل.
رابعا: قيام الليل
ومعلوم أن المحافظة على صلاة الليل سبب لحضور القلب بين يدي الله تعالى وبكائه وتأثره بآي الذكر الحكيم والقرآن العظيم، على ما فيه من مشقة وعناء، وقد سئل الحسن البصري عن أشد شيء وأصعبه على الانسان فقال: قيام الليل، فقيل له: فما بال المتهجدين أحسن الناس وجوها؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن تعالى فألبسهم من نوره!
وقد خلقنا الله تعالى، وأراد أن يعرف قدره في قلوبنا ولكي يعرف الناس ربهم ويروا نعمه وآلاءه.. ولهذا يقول سبحانه في الحديث القدسي:" خلقت الخلق لأعرف" قال تعالى:{ وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون} أي ليعرفون.
وأنا أدعوك أخي الى أن تجرب قيام الليل وتذوق حلاوة المناجاة.. ولقد جربنا أشياء كثيرة في حياتنا كاللهو واللعب والسهر.. فلنجرب قيام الليل ومناجاة الله السميع العليم. واعلم أن قيام الليل دليل على حب الله للانسان.. فمن وفقه الله وأعانه على قيام الليل فإن هذا يعني أن الله تعالى يحبه.. ولهذا جاء في الأثر:" اذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيما أقامك".
ولذا يقول جل وعلا في الحديث القدسي:" من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب وما تقرب اليّ أحد بأفضل مما افترضته عليه.. ولا يزال عبدي يتقرب اليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها.. ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه". رواه البخاري 6502 وابن ماجه 3989.
وفي رواية تكمل لهذا الحديث تقول:" وماترددت في شيء ترددي في قبض عبدي المؤمن.. يكره الموت.. وأنا أكره مساءته" أي ما يسوؤه ويحزنه؟! رواه البخاري 6502.
وعلى قدر تميزك في قيام الليل.. على قدر حب الله لك .. والقابض على دينه في هذا الزمن كالقابض على الجمر وله ثواب عظيم.. وكذلك المحافظ على قيام الليل ولا شك ان له أجرا عظيما وثوابا كبيرا..{ وقليل من عبادي الشكور} سبأ13.
--------------------------------
__________________


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 03-02-2012, 01:56 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

الرسول قدوتنا في قيام الليل
واذا قرأت سورة المزمل وجدت أن الله تعالى يأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في أولها قائلا:{ يا أيها المزمل*قم الليل الا قليلا..} المزمل 1-2 ، أي أن الأصل عند النبي محمد أن يقوم معظم الليل أو نصفه على الأقل أو ينقص منه قليلا.. ومعلوم أن قيام الليل كان فريضة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو سنة مندوبة لأتباعه وأحبابه المسلمين { أو أنقص منه قليلا} المزمل 3، قد تعني ثلث الليل {أو زد عليه} كأن يقوم ثلثي الليل مثلا {ورتل القرآن نرتيلا} المزمل4؛ أي اقرأ القرآن بتأن واحرص على اعطاء كل حرف حقه ومستحقه وصفته..
ولذا أوصيك يا أخي أن تقوم الليل، ونقرأ القرآن كأنما أنزل عليك، وكأن الله تعالى يخاطبك أنت!
وعندما يقول تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا} فأعر سمعك وقلبك له تعالى وتدبر وانصت، فإنه اما خير تؤمر به أو شر تنهى عنه. وإذا ما قرأت آيات عن الحساب فتخيل أنك واقف بين يدي ربك وأنه يحاسبك على أعمالك في الدنيا. وإذا قرآت آيات عن الجنة فتخيلها وابتسم، وتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي بالمسلمين ذات مرة وعندما قرأ آيات عن الجنة مد يده كأن يقطف شيئا من ثمارها! وإذا قرأت آيات عن النار تخيل أهلها وهم يصطرخون فيها ويعذبون..{ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} المزمل5، وهو لوحي.. وهذا الوحي يحتاج الى استعداد لأنه ثقيل وتكليف بأوامر ونواه ومن ثم يحتاج الى عزيمة قوية وإيمان راسخ يستطيع الوفاء بهذه التكاليف وأداءها حق الأداء.
وعلى هذا فإن الأخ الذي يريد أن يكف نفسه عن لمعاصي ويردعها عن الشخوات الحرام، لا بد أن يؤدب النفس في الليل بحسن القيام وطول قراءة القرآن والتدبر والمراقبة والخوف من الله تعالى..
ثم يقول تعالى:{ واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا} المزمل 8، أي أقلع قلبك عن كل الشواغل الدنيوية وتنقطع الى طاعة الله عز وجل.. واجعل فرحك وحزمك لله وبالله.. لا بالدنيا وشهواتها وغفلاتها.
وأود ان أسألك أخي سؤالا: ما هو أول شيء في قلبك؟! والقلب سمي قلبا لسرعة تقلبه، وهو سريع التأثر بالأشياء من حوله.. وأنت سريع التأثر بزوجك وأولادك وأحبابك.. فهل جربت أن توجه هذه الحساسية لله تعالى؟! ولا تقل: أنا قلبي قاس أو أنا لا أستطيع البكاء أو أنا لا أتأثر بالقرآن... فالقلب فيه خير، ولكنك لم تستثمر هذا الخير. وجرب قيام الليل أسبوعا واحدا وسترى لذلك أثرا عظيما.
ونبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم كان يقوم معظم الليل ويشق على نفسه فتسأله أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها: يا رسول الله.. ألا ترفق ينفسك.. ألا تنام قليلا؟ فيقول صلى الله عليه وسلم:"مضى زمن النوم يا خديجة"
وقد كان بعض الصحابة من شدة خوفهم من الله وحبهم له يقومون الليل كله، فنزلت آخر آية في سورة المزمل تخفف عنهم وتقول:{فاقرءوا ما تيسر منه} المزمل 20.
والسؤال: لماذا لا نقلد الصحابة رضي الله عنهم في قيام الليل واجتهادهم في الطاعة؟! واعلم أن قيام الليل صفة من صفات عباد الرحمن المذكورين في آخر سورة الفرقان. يقول تعالى عنهم:{ وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما* والذين يبيتون لربهم سجّدا وقياما} الفرقان 63-64، كانوا يبيتون لربهم ساجدين وقائمين، فكيف تبيت أنت وكيف تقضي ليلك؟!؟ أمام التلفزيون؟ أم في المسارح والملاهي؟ أو مع أصدقاء السوء؟! بعض الناس يظلون طوال الليل ساهرين أمام التلفاز، فإذا ما أوشك الفجر أن يؤذن ذهبوا الى مضاجعهم!! فيجاهدون أنفسهم في المعصية واللهو.. ولا جاهدونها في طاعة الله جل وعلا!!
ويقول تعالى عن المؤمنين في سورة السجدة:{ انما يؤمن بآياتنا الذين اذا ذكّروا بها خرّوا سجّدا وسبّحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون* تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون} السجدة 15-16.
ومعنى تتجافى جنوبهم عن المضاجع: أي أنها لا تستطيع الصبر على النوم، تكره الفراش اللين والراحة!! كأن بينه وبين السرير جفوة وخصاما فلا يستطيع أن يمنع نفسه من مناجاة الرحمن ومخاطبة الواحد المنّان! مسكين والله من لم يذق لذة القيام وحلاوة المناجاة!!
ويقول سبحانه عن جزاء هؤلاء وثوابهم:{ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} السجدة 17، انهم أخفوا طاعتهم وعبادتهم عن الناس.. فأخفى الله ثوابهم العظيم.. وما تقر به أعينهم من المنح والعطايا.. والجزاء من جنس العمل.
فانظر يا أخي الى أعداد المسلمين وانظر الى نسبة الذين يقومون الليل منهم تجدها ضعيفة جدا... يقول جل شأنه:{ ان المتقين في جنات وعيون* آخذين من آتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين* كانوا قليلا من الليل ما يهجعون* وبالأسحار هم يستغفرون} الذاريات 15-18. ووقت *****، هو الذي يسبق الفجر بنصف ساعة.. وعباد الرحمن المؤمنون يقضون هذا الوقت في استغفار الله تعالى لا في اللهو واللعب.
ويأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:{ ومن الليل فتهجد به نافلة عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} الاسراء 79.. فالله تعالى يأمر نبيه بالتهجد والقراءة، ويبين له أن هذا أحد أسباب فوزه بالمقام المحمود.. مقام الشفاعة يوم القيامة.. وأن يمنّ عليه بالوسيلة وهي المنزلة العالية في الجنة.. ومعلوم أن الذي يقوم الليل لا يستوي مع الذي لا يقوم، ولذا يقول تعالى:{ أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا الألباب} الزمر 9.
واعلم أن هناك جنة في الدنيا، كما أن هناك جنة في الآخرة، وجنة الدنيا هي قيام الليل.. والخلوة بالرحمن سبحانه وتعالى.. بل انها أفضل من الدميا وما فيها كما أخبر المعصوم صلوات ربي وسلامه عليه قال:" ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل خير له من الدنيا وما فيها" ذكره الزبيدي في اتحاف السادة المتقين 5\185 والهندي في كنز العمال 21426 و21435.. ركعتان فقط!
ويقول صلى الله عليه وسلم:" ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى الثلث الأخير من الليل، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟! من يسألني فأعطيه؟! من يستغفرني فأغفر له؟ حتى يضيء الفجر" رواه البخاري 1145 ومسلم 1769 والامام أحمد 2\282.. فهل يصح أن ينزل ربنا عز وجل من عليائه اليك وأنت مستغرق في النوم؟! ولو أن ضيفا مهما أتاك قبل الفجر ألن تستيقظ وتنتبه وترحب به وتكرمه وتحاول اسعاده بكل طريقة؟! فما بالك بالله تعالى؟!
ويقول صلى الله عليه وسلم:" ان في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة الا أعطاه الله إياه.. وذلك كل ليلة" رواه مسلم الحديث 1767 والامام أحمد 3\313.
ونزل جبريل عليه السلام الى سيد البشر فقال:" يا محمد، اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس".
------------------
__________________


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المؤمن, عبادات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع عبادات المؤمن
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عبادات - الصلاة صابرة شذرات إسلامية 0 03-13-2017 09:34 AM
سلاح المؤمن... صباح الورد شذرات إسلامية 0 07-29-2014 10:35 AM
الدعاء سلاح المؤمن ام زهرة أخبار ومختارات أدبية 0 12-07-2013 10:48 PM
الإيمان في قلب المؤمن صباح الورد شذرات إسلامية 4 07-16-2012 07:39 AM
عبادات سهلة لها أجر عظيم يقيني بالله يقيني شذرات إسلامية 2 07-16-2012 03:48 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:03 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59